أسباب الإرث: رحم، ونكاح، وولاء.
وموانعه: قتل، ورق، واختلاف دين.
وأركانه: وارث ، ومورث ، ومال موروث.
وشروطه: تحقق موت مورث، وتحقق وجود وارث، والعلم بالجهة المقتضية للإرث.
والورثة: ذو فرض، وعصبة ، وذو رحم].
نبدأ في كتاب الفرائض وهو علم مستقل كان الأولون يهتمون به، ويولونه عناية، وقد أكثروا فيه من التأليف قديماً وحديثاً، ومن أشهر ما ألف فيه منظومة الرحبي المشهورة بالرحبية، ذكر في مقدمتها أهمية هذا العلم بقوله:
وأن هذا العلم مخصوص بما قد شاع فيه عند كل العلماء
بأنه أول علم يفقد في الأرض حتى لا يكاد يوجد
ولكن الناظم نظمها على مذهب زيد قال:
عن مذهب الإمام زيد الفرضـي إذ كان ذاك من أهم الغرض
فاقتصر على مذهب زيد، ومدح ذلك بقوله:
وأن زيداً خص لا محالـه بما حباه خاتم الرساله
من قوله في فضله منبها أفرضكم زيد وناهيك بها
ثم ذكر أنه أيضاً مذهب الشافعي بقوله:
فكان أولى باتباع التابعي لا سيما وقد نحاه الشافعي
فالحاصل أنه اقتصر على مذهب زيد.
ثم إن العلماء رحمهم الله تعرضوا للفرائض في كتب الفقه كما في هذا الكتاب، واختصروا أو توسعوا بحسب تلك الكتب التي ألفت، وأفردت هذه الفرائض في مؤلفات مفردة، ومن أسهلها رسالة شيخنا الشيخ ابن باز رحمه الله وتسمى: الفوائد الجلية في المباحث الفرضية، ألفها من نحو ستين عاماً، عندما كان قاضياً مدرساً، فألفها وطبعت، وهي سهلة التناول، ثم جاء بعده من ألف وزادوا في تآليفهم بالجداول التي يرسمونها ويذكرون فيها أصل المسألة وعولها، وسهام كل وارث، وكذلك يذكرون فيها مصح المسألة أو تصحيحها، وهذه الجداول تسهلها.
توجد نسخة الشيخ ابن باز لعلنا نحصل على نسخ منها، نأتي بها إن شاء الله يوم السبت، الذي ليست عنده يأخذها، يفرقها الشيخ فهد ، والذي هي عنده يرجع إليها، والذي عنده أيضاً نسخ أخرى تغني عنها كعدة الباحث لأحكام الموارث للشيخ عبد العزيز بن رشيد ، وكذلك رسالة الشيخ صالح بن فوزان في الفرائض، وأيضاً كتاب: الفوائد الملية في المباحث الفرضية كتاب كبير للشيخ ابن سلمان .
وأيضاً شروح هذه القصيدة التي هي الرحبية فمنها شرح للشنشوري ، وشرح لـسبط المارديني ، وفي كل حال فإنها تحتاج إلى عناية، وتحتاج إلى تفهم، وإلى توسعة، وقد لا تتضح من شرحنا، وذلك لأن الكتاب مختصر، فيرجع إلى المؤلفات الأخرى من خفي عليه شيء.
معلوم أن فيها اصطلاحات، وتلك الاصطلاحات لا تعرف إلا بعد التكرر وبعد التأكد وبعد التنفيذ، فلذلك ينبغي أن يتفطن طالب العلم للاصطلاحات الفرضية، ويطبقها، ويعلم معناها حتى يفهم المراد.
تعرف الفرائض: بأنها العلم بقسمة المواريث، أو العلم بقسمة التركات، والفرائض جمع فريضة، واشتقاقها من الفرض، وهو يدور على معان أصلها الحز والقطع، يقال: فرضت في الخشبة، أو فرض الحبل في الخشبة فرضاً، أي: حز فيها، وفرضه بالسكين، فأصل الفرض الحز والقطع.
وسميت فرائض؛ لأنها محددة، وهي في اللغة جمع فريضة، بمعنى مفروضة، ولعلهم أخذوا تسميتها من القرآن الكريم في قول الله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً [النساء:11]، فسماها فريضة، فجمعوها فرائض، وسموها بهذا الاسم.
وأما السبب في الاصطلاح فهو: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، هذا تعريفهم، مثاله: إذا قلنا: أسباب الإرث نكاح وولاء ونسب، أو رحم ونكاح وولاء، فإذا عدمت هذه الأسباب عدم الإرث، فهذا معنى أنه يلزم من عدمه العدم، أي: إذا عدمت الأسباب عدم المسبب، ولكن لو اجتمعت الأسباب فهل يلزم أن يكون هناك إرث؟
لا يلزم من وجودها وجود الإرث، فقد توجد الأسباب أو بعضها ويتخلف الإرث لمانع من الموانع أو لعدم التركة، فعرفنا بذلك أنه يلزم من عدم السبب عدم الإرث، ولكن لا يلزم من وجوده وجود الإرث، فإذا وجد السبب لم يلزم أن يوجد المسبب، فقد توجد الأسباب ولا يوجد إرث.
أسباب ميراث الورى ثلاثة كل يفيد ربه الوراثة
وهي نكاح وولاء ونسب
فجعل بدل الرحم النسب، والرحم القرابة، ودليله قول الله تعالى: وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ [الأنفال:75]، ولكن اصطلح الفقهاء على تقسيم القرابة إلى قسمين: عصبة وذوو رحم، فالعصبة الذين يرثون بالتعصيب، وذوو الرحم الذين لا يرثون إلا مع ذوي الأرحام.
فالعصبة: هم الأقارب الذكور من جهة الأب، كالابن وابن الابن والأب وأبي الأب ونحوهم، وكذلك الإخوة وبنوهم والأعمام وبنوهم.
وأما الرحم: فهم الأخوال والخالات والعمات وبنات العم ونحوهم.
يحصل بمجرد العقد، فإذا حصل عقد النكاح حصل التوارث، والمقصود عقد الزوجية الصحيح الخالي من الموانع الشرعية.
فإذا مات أحدهما بعد العقد ولو قبل الدخول، وقبل الخلوة ورثه الآخر، وذلك لأنه يصدق عليه أنه زوج بعد العقد، فإذا مات ورثت منه، وإذا ماتت ورث منها.
ثم ذكروا أيضاً في الكتب التي يتوسعون فيها ميراث المطلقة، وأنه إذا طلقها في مرض موته ورثت؛ لأنه يتهم بقصد حرمانها، وإذا طلقها ومات وهي في العدة، فإنها أيضاً ترث إذا كان الطلاق رجعياً، وأما إذا كان الطلاق بائناً فلا توارث.
فالمولى هو العبد المملوك أعتقه سيده وأصبح مولى له، كأنه يتولاه وينصره، وينتسب إلى سيده الذي أعتقه ومنّ عليه بالعتق، قال الله تعالى: وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ [الأحزاب:37] يعني: زيد بن حارثة أنعم عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالعتق.
وقال تعالى: فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ [الأحزاب:5]، سماهم الله تعالى موالي لأنهم يتولون.
فإذا مات العتيق وله مال وليس له أولاد، ورثه سيده؛ لأنه أنعم عليه بالعتق، فإذا كان السيد قد مات قام أولاده مقامه، وإذا مات العبد وله أولاد، ثم مات أولاده بعده ولم يكن لهم أولاد، ورثهم أولاد سيدهم، أو إخوة سيد الذي أعتق أباهم، فيحصل التوارث بين هذا العتيق وبين معتقه.
واختلف العلماء: هل العبد يرث سيده، إذا قدر أن السيد مات وليس له أولاد ولا عصبة؟ صحح بعض العلماء أنه إذا لم يكن له وارث أن عبده الذي أعتقه يرثه؛ لأن بينهما قرابة وهي هذا الولاء، ولذا يعرفه بعضهم بأنه لحمة كلحمة النسب، لا يباع ولا يوهب ولا يورث، أي: كأنه قرابة، فلا يجوز للإنسان أن يبيع قرابته من أخيه، فلا يقول لإنسان أجنبي: بعتك قرابتي من أخي أو من أبناء عمي؛ لأن هذا نسب ثابت، فإذا كان لا يجوز أن يبيع قرابته من أخيه أو عمه أو ابن عمه، فكذلك عتيقه، فلا يجوز أن يقول: بعتك قرابتي من هذا العبد الذي أعتقته وأصبح مولىً لي.
ولا يجوز أن تهبه، وفي الحديث الصحيح عن ابن عمر : (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الولاء وهبته)، فلا تقول: وهبتك قرابتي من هذا العبد الذي أعتقته، أو بعتك قرابتي منه، فلا يباع ولا يوهب، هذا حكم الولاء، فالولاء يرث به المعتق هو وعصبته.
هذه أسباب الأرث.
أما الرحم فقد ذكرنا أنهم ينقسمون إلى عصبة وذوي أرحام، والعصبة ينقسمون إلى أصول وفروع وحواش، ويأتينا أمثلة لهم.
ويمنع الشخص من الميراث واحدة من علل ثلاث
رق وقتل واختلاف دين فافهم فليس الشك كاليقين
والمملوك لا يملك، فهو وما بيده لسيده، حتى ثيابه وحذاؤه وما كان تحت يده فإنه ملك للسيد، فلذلك لا يرث فإذا كان له أخ حر، ومات أخوه الحر، ولهذا الحر أخ آخر حر وهذا الأخ الرقيق، فالمال كله لأخيه الحر ولا يرث أخيه الرقيق، لأنه لو أخذ شيئاً من المال لأخذه سيده، والسيد أجنبي، فلا يرث الرقيق ولا يورث؛ لأنه ليس له تركة.
أما إذا أعتق بعضه فإنه يسمى مبعضاً، والمبعض يرث ويورث ويحجب بقدر ما فيه من الحرية، فإذا قدرنا أن عبداً بين اثنين، أعتق أحدهما نصفه وعجز عن إعتاق نصف الشريك، أصبح نصفه حراً ونصفه رقيقاً، فإذا مات أبوه ولهذا الأب الذي مات زوجة، وله أب، وله هذا الابن الرقيق؛ فهذا الابن الرقيق هل يحجب الزوجة ويمنعها من ميراثها؟
يحجبها عن نصف الثُمن، ولو كان حراً لحجبها عن ثمن، ولم ترث إلا ثمناً، ولكنه نصفه حر فيحجبها عن نصف ما يحجب الحر، فترث الزوجة ثمناً ونصف ثمن، لأنه حجبها عن نصف الثمن بنصفه الحر.
وكذلك يرث بنصفه الحر، والأب يرث السدس، لأن الابن لا يمنعه من إرث السدس.
نقدر مثلاً أن الأب له السدس، وأن الزوجة لها الثمن، وأن الباقي للابن، فكم يبقى؟
يبقى له سبعة عشر سهماً من أربعة وعشرين.
لكنه في مسألتنا نصفه حر، فيرث نصف السبعة عشر، ويرث الأب الباقي، هذا معنى كونه يرث بنصفه الحر، وهذا يسمى مبعضاً.
أما لو قتل الأب ابنه فلا قصاص؛ لأن الأب لا يقتل بابنه، ولكن عليه الدية، فيدفع الدية لأولاده ولأمه، وذلك لأنهم ورثته، فلا قصاص هنا، ولكن تجب الدية، ولا يرث الأب، فإذا كان للابن المقتول أموال فلا يرث منه أبوه؛ لأنه قاتل.
كذلك قتل الخطأ، كما إذا كان يقود السيارة فاصطدم أو انقلب مثلاً بأبيه أو بأخيه ومات، فليس له شيء من إرثه ولو كان خطأ لأن عليه الكفارة!
لماذا لا يرث القاتل؟
لئلا يتسرع أحد الفسقة بقتل قريبه ويقول: أقتله حتى آخذ تركته، فأنا قريبه ووارثه، ومن القواعد: من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه، فجعل القتل سبباً لعدم الإرث، فمن قتل مورثه منع من الإرث.
ومثله الموصى له: فإذا أوصى زيد لقريبه أو أحد أصدقائه فقال: إذا مت فأعطوه عشرة آلاف أو مائة ألف من تركتي، ثم طالت حياته، فقال الموصى له: أريد أن أقتله حتى آخذ هذه الوصية، فلا يجوز أن يعطى شيئاً.
وكذلك المدبر؛ ذكروا أن عائشة رضي الله عنها دبرت مملوكة لها، وقالت: إذا مت فهي حرة، فتلك المملوكة استبطأت موت عائشة ، وعملت لها سحراً تريد أن تموت، فعرف هذا السحر، فقيل: لماذا عملتيه؟ فقالت: أريد العتق، فقالت عائشة : لا تعتقين، وأمرت أن تباع على أشد الناس ملكة، فهذا معنى: من تعجل شيئاً قبل أوانه عوقب بحرمانه.
فاختلاف الدين يفرق بين الأخوين أو نحوهما.
ولقوله تعالى: وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً [النساء:141]، ولنهيه عن التولي: لا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنْ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ [التوبة:23] فلا يتوارثان.
واختلف هل يرث اليهودي نصرانياً، أو يرث النصراني مجوسياً أو وثنياً، فإذا كان هناك أخوان أحدهما يهودي والآخر نصراني فهل يتوارثان؟ فعند الإمام أحمد لا يتوارثان؛ لأن الكفر ملل شتى، فلا يتوارث أهل ملتين، وعند كثير من الأئمة يحصل التوارث؛ لأن الكفر ملة واحدة، دليل الإمام أحمد حديث روي: (لا يتوارث أهل ملتين)، وهذا هو الذي عليه العمل.
الأركان هي التي يتكون منها الإرث، فلابد أن يكون هناك وارث، وأن يكون هناك مورث.
فالوارث هو الذي يحوز المال، والمورث هو الذي يموت وله تركة، والحق أو المال هو التركة، فإذا مات أحد وليس له وارث فلا يحصل إرث، وإذا مات المورث وله وارث ولكن ليس له مال فلا يحصل الإرث، أي: إذا فقد الوارث أو فقد المورث أو فقدت التركة فلا يحصل إرث، هذه أركانه.
إما بالمشاهدة، وإما بالاستفاضة، فالمشاهدة إذا حضره اثنان وقد خرجت روحه، فقالوا: نشهد أننا رأينا فلاناً مات وخرجت روحه، ففي هذه الحال يحكم بأنه مات، وتقسم التركة.
إذا لم يأتنا أحد يقول: إني أشهد أنه مات، ولكن نقل نقلاً مستفيضاً اشتهر بين الناس وكثر الذين يتناقلونه، وجاء الناس يعزون أقاربه، بأن مات في بلدة بعيدة ودفن بها، وجاء الخبر وانتشر، فهل يجوز قسمة التركة مع أنا ما شهدناه، ولا أتانا من يقول: أشهد أني شاهدته عندما خرجت روحه؟
يجوز إذا انتشر الخبر وكثر المتناقلون له، فتجوز في هذه الحال قسمة تركته؛ لأنا تحققنا أنه مات بالاستفاضة.
أما إذا فقد فيقولون: لا تقسم تركته إذا كان الغالب عليه السلامة إلا بعد أن يتم له من عمره تسعون سنة، والصحيح أنه يجتهد في ذلك الحاكم.
ثم لابد أن يولد حياً حياة مستقرة، أما إذا ولد ميتاً فإنه لا يرث، وكذلك علامة حياته الحركة إذا ولد وتحرك حركة، فحينئذ ٍيرث ولو مات بعد دقيقة من بعد ولادته.
أما إذا شك في حياته كما لو مات اثنان جميعاً، ولم يعلم ولم يتحقق أن أحدهما مات قبل الآخر ففي ذلك تفصيل مذكور في باب الغرقى.
مات مثلاً أجنبي في بلد، وجاء إنسان وقال: أنا وارثه، فلابد من الإثبات ومن التثبت، مخافة أن يدعي إرثه من ليس وارثاً له، فلابد من التثبت بشهود مثلاً، أو بمكالمة هاتفية كما في هذه الأزمنة، أو بصكوك تدل على ذلك بما يسمى حصر الإرث، فإذا تحقق ذلك صدق وورث.
واعلم بأن الإرث نوعان هما فرض وتعصيب على ما قسما
ولكن فقهاء الحنابلة جعلوها ثلاثة: أصحاب فروض، وأصحاب تعصيب، وأصحاب رحم.
فأصحاب الفروض: هم الذي يأخذون فروضهم المذكورة في القرآن.
وأصحاب التعصيب: هم الذين يأخذون بالتقدير.
أما أهل الرحم: فهم الذين يرثون عند عدم العصبة، وعند عدم أهل الفروض، كالأخوال ومن أدلى بهم، والعمات ومن أدلى بهن، وبنات العم، وبنات ابن العم، وبنات الإخوة الأشقاء أو لأب، وأولاد الإخوة من الأم، فهؤلاء يسمون أصحاب رحم، أي: من ذوي الأرحام.
الأول: مئونة التجهيز، فإذا مات أخذ من تركته مئونة تجهيزه حتى يجهز، أي: ثمن الكفن، وأجرة الحفر، وما أشبه ذلك.
الثاني: الديون التي فيها رهن، المتعلقة بعين التركة، كشاة مرهونة فيأخذها الراهن أو يبيعها، وغير ذلك مما له أمثلة كثيرة.
الثالث: الديون المطلقة، فلابد من إيفائها قبل قسمة التركة.
الرابع: الوصية.
الخامس: تقسيم التركة على الورثة.
وذكروا هنا أن الوصية تؤخر عن الدين، مع أن الله تعالى ذكر الوصية قبله، في قوله: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12] لماذا قدم الله الوصية؟
لأنها قد تكون ثقيلة على الورثة، فقدمها للاهتمام بها، أما الدين فإنه حق لإنسان، وصاحبه يطالب به، وهو يطالب بحق، فلذلك قدم من حيث الترتيب، ولأن الميت قد استهلكه، أي: استدان طعاماً وأكله أو ثوباً ولبسه، فهو قد استهلك ثمن ذلك الدين، فلا جرم أن يقدم صاحب الدين على صاحب الوصية.
فإذا ضاقت التركة بدئ بهذه الأشياء، فيقدم تجهيز الميت إن لم يوجد من يتبرع به، فإن فضل شيء من المال قدم الدين الذي فيه رهن، كالشاة المرهونة أو السيف المرهون، فإذا أخذها المرتهن وبقي شيء من المال قدمت بقية الديون، فإن بقي شيء أخذه الموصى له، وإن لم يبق شيء من المال سقط الموصى له.
وبعد أخذ الوصية تقسم التركة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر