-
تفسير قوله تعالى: (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا...)
الإسلام كان وصية إبراهيم لبنيه ويعقوب، ومع هذا لم يمتثل اليهود هذا التوجيه وهذا النصح، ولم يهتدوا بالأصفياء من أسلافهم، وإنما صاروا دعاة إلى الكفر، قال تبارك وتعالى:
وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا [البقرة:135] مع كل هذا الذي ذكره الله سبحانه وتعالى من شأن التوحيد وملة إبراهيم عليه السلام لم يمتثلوا الهداية، وإنما صاروا دعاة إلى الكفر!
يقول
السيوطي رحمه الله عند قوله تعالى: (وقالوا كونوا هوداً أو نصارى تهتدوا): أو هنا للتفصيل، يعني: قالت اليهود: كونوا هوداً، وقالت النصارى: كونوا نصارى، وقائل الأول (كونوا هوداً) هم يهود المدينة، وقائل الثاني (كونوا نصارى) هم نصارى نجران.
(قل بل ملة إبراهيم حنيفاً) قل لهم: بل نتبع ملة إبراهيم، يعني لن نتبعكم أنتم في دعوتكم إلى اليهودية أو النصرانية، بل نتبع ملة إبراهيم، فلذلك نصب بتقدير فعل نتبع، أي بل نتبع ملة إبراهيم حنيفاً، وحنيفاً: حال من إبراهيم، يعني مائلاً عن الأديان كلها إلى الدين القيم.
(وما كان من المشركين) هذه تبرئة لإبراهيم الخليل عليه السلام من الشرك.
يقول
القاسمي رحمه الله تعالى: (وقالوا) أي: الفريقان من أهل الكتاب (كونوا هوداً) يعني قالت اليهود: كونوا هوداً تهتدوا، والنصارى قالوا: كونوا نصارى تهتدوا.
قوله تعالى: (قل بل ملة إبراهيم) بل نتبع ملة إبراهيم، ونهتم بسنته، ولا نتحول عنها كما تحولتم.
معنى الحنيف في اللغة
(حنيفاً) يعني: نتبع إبراهيم حال حنيفيته، مستقيماً أو مائلاً عن الباطل إلى الحق، لأن الحنَف محركة يطلق على الاستقامة، ومنه قيل للمائل الرجل: أحنف، كما هو الحال في الطفل الذي يصاب بالكساح في عظامه، فيحصل تقوس وميل وانحراف في ساقيه، فهذا هو الحنف، فالعرب يسمون الرجل المائل أو الشيء المائل حنيفاً أو أحنف، وهذه عادة العرب كما يسمون اللديغ سليماً تفاؤلاً له بالسلامة، وأن تئول حاله وعاقبته إلى السلامة، فكذلك أطلقوا على الرجل المائل أحنف تفاؤلاً باستقامة حاله، وكذلك المكان المهلك يسمونه مفازة، يعني منجاة، تفاؤلاً أن تنتهي به إلى النجاة، ويطلق الحنف أيضاً في اللغة على الاستقامة، فالحنيف المستقيم على إسلامه لله تعالى؛ المائل عن الشرك إلى دين الله سبحانه وتعالى، وهذا المصطلح يتكرر كثيراً جداً في القرآن وفي السنة، فعلينا أن نهتم به اهتماماً زائداً، والحنيف فيها قولان:
أحدهما: أنه المائل إلى العبادة، الذي يميل عن الدنيا واللهو إلى العبادة.
قال
الزجاج : الحنيف في اللغة المائل إلى الشيء، أخذاً من قولهم: رجل أحنف، وهو الذي تميل قدمه كل واحدة منهما إلى أختها بأصابعها، قالت أم الأحنف ترققه وتقول له:
والله لولا حنف برجله ودقة في ساقه من هزله
ما كان في فتيانكم من مثله
هذا المعنى الأول، الحنيف المائل إلى العبادة.
المعنى الثاني: الحنيف يعني المستقيم، ومنه قيل للأعرج: حنيفاً، نظراً له إلى السلامة.
