الجواب: لا شك أن القرض من الإحسان إذا أقرض الإنسان شخصاً محتاجاً، فإن ذلك إحسان إليه، والله يحب المحسنين، ولهذا كان مندوباً إليه، ولكن يجب في هذا القرض أن يتمشى مع أحكام الشرع، فإذا أقرضك شيئاً فإنك ترد مثله، إذا أقرضك حُلياً ذهباً ترد مثله، وإذا أقرضك ثوباً ترد مثله من غير زيادة في العدد ولا في الكيفية، فإذا شرط عليك المقرض أن ترد أجود منه أو أكثر منه كان ذلك محرماً ورباً؛ وذلك لأن القرض إرفاق وليس معاوضة وطمعاً، فإذا عدل به عن جهة الإرفاق إلى جهة المعاوضة والطمع صار بيعاً، ومعلوم أن بيع الذهب بالذهب لا يجوز إلا يداً بيد، مثلاً بمثل.
وعلى هذا فإن ما صنعته مع صاحبك في استقراض الحلي بهذا الشرط محرم، ولا يجب عليك الآن إلا أن ترد له مثلما أخذته منه، والذي اشترط عليك من الزيادة يعتبر شرطاً لاغياً لا يجوز لك الوفاء به، فضلاً عن كونه يجب عليك الوفاء به، فعليكما جميعاً أن تلتزما بما شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط، قضاء الله أحق، وشرط الله أوثق)، فإذا كان هكذا فإن الواجب على المؤمن بالله ورسوله أن يتبع ما جاء به الشرع في عباداته ومعاملاته.
مداخلة: يعني يلزم هذا الشخص أن يعيد لصاحبه الذي اقترض منه قيمة الذهب القديم فقط؟
الشيخ: ليس قيمته.
مداخلة: هو أعطاه لكي يبيعه في السوق ويستفيد من قيمته؟
الشيخ: الذي فهمت من السؤال أنه أعطاه هذا الذهب قرضاً، والمفترض هو الذي يبيعه لنفسه في السوق، فإذن المقترض ثبت في ذمته حلي، ما ثبت دراهم، أما إذا كان هذا المقرض أعطاه هذا الذهب وقال: خذ هذا بعه، يعني على ملكه هو، ملك المقرض، فإذا بعته فقد أقرضتك ثمنه، فهذا نعم، يكون المقرض الآن دراهم وليس ذهباً، وحينئذٍ سيرد عليه مثل الدراهم التي باع بها هذا الحلي.
مداخلة: وإن أعطاه الذهب؟
الشيخ: أما إذا كان أقرضه نصف الحلي فإنه يرد عليه مثل حليه.
مداخلة: مثلها، يعني بوزنها؟
الشيخ: بوزنها وكيفيتها إذا أمكن، أو بأقل إذا أراد المقرض، لأنه إذا أعطاه دون حقه ورضي، فهذا لا بأس به، وهو خير أيضاً.
الجواب: نصيحتنا لهؤلاء وأمثالهم أن يرجع الإنسان إلى عقله وتفكيره، فهذه القبور التي يزعم أن فيها أولياء تحتاج إثبات أنها قبور أولاً، فقد يصنع شيئاً ويقال: هذا قبر فلان، كما حدث ذلك.
ثانياً: إذا ثبت أنها قبور، فإنه يحتاج إلى إثبات أن هؤلاء المقبورين كانوا أولياء لله، لأننا ما ندري هل هم أولياء لله أم أولياء للشياطين؟ ثالثاً: وإذا ثبت أنهم من أولياء الله، فإنهم لا يزارون من أجل التبرك بزيارتهم أو دعائهم أو الاستغاثة بهم والاستعانة بهم في هذه الأمور، وإنما يزارون كما يزار غيرهم، للدعاء لهم فقط، على أنه إذا كان في زيارتهم فتنه فإنه لا تجوز زيارتهم، فلو كان في زيارتهم مثلاً خوف فتنة بالغلو فيهم، فإنه لا تجوز زيارتهم دفعاً للمحظور ودرءاً للمفاسد.
فأنت يا أخي حكم عقلك، هذه الأمور الثلاثة التي ذكرت لابد أن تتحقق، ثبوت القبر، ثبوت أنه ولي.
