إسلام ويب

أيام مباركةللشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من رحمة الله عز وجل بعباده وحبه لهم أن جعل لهم أياماً مباركة يتعرضون فيها لنفحاته سبحانه وتعالى، ومن هذه النفحات ليلة القدر التي تكون في العشر الأواخر من رمضان، وهذه الليلة هي خير من ألف شهر كما قال تعالى، ومن قام هذه الليلة إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    ليلة القدر

    الحمد لله بالإسلام والإيمان والقرآن، الحمد لله بالصيام والقيام والذكر وليلة القدر، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أعاننا على صيام رمضان وقيامه، فكما وفقنا إلى طاعته نسأله أن يتقبله، وأصلي وأسلم على قدوتي وقرة عيني محمد النبي الرسول، القائل: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وقد استقل أعمار أمته فأعطاه الله ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، من أقامها كأنما عبد الله ثمانين عاماً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين، والدعاة الصادقين.

    عباد الله:

    أوصيكم في وداع رمضان بتقوى الله، فمن أحسن فيه الابتداء أحسن الله له فيه الانتهاء، جاءنا بالأمس ضيف كريم، بأيامه المعدودات، وهو الآن يودع وأي وداع، وداع الليالي المشرقة بنور الإيمان وذكر الرحمن، وداع أيام التقوى التي هدأت فيها الأعصاب، وكبحت فيها الشهوات، وُوُصلت فيها الأرحام، وفتحت القلوب، وأنفقت فيها الجيوب.

    ورمضان في أيامه الأخيرة، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيده علينا ويعيدنا إليه، ويجعل لنا في آخره عتقاً من النار، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

    قال تعالى: حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْراً مِنْ عِنْدِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ * رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ * لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ [الدخان:1-8].

    في هذه الليلة المباركة يقول الله: يفرق في هذه الليلة كل أمر حكيم، فكم من الأعمال القليلات صارت في ميزان الله كالجبال، وكم من نصر يتنـزل بأمر الله في تلك الليلة، كم من ذنوب غفرت، وأرواح إلى الدرجات العلى في جنات النعيم رفعت، وكم ينزل الله في تلك الليلة من خير عميم تزفه الملائكة، فكم من إنسان قد أوغل بالخطايا والذنوب، فتح الله له في تلك الليلة صفحة بيضاء فتاب وأناب، وكم من غاوٍ يتذكر.

    أيها الأحباب: قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ [القدر:1-5] وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا جاءت ليلة القدر شد المئزر وأحيا ليله، وأيقظ أهله، واعتكف في مسجده يعبد ربه، ويوحد مولاه، وهو الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، لعظمة تلك الليلة التي أنزل فيها القرآن، نقول للذين هجروا القرآن حكماً وسياسة واقتصاداً، وتعلماً وتعليماً، وجهاداً، وسلوكاً وأخلاقاً، وشعائر وتعبداً وشرائع وقوانين، اتقوا الله في ليلة القدر.

    1.   

    نداء إلى حكام المسلمين

    فهذه ليلة شاهدة لكم أو عليكم، من هنا من منبر الدفاع عن المسجد الأقصى أوجه إلى جميع حكام المسلمين، لا تزال الفرصة بين أيديكم بالتوبة أولاً، ونصرة الأقصى ورفع راية الجهاد ثانياً، وتدارك ما فات، صوموا وقوموا، وهذه ليلة القدر إذا جئت بها بعد التوبة، فكأنك عبدت ربك ثمانين عاماً، تعوض ما فات، فهي فرصة لا تعوض.

    أوجه من هنا إلى جميع حكام المسلمين الذين يعتقلون الدعاة في الزنازين والسجون، أقول لهم: اتقوا الله، فرب مصفَّد في الأغلال الآن يرفع يديه في ليلة القدر يدعو عليكم، رُب امرأة باكية اصطف أولادها خلفها والدموع تنحدر من عيونهم، يرفعون أكفهم الطاهرة إلى مولاهم في ليلة القدر، وهم يعلمون أن أباهم في السجن مودع، كل الأطفال يفرحون بالعيد، ويلبسون الجديد، وهؤلاء يلبسون الدموع، والهم والحزن الشديد.

    اتقوا الله في هذه الليلة يغفر لكم الله، تعرضوا لغفرانه، فإن في هذه الليلة تنـزل الرحمات الغافرات المنجيات.

    1.   

    استدراك ما فات

    أيها الأحباب الكرام: فليتدارك الجميع ما فات، فمن قصَّر في هذا الشهر فلا يقصر في العشر الأواخر، تداركوا قبل أن تأتي تلك اللحظة التي يقول الله عنها: أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ * وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [الزمر:56-61].

    أيها المسلم أنت في دار     شتات فتأهب لشتاتك

    واجعل الدنيا كيوم     صمته عن شهواتك

    وليكن فطرك عند     الله في يوم وفاتك

    يا مسلم! يا عبد الله! أرأيت انقضاء العمر السريع كسرعة رمضان، السعيد من صامه، والشقي من جمع فيه آثامه، والآن عليه حسرة:

    أما آن يا صاح أن تستفيق     وأن تتجافى الهوى والعقوقا

    ألا فاحرز النفس عن غيها     عساك تجوز الصراط الدقيقا

    ودون الصراط لنا موقف     به يتناسى الصديق الصديقا

    أتعلمون ماذا يقول الله عن ذلك الوعد والموقف دون الصراط؟ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلا إِلَى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ * إِنْ كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ * فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ * إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ * هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ * لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ * سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ * وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ * أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلّاً كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ * هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ [يس:49-66] يجعلهم الله عمياناً يوم القيامة بطمس العيون، فهل يرون الصراط: وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ * وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلا يَرْجِعُونَ [يس:66-67].

    انتهز شبابك فاستمع آخر الآيات: وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ [يس:68] متى تعبد؟ يوم أن تنكس بالخلق يا مسكين!

    يوم أن تعجز القدمان عن الوقوف! واليدان عن الإمساك! والعين عن البصر! والأذن عن السمع! قال صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمساً قبل خمس:

    شبابك قبل هرمك!

    وصحتك قبل سقمك!

    وفراغك قبل شغلك!

    وحياتك قبل موتك!

    وغناك قبل فقرك) وإلا ستمر هذه فلا تكسب شيئاً، أول ما يسأل العبد يوم أن يودع في القبر عن ماله من أين اكتسبه؟! وفيم أنفقه؟! وعن عمره فيم أفناه، وعن علمه ماذا عمل به؟!

    1.   

    أحوال الكافرين يوم القيامة

    أيها الأحباب الكرام: يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وهو يذكر أحوال الكافرين: بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَنْ كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيراً * إِذَا رَأَتْهُمْ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُوا لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً * وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُوراً * لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً [الفرقان:11-14].

    استمعوا ما يقول الله عن أحوال الكافرين: فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُوسِهِمُ الْحَمِيمُ * يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ * وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ * كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ [الحج:19-22].. وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقاً [الكهف:29].

    أيها الأحباب الكرام: استمعوا معي يقول الشاعر:

    أما آن يا صاح أن تستفيق     وأن تتجافى الهوى والعقوقا

    ألا فاحرز النفس عن غيها     عساك تجوز الصراط الدقيقا

    ودون الصراط لنا موقف     به يتناسى الصديق الصديقا

    فتبصر ما شئت كفاً تُعضُّ     وعيناً تسح وقلباً خفوقا

    إذا أطبقت فوقهم لم تكن     لتسمع إلا البكا والشهيقا

    شرابهم المهل في قعرها     يقطع أمعاءهم والعروقا

    أرأيت ذلك الذي يعض على يديه؟ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً * وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [الفرقان:28-30].

    كم ختمت القرآن في رمضان؟ اسأل نفسك يا مسكين! وتذكر هذا النداء النبوي يوم القيامة، يوم أن يقول الرسول: يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُوراً [الفرقان:30].

    اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا، ونور صدورنا، وجلاء حزننا، وذهاب همنا وغمنا، علمنا منه ما جهلنا، وذكرنا منه ما نسينا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار، واجعلنا ممن يحل حلاله، ويحرم حرامه، ويؤمن بمحكمه ومتشابهه، ويحكم به إنك على ذلك قدير، أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

    1.   

    أحوال المسلمين يوم القيامة

    الحمد لله رب العالمين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة.

    أما بعد أيها الأحباب الكرام: من كان يعبد رمضان فإن رمضان قد فات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ورب رمضان هو رب شوال وهو رب جميع الشهور، من كان يعبد الله فليعبده طوال عمره.

    أيها الأحباب: تذكروا ذلك جيداً ونحن نقبل على عطلة الصيف، وما في هذه العطلة من أسفار وملاهي وذنوب ومعاصي، فنهدم ما عمرناه وبنيناه في شهر رمضان.

    أحبتي في الله: واصلوا العمل الصالح واصبروا، فإنها لحظات وسويعات، ثم يكون الإفراج بعد ذلك عند الله يوم القيامة، اسمعوا أحوال المؤمنين، يقول الشاعر بعد أن ذكر أحوال الكافرين:

    أذلك خير أم القاصرات     تخال مباسمهن البروقا

    قصرن على حب أزواجهـن     فمشتاقة تتلقى مشوقا

    وترفلْنَ في سرقات الحرير     فتبصر عيناك مرأى أنيقا

    وأكوابهم ذهب أحمـر     يطاف بها مترعات رحيقا

    إذا جرت الريح فـوق الكثيب     أثارت على القوم مسكاً سحيقا

    ويوم زيارتهم يركبون     إليه من النور نجباً ونوقا

    كلوا واشربوا فلقد طالما     أقمتم بدار الغرور الحقوقا

    لا يطمئن قلبك حتى تسمع نداء ربك: كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ [الحاقة:24] لا يطمئن قلبك حتى تسمع نداء ربك: أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ [آل عمران:170] كن دائماً في الإشفاق، الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (والله ما أدري ما يفعل بي ولا بكم، يا فاطمة بنت محمد ! اعملي فإني لا أغني عنك من الله شيئاً، يا عباس بن عبد المطلب اعمل فإني لا أغني عنك من الله شيئاً).

    العمل الصالح، والذكر الذكر -يا عباد الله- في هذه الليالي الكريمة، كونوا أكثر سخاءً وعطاءً، وعبادةً وقياماً، وإنفاقاً وعبادةً وذكرى، إنها أيام معدودات.

    اللهم إنا نسألك أن توفقنا لليلة القدر، وأن تعيننا على قيامها يا رب العالمين!

    يا مقيل عثرات العاثرين! يا راحم المذنبين! اغفر لنا وارحمنا يا رب العالمين!

    اللهم كما أعنتنا على صيامه وقيامه، فأعنا على فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحب المساكين.

    اللهم اجبر القلوب المنكسرة، وكفكف الدموع المنهمرة، اللهم أطعم الجوعى، واكس العرايا، ودل الحيارى، واهد الضالين يا رب العالمين! من كان من أمة محمد على الحق فثبته وزده يا رب العالمين! ومن كان منهم على باطل وهو يظن أنه على الحق فرده إلى الحق رداً جميلاً.

    اللهم ألِّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، اللهم انصر إخواننا المجاهدين وحرر الأقصى وفلسطين، اللهم سدد رميهم واجبر كسرهم، وفك أسرهم، واغفر ذنبهم، يا رب العالمين!

    اللهم زدنا في هذا الشهر ولا تنقصنا، وآثرنا ولا تؤثر علينا، وأعطنا ولا تحرمنا، وصلنا ولا تقطعنا، وامنحنا ولا تمتحنا، اللهم أمِّن في هذا الشهر روعاتنا، واستر عوراتنا، وخفف لوعاتنا، واغفر زلاتنا، اللهم إنا نسألك فيه العافية في الجسد، والإصلاح في الولد، والأمن في البلد برحمتك يا أرحم الرحمين!

    اللهم إنا نسألك لأمتنا قائداً ربانياً يسمع كلام الله ويسمعها، وينقاد إلى الله ويقودها، اللهم اجعل هذا البلد وسائر بلاد المسلمين سخاءً رخاء، أمناً وإيماناً، اللهم إنا نسألك العافية في الدنيا والآخرة، إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا يا كريم.

    اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا يا كريم، اللهم اغفر لمن حضر هذا المسجد، ومن بناه، ومن فرشه، ومن اعتكف فيه، وللمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم اجعل قبورنا وقبور أمواتنا روضة من رياض الجنة، أمدنا فيها بالروح والريحان، والبر والرضوان، والنور والإحسان برحمتك يا أرحم الراحمين!

    هذا الدعاء ومنك الإجابة، وهذا الجهد وعليك التكلان، ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم يا أرحم الراحمين، يا من يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء اكشف ما بأمتنا من سوء.

    إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755985103