-
تفسير قوله تعالى: (وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين ... فأرسل معي بني إسرائيل)
-
تفسير قوله تعالى: (قل إن كنت جئت بآية فأت بها إن كنت من الصادقين... فإذا هي بيضاء للناظرين)
ثم طلب فرعون من موسى آية كما قال تعالى:
قَالَ إِنْ كُنتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ*
فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ [الأعراف:106-107].
((فألقى عصاه)): التي هي جماد، من غير سترة ومن غير معالجة سبب، فكان الأمر لا لبس فيه على الإطلاق، لا كما يفعل المهرة من الحواة أو السحرة وغير هؤلاء، يخبئ شيئاً في فمه ويظهره من الجانب الآخر إلى آخر هذه الحيل التي تعتمد على خفة اليد، فيظهر شيئاً خلاف الشيء الذي كان ظاهراً من قبل، أو يستر الشيء الذي يتعامل معه ثم يظهر منه شيئاً آخر، وغيرها من الحيل المعروفة عند الحواة.
فيقول تبارك وتعالى: (( فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ )) أي: بدون سترة فلم تكن العصا مستورة، وبدون معالجة سبب من الأسباب كي تتحول إلى هذه الآية. وكلمة: (فإذا) فجائية، والثعبان هو: الحية الضخم الذكر، وهو أعظم الحيات، أي حية كبيرة هائلة، فاضت عليه الحياة لتدل على فيضان الحياة العظيمة على يديه. ((مبين)) يعني: ظاهر لا متخيل.
((ونزع يده)) يعني: أخرج يده من جيبه بعدما أدخلها فيه.
((فإذا هي بيضاء للناظرين)) يعني بيضاء بياضاً خالياً من البرص، والدليل على ذلك قوله تعالى:
وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ [النمل:12]: لأن البياض أحياناً يكون بسبب مرض البرص، فقوله: ((فإذا هي بيضاء للناظرين)) يعني: بياضاً نورانياً خارجاً عن العادة، يجتمع عليه النظار تعجباً من أمره فيدل على أنه يظهر على يديه شرائع تغلب أنوارها المعنوية الأنوار الحسية وتتقوى بها الحياة بالله.
-
تفسير قوله تعالى: (قال الملأ من قوم فرعون ... فماذا تأمرون)
-
تفسير قوله تعالى: (قالوا أرجه وأخاه ... ساحر عليم)
قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ *
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ [الأعراف:11-112] وقولهم ((أرجه وأخاه)) أرجه أو أرجئه بالهمز، يعني: أخر أمرهما وأصرفهما عنك الآن حتى ترى رأيك فيهما وتدبر شأنهما؛ لئلا تنسب إلى الظلم الصريح، فحسن صورتك حتى لا يظن بك أنك ظلمتهم ظلماً صراحاً، لكن أظهر أنك تعطيهم الفرصة، وأنك كما يقال الآن: ديمقراطي وكذا وكذا.
مع أنه تقدم منه أمر آخر يفهم من هذا، وهو أن فرعون هم بقتل موسى عليه السلام أولاً، ثم أشار عليه هؤلاء المستشارون بأن يؤخره كي يتبين حاله للناس.
((وأرسل في المدائن)) أي: في مدائن الصعيد من نواحي مصر، ((حاشرين)) أي أرسل من يأتيك بكل ساحر عليم وقرئ: (يأتوك بكل سحّار عليم) أي: ماهرين في باب السحر، ليعارضوا موسى بنظير ما أراهم من البينات، قال
الجشمي : تدل الآية على عظيم علم موسى، وتدل على جهل فرعون وقومه، حيث لم يعلموا أن قلب العصا حية تسعى لا يقدر عليه غير الله سبحانه وتعالى، ويستحيل أن تشتبه معجزة النبي بالسحر.
فلا يمكن أن تنقلب العصا إلى حية حقيقة، فهؤلاء لشدة جهلهم لم يعلموا أن قلب العصا حية تسعى لا يقدر عليه غير الله سبحانه وتعالى، حتى نسبوا ذلك إلى السحر، كما تدل الآية على أن عادة البشر أن من رأى أمراً عظيماً يسعى إلى أن يعارضه، لذلك لما رأوا تحول العصا إلى حية، فزعوا إلى استنفار فرعون، وجعلوا يحصدون له السحرة ويجمعونهم له.
فيقول: تدل على أن من عادة البشر أن من رأى أمراً عظيماً أن يعارضه، فلذلك دعا فرعون بالسحرة، فدل على أن العرب لو قدروا على مثل القرآن أيضاً لعارضوه، وهذا معروف، فقد تحداهم الله سبحانه وتعالى به، ومع ذلك ما استجابوا للتحدي، وهم أفصح البشر.
وتدل الآية على أن الطريق في المعجزات: المعارضة؛ ولذلك قال تعالى في القرآن:
فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ [يونس:38] إذا صدق الإنسان في المعارضة فليأت بمثل هذه المعجزة، وهيهات أن يفلح في ذلك!
ولذلك فإن فرعون وقومه حينما رأوا آية موسى عليه السلام ما استطاعوا أن يأتوا بمثلها، لكن حاولوا المعارضة بجمع السحرة، وإلقاء الشبه، فلما بان عجزهم لجأ فرعون إلى التهديد.
وتدل الآية أيضاً على أنهم أنكروا أمر الرسالة خوفاً منهم على الملك والمال، كما يقال: حب الدنيا رأس كل خطيئة، والذي يدل على ذلك قوله:
يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ [الشعراء:35]، فيدل على أن من أقوى الدواعي إلى ترك الدين هي المحافظة على الرئاسة والمال والجاه، كما هو عادة الناس في هذا الزمن.
ثم تسابقت شرط فرعون ينتشرون في الآفاق، يحشرون له أمهر السحرة كي يعارضوا موسى عليه السلام.
-
تفسير قوله تعالى: (وجاء السحرة فرعون ... وإنكم لمن المقربين)
-
تفسير قوله تعالى: (قالوا يا موسى إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين ... وجاءوا بسحر عظيم)
قال تعالى:
قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ *
قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:115-116].
كان السحرة كفاراً، لكنهم هنا تأدبوا مع موسى عليه السلام، وقد نفعهم هذا الأدب حتى قال
القرطبي رحمه الله تعالى: تأدبوا مع موسى فكان ذلك سبب إيمانهم، ((قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ)) أي: أن نكون نحن أول من ألقى، كما في الآية الأخرى.
قيل: خيروا موسى إظهاراً للجلادة فلم يبالوا بتقدمه أو تأخره، وقال
الزمخشري : تخييرهم إياه أدب حسن، وهذا من المجاملة، فإنهم التقوا كالمتناظرين قبل أن يتخاوضوا في الجدال، والمتصارعين قبل أن يأخذوا في الصراع.
((قَالَ أَلْقُوا )) أي: قال موسى لهم: ألقوا يعني: ألقوا ما أنتم ملقون، وإنما سوغ لهم التقدم ازدراء لشأنهم وقلة مبالاة بهم، وثقة بما كان بصدده من التأييد الإلهي، وأن المعجزة لن يغلبها سحر أبداً. يقول
ابن زيد : كان الاجتماع بالإسكندرية، فبلغ ذنب الحية وراء البحيرة، يعني كانت الحية ضخمة جداً، ولا أدري بالضبط ماذا يقصد بالبحيرة إذا صح هذا الكلام.
((فلما ألقوا سحروا أعين الناس)) أي: خيلوا لها ما ليس في الواقع، إذاً ما ألقوه من الحبال هي في الحقيقة بقيت كما هي! وإنما السحر أثر على أبصارهم؛ ولذلك قال عز وجل هنا: ((سحروا أعين الناس)) لأن السحر إما أن يؤثر في الرائي أو يؤثر في المرئي، فهذه الآية تدل على أن هذا النوع من السحر كان مما يؤثر في عين الرائي، فيرى الشيء على خلاف ما هو عليه.
((واسترهبوهم)) يعني: أفزعوهم بما فعلوا من السحر، كما قال في الآية الأخرى:
فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى *
فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى *
قُلْنَا لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الأَعْلَى *
وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى [طه:66-69].
ومثل هذه الآية لا يصح الاستدلال بها على نفي تأثير السحر؛ لأن السحر أنواع كثيرة ولا ينحصر في نوع واحد، فسواء كان السحر هنا نوعاً من الحيل بحيث إنهم وضعوا في الحبال أو في التجويف زئبقاً، والزئبق جعل هذه الحبال تلتوي، أو أن السحر إنما كان بالأعين، وهذا هو الأكيد قطعاً بنص القرآن.
فالاستدلال على نفي السحر بمثل هذه الآية استدلال بها على غير وجهها، فيستدل بعض الناس على نفي السحر وأنه مجرد تخييل، بأن هذا السحر إنما كان في أعين الناس،
سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ [الأعراف:116] أي: عظيم في باب السحر وفي مجال السحر، فمن رآه عده سحراً عظيماً، فإنه ألقى كل واحد عصاه فصارت العصي ثعابين.
قال
الجشمي : تدل الآيات على أن القوم أتوا بما في وسعهم من التمويه، وكان الزمان زمان سحر، والغالب عليهم الاشتغال به، فأتى موسى عليه السلام من جنس ما هم فيه، بما لم يقدر عليه أحد، ليعلموا أنه معجز وليس بسحر، وهكذا ينبغي في المعجزات أن تكون من جنس ما هو شائع في القوم، ويتعذر عليهم مثله، وكان الطب هو الغالب في زمن عيسى فكان يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى، وليس ذلك في وسع طبيب، وكان الغالب في زمن نبينا عليه السلام الفصاحة والخطب والشعر، فجاء القرآن وتحداهم به.
الفرق بين السحر والمعجزة
وتدل -أي الآيات- على أنهم بالحيل جعلوا الحبال والعصي متحركة، حتى أوهموا أنها أحياء، ولكن لما وقف على أصل ما فعلوه وعلم، وكان مثله مقدوراً لكل من يتعاطى صناعتهم علم أنه شعبذة، ولهذا تفترق المعجزة عن الشعبذة. ويمكن أن نميز بين المعجزة والشعبذة بما يلي:
أولاً: الشعبذة يوقف على أصلها، كما يصنع الحاوي أحياناً في بعض الأشياء التي يفعلها والناس يعتبرون ذلك شيئاً خارقاً للعادة، لكن في نفس الوقت يمكن أن يشرح لهم كيف فعل هذا الشيء، فيأتي بأصل هذا الأمر، فيقول مثلاً: سوف أخبئ الشيء مثلاً في كمي وبخفة يد سأخرج الأشياء المعروفة هذه.. إلخ.
أما المعجزة فلا يمكن أن تقف على أصلها، إلا أن تنسبها إلى قوة الله سبحانه وتعالى الذي يخرق الأسباب متى شاء وكيف شاء.
فهؤلاء السحرة كانوا يعرفون ما أصل حكاية السحر التي قلبت الحبال إلى ثعابين، وذلك إما أنهم عملوا نوعاً معيناً من السحر يؤثر في أعين الناس، أو أن عملهم للسحر كان حيلة حيث وضع الزئبق في الحبال بحيث تلتوي، فبهذا يكونون قد سحروا أعين الناس حين رأوا الشيء على غير ما هو عليه.
الفارق الثاني: أن الشعبذة يمكن الإتيان بمثلها، يمكن أن تعارض ويؤتى بمثلها، وكل من عنده خبرة بهذا الفن يستطيع أن يأتي بمثلها، لكن المعجزة يستحيل أن يأتي بشر بمثلها إلا نبي من أنبياء الله.
الفارق الثالث: أن الشعبذة يخفى أمرها بخلاف المعجزة، وتدل على اعتراف فرعون بالذل والضعف، حيث استغاث بهم وبمهنتهم لدفع مكروه، وبلا شك أن مثل هذا لا يصلح إلهاً، فكيف يكون إلهاً، ثم إذا أصابه هذا المكروه فزع إلى مرهوبيه الذين يفترض أنهم أضعف منه، كي ينصروه على من يخاصمه أو يتحداه، فهذا يدل على اعتراف فرعون بالذل وبالعجز وبالضعف.
-
تفسير قوله تعالى: (وأوحينا إلى موسى أن ألق عصاك فإذا هي تلقف ما يأفكون... وتوفنا مسلمين)
-
تفسير قوله تعالى: (وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسى ...)
قال تعالى:
وَقَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَآلِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ [الأعراف:127].
((وقال الملأ من قوم فرعون)) أي: خوفاً من انقلاب الخلائق عليهم حين رأوا السحرة جاهروا بالإسلام ولم يبالوا بالتوعد.
((أتذر)) يعني: أتترك ((موسى وقومه ليفسدوا في الأرض)) بإيقاع الفرقة وتشتيت الشمل، وقوله: ((ليفسدوا في الأرض)) أي: في أرض مملكتك بتغيير الناس عنك.
((ويذرك وآلهتك)) الآلهة: جمع إله بمعنى: المعبود.
وكان للمصريين آلهة كثيرة منها الإله الذي كانوا يعتقدون أن روحه توجد في الثور الذي كانوا يعبدونه أيضاً، وكانوا يعبدون الظلام أيضاً، ويعبدون صنماً يعتقدون أن وظيفته طرد الذبان، وبالجملة فقد فاقوا كل من سواهم في الضلال، فكانوا يسجدون للشمس وللقمر وللنجوم والأشخاص البشرية والحيوانات، حتى الهوام وأدنى حشرات الأرض، هكذا حكى عنهم بعض المدققين.
وقد ذكر
الشهرستاني في الملل والنحل: أن فرعون كان أول أمره على مذهب الصابئة، ثم انحرف عن ذلك وادعى لنفسه الربوبية، إذ رأى في نفسه قوة الاستعمال والاستخدام.
وقال بعض المفسرين: (ويذرك وآلهتك) يعني: وطاعتك، أو (ويذرك وإلهتك) يعني: عبادتك، الإلهة أو الألوهة هي العبادة.
وقال بعضهم: إن كلمة الآلهة: لفظة اصطلاحية عند العبرانيين، يراد بها القضاة والحكام الذين يقضون بأمر الله، وأنها لو حملت على هذا هاهنا لم يبعد، ويكون المعنى: ويذرك وقضاتك وذوي أمرك، ويكون الغرض من ذكرهم معه تهويل الأمر وإلهاب قلب فرعون على موسى وإثارة غضبه. والأظهر ما قدمناه أولاً: (ويذرك وآلهتك) جمع إله وهو المعبود.
(( قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ )) والقراءة الأخرى: (قال سنقتل أبناءهم) أي: المولودين. (( وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ )) أي: نستبقي نساءهم للاستخدام.
(( وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ )) أي: بالغلبة والقدرة عليهم، ففعلوا بهم ذلك، فلما فعل بهم هذا الوعيد من قتل الأبناء، واستحياء النساء، شكا بنو إسرائيل لموسى عليه السلام:
قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ [الأعراف:128].
وهنا: (( قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ )) ولم يقل: سأقتل موسى؛ لعلمه أنه لا يقدر عليه، وقال
سعيد بن جبير : كان فرعون قد ملئ من موسى رعباً، فكان إذا رآه يبول كما يبول الحمار. فالله أعلم بصحة ذلك.
-
تفسير قوله تعالى: (قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا... فينظر كيف تعملون)
-
تفسير قوله تعالى: (ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين ونقص من الثمرات لعلهم يذكرون)
-
تفسير قوله تعالى: (فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه...)
-
تقسير قوله تعالى: (وقالوا مهما تأتنا به من آية لتسحرنا بها فما نحن لك بمؤمنين)
-
تفسير قوله تعالى: (فأرسلنا عليهم الطوفان والجراد والقمل ...)
قال تعالى:
فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ [الأعراف:133] .
((فأرسلنا عليهم)) أي: على آل فرعون ((الطوفان)) كما قلنا: هو المطر الغالب، فعم الطوفان الصحراء وأتلف عشبها وكسر شجرها وتواصلت الرعود والبروق ونيران الصواعق في جميع أرض مصر.
((والجراد)) فأكل جميع عشب أرض مصر والثمر، مما تركه الطوفان، يعني: الذي بقي من الثمار بعد الطوفان جاء الجراد بعد ذلك فقضى على ما تبقى من هذه الثمار والأعشاب، حتى لم يبق شيء من ثمرة، لا خضرة في الشجر ولا عشب في الصحراء.
((والقُمَّل)) فعم أرض مصر، والقمل هو: صغار الذباب، وكان على الناس والبهائم، وهو بضم وتشديد على وزن كلمة: سُكَّر، فالقمل، قيل: هو صغار الذر، أو شيء صغير بجناح أحمر، أو دواب صغار من جنس القردان، أو الدبا الذي لا أجنحة له، وهو الجراد الصغار، وتقرأ: القُمَّل والقَمْل قيل: هما لغتان، وقيل: هو القَمْل المعروف في الثياب ونحوها، والمشدد القُمَّل يكون في الطعام.
ورد
ابن سيده وتبعه
المجد في القاموس القول: بأن المراد به قمل الناس، والقمل من الحشرات المعروفة.
((والضفادع)): جمع ضفدع، فطلعت الضفادع من الأنهار والخلج والمناقع وغطت أرض مصر.
((والدم)) فصارت مياه مصر جميعها دماً عبيطاً أحمر، ومات السمك فيها وأنتنت الأنهار، ولم يستطع المصريون أن يشربوا منها شيئاً.
((آيات)) حال ((مفصلات)) أي: مبينات، لا يشكل على عاقل أنها آيات الله تعالى ونقمته، أو ((مفصلات)) أي: مفرقات بعضها إثر بعض، تأتي آية ثم تليها التي تليها وهكذا.
(( آيَاتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا )) أي: رغم كل الضنك والعذاب الشديد الذي أنزله الله بهم، أصروا واستكبروا فلم يؤمنوا لموسى ولم يرسلوا معه بني إسرائيل.
((وكانوا قوماً مجرمين)) أي: عاصين .
قال
الجشمي : تدل الآية على عناد القوم وإصرارهم على الكفر وجهلهم، حيث عاهدوا في كل آية يأتي بها على صدقه وإثبات العهد أنهم لا يؤمنون بها،
وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ [الأعراف:132]، وليس هذا عادة من غرضه الحق، فالشخص الذي غرضه الحق لا يحلف ولا يعاهد بمثل هذا العهد، أنه مهما تأته البينات والحجج فلن ينقاد، هذه طبيعة المجرم المتكبر كما وصفهم الله سبحانه وتعالى.
وتدل هذه الآيات على ذم من يرى الآيات ولا يتفكر فيها، وتدل على وجوب التدبر في الآيات.
ولما وقع عليهم الرجس أي: نزل بهم العذاب المفصل آية تلو آية:
قَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ [الزخرف:49] يعني: بعهده عندك، وعهد الله عند موسى هو النبوة، فما: هنا مصدرية.
قال
الشهاب : سميت النبوة عهداً؛ لأن الله عهد إكرام الأنبياء بها، وعهدوا عليه تحمل أعبائها، أو لأن لها حقوقاً تحفظ كما تحفظ العهود، أو لأنها بمنزلة عهد ومنشور من الله تعالى.
-
تفسير قوله تعالى: ( ولما وقع عليهم الرجز قالوا يا موسى ادع لنا ربك بما عهد عندك ... )
-
تفسير قوله تعالى: (فلما كشفنا عنهم الرجز ... وكانوا عنها غافلين)
-
تفسير قوله تعالى: (وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها... )