الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب العيدين: وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم و
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال: (خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم الأضحى بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة فلا نسك له، فقال
وعن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنهما قال: (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر، ثم خطب، ثم ذبح، وقال: من ذبح قبل أن يصلي فليذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله)].
العيد في الأصل: كل يوم يكون فيه اجتماع على فرح وسرور، وقد كان في الجاهلية أعياد يجتمعون فيها، فجاء الإسلام بالأعياد الشرعية، فالأعياد الشرعية هي عيد الفطر، وعيد الأضحى، ويتبع عيد الأضحى أيام التشريق التي هي من تمامه، هذه هي الأعياد الشرعية، ولا شك أن لها مناسبة، فمناسبة عيد الفطر: الإتمام لصيام رمضان، فإذا أتم المسلمون صيام رمضان وقيامه، والعبادة التي فيه، وقاموا بحقوق الله عليهم، ووفقهم ربهم لذلك وأعانهم عليه حتى أتموه، كان ذلك فضلاً كبيراً، ونعمة عظيمة، وعملاً صالحاً كثيراً يكون لهم به أجر كبير، فيفرحون بتوفيق ربهم لهم إذ أتموا صيامهم وعبادتهم، فيكون من آثار هذا الفرح أن يجعلوا عيداً بعد هذا الشهر، هذا العيد لا شك أنهم يشكرون ربهم فيه، ويعبدونه، ويحمدونه على تمام العمل، ويسألونه أن يقبل منهم أعمالهم، وأن يعطيهم ثوابهم؛ ولأجل ذلك يُسمى يوم العيد يوم الجوائز، وكأن الناس بعد انصرافهم من صلاة العيد ينصرف كل منهم بجائزة قد أخذها، لا تشبه جوائز الأمراء، فهذه هي الحكمة في شرعية عيد الفطر، فإنه في غاية المناسبة.
وأما عيد الأضحى، فشرع في وقت مناسب، بل هو غاية المناسبة، وهو أداء نسك الحج؛ وذلك لأن الله تعالى لما فرض الحج حدد له زماناً وهو يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، وجعل هذا الزمان هو الزمان الذي لا يصلح أن يُؤدى الحج إلا فيه، فإذا وفق الله العباد إلى أداء هذا الحج وتكميله ناسب أن يكون هناك عيد يجتمعون فيه، ويؤدون فيه عبادات خاصة أو عامة.
كذلك -أيضاً- العشر الأول من ذي الحجة لها مزيتها، ولها فضيلتها، وجميع العباد في كل مكان مأمورون أن يجتهدوا فيها في العبادات، فيصوموا منها ما يتيسر، وأن يصلوا فيها، وأن يكبروا الله على ما رزقهم من بهيمة الأنعام، ومأمورون بأن يتعبدوا بعبادات خاصة، كالتسبيح والتكبير والتهليل والصدقة والصلة وما أشبه ذلك، ثم إذا كان آخرها -وهو يوم عرفة- أمروا بأن يحتسبوه ويصوموه، ويجتهدوا في العبادة فيه، فإذا كملوا هذه العشر ناسب أن يكون في آخرها يوم عيد .. يوم فرح .. يوم سرور بنعمة الله عليهم، وهو توفيقهم للأعمال الصالحة في هذه المواسم.
وهذا بخلاف أعياد الكفار وأعياد الملاحدة وأعياد الجهلة ونحوهم؛ فإنها أعياد أَشَرٍ وبطر، أعياد لهو ولعب، أيام يتخذون فيها الطبول والرقص والضرب بالدفوف وما أشبه ذلك، يجتمعون فيها على قيل وقال، أو على لهو ولعب، أو على طرب ونحوه، أو على مآكل محرمة، أو ما أشبه ذلك، وقليل ذكر الله عندهم، وقليل شكره، وقليل الاعتراف بفضله، فأين هذا من هذا؟!
فأعياد الإسلام مشتملة على ذكر الله وتعظيمه وإجلاله، ولأجل ذلك كان كثير من السلف في أيام الأعياد يحزنون، ويخشون ألا تقبل أعمالهم، كما رئي بعضهم في ليلة عيد وهو ينوح ويبكي على نفسه ويقول:
بحرمة غربتي كم ذا الصـدود ألا تعطف علي ألا تجود
سرور العيد قد عم النواحـي وحزني في ازدياد لا يبيد
لئن كنت اقترفت خلال سوء فعذري في الهوى ألا أعود
فهذا ونحوه هو من الذين يخشون أن ترد أعمالهم؛ فلأجل ذلك يظهر عليهم الحزن.
ورأى بعض السلف قوماً في يوم العيد يضحكون فقال: (إن كان هؤلاء قُبِلَ صيامهم فما هذا فعل الشاكرين، وإن كان رُدَّ صيامهم فما هذا فعل الخائفين)، وهذا يدل على أنهم كانوا يحزنون، مع أن اليوم يوم فرح.
وفي عهد خلفاء بني أمية كان بعض الخطباء يجعل في خطبته شيئاً من التنقص لـعلي رضي الله عنه لما كان بينهم أو لاتهامهم له بأنه شارك في قتل عثمان رضي الله عنه، فكان الناس إذا بدأ الإمام في الخطبة خرجوا ولم يستمعوا له، فاحتال بعض أمرائهم فقدموا الخطبة قبل الصلاة حتى ينحبس الناس وينتظروا الصلاة، وأنكر عليهم كثير من الصحابة، وقالوا: إن الصلاة تقدم في العيد قبل الخطبة.
وانقطع ذلك العمل الذي عمله ذلك الخطيب أو ذلك الأمير والحمد لله، ورجع الناس إلى السنة، وهي: البداءة بالصلاة ثم الخطبة.
وحيث إنه ذبحها جاهلاً بالحكم، ولم يكن عنده أضحية يذبحها أخرى إلا عناقاً صغيرة لم تبلغ أن تكون مجزئة، ولكنها أغلى عنده من شاتين -يعني: لسمنها أو للرغبة فيها- فأخبره صلى الله عليه وسلم بأنها تجزئه، ولا تجزئ عن أحد غيره لجهله.
وأخذوا من ذلك أنه لابد أن تشتمل الخطبة على بعض أحكام الأضاحي ونحوها، فالخطباء يشرحون للناس أحكام الأضحية حتى يعرفها الناس، وأخذوا من ذلك أن وقت الذبح بعد الصلاة لا قبله، وأن من ذبح لم تجزئه تلك الذبيحة، بل تكون شاة لحم كسائر اللحوم التي تذبح لأجل التفكه ونحو ذلك، وأخذوا من ذلك أن من ذبح قبل الصلاة فعليه أن يذبح أخرى.
وقد استدل به بعضهم على أن الأضحية واجبة على من وجد الثمن؛ ولقوله في حديث آخر: (من وجد سعة فلم يضحِ فلا يقربن مصلانا-)، ولكن لعل هذا من باب التأكيد لها، فالجمهور على أنها مستحبة ولا تصل إلى الوجوب.
وعلى كل حال فهي من شعائر الإسلام، وعلى المسلمين أن يهتموا بها، وأن يذبحوا ما تيسر لهم.
ولها موضع آخر في باب: الذبائح والأضاحي، وسيأتي في آخر الحج إن شاء الله، وعلى كل حال فمحل ذبحها -كما في هذه الأحاديث- بعد الصلاة وبعد قدر الخطبتين، ومن ذبح فعليه أن يعيد الذبح مرة أخرى.
وأخذ من هذا أيضاً أن الذبح يكون باسم الله كما في الحديث الأخير، وهو قوله: (ومن لم يذبح فليذبح باسم الله.
فهذا ونحوه دليل على أنه عليه الصلاة والسلام كان يجعل في الخطبة شيئاً من التعاليم ومن العلوم التي تهم المسلمين، ويهتمون بتعلمها وبتعليمها.
قال: فجعلن يتصدقن من حليهن، يلقين في ثوب
وعن أم عطية نسيبة الأنصارية رضي الله عنها قالت: (أمرنا -تعني: النبي صلى الله عليه وسلم- أن نخرج في العيدين العواتق وذوات الخدور، وأمر الحيض أن يعتزلن مصلى المسلمين.)، وفي لفظ: (كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها، وحتى نخرج الحيض؛ فيكبرن بتكبيرهم، ويدعون بدعائهم؛ يرجون بركة ذلك اليوم وطهرته)].
قد ذكرنا أن العيد اسم لما يعود ويتكرر مع الاجتماع العام على وجه مخصوص، ويصحبه شيء من الفرح والابتهاج، وأن أعياد المسلمين هي: عيد الفطر، وعيد الأضحى، وهي تعود كل سنة، وعيد الأسبوع هو يوم الجمعة، وذكرنا أن هذه الأعياد شرعت لأجل الابتهاج بنعمة الله تعالى على إكمال ما أتمه لهم، فعيد الأسبوع فيه الفرح والسرور بما يسر الله لهم في ذلك الأسبوع من إقامة العبادة التي هي هذه الصلوات الخمس مدة أسبوع، ثم بعد ذلك يجتمعون في مسجد واحد، ويؤدون هذه الصلاة الخاصة.
وعيد الفطر فرح وابتهاج بإكمال الصوم الذي هو ركن من أركان الإسلام، فبعدما يكملونه يظهرون الفرح والسرور، ويصلون هذه الصلاة الخاصة.
وعيد الأضحى فرح وابتهاج بإكمال ركن آخر من فرائض الإسلام وهو الحج، وإن لم يكونوا كلهم أدوه، ولكن أداه إخوتهم الذين حجوا وكانوا في المناسك، وهم شاركوهم في بعض الأعمال: من تكبير، وصوم، وذكر، وذبح قرابين، وما أشبه ذلك.
هذه هي الحكمة في شرعية هذه الأعياد، وهي أعياد الإسلام، ولا يجوز أن يضاف إليها أعياد أخرى، وقد جاء الإسلام بالاقتصار على هذه الأعياد، فلا يجوز مشاركة اليهود والنصارى في أعيادهم كعيد الميلاد النصراني، وعيد النيروز، وعيد المهرجان، ونحوها من أعياد أهل الكتاب وغيرهم، بل يقتصر المسلمون على أعيادهم الشرعية.
وما يعمله المسلمون في هذه الأعياد مخالف لما يعمله أولئك، فاليهود والنصارى ونحوهم يجعلون أعيادهم أشراً وبطراً، ولعباً ولهواً، ومعاصٍ، ومآكل آثمة، ومشارب محرمة، واختلاط رجال بنساء، وغير ذلك من المآثم.
وأعياد المسلمين بخلافهم، فهي مشتملة على ذكر، وعلى شكر، مبدوءة بالتكبير في الصباح وفي الليل، ومبدوءة في أول النهار بهذه الصلاة الخاصة التي تختص بالعيد، والتي يكثر فيها المصلون من التكبير الذي أمروا به في قوله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ [البقرة:185]، فهذه هي أعياد الإسلام وما اشتملت عليه.
ومن الحكمة -أيضاً-: تكثير مواضع العبادة؛ فإنهم يأتون بعبادات في طريقهم، ويأتون بعبادة في مجتمعهم ذلك الذي في خارج البلد.
وقد ذكروا -أيضاً- من السنن أن المصلي يخالف الطريق، فإذا خرج من طريق رجع من طريق ثانٍ، هكذا ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل الحكمة في ذلك -أيضاً-: تكثير مواضع العبادة، أو تفقد أحوال البلاد، أو إغاضة المنافقين وتفريح المؤمنين، أو غير ذلك من الحكم.
وفي هذا الحديث أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وتقدم ذلك -أيضاً- في الأحاديث التي قبله، وهذه هي السنة: أن يقدم الصلاة، ثم يأتي بعدها بالخطبتين، خلافاً لما في صلاة الجمعة، فإن الجمعة -كما هو معروف- تقدم الخطبتان، ثم يأتي بالصلاة، وقد حدث في عهد ولاية مروان بن الحكم على المدينة أنه قدم الخطبة قبل الصلاة، وتعلل بأن الناس لا يجلسون للخطبة؛ لأنهم كانوا إذا صلوا انصرفوا، وقد أنكر عليه أبو سعيد الخدري ، وأنكر عليه من معه من الصحابة، ثم استقر أمر المسلمين على تقديم الصلاة في جميع بلاد الإسلام.
ثم بعد التكبيرات يبدأ في القراءة كما هو معروف، ويقرأ جهراً كما يجهر في صلاة الجمعة.
بعد ذلك يخطب، ويضمن خطبته مواعظ وتذكيراً وتنبيهاً، وهذه هي السنة، فالسنة: أن الخطيب يذكر ما يناسب في الحال، فيذكر الناس بربهم، ويذكرهم بنعمه عليهم، ويذكرهم ببعض حقوق الله، ويخوفهم من آثار المعاصي والذنوب، ويقوي هممهم لفعل الطاعات، ويرغبهم في الثواب الأخروي وما أشبه ذلك، وهكذا -أيضاً- يذكر لهم في الخطب شيئاً من الأحكام، فإن كان في خطبة عيد الفطر ذكر لهم زكاة الفطر، وكيف صرفها، وآخر وقتها، وما أشبه ذلك، ويذكر لهم -أيضاً- عملهم في ذلك اليوم، وما ينبغي أن يكونوا عليه من الفرح والسرور بذلك اليوم، وما ينبغي أن يجتنبوه من الأشر والبطر واللهو واللعب وما أشبه ذلك، وإن كان في عيد النحر ذكر لهم الأضاحي، والسنن التي تجب فيها، وما يجزئ فيها وما لا يجزئ، ومصارفها، وما أشبه ذلك.
ويذكرهم -أيضاً- بأركان الإسلام وبواجباته، ويحذرهم من الآثام والمحرمات، وما أشبه ذلك، وهذا معنى قوله: (ذكرهم، وخوفهم).
وبكل حال: هذا وصف أغلبي، وليس عاماً لهن كلهن، بل فيهن ذوات الإيمان وذوات التقوى، وفيهن من تخاف الله وتراقبه وتعبده، والرجال -أيضاً- فيهم كثير ممن هو جاحد للإحسان وجاحد للمعروف، ولكن وصف إنكار المعروف في النساء أغلب، وعلى هذا جرى هذا الحديث في قوله: (إنكن أكثر أهل النار؛ لأنكن تكفرن العشير وتكفرن الإحسان) .
وهذا يدل على أن الإنسان عليه أن يعترف لصاحب الفضل بفضله الذي امتن به عليه، فمن أحسن إليك فلا تنكره، ولا تنكر إحسانه وفضله، واحرص على أن تكافئه، فإن كان إحسانه إحساناً دنيوياً فأحسن إليه بمثل ذلك ما استطعت، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه) هذا في الإحسان الذي هو نفع مالي أو نفع بدني أو نحو ذلك.
وأما في الإحسان الذي هو نفع ديني كالفائدة والمعرفة ونحو ذلك فإن عليك -أيضاً- ألا تنكر فضله عليك، بل تدعو له على ذلك، وفي ذلك يقول بعضهم:
إذا أفادك إنسان بفائدة من العلوم فلازم شكره أبداً
وقل فلان جزاه الله صالحة أفادنيها، وألق الكبر والحسدا
ثم لما حثهن النبي صلى الله عليه وسلم على الصدقة أخذن يتصدقن من حليهن؛ لأنه ليس معهن إلا الحلي، وليس معهن حلي ذو قيمة أو ثمن رفيع، إنما معهن أقراط وخواتيم، والقرط هو: ما يعلق في الأذن، والخواتيم: ما يجعل في الأصابع، وغالباً تكون من فضة، فجعلت المرأة تخلع القرط من أذنها وتلقيه في ثوب بلال ، وتخلع الخاتم الذي في يدها -وهو من فضة غالباً- وتلقيه في ثوب بلال ، حتى يجتمع من ذلك ما يجتمع، ويباع ويتصدق بثمنه على المهاجرين والمستضعفين.
ولكن أمر الحيض بأن يعتزلن المصلى، وأن يكن منفردات في مكان ليس ببعيد، ولكنهن ينفردن في مكان خاص لا يختلطن بالمصلين، وأما بقيتهن فيقمن في صفوف الصلاة التي يصلين فيها.
ومن هذا الحديث أخذ بعضهم أن صلاة العيد فرض عين، وقال: ما دام أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بأن تخرج النساء حتى الأبكار، وحتى المخدرات اللاتي يحتجبن في خدورهن، وحتى الحيض اللاتي لا صلاة عليهن، أمر بأن يخرج لها كل أحد، حتى النساء فكيف بالرجال الذين هم مكلفون وليس لهم عذر ولا مانع؟! فيلزم -إذاً- أن يخرج كل أفرادهم شيوخاً وشباباً وكهولاً، أي: كل من كان عنده قدرة واستطاعة أن يصل إلى المسجد الذي أعد للصلاة، فاستدلوا بهذا على أنها فرض على كل إنسان بعينه.
وذهب آخرون إلى أنها فرض كفاية، وقالوا: إن الفريضة حصرت في خمس صلوات؛ لأن ذلك الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن فريضة الله قال له: (خمس صلوات في اليوم والليلة، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا، إلا أن تتطوع) فأفاد بأنه لا يُطلب منه إلا خمس صلوات فقط، ولم يطلب منه غير ذلك إلا تطوعاً.
ولكن لعل المراد الصلوات اليومية التي يؤديها كل يوم، ولا يدخل في ذلك الصلوات الأسبوعية، أو الصلوات السنوية كهذه الصلاة، وعلى كل حال إذا قلنا: إنها ليست فرض كفاية فإنها مؤكدة، وعلى الإنسان ألا يتركها وهو قادر ليس له عذر.
والأفضل -أيضاً- أن تكون في مسجد واحد أو في مساجد قليلة، ولا يكثر العدد، وفي هذه الأزمنة في هذا البلد خاصة يكثرون المواضع، بحيث إن بعض الخطباء يسمع خطبة الآخر، وهذا خلاف السنة، بل الأفضل أن يختاروا مسجداً واسعاً، أو يختاروا صحراء واسعة، تتسع لعدد كثير ولو عشرين ألفاً أو ثلاثين ألفاً، فالصحارى كثيرة واسعة، والناس عندهم استطاعة، والصلاة إنما هي مرتان في السنة، وعندهم تمكن؛ لأنهم يجدون السيارة ولو بأجرة، فيخرجون إليها، والأفضل عدم التكرار إلا لعذر.
وبكل حال: فإن هذه الصلاة من شعائر الإسلام التي جاء بها وأقرها، واستمر العمل عليها إلى يومنا هذا، وإلى ما شاء الله، ومتى أظهرها المسلمون وتمسكوا بها أظهروا شعائر إسلامهم، وأحيوا سنة نبيهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر