إسلام ويب

القواعد لابن اللحام [16]للشيخ : عبد الله بن ناصر السلمي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • عند تعارض الزيادة مع النقصان في المجاز أثناء الكلام فيقدم النقصان لكثرة الحذف عند العرب. وإذا تعارض المجاز مع الإضمار فقال بعض الأصوليين: لا يترجح أحدهما على الآخر إلا بدليل لاحتياجهما إلى قرينة تمنع المخاطب عن فهم الظاهر، وقال بعضهم: المجاز أولى لكثرته. وإطلاق اسم الفاعل باعتبار الحال يكون حقيقة، وقال البعض: يكون إطلاقه مجازاً.

    1.   

    القاعدة السادسة والعشرون: مجاز النقصان أولى من مجاز الزيادة

    الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً،

    اللهم فقهنا في الدين وعلمنا التأويل، اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:

    وقد وصلنا إلى القاعدة السادسة والعشرين، وهي تتحدث عن بعض الأساليب العربية كما مر معنا، وكثير من المسائل لا أثر لها في الأحكام الشرعية؛ لأنه في مسألة هل تثبت اللغة بالقياس أم لا؟ سواء قلنا إن اللغة تثبت في القياس أو لا تثبت فإن مرد الأمثلة التي ذكروها ليس إلى اللغة، فالنباش مثلاً: ليس لأجل أنه شابه السارق أخذ حكمه؛ لأن القضية ليست متعلقة بالقياس إنما متعلقة بالحرز، وكذلك اللائط، فلو كان الرجل إذا أتى امرأة من دبرها يكون في حكم الزنا، لكنه لو أتى ذكراً لا يأخذ حكم الزنا، لا لأن العبرة بوجود فرج، ولكن العبرة قضية بوجود فرج وامرأة، فهذه القياسات لا يؤخذ أحكامها.

    ثم إن الشريعة الإسلامية لا تُناط بالألفاظ؛ لأن العبرة بالمعاني والمقاصد لا بالألفاظ والمباني.

    هذه مقدمة لكي نشرع أيضاً في مقدمة أخرى وهي ما يتعلق بالمجاز وغيرها، وقد مرت معنا، وكل هذه القواعد ربما تكون مصطلحاً يُفعل في العربية، لكن أكثر متداولي اللغة من الناس اليوم لا يقصدون اللفظ العربي بمعناه الحرفي، فإن عباراتهم لها مثل في الحقيقة العُرفية، فإن العامي إذا قال لامرأته: أنتِ كذا وأنتِ طالق، وإن خرجت فكذا، فهو إنما يعرف بلغة العرب أو بلغتهم الدارجة لم يتصور ولم يخطر في خلده المعاني اللغوية التي ربما لم يسمع بها حتى الموت.

    ما يقدم عند تعارض مجاز الزيادة والنقصان

    الملقي: قال المؤلف رحمه الله: [ القاعدة السادسة والعشرون: إذا لم ينتظم الكلام إلا بارتكاب مجاز الزيادة أو النقصان فمجاز النقصان أولى؛ لأن الحذف في كلام العرب أكثر من الزيادة، هكذا ذكر جماعة الأصوليين ].

    الشيخ: الآن المؤلف رحمه الله يقول: إذا لم ينتظم الكلام إلا بارتكاب مجاز، هذا المجاز إما أن نُحمل اللفظ معنى آخر زيادة أو نقصان، فإذا تعارضت الزيادة والنقصان فالمقدم النقصان؛ لأن الحذف في كلام العرب أكثر من الزيادة، إذاً: نحن غلبنا الحذف؛ لأن الحقيقة المتداولة في لغة العرب أكثر في الحذف، إذاً: هذه قاعدة عند العلماء أن الأكثر يُحمل على الأكثر كما لو قال القائل: لا آكل اللحم وكان الأكثر تداولاً أن اللحم هو اللحم الأحمر، فإن هذا وإن خالف العربية لكنه وافق الحقيقة العُرفية.

