وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا [الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، ثم أما بعد:
فيا أيتها الذكية! حياك الله وبياك، وسدد على طريق الحق خطاك، وأسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يحفظك من بين يديك ومن خلفك، وأن يعيذك من همزات الشياطين، وأن يقيك شرور النفس وسيئات الأعمال.
ولن أخبرك بعنوان هذه الليلة، بل سأترك المجال لك أولاً قبل قراءة العناصر حتى تعرفي عنوان هذا اللقاء، فهو عن خصلة من خصال الإيمان، من اتصفت بها حسن إسلامها، وعلت أخلاقها، هل عرفتها؟ اسمعي المزيد:
من اتصفت بها هجرت المعصية خجلاً من ربها، وأقبلت على طاعته بوازع الحب، إنها خصلة تبعدك عن فضائح الدنيا وفضائح الآخرة، فهل عرفتها؟
إنها أصل كل شعب الإيمان، لأنها تكسوك وقاراً واحتراماً، فهذه الخصلة دليل على كرم السجية وطيب النفس، بل هي صفة من صفات الأنبياء والصالحين والصالحات، فهل عرفتها؟ اسمعي المزيد أيضاً:
إنها صفة جميلة في الرجال، ولكنها في النساء أجمل، كسبها يجعل القبيح جميلاً، وفقدها يجعل الجميل قبيحاً.
صدقيني أيتها الغالية! إذا ذهبت هذه الخصلة من المرأة فباطن الأرض خير لها من ظاهرها، وأظنك قد عرفتها.
قال الناظم في هذه الخصلة:
إذا لم تخش عاقبة الليالي ولم تستح فاصنع ما تشاء
فلا والله ما في العيش خير ولا الدنيا إذا ذهب الحياء
يعيش المرء ما استحيا بخير ويبقى العود ما بقي اللحاء
عناصر الموضوع:
- حياء في الحياة وبعد الممات.
- الحياء لغة واصطلاحاً.
- القرآن يحدثنا عن الحياء.
- كلام جميل.
- مظاهر الحياء.
- كيف قتلوا الحياء.
- أي حياء هذا؟
- أسئلة وفتاوى.
- أعظم الحياء.
- صور من حياتهن.
قال ابن عبد البر : هي أول من غطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة، الله أكبر! فهي تريد أن تعيش عفيفة وتموت عفيفة وتحشر إلى الله وهي عفيفة.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإيمان بضع وستون شبعة - وفي رواية: بضع وسبعون شعبة - والحياء شعبة من الإيمان) رواه البخاري .
وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً: (الحياء لا يأتي إلا بخير).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت) ومعناه: إذا لم تستحي من العيب ولم تخشي العار مما تفعلينه فافعلي ما تحدثك به النفس من حسن أو قبيح؛ لأن الحياء قد ذهب، فدل الحديث على أن الذي يردع الأمة عن مواقعة السوء هو الحياء، ويقال: رجل حيي، أي: ذو حياء، ويقال: امرأة حيية، والحياء جميل في الرجال ولكنه في النساء أحلى وأجمل.
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه، ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه).
أما الحياء اصطلاحاً: فهو تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، وقيل: إنه خلق يبعث على ترك القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الجلال، وقيل: بل هو انقباض النفس عن القبائح وتركها، وقيل: إنه خلق يبعث على ترك القبيح من الأقوال والأفعال والأخلاق، ويمتنع صاحبه عن التقصير في حق ذي الحق.
فائدة أخرى: ومما يجب أن تعلمي أن الحياء لا يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل ترك ذلك بحجة الحياء خور ومهانة.
أخية! لو ضايقك فاجر وتعرض لك، فهل تسكتين؟ لا وألف لا، بل إنكارك دليل على العفة والحزم والثبات، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان أشد حياء من العذراء في خدرها -وهو لنا قدوة- فكان إذا انتهكت حرمات الله لا يقوم دون غضبه شيء.
تقول عائشة رضي الله عنها عنه صلى الله عليه وسلم: (ما رأيته غضب قط إلا أن تنتهك حرمات الله).
رحمها الله! فقد ماتت ومات الحياء معها، ودفنت ودفن العفاف في قبرها، فما دخلت سوقاً ولا حادثت رجلاً أجنبياً، وما ضرها ذلك شيئاً، وما نقص من منزلتها قدراً، بل كانت ملء السمع والبصر، يقدرها الجميع، ويحبها الصغير والكبير، الكل يبحث عن رضاها، وتلبية حاجتها رحمها الله! فلم تفكر في حذاء أو فستان، ولم تعرف الموضة والأزياء، ولكنها نظرت بعيداً بعيداً فعمرت القبر وبنت الدار، كان وقتها صلاحاً وطاعة، وصياماً وعبادة، رحمها الله! فقد رحلت ورحل الحياء معها.
واعلمي أخية! أن لا حياء فيها فهي ميتة في الدنيا، وشقية في الآخرة، ومن استحت من الله عند معصيته استحى الله من عقوبتها يوم تلقاه، ومن لم تستحي من الله عند معصيته لم يستح الله من عقوبتها.
أولاً: حياء الجناية: فمنه حياء آدم عليه السلام يوم فر هارباً في الجنة، قال له الله تبارك وتعالى: (أفراراً مني يا آدم؟ قال: لا، يا رب! بل حياء منك).
ثانياً: حياء التقصير: كحياء الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون، فإذا كان يوم القيامة استحوا وقالوا: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك.
ثالثاً: حياء الإجلال: وهو حياء المعرفة، وعلى حسب معرفة الأمة بربها يكون حياؤها منه.
رابعاً: حياء الكرم: كحياء النبي صلى الله عليه وسلم من القوم الذين دعاهم إلى وليمة زينب فأطالوا في الجلوس عنده، فقام واستحيا أن يقول لهم: انصرفوا.
خامساً: حياء الحشمة، كحياء المرأة عندما تسأل عن أمور خاصة بها.
سادساً: حياء الاستحقار، كحياء الأمة من ربها حين تسأله حوائجها احتقاراً لشأن نفسها واستصغاراً لها، ولهذا الحياء سببان:
أولهما: استعظام الأمة لذنوبها وخطاياها.
ثانيها: استعظام المسئول تبارك وتعالى.
سابعاً: حياء المحبة، وهو حياء المحب من محبوبه.
ثامناً: حياء العبودية: وهو حياء ممتزج بمحبة وخوف.
تاسعاً: حياء الشرف والعزة، وهو حياء النفوس العظيمة الكبيرة إذا صدر منها ما هو دون قدرها من بذل أو عطاء أو إحسان.
عاشراً: حياء الأمة من نفسها، وهو حياء النفوس الشريفة العزيزة من رضاها لنفسها بالنقص، وقناعتها بالدون، وهذا أكمل ما يكون من الحياء، فإن التي تستحي من نفسها فهي أجدر بأن تستحي من غيرها.
ثم قالوا لها: لا بأس بكشف الوجه واليدين، والدين يسر وليس بعسر، فحجاب المرأة الحقيقي في قلبها وليس في وجهها.
ثم قالوا: لماذا هذا السواد فوق الثياب؟ لماذا لا تلبسين العباءة المزركشة والمزخرفة؟ ثم ماذا سيحدث لو تغيرت الألوان؟
ثم قالوا: إنك لا تستطيعين المشي في الطريق بحرية لأن الثوب ضيق من الأسفل، فاجعلي لثوبك فتحة من الأسفل.
ثم قالوا: لماذا السواد أصلاً؟ البسي ملوناً، ولكن إياك والتبرج.
ولم يزالوا بالحياء طعناً حتى قصرت الثياب، وخلع الحجاب، وفتحت الأبواب، وطار الشعر، واختلطت المرأة بالرجل باسم التطور والحضارة فإنا لله وإنا إليه راجعون!
-فتجد فتاة مسلمة في أحد المحلات ممسكة بملابس داخلية والبائع أمامها وهي تقول له: أريد أصغر من هذا، فأي حياء هذا؟!!
- وأخرى تحجبت حجاباً براقاً وأرسلت خصلتين من مقدم شعرها ليراها من يراها وكأنها لا تدري، فأي حياء هذا؟!!
- يلاحظ الجميع تحت العباءة البنطال الضيق والواسع أحياناً، وكلما تحركت ظهر ما تخفيه، أي حياء هذا؟!!
- تمر من جانب الرجال وقد أفرغت نصف زجاجة عطر على ثيابها قبل أن تخرج، أي حياء هذا؟!!
- يمر عليها الشباب فيقولون لها كلمة إعجاب وهي فرحة بذلك، وما علمت المسكينة أن هؤلاء هم شباب بانكوك، وشباب الإيدز والهربس، فلا يريد أحدهم منها إلا جسدها، ولو أرادها مصونة عفيفة لطرق البيت من بابه، ثم هي تتبسم، أي حياء هذا؟!!
- في مكان العمل حيث الاختلاط يأتيها زميلها في العمل ويجلس على طاولتها ويسأل عن أخبارها، ثم هي تذهب إلى مكتبه وتجلس على طاولته وتسأل عن أخباره، أي حياء هذا؟!!
أفيقي أخية!
وقولي: دعوني فإني أريد حيائي
دعوني دعوني فإني أبية!
أنا لست ألعوبة في أياديكم.
تريدون أن تعبثوا بشبابي.
تريدون أن أخلع حيائي.
وأخرج ألقى قطيع الذئاب وبعض الكلاب.
فتنهشني وأنا حية.
أفيقي أخية! يريدون هدم صروح الفضيلة.
يريدون قفل المعاني الجميلة.
يريدون وأدك والنفس حية.
قولي بعالي الصوت: اخرسوا أيها الأدعياء.
فأنا لست أقبل هذا الهراء.
أنا لست أقبل غير تعاليم ديني ففيها النجاة وفيها الحياة.
وفيها السعادة حتى الممات.
أفيقي أخية!
عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت).
وقال عمر رضي الله عنه: من قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.
وقيل لـعمر بن عبد العزيز : إذا ذهب الحياء ذهب نصف الدين، قال: لا، بل إذا ذهب الحياء ذهب الدين كله.
أجاب شيخنا محمد بن عثيمين حفظه الله ومد في عمره: الذي أراه أنه لا يجوز الاختلاط بين الرجال والنساء في عمل حكومي، أو في قطاع خاص، أو في مدارس حكومية أو أهلية؛ لأن الاختلاط يحصل فيه مفاسد كثيرة، ولو لم يكن فيه إلا زوال الحياء -تأملي الكلام- من المرأة، وزوال الهيبة من الرجال؛ لأنه إذا اختلط الرجال والنساء أصبح لا هيبة عند الرجال من النساء، ولا حياء عند النساء من الرجال.
أجابت اللجنة الدائمة: لا يجوز؛ لأن الغالب على من يظهر في التلفاز من النساء التبرج وكشف العورة، ومن الرجال من يكون مثال الزينة والجمال، وذلك مثار فتنة وفساد في أكثر الأحيان.
أجاب الشيخ ابن جبرين حفظه الله ومد في عمره: لا يجوز للمرأة أن تأذن لأجنبي في بيت زوجها حال غيبته ولو كان صديقاً لزوجها، ولو كان أميناً أو موثوقاً، فإن في هذا خلوة بامرأة أجنبية، وقد ورد في الحديث: (لا يخلون رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما)، كما يحرم على الرجل أن يطلب من امرأة صديقه أن تدخله وأن تقوم بخدمته، ولو وثق من نفسه بالأمانة والديانة؛ مخافة أن يوسوس له الشيطان، ويدخل بينهما، ويجب على الزوج أن يحذر امرأته من إدخال أحد الأجانب في البيت، ولو كان من أقاربه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله! أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت) والحمو: هو أخو الزوج أو قريبه؛ فغيره بطريق الأولى.
أجابت اللجنة الدائمة: لا يجوز للرجل أن يصافح امرأة أجنبية منه، ولو وضعت خرقة على يدها عند المصافحة، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
قال سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، وقال سبحانه: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43].
أيتها الغالية! حتى تكوني صاحبة حياء فلا بد أن تحفظي الرأس وما وعى، يعني: لا نظر إلى محرم، ولا سماع إلى محرم، ولا كلام في محرم، ولا تفكير في محرم.
ولا بد أن تحفظي البطن وما حوى: يعني: لا تأكلي ولا تدخلي البطن إلا حلالاً، ومن ذلك: حفظ الفرج عن الحرام، وصاحبة الحياء ترغب فيما عند الله، وتعمل في رضاه، ولا تلهيها الحياة الدنيا عن الحياة الآخرة.
قال أحد السلف: إني لأستحيي أن ينظر الله في قلبي وفيه أحد سواه، وقال آخر: خف من الله على قدر قدرته عليك، واستحي منه على قدر قربه منك، قال سبحانه: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16].
وجاء في الأثر: يقول الله تعالى: يا ابن آدم! إنك إذا استحييت مني أنسيت الناس عيوبك، وأنسيت بقاع الأرض ذنوبك، ومحوت من أم الكتاب زلاتك، وإلا ناقشتك الحساب يوم القيامة.
وجاء في أثر آخر: يقول الرب عز وجل: ما أنصفني عبدي؛ يدعوني فأستحي أن أرده، ويعصيني ولا يستحي مني.
وقال يحيى بن معاذ : من استحيا من الله مطيعاً استحيا الله منه وهو مذنب.
وما أجمل قول التي قالت:
فليقولوا عن حجابي لا وربي لن أبالي
قد حماني فيه ديني وحباني ذو الجلال
زينتي دوماً حيائي
واحتشامي هو مالي
ولا أني أتولى عن متاع لزوالي
لامني الناس كأني
أطلب السوء لحالي
كم لمحت اللوم منهم في حديث أو سؤال
عن سعيد بن زيد الأنصاري رضي الله عنه: (أن رجلاً قال: يا رسول الله! أوصني! قال: أوصيك أن تستحي من الله عز وجل كما تستحيي رجلاً من صالحي قومك).
أخية! أغمضي عينيك برهة، واسمعي هذا القول العظيم من أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وهي تقول عن نفسها: كنت أدخل البيت الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي رضي الله عنه واضعة ثوبي وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلما دفن عمر رضي الله عنه معهما والله! ما دخلت إلا مشدودة علي ثيابي حياء من عمر رضي الله عنه.
افتحي عينيك أخية! وقولي: يا سبحان الله! تستحي من الميت الذي في التراب، وهو شهيد المحراب.
لماذا لا تستحي كثيرات من النساء اليوم من الأحياء؟
لماذا تركب الأمة مع السائق وحدها بدون حياء؟
لماذا تخرج الأمة إلى السوق بلا حاجة بدون حياء؟
لماذا تخالط الأمة الرجال في كل مكان بدون حياء؟
لماذا تلبس الأمة الضيق والقصير بدون حياء؟
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الحياء من الإيمان، والإيمان في الجنة، والبذاء - يعني الفحش- من الجفاء، والجفاء في النار) رواه الترمذي وصححه الإمام الألباني رحمه الله.
وإليك خبراً آخر: مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه في بعض طرق المدينة فسمع امرأة تقول:
دعتني النفس بعد خروج عمرو
إلى اللذات فاطلعت تلاعا
فقلت لها علجت فلن تطاعي
ولو طالت إقامته رباعا
أحاذر إن أطعتك سب نفسي
ومخزاة تجللني قناعا
فقال عمر : أي شيء منعك؟ قالت - واسمعي ما قالت-: منعني الحياء، وإكرام عرضي، فقال عمر رضي الله عنه: إن الحياء ليدل على هناة ذات ألوان، من استحيا استخفى، ومن استخفى اتقى، ومن اتقى وقي، وكتب عمر إلى زوجها فأرجعه إليها.
أيتها الغالية! الحياء لا يأتي إلا بخير، وإذا ذهب الحياء ذهب الدين كله.
قال صالح بن جناح :
إذا قل ماء الوجه قل حياؤه، ولا خير في وجه إذا قل ماؤه
وقال بعض العرب: كأني أرى من لا حياء له ولا أمانة وسط القوم عرياناً.
وقال سبحانه: يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ [الأعراف:26].
علمك بمراقبة الله لك في كل حين، وأنه في كل مكان يسمعك ويراك.
فقد دخل موسى وهارون على فرعون: قَالا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى [طه:45] فقال سبحانه: قَالَ لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى [طه:46] فاستشعري هذا المعنى العظيم.
ومما يعينك على الحياء أيضاً: النظر في نعم الله التي أسبغها عليك ظاهرة وباطنة، فمن حقه أن تشكريه ولا تكفريه، وأن تذكريه ولا تنسيه، وأن تطيعيه ولا تعصيه، وألا تستعيني بنعمه على معاصيه.
ربنا! أوزعنا أن نشكر نعمتك التي أنعمت علينا وعلى والدينا، وأن نعمل صالحاً ترضاه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
اللهم! لا تحرمنا خير ما عندك بأسوأ ما عندنا.
اللهم! احفظ نساءنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
اللهم! اجعلهن تقيات نقيات خفيات.
اللهم! أعنهن على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك.
اللهم! اقبل توبة التائبات، واغفر ذنب المذنبات، واقبل عمل الصالحات، وهب المسيئات منهن للمحسنات، اللهم! عاملهن بما أنت أهله، ولا تعاملهن بما هن أهله، إنك أنت أهل التقوى وأهل المغفرة.
أستغفر الله العظيم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر