إسلام ويب

الصائمون وتهذيب السلوكللشيخ : صالح بن حميد

  •  التفريغ النصي الكامل
  • نزول القرآن هو إذن من الخالق بهداية المخلوقين، بعد رحلة مريرة في أرجاء الظلام الحالك والضلال المريب، فكان شهر رمضان فاتحة لهداية الإنسان، وهو شهر لا يخفى أثره في حياة الأمة وتهذيب أخلاق المسلمين، وقد بينت هذه الخطبة بعض آداب الصائم وبعض المخالفات التي قد يقع فيها، بالإضافة إلى بيان موجز لبعض الطاعات التي ينبغي استغلال دقائق رمضان وساعاته الذهبية فيها.

    1.   

    رمضان شهر الصيام والقرآن

    الحمد لله، الحمد لله مصرف الأمور بأمره، ومعز الدين بنصره، ومذل الكفر بقهره، أحمده سبحانه وأشكره، أظهر دينه على الدين كله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة مَن طهر بالتوحيد قلبه، وأرضى بحسن العبادة ربه، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، جاء بالصدق، وتأيد بالحق، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة الأطهار، وأصحابه الأئمة الأخيار، والتابعين ومن تبعهم بإحسان ما تعاقب الليل والنهار.

    أما بعــد:

    فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فاتقوا الله -رحمكم الله- وتقربوا إليه بطاعته وحسن عبادته، تعرفوا إليه في الرخاء يعرفكم في الشدة، توددوا إليه بذكره وشكره، والتحدث بنعمه، والإحسان إلى خلقه، فهو سبحانه معكم أين ما كنتم، من حاسب نفسه وألزمها طاعة ربه وجد ذلك عند الله مُدَّخراً، ومن ضيع وأهمل فسوف يجده محضراً: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ [آل عمران:30] .

    أيها المسلمون! شهر رمضان المبارك شهر أمة محمدٍ صلى الله عليه وسلم، تنزل عليها فيه كتابها: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185] شهر حقق الله لها فيه كثيراً من انتصاراتها: وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [آل عمران:123] شهر فتح الله فيه مكة البلد الحرام، فقطع دابر الوثنية ، وقوَّض بُنيانها: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً [الإسراء:81] شهر رمضان شهر جهادٍ وجلاد، وجدٍّ واجتهاد، عبادةٌ ومجاهدة، يعيشه المسلمون في حركةٍ مستمرة، ليس شهر رهبانية ولا بطالة، شهر صيامٍ وقيام، وذكر وشكر، ودعاء وتبتل.

    المسلمون بالصيام والقيام لا يعرفون الكسل ولا الملل، ولا يرضَون أن يعيشوا في ذيل القافلة، ولا في مؤخرة الركب، فربهم سبحانه يحب معالي الأمور ويكره سفاسفها.

    أثر القرآن في حياة هذه الأمة

    المسلمون هم أهل القرآن، والقرآن روحٌ من أمر الله، يُحيي رميم الأمم والهمم، ونورٌ يهدي إلى السبيل الأقوم: وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الشورى:52] .

    لقد قاد القرآن العزيز خُطَى هذه الأمة فجعلها خير أُمةٍ أخرجت إلى الناس، وجعلها الشاهدة على الأمم، والأمينة على القيم، فاستنقذت البشرية بإذن ربها من الظُلَم: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً [البقرة:143]، كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110] .

    ولا يزال هذا الكتاب غضاً طرياً كما نَزَل، ولا يزال قادراً على تجديد شأن الأمة في أفرادها وجماعتها، يبعث فيها روح الحياة كلما خبت جذوتُها، أو ضعفت همَّتها.

    ورمضان المعظم مطلع فجر الرسالة التي حررت الإنسانية من رق العبودية لغير الله.

    في رمضان تنزل القرآن، فتقشع بنور الوحي ظلام الجهل، وقضى نهج الهدى على مسالك الضلال.

    والارتباط بين شهر رمضان وتنزل القرآن شيءٌ عجيب!

    فضل الصيام وآدابه

    إنَّ في النفوس نوازع شهوةٍ وهوى، وفي الصدور دوافع غضبٍ وانتقام، وفي دروب العمر خطوباً ومشاق، والصوم شهر الصبر والمصابرة، والقرآن شفاءٌ لما في الصدور.

    الصوم ترويضٌ للغرائز، وضبطٌ لما في النفس من نوازع، الموفَّقون هم الذين يتجاوزون الصعاب، ويأخذون بالعزائم، ويفطِمون نفوسهم عن كثيرٍ من الرغائب، والطريق إلى المجد العالي لا يكون إلا بركوب المصاعب.

    في الصوم تربيةٌ للإرادة الإنسانية، وبناءٌ لقوتها في الخير ومسالكه، وصرفٌ لها عن الشر ونوازعه، إرادةٌ تُهَذَّب بها الغرائز، وقوةٌ ينبثق عنها خلق المراقبة والمحاسبة؛ إن قوة الإرادة وصدق المحاسبة ينبت في النفس خُلُقاً يُمسك بزمامها عن الاستسلام للشهوات العابرة، والرغبات الجامحة، والأهواء الدنيئة، والإنسان لا يكون سوياً ما لم يملك إرادةً تضبط سلوكه، فتجعله صارماً يقظاً.

    ومن أجل هذا فإن الصائم يجوع وهو على الطعام قادر، ويدع الماء وهو إلى الشراب محتاج، ولا رقيب عليه إلا الله، بل لا يخاف ولا يرجو إلا الله، يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجل الله.

    في الصيام الحق الألسنة صائمة عن الرفث والجهل والصخب، والآذان معرضة عن السماع المحرم، والأعين مصونة عن النظر المحظور، القلوب كافة لا تعزم على إثمٍ أو خطيئة، في النهار عملٌ وحركة، وفي الليل تهجدٌ وتلاوة، يُصاحب ذلك إيقاظ لمشاعر الرحمة، ودُرْبَة على المصابرة، وطاعة لله رب العالمين.

    وفي المقابل! فإن ضعيف الإرادة وقليل المحاسبة يقع أسير شهواته، وعبد مشتهياته، لا تنتهي مطامعه، ولا تنقضي مطالبه، يجرُّه الشيطان إلى كل منحدر، وتهيم به النفس الأمارة بالسوء في كل وادٍ، ويتمزق كل مُمَزَّق، يتردى في التهلكة، ويعيش في دروب الشقاء إن لم تتداركه رحمة الله: {تعس عبد الدينار! تعس عبد الدرهم! تعس عبد الخميلة! تعس عبد القطيفة }.

    أيها الإخوة! إن الصيام جُنَّة، وغاية الصيام عند الصائمين أن تصوم الجوارح كلها، لم يكن الصيام -يا أصحاب الإرادات- منعاً من المفطرات الحسية من الطعام والشراب والشهوة، ولكنه إلى جانب ذلك كفٌ عن مساوئ الأخلاق، وترفعٌ عن سفاسف الأمور: {الصيام جُنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أو قاتله فليقل: إني صائم، إني صائم }.

    كيف يكون صيام المغتاب والنمام؟!

    أم كيف يتم صيامٌ عند شاهد الزور! وآكل أموال الناس بالباطل؟!

    ومَن لم يكف عن هذه القبائح وأضرابها فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه.

    وكيف يكون الصيام عند من يزيدهم الصيام ضيقاً في الصدور، وطيشاً في السلوك، وغضباً في التعامل، وما هذبت له العبادة عادة؟!

    1.   

    جماع مخالفات الصائمين

    أيها الصائمون والصائمات! ومن أجل مزيدٍ من الإيضاح، وفي مزيدٍ من النظر والتأمل ذكر أهل العلم أن جِماع المخالفات ومواطن ضعف الإرادات يتأكد في أمورٍ أربعة:

    1- فضول الكلام.

    2- وفضول النظر.

    3- وفضول المخالطة.

    4- وفضول الطعام.

    وحظ الصائم من صيامه بمقدار ضبطه في ذلك وانضباطه.

    فضول الكلام

    أما الكلام: فميزانه التوجيه النبوي الكريم:

    {مَن كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليقل خيراً أو ليصمت } .

    و{مَن ضمن ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنتُ له الجنة } .

    و{إن الرجل ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها، يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب } .

    ولقد قال بعض السلف : "ما عقل دينه من لم يحفظ لسانه".

    ومعلوم أن الكذب، والغيبة، والنميمة، والنفاق، والفحش، والمراء، وتزكية النفس، والخوض في اللغو، والكلام فيما لا يعني، والتحريف في القول، كله من طريق اللسان، ومن علامة إعراض الله عن العبد أن يُشْغِلَه فيما لا يعنيه.

    ومن أجل هذا كان السلف إذا صاموا جلسوا في المساجد، يقولون: نحفظ صيامنا.

    فضول النظر

    أما فضول النظر: فإنه يُوقع في غفلة، واتباع الهوى، ويورث حسرة وحُرقة، ويُذهب نور البصيرة، ويجلب الذل والمهانة، بل إنه يوجب استحكام الغفلة عن الله والدار الآخرة، حتى قيل في قوم لوط: لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ [الحجر:72] .

    فحق على المؤمنين والمؤمنات، والصائمين والصائمات أن يغضوا أبصارهم، ويحفظوا فروجهم، ذلك أزكى لهم، ناهيكم -عباد الله- بمن ابتُلِي بالساقط من الفضائيات والقنوات، وشبكات المعلومات.

    فضول الخلطة

    أما فضول الخلطة: فلا تكون السلامة منها إلا باجتناب من إذا تكلم لا يفيد، وإذا تكلمت إليه لا يُحسن الإنصات، كلامه ثقيل لا تطيقه الصدور، وإن سكت فأثقل من الرحى لا يُطاق حمله، ولا يُستطاع دفعه، لا يعرف نفسه فيضعها في منزلتها، ولا يعرف غيره فيلزم أدبه، والخلطاء عند الحكماء ثلاثة:

    1- مَن خُلطته كالغذاء: لا يستغنى عنهم، وهم العلماء العاملون، والصالحون الناصحون.

    2- وخلطاء كالدواء: يخالَطون عند الحاجة في أمور المعاش والمشاركات، وأنواع المعاملات المباحات.

    3- وأما الثالث: فداءٌ سُقام: والداء درجات! منه ما هو عضال قتَّال، ومنه ما هو دون ذلك.

    فضول الطعام

    أما فضول الطعام: فالقائد إليه شهوة البطن، وما أخرج الأبوَين من الجنة إلا الرغبة في الأكل من الشجرة، فغلبتهما شهوتهما فأكلا، فبدت لهما سوءاتهما، والبطن ينبوع الشهوات، والمعدة منبت الأدواء والآفات، وما ملأ ابن آدم وعاءً شراً من بطن.

    والاعتدال في الطعام يُورث الاعتدال في الطبع، والهدوء في القلب، وضعف الهوى، وقلة الغضب.

    وقد أُثر عن بعض الحكماء: لا تأكلواً كثيراً، فتشربوا كثيراً، فتخسروا كثيراً.

    ومن حكمة لقمان: إذا امتلأت المعدة، نامت الفكرة، وقلّت الحكمة، وقعدت الأعضاء عن العبادة.

    ويكفي وعيداً على الاسترسال في الشهوات قول الحق تبارك وتعالى في أقوامٍ يومَ القيامة: أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَـمْتَعْتُمْ بِـهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ [الأحقاف:20] .

    أيها الإخوة! إن فضول هذه الأشياء إما أن تكون معاصي أو بريداً إلى المعاصي، وإن الصيام بحِكَمه وأسراره، والقرآن بهديه وآياته طريق جليٌ لتهذيبها، وسبيلٌ مستبينٌ لضبطها، توجيهاتٌ لإحكام لجام اللسان، وتقلبات البصر، وآداب في ضبط شهوة البطن والفرج، ذلكم هو الصوم في شيءٍ من حكمه وأسراره، يشعر العبد بضعفه وعجزه.

    إنه الصيام! إنه منع مشروع من أجل تمام الخضوع والخشوع، إنه أستاذ الأمانة، ومعلم الصدق والمحاسبة، ومورث المراقبة لله رب العالمين، إنه السر بين العبد وربه.

    فاتقوا الله -رحمكم الله- واعرفوا لهذا الشهر فضله، واحفظوا صومكم، وتعرضوا لنفحات ربكم، وأروا الله من أنفسكم خيراً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ [البقرة:185-186] .

    نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ صلى الله عليه وسلم.

    وأقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب وخطيئة، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    بعض مجالات المسابقة في الطاعة

    الحمد لله جعل الصيام كفارةً للآثام، أحمده سبحانه وأشكره، فتح أبواب رحمته وضاعف الإنعام.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ذو الجلال والإكرام، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، أفضل من صلَّى وصام، وقام بالليل والناس نيام، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله البررة وأصحابه الكرام، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

    أما بعــد:

    أيها المسلمون! لئن كان الصيام كفاً عن المحرمات، وحجباً للنفس عن بعض المشتهيات، فإنه بجانب آخر ميدان للمسابقات في الأعمال الصالحات.. ذكرٌ لله، وتلاوةٌ لكتابه، واستغفارٌ، ودعاءٌ، وقيامٌ، وقنوتٌ، فاشتغلوا رحمكم الله بأنواع الطاعات.

    فضل الذكر والاستغفار

    فالذكر قوتُ القلوب، به -بإذن الله- تُسْتَدفع الآفات، وتُكْشَف الكُرُبات، وتهون المصيبات، رياض جنة المتعبدين، ورءوس أموال المتاجرين، حتى قال بعض الصالحين: "عجباً من الناس! يبكون على من مات جسده، ولا يبكون على من مات قلبه!".

    وأرشد الحسن البصري -رحمه الله- رجلاً شكا إليه قسوة قلبه، فقال: أذِبْه بالذكر.

    وأكثروا من الاستغفار، فإنه قليل الذكر، والعبد لو بلغت ذنوبه عنان السماء ثم استغفر ربه لوجد ربه تواباً رحيماً وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً [النساء:110] .

    ولقد قال علي رضي الله عنه: [[ما ألْهَمَ الله عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه ]] .

    تلاوة القرآن وقيام الليل

    وأكـثروا من تلاوة كتـاب ربكم، فإن شهـركم هو شهر القرآن شِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ [يونس:57] وإن الله ليرفع بهذا القرآن أقواماً ويضع به آخرين، فكونوا من أهل القرآن (أهل الله وخاصته).

    قوموا من الليل ففي الحديث: {نعم الرجل عبد الله ! لو كان يصلي من الليل } وأفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل، كما في الخبر الصحيح.

    ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة، واعلموا أن الله لا يقبل دعاءً من قلبٍ غافلٍ لاهٍِ.

    وترصدوا الأوقات الشريفة، وتحرَّوا ساعات الإجابة.

    تقبَّل الله صيامكم وقيامكم وأصلح أعمالكم.

    ألا فاتقـوا الله ربكم، وأحسنوا أعمالكم، وصلوا وسلموا على محمدٍ النبي الأمي، فقد أمركم بذلك ربكم فقال عـزَّ مِن قائل: إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] .

    اللهم صلِّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأزواجه وذريته.

    وارضَ اللهم عن الخفاء الأربعة الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون: أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وعن سائر الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وجودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين!

    اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمناً مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين.

    اللهم وأيد بالحق إمامنا وولي أمرنا، ووفقه لما تحب وترضى.

    اللهم وفقه بتوفيقك، وأعزه بطاعتك، وأعز به دينك، وأعلِ به كلمتك، واجمع به كلمة المسلمين على الحق يا رب العالمين!

    اللهم وأبرم لهذه الأمة أمر رشد، يُعَزُّ فيه أهل طاعتك، ويُذَلُّ فيه أهل معصيتك، ويُؤْمَر فيه بالمعروف، ويُنْهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيء قدير.

    اللهم وفق ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنة نبيك محمدٍ صلى الله عليه وسلم، واجعلهم رحمة لرعاياهم، واجمع كلمتهم على الحق والهدى يا رب العالمين.

    اللهم انصر المجاهدين الذين يجاهدون في سبيلك لإعلاء كلمتك وإعزاز دينك.

    اللهم انصرهم في كل مكان.

    اللهم انصرهم في فلسطين ، وكشمير ، والشيشان اللهم أيدهم بتأييدك، وأعزهم بنصرك.

    اللهم سدد سهامهم وآراءهم، واجمع كلمتهم، ووحد صفوفهم، وارحم ضعفهم، واجبر كسرهم، وقَوِّ عزائمهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم.

    اللهم واخذل اليهود ومن شايعهم، اللهم عليك بهم، فإنهم لا يعجزونك.

    إلهنا! إن هؤلاء اليهود قد طغوا وبغوا وظلموا وأفسدوا، اللهم فأرنا فيهم عجائب قدرتك.

    اللهم وأنزل عليهم بأسك الذي لا يُرد عن القوم المجرمين.

    اللهم من أرادنا وأراد المسلمين بسوءٍ فأشغله بنفسه، واجعل تدبيره تدميره يا قوي يا عزيز!

    رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

    عباد الله: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى، وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ؛ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ، فاذكـروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756349487