ثالثاً: الزيارة لا لأجل الاستعانة بهم، ولكن لأجل الدعاء لهم، لأنهم الآن في حاجة مهما كانوا، فهم في حاجة إلى الدعاء لهم، أما هم فهم أموات جثث لا ينفعون ولا يضرون، ثم قلنا: إن زيارتهم لأجل الدعاء لهم جائزة على أ، لا تستلزم محذوراً، فإن استلزمت محذوراً بحيث يغتر بهم، فإن زيارتهم لا تجوز، أما من زارهم على الوصف الذي ذكره السائل ليستغيث بهم أو نذر لهم فذبح لهم، فإن هذا شرك أكبر مخرج عن الملة، يكون صاحبه به كافراً مخلداً في النار.
الجواب: هذه الظاهرة ظاهرة لا ينبغي أن يكون عليها المجتمع الإسلامي، لأنه استبدال بالتحية الإسلامية بمجرد الترحيب، فقول المسلم: السلام عليكم ورحمة الله، هذا دعاء للمسلم عليه بالسلامة من الآفات الدنيوية والدينية، مع ما يتضمنه من التحية، فلا ينبغي أن يستبدل هذا، أو أن يبدل بشيء لا يتضمن هذا الدعاء، وإذا كان الإنسان يريد أن يسلم السلام المشروع فإنه يقول: وعليك السلام التحية، فإنه يقول: السلام عليكم، ثم إن شاء قال: صباح الخير، أو مساء الخير، أو كيف أصبحت؟ أو كيف أمسيت؟ وما أشبه ذلك.
وأشد من ذلك من إذا سلم عليه وقيل: السلام عليكم، رد بقوله: أهلاً وسهلاً، أو بقوله: مرحباً، أو بقوله: حياك الله وما أشبهه، دون أن يرد الرد الواجب، وهو أن يقول: وعليكم السلام؛ لأن الله يقول سبحانه وتعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، ومن دعا لك بالسلام ولم ترد عليه مثل هذا الدعاء، فإنك ما حييته بأحسن، ولا رددت عليه تحيته، فيجب على من سلم عليه بالسلام المشروع: السلام عليكم، أن يقول: عليكم السلام.
الجواب: البدء بالسلام سنة مؤكدة، وخير الناس من يبدأ بالسلام، وأما الرد ففرض على من سلم عليه أن يرد، لكن إذا سلم على جماعة فإنه يكفي عن الرد منهم واحد، يعني الرد عند أهل العلم فرض كفاية وليس فرض عين.
الجواب: أولاً: ينبغي أن يعلم بأن النذر مكروه، بل إن بعض أهل العلم حرمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن النذر، وكم من إنسان نذر نذراً، ثم إذا حصل ما علق عليه النذر تعب في التخلص مما نذر، وربما لا يوفي بما نذر تهاوناً، وحينئذ يخشى أن يقع فيما قال الله عز وجل: وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ [التوبة:75-77]، فلا ينبغي للإنسان أن ينذر مهما كان، والله سبحانه وتعالى يدفع السوء ويجلب الخير بدون أن يشرط له شرط، فإذا وقعت في مصيبة أو في بلاء فاسأل الله تعالى أن يرفعه عنك، وإذا أردت خيراً، فاسأل الله تعالى أن ييسره لك، أما أن تنذر فكأنما لسان حالك يقول: إن الله لا يعطي إلا بشرط، وهذا أمر لا ينبغي، ولهذا ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه نهى عن النذر وقال: ( إنه لا يأتي بخير، وإنما يستخرج به من البخيل)، فالنذر لا يجلب الخير لأحد، ولا يرفع السوء عن أحد، ولكن البخيل الذي لا يتصدق إلا إذا ألزم نفسه، هو الذي ينذر لأجل أن يتصدق.
ونقول: ثانياً في الجواب على هذا السؤال: هذه المرأة التي نذرت أن تصوم سنة، يجب عليها أن تصوم السنة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من نذر أن يطيع الله فليطعه)، وإذا كانت لا تستطيع أن تصوم فإنه لا شيء عليها، والله أعلم.
مداخلة: هل يجوز أن تصوم السنة متفرقة على عدة سنين؟
الشيخ: يجوز أن تصومها إذا لم تنو أنها سنة متتابعة، أو تشترط ذلك، فإن اشترطت أنها متتابعة، أو نوت بقلبها أنها متتابعة، وجب عليها أن تفي بما نذرت به.
مداخلة: لو فرض أنها ماتت قبل أن تكمل نذرها، فهل يصام عنها أو يكفر عنها؟
الشيخ: ينظر إن أخرت بتفريط منها، فإنه يصام عنها، وإن أخرت بغير تفريط، كما لو شرعت من حين ما وجب عليها النذر، ولكنها ماتت قبل، فإنه لا يقضى عنها ولا يكفر عنها.
الجواب: أنا لا أعرف عن السيوطي أنه عالم بالطب، وإن كنت قد قرأت له قديماً كتاباً يشتمل على عدة علوم، منها بحوث في الطب، أما ما ذكره السائل من هذا الكتاب الذي فيه الطلاسم باللغة العبرية والعربية وغيرها والحروف وما أشبهها، فهذا لا أعرف عنه شيئاً، ولكن يجب أن يعلم أنه لا يجوز الاستشفاء بأمر لا يعرف معناه، فهذه الحروف التي لا يدرى ما هي، وهي عبارة عن طلاسم معقدات وأشياء لا تعلم، لا يجوز لأحد أن يتداوى بها، ولا يستشفي بها، وإنما يستشفى بالكتابة المعروفة التي لا تنافي ما جاءت به الشريعة.
الجواب: إذا كان هذا الاختلاف بسبب اختلاف السوق، وأن هذه السلعة تزداد يوماً وتنقص يوماً، فهذا لا بأس به أن يبيع بسعر السوق، وليس في ذلك محظور، وأما إذا كان هذا الخلاف فيما يبيع به، إنما هو من أجل شطارة المشتري، وكونه جيداً في المماكسة أو غير جيد، فإذا رأى أنه غير جيد غلبه، وإذا رأى أنه جيد نزل له، فإن هذا لا يجوز؛ لأنه من الغش وخلاف النصيحة، وقد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث تميم الداري أنه قال: ( الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)، وكما أنه هو لا يرضى أن يفعل به أحدهم مثل ذلك، فكيف يرضى لنفسه أن يفعله في إخوانه المسلمين؟!
فالواجب أن يكون بيع الإنسان بحسب ما تقتضيه الأسعار في المكان الذي هو فيه، وأن لا يجعل لهذا سعراً ولهذا سعراً بسبب غباوة المشتري، أما كونه يحابي بعض أصحابه وبعض أصدقائه في التنزيل من الثمن، فهذا لا بأس به ولا حرج عليه، أو كونه يبيع السلعة بما تساوي في الأسواق، ثم يأتي رجل يلح عليه في المماكسة والتنزيل حتى ينزل له، فإن هذا لا يضره؛ لأنه ما خرج عن السعر المعتاد.
الجواب: السؤال ليس بمفهوم كما ينبغي، ولكن يبدو لي أنه قد اتفق مع صاحب الأرض على أن يعطيه شيئاً من المحصول، وأن صاحب الأرض استوثق لنفسه بأخذ هذا الرهن، وأنه لما انتهت المدة التي تمت بينهما لم يعطه شيئاً من محصول الأرض، وأخذ الدراهم التي رهنها عند صاحب الأرض ثم انصرف، فإذا كان الأمر كما فهمت من هذا السؤال، فإنه يجب عليك الآن أن تذهب إلى صاحب الأرض وأن تعطيه نصيبه من الغلة التي أخذتها من هذه الأرض، وأن تتوب إلى الله عز وجل من هذه المعاملة، وأن تكون صريحاً في معاملاتك لا تخفي معاملة على أخيك المسلم الذي جرى بينك وبينه مثل هذه المعاملات.
مداخلة: لو فرضنا أنه لم يكن بينهما شرط أن يعطيه شيئاً من المحصول، وإنما صاحب الأرض ليس له قدرة على زراعتها، فأعطاها هذا الشخص، وأخذ منه هذا الرهن؟
الشيخ: في ظني هذا غير ممكن؛ لأنه أعطاه لماذا يأخذ رهناً؟
مداخلة: يعني ربما يضمن عدم ادعاء هذا الشخص بعد مضي المدة بأن هذه الأرض له.
الشيخ: هذا لا يتصور.
الجواب: الصلاة على الميت الغائب جائزة، وليس لها مدة محدودة، فليصل عليه إذا كان لم يصل عليه من قبل، وإن طالت المدة، لكن الذي نرى أنه يصلي عليه إن كان هذا الميت قد مات في زمن يكون المصلي فيه مميزاً، أما لو كان هذا الميت قد مات قبل أن يخلق هذا الإنسان، فإنه لا تشرع الصلاة عليه، ولهذا لو قال قائل الآن: سوف أصلي على أبي بكر أو على عمر أو على النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الجنازة أو على غيرهم من الناس ممن ماتوا قديماً، لقلنا: إن هذا ليس بمشروع، لكن لو مات إنسان في زمن أنت فيه موجود، ومن أهل الصلاة، يعني مميزاً، فإن لك أن تصلي عليه صلاة الغائب، وقال بعض أهل العلم: إنه لا يصلى على الغائب إلا في حدود شهر فقط، وما زاد على الشهر فإنه لا يصلى عليه، ولكن الصحيح أنه لا بأس، إلا أنه يشترط ما ذكرت؛ لأنه إذا مات قبل أن تولد مثلاً، فإنك لست مخاطباً بالصلاة عليه أصلاً، وكذلك لو مات في سن لم تبلع فيه حد التمييز، فإنك لست من أهل الصلاة عليه.
الجواب: ليس عليك شيء في هذا ما دام المسجد قد هدم ليعاد بناؤه على وجه أكمل وأنفع؛ لأن بيعه في مثل هذه الحال لا بأس به، ولا بأس أن يشتري الإنسان منه ما يريد، أما لو كان هدمه جناية للتخريب فقط، فإنه لا يجوز لك أن تشتري منه شيئاً؛ لأن هذا الفعل غير مأذون فيه.
الجواب: الحكم في هذه الصلاة أنها من البدع، وليس لها أصل في الشريعة الإسلامية، وهي لا تزيد الإنسان من ربه إلا بعداً؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)، فالبدع وإن استحسنها مبتدعوها، ورأوها حسنة في نفوسهم، فإنها سيئة عند الله عز وجل؛ لأن نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم يقول: ( كل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار)، وهذه الصلوات الخمس التي يعيدها الإنسان أو التي يقضيها في آخر يوم من رمضان، لا أصل لها في الشرع، ثم نقول: هل إنك لم تخل إلا في خمس صلوات فقط؟ ربما كنت أخللت في عدة أيام لا في عدة صلوات، والمهم أن ما علمت أنك مخل فيه فاقضه متى علمت ذلك بدون تأخير؛ لقول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)، وأما أنك تفعل هذه الصلوات الخمس احتياطاً كما زعمت، فإن هذا منكر ولا يجوز.
الجواب: لا يجوز أن يوضع في المسجد قبر، لا في قبلته ولا خلف المصلين ولا عن أيمانهم ولا عن شمائلهم، وإذا دفن أحد في المسجد ولو كان هو المؤسس له، أو الباني له، فإنه يجب أن ينبش هذا القبر، وأن يدفن مع الناس، أما إذا كان القبر سابقاً على المسجد فإنه يجب أن يهدم المسجد، وأن يبعد عن القبر؛ لأن فتنة القبور في المساجد عظيمة جداً، ربما يدعو إلى عبادة هذا المقبور ولو بعد زمن بعيد، ربما يدعو إلى الغلو فيه، وإلى التبرك به، وهذا خطر عظيم على المسلمين، فيجب عليهم البعد عن كل المساجد التي فيها القبور، سواء كان القبر سابقاً على المسجد أم لا، لكن إن كان سابقاً وجب أن يهدم المسجد ويغير مكانه، وإن كان المسجد هو الأول، فإنه يجب أن يخرج هذا الميت من قبره ويدفن مع المسلمين.
مداخلة: ربما كان يقصد السائل أنه خارج جدار المسجد، ولكن في اتجاه القبلة؟
الشيخ: حتى وإن كان خارج جدار المسجد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا تصلوا إلى القبور)، فالصلاة إلى القبر محرمة، ولا تصح الصلاة إلى القبر، أما إذا كان القبر بعيداً وبينه وبينه شارع، ويعلم أنه لا يصلي إليه، فهذا لا بأس به.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر