إسلام ويب

في الخلطة والعزلةللشيخ : صالح بن حميد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • لقد شرع الإسلام الصلاة في جماعة ليجتمع المسلمون بعضهم ببعض، فتحصل بذلك الخلطة النافعة حيث يكون فيها التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغيرها من الفوائد التي هي نتيجة للخلطة، وليس معنى ذلك ترك العزلة، فلابد للمرء من وقت يختلي فيه بنفسه فيحاسبها، كما قال عمر رضي الله عنه: خذوا حظكم من العزلة.

    1.   

    الحث على الخلطة النافعة

    الحمد الله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاً، فصَّل وبيَّن وأوضح الصراط المستقيم، ونصب عليه براهين وحججاً، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله لا شريك له، جعل من كل همٍ فرجاً، ومن كل ضيقٍ مخرجاً، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، وضع برسالته آصاراً وأغلالاً، ورفع مشقة وحرجاً، اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه، أعدل الأنام طريقة، وأقومهم منهجاً، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله رحمكم الله وعظموا أمره وحرماته، والزموا الإخلاص في الطاعة، وتمسكوا بطريق أهل السنة والجماعة ، وحافظوا على الجمع والجماعة، تفوزوا بأربح بضاعة، وإن امرأً تنقضي بالجهالة ساعاته، وتذهب بالتقصير أوقاته، لخليقٌ أن تجري دموعه وحقيقٌ أن يقل في الدجى هجوعه.

    أيها المسلمون: جرت سنة الله عز وجل في خلقه أن لا يقوم لهم معاش ولا تستقيم لهم الحياة إلا بالاجتماع والتآلف، والإسلام وهو دين الفطرة أرشد إلى التعارف من أجل التآلف: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ [الحجرات:13] .

    إن نزعة التعرف إلى الناس، والاختلاط بهم، نزعة أصيلة في التوجيهات الإسلامية بالعيش مع الجماعة والانتظام وحسن العلاقة؛ فتستقر النفوس، وتصح العلوم، وتنتشر المعارف، وتبلغ المدينة الفاضلة أشدها، فيعبد الله على بصيرة، وتتضح معالم الدين، ويسود المعروف ويقل المنكر.

    إن إيثار الإسلام للاجتماع يظهر في كثيرٍ من أحكامه وآدابه، وإن العبادات -وهي من أشرف المطلوبات- ليست انقطاعاً في بيت أو تعبداً في صومعة، فلماذا شرعت الجماعات في الصلوات؟ ولمن فرضت الجمعات؟ وما الحكمة في العيدين والاستسقاء والكسوف والجنائز؟ ثم إجابة الدعوات في الولائم والمناسبات، والاجتماع في أوقات السرور والمباهج، وفي أوقات الشدائد والمكاره، وفي الأعياد والتعازي، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، إن ذلك كله لا يتحقق على وجهه إن لم تتوثق في الأمة العلاقات، وتحفظ حقوق الأخوة والجماعة.

    إن أهل الإسلام إذا كثر عددهم، واجتمع شملهم، كان أمرهم أزكى وعملهم أتقى، جاء في الحديث: (صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وكلما كثر كان أحب إلى الله ) أخرجه ابن ماجة وابن حبان وغيرهما، وصححه غير واحدٍ من أهل العلم.

    ومن الذي لا يرغب في تكثير سواد المسلمين، ورؤيتهم جموعاً متراصة لا فرادى متقطعين؟!

    يقال هذا -أيها الإخوة- والمراقب يلحظ أن في بعض الناس وبخاصة بعض المنتسبين إلى العلم والفضل والصلاح عزوفاً عن الاجتماع والخلطة، وميلاً إلى الانفراد والعزلة، وقد يظهر منهم نحو إخوانهم جفاء ونفرة.

    فكيف تتحقق الأخوة الإيمانية في غير الاجتماع والله يقول: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10]؟

    وكيف تتحقق الشورى إذا اعتزل المسلم الجماعة والله يقول: وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ [الشورى:38]؟

    وحينما يدعو العبد من عباد الرحمن وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً [الفرقان:74] متى يكون المنعزل عن إخوانه مثلاً إماماً في الدعوة والهداية، يشهد الناس سيرته، ويتأسون بالحميد من فعاله، ويقتدون بالحسن من لحظه ولفظه.

    أيها الإخوة في الله: من أجل المحافظة على الجماعة شرعت في الإسلام أحكامٌ وآداب، فشرع إلقاء السلام وإفشاؤه، وجعل رده واجباً، وشرعت المصافحة والتبسم وطلاقة الوجه، وأُمر بإظهار المحبة والتودد، وندب المؤمنون إلى تبادل الهدايا والإحسان لذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل، وحُرم عليهم أسباب النزاع وجالبات العداوة والبغضاء، ومقتضيات التقاطع والتدابر من الخمر والميسر، والغش في المعاملات، والهجر في القول، والخصومات الفاجرة.

    إن معظم خصال الشرف ومحاسن الأخلاق لا تكون إلا لصاحب الخلطة وحسن العشرة، كيف يكون السخاء لمن لم يمد يده شفقة وإحساناً؟

    وكيف يقع الإحسان موقعه إن لم يسبق ذلك معرفة بأحوال الناس؟

    وهل يظهر الحلم والأناة إلا حين يقابل به صاحبه أصحاب الألسن الحداد والقلوب الغلاظ، في العيش مع الناس؟

    يقول أهل الحق للمبطلين في موعظة وحكمة: الصواب في غير ما نطقتم، والحق في غير ما رأيتم، والخير في غير ما سلكتم.

    فكيف يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة، والجهاد، والإصلاح، من أجل أن تكون أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير أمة أخرجت للناس، ومن ثم فإنك ترى الأخيار من أهل العلم والفضل يغشون المجامع ويحضرون المنتديات، فيقولون طيباً، ويعملون صالحاً، وفي الحديث: (المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم ) ويقول ابن مسعود رضي الله عنه: [[خالط الناس ودينك لا تقلمنه ]].

    أيها الأحبة: قد يتذرع بعض الأخيار بفساد الزمان، وكثرة سبل الضلال، ونشاط دعاة السوء، أما علموا وفقهم الله أن العزلة تزيد صولات الضلال، وتتسع بها ظلمات المجتمع، فلماذا لا يكون التوجه في مقاومة أصحاب الضلالات وذوي الأهواء؟

    ومن وضع يده مع الجماعة وشد أزر إخوانه فقد قام بنصيبه من الخير، وإذا اعتذر فضلاء آخرون بالرغبة في العزلة من أجل قضاء الوقت في العبادة والنظر في حظوظ النفس من الخير؛ فليعلموا -رعاهم الله- أن حضور مجالس العلم إفادة واستفادة هي من العبادة، وعيادة المريض عبادة، والقيام بحقوق الإخوان عبادة، وإرشاد الناس عبادة، ومد يد العون والمساعدة لتقوى الشوكة، ويتحقق المزيد من الألفة والقوة كل ذلك عبادة.

    ولئن كان في العزلة تخلصٌ من الوقوع في الأعراض، والسعي في النميمة والغيبة، والتنابز بالألقاب، وفساد الطبع في الأخلاق الرديئة، فإن في مخالطة الصالحين ما يزجر عن هذه المعايب، ويبصر بتلك المثالب، وإن لم تجدِ النصيحة في موقع فإنها مجدية في موقعٍ آخر، وإن لم ينفع التوجيه في وقتٍ فإنه نافعٌ في وقتٍ آخر، والمهمة بالبلاغ والهداية بيد الله، ولكن ليبلو بعضكم ببعض، وإن ما ينقل من الرغبة في العزلة عن بعض من سلف فإنما هي أحوالٌ خاصة، تعرض لمن تعرض له فتجعل الاعتزال عنده أرجح، ولا يمكن أن تكون العزلة مذهباً يسع الناس كلهم.

    الجمع بين الخلطة والعزلة

    حينما يكون الحث على الجماعة والاجتماع فليس المقصود من ذلك صرف جميع الأوقات في التردد على البيوت، وغشيان جميع المجالس، فالحق أن كل إنسانٍ محتاج لأوقات يخلو فيها بنفسه ليقوم بواجبٍ خاص، أو يتقرب بنافلة، أو يقضي مصلحة، وفي مثل هذا يقول عمر رضي الله عنه: [[خذوا حظكم من العزلة ]]، فالمسلك العدل، والمنهج الوسط في تقسيم المسلم وقته بين خلطة حسنة، وخلوة نافعة، ليخرج من الحالين بما يصلح به الشأن كله.

    وفي الخلطة يتخير المؤمن إخواناً يصطفيهم لنفسه، يعيش في أكنافهم من أهل الصدق والصلاح والوفاء، فإنهم زينة في الرخاء، وعدة في البلاء، وقد قيل في الحكمة: مِن أعجز الناس مَن قصر عن طلب الإخوان، وأعجز منه من ظفر بذلك منهم فأضاع مودتهم، وإنما يحسن الاختيار لغيره من أحسن الاختيار لنفسه.

    ويقول علي رضي الله عنه: [[شرط الصحبة: إقالة العثرة، ومسامحة العشرة، والمواساة في العسرة ]]

    وعلى الإخوة في علاقاتهم: الابتعاد عن التكلف، وتجنب التصنع الثقيل، فإشاعة اليسر في المسالك، والبعد عن المواقف الحرجة والمداهنات البغيضة مما يوثق العرى، ويجلب المودة يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ * وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان:18-19].

    نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    من آداب الإسلام في الصداقة والخلطة

    الحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأكبره تكبيراً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله، بعثه بالحق بشيراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.

    أما بعد:

    أيها الإخوة: إن من أدب الإسلام في التعارف وحسن العشرة: أن يكون التواصل على وضوحٍ وبينة، حيث لا مانع أن يذكر الأخ لأخيه ما يكنه له من محبة وتقدير، وفي الحديث: (إذا أحب أحدكم أخاه فليخبره أنه يحبه ) أخرجه أحمد والترمذي وإسناده حسن.

    وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رجلٌ عند النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فمر رجلٌ فقال: يا رسول الله! إني أحب هذا، قال: أعلمته؟ قال: لا، قال: فأعلمه، فلحقه فقال: إني أحبك في الله، فقال: أحبك الله الذي أحببتني له ) أخرجه أحمد وابن حبان والحاكم وصححه ووافقه الذهبي .

    ومن سنن الصداقة: التزاور الخالي من الأغراض، ففي الخبر عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (أن رجلاً زار أخاً له في قرية، فأرصد الله على مدرجته ملكاً فلما أتى عليه قال: أين تريد؟ قال: أريد أخاً لي في هذه القرية، قال: هل له عليك من نعمة تردها؟ قال: لا، غير أني أحبه في الله تعالى، قال: فإني رسول الله إليك بأن الله قد أحبك كما أحببته فيه ) أخرجه مسلم ، وفي خبر آخر: (من عاد مريضاً، أو زار أخاً له في الله، نادى منادٍ أن طبت وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منزلاً ) أخرجه الترمذي وقال: حديثٌ حسن.

    فاتقوا الله رحمكم الله، وأصلحوا ذات بينكم، واحفظوا حقوق إخوانكم، واحرصوا على الجماعة والألفة، ولا تتجشموا التكلف، وأخلصوا في الود، واحفظوا العهد، فلقد قال الفضيل رحمه الله: إنما تقاطع الناس بالتكلف؛ يزور أحدهم أخاه فيتكلف له فيقطعه ذلك عنه.

    واحفظوا كلمة الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين قال: [[لا تظن بكلمة خرجت من مسلم شراً وأنت تجد لها في الخير محملاً ]].

    هذا وصلوا وسلموا على خير البرية نبيكم محمد رسول الله فقد أمركم بذلك ربكم فقال عز من قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56].

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي ، وعن سائر الصحابة والتابعين، ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وجودك يا أكرم الأكرمين.

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحم حوزة الدين، واخذل الطغاة والملاحدة وكل أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم أيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى، وارزقه البطانة الصالحة، اللهم أعز به دينك، وأعلِ بهم كلمتك، واجمع به كلمة المسلمين يا رب العالمين!

    اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين!

    اللهم وأبرم لأمة الإسلام أمر رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.

    اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك لإعلاء كلمتك وإعزاز دينك، اللهم انصرهم في فلسطين وفي كل مكان يا رب العالمين، اللهم سدد سهامهم وآراءهم، واجمع كلمتهم، واجعل الدائرة على أعدائهم يا قوي يا عزيز!

    اللهم إن هؤلاء اليهود الصهاينة المحتلين الغاصبين قد طغوا وبغوا، وآذوا وأفسدوا، اللهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك، اللهم أنزل بهم بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه واجعل تدبيره تدميره يا رب العالمين!

    اللهم ارحم موتى المسلمين، واشف مرضاهم، وفك أسراهم، وأصلح لهم شأنهم كله يا رب العالمين!

    رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ.

    فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755961913