وقيل: الحنيف المخلص الذي يوحد الله ويحج ويضحي ويستقبل الكعبة.
شرك اليهود والنصارى
لما أثبت الله إسلام إبراهيم عليه الصلاة والسلام بالحنيفية نفى عنه غيره بقوله: (وما كان من المشركين)، وفيه تعريض بأهل الكتاب، وإيذان ببطلان دعواهم باتباعه عليه السلام مع إشراكهم بقولهم: (عزير بن الله والمسيح ابن الله)، وهذا شرك.
وقد أفادت هذه الآيات الكريمة أن ما عليه الفريقان محض ضلال وارتكاب بطلان، وأن الدين المرضي عند الله الإسلام، وهو دعوة الخلق إلى توحيده تعالى وعبادته وحده لا شريك له، ولما خالف المشركون هذا الأصل العظيم بعث الله نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بدعوة الناس جميعاً إلى هذا الأصل، ولهذا أردف الله تبارك وتعالى قولهم هذا بقوله: (قولوا آمنا) وهذا أمر بالتوحيد.
-
تفسير قوله تعالى: (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا ...)
-
تفسير قوله تعالى: (فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا ..)
-
تفسير قوله تعالى: (صبغة الله ...)
قوله تعالى:
صِبْغَةَ اللَّهِ [البقرة:138] هذا مصدر مؤكد لآمنا، ونصبه بفعل مقدَر، يعني صبغنا الله صبغة الله، فصبغنا الله بهذا التوحيد الذي نحن عليه، والمراد دينه الذي فطر الناس عليه، يقول
السيوطي: والمراد بها دينه الذي فطر الناس عليه لظهور أثره على صاحبه كالصبغ في الثوب، أليس الثوب إذا صبغته وغمسته في لون معين ينصبغ بهذا اللون ويظهر عليه أثره؟! كذلك نحن فطرنا الله على التوحيد، وظهر علينا أثر هذا التوحيد باعترافنا بتوحيد الله تبارك وتعالى.
وَمَنْ أَحْسَنُ [البقرة:138] يعني: لا أحد أحسن من الله صبغة،
صِبْغَةً [البقرة:138] هنا تمييز،
وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ [البقرة:138].
قوله تعالى: (صبغة الله) كأنه قيل صبغنا الله صبغة، أي: صبغ قلوبنا بالهداية والبيان صبغة كاملة لا ترتفع بالشبه، ولا تغلب صبغة غيره عليها، فصبغة الإسلام والتوحيد لا يمكن أبداً أن تتغير أو تتبدل أو يحل غيرها محلها، والصِبغة بالكسر ما يصبغ به وتلون به الثياب، فوصف الإيمان بذلك لكونه تطهيراً للمؤمنين من أوضار الكفر وحمية وتنزيهاً لهم بآثاره الجميلة، ومتداخلاً في قلوبهم، كما أن فعل الصبغ بالنسبة إلى الثوب كذلك، يقال: صبغ يده بالماء غمسها فيه، يقول
ثعلب:
دع الشر وانزل بالنجاة تحرزاً إذا أنت لم يصبغك في الشر صابغ
وقال
الراغب : الصبغة إشارة من الله عز وجل إلى ما أوجده في الناس من بدائه العقول التي ميزنا بها من البهائم، ووشحنا بها. صبغنا بالفطرة وبالعقل كي يقودنا هذا العقل إلى التفكر والوصول إلى التوحيد، ووشحنا بها لمعرفته ومعرفة حسن العدالة وطلب الحق، وهو المشار إليه بالفطرة في قوله:
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ [الروم:30]، وهو المعني بقوله عليه السلام: (
كل مولود يولد على الفطرة)، وتسمية ذلك بالصبغة من حيث أن قوى الإنسان التي ركب عليها تجري مجرى الصبغة التي هي زينة المصبوغ.
ولما كانت النصارى إذا لقنوا أولادهم النصرانية يقولون: صبغناه، وهو التعميد، فهم يصبغون المولود في الماء المقدس عندهم، والذي لا يغمس في هذا الماء فإنه لا تصح نصرانيته، ولا يدخل الملكوت الأحمر!
فبين تعالى أن الإيمان بمثل ما آمنتم به هو صبغة الله وفطرته التي ركزها في الخلق، ولا أحد أحسن صبغة من الله تبارك وتعالى، وقال بعض المفسرين كـ
الحسن و
قتادة و
مجاهد : (صبغة الله) دين الله، وقال بعضهم: إنها الشريعة، وقال بعضهم: هي الختان، وهي إشارة إلى مغزى واحد؛ لأن الختان من مقتضى هذه الشريعة.
(وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) استفهام للإنكار وللنفي، يعني لا صبغة أحسن من صبغته تعالى؛ لأنها صبغة قلب لا تزول لثباتها لما تولاها الحفيظ العليم، وهذه الصبغة من نوع الصبغات التي لا تزول أبداً؛ لأنها فطرة الله، ومن يصبغ مثل ما صبغنا الله؟! هو الذي صبغنا بالتوحيد والإسلام، بخلاف هذه الصبغة التي يفعلها هؤلاء؛ فيصبغ الله قلوبنا بالتوحيد صبغة لا تزول لثباتها؛ لأن الذي يتولاها هو الحفيظ العليم، فلا يرتد أحد عن دينه سخطة له بعد أن خالط الإيمان بشاشة قلبه، ولذلك كان من ضمن أسئلة
هرقل لـ
أبي سفيان في شأن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال له: هل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ أي: هل يوجد من أتباع محمد عليه الصلاة والسلام وأصحابه بعدما يدخل في الإسلام ينتكس ويرتد عنه؟ فذكرت أن لا، يعني لا أحد من الصحابة رضي الله عنهم يرتد بعد أن يدخل في الإسلام، ثم قال: وسألتك هل يرتد أحد منهم بعد أن يدخل فيه سخطة عليه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب. فهذا فيه إشارة إلى نفس هذا المعنى الذي نذكره الآن.
(صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً) يعني هذه الصفة لا تزول بتوفيق الله تبارك وتعالى، فهذا فيه معنى الابتهاج والفخر والاعتزاز بهذه الصبغة، فتباً وسحقاً للذين يريدون أن يحرفونا عن صبغة الله التي اصطفاها لنا، وهي الشرف بهذا الإسلام وباتباع خاتم الأنبياء عليه الصلاة والسلام.
وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ [البقرة:138] يعني: شكراً له على هذه النعمة أن فطرنا على التوحيد، وصبغنا بصبغة الإسلام والإيمان، فنحن نشكر الله على نعمته هذه، ونشكر له سائر نعمه بأن نكون له وحده عابدين، ولذلك قال تعالى: (ونحن له عابدون) شكراً لتلك النعمة ولسائر نعمه، فكيف تذهب عنا صبغته ونحن نؤكدها بالعبادة، ونقويها بها؟ والعبادة تزيل رين القلب فينطبع فيه صورة الهداية، وهو عطف على (آمنا) داخل معه تحت الأمر (ونحن له عابدون).
-
تفسير قوله تعالى: (قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ..)
-
تفسير قوله تعالى: (أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ...)
-
تفسير قوله تعالى: (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ...)
-
تفسير قوله تعالى: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها ..)
قال الله تبارك وتعالى:
سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:142].
يقول
السيوطي رحمه الله تعالى: (سيقول السفهاء) الجهال (من الناس) الناس المقصود بهم هنا اليهود والمشركون، (ما ولاهم) يعني: أي شيء صرف النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن قبلتهم التي كانوا عليها، أي عن استقبالها في الصلاة وهي بيت المقدس، والإتيان بالسين في: (سيقول) دالة على الاستقبال، وهي من الإخبار بالغيب، فهذا من علامة نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.
(قل لله المشرق والمغرب) أي: أن الجهات كلها ملك لله، فيأمر بالتوجه إلى أي جهة شاء فلا اعتراض عليه.
(يهدي من يشاء إلى صراط) أي: طريق مستقيم، وهو دين الإسلام، ومنهم أنتم، دل على هذا قوله تعالى:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا [البقرة:143] يعني: أنتم -أيها المخاطبون- خير أمة أخرجت للناس، ومن أجل ذلك جعلناكم أمة وسطاً.
أحاديث تحويل القبلة
رد الله على السفهاء منكري تحويل القبلة
أعلم الله تعالى نبيه والمؤمنين أن فريقاً من الناس سينكرون تغيير القبلة، وسماهم سفهاء، فقال: (سيقول السفهاء) جمع سفيه، وهو الخفيف الحلم والأحمق والجاهل، من قولهم: ثوب سفيه إذا كان خفيف النسج، وقال
أبو السعود (سيقول السفهاء) أي: الذين خفت أحلامهم وعقولهم بالتقليد والإعراض عن التدبر والنظر.
(ما ولاهم) أي: أيُ شيء صرفهم (عن قبلتهم التي كانوا عليها) أي: ثابتين على التوجه إليها، وهي بيت المقدس، ومدار الإنكار يختلف، إن قلنا: إن هؤلاء السفهاء من اليهود فيكون مدار الكلام والإنكار يختلف عما لو قلنا: إن هؤلاء السفهاء هم المشركون، إذا قلنا: إن المقصودين بقوله تعالى: (سيقول السفهاء) اليهود فمدار الإنكار كراهتهم للتحول عن بيت المقدس إلى الكعبة؛ لأنها قبلتهم، واليهود كانوا يحبون ذلك الثبات، أما إذا كانوا غير اليهود من المشركين فمدار الإنكار يراد به الطعن في الدين والقذف في أحكامه.
وقد روي عن
ابن عباس رضي الله عنهما أن القائلين هم اليهود، وعن
الحسن : أنهم مشركو العرب، وعن
السدي : أنهم المنافقون، قالوا: ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها.
يقول الإمام
الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى بعدما ذكر قول
ابن عباس و
الحسن و
السدي: ولا تنافي بين أقوالهم، فكل قد عابوا، وكل سفهاء.
إرهاصات ما قبل تحويل القبلة
قوله تبارك وتعالى هنا: (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) سبق أن أشرنا أن سنة الله تبارك وتعالى في الآيات العظام وفي الأمور الجسيمة أن يسبقها بإرهاصات تمهد القلوب لتقبل هذا الأمر الجديد، فهناك أمور عجيبة تحصل قبل وقوع الآية العظمى التي ستأتي، من ذلك مثلاً: إذا راجعنا سورة آل عمران تجد أن الله سبحانه وتعالى قدم بين يدي مولد المسيح عليه السلام من غير أب قصة امرأة عمران وزكريا، وكيف أنها رأت كرامات الله التي كان يكرم بها مريم عليها السلام،
قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ [آل عمران:37]، ثم يقول تعالى:
هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ [آل عمران:38] وهذا تمهيد لحدوث الآية العظمى فيما بعد، فلما رأى هذه الكرامة، وأن الله قادر على أن يرزق من يشاء بغير حساب (هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) فطمع في رحمة الله، فدعا الله سبحانه وتعالى أن يهب له الولد فوهبه الله الولد مع أنه كان قد طعن في السن، فرزقه الله سبحانه وتعالى يحيى عليه السلام، فهذه إرهاصات ومقدمات تمهد القلوب لما هو أعظم مما سيأتي، وهو ميلاد المسيح عليه السلام، وهو من آيات الله سبحانه وتعالى.
كذلك نلاحظ أن بعثة النبي عليه الصلاة والسلام حدث غير مجرى تاريخ البشرية كلها، فتجد إرهاصات كثيرة بين يدي بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم، من ذلك: حادثة الفيل فقد ولد في نفس السنة، إشارة إلى أن هذا البيت وهذه البلدة وهذه الكعبة يراد بها أمر عظيم، ولذلك حماها الله سبحانه وتعالى من جيش
أبرهة لما أراد هذا البيت وأهله بسوء، فحصلت حادثة الفيل، وهي آية من آيات الله سبحانه وتعالى، لماذا؟ كي تمهد أيضاً القلوب لحدوث مثل هذه المعجزة العظمى، وهذا الأمر المهم، وهو بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كذلك الجن وجدوا أن السماء حرست بالشهب والنيازك، وأنهم لن يستطيعوا أن يسترقوا السمع كما كان يحصل من قبل؛ وهذا أيضاً تمهيد بين يدي بعثته صلى الله عليه وسلم.
ومن تلك الإرهاصات: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (
رأت أمي كأن نوراً خرج منها أضاءت له قصور الشام).
ومن هذه الإرهاصات: هواتف الجن كما جاء عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الجن كانوا ينطقون ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى غير ذلك من الممهدات، فكلها أمور تمهد لحصول أمر أخطر منها وأعظم.
وكذلك هنا أيضاً لو أننا تتبعنا الآيات السابقة في الأرباع الماضية، نجد إرهاصات وتقدمة وتوطئة وتمهيد لهذا الحدث الخطير، وهو حدث تحويل القبلة، وقد بدأت الآيات بالتنويه بدين الإسلام، ونسبة ذلك إلى ملة إبراهيم عليه السلام، وأنه كان مسلماً موحداً، وأن أبا الأنبياء الخليل عليه السلام كان على ملة الإسلام، وكذب من قال: إنه كان يهودياً أو كان نصرانياً.
ثم أتت قصة بناء الكعبة المشرفة، وفضل هذه الكعبة، ودعاء إبراهيم وإسماعيل ببعثة النبي عليه السلام بعد ذلك، ثم أتت الآيات تتحدث عن النسخ في آيات الله:
مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا [البقرة:106]، وكل هذا تمهيد للقلوب؛ حتى إذا ما حصل نسخ للقبلة تكون القلوب قد تقبلت هذا الحدث، ولم يبق حجة لأعداء الدين أن يطعنوا وينفذوا من خلال هذه الثغرة، فهذا نوع من الإرهاصات نحو الحدث، وهو الذي ينبه الله أيضاً قبل وقوعه بقوله: (سيقول السفهاء)، فقبل أن يقولوا ينبهنا ويقول: (سيقول السفهاء) ويصفهم بالسفه، وقد كان ذلك بالفعل وقالوا كما أخبر الله تبارك وتعالى، فهذا خبر حصل قبل وقوع الحدث، وفائدته: توطين النفس واستعدادها على ما بعد الحدث.
جواب الله للمشركين بصدد تحويل القبلة
إن الله تعالى يسلح المؤمنين بالحجج التي يهزمون بها أعداء الله من اليهود والمشركين، سيقول لكم السفهاء من الناس: (ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها) فاعلموا الجواب من الآن، وقولوا لهم:
قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [البقرة:142] فإن مفاجأة المكروه على النفس أشق وأشد، والجواب شديد على الخصم الألد، مع ما فيه من دلائل النبوة، لماذا؟ لأنه أخبر عليه الصلاة والسلام عن غيب وقد وقع كما أخبر، فيكون ذلك معجزة.
(قل لله المشرق والمغرب) هذا جواب عن شبهتهم، وتقريره: أن الجهات كلها ملك لله، فهي لله من ناحية الملكية، وحدود الأرض من مشرقها إلى مغربها كل هذا ملك له تبارك وتعالى، فلا يستحق شيء منها لذاته أن يكون قبلة، بل إنما تصير قبلة لأن الله تعالى هو الذي جعلها قبلة، فلا اعتراض عليه بالتحويل من جهة إلى أخرى، وما أمر به فهو الحق.
(يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) هذا فيه تعظيم لأهل الإسلام، وإظهار عناية الله تبارك وتعالى بهم، وتفخيم شأن الكعبة، كما فخمه عند إضافته إليه في قوله تعالى:
وَطَهِّرْ بَيْتِيَ [الحج:26]، فهذه إضافة تفخيم وتشريف وتعظيم للكعبة المشرفة، كذلك هنا قال: (قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) إشارة كما ذكرنا لتعظيم الكعبة وشرفها، وإشارة إلى شدة عناية الله سبحانه وتعالى بهذه الأمة، حيث امتن عليهم بأن هداهم إلى هذا الحكم، وهو استقبال الكعبة المشرفة.
