إسلام ويب

العمل النسائي في الدعوة [2،1]للشيخ : أحمد القطان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • تحدث الشيخ حفظه الله عن واجبات تتحملها الداعية إلى الله، محذراً إياها من نسيان ما لديها من علم وإيمان وثقافة، ومذكراً كيف أن التربية الإيمانية تؤثر على سير حياة كل داعية إلى الله إيجاباً. ثم أجاب عن مجموعة من الأسئلة تتعلق بعمل المرأة الدعوي والدنيوي وأمور تعترض دعوتها إلى الله.

    1.   

    موقف الداعية مما يحدث للمسلمين

    الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، الحمد لله الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى * وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعَى * فَجَعَلَهُ غُثَاءً أَحْوَى [الأعلى:2-5].. الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ [الأعراف:43] .

    وأصلي وأسلم على قائدي وقدوتي وقرة عيني محمد بن عبد الله،وارضَ اللهم عن أصحابه والتابعين، ومن دعا بدعوتهم إلى يوم الدين.

    اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، والحمد لله على كل حال، ونعوذ بالله من حال أهل النار.

    اللهم ألف على الخير قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجنا من الظلمات إلى النور، واجعلنا هادين مهديين، غير ضالين ولا مضلين، سلماً لأوليائك، حرباً على أعدائك، نحب بحبك من أحبك، ونعادي بعداوتك من خالفك.

    ونسألك اللهم أن تنصر إخواننا المجاهدين في كل أرض يُذكر فيها اسم الله، وأن توقف حرب الخليج ، وأن تحقن دماء المسلمين، وأن تفك الحصار على إخواننا وأخواتنا في جنوب لبنان ، وأن تنصر المجاهدين في أفغانستان .

    الارتباط قلباً وقالباً مع المسلمين

    هذا دعاءٌ حق عليَّ وعليكن تجاه إخواننا المسلمين وأخواتنا، وهذا من مقتضيات الدعوة إلى الله رب العالمين، فإن لم ترتبطي بقلبكِ وبروحكِ مع أختك المسلمة في كل أرض يُذكر فيها اسم الله، وتجعلي دعوتك عالمية انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم : (إنما بعثتُ للناس كافة) وقوله سبحانه وتعالى: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107] فهذه العالمية تعطيكِ أُفقاً أوسع، وفهماً أكبر، وقلباً أرحم، وإنكِ تعيشين مع إخوتكِ وأخواتكِ في مشارق الأرض ومغاربها، والأخت الناجحة هي التي تجعل دعوتها عالمية، ولا تجعلها إقليمية يحدها سياج المكان والزمان.

    أختي الكريمة: الدعوة إلى الله أصبحت الآن واجبة؛ لأن حكم الله في الأرض مغتصَب، وحكم الله المغتصَب تغتصبه أحزاب وتنظيمات، ولا يمكن أبداً إعادة حكم الله وحاكميته بمجهودات فردية من هنا ومن هناك؛ لابد من تظافر الجهود، لابد من التحام فكر المرأة بالرجل، وجهد الأخت بجهد الأخ، ولابد من التنسيق والبحث والفهم والتطبيق وتحمل المسئولية على المستوى الجماعي لا المستوى الفردي، بمثل هذا العمل يحقق الله لنا ما نريد من الأهداف والغايات، فهو يقول سبحانه : وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ [الأنبياء:105].

    ويقول سبحانه: عن وجود الداعية والداعي أنهما صمام الأمان للمجتمعات والتي يحفظ الله بها الحضارات: وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:116-117] ولم يقل سبحانه ورجالها مصلحون، أو وبناتها مصلحات، إنما قال: وَأَهْلُهَا وهذه الكلمة تعم الذكور وتعم الإناث، فكما أنه يراد المصلح كذلك يراد المصلحة إلى الله رب العالمين.

    تبليغ دين الله في الأرض

    أينما وجدتِ فإنك تكونين صمام الأمان لدولتك وبلدك وقومك، وللدنيا جميعاً: وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:117].

    أيتها الأخوات! النبي صلى الله عليه وسلم يلتفت إلى أم المؤمنين عائشة رضي الله عنـها ويقول: (خذوا دينكم من هذه الحميراء) وهي تصغير كلمة حمراء؛ لأنها كانت جميلة الوجه جميلة اللون، فكان صلى الله عليه وسلم يدللها بمثل هذه الكلمة، ومع هذا كانت مصدراً عظيماً للصلاح والإصلاح والدعوة إلى الله.

    ثم نرى المؤمنات وأمهات المؤمنين يقمن بدور الدعوة والتبليغ إلى الله، شعارهن قولـه تعالى: قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِـيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِـدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً * إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ [الجن:22-23] وهذه الآية كانت شعار المؤمنين والمؤمنات في تبليغ دعوة الله ورسالة الله، فأصبحت بيوتات أمهات المؤمنين مفتوحة في الليل والنهار، تفد إليها النساء والرجال يسألونهن عن كل صغيرة وكبيرة؛ لأن هذا البيت المبارك على قلة عدد سنينه في الدعوة (23) سنة إلا أنها كانت كافية لتستوعب مشاكل الزمان والمكان إلى يوم القيامة، وتؤصل الأصول والقواعد والكليات لكل حدث وحديث، حتى أصبح كل إنسان في كل زمان لا يستطيع أن يُحدث أمراً إلا ويعود: ماذا قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم؟ ماذا قال فيه أمهات المؤمنين؟ ماذا قال فيه الصحابة؟ حيث إن الله جعل أخص خصائص حياتهم صفحة مفتوحة للناس، فنحن نعلم كيف كان يأتي أهله، وكيف يضاحكهم، ويؤاكلهم ويلاعبهم ويسابقهم، حتى إن اليهود حسدونا على هذا العلم، فقالوا: ما رأينا مثل نبيكم، حتى إنه علمكم كيف تقضون الحاجة.

    إن هذا التفصيل الدقيق للحياة كلها واستيعاب كليات الدين وأصوله لهذه الحياة جعل للأخت المسلمة دوراً بارزاً خاصة يوم أن كانت المرأة قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم لا قيمة لها ولا أثر؛ إلا أنها متاعاً يُسْتَمْتَع به أو يُسْلب في الغزوات بين القبائل العربية، أما عند الفرس واليونان والرومان فهي شيطان مريد، لم يقرروا حتى إنسانيتها كإنسان.

    وجاء الإسلام بفضل الله ومِنَّتِه، فأنزل سورة من أطول السورة سماها سورة النساء، وبيَّن حقوقها وما لها وما عليها، وأعطاها المكانة وساواها بالأجر والثواب عند الله رب العالمين كما يقول سبحانه: فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ [آل عمران:195] هذه كلمة خطيرة، يجب أن نعي - أيتها الأخوات - أن بعضنا من بعض، أي: أنا منكِِ، وأنتِ مني، وهمي هو همكِ، ودعوتي هي دعوتكِ، ولابد من هذا التلاحم في الجهود، حتى نحقق ما يريد الله.

    ما وصلت إليه الداعية الكويتية في مجال الدعوة

    وبعد هذه المقدمة - أختي الكريمة - لابد أن تعي الأخت هنا في الكويت دورها الحقيقي في الدعوة إلى الله، وأنا متفائل؛ حيث إن الأخت العاملة في حقل الدعوة هنا قد بلغت شوطاً كبيراً في الفكر والجهد، والعمل والفهم والتنظيم والحركة إلى الله رب العالمين، وهي تفوق جميع الأخوات في منطقة الخليج ، بل تساوي بدعوتها وجهدها وفكرتها الأخوات المسلمات اللواتي واكبن الدعوة الإسلامية في مصر وفي السودان وفي كثير من الدول العربية التي سبقتنا إلى الدعوة إلى الله من الثلاثينات.

    إن الأخت هنا في الكويت يشرفني أن أقول: إنها فاقت كثيراً الأخت السعودية هناك في دعوتها إلى الله، مع قلة عدد أهل الكويت والداعيات إلى الله نسبة للبشر هناك في السعودية.

    ولكن الجو والمناخ الصحي الذي تعيشه الأخت المسلمة، ووجود دعاة إلى الله صادقين استفادوا من تجربة الدعوات إلى الله، فتجنبوا المنـزلقات والتهورات والحماس المضطرب، وأخذوا بالحماس المتزن، واستفادوا من أخطاء الآخرين، أوجد عندنا هذه الأخت العاملة في حقل الدعوة، الآمرة بالمعروف الناهية عن المنكر، التي تسير وشعارها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا يرى إلا غادياً رائحاً، لم يضع لبنة على لبنة كأنما ظهر له علم فشمر إليه) صلى الله عليه وسلم.

    الأخت كذلك في البحرين : لما ذهبتُ إلى البحرين في العام الماضي في رمضان وألقيتُ هناك محاضرات، كانت فتاة البحرين قبل سنوات عندما تأتي إلى هنا نسمع كثيراً من المقولات هنا وهناك في أحاديث الناس والشائعات المغرضة بأنها فتاة ما جاءت لتصلح؛ ولكنها أثبتت ولله الفضل والمنة أنها مصلحة، فعندما ذهبت إلى هناك وجدت أن الأخت في البحرين، إن لم تفق الأخ الداعية العامل حماساً فإنها تساويه صبراً وتضحية ودعوة وفهماً في هذه الدعوة، ومقتضيات الدعوة، فقلتُ: الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.

    1.   

    جوانب تعالج في استكمال النقص

    أختي الكريمة: وأنت تدعين إلى الله رب العالمين يجب عليك أن تعرفي حدك من العلم، وحدك من الفهم، ثم عندما تعرفين هذا الحد، لابد أن تستكملي نواقصك، وكل إنسان فيه نواقص، فإذا عرف حده وعرف قدره؛ استكمل النواقص التي عليه، وأريدكِ في استكمال هذه النواقص أن تعالجي ثلاثة جوانب:

    الجانب الأول: الجانب الإيماني الروحي.

    الجانب الثاني: الجانب الفكري الثقافي.

    الجانب الثالث: الجانب الدعوي الحركي في سبيل الله رب العالمين.

    وبدون معالجة هذه الجوانب الثلاثة فلن تستطيعي السير في حقل الدعوة، وستكون هناك معوقات ومنـزلقات كثيرة في طريقكِ.

    إنك الآن تتحملين بهذه الدعوة عبء هذا المجتمع الذي تعصف به المادية، والحضارات المادية ألقت بجميع منتجاتها ومغرياتها فيه، وأصبحت المرأة تجوب الأسواق والجمعيات؛ ترصد الأسعار لكي تنتقي ما تشاء من الكماليات ومن ترفيه الحياة، وأصبحت غايات بعد أن كانت وسائل، وأصبحت هموماً بعد أن كانت لا قيمة لها، فأصبحتِ الآن أنت تتحملين ضغط ذلك كله، إنك الآن تنقلين تلك النظريات التي تلقيتها من الدروس والمحاضرات إلى واقع عملي تعيشينه، لا يكفي أن تقولي: كان بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر عليه الهلال تلو الهلال تلو الهلال لا يوقد فيه نار، إنما كانوا يعيشون على الأسودين: التمر والماء، حتى أنتِ تقطعين من لقمة عيشكِ، ومن راتبك، ومن مصروفك، وتبدئين تمدين القارة التي تموت من الجوع الآن في أفريقيا هناك، وتمدين أخواتك في جنوب لبنان، وفي فلسطين وفي كل مكان، عند ذلك تحققين مئات الدروس التي سمعتيها في الإيثار والأخوة والولاء والانتماء لأمة الإسلام والمسلمين: تحققينها بأسلوب عملي أنتِ تتربين من خلاله ولا تستغنين عن ذلك أبداً.

    إن أختكِ المسلمة التي تذبح الآن بلا ثمرة وبلا نتيجة، وقضية ذبحها قد لا يقع عليها هي، وهو الذبح المباشر، ولكن عندما تفقد زوجاً أو عائلاً أو أباً أو أختاً أو أخاً أو ابناً هو ذبحها حقيقة؛ كما كان يقول فرعون في القرآن الكريم: سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءَهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ [الأعراف:127] والقضاء على الأبناء سيجعل المرأة بلا عائل، وسيجعلها تمد يدها تحت ضغط الحاجة إلى الأراذل من الناس.

    إن آلافاً بل مئات الألوف الآن يُذْبَحون، وليس هناك مستفيد من هذا الذبح في حرب الخليج إلا أعداؤنا من اليهود والنصارى، ومن الدول التي تستثمر هذه الحرب وتنتج هذا السلاح.

    إن لك دوراً - يا أختي المسلمة - بأن تثقفي أخواتك هنا، وأن تراسلي أخواتك هناك، حتى تبيني أن هذا الدم يجب أن يُحْقَن وألا يُزهَق، وأن هذه الأعراض يجب أن تُصان، وأن العقيدة هي مدار الإنسان، والتي بها يتمايز في الدنيا ويتمايز بها في الآخرة، أما أن نقف هكذا صامتين متفرجين؛ فإن النار كلما تركت وهبت عليها الرياح ستستأصل الأخضر واليابس، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    طريقة تنمية الجانب الإيماني

    أن يكون لكِ برنامج تتبعينه كما تتبعين برنامجك في الجامعة، هذا البرنامج هو الذي يكون عندك الجانب الإيماني، وإذا تكوَّن هذا أصبح العذاب حلاوة، وأصبحت المشقة لذة، أما سمعتِ بلالاً وهو يعذَّب؟! حتى إنه يقال له: كيف تصبر؟ فيجيبهم: [أمزج حلاوة الإيمان بمرارة العذاب، فتطغى حلاوة الإيمان على مرارة العذاب].

    الجانب الإيماني يوجِد هذه الحلاوة في نفسكِ، فتَرْجِين من الله ما لا يرجون، وتستلذين بالتعب والإرهاق بعد أن تعودي من الجامعة وتشرفي على حياة البيت، وتحسين بأنك في أمس الحاجة إلى الراحة، تجدين أيضاً هناك لذة عندما تكتبين رسالة إلى أخت لك، أو ترفعين التليفون لتراسليها بالكلام، وتجذبي حبها ببعض الألفاظ، وتثبتيها ببعض العبارات، تجدين متعة وأنت تحضرين شريطاً من الأشرطة لكي تدفعيه إلى أخت هي بأمس الحاجة إلى سماع هذا الموضوع.

    وهكذا يا أختي الكريمة! الجانب الإيماني له دور عظيم في مسيرتكِ، والله ذكره في القرآن إذ يقول في كتابه الكريم: وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ * وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ * فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ * وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ [هود:114-117].

    أن يكون لكِ وِرْد من القرآن لا تتنازلي عن قراءته في جميع الظروف والأحوال، وأفضل وقت لقراءته بعد صلاة الفجر، وتكون قراءتك قراءة المتدبر كما يقول ابن عباس رضي الله عنهما: [لأن أقرأ صفحة من كتاب الله أتدبرها خير لي من أن أقرأ الكتاب كله أهُذُّهُ هَذَّاَ].

    أن يكون لكِِ وِرْد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة؛ لكي تعرفي دينك من خلال هذه الأحاديث.

    أن يكون لك قيام ليل ولو بركعتين وركعة الوتر.

    أن يكون لكِ صوم ولو يوماً في الأسبوع أو في الشهر، حتى يَرِقَّ القلبُ ويعبأ بالإيمان، وتحسين بجوع الجائعين.

    أن تقومي بعيادة المريضة -أختكِ في الله- كما قال صلى الله عليه وسلم : (من عاد مريضاً أو زار أخاً له في الله ناداه منادٍ بأن طبتَ وطاب ممشاك، وتبوأت من الجنة منـزلاً).. (من عاد مريضاً مصبحاً استغفر له سبعون ألف ملَك حتى يمسي) ومن خلال هذه الزيارة تتألفين قلب أختكِ.

    أن تكفلي يتيماً، وسترين أثر هذه الكفالة على نفسكِ وقلبكِ ودينكِ ودعوتكِ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من أراد أن يلين قلبه وتقضى حاجتُه ويبارك له في أثره؛ فليمسح على رأس اليتيم، وليطعمه من طعامه) وأصبح الآن لا يكلفكِ شيئاً إلا أن تتصلي بأي مؤسسة من مؤسسات كفالة اليتيم، سواءً أكان بيت الزكاة، أو بيت التمويل، أو لجان الخير، وأن تدفعي عشرة دنانير آخر الشهر، تخصم من راتبك أو من مصروفك، ثم بعد ذلك تجدين رفقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، إذ يقول: (أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين).

    طريقة تنمية الجانب الثقافي الفكري

    ثم إن هذا البرنامج الإيماني يوافقه جنباً إلى جنب البرنامج الثقافي الفكري.

    اجعلي لك خطة خمسية تضعين فيها منهجية لتثقيفكِ، كأن تختاري كتاباً في الفقه، وابدئي بكتاب بسيط، وكتاب في التفسير، وكتاب في السيرة، وكتاب في التوحيد والعقيدة، وكتاب في الدعوة إلى الله، وهي كتب كثيرة موجودة، ثم كتب الإيمانيات الكثيرة. والمكتبات بفضل الله تزخر بأحسن الكتب، وأحسن الطباعات.

    وإذا ثقفت نفسكِ فلا تنسي دور الشريط عندما تستغلينه في ذهابك وإيابك؛ يكون معكِ في السيارة مجموعة من هذه الأشرطة، فهي سهلة وميسرة ولا تكلف عندك إلا حاسة واحدة وهي حاسة السمع فجهدها قليل، ووقت السيارة ضائع، تسمعين فيه هذا الشريط في الذهاب والإياب في أي موضوع من موضوعات الدين.

    ويا حبذا لو كان موضوعاً روحيا في بداية الأمر حتى يتواكب مع التربية الإيمانية الروحية، فتسمعين عن مشاهد القيامة والجنة والنار، والقبر والجزاء يوم القيامة، فهذا يرقق القلب ويحبب إليك الاستماع، ثم بعد ذلك تستمعين إلى المجاميع الفقهية الموجودة في المكتبات، ثم تستمعين بعد ذلك إلى الفكر السياسي المطروح، والأشرطة التي سُجلت في المعركة الانتخابية مملوءة - بفضل الله - بهذا الفكر السياسي الذي طرحه النواب، وهو موجودة ومُسَجَّلة.

    طريقة تنمية الجانب الدعوي الحركي

    كذلك تنمي عندكِ الجانب الدعوي إلى الله رب العالمين، وهذا الجانب لا يؤخذ فكرياً وثقافياً، إنما يُمارَس عملياً.

    عيشي عيشاً جماعياً مع أخواتكِ في الله، عند ذلك تستطيعين أن تكوني داعية إلى الله في حقل الدعوة, لا يكفي أنني أتعلم الإيثار من خلال الكتب والمحاضرات، حتى أتلمَّس حاجات أخواتي في الله، وهناك من الأخوات العفيفات اللواتي يحافظن على ماء وجوههن، وعلى زوجها أو أخيها أو والدها، وعليها من الديون ما لا يعلمه إلا الله، وقد تكونين أنت من عائلة ميسورة، ولكن هذه الأخت لم تمد يدها أو تشكو حالها، ودوركِِ أنتِ أن تجلسي معها جلسة مفاتحة ومصارحة ومناصحة، ثم تبدأي في السؤال عن ظروفها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية في البيت، وستجدين من بين أخواتك من تفتح قلبها لكِ، وعندها من المشاكل المادية ما لا يعلم عدده إلا الله رب العالمين، ولكن الشبعان لا يحس بالجائع، والذي يده في الماء لا يحس باليد التي تحترق، وعندما تقفين مع مشاكلها المادية أو المشاكل المعنوية - وما أكثرها في زماننا هذا! - عند ذلك تكونين قريبة منها، القرب الحقيقي الدعوي.

    أحسن إلى الناس تستعبد قلوبَهمُ      لَطالَمَا استعبدَ لإنسان إحسان

    ثم تقومين - يا أختي الكريمة - وتقطعين على نفسك عهداً أنه ما يمر عليك عام إلا وأدخلتِ إلى الدعوة إلى الله واحدة على الأقل، فلا يمر عليك عام إلا وأختٌ لكِ أدخلتها في الدعوة إلى الله، ولا أعني الأخت التي تلتزم بالحجاب الإسلامي أو بالدعوة إلى الله، فهذه قد انتهى أمرها - إن شاء الله - ولكنني أعني التي لا تصلي، والتي لا تصوم، والتي لا تعرف أمور الدين، وتأكدي أن هذه الأخت لم تُوْلَد هكذا، وأن عصيانها لله ليس عن قصد وإصرار وتعمُّد، فلا يولد إنسان وتولد معه الخطيئة، ولكن هناك مؤثرات في هذه البيئة، هي التي شكلت منها هذا الأمر حتى أصبحت لا تصلي ولا تصوم ولا تدين بالإسلام، فأنت ما عليكِ إلا أن تمسحي عن قلبها تلك المسحة، ولن تستطيعي أن تمسحي عن قلبها ذلك الران إلا بعد أن تتوددي إليها وتتلطفي إليها، وتكوني قريبة منها، حبيبة إلى نفسها، أن يكون لك معها صداقة ومودة، فتحبك، فإذا أحبتكِ وأصبحتِ موثوقة عندها، عند ذلك ستوجد هناك قابلية في تلقي جميع التوجيهات والنصائح، أما عند المقابلة الأولى تقولين لها: أنتِِ عاصية، أنتِ مذنبة، أنتِ مخطئة فلا؛ لأنك تولدين الآن بينكِ وبينها حواجز كثيرة وكبيرة، ولن تصلي بذلك إلى قلبها أبداً.

    أهمية القدوة في الأعمال

    أخواتي الكريمات - باختصار - هذه الجوانب الثلاثة من جوانب الدعوة إلى الله: الجانب الإيماني، الجانب الفكري الثقافي، والجانب الدعوي، هذه الجوانب أمور مهمة للأخوات المسلمات العاملات في حقل الدعوة إلى الله.

    ثم لا تنسي أنك تجعلين من نفسك قدوة، وهذا أمر مهم، قدوة بالمظهر الخارجي، وقدوة بالكلام، وقدوة بالعمل، وهذا أمر مطلوب: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ [البقرة:44].

    فالأخت التي تأمر بمعروف ثم تخالفه لاشك أن هذا منها تناقض عقلي والله يقول ذلك: أَفَلا تَعْقِلُونَ ؟

    إذاً: اجعلي من نفسك قدوة لأخواتك في الله، بصمتكِ تكونين دعوة، بسكوتكِ تَكُوْنِين دعوة، بوجودك بين الأخوات تَكُوْنِين دعوة؛ لأنك أصبحتِ قدوة، وخير أسلوب للدعوة إلى الله: أن تكوني قدوة لأخواتكِ.

    1.   

    الهم الذي ينبغي أن يحمله الدعاة إلى الله

    ثم أريد أن يتكون في قلبك همٌّ عظيم وكبير، ولا أعني بالهم ذلك النابع من الحزن، لا، وإنما أعني بالهم: الاهتمام، وهو أن تهتمي بقضيتك، وأن تقتنعي بها، وإذا لم تقتنعي بها وتهتمي بها فستعطينها فضلات الأوقات، وستكون قضية هامشية، ويصبح مجرد ترف فكري أني تحضري درساً، ويصبح مجرد متعة وتسلية أن تستمعي إلى محاضرة، ثم يتولد عندك الإحساس بأنكِ أديتِ الدور كاملاً يوم أن تحضري خطبة جمعة، أو تحضري محاضرة لشيخ، وليس هذا هو دورك يا أختي الكريمة.

    إنك عندما تقتنعين بهذه الفكرة وتؤمنين بها، وتصبح هي حياتك وكيانك وإحساسك، تتحولين إلى أخت أخرى.

    ثم واقع الحال الذي نعيش فيه ليس هو بالطبيعي يا أختي المسلمة، فوضع الدعوة في الكويت ليس هو الوضع الطبيعي عالمياً وعربيا؛ فإن الأخت الداعية شاركت عالماً وعربياً مع الأخ سجونه ومعتقلاته وتعذيبه وتشريده ونفيه، وتهديده وعذابه، أنت هنا بفضل الله في أيام الله وعافية الله، ولكن هل تدوم الحال، فـ( دوام الحال من المحال ) نسأل الله العافية سبحانه وتعالى، ولكن المؤامرة من حولنا كبيرة وخطيرة، ولابد أن نهيئ نفوسنا - يا أختي المسلمة - على أنه ليس هو الرجل الوحيد الداعية الذي سيُسجن، والذي سيُهدد، والذي سيُعذَّب، والذي سيُستشهَد، بل تخيلي نفسك أنك أنت ستشاركين في ذلك، فهذه أختك في بلاد الشام شاركت بالمئات وبالآلاف، وأدخلت السجون والمعتقلات، فلم يفرق الظالم بينها وبين الداعية إلى الله.

    فلولا هذه التربية الإيمانية التي تلقتها الأخت هناك، هل تصبر؟

    ستمد يدها لكي تصافح الطاغوت والظالم عاجلاً أو آجلا.

    لكن هذه التربية الإيمانية الروحية، التربية الفكرية الثقافية، التربية الحركية الدعوية هي التي أوجدت من المرأة قوة لا تضاهيها قوة، جبلاً عظيماً تهز الأنظمة بثباتها ولو كانت صامتة، والأمثلة على ذلك كثيرة.

    إن الأخت التي ركبت السيارة الملغومة وانطلقت خلف الشاحنة الإسرائيلية وفجَّرَتْها ما كانت تصل إلى هذا المستوى من التضحية إلا بعد دورات من التربية تلقَّتها، وزخمٍ من العطاء الروحي والإيماني والحركي والفكري والثقافي، ولولا اقتناعها بأن موتها حياة للآخرين، وأن قتل اليهود عبادة وقربى إلى الله رب العالمين، وأن الشهيد له كذا وكذا عند الله رب العالمين، ما بلغت عندها تلك الشجاعة وذلك الصبر، حتى يتطاير لحمها ودمها في الفضاء إلى الله رب العالمين، لكي تقتل اليهود بعد ذلك.

    أختي المسلمة: يجب أن تعي هذه الحقيقة: إن الظالم لا يفرق بين الأخ والأخت، بل يأخذهما جميعاً، ولا أنسى ذلك الأخ الذي التقيتُ معه، قال لي، وقد جاء من إحدى الزنزانات في إحدى البلاد، قال: وأُدْخِل عليَّ في تلك الليلة امرأة وكان معها طفل رضيع، والطفل يبكي، إذ لا يجد حليباً في ثدي أمه، وأمُّه تصيح بالجنود: إن لم تعطوني حليباً له، فأعطوني ماءاً وسكر حتى يسكت الطفل، فهو يبكي طوال الليل، وهم يقولون لها: لا نعطيكِ حتى قطرة ماء، حتى تعترفي عن فلان وفلان وفلان وفلان أين يكونون! انظروا، هذه الأم التي أمامها طفلها، وعاطفة الأمومة جياشة لا تقاوَم، وابنها جائع يلوك لسانَه كأنه حجر أو خشب، ويبكي بين يدي أمه يتلبط، ومع هذا فالتربية الإيمانية والتربية العقدية والدعوية جعلتها - بفضل الله - ثابتة، وعلى استعداد بأن تضحي بهذا الوليد لكي تحفظ أرواح العناصر المجاهدة في سبيل الله، ولو ذهب ألف وليد لها.

    من أين جاءت هذه الأخت بهذه الشجاعة وهذه الصلابة وهذه القوة التي لا تقاوَم؟

    لاشك أنها من التربية الإيمانية والفكرية والدعوية يا أختي المسلمة.

    أنا أتألم كثيراً عندما أرى أختاً تهتم بمتابعة الموديلات وبرصد الأسعار في الجمعيات، وبالحديث في الساعات الطوال عن الكماليات في البيت.

    إنكِ -يا أختاه- مهما ضحكتِ فإن لك قلباً يبكي دماً على الإسلام والمسلمين.

    إنكِ مهما لبستِ من اللبس الناعم والحرير، فإنك تتذكرين أخواتك وإخوتك الذين ينامون في الخنادق، ويعصرهم الجوع والرعب هناك في كل مكان.

    إنكِ مهما جمعتِ من المال، فإن هذا المال يكون بيدكِ ولا يكون في قلبِك، تُلْقِيْنَه متى تعارض مع دينك ودعوتك ربك سبحانه وتعالى.

    1.   

    نماذج وأمثلة للداعية المسلمة

    أختي المسلمة: أريدكِ أن تكوني كما كانت نُسَيْبَة بنت كعب الأنصارية، والتي يحسُن أن تذكريها في دروسك ومحاضراتك.

    نُسَيبة هذه كان لها أولاد: عبد الله ، وحبيب، والرسول صلى الله عليه وسلم أذن لها أن تسقي الجرحى في غزوة أحد، ولكن لما رأت أن العدو كله ينصب لقتل النبي صلى الله عليه وسلم تركت الجرحى يموتون، وانطلقت إلى النبي، وأخذت تقاتل، حتى قال: (ما نظرتُ يميني ولا شمالي، ولا أمامي وخلفي إلا وجدتها تقاتل دوني) وهي تصيح بأولادها: [إياكم أن يخلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف] والنبي يبتسم ويقول: (من يطيق ما تطيقين يا أم عمارة؟! سليني، قالت: أسألك رفقتك في الجنة، قال: اللهم اجعلها رفيقتي في الجنة).

    كيف تحولت هذه المرأة التي أقصى جهد تبذله أن تحمل كأس الماء وتسقي جريحاً، تحولت إلى قوة تكاد تكون قوة خارقة. الكفار كلهم يزحفون لكي يقضوا على ذات النبي صلى الله عليه وسلم، وهي الوحيدة تدور كالنحلة من جميع جوانبه تدفع عنه الرجال الأشداء، تضرب ذات اليمين وذات الشمال، وظلت تواصل حتى قَتَلَتْ مسيلمة بيدها مع ابنها عبد الله ، وهي التي قدمت أحد أولادها ضحية من أجل هذا الدين، وهو حبيب الذي أرسله الله إلى مسيلمة ، فقطَّع يديه ورجليه وألقاه في النار.

    أختي الكريمة، نُسَيبة العامرية هذه نموذج لكِ.

    أمينة قطب نموذجاً لكِ.

    زوجة كمال الدين السنانيري الذي سُجن وعُذِّب تسعة عشر عاماً، ثم أطلق سراحُه وبعد ذلك أعيد إلى السجن، وأعدم داخل السجن، كانت زوجتُه خلال عشرين سنة تنتظره في خارج السجن، وتأبى أن تتزوج غيره، فلما خرج من السجن لم يكن له بيت يسكن فيه معها، إنما كان يذهب إلى أفغانستان هناك ينظم الجنود ويوحد الصفوف، فلما عاد قُتل.

    وظلت أكثر من عشرين عاماً لا تراه إلا من وراء القضبان، يا له من صبر! وحتى هذه الساعة تكتب في ذكراه القصائد بعد القصائد.

    كيف استطاعت أن تفعل ذلك، لولا التربية الإيمانية؟!

    أختي الكريمة: تذكري أم موسى عندما ألقت وليدها في اليم صابرة محتسبة بأمر الله رب العالمين.

    تذكري هاجر التي تركت وليدها يذبحه أبوه سمعاً وطاعة لله رب العالمين.

    ماذا أقول عن الأمثلة والنماذج فالأمثلة كثيرة.

    إن الدعوة إلى الله ليست درساً ولا محاضرة؛ إن الدعوة إلى الله تحتاج إلى تضحيات وتضحيات كبيرة. وأنا لا أنسى تضحياتك يا أختاه يوم أن جمعنا الصدقات والتبرعات لإخوتنا وأخواتنا المسلمات اللواتي تعرَّضن للبلاء، لا أنسى الأخوات اللواتي يُحْضِرْن الذهب، وكم من أخت أحضرت شبكة زواجها، أو ما ادخرته من أموالها متصدقة لأخواتها المسلمات، وأثبتت أن الأخت المسلمة هنا في هذا البلد تعيش قلباً ومادياً مع أختها هنا وهناك.

    إن هذا العمل الطيب المبارك يتوج رأسك أنتِ يا أختاه.

    أسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعَلِّمَنا ما يَنْفَعُنا، وأن يَنْفَعَنا بما عَلَّمَنا، هو ولي ذلك والقادر عليه.

    وأترك المجال الآن للأسئلة، وأسأل الله التوفيق والرشاد.

    1.   

    الأسئلة

    حكم استخدام حبوب منع الحمل لمواصلة الصيام والحج

    السؤال: هل يجوز تناول حبوب منع الحمل في شهر رمضان حتى لا تأتي الدورة الشهرية؟

    الجواب: نعم يجوز أن تأخذ حبوب منع الحمل حتى تواصل طهارتها فتصوم شهر رمضان كله، كذلك يجوز لها في الحج إذا أرادت أن تحج ولا تعطل الحمل الذي معها أن تأخذ قبل أيام الحج، وتواصل بأخذ هذه الحبوب حتى تتم الحج كله، ومثل هذا العلاج كان موجوداً عند أمهات المؤمنين والصحابة، لم يكونوا يعرفون حبوب منع الحمل، ولكن كانوا يستخدمون السواك ( عود الأراك ) فكانت الصحابيات تطبخه، ثم يأخذن خلاصة الماء ويشربنه، فكانت تمتنع عندهم الدورة الشهرية شهراً كاملاً تقريباً، وكانوا يتعالجون بمثل ذلك، وبالطبع الآن جاء البديل العلمي والعقاقير الطبية، ولا بأس إن شاء الله بذلك، وهذا لا يخدش الصيام. والله أعلم.

    آخر وقت لصلاة الليل

    السؤال: هل تعتبر الصلاة بعد أذان الفجر الأول من صلاة القيام؟ وما هو آخر موعد لهذه الصلاة؟

    الجواب: آخر موعد لصلاة القيام هو أذانُ الفجرِ الثاني، وليس أذانَ الفجرِ الأولَ، فإذا أذن الأذان الثاني الذي هو أذان الصبح الصادق فلا وقت بعده لقيام الليل، وإنما وقت سنة الفجر، وكان بعض الصحابة إذا فاته وتر الليل فإنه يوتر بعد الأذان أو مع الأذان بركعة واحدة؛ ولكن ينتهي قيام الليل عند الأذان الثاني، ويبدأ الإنسان يصلي سنة الفجر، ثم يصلي بعد ذلك فريضة الفجر، وإذا أراد قضاء قيام الليل فلا بأس أن يقضيه في النهار، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي اثنتي عشرة ركعة في النهار، اثنتين اثنتين، أو أربعاً أربعاً، أو ستاً، أو أكثر بتشهد واحد صلى الله عليه وسلم.

    أحكام صلاة الاستخارة

    السؤال: كيف تتم صلاة الاستخارة؟ وكم مرة؟ هل ثلاث مرات متتالية؟ وإذا ظل الإنسان متردداً بعد هذه الصلاة، هل يجوز إعادتها؟ ومتى؟ ولكم مرة؟

    الجواب: صلاة الاستخارة لا تكون في أمر بَيِّن الخير معلوم الفضل، كأن يستخير الإنسان ربه أن يذهب إلى الحج أم لا، فهذا ليس فيه استخارة. الاستخارة تكون بين أمرين لا يُعلم أين يكون الخير فيهما، هل في هذا أم هذا؟ فالإنسان يسأل الله أن يوفقه لما فيه الخير، وأن يصرف عنه ما فيه الشر، فالإنسان يستخير الله؛ لأن الله أعلم منه بهذا، فهو عالم الغيب والشهادة سبحانه وتعالى، هذا مضمون أو معنى أو حكمة صلاة الاستخارة، فلا تستخر المرأة ربها في أن تتزوج أو لا تتزوج، فلا تكون الاستخارة في هذا؛ لكن إذا خُيِّرَت المرأة بين شابين صالحين، وكلهم صفاتهم وخصالهم طيبة، فهنا تستخير الله سبحانه وتعالى، فإذا كانت محتارة فيمن تقبل استخارت الله سبحانه وتعالى، والله سيشرح قلبها إلى واحد منهما بعد الصلاة، فإذا انشرح القلب يكون فيه الخير إن شاء الله.

    وصلاة الاستخارة: أن تصلي ركعتين، وبعد أن تسلمي من الركعتين ترفعين يدك وتدعين الله سبحانـه وتعالى بالدعاء المأثور الموجود في كتب الأذكار، أو تكتبينه في ورقة وتقرئينه بعد الصلاة، وتستخيرين الله بعلمه وقدرته أن يختار لك الخير والفضل، ولو أنك ما حفظتِ هذا الدعاء وقلتِ أيَّ كلام عادي ولو كان عامياً، مثل: يا رب، إني أسألك أن تبين لي الخير في هذا الشيء، وأن توضح لي، فأنا لا أعلم، وأنت تعلم ولا أعلم، وتقدر ولا أقدر، فإذا قدرتَ لي الخير فرضني به، واجعله يا رب خيراً لي في دنياي وفي آخرتي، أو أي كلام يفيد هذا المعنى فإنه يكفي يا أختي المسلمة.

    والاستخارة تكون مرة واحدة في الموضوع الواحد، فإذا لم يشرح الله قلبكِ فلا بأس أن تفعليها ثانية، وإذا لم يشرح الله قلبكِ فلا بأس من الإعادة؛ لأن الله يحب العبد الملحاح في السؤال، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم الصحابة الاستخارة كما يعلمهم الفاتحة، وكان أكثر الناس استخارة صلى الله عليه وسلم وأصحابه أيضاً.

    تعليق على برنامج [ندوة الرأي] وما يبثه من أفكار

    السؤال: في برنامج ندوة للرأي الذي يبثه تليفزيون الكويت ، نرى الكثير والكثير من المغالطات والتشويه للإسلام، وهذا فيه تأثير على عقول أمهاتنا وأبنائنا الجاهلين بالدين، ألا يجب علينا أن نحاول منع عَرْضه؟ ولكن كيف؟

    الجواب: من باب الإنصاف لا نقول بأن كل برامج ندوة الرأي تشوِّه الإسلام والمسلمين والدعاة إلى الله، وأنا لم أشاهدها كلها، لكن شاهدتُ بعضها، فوجدتُ فيها خيراً كثيراً وفهماً كثيراً وعلماً كثيراً، لاشك في ذلك، وهذا أمر لا يُنكر، ولكن لعل الذين وضعوا مثل هذا البرنامج ثم الذين كرروا عرضه بهذه الصورة ولأول مرة في تاريخ الكويت يُعرض برنامج ثلاث مرات بهذه الصورة في مرحلة حاسمة من مراحل الأمة وهي المعركة الانتخابية، فلاشك أن الإنسان يعرف أن وراءه قصداً، ولهم في ذلك مراداً.

    أما الملاحظات التي على هذا البرنامج فهي:

    الأولى: إن الكثير من العلماء الذي أُحْضِروا للرد على شباب الدعوة عُرِفَ عنهم أنهم كانوا يفتون الحاكم بالصلح مع اليهود، وأنهم يؤيدون النظام والسلطة هناك إلى أبعد حد، وأيضاً علماء آخرون كانوا من الصادقين، كفضيلة الشيخ محمد الغزالي ، وغيره، ومن أمثاله من الدعاة الصابرين المحتسبين ظهر في ندوة الرأي ورأيتُه، وكان كلامه جيداً.

    الثانية: أن بعض هذه الندوات جرَّحت تجريحاً شخصياً في بعض الدعاة، وهذا لا يجوز ولا يحل، حتى إن بعض الدعاة بكى أمام هذا التجريح الشخصي، وإن كان منحرفاً في فكره الدعوي؛ ولكن لا يجوز أن نجرحه شخصياً، خاصةً وأن هذا جهازٌ إعلامي يبث على مستوى العالم كله، فهذا لا يليق، وليس من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم تصفير الوجوه، وإحراق الناس، وتجريح الأشخاص، كان شعاره دائماً يقول: (ما بالُ أقوامٍ يقولون كذا).

    كذلك نرى أن هناك في مصر ، ومصر هي أم الدين، وأم الدعوة، وأم النور، وهذا لا مراء فيه، وما أنا إلا حسنة من حسنات رجل من رجال مصر، وهو الشيخ حسن أيوب -جزاه الله خيراً- فالأزهر لا يُنسى فضلُه، ولا يُنسى نوره الذي كان يبثه، وإن كان الآن يمر بمرحلة مأساوية من مراحله؛ ولكن لا ننسى حسناته الطويلة العظيمة عبر التاريخ، فرجاله هم الذين جاهدوا وكافحوا ونشروا العلم.

    الحقيقة مع الأسف أن كثيراً ممن أحضروهم للنقاش في هذه الندوات لم يكونوا على مستوى، أقصد من الدعاة، وأن هناك من الحركات، مثل: حركة الإخوان المسلمين لم نرَ أنهم أحضروا بعض القيادات والعناصر الواعية لكي يناقشوها بهذا الفكر، وإنما أحضروا مَن يُكَفِّر الناس، أو أحضروا مَن يتشدد على الناس، أو من يتعصب لوجهة نظره، وبدءوا كأنهم يوحون إلى المستمع أن شباب الصحوة والدعوة من هذا الصنف، فاحذورا، فتولَّد عند الرأي العام شعور داخلي بأن كل متدين من هذا الصنف الذي يكفر وينفر ويعسر ولا ييسر، هذا الذي أرادت أجهزة الإعلام هنا وهناك أن توجده في نفوس الناس مع الأسف الشديد، وهذا ما لا ينبغي.

    وكما أنني أعلم الآن أنهم يعدون ندوة رأي، ولكن على المستوى الكويتي، وأخشى أيضاً أن تنحو نفس المنحى، بحيث يأتون برجل متشدد ويضعونه، وينـزلون عليه، حتى يبينوا للناس أن هذه هي الدعوة إلى الله رب العالمين.

    الدعوة هنا فيها عقلاء كثير وعلماء وفقهاء كأمثال: فضيلة الشيخ خالد المذكور ، وفضيلة الشيخ طائس الجُمَيلي، والشيخ: عمر الأشقر ، وغيرهم، فلو عددتُهم فإنهم كثير، فنريد أن يخوض ندوةَ الرأي أمثال هؤلاء الرجال الصالحين المصلحين، لا أن يؤتى برجال معروف عنهم الولاء المطلق والبَصْم، أو من وعاظ السلاطين، أو ممن يهتمون بجوانب الأمور لا بأصولها، وبفروعيات الأمور لا بكلياتها، هذا والله أعلم.

    شروط المحرم

    السؤال: ما هو حكم السفر مع الأختِ وزوجِها، مع أن هذه التي ليس لديها محرم لها ابن أخت عمره سنتان، فهل هذا يسمى محرماً؟

    الجواب: لا، ليس هذا محرماً، وإنما يكون محرمها رجلاً بالغاً؛ أخاً أو أباً أو زوجاً، أو ابناً كبيراً، وليس هذا بمحرم، ولا يحل لامرأة أن تسافر إلا ومعها ذو محرم.

    حكم العمليات الانتحارية

    السؤال: لقد أثنيت على الفتاة التي دخلت في السيارة الملغومة، وهي عملية انتحارية، فهل هذا يجوز؟ ألا يعتبر هذا انتحارا، وهل يجوز للأخت المسلمة أن تقتل نفسها إذا أدركتْ أن عرضها سيضيع بعد لحظات من قِبَل المجرمين؟

    الجواب: أما أنها منتحرة أو غير منتحرة فلستُ أنا الذي أحدد ذلك، إنما أمرهـا إلى الله سبحانه وتـعالى، ولا يستوي من يجلس تحت السنترال ممن يجلس تحت قنابل النابال والانشطارية والعنقودية، والله يقول في القرآن: إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ [التوبة:111].. فَيَقْتُلُونَ : يُحارِبُون، ثم يُقْتَلُونَ : بعد ذلك، وهذا أسلوب من أسلوب القتال والقتل والمحاربة، فهي قَتَلَتْ الجنودَ، وقُتِلَتْ بعد ذلك بهذا التفجير، أو قُتِلا معاً، فاتهامُها بأنها منتحرة هذا أمر عظيم لاشك في ذلك.

    والجود بالنفس أقصى غاية الجودِ

    وعلى ما أذكر أن الأخت المجاهدة الأفغانية كان الروس يطاردونها وهي على قمم الجبال، فكانت ترجع إلى الخلف، وقبل أن يمسكوها تهوي في عمق الوادي، فهل هذه نقول عنها بأنها منتحرة؟

    إن هؤلاء ليسو بالمنتحرين، إن هذا الأمر لا نبيحه، ولا نفتي بإباحته؛ لكن نقول: من كان بمثل هذا الظرف، ثم فعل هذا الفعل فإننا لا نقول عنه بأنه منتحر، بل نقول عنه بأنه مجاهد في سبيل الله.

    ونسأل الله العافية، وألا نتعرَّض لمثل هذه الظروف التي أجبرت إخوتنا وأخواتنا على فعل هذا الأمر، ونسأل الله أن يتقبل أرواحهم في عليين.

    إنكار المنكر لمن ومتى يكون

    السؤال: نسمع الكثير من المغالطات التي تمس الإسلام، سواءً أكان من دكاترة في الجامعة أو من أشخاص آخرين خارج الجامعة، ونحن لا نستطيع الرد عليهم لعدم تفقهنا في الدين، أو لعدم معرفتنا كيفية الرد عليهم، فما يمكننا أن نعمل؟

    الجواب: إن كان هذا الدكتور يخالف في فرعيات الدين، فهذا الأمر هين، تستطيعي أن تناقشيه فيه، أما إذا كانت الخلافات في أصول هذا الدين، كقضية اعتقاد، أو توحيد، أو كفر، فهذا مقياسكِ نحوه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لمن يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان).

    فإذا غيرتِ بلسانكِ قال لكِ: أِفْ، فقولي له: أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ [الأنبياء:67].

    المهم: إذا لم تستطيعي أن تقولي له ذلك، فقولي في قلبكِ: اللهم إن هذا منكر لا أرضاه ولا ترضاه، وكذلك اسعي إلى إدارة الجامعة وبلِّغيها، وحمليها المسئولية أمام الله، أو حتى الوزارة.

    ونسأل الله أن يهدي ويصلح الجميع.

    كيفية اختيار الجماعة الإسلامية المناسبة للعمل معها

    السؤال: إذا كانت الأخت ترى أحزاباً وجماعات مختلفة لها أسلوب خاص عن الأحزاب الأخرى، فإنها تتحيَّر من توالي وتختار، فكلهم أخوة هدفهم واحد أفيدونا أفادكم الله.

    الجواب: كل جماعة موجودة فكرها مطروح في المؤلفات والكتب والمكتبات، والبحوث موجودة، ومفكروهم أيضاً هنا وهناك، وما على الأخ أو الأخت إلا أن يعرف هذه الجماعة أو هذه الدعوة عن قرب من خلال هذه المؤلفات والاتصالات والاستفسارات.

    فإذا عَلِمَتْ ذلك ووَجَدَتْ أن هذا الفكر وهذه الجماعة هي أسلم وأقرب الطرق لتحقيق الأهداف الإسلامية المنشودة، فعليها أن لا تتردد في العمل معها، مع اعتبار الحفاظ على الأخوة الإيمانية والإسلامية لكل جماعة.

    وليس معنى ذلك أنني إذا تخصصتُ في كلية التربية فإنني لا بد أن أحارب كلية الشريعة، وكلية الحقوق، وكلية الاقتصاد، وأشهر بها، وأقول: إن هؤلاء عقيدتهم فاسدة، هذا لا ينبغي، بل إن وجودي في كلية التربية تولَّدت من قناعات توفرت عندي، وأدلة بأن هذا هو الطريق الصحيح الذي ينبغي أن أسلكه، كذلك الدعوات موجودة، وهذه الدعوات ما تدعو إلى فراغ وليس من فراغ، وإنما لها مناهجها، ومفكروها، وأصولها، وما عليكِِ إلا أن تبحثي، هل أنتِ عاجزة عن البحث، وهو شرط عليكِِ؟

    اذهبي إلى من تثقين فيه من أهل العلم ورجال العلم، واسأليه شخصياً بينك وبينه: أي جماعة وأي دعوة تختار لي من خلال تجربتك الطويلة؟ فسيقول لكِ: اعملي مع أولئك الذين يدعون إلى لله سبحانه وتعالى، وهذه دعوته.

    وهكذا نعرف كيف نسير في الدعوة إلى الله، ولكن مع الأسف الشديد أن هناك من يحمل بعض الأهواء حوَّل هذا الأمر إلى فُرقة ونزاع وشجار ما كان ينبغي، والله يقول: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا [آل عمران:103] فجعلوا الفرقة فيما بينهم، وهذا أمضى سلاح بيد العدو.

    إن أخوَّتك الإيمانية والإسلامية تفرض عليك حب واحترام الأخت، والدعاء لكل أخت تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، وألا تنطلقي في دعوتكِِ من منطلق الحزبية البغيض المقيت، وإنما أضفي جو الأمومة والأخوة على كل من تدعينه من بعيد أو قريب، هذا هو المطلوب، المحبة في الله، والأخوة في الله، والدعاء، والتباذل، والتناصح، والتزاور، والتجالس في الله، كل هذا مطلوب، فالتي معك في الدعوة، والتي ليست معك في الدعوة إلى الله رب العالمين.

    وهذا السؤال ليس بالسؤال الصعب، ولكن الصعب فيه هو أنكِ تكلفين نفسكِ لكي تقومي بالتحري والتحقيق في الحق والصواب والطريق الصحيح للدعوة الإسلامية؛ لأن القراءة أصبحت عندنا مقيتة وثقيلة، واكتفينا بالأشرطة، واكتفينا بالسمعيات، ولا يتعلم الإنسان بهذا الأسلوب أبداً.

    حكم ترشيح المرأة لنفسها وحكم انتخابها لغيرها

    السؤال: ما رأيك في عمل المرأة السياسي في مجلس الأمة، أو على المستوى الجامعي؟

    الجواب: دور المرأة السياسي إن كنت تعني به الانتخاب لا الترشيح، فهذا الأمر تمارسه الطالبة في الجامعة، وتمارسه المرأة في جمعيات النفع العام، وعندما قامت اللجان المنظمة لذلك، إذا منعت اختلاط الرجال بالنساء، وهيأت الظرف الصحي المناسب المملوء بالعفة والحشمة والحياء، حدثت الانتخابات لجمعيات النفع العام والجامعات على أحسن وجه وأكمل صورة؛ لكن هل انتخابات مجلس الأمة ستكون كذلك؟

    أنا أقول: لا، لا تكون مهما كانت الإدارة المنظمة للمعركة الانتخابية من الدقة والفهم والحكمة والسيطرة فإنها لا تستطيع في الحقيقة، وهذا نحن نقوله في معركتنا مع الرجال، ونرى الجهد والإرهاق والتعب كيف يكون في هذه الانتخابات، فهي ليست انتخابات عادية، فانتخابات الجامعة على مستوى محدود، وانتخابات الجمعيات العامة على مستوى أقل، ولكن هذه على مستوى أمة، على مستوى شعب، على مستوى دولة، مما يجعل كثيراً من الأمور تتسيب، وكثيراً من الأُسَر تُهدم، وكثيراً من العلاقات الطيبة تنفصم، ويصبح هناك شجار بين الوالد والولد والبنت، والزوج والزوجة بسبب هذه الأمور.

    فتفادياً لهذه المفاسد من باب سد الذرائع، وكما يقولون: درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، أهدرنا هذه المصلحة بالنسبة للمرأة من أجل درء هذه المفاسد المتوقعة حتما.

    وأما إذا كانت تريد أو تقصد الحق السياسي وهو الترشيح، فهذا لا يجوز شرعاً، فإن الله سبـحانه وتعـالى ورسوله منع المرأة أن تسود وتقود، وذلك ليس نقصاً فيها أو احتقاراً لها، بل ورد في القرآن عن الملكة بلقيس كيف كانت تسوس شعبها وهي كافرة، فلما هداها الله لم يذكر الله في القرآن أنه قال لها: بعد إسلامك مع سليمان سلمي القيادة إلى سليمان، أو سلمي القيادة إلى الرجال، ما قال القرآن ذلك، ولا قال المفسرون ذلك، بل ظلت ملكة مسلمة مؤمنة تقود شعبها، وإنما أسلمت مع سليمان لله، وبما أرسل به سليمان، ولكن الإسلام لما جاء لم يكن ديناً إقليمياً محصوراً في أرض أو زمان أو مكان، وإنما كان ديناً عالمياً لكل الناس، في كل الأرض، في كل الزمان وكل المكان.

    فجعل الله هذه المسئولية الكبرى في أعناق الرجال؛ لأنهم سينطلقون للجهاد في سبيل الله، يبلغون دعوة الله، وأصبحت بيوتات هؤلاء الرجال بأمس الحاجة إلى أم ترعى، وإلى أم تنجب لتعوض النقص بسبب هذه الحروب، ولأم تربي، ولزوجة تسهر، فأعطاها هذا الدور العظيم، فقال: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ [الأحزاب:33] وبين بأن هذا الدور هو أهم وأخطر بكثير من أن تجلس على كرسي البرلمان وتبدأ تشرع للناس، جعلها تتعامل مع البشر مباشرة، لا تتعامل مع القرارات والكراسي والمناصب والجاه.

    إن الإسلام عندما قال: (لا يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة) ليس تحقيراً للمرأة، بل تكريـماً للمـرأة؛ لأن الله سبحانه وتعالى علم طبيعتها، وعلم ظروف وحاجات ومقتضيات هذه الأمة الإسلامية، فكفاها برجالها، ويوم يحتاج الإسلام إلى المرأة تجدينها موجودة، فهذه نُسَيبة، وهذه عائشة وغيرهما يشاركن في الجهاد، ويسقين الجرحى، ويداوين الجنود، ويقاتلن عن الرسول صلى الله عليه وسلم يوم أن كانت الضرورة لذلك، ولكن أنا أطرح السؤال على أختي: هل من الضرورة أن تشاركي في المعركة الانتخابية؟ وهل من الضرورة أن تشاركي في الترشيح؟

    لا، ليس من الضرورة أبداً.

    لهذا أختي الكريمة: نحذر من تقليد الغرب الذي جاءنا بمثل هذه الأعراف، التي ليست من أصول شريعتنا، فأنت بإمكانك أن توجهي رأيك، واستشارتك وحكمتك للزوج الذي يمثلك ويمثل صوتك، أو إلى النائب الذي سيوصل الزوج إليه ما تريدين.

    انظري كيف يكون الحال عندما تجلس الأخت المسلمة في مجلس الأمة، وتسافر معهم بلا محرم، وتصافح الرجال من الوفود في ذهابها وإيابها، ويوم أن تكون في مرحلة النفاس أو الولادة، ثم يقال: كيف يذهب ويغيب ممثل قطاع كبير من الشعب عن الحضور.

    وأنا أُعْجَب بالأب (مشاري العنجري) حيث كان موجوداً وأنا أدعو إلى الله في أمريكا، حيث حضر مؤتمر اتحاد الطلبة، قال: أتدري يا شيخ أن هذه أول مرة في حياتي منذ أن دخلت مجلس الأمة تفوتني الجلسة، قلتُ: سبحان الله! قال: نعم، وما فاتتني إلا أني وازنت بين أني أذهب أدعو في الاتحاد أو ما أدعو، فوجدت أن هذا له الأهمية فقدمتُه على مجلس الأمة، وما تغيبت قط في حياتي في جميع الأحوال، ولو كنت مريضاً.

    هذا كلام يبين أنه رجل، ورجل يعرف كيف يمثل من انتخبوه، وليس الذين انتخبوه هم أهل منطقته، وإنما الشعب كله هو الذي انتخبه، وإنما القضايا التنظيمية فقط هي التي جعلت منطقته هي التي تنتخبه.

    فهل تستطيع المرأة أن تكون كذلك الرجل؟ ما أظن ذلك! لماذا؟

    لأن الظروف الفسيولوجية والنفسية لا يمكن أن تجعل المرأة كذلك أبداً، هذه المرأة هل يجب أن نشترط أن لا ترشح نفسها إذا كانت عاجزة؟ هل يصدر مجلس الأمة قراراً بأن لا ترشح نفسها إذا كانت متزوجة؟ وإن كانت متزوجة يجب أن تكتب عهداً وتوقع عليه بأنها لا تحمل؟ مُمْكِن أن يقع مثل هذا الشيء، فأنا كشعب عندما أنتخب أشترط على هذه المرأة ألا تغيب عن أيَّ جلسة، فلا تقل لي: أنا حملتُ! أقول لها: لِمَ تغيبين؟ ولِمَ تحملين؟

    لهذا لابد أن يوجد هناك من يمثلني، فالحمل يسبقه أربعة شهور وَحْمٌ، والذي اختلفوا عليه هنا في مجلس الأمة، وبعدها بشهرين قبل الولادة تأتي آلام، حاملةً لبطنها وواضعة لبطنها أمام الناس، وبعد أن تلد لابد من أربعين يوماً من النفاس، تكون حالتها حالة يرثى لها، ومجلس الأمة يشفق عليها، ويعطيها الحبة السوداء وغيرها؛ لكي تستطيع التنفس، ثم بعد أن تنتهي من النفاس لابد من سنتين للرضاع. هذا لا يمكن أن يصير!

    فلهذا لابد أن نعي هذا الأمر، وألا نقلد الغرب في كل شيء، فالمرأة تعرف كرامتها، وتعرف منـزلتها وقيمتها عند الله وعند الناس.

    مكانة المرأة في الإسلام

    السؤال: السائل ينصح بقراءة كتاب الدكتور مصطفى السباعي (المرأة بين الفقه والقانون ) وهناك موضوع تحت عنوان ( حق المرأة مضمون بأداء واجبها ) للدكتور سعيد رمضان البوطي في كتاب (فصول في النقد ) وفيه كلام تكلم به عن هذا الموضوع، وعن سائر أيامنا كذلك في الشام، والدكتور البهنساوي كذلك في كتاب (المرأة بين القوانين والشريعة ) فكتب العلماء الكثير؛ ولكن أكثر من بحث في المسألة هو - مثلما نبه الأخ - الدكتور السباعي.

    الجواب: ثم إن المرأة ظلت في مكانتها، والإسلام يحكم أربعة عشر قرناً هي، يعيني: غياب المرأة عن البرلمان أو مجلس الشورى، أو الحكم لم يؤثر في الإمبراطورية الإسلامية التي كانت تنطلق إلى مشارق الأرض ومغاربها، والتي ساست دولاً وحضارات، ويُشَرِّفُكِ أن حضارة الرومان والفرس وحضارات كثيرة دخلت تحت الحكم الإسلامي الذي لم تكن المرأة فيه قائدة سياسية، ولم يحدث عبر أربعة عشر قرناً أن تعطلت مسيرة الحياة يوم أن تعطلت المرأة أن تكون وزيرة أو أميرة، بل إن مسيرة الحياة تعطلت يوم أن بدأنا نطالب بمثل هذه المُطالبات، وننحي الشريعة الإسلامية من مجال الحياة.

    نعم، المرأة الآن تُسْتَغَل استغلالاً سيئاً في الغرب. المرأة الآن أصبحت في الغرب أهون من عَقِب السيجارة التي يُرمى ويُداس بالأقدام، تجدين المرأة سلعة رخيصة لا قيمة لها، أليس هذا التقليد جاءنا من الغرب؟ نعم، جاءنا من الغرب الذي يمتهن المرأة أسوأ امتهان الآن، في جميع إعلانات الدعاية، حتى إعلانات التنظيف وأمواس الحلاقة يضعون صورة المرأة هناك، لا قيمة لها، ولا وزن لها.

    إن الإسلام حفظ لك كرامتك وعفتك وشرفك، وإذا جاء المناخ والمجال المناسب تجدين موقعك الصحيح كما هو الآن هنا في الجامعة، وكما هو في جمعيات النفع العام وغيرها، لا ندري ماذا يحمل المستقبل لنا، حتى هذه القضية التي نناقشها أيضاً لا ندري ماذا يحمل المستقبل لنا فيها، فلماذا نحن نستبق الأمور ونستعجل ونتعثر في الطريق، أما القضايا التي فيها نصوص شرعية، فهي غير قابلة للنقاش ولا للفلسفة ولا للاقتراح؛ لأن الله يقول: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ [الأحزاب:36].

    تنيبه: هذا طالب يقول: الغالبية العظمى من الجامعة فتيات، وليس من المعقول أن في انتخاب الجامعة لا نرشح بعض الفتيات حتى ينبن في معاملة لجان الطالبات وتنظيم مُلْتَقَاهُنَّ؛ لأن الطالبة تخدم الطالبة، وتفهِّم الطالبة، فاقتضى التنبيه.

    أبناء أخ الزوج وأبناء أخته ليسوا من المحارم

    السؤال: يتكون من فرعين:

    الفرع الأول: أمي تقبل ابن عمي وهو في العشرين من العمر، فهل يجوز ذلك؟

    الفرع الثاني: زوجة خالي تقبل أخي، وبينهم فرق خمس سنوات تقريباً.

    الجواب: هذه القُبَل للأجنبي لا تجوز، والأجنبي: هو الذي يحل أن يتزوج المرأة، فيعقد عليها ويتزوجها من غير المحارم، هذا هو الأجنبي، فإذا بلغ الحُلُم، وبلغ عمره خمس عشرة سنة فلا يجوز للمرأة الأجنبية مصافحته أو تقبيله أو الخلوة به، وهذا - ما شاء الله - عمره عشرون سنة، فلهذا لا يجوز، فتخبرينها لعلها مسكينة ونيتها طيبة وتعودت على هذا، وغالباً ما يغلب على الناس مثل هذه العادات، حيث إنهم من عائلة فيجتمعون ويجلسون ويدخلون، ويسلم بعضهم على بعض، ويكون الطفل صغيراً فيحبونه ويقبلونه، فيكبر الابن وما تشعر العائلة بأنه قد كبر.

    فلهذا يجب أن ينتبهوا إلى هذه الأمور، وهناك أمور شرعية يجب أن تحدد فيستأذن الابن في الدخول، ويستأذن على العورات، حتى لا تتسيب الأمور؛ لأن القضية قضية دين وعبادة وشرع.

    ثورة السودان وعلاجها

    السؤال: ما رأيكم في الأحداث التي تدور في السودان؟

    الجواب: الأحداث التي تدور في السودان: ذهبتُ بالأمس وزرتُ فضيلة الشيخ حسن طنماوي السوداني في المستشفى، وسألتُه عن سوار الذهب ، فأخبر بأنه رجل متدين وعائلته كلها متدينة، وهو يعرفه شخصياً، ويخشى أن يكون واجهة، كما كان محمد نجيب في ثورة الضباط الأحرار في مصر واجهة، ثم أُزِيْحَ بعد ذلك، فإذا كان سوار الذهب ما هو إلا واجهة فستكون بلوى وطامة كبرى على السودان ، وأن الثورة - كما يقول أحمد في قصيدته - لم تقم حتى الآن، وكما تعودنا من العسكر عندما يأتون يَعِدُون بمواعيد كثيرة، ولكنها كلها مواعيد عرقوب، كقولهم: سنسلم الحكم إلى المدنيين، ونجعلها شورى واستفتاء، ولكن يمددون ستة أشهر، وست سنين، والست السنين تصير: أمير المؤمنين أبد الدهر، وخير مثال على ذلك: أنور السادات ، وضياع الحق الذي كل سنة يعد شعبه به، والآن صارت عزيزة عنده، وصارت انتخابات؛ لكن الأحزاب المعارضة التي هي موجودة غير راضية وغير قابلة؛ لأن القضية قضية عسكر، والبلوى كلها تدور - يا أخي ويا أختي - حول شهوة الجاه والكرسي، فالذي يذوق حلاوة الجلوس على هذا الكرسي فلن يتركه، تعست هذه الكراسي؛ لأن المشكلة قديمة، والداء مستأصل في الحكام منذ زمن بعيد، فبني العباس عندما وصلوا إلى كرسي الحكم بعد بني أمية، أبادوا بني أمية وجاءوا مكانهم، فماذا يقول شاعر بني العباس:

    نـحن بنـو العباسِ     نجلس على الكراسي

    وأنا أكملتها وقلتُ: مثل هيلا سيلاسي

    وكل هؤلاء عندما يذوقون حلاوة هذا الكرسي فإنهم يكونون مثل: هيلا سيلاسي ، الذي أباد شعبه وأباد المسلمين حتى أراح الله العباد والبلاد منه.

    فـسوار الذهب إن لم يكن واجهة فسيذوق حلاوة هذا الكرسي وسيُمَدِّد، ولا حول ولا قوة إلا بالله، لكن هذا غيب لا نستطيع التحدث فيه.

    العلاج لثورة السودان:

    أن تظل الثورة متصلة، وألا يُخَدَّرُوا بالعسكر مهما كانت التضحيات، ومهما كان الشهداء، ومهما كان الجوع؛ لأن القضية قضية مصير، ودين، وأعراض، وأن يظل على الإضراب: فتصريح الرئيس اليوم يقول: إن الإضراب خيانة عظمى. أعوذ بالله. هذا أول تصريح عسكري له، والخيانة العظمى عقوبتها الإعدام، لكنه لم يكمل الحكم، ولم يصدر الحكم؛ لكن كل واحد أغلق دكانه متهم، ومَن أَضْرَب فقد خان خيانة عظمى، فبعد أسبوع ربما سنسمعه يقول: وعقوبتها الإعدام، هذه مشكلة.

    فلهذا على الشعب السوداني ألا يُخدع ولا يُخَدَّر. وأن يتصل بالقيادات الإسلامية، وأن ينسى خلافاته كلها، فإن الوقت الآن ليس وقت خلافات، وأن يشكل له جبهة وطنية داخلية مشكلة من القيادة الإسلامية الصحيحة لكي يُحكم بالإسلام، والإسلام كفيلٌ بأن يحفظ حقوق الناس على جميع أفكارهم ومنهاجهم وأيديولوجياتهم وأديانهم، فإن الإسلام دين الناس جميعاً، يحفظ الحقوق كلها.

    والله أعلم.

    استئذان الوالدين في الدعوة إلى الله

    السؤال: قد تجد الأخت الداعية تثبيطات من الأسرة، من الوالدَين، فكيف يمكن للأخت أن تقنع الوالدين بطريق الدعوة، وطبيعة هذا الطريق؟ فنريد - أيها الشيخ - أن تبين أن هناك مرَّاتٍ يكون فيها الوالدان معذورَين في الاعتراض على بعض القضايا؟

    الجواب: استئذان الوالدَين أمر مطلوب في الشرع، حتى في الجهاد في سبيل الله. (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليجاهد، فقال: ألك والدان قال: لي أم، قال: بها فجاهد) هذا إن لم يكن هناك نفير عام، فيكون الجهاد فرض كفاية، وليس فرض عين.

    أما الآن الذي نحن فيه بالنسبة للأخت الغير داعية، فالدعوة ليست عليها فرضاً، ما دام أن هناك من يدعو؛ لكن الأخت التي عرفت الطريق، والتي لا يسد مكانها أحد، والتي تكون على ثغرة من ثغور الدعوة، أصبح من الواجب عليها أن تدعو إلى الله.

    فتأدُّباً تستشير الوالدَين، فإن رفضا، فعليها أن تعدل بينهما، بين الوالدَين والدعوة، فلا تهمل الوالدَين ولا تهمل الدعوة أيضاً، وكل مُيَسر لما خلق له، بإمكانكِ أن تنصري الدعوة وأنت في بيتك دون أن تخرجي، بإمكانكِ أن تعيني الدعوة وأنت تخدمي الوالدَين طوال عمركِ، وليست الدعوة فقط أن تحضري الإفطار الجماعي، أو الصيام الجماعي، أو الدرس، أو المحاضرة، أو الندوة، أو أسبوع الطفل، أو الأسبوع النسائي، ليست هذه فقط، وإنما بإمكانك أن تنصري الدعوة وأنتِ في البيت، لكن هذا لا يكون سبباً في تسيُّب الأخوات في الدعوة إلى الله رب العالمين تحت هذه الحُجَّة، فعندما يرفض الوالد والوالدة تتأدبين في طرح الحُجج والإقناع والتودُّد، وترسلين من يؤثر عليهم، فإن أصرَّا على ذلك، فطاعة الوالدَين واجبة، فعليكِ أن تطيعي الوالد والوالدة، وألا تطيعيهما في معصية، فإذا قالا: لا تصلي، فـ(لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) ولكن في قضية كثرة خروجكِِ، وكثرة حضوركِ، فإن الوالدَين يخافا عليكِ، فأنتِ تعلمين أنا في زمان يخاف الإنسان فيه على عرضه، ويخاف الإنسان فيه من الفتن، ونظرة الوالد غير نظرتكِ أنتِ، فأنتِ لا تحسين بالمشاعر القلبية التي في قلب والدكِ ووالدتكِ.

    فلهذا عليك أن تراعي هذا الأمر كثيراً.

    وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يسخر للآباء والأمهات تفهُّم ضرورة دعوة الأخوات، حتى يكونا عوناً لهن، وكلما أنتِ أحببتِ الوالدَين، وتقرَّبتِ إليهما، وقضيتِ لهما الحوائج، وتودَّدت باللطف، وما جعلتِ نفسك دكتورة وأستاذة لتقولي عنهما: إنهما لا يفهمان ولا يعقلان، ويجب عليهما أن يستشيراك ويجب أن يأخذا آرائكِ، وأنكِ أنتِ التي تفهمين أكثر وتعلمين أكثر، إذا ما جعلتِ نفسك هكذا ستجدين الوالد والوالدة قريبَين منكِ تماماً، أما إذا انطلقت من منطلق الأستاذية، فإن الوالد سيتعنَّت، والوالدة ستقف حتى أمام الحق، فقد ترده في وجهكِِ، فإذا قلتِِ: يقول الله، ويقول رسوله، فستقول: ما هذا الدليل، ما قال الرسول هكذا، هذه بدعة لم يأت بها إلا أنتم. فلهذا انتبهي، ليكن لديك حكمة وفقه في الدعوة إلى الله رب العالمين.

    نصيحة إلى الملتزمات بشأن زينة المرأة

    السؤال: تقول إحدى السائلات: مع الأسف أن هناك كثيراً من الأخوات المحجبات اللاتي يحرصن على حضور المحاضرات والندوات الدينية لا يتحرجن من التبرج بوضع الماكياج ولبس الثوب الضيق، فأرجو أن توجه كلمة طيبة بهذه الظاهرة.

    الجواب: أختي الكريمة: جمال المرأة بدينها وخلقها، وسَمْتِها وهدوئها وحيائها ورزانتها لاشك في ذلك، وجمال الخُلق تغنى به شعراء والقرآن الكريم والأحاديث النبوية.

    والشخصية القوية هي التي لا تحتاج صاحبتُها لإثباتها بأصباغ من هنا ومن هناك، أو ببربق من هنا ومن هناك.

    إنما الشخصية القوية تكون نابعة من السلوك والاعتقاد، والفكر المستنير، لاشـك في ذلك - يا أختي الكريمة - ودليل الانهزام الروحي والفكري أن تكمل الأخت شخصيتها بهذه الكماليات، فلهذا انتبهي إلى هذا الأمر.

    أما من الناحية الشرعية: فلا يجوز للأخت أن تضع رائحة، أو تضع ماكيجاً، أو تلبس ثوباً فيه فتنة وإغراء.

    أنا رأيت مرةً حينما ألقيتُ هناك في جامعة الخالدية خُطَبةً في يوم الاعتصام، وفي يوم دعم الجنوب، فأما في يوم الاعتصام، فالتفتُّ مرة فإذا بي أرى زيَّاً في حياتي ما رأيتُ مثله، إلا في أيام طفولتي أيام الجاهلية، عندما كنتُ أشاهد هذه المسرحيات التي تُصَدَّر إلينا من مصر، راقصةٌ يُطَبَّل لها بالدُّنْبُك وترقص، وقد ربطت على وسطها شالاً أحمر أو أصفر فوق الثوب، فمثل هذا رأيتُ.

    تصوروا بعض الأخوات أصبحت الآن تلبس مخملاً حريرياً ومفصلاً على جسدها، وفوق الفخذَين وتحت حوضها تربط شريطاً، هذا الشريط محبوك حباكة عجيبة، فهي وردة في الجانب، وعندما تمشي الوردة تذهب يميناً وشمالا، فكأن هناك إيقاعاً وراءها، ولكن هذا الإيقاع نابع من المشية، فهي تمشي وترقص في نفس الوقت، ثم تدعي أنها محجبة، أهذا هو حجاب؟! لاشك أن هذه فتنة عظيمة، وهذا بدأ ينتشر.

    وهناك أيضاً من تربط الحزام الذهبي أو الفضي في وسطها، وتضع وردة جانبية في حجابها، أو تلبس حجاباً له أهداب سوداء مغرية، كأن الشعر الأسود ظاهر من تحت الحجاب، وهي خيوط سوداء.

    أو تلبس ثوباً شفافاً يشف ما تحته، وقد يكون طويلاً وتكون واضعة حجاباً.

    أو تلبس الكعب العالي الذي يكشف رجلَيها، أو يكشف بعض ساقيها، أو يَحْرِف بمشيتها المتزنة فتتحول إلى مشية فيها دلع ودلال.

    لهذا يجب أن ننتبه بأن الحجاب الإسلامي هو الذي يستر المرأة من رأسها إلى أخمص قدمها، وهذا قولٌ للعلماء الذي اسمه النقاب أو الحجاب، وهناك قول آخر بأنه كل المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، ولكل دليله، وأيضاً أنا أرى أن المرأة الحسناء الجميلة عليها أن تغطي وجهها حتى لا تفتن الناس، وعائشة - كما تعْلَمْنَ - قد رأت في المدينة بعد وفاة الرسول بعض النساء لابسات ثياب فيها خطوط فقط، خطوط بيضاء وحمراء، فلما رأت ذلك قالت: [لو كان رسول الله حياً لمنعهن من الخروج].

    فكيف الحال الآن نحن، ولو تَتَبَّعْتَ أحدث الموديلات لوجدتَ العجائب، فمرَّة من المرات ذهبت إلى إحدى المجمعات في حَوَلِّي، فرأيتُ الصنم أو تمثال المرأة التي تُعْرَض عليها الموديلات، فوجدت عجائب، الله أكبر، ما تركوا زَيَّاً فرعونياً، ولا زياً إغريقياً، ولا زياً يونانياً إلا وأحضروه، ووضعوا فوقه قِطَعَ مُصَرٍ وقُماشٍ وقالوا: هذا حجاب إسلامي، تعالي اشتري والبسي. هذا لا يجوز، ولا يحل.

    وأنا أفكر تفكيراً جاداً بأن أُصْدِرَ فتوى بتحريم كشف الوجه، وأتَّبع السعودية في ذلك حتى يتأدب كثير من النساء ويقفن أمام الأمر الواقع، بل أشن حملة كبيرة تجاه هذا الأمر لِمَا أرى من تطرف.

    نحن نادينا بالحجاب الإسلامي، وطلبنا من الفتيات الاحتشام ولكن الاحتشام فُقِدَ، فالحواجب محفوفة، والشفاه مصبوغة، والوجوه مدهونة، والمشية غير طبيعية، والحركات، وبلغ إلى علمي أن بعض المتحجبات من هذا النوع لا تصلي ولا تصوم، وإنما أخذت الحجاب مجرد موضة وموديل وزينة؛ لأنها رأته أجمل لها، وأفتن للرجال، فبدأت تلبسه من أجل ذلك، وهذه طامة كبرى وانحراف كبير، أن تجد المرأة تلتزم بالحجاب المتبرج، وهذا هو الحجاب المتبرج.

    نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيدهن إلى الخير والصواب والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.

    أنواع الأحلام وكيف تفسر

    السؤال: السائلة تقول: ما حكم تفسير الأحلام؟ وماذا يفعل من يرى رؤيا؟

    الجواب: الأحلام ثلاثة أنواع:

    النوع الأول: رؤيا صالحة:-

    يراها العبد لنفسه أو تُرى له، وهذه الرؤيا الصالحة، عليه أن يحدث بها من يحب، فإذا أوَّلَها كانت كما أوَّلَها، فإذا رأيتِ أنك تطوفين حول الكعبة فلا تحدثي عدوك وحدثي صديقتكِ، وقولي: رأيتُ أني أطوف حول الكعبة، فستقول لكِ: إن شاء الله أن الله كتب لك حجة قريبة بإذن الله، إما هذه السنة أو السنة المُقْبِلة، فالله سبحانه وتعالى يحقق هذا التفسير بإذن الله.

    النوع الثاني: حديث نفس:-

    فإذا أراد الشخص أن ينام وهو جائع يفكر في الأكل فإنه يحلم بأنه يأكل شيئاً شهياً وما إن يستيقظ حتى يبحث عنه فلا يجده، فهذا اسمه حديث نفس.

    النوع الثالث: تلاعب شيطان: أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بأن الشيطان يأتي إلى الإنسان في المنام، ويأتيه بالرؤيا المحزنة، حتى يحزنه ويضيق عليه، وهذا لا يضر، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم ذلك، فلينفث عن شماله ثلاث نَفَثَات) والنَّفْثَة هي: دون النفخ والتفل، ويكون معها: ( أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ثم لا يُخبر بها أحداً، لكن المرأة مع الأسف لا تستطيع إلا أن تبوح، وأنا أزْعَجْتني النساء بالتليفون، إلى أن قطعتُ مكالمات النساء بسبب تفسير الأحلام، والتليفون لا يقف في المدرسة، مدرسة كاملة المدرسات فيها ليس لديهن حصص، وكل واحدة تحمل حلمها، وتعال يا شيخ فسر، هذه قفز عليها قط أسود، وهذه ماتت عليها بقرة، يا ناس، يا عالم، اتقوا الله، أنا مشغول، فيقلن: أبداً، أنت شيخ ولابد أن تفسر لنا. ومن قال لكم أن الشيخ يفسر الأحلام؟ المهم: قلتُ: لابد من تبليغ ناظر المدرسة بذلك، قلت: أيُّ امرأة تتصل، فلا تنادني، فالحقيقة ارتحتُ، ولو كانت الأسئلة أسئلة موضوعية ومفيدة لكان الأمر يستحق هذه الأهمية، لكن هؤلاء تسببن بحرمان كثير من الأخوات من الاتصال والاستفسار بسبب قضية الأحلام، حتى أذكر مرة أني جلست ساعة كاملة، وهن يسألن عن الأحلام بالدَّوْر، من الناظرة إلى الفراشة، وكل واحدة تخطف التليفون، واصبري خليني أقول، والمرأة عندما تقص حلمها تأتي به بالتفصيل بجميع مواقعه وتفصيلاته، ومتى نُكْمِل؟

    فتفسير الأحلام علم قائم بذاته، من المتخصصين فيه ابن سيرين، ولا بأس أن تؤوله الأخت الصالحة لأختها إذا كانت رؤيا صالحة.ونسأل الله أن يحقق أحلامنا الطيبة هو ولي ذلك والقادر عليه، فيجعل يأسنا رجاءً، وخوفنا أمناً، وشتاتنا دولة، وأحلامنا حقائق هو ولي ذلك والقادر عليه.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755988218