إسلام ويب

المرأة المسلمة والتحديات المعاصرةللشيخ : سعد البريك

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في عصرنا تنقسم إلى قسمين: تحديات داخلية وتحديات خارجية، وهذه التحديات لم تكن لتجد لها مكاناً بين المسلمين إلا يوم أن وجدت من بذر لها بذر القبول. وهنا معالجة لما تواجه المرأة من فتن ومغريات، وتوجيهات مفيدة في هذا المجال.

    1.   

    انقسام الناس في النظر إلى المرأة إلى فريقين

    إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده، وتركنا على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلى هالك، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

    أيها الأحبة: الحديث عن التحديات التي تواجه المرأة وهي في واقعنا المعاصر كثيرة جداً، ولا أخال أنني سأحيط بها أو سأسردها عليكم فضلاً عن التفصيل فيها، ولكن قبل الولوج في صميمها أود أن أعرض مسائل:

    الأولى: إن كثيراً ينفرون من الحديث عن التحدي والتحديات، ولا يحبون أن يسمعوا نقداً للمجتمع أو الواقع، وهذا أمرٌ لا ينبغي أن يكون؛ لأننا حينما نتكلم عن التحدي في مجالاته أو في ظروفه وصوره فإننا لا نحب ولا نحسن ولا نتسلط بمجتمع ولا نعرض، ولكن الحديث يكون مستحضره خطرٌ داهم أو شرٌ قائم، أو لأخذ العبرة والعظة من مصيبة حلت لإهمالٍ أو تفريطٍ وقع منا، أو لأجل الدعوة إلى الإصلاح كلٌ بقدر واستطاعته.

    التحديات التي تواجه المرأة كثيرةٌ جداً، وهي تحديات من الداخل وتحديات من الخارج.

    لا يبلغ الأعداء من جاهلٍ     ما يبلغ الجاهل من نفسه

    ما كان لتلك التحديات أن تجد بين الصفوف مكانة، أو تجد بين البرادع مخيماً، إلا يوم أن وجدت لها بذرة القبول ودعا لها دعوة المحبة، وهيأ في النفوس لها موقعاً ومنزلاً، وحسبكم قول الله جل وعلا في شأن أولئك الأعداء الكفرة الذين يتمنون بالمجتمع كل مصيبة، ويتربصون بهم دوائر التفكك والانقسام، والهزيمة والتبعية، يقول الله جل وعلا: وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً [النساء:89] وتأملوا هذه الآية: هل تظنون أن الذين يتمنون أن نكفر كما كفروا -إن كانوا يروننا دونهم- أنهم يتمنون أن نكون مثلهم، فنكون سواء فنرتفع من الحضيض إلى علو منـزلتهم التي هم فيها كما يظنون؟! وإذا رأوا أننا أعلى منهم منـزلة فيتمنون كفرنا حتى نكون سواء، فننـزل من علو مقامنا إلى حضيض مقامهم، وهذا هو الظاهر البين.

    إذاً: فالأعداء مهما بلغوا من الاكتشافات والاختراعات، ومهما هيئوا ألوان الترف وسبل الرفاهية ونافسوا في التمدن فإنهم لا يزالون يرون المسلمين أعلى منهم قدراً.

    والسبب في رؤيتهم للمسلمين أنهم أعلى منهم قدراً أنهم يرون الأمة المسلمة لا تزال تتمسك بوحي رباني معصومٍ من الزيادة والتحريف والنقصان، فلا بد أن ينـزلوا هذه الأمة المتمسكة بهذا الوحي إلى حضيض مساواتها بالكافرين، ولا سبيل إلى ذلك إلا بإطلاق سهام التفكك والبغضاء، والزهد في الوحي الذي أنزله الله جل وعلا، فالتحديات كثيرة من الداخل والخارج، وعذراً وعفواً من ذا يجمع بحر الكون في قطرة، ومن ذا يختزل حروف العداوة في ذرة، ولكن ما قل وكفى خيرٌ مما كثر وألهى.

    يكفي اللبيب إشارة مرمـوزة     وسواه يدعى بالنداء العالي

    وأرغب -أيها الأحبة- أن يكون الحديث عن المرأة، الذي هو عن أمي وأمك، وأختي وأختك، وزوجتي وزوجتك، وابنتي وابنتك حتى نتحدث عن موضوع نتعايش معه، ونتكلم عن خطر يهدد كل واحدٍ منا، ونشمر لكي نذب عن أعراضنا وأنفسنا ومجتمعنا وأمتنا؛ لأن بعض المسلمين وفقهم الله حينما يسمعون حديثاً كهذا يظنون أن المعنيين بهذا قومٌ في الزهرة أو في زحل أو في المريخ أو عطارد، ونحن إنما نصلي على الميت الحاضر، ونتحدث عن واقعنا، وعن مجتمعنا، وعمن يعايشوننا ويساكنوننا ويخالطوننا، فحديثنا عنا وعمن حولنا، وفي البداية يخص هذا الحديث وسطٌ بين فريقين:

    فريقٌ يرى أن المرأة في مجتمعنا قد أدبرت وولت، وذابت وانحرفت، وسقطت وانتهت، ولا أمل في إصلاحها، والبقية الباقية في طريقها إلى الفساد، والبعض ربما يحمل نفساً متشائمة، ويغلق منافذ الأمل أو نوافذ العمل، ويصاب بالإحباط تجاه كل حركة تسعى إلى الإصلاح والتغيير.

    وفريقٌ آخر يرى أن واقعنا أفضل واقعٍ يمكن أن يخطر على بال رجلٍ في هذه البشرية المعاصرة، وليس ذاك بصحيح، وليس هذا بحق (فمن قال: هلك الناس فهو أهلكُهم أو أهلكَهم) ومن قال: لا يمكن أن يوجد واقعٌ أفضل من هذا فذاك عين المداهنة والنفاق، إن في واقعنا من الخير الكثير الكثير، وفي واقعنا من الشر ما لا يعلمه إلا الله، وذاك ميزان العدل عرفناه من كلام نبينا صلى الله عليه وسلم، فقد كان يقول في صدر خطبته ومستهلها: (ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا).

    فأخبر الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أن للنفس شروراً، وأن في الأعمال سيئات، وذاك في زمنه فضلاً عن القرون التي تلت وجاءت عقب أو بعد القرون المفضلة، بل إن ما نحبه فيه الخير والشر، المال والولد من ذا يكرههما أو يبغضهما ومع ذلك يقول الله جل وعلا: إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ [التغابن:15] ويقول تعالى: إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ [التغابن:14].

    إذاً: فليس الخير في النفوس فضلاً عن المجتمعات والدول والأنظمة والمؤسسات والأجهزة، ليس الخير على إطلاقه وليس الشر على إطلاقه، فكل نفسٍ، وكل أسرة، وكل مجتمع، وكل نظام، وكل أمة، وكل دولة فيها خير وشر، بل قال صلى الله عليه وسلم فيما جاء في السنة أن الرجل إذا دنا بامرأة وضع يده على ناصيتها وقال: (اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جبلت عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلت عليه) فدل أن في الزوجة شراً كما أن فيها خيراً، فالمال فيه خيرٌ وشر، والزوجة فيها خير وشر، والولد فيه خيرٌ وشر، والنفس فيها خيرٌ وشر، فكذلك المجتمعات فيها خير وشر، فلنتأمل هذا جيداً.

    أيها الأحبة: وإن التحديات التي تحيط بالمرأة المسلمة في واقعنا المعاصر هي جزءٌ من التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، تحدي المرأة والتحدي بالمرأة، ذلك محور من محاور التحدي الكبير الخطير الذي تواجه به أمة الإسلام في وقتٍ نعجب فيه من جلد الفساق والكفرة وضعف الثقات والأمناء، ذلك هو جزءٌ من التحدي العام في السياسة وفي الاقتصاد وفي التربية والإعلام وفي التعليم وفي مجالات شتى، فليس الحديث عن التحديات التي تواجه المرأة بمعزلٍ عن جملة التحديات التي تحاك وتدبر للأمة من قبل أعدائها في الخارج، أو المنافقين الذين يتربصون بها في الداخل.

    وهذه التحديات تظهر في صور شتى، وتلبس لكل زمن لبوساً، ولكل حادثة ما يناسبها، وتنشط تارة، وتظهر تارة، وتصرح تارة، وتلمح تارة، وتقوى تارة، وتضعف تارات.

    1.   

    الإعلام وصور من تحدياته

    إذا أردت أن تنظر إلى محورٍ أو جانبٍ من الجوانب التي عرضت ألوان هذا التحدي، فتأمل الإعلام بجميع مجالاته وأضربه من جريدة أو مجلة أو شاشة أو إذاعة أو كتابٍ أو نشرة أو دورية أو مطوية، فإنك سترى فيها ألوان التحدي على أوسع نطاقٍ وأوسع صعيد، لذا نحصر حديثنا عن هذه التحديات في التحدي الإعلامي، وذلك لتنوع أساليب دخوله في المجتمعات، فالبيت الذي قد لا يوجد فيه جهازٌ يستخدم البث قد لا يعدم من تلفاز، والبيت الذي يعدم التلفاز لا يخلو من الإذاعة، ولا يخلو من مجلة أو جريدة، ولهذا نختار الحديث عن التحدي الإعلامي؛ لأنه ندر أن يخلو منه بيتٌ من البيوت، بل قال أحد الدعاة في كلمة سمعتها له: إن الذي يذهب إلى الخباز صباحاً ويشتري خبزاً حاراً ربما أعطي جريدة ليضع عليها الخبز فكان في الجريدة مقطوعة أو مقالاً يدخل به التحدي إلى هذا البيت من حيث يشعر أو لا يشعر، ويسوق هذا على سبيل الفكاهة.

    ثانياً: إن تحدي الإعلام يخاطب جميع الفئات والطبقات، بل وجميع أفراد الأسرة، فأنت تلاحظ -مثلاً- أن الإعلام يخاطب الطفل والمرأة والأم والزوجة والمراهقة، والشاب والرجل، والكهل والكبير والصغير؛ لأجل ذلك كان هذا التحدي بشمول اتصاله لسائر طبقات المجتمع أخطر من غيره، ويجمع جميع ألوان التحدي ويعرضها في أساليب براقة قشيبة خادعة.

    ثالثاً: إننا نلاحظ قوة فاعلية التأثير في هذا الإعلام أكثر من غيره، فإن التحدي الإعلامي أقوى من التحدي الاقتصادي، وأقوى من التحدي الاجتماعي أو غيره من ألوان التحديات، وإن كان التحدي الإعلامي قد يكون وليداً أو -إلى حدٍ ما- له ارتباطٌ قوي بالتحدي الاقتصادي أو غيره، على أية حال لا تظنوا أن ما سنذكره من تحدٍ بات الناس ذات ليلة آمنين مطمئنين فأصبحوا وقد خندقت الفتن حولهم وحاصرت دورهم، وأطلقت سهامها في بيوتهم، وإنما كان ذاك نتيجة مكرٍ وكيدٍ ونفسٍ طويل كما يقال: سياسة الخطوة خطوة وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ [ص:6].

    إننا نعجب من طول نفس العلمنة والعلمانيين الذين ما فتئوا يضربون أسواطاً ويقطعون أشواطاً، ويضربون آمالاً وأبعاداً، يتمنون أن يصلوا فيها إلى أمورٍ عديدة، ولو سمعتم بعض كبار العلمانيين يقول بعضهم لبعض: أبعد هذا المشوار الطويل لا نظهر في هذا المجتمع إلا بأمورٍ لا نجزم أنها في حقنا أو في صالحنا، كان العلمانيون ينتظرون قبل هذه السنوات التي نعيشها أن تسن القوانين التي تنزع وتخلع ولاية الرجل عن المرأة، وكانوا ينتظرون أن تصرع النظم التي لا تجعل للمرأة مكاناً تحت سيطرة الرجل أو قوامته، وكانوا ينتظرون أن يكون لها ما تريده وتشتهيه مما وصل إليه الغرب من ألوان الفساد والانحراف، وإذ بهم يفاجئون أنهم حتى هذه الساعة لا يجدون أنظمة تحميهم، فكل سعيهم إنما هو نشاطٌ واجتهادٌ وافق غفلة أو شهوة أو ضعفاً من الأخيار أو بعض الأبرار.

    أيها الأحبة: واعلموا أن لهذه التحديات ظروفها وأسبابها، وربما كانت بعض الأسباب باختلافٍ أورثت غيرها فكانت سبباً ومشكلة في آن واحد، فالرفاهية -مثلاً- والترف الذي حصل لكثيرٍ من البيوت، والعمالة الوافدة من الخدم والمربيات أنتج فراغاً خطراً واستعداداً نفسياً لقبول هذا التحدي وأورث ضعفاً في مواجهته.

    ثم تكلم الرويبضة، وتحدث في شأن القوم من لا علاقة له بهم، وأصبح أمر الدين فيما يتعلق بالمرأة حمىً مباحاً، يفتي فيه من يفتي، ويتكلم فيه من تكلم؛ حتى بتنا نرى أن مجلة ساقطة كمجلة " سيدتي " يظهر فيها من يفتي ويقول: لا بأس بقليلٍ من الغناء ولا بأس بالخروج مع الرجل، ولا بأس .. ولا بأس .. أي فتوى مرت على حين غفلة من عقول كثيرٍ من الغيورين والمسلمين، ناهيك عن سيلٍ جارف وجد أبواباً مشرعة، فأنت حينما تدخل الآن ما يسمى بالسوبر ماركت أو التموينات أو محلات التسوق تمكث ساعة لتجد مجلة المجتمع، أو الدعوة أو أنصار السنة، أو مجلة الإغاثة أو مجلة إسلامية في خضم عشرات، بل تبلغ المئات في بعض المحلات الكبيرة من المجلات التي كلها صورٌ عارية تثير الغرائز، وتشحن الفتنة، وتدعو إلى الرذيلة، وتهيئ للإجرام والفساد.

    ثم وافق ذلك -أيها الأحبة- جهلاً منا بأصول التربية الصحيحة، فمنا من يرى جهلاً أو تأثراً أن فتح الأبواب على مصاريعها للأولاد والبنات أن نجعلهم يمارسون تحقيق الذات كما هي النظرية الغربية في التربية، إن أعلى صور التربية تحقيق الذات، وتحقيق الذات يعني: ألا تقول للطفل: لا. وألا تنهره، وألا تزجره عن همٍّ همَّ به أو فعلٍ أراده، وآخرون لا يضعون العصا عن عواتقهم، دون استعمالٍ لتدريجٍ يجعلون شيئاً من العصيات أو الضربات الخفيفة هي نهاية المطاف في بعض ألوان الأدب أو بعض ألوان التربية.

    يا آباء شغلوا وأمهات لهون!

    ليس اليتيم من انتهى أبواه من     همِّ الحياة وخلفاه وحيداً

    إن اليتيم من تخلت عنه أمه، وشغل عنه أبوه.

    زد على ذلك شيطانٌ يوسوس في النفس ويجري من ابن آدم مجرى الدم، وشهوة متسلطة، ومراهقة مسعورة عند البنات وعند الشباب إلى حدٍ كبير؛ مع بعض المثقفين المنهزمين الذين عاشوا في الغرب ودرسوا سنين طويلة، فما عادوا لنا بشراع وما عادوا لنا باتجاه، وما عادوا بنظرياتٍ نافعة صالحة في توظيف القوى العاطلة في المجتمع، أو تطوير أساليب الإنتاج أو تشغيل عوامل الإنتاج، أو إيجاد معادلات لإصلاح المجتمع وتطوير النزهة إلى معادلات جميع أفراد المجتمع، بل عاد إلينا أقوامٌ لم يعرفوا بعد سفرهم وبعد عيشهم في الخارج إلا أن عادوا ينتقدون كل قديم، وأن بعضهم يجعل فيه الدين، ويجعل فيه التقاليد والعادات، ويعطف بعضها على بعضٍ كأنها مترابطاتٍ، وفرقٌ عظيم بين أمور المعتقد وأمور الدين والتشريع من جانب، وبين السير والعادات والتقاليد التي ربما تغير بعضها تبعاً لتغير الأزمان والأمكنة.

    إذاً: الهجمة عامة، والمرأة محورٌ واضحٌ جليٌ في هذه الهجمة، وهذه الهجمة كما قلت تدور حول فتاتنا وأمنا وبنتنا وزوجتنا وأختنا، وهم في ذلك -أيضاً- يحرصون على تغيير البرنامج الذي تفكر به المرأة، ليس فقط عرضاً للمعصية أو الرذيلة عرضاً مباشراً، بل هناك سَبْقٌ وتقدم في المعركة فإنهم حاولوا أن يصلوا إلى طريقة التفكير التي تفكر بها الفتاة ليطلبوا فيها أسلوب التفكير وأسلوب النظر، وأسلوب القناعة والمعالجة.

    تلاحظ -مثلاً- ما أكرم به الإسلام المرأة من تشريع المحرم لها في سفرٍ وألا يختلى بها، وألا تخضع في صوتها، وألا تخالط وألا تسأل متاعاً إلا من وراء حجاب، وألا تضرب برجليها حتى لا يسمع ما تخفي من زينتها، يسميه الأعداء تجسساً وسوء ظن ومراقبة، في الوقت الذي يرى الإسلام أن المرأة شخصاً مهماً لا بد له من الحراسة، أرأيتم كيف يحرس الزعماء! أرأيتم كيف يحرس الملوك! أرأيتم كيف يحرس القادة؟ إن الإسلام يجعل المرأة زعيماً وقائداً ورجلاً مهماً خطيراً، لا يمكن أن يمشي وحده بل لا بد أن يعتنى بحراسته، خاصة في السفر ومواقع الخطر.

    كذلك -أيها الأحبة- والشيء بالشيء يذكر، يوم أن تمنع المرأة من القيادة، دفعاً لأضربٍ ولألوان كثيرة من الفساد، وسداً لذرائع المعصية والمنكر، ما ذلك إلا لإكرامها ولخدمتها ولحشمتها، فما يقولون: إن هذا الدين عظيم، يجعل المرأة أكرم من أن تقود السيارة التي ربما تعطلت فتعطل أمر المرأة، وتعرضت أن تمال أو تقف في قارعة الطريق لتنظر من يسعفها، الإسلام جعلها في مقام من يخدم، أرأيت من يحتاج إلى العناية به كعاجزٍ يحتاج إلى من يقود به السيارة، أو شخص مهم لا يتفرغ لقيادة سيارته، أو سمِ من شئت فإن الإسلام يقول للمرأة: أنتِ من هؤلاء المهمين الذين تقاد بهم السيارة، وليست هي التي تقود أو تتعرض لمشكلات أو مواقف مفاجئة لها خطرٌ على نفسها، أو فؤادها، لكنهم لا يسمون هذا احتراماً، وإنما يبرمجون -إن صحت العبارة- أو يقولون: إن هذا الدين بما فيه من قيم بالية وتقاليده مهترئة تمنع المرأة أن تمارس حريتها حتى ولو في أبسط الأمور أن تمسك بقطار سيارتها فتقوده بضعة كيلو مترات.

    إلغاء التخصص وخلط الوظائف

    يحرص أولئك على إلغاء التخصص وخلط الوظائف، أنتم تعلمون أن المرأة لها وظيفة لو اجتمع الرجال ليقوموا بها ما استطاعوا، فوظيفة الحمل لا يطيقها الرجال، وكذلك الولادة ومعاناة الحيض والنفاس المرتبطة بإنجاب الذرية، وتربية الأطفال والحدب عليهم، والسهر على شئونهم وأحوالهم.

    إن طفلاً صغيراً لو بكى الليل فأودعته عند أربعة رجال لملوا من التناول على هدهدته وتسكيته، كلٌ يدفعه إلى الآخر، وكلٌ يمل من تسكيته ولو بضع دقائق، لكنك تعجب كل العجب يوم أن ترى أماً ترضع وقد تكون حبلى في نفس الوقت، ولديها طفلٌ أكبر من هذا الرضيع فتقوم في وسط الليل وربما لم تفتح عينيها، ولكنها تهيأت لذلك، ومضت وسارت على الفطرة التي خلقت لها، فتجد الطفل يصرخ فتقوم لتسقيه الماء، والآخر يبكي فتلتفت إليه لتغيير ملابسه، والرضيع يصيح فتحضنه إلى صدرها وتلقمه الثدي وتسهر طول الليل ثم تنسى هذا كله في ابتسامة مشرقة يوم أن تراها بادية على محيَّا هذا الطفل الرضيع، أو على ذلك الطفل يوم أن يصبح وهو يضمها أو يلتف حولها أو يرمي برأسه عند رجليها، فتنسى الدنيا وما فيها فضلاً عما لقيت من العناء والتعب والمشقة في العناية بهذا الطفل، هل يطيق الرجال هذا؟ هل يستطيع الرجال هذا؟ لا والله لا يطيقونه ولا يستطيعونه ولله الحكمة؛ لأنهم لا أعدوا له بأي حالٍ من الأحوال.

    أولئك الذين يتربصون بالمجتمع الدوائر، ويسعون إلى إخراج المرأة من عفافها وطهرها وحيائها، يريدون للرجل أن يمارس هذا الدور، ويريدون للمرأة أن تمارس الدور الآخر، أن تخرج هي فتخالط من شاءت وتتهيأ وتتزين لمن شاءت، وتعمل في أي مجالٍ شاءت، وما اختارت المرأة لنفسها إلا سعادة لكنهم أفسدوا فطرتها، وخدشوا جبلتها وطبيعتها

    ومن يك ذا فم مر مرير     يجد مراً به الماء الزلالا

    فجر الرجال إلى وظائف النساء، وجرت النساء إلى وظائف الرجال، وصار هناك خلطٌ في الوظائف والمسئوليات، وإني عجبت ذات يوم، يوم أن اتصلت بصديقٍ فقلت له: ماذا تفعل في البيت هل تقرأ أم تكتب؟ فقال: لا. لكن زوجتي ذهبت إلى السوق وبقيت أحرس الأطفال، فقلت: الحمد لله، تسرح العنـز ويجلس التيس، نعم. هذا من العجائب والغرائب، نحن لا نقول هذا لكي يتأذى الرجال أو ينفروا عن المكوث مع الأطفال بعض الساعات حينما تدخل المرأة مع أخيها أو محرمها أو مع عدد من النسوة لقضاء حاجاتهن المعتادة في أوقاتٍ محددة من غير كثرة خروجٍ أو جعل الخروج من المنـزل سمة وسجية، لكن نقول هذا إذا كانت سمة الرجال البقاء في البيوت، وحراسة الأطفال، وسمة النساء السبت في حديقة الحيوان، والأحد في الحي الدبلوماسي، والإثنين في الفندق الفلاني للحفلة الفلانية، والثلاثاء في الزفاف الفلاني، والأربعاء في المكان الفلاني، وتجد الرجل قد قام بمهمة الحراسة على خير وجهٍ بارك الله فيه وسلمه، وجزاه الله خير الجزاء، لا يعاب رجلٌ أن يمكث عند أطفاله فيربيهم ويعلمهم وينصحهم ويوجههم، لكن أين المرأة؟ ولماذا تركت الأطفال؟ ولماذا غفلت عن دورها؟ ولماذا استقلت واستهانت بمسئوليتها؟