-
تفسير قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ..)
قال تبارك وتعالى:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ [البقرة:143] .
يقول
السيوطي رحمه الله: قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) كذلك كما هديناكم إليه جعلناكم -يا أمة محمد صلى الله عليه وسلم- أمة وسطاً، يعني: خياراً عدولاً، (لتكونوا شهداء على الناس) يوم القيامة أن رسلهم بلغتهم، (ويكون الرسول عليكم شهيداً) ويشهد عليكم الرسول أنه بلغكم.
(وما جعلنا) يعني: ما صيرنا (القبلة) لك الآن الجهة (التي كنت عليها) وهي الكعبة.
إذاً: إعراب (التي كنت عليها) مفعول ثانٍ لـ:(جعلنا)؛ لأن (جعلنا) فعل يتعدى لمفعولين، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجعل الكعبة حين يصلي بينه وبين بيت المقدس، فلما هاجر إلى المدينة أمر أن يستقبل بيت المقدس، فصلى إليه ستة أو سبعة عشر شهراً، ثم حول عنها.
وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ [البقرة:143] إلا لنعلم علم ظهور، (من يتبع الرسول) أي: يصدقه، (ممن ينقلب على عقبيه) أي: يرجع إلى الكفر شكاً في الدين، وظناً أن النبي صلى الله عليه وسلم في حيرة من أمره، وقد ارتد لذلك جماعة.
وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة:143] (إن) مخففة من الثقيلة، واسمها محذوف، أي: وإنها كانت كبيرة، أي: التولية والانصراف إلى الكعبة، (لكبيرة) أي: شاقة على الناس، (إلا على الذين هدى الله) منهم، (وما كان الله ليضيع إيمانكم) أي: صلاتكم إلى بيت المقدس، بل يثيبكم عليها؛ لأن سبب نزولها السؤال عمن مات قبل التحويل؛ لأن الصحابة تساءلوا لما نزل هذا الحكم عن صلاة الذين ماتوا قبل أن تحول القبلة إلى الكعبة، ولم يدروا ما يقولون فيهم، فأنزل الله تعالى: (وما كان الله ليضيع إيمانكم) يعني: صلاتكم إلى بيت المقدس، وهذا الحديث في
البخاري .
(إن الله بالناس) الناس المقصود بهم هنا المؤمنون، (لرءوف رحيم) في عدم إضاعة أعمالهم، والرأفة هي شدة الرحمة، وقدم الأبلغ هو الرءوف على الرحيم مراعاة لرءوس الآي.
حجية العمل بالسنة
قال تبارك وتعالى:
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة:143].
قبل أن نستطرد في شرح هذه الآية، هل في هذه الآية دليل على حجية السنة من القرآن؟
قد نسمع بعض الضالين المنحرفين يقولون: لا حجة إلا في القرآن، ونحن لا نعترف بالسنة! فإذا أردت أن تفحمهم، وتقيم عليهم دليلاً من القرآن نفسه، لو كانوا قرآنيين فعلاً ويحترمون القرآن لالتزموا بهذا الدليل من القرآن، هل هذه الآية تثبت حجية الرسول عليه الصلاة والسلام؟
قوله تعالى: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها) جعلنا، النون تعود على الله سبحانه وتعالى، وهذا يدل على أن القبلة الأولى هل كانت بشرع الله أم بشرع الرسول عليه الصلاة والسلام؟ الرسول إذا شرع فإنما يشرع بإذن الله، لكنها ثبتت بمعنى آخر عن الله سبحانه وتعالى، فالذي أمر باستقبال البيت هو الله، ومن الذي أمر باستقبال بيت المقدس في أول الأمر؟ هل يوجد في القرآن دليل أو أمر يقول للمسلمين: استقبلوا بيت المقدس في الصلاة؟ أين هذا الدليل؟ الدليل على أن المسلمين كان عليهم أن يستقبلوا بيت المقدس في الصلاة لا نجده في القرآن الكريم، وإنما نجده فقط في سنة النبي عليه الصلاة والسلام، ومع ذلك فإن الله سبحانه وتعالى في القرآن الكريم يقول: (وما جعلنا) فمن الذي جعل؟ هو الله، جعله في السنة؛ لأن السنة وحي مثل القرآن، فهذا من أوضح الأدلة الموجودة في القرآن -وما أكثرها- على حجية سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) يعني كما هديناكم إلى قبلة هي أوسط القبل وأفضلها جعلناكم أمة وسطاً، يعني عدولاً خياراً، كما قال تعالى:
كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110] خياراً عدولاً، كقوله تعالى:
قَالَ أَوْسَطُهُمْ [القلم:28] يعني: أعدلهم وأفضلهم، ويقول
زهير :
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم
(لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً) تعليل للجعل المنوه به الذي تمت المنة به عليهم، أي: ما جعلناكم أمة وسطاً إلا لتكونوا شهداء على الناس، ويكون الرسول عليكم شهيداً.
شهادة الرسل على أقوامهم
معنى وسطية الأمة
يقول
القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) المعنى: كما أن الكعبة وسط الأرض ..، وهذا اكتشاف علمي اكتشف حديثاً، وهناك بحوث علمية مؤكدة بأن مكة هي مركز اليابس على سطح الكرة الأرضية، فانظر كيف استنبط
القرطبي هذا المعنى من القرآن، يقول: كما أن الكعبة وسط الأرض كذلك جعلناكم أيها الأمة أمة وسطاً، أي: جعلناكم دون الأنبياء وفوق الأمم. أي: أنتم أقل من الأنبياء وفوق كل أمم الأنبياء، فأنتم خير أمة أخرجت للناس، هذا أحد معاني الوسطية.
والوسط العدل، وأصل هذا أن أحمد الأشياء أوسطها، وأفضل الأشياء الوسط.
وروى
الترمذي عن
أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى: (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً) قال: (
عدلاً)، قال
الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وفي التنزيل الكريم:
قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ لَوْلا تُسَبِّحُونَ [القلم:28] أي: أعدلهم وخيرهم، وقال
زهير :
هم وسط يرضى الأنام بحكمهم إذا نزلت إحدى الليالي بمعظم
وقال آخر:
أنتم أوسط حي علموا بصغير الأمر أو إحدى الكبر
وقال آخر:
لا تذهبن في الأمور فرطاً لا تسألن إن سألت شططاً
وكن من الناس جميعاً وسطاً
ووسط الوادي خير موضع فيه وأكثره كلأً وماءً، ولما كان الوسط مجانباً للغلو والتقصير كان محموداً، أي هذه الأمة أمة وسط، يعني أنها مبرأة من الغلو أو التطرف كما يقولون على المصطلح الشائع الآن، فالتطرف أخذ الأشياء بطرف الأمور:
كانت هي الوسط المحمي فاكتنفت بها الخوادث حتى أصبحت طرفاً
فالأخذ بأطراف الأمور سواء في الإفراط أو التفريط، الغلو أو الجفاء، هو التطرف، وذلك كأن تكون مغالياً في التعامل مع الأمور أو في فهمها، فهذه الأمة مبرأة من هذا الوصف، وكما ذكرنا من قبل مراراً: أن التعريف الوحيد الصحيح للمتطرف: هو كل من عدا المسلم من أهل السنة والجماعة، فكل رجل على غير ملة الإسلام فهو متطرف قطعاً ولا شك في ذلك، فاليهودي والنصراني والمجوسي والمشرك كلهم متطرف، وكل من ليس من أهل السنة والجماعة من المسلمين فهو أيضاً متطرف، فالخارجي متطرف، والمرجئ متطرف، والجبري متطرف، والقدري متطرف وهكذا، في كل قضية هناك طرفان ووسط، فالمعتدل الوحيد في هذا الوجود هو أولاً: المسلم، ثانياً: الذي يكون من أهل السنة والجماعة، وكل من خالفه في عقيدته ومنهجه فهو المتطرف.
شهادة أمة محمد على غيرها من الأمم
هذه الأمة هي أشرف الأمم على الإطلاق
نحن في هذا الزمان لابد أن نعرف مكان هذه الأمة التي ننتسب إليها، وهذا الدين الذي ننتسب إليه، نحن لسنا من سقط المتاع، ولسنا بذيول الأمم، وإنما الموقع الطبيعي لنا أن نكون في قمة البشرية، وأن نكون مهيمنين عليها لقيادتها إلى الخير وإلى ما يرضي الله تبارك وتعالى، فهذه الأمة هي أكمل الأمم على الإطلاق، وإذا تمسكت بالقرآن والسنة فحينئذ تكون أكمل الأمم وأعلى الأمم وأشرف الأمم على الإطلاق، وليس ذلك على أساس اللون ولا العنصر ولا الأجناس ولا الغنى ولا الدنيا؛ ولذلك ذم الله هؤلاء السفهاء الذين يفتنون بالكفار ويغترون بما آتاهم الله سبحانه وتعالى من متاع الدنيا وتقلبهم في البلاد، ولا يمكن أبداً أن يكون تفضيلهم للكفار على أساس دينهم، وإنما تفضيلهم لهم على المسلمين هو على أساس أي شيء من أمور الدنيا، أو عرض من أعراضها: الغنى، المباني، الجمال، الخضرة، التفوق في أمور الدنيا، لكن لا يمكن أبداً أن يكون ذلك تكريم، قارن في أي شيء من أمور الدين وفي أمور الآخرة ستجدهم في أسفل سافلين بل أحط من البهائم والأنعام كما قال تعالى:
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ [الأعراف:179]، ولذلك ندبنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ننظر في الدين إلى من هو فوقنا، وننظر في الدنيا إلى من هو أسفل منا؛ كي لا نزدري نعمة الله علينا، فالذين يفتنون بهؤلاء الكفار يعكسون وصية النبي صلى الله عليه وسلم ويخالفونها، فهم ينظرون إلى من فوقهم في الدنيا، ولا ينظرون لحالهم في الدين!! فانظر لأي وجه من وجوه الافتتان بما عليه الكفار الآن، وماذا يساوي بالنسبة لبعدهم وانسلاخهم عن الدين! فهم كفار مشركون، يعبدون الشركاء والأنداد من دون الله، وانظر في أخلاقهم تجد الفساد والعناد والإجرام والانحراف، انظر إلى أخلاقهم في التعامل مع الأمم تجد الظلم والقهر والإذلال، وانظر لكل شيء من أمور الدين وأمور الآخرة تجدهم صفراً، فهم كالأنعام بل هم أضل من الأنعام، يعيشون للشهوات ويعيشون للدنيا، فالذي يفتن بهم لا يفتن إلا بسبب الدنيا، لكن إذا عظم الدين في قلبه لاحتقرهم ولعاداهم ولأبغضهم كما أرشدنا الله تبارك وتعالى، فنحن المسلمين لسنا من سقط المتاع، نحن أفضل أمة على الإطلاق إذا تمسكنا بالقرآن والسنة، فأكمل الأمم عقولاً وأهداها سبيلاً هي الأمة المحمدية، يقول شيخ الإسلام
ابن تيمية رحمه الله تعالى: (وعند المسلمين من العلوم الإلهية الموروثة عن خاتم المرسلين ما قد ملأ العالم نوراً وهدى) وهذا نلمسه الآن بأيدينا في ظل انحطاط هؤلاء المشركين، وكيف أن أمة المسلمين -على ما فيها من الضعف- أهدى الأمم عقولاً، وأنضجها عقولاً، وأقومها بأمر الله تبارك وتعالى.
من مظاهر وسطية وخيرية هذه الأمة
-
تفسير قول الله عز وجل: (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه..)