    مسألة قول الرجل لزوجتيه: إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان

    الملقي: [ إذا تقرر هذا فمن فروع القاعدة:

    إذا قال الزوج لزوجتيه: إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان، ولا شك في استحالة اشتراكهما في الحيضة، وتصحيح الكلام هنا إما بدعوى الزيادة وهو قوله: حيضة، وإما بدعوى الإضمار، وتقديره: إن حاضت كل واحدة منكما حيضة، وفي المسألة لأصحابنا أربعة أوجه ].

    الشيخ: ما المقصود بمجاز النقصان ومجاز الزيادة؟ إن قلنا أن المقدم مجاز النقصان أنقصنا عبارة من كلام القائل، وإن قلنا: العبرة بمجاز الزيادة زدنا لفظة على كلام القائل، هذا هو المقصود، فإذا قال رجل لزوجتيه: إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان، مجاز النقصان أن ننقص لفظة واحدة فنقول: إن حضتما فأنتما طالقتان، هنا المعنى يستقيم، ولا عبرة بوجود واحدة أو اثنتين أو ثلاث؛ لأن مجرد وجود الحيضة الواحدة يصدق عليها قوله: إن حضتما فأنتما طالقتان، فالمؤلف قدم الحذف الذي هو مجاز النقصان، فقال: إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان، ولا شك في استحالة اشتراكهما في حيضة؛ لأنه لا يمكن أن المرأتين تشتركان في حيضة واحدة؛ لأنها الحيضة ليست شيئاً خارجاً عنهما بحيث يمكن أن تشتركان فيها، فدل ذلك على أن المقصود هو وجود الحيض من كل واحدة منهما، فهذا المعنى الكلي أخذناه بحذف كلمة من عبارة القائل، وهو ما يُسمى بمجاز النقصان وهو قول: حيضة.

    قوله: (وإما بدعوى الإضمار)، فالإضمار وجود شيء غير ظاهر، أي مُضمر في عبارة القائل، فقوله: إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان، تقديره: إن حاضت كل واحدة منكما حيضة فهي طالق، هذه العبارة المراد واحد، مجاز النقصان ومجاز الزيادة، لكنه لو قال: إن حضتما حيضتين ظهر الفرق؛ لأن إذا قال إن حضتما حيضتين بمجاز النقصان فنطقها بقوله: إن حضتما فأنتما طالقتان، فبمجرد وقوع الحيض في كل واحدة منهما يقع الطلاق، هذا حكم، وأما لو قال: إن حضتما حيضتين فأنتما طالقتين مجاز الزيادة، إن حاضت كل واحدة منكن حيضتين فأنتما طالقتان، يمكن واحدة تحيض واحدة وتيأس، والثانية تحيض حيضتين فأحدهما طالق والأخرى ليست بطالق.

    إذاً لو قال: إن حضتما حيضتين فأنتما طالقتان، فإنه يظهر الفرق بين مجاز النقصان ومجاز الزيادة أوضح، وإن كان ثمة فرق لكن وجوده بحيضتين أو وجوده بقول: حيضتان، أظهر في الخلاف والافتراق بين مجاز النقصان ومجاز الزيادة.

    مسلك الحنابلة في مسألة إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان

    الملقي: [ وفي المسألة لأصحابنا أربعة أوجه:

    أحدها: سلوك الزيادة ويصير التقدير: إن حضتما فأنتما طالقتان، فإذا طعنتا في الحيض طلقتا، وهذا قول القاضي أبي يعلى.

    والثاني: سلوك النقص وهو الإضمار فلا تطلق واحدة منهما حتى تحيض كل واحدة منهما حيضة واحدة، ويكون التقدير: إن حاضت كل واحدة منكما حيضة واحدة فأنتما طالقتان ].

    الشيخ: عبارة المؤلف زائدة فنحتاج إلى مجاز النقصان، وسلوك الزيادة يعني أن القائل سلك الزيادة فمجاز النقصان أن ننقص اللفظة، وسلوك النقصان أن القائل أنقص العبارة فكان من مجاز الزيادة أن نزيد اللفظ المضمر.

    الملقي: [ ويكون التقدير إن حاضت كل واحدة منكما حيضة واحدة فأنتما طالقتان، نظيره قوله تعالى: فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً [النور:4]، أي: اجلدوا كل واحد منهم ثمانين جلدة، وهذا اختيار صاحب المغني وهو موافق للقاعدة.

    والثالث: تطلقان بحيضة من إحداهما؛ لأنه لما تعذر وجود الفعل منهما وجبت إضافته إلى إحداهما كقوله تعالى: يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ [الرحمن:22]، وإنما يخرج من أحدهما ].

    الشيخ: الآن القول الثالث يقول: مجرد وقوع طعنة الحيض في كل واحدة منهما يقع الطلاق عليهما جميعاً، وأن المقصود بالحيض هو وجوده فكأنه علق طلاق الزوجتين على وجود أول الحيض من إحداهما، فكأنه علق طلاق الزوجتين بوجود الحيض في أول واحدة منهما، وهذا فيه بعد.

    الملقي: [ والرابع: لا تطلقان بحال بناء على أنه لا يقع الطلاق المعلق على المستحيل، والله أعلم ].

    الشيخ: المستحيل هو الاشتراك في الحيضة الواحدة وهذا لا يمكن وقوعه، هذا المقصود.

    لكن ابن قدامة عندما قال: إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان، عبارة القائل لا بد أن يكون لها معنى، فقولنا: إن كان يحتمل المعنيين، فإننا نقول: ماذا تقصد؟ لأن وقوع الطلاق حاصل صريح، وقصده بعبارتيه كناية، وقوع لفظ الطلاق حاصل وقصده هل هو بالحذف أو الإضمار كناية، والقاعدة أنه لا بد فيه من نية، فقوله: (إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان)، فهذا يدل على وقوع الطلاق، لكن تعليقه كناية، يعني: ليس صريحاً، هل هو تعليق أم لا؟ فيُسأل ماذا تقصد؟

    فإن قال: أنا لم أقصد شيئاً، قلنا: العبارة ركيكة، فهل نُغلب جانب وقوع الطلاق أو نغلب عدم وقوع الطلاق، إن قلنا أنها كناية فالأصل وقوع أصل الطلاق، فلا يمكن أن يكون الصريح ملغماً بالكناية، يعني: لا نذهب نفسر الكناية بمعنى يُخالف الصريح فلا تقع أي واحدة منهما مخالفة؛ لأن قصد الطلاق حصل، فلا يمكن تغليب الكناية على الصريح الذي هو الطلاق، فحينئذٍ إن كان قد نوى معنى من المعاني حملناه بناء على الكناية، يُنظر إلى كنايته، وإن لم يكن قد نوى فإننا نأخذ بالأعم الأغلب في اللغة الدارجة عندهم، فالغالب في قوله: (إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان) أنه يقصد مجاز النقصان، وهو وإن لم يفهم ما معنى مجاز النقصان أو مجاز الزيادة لكن نحن قلنا بها؛ لأن الغالب أن الذي يقول: (إن حضتما حيضة) يعني: إن حاضت كل واحدة منكما حيضة، هذا هو المراد، وهذه التي جعلت الإمام ابن قدامة يقول به، وهذا من الفقه، فإن قول القائل: (إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان) إنما قصد إن حاضت كل واحدة منكما حيضة.

    وأقول: إن ترجيحنا هنا ربما لا يلزم منه أن يكون من باب الأخذ بقول مجاز الزيادة، ولكنه من باب الأخذ بعرف القائل، فإن القائل إنما قال هذا؛ لأنه إنما أراد إن حاضت كل واحدة منكما حيضة؛ لأنه المقصود بالمخاطب فهو خاطب زوجتيه، فهذا الأقرب والله أعلم.

    فإن قيل: إن هذا من باب مقابلة الجمع بالجمع إن حضتما حيضة فأنتما طالقتان، طالقتان جمع وحضتما جمع، والجمع يقتضي القسمة فهذا ليس ببعيد بل قريب منها.

    1.   

    القاعدة السابعة والعشرون: عند تعارض المجاز والإضمار يكون اللفظ مجملاً

    الملقي: قال رحمه الله: [ القاعدة السابعة والعشرون: إذا تعارض المجاز والإضمار. قال صاحب المحصول فيه وفي المنتخب: هما سواء، فيكون اللفظ مجملاً حتى لا يترجح أحدهما على الآخر إلا بدليل؛ لاشتراكهما في الاحتياج إلى القرينة وفي احتمال خفائهما، وذلك لأن كلاً منهما يحتاج إلى قرينة تمنع المخاطب عن فهم الظاهر ].

    الشيخ: هذا الكلام لا يمكن أن يقال في حق النبي صلى الله عليه وسلم، هذا الكلام إذا تعارض المجاز والإضمار قال صاحب المحصول: (هما سواء فيكون اللفظ مجملاً)،؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما يتلفظ بقول يقصد به الإجمال فإنما أعطي جوامع الكلم، لا بد أن يكون له معنى، فلا يكون مجملاً.

    وإن قال قائل: هو ليس مجملاً في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنه مجمل في حق السامع وفي حق المجتهد. واضح الآن الإيراد، فنقول: أولاً: لا يمكن أن يقال إن هذا يمكن تطبيقه في حق النبي صلى الله عليه وسلم، فإن قال قائل: هو مجمل في حق المجتهد أو المستمع، ولكنه ليس مجملاً في نفس الأمر من قول النبي صلى الله عليه وسلم، قلنا: فإن النبي صلى الله عليه وسلم مات وقد بلغ أمته البلاغ المبين، فيبعد أن يكون اللفظ الواحد الذي أطلقه النبي صلى الله عليه وسلم ومات عليه يكون قد أشكل على السامع، يعني: لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يقصد بالبيان التشكيك أو عدم الوضوح بل قد أُعطي جوامع الكلم. وهذه القاعدة أنا دائماً مطمئن فيها أن كثيراً من كلام علماء الأصول يقررون قواعد، وكأن النبي صلى الله عليه وسلم حينما يخاطب الصحابي أو يخاطب الأمة يمتحنهم في علمهم، وحاشا محمداً صلى الله عليه وسلم أن يكون كذلك بل كان النبي صلى الله عليه وسلم حينما يقول الكلام يعرف أنه قد أوصل المقصود، وهذا بيانه مهم جداً، مثلما قالوا: إن قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن حزم : (لا يمس القرآن إلا طاهر)، قالوا: هذا لفظ مجمل، فهل يمكن أن يكون مجملاً؟ أنا أقول: لا يمكن أن يكون مجملاً لا في حق القائل ولا في حق المخاطب السامع؛ لأنه حينما كتب الكتاب فإنه بين، ولو كان المخاطب يراه مجملاً لما ساغ له أن يسكت، فالصحابي فهم من عبارة النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً ولو كان هذا الفهم محتملاً بينه الرسول صلى الله عليه وسلم له؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، فهذا مهم جداً معرفته أن اللفظ المجمل في كلام بعض علماء الأصول فيه غموض يحتاج إلى وضوح، والله أعلم.

    الملقي: [ وجزم أبو المعالي بأن المجاز أولى لكثرته لكنه ذكر بعد ذلك في تعليل المسألة العاشرة أنهما سواء.

    إذا تقرر هذا فمن فروع القاعدة ].

    الشيخ: نحن دائماً نقول: إن قوله إذا قال لعبده غيره، هذا ليس داخلاً في أصول الفقه، أو لا؟ مر معنا كثيراً، ليس هذا من موضوع أصول الفقه.

    الملقي: [ إذا قال لعبده الذي هو أكبر منه: أنت ابني، فهل نعتقه عليه ظاهراً؛ لأنه يحتمل أن يكون قد عبر بالبنوة عن العتق فيحكم بعتقه، ويحتمل أن يكون فيه إضمار تقديره: مثل ابني في الحنو، وفي غيره فلا يعتق، وللأصحاب في المسألة خلاف ].

    الشيخ: هذا هو الصحيح، أنت ابني، يعني: أشفق عليك مثل ابني، وأقدرك مثل تقدير ابني.

    الملقي: [ وللأصحاب في المسألة خلاف، ولا رواية فيها عن الإمام أحمد رحمه الله تعالى، قاله أبو الخطاب ، والذي ذكره القاضي وأصحابه أنه لا يعتق، وأبدى أبو الخطاب احتمالاً بالعتق، وتبعه عليه صاحب المغني والمحرر ].

    الشيخ: صاحب المغني رحمه الله إنما قال ذلك لأجل تشوف الشارع للعتق ليس إلا، ومعنى ليس إلا أي ليس داخلاً في القاعدة، فلو كان المثال في غير العتق لربما لا يحتمله كلام صاحب المغني.

    الملقي: [ وعلى الأول إن أمكن أن يكون ابنه لكن له نسب معروف فهل يعتق عليه بذلك؟ في المسألة وجهان؛ عدم العتق ذكره أبو الخطاب رحمه الله في انتصاره احتمالاً، والعتق ذكره القاضي في خلافه وابنه أبو الحسين و الآمدي، وهذا الكلام جميعه مع إطلاق اللفظ.

    أما إن نوى بهذه اللفظة الحرية فينبغي عتقه بهذه النية مع هذا اللفظ، قاله شيخنا أبو الفرج في تعليقه على المحرر.

    قال: ثم رأيت أبا حكيم وجه القول بالعتق، قال: لجواز كونه كناية في العتق كما لو قال لامرأته: أنت أمي أو أختي يريد به الظهار، وكذلك إذا أراد بقوله: أنت ابني لابن مثله في الحرية، والله أعلم ].

    الشيخ: يعني العتق يسري مثل الطلاق، فيه الكناية وفيه التصريح، فإذا قال له: أنت ابني وهو أصغر منه، يعني: السيد أصغر منه، فإنه يحتمل العتق إذا نواه.

    وإذا قال: أنت أمي، فإن كان نوى الظهار صار ظهاراً، فكذلك هنا إن كان نوى العتق صار عتقاً.

    وهذا ليس فيه إضمار، يعني: ما معنى إضمار؟ الإضمار أنتِ أمي يعني: كظهر أمي، وأنت ابني يعني: بمنزلة ابني، أو كناية على العتق، هذا هو القصد.

    الملقي: [ وأما إذا قال لزوجته وهي أكبر منه: هذه ابنتي فإنها لا تطلق بذلك، ولم أر في ذلك خلافاً ].

    الشيخ: انظر الآن لما لم تسر اللغة لم يصل الإجمال؛ لأن الذي قال ذلك مثلما قلنا الراجح كما قال ابن قدامة : ليس لأجل أن العتق فيه الإضمار أو فيه الإجمال؛ ولكن لأن الشارع يتشوف إلى وجود العتق، فلما كان هذا المثال في غير مثل الزواج لم ير خلافاً في المذهب، وهذا يدل على أن هذه القاعدة لا علاقة لها باللغة ألبتة.

    الملقي: [ وفرق على قول بينها وبين مسألة العبد أن الزوج لا يملك إنشاء التحريم؛ فلذلك لم يفرق بينهما، وفي مسألة العتق يملك إنشاء العتق فيعتق عليه.

    وهذا الفرق فيه نظر؛ فإن قولهم: يملك إنشاء العتق صحيح لكنه لم ينشئ هنا عتقاً فلا يعتق عليه، ثم إنه يمكنه تحريم الزوجة بالظهار، فهلا كان ذلك ظهاراً؟ ولكنه إنشاء الطلاق المحرم ].

    الشيخ: صحيح، يعني: قولهم: إنه لم ير خلافاً لأجل أن هذا يُنشئ له إنشاء العتق بخلاف ما يُنشئ التحريم، يعني: ليس أنت من تحرم على نفسك بل الله الذي يُحرم، المؤلف يقول -وهذا محل نظر-: فإنه وإن كان يملك إنشاء العتق لكنه لم ينشئ، هذا لفظ ليس فيه لفظ عتق أصلاً، لماذا تحملونه ما لا يحتمل؟ ولهذا قال: (لكنه لم يُنشئ هنا عتقاً)، يعني: إن قال أنت ابني، فإنه ليس فيه إنشاء عتق، فلماذا يُحمل العتق؟

    الملقي: [ وبنى الطوفي هذه المسألة على قاعدة أخرى وهى أنه هل يشترط لأعمال المجاز حقيقة أم لا؟ فيشترط عندنا وهو قول الشافعية فلا يعتق، وعند أبي حنيفة لا يشترط فيعتق ].

    الشيخ: نقف عند هذا، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756365190