    الدعوة إلى إهمال المسئولية الحقيقية

    أيضاً من صور هذا التحدي: الدعوات السافرة إلى إهمال المسئولية الحقيقة وهي: مسئولية الزوج، والاستعداد للزوج، وتربية الأولاد والبنات -كما قلت- أصبحت عبئاً ثقيلاً على كثيرٍ من بناتنا، بل حتى على بعض المتدينات والملتزمات، ويا للأسف يوم أن تقول لامرأة: يا أمة الله! قري في بيتك، وأعدي وأصلحي وهيئي وعطري ونظفي هذا البيت، واجعليه جنة لا يمل الرجل شم جنباتها، ولا يمل من التقلب في أروقتها وغرفها، اعتني بهؤلاء الأطفال بكل لبسٍ جميلٍ رائع، اجعلي والدهم ينظر إليهم دائماً في أبهى حلة وأجمل زينة، إن تزيين الأطفال ليس لكي يراهم الأجانب فيقولوا: ما أبرق وأجمل هؤلاء الأطفال، بل إن الرجل ليسعد كثيراً يوم أن يرى ولده وفلذة كبده في أبهى حلة وأجمل صورة من النظافة واللبس الرائع الجميل.

    في المقابل نجد كثيراً من الفتيات لا تريد أن تلتفت لهذا، بل تشترط على الزوج أن يأتي بالخادمة، وفرض على الخادمة أن تتولى حتى الطبخ والإعداد والطهي، وتهيئة الملابس، والاهتمام بالأطفال والبنات، وإنها لمسألة خطيرة تحز في النفس أن يتعود الأطفال امرأة أجنبية تحسر عن عوراتهم، وتقلب عوراتهم في تغسيلٍ أو ملابسٍ ما بين طفلٍ ذكرٍ أو طفلة أنثى.

    إذاً: فهناك هجمة دعت إلى إلغاء التخصص وخلط الوظائف، وإهمال المسئولية، وتضييع البيت، والانشغال بغير الزوج، وإسناد مسئولية التربية إلى موظفٍ آخر هو المربي أو المربية، وعموماً فإن المحور الإعلامي يجمع لنا صوراً وألواناً ومشاهد من هذه التحديات نراها في أشكالٍ متعددة، من ذلك ما نراه من صور النساء العاريات الكاسيات على أغلفة ألوانٍ عديدة من المجلات، صور المتبرجات في ثنايا هذه المجلة وإبرازهن وإظهارهن بأنهن سيدات المجتمع ا الأُول، وأنهن الرائدات في مجال العلم أو التعليم أو التربية أو العمل الاجتماعي أو غير ذلك ... دعوة إلى الموسيقى والعزف المحرم، ودعوة إلى نبذ كثيرٍ من الأخلاق، بل وإشادة بامرأة وهي تمسك سيجارة في يدها؛ لأنها رجلة أعمال.

    كل جار ولى منتبطاً     غير جيران بني جبلة

    مزقوا ثوب فتاتـهم     لم يراع حرمة الرجلة

    سموها رجلة الأعمال، أو امرأة الأعمال أو سيدة الأعمال وهي تمسك بسيجارتها ولا حول ولا قوة إلا بالله.

    تقليدٌ للغرب وانطلاقٌ من الأصالة، وكل هذا سيأتي في صور ومقاطع سأعرضها عليكم الآن.

    رفض ونبذ لقوامة الرجل الحديد -مسئولية الرجل تجاه المرأة تسمى القوامة الحديدية- نبذٌ لما أمر به الله وشرعه: الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء:34] يقول تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة:228] ذلك أمر ينبذ في هذا التحدي المعاصر.

    دعوة إلى الحرية والتفلت من الأحكام والقيم الشرعية، وتشجيع التمرد من قبل البنات على الأهل والأولياء، دعوة إلى الاختلاط السافر.

    التحدي بالتعليم

    ثم بعد ذلك لا حظ جانباً خطراً من الجوانب التي قل أن يفهم منها بيت، وذاك هو التحدي بالتعليم.

    إن الإصرار على أن تتعلم المرأة كل ما يتعلمه الرجل، يعني: الإصرار على اعتبار طبيعة ودور وتكوين المرأة هي طبيعة ودور وتكوين الرجل ذلك، وإني لأعجب ولعل ذلك مما يلتفت إليه المسئولون -وفقهم الله ومنَّ الله علينا وعليهم بالهداية والعناية- إلى مناهج تعليم النساء، ألا يتعلم النساء نفس مناهج الرجال، ليس بالضرورة أن تدرس الفتاة الجيولوجيا كما يدرسه الفتى، أو تدرس الأحياء كما يدرسه الفتى، أو تدرس الفيزياء كما يدرسه الفتى، نعم. إذا كان ثمة مجال يحتاج فيه إلى عمل المرأة وذاك العمل يتطلب مقرراتٍ ومناهج، وتخص بحالة أولئك النساء اللائي نحتاج إليهن، أما أن يتعلم كل البنات هذا، بل إنك تعجب يوم أن ترى الفتاة المراهقة تدرس في كتاب الأحياء -مثلاً- أجهزة الرجل التناسلية بعينها وربما تقف دراستها عند المرحلة الثانوية أو عند حد معين، ما الحاجة أن تدرس المرأة ما يدرسه الرجل، أو أن يدرس الفتى ما تدرسه الفتاة، بل لا بد أن نعلم أنها تختلف عن طبيعة الرجل، وتكوينها العضوي والنفسي يختلف عن التكوين العضوي والنفسي للرجل، إذاً: لا بد أن تكون مناهج تعليمها تختلف عن مناهج تعليم غيرها.

    حاجة المرأة ماسة إلى علومٍ تحفظ حياءها، وتشعرها بعظم دورها وعظيم منـزلتها، أما ما يحصل الآن فإنك ترى عبر هذه المجلات الوافدة التي تصور دور المرأة التخريبـي هو الدور الذي من أجله خلقت، أما الدور الأول وهو دور الأمومة والزوجية والتربية والرعاية وسكن الزوج؛ هذا هو دور تقليدي قديم متخلف أكل عليه الدهر وشرب، يمكن أن تكون كل هذه الأدوار التقليدية في نظرهم أصيلة، وفي نظر الشرع يمكن أن تسند إلى مربيات وخادمات، أما الأدوار التي يمكن أن تسند إلى الرجال ولا حاجة إلى النساء فيها فتخرج المرأة وتؤز إليها أزاً وتدفع إليها دفعاً، وأنتم ترون هذا الواقع ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    إذاً: لا بد أن تتعلم المرأة، وأن يوجد لها المنهج الذي يهيئها لإدارة المنزل، ويجعلها تتفنن بالترغيب لزوجها في البيت، وأن تعرف علم نفس الزوج.

    إن علماء النفس ومن ألفوا في هذا المضمار، تكلموا عن علم الأجنة وعلم نفس الأطفال، وعلم نفس الرجال والنساء، وعلم نفس المراهقين، لماذا لا تدرس المرأة نفسية الزوج وما يحتاجه بدلاً من أن تدرس ألواناً وأضرباً من أمورٍ لا تحتاج إليها، كيفية التعامل مع الأطفال، علم سلوك الأطفال، نفسية الأطفال هذه من أهم وأبرز الدراسة التي أرى وأقترح أن تكون فرض عين على كل فتاةٍ من المراحل المتوسطة إلى المراحل الثانوية، كيفية التربية، ودراسة مشكلات الأطفال، وأساليب التوجيه والتأثير على الطفل، ليست أساليب التسمين والتجميل، وأنت تلاحظ أن كثيراً من المجلات تعتني بالأكل والملابس والأطفال.

    أما كيفية التأثير على الطفل تأثيراً إيجابياً نافعاً فما أندر أن تجده -حتى لا نكون متشائمين فلا نقول: إنه لا يوجد- وأكثر ما ترى تهدئة الطفل بالموسيقى، هدهدة الطفل بأمورٍ أو بأشياء لا تناسبه، ناهيك عن الاهتمام الأول والأخير بتجميل الأطفال وتسمينهم كأننا أفضل صورة نستطيع النظر بها أمام المجتمع المتحضر بأسرة رائعة مناسبة متمثلة في هذا الواقع.

    أيضاً كما أن هناك تحدياً في المجال التعليمي فهناك تحدٍ في المجال الإعلامي، وأكرر أننا لا نهجم هجمة حتى لا تنقل نقلاً خاطئاً، نحن لا نهجم هجمة على تعليم البنات في مجتمعنا، فإننا لا نرى صورة رائعة تصلح نموذجاً يحتذى في كثيرٍ من البلدان ولكن نقول: نريد مواجهة التحدي الذي تواجه به الفتاة في مجالاتٍ شتى، أو دعوة إلى أن تتعلم الفتاة أموراً لا تناسبها ولا تحتاج إليها.

    التحدي في المجال الوظيفي

    أيضاً من صور التحدي: التحدي في المجال الوظيفي -التعليم للعمل- الفتاة تتعلم لا للتربية، ولا لخدمة بيت زوجها، ولا لطاعة زوجها وإنما التعليم للوظيفة، ولو قيل للفتاة: إنك بعد هذا المشوار الدراسي لن تجدي رائحة الوظيفة ولن تشمي هذه الوظيفة، قالت: لا حاجة لنا إذاً إلى التعليم، من الذي غرس في ذهن الفتاة أن التعليم لا بد أن يكون للوظيفة، وهل من شرط علم المرأة أن تختمه بالوظيفة أو بالمرتبة الإدارية؟ ذاك جهلٌ عظيم، وتجييرٌ وتضييق لآفاق العلم الواسعة في مجال غيره، إن العلم آفاقٌ عديدة، وأعظم آفاقه أن تنفذ المرأة وتطبق ما شرع لها في حياتها التي خلقت لأجلها وما فيها، فتحجيم التعليم بالوظيفة فيه احتيالٌ أو فيه استهتارٌ وازدراء بعقل الفتاة وعقل المرأة.

    إن التعليم -كما قلنا- لرفع الجهل، وتعلم العبادة، ونفع بنات جنسها لا أن يكون لذات الوظيفة، وإنك لتعجب يوم أن تسمع شكاوى كثير من البنات اللائي لا حاجة لهن بالوظيفة، يتأففن منذ خمس سنوات ويقلن: نحن متخرجات ما وجدنا وظيفة، منذ سنتين ما وجدنا وظيفة، تخصصنا اجتماعيات ولم نجد فيه وظيفة، ومن الذي قال: تعلمن من أجل الوظائف؟ تعلمن حتى تعلمن ما ينفعكن في دينكن، وحتى تعلمن ما ينفعكن في أمور حياتكن وأزواجكن، أما التعليم للوظيفة فهذا أمرٌ في منتهى الحماقة وفي منتهى الجهل.

    نعم. إذا احتاج المجتمع إلى المرأة في مجالٍ من المجالات كالطب والتمريض غير المختلط، فحيّ إذاً على هذه الوظيفة التي بها نستغني عن الكافرات، وبها نستغني عن الرجال في أمورٍ لا يصلح أن يطلع عليها إلا النساء، أوليس قلب الواحد منا يتمزق يوم أن تبلغ زوجته حال الولادة وتبدأ آلام الطَّلْقِ والمخاض، تلك الزوجة التي ربيت عفيفة شريفة دينة خيرة ما رأى أحدٌ منها ظفراً ولا يداً ولا أنملة ولا قدماً ولا ساقاً، ثم في حالة الولادة لا نجد خياراً إلا أن نترك المجال للدكتور أن يشرحها ذات اليمين وذات اليسار لينظر إلى أخس عورتها وسوءتها رجلٌ ليس زوجها!! وأخبث من ذلك أن يطلع عليها كافر.

    إنه لا يفرح القلب أن تجد استشارياً في أمراض النساء والولادة ويباشر التوليد وهو كافر، أو هندوسي، أو طبيبة هندوسية وهذا من الواقع، ونسوق هذا دعوة لكم أنتم، ودعوة لكل من له قدرة على أن يعين ويشجع الاستغناء عن الكفار، وإحلال المسلمين محلهم، قياماً بالفرض والواجب وليس هذا من باب الأولى.

    نجري وراء مسألة الوظيفة رغبة في الوظيفة أياً كان الثمن، وبعد الوظيفة إضاعة للمال في مجالاتٍ لا تنفع أبداً، يا ليت وظيفتها كانت -كما قلت- تمريضاً لبنات جنسها، أو تطبيباً لأخواتها المسلمات وإنما كانت وظيفةً ربما جرتها يوماً من الأيام إلى الاختلاط بالرجال:

    كل الحوادث مبدأها من النظر     ومعظم النار من مستصغر الشرر

    ثم إذا أمسكت الفتاة بوظيفة كأنها أمسكت بسر الحياة الذي لو فارقته فارقت روحها وحياتها، إن كثيراً من البيوت أغلقت، وكثير من الأسر كسرت وهدمت، وكثيرٌ من الأطفال ضاعوا بين الآباء والأمهات بعد انفصام عقد الزوجية وحدوث الطلاق والفراق لأجل الوظيفة.

    شابٌ تزوج معلمة وعنده من الدخل ما يكفي، وليس بمحتاجٍ إلى وظيفة زوجته فقال: يا أمة الله! أنا أنفق عليك بما يكفيك بالمعروف وزيادة فلا حاجة للوظيفة، وتفرغي لطفلي وطفلتي، فماذا تقول؟ لا وألف لا، لا للبيت .. نعم للوظيفة، لا للبقاء في المنزل .. نعم للذهاب صباحاً مع السائق إلى الوظيفة، ثم يشتد العراك ويبعث حكمٌ من أهله وحكم من أهلها لعلهما أن يصلحا بينهما بعد إرادة التوفيق والإصلاح فيعجزان؛ لأنها ذهبت مشرقة وذهب مغرباً وشتان بين مشرقٍ ومغرب، فليس ثمة أنصاف حلول بين الرجل والمرأة في مثل هذه المشكلة، هي تريد الوظيفة وهو يريد أن تتفرغ للبيت، وإني لأعلم علم اليقين وتعلمون أن بيوتاً أغلقت وأسراً تفرقت، وأطفال ضيعوا بسبب هذا المعنى، إنه كان نتيجة لذلك التحدي السافر الذي كانت المرأة محوراً من محاوره.

    ثم نقول لكل مسئول عن عمل المرأة وتعليمها: ما الذي يمنع أن يكون التعليم تخصصاتٍ بحدود معينة، فلو كانت ترغب أن تواصل دراستها في التمريض وفي الطب، وفي كل مجال يخدم حالة المرأة فلا حرج أن يستمر السلم التعليمي بها إلى درجاتٍ عالية وفوق العالية، لكن المرأة تريد أن تتعلم حظاً معيناً من العلم، فما الحاجة أن نجرها إلى عشرين سنة في دراسة، ما الحاجة أن تعرف تاريخ الرومان وتاريخ الإغريق القديم وتاريخ أوروبا المعاصر؟ ما الحاجة أن تعرف .. وأن تعرف .. وأن تعرف علماً لا ينفع، في الوقت الذي تجهل فيه كثيراً من أحكام حيضها ونفاسها، وصلاتها وصيامها، وحجابها وكلامها وخطابها، وأحكام اختلاطها بغيرها، علمت كل ما لا تحتاج إليه وجهلت كثيراً مما تحتاج إليه، وما ذاك إلا نتيجة ذلك التحدي الخطر.

    ما الذي يمنع أن تكون الخدمة المدنية للمرأة -بدلاً من السنوات المعدودة- أن تكون نصف الخدمة، يعني: أهناك فرض يمنع أن تكون الخدمة المدنية عشر سنوات للمرأة؟ اثنا عشر سنة للمرأة؟ لا. ليس هناك ما يمنع ذلك، أما أن تكون الخدمة المدنية للمرأة مقاربة للخدمة المدنية للرجل كأننا ننظر إليها بنفس النظرة إلى الرجل، ثم ما الذي يلزمنا أن نجعلها في مسئوليات التعليم خاصة بنفس مسئوليات الرجل، أربعة وعشرون درساً أو أربعة وعشرون حصة أو عشرون أو أقل من ذلك، ما الذي يمنع أن تعمل السبت والأحد وبعضهن الأحد والإثنين، وبعضهن الثلاثاء والأربعاء، يعني: أن تعمل الفتاة في التعليم -مثلاً- يومين في الأسبوع بنصف المرتب، ولا غضاضة في ذلك ولا حرج، ففي هذا تفريغ للمرأة ذاتها حينما تعمل لأحوال أولادها فلا تنشغل عن زوجها وأولادها، وفي نفس الوقت فتح مجالٍ للمحتاجات والراغبات في هذا العمل، وتكون مشاركة المرأة مشاركة حينما نحتاج إليها لا تشغلها عن مهماتها الأصلية.

    لقد صاح كثيرٌ من دعاة التحرير أو من يسمون بالتقدميين: إن المرأة ذلك الجزء المعطل من المجتمع، تلك الرئة المعطلة، ذلك العنصر الجامد الذي لا يشارك الرجل في مسئولياته ذلك .. ذلك .. إلى آخر ما قيل عنها من أجل إقناعها بأنها مظلومة، وإقناعها بأنها مهدرة القيمة، مهدرة القوى والثروة، فحينئذ تخلق لها قضية وليس ثمة قضية، قضية بلا مضمون، امرأة تريد أن تعمل وتريد أن تتحرر وتريد أن تتفلت -أن تقف أمام الرجل الذي وقف لها عند عتبة بيتها يمنعها من تحقيق ذاتها وممارسة شخصيتها- إلى آخر ما يقولون ويسمون.

    وأخطر من هذا كله يوم أن يتحدث أولئك الذين يتحدون المرأة بهذا المضمار حينما يتحدثون عن وظيفتها يقولون: ليس الكلام فقط عن الوظائف التقليدية، وإنما البحث عن آفاق أرحب ومجالات أوسع، وميادين أكثر تجديداً للمرأة، إن عمل المرأة فيما يخدم بنات جنسها بات عملاً تقليدياً، وصدق القائل: إنهم لا يريدون حرية المرأة بل الحاجة عندهم ماسة إلى حرية الوصول إلى المرأة، مهما فتح للمرأة من مجالاتٍ جديدة لاستيعاب تخصصاتها أو أعمالها عند الحاجة إليها فستكون تقليدية وتبقى تقليدية إلى أن تقوم الساعة، حتى يكون المجال في العمل يسمح بالاتصال بين الرجل والمرأة، ويبيح الاختلاط بين الرجل والمرأة، فحينئذٍ ينكسر الطوق التقليدي، وتظهر الحالة الحضارية للعمل.

    إذاً: كل عملٍ مهما راعينا فيه احتياجات الأمة والمجتمع فسيظل تقليدياً إلا يوم أن يكون العمل فيه اختلاط سافر واضح صريح، يسمح للرجل أن يكلم المرأة وأن يخالطها، وأن يخلو بها وأن يسرح بها، وأن يذهب بها في أي وقتٍ شاء.

    أيها الأحبة: إن عمل المرأة ذلك المجال الذي هو واحدٌ من مجالات التحدي ربما قنع البعض أن في مجتمعنا خاصة من يعدون بنسبة كبيرة أو يمثلون شريحة عريضة يرغبون في هذا، وليس هذا بصحيح، لكن شرذمة قليلة وأقلية مستبدة تتفرد في الزوايا الصحفية وبعض المنابر في المجلات والجرائد لتنشر ما تريد ولا تسمح للآخرين بالمشاركة والمناقشة أو الاعتراض أو التحليل، يظهرون أن كل المجتمع ساخطٌ على هذا الوضع، وأن كل الأسر لا يريدون هذا الوضع الحالي.

    وكما يقال: الماء يكذب الغطاس، والتجربة أكبر برهان، أجريت دراسة على أربعمائة أسرة سعودية فكانت نتائج الدراسة الإحصائية بعد جمع البيانات وتحليلها أن (72%) لا يؤيدون عمل المرأة خارج المنـزل، (95%) لا يؤيدون عمل المرأة إذا كان دخل الزوج كافياً، إذاً من الذي يطالب بعمل المرأة؟ هم الرجال، أما النساء فلم يرفعن راية يصحن فيها للعمل، والنساء اللائي طالبن بهذا العمل هن أقلية أقل من قليلة، وأندر من نادرة، وأخف من شرذمة، هي التي تدعو إلى عمل المرأة في كل مجالٍ وكل قطاعٍ وفي كل مناسبة، وتقول التجارب: إن الأطفال الذين يعيشون في الأسر يتمتعون بتأثرٍ واستجابةٍ عميقة في هذه الأسر أكثر من غيرهم الذين يعيشون تحت تربية الخادمات والمربيات.

    وتقول التجارب أيضاً: إن الطفل لا يخضع لسلطان جماعته كخضوعه لسلطان أسرته.

    وتقول التجارب أيضاً: كل طفلٍ يعيش في أسرة منظمة مرتبة فإن هذا الطفل من السهل تشكيله ومن السهل تربيته وإقناعه.

    وإنكم لتجدون مصداق هذا أيها الأحبة، إن بعض المجتمعات أو بعض الدول لها منهجها التعليمي، ومن فئات هذا المجتمع فئات تخالف المنهج العام في معتقدها وفي تعليمها وأفكارها وفي توجهها وآمالها، ومع ذلك تجد أن الطفل من تلك الأسرة المخالفة للمجتمع كله يدرس في المدارس والمؤسسات التعليمية في المجتمع فلا يتغير عنده ذرة من أفكاره وثوابته، لماذا؟ لأنه يعيش في أسرة كل صباح تعطيه درساً في معتقده، وكل مساء تغسل دماغه عما تعلم، إذاً: فالأسرة أخطر مؤسسة سواء كانت تعليمية أو اجتماعية أو تربوية أو غيرها، فلا تصدق ما يقول أولئك: إنه بالإمكان تشغيل الخادمة أو الاستفادة منها، وإسناد المهمات التقليدية كالتعليم أو التربية إليها.

    مجلة (سيدتي) مقالات وآراء مخالفة للشرع

    ولننتقل -أيها الأحبة- إلى مقاطع وصور من هذا الفساد والتحدي والتخريب عبر مجلةٍ من المجلات التي أخذت على عاتقها لواء إفساد المجتمع السعودي والأسرة السعودية، تلكم مجلة "سيدتي" إني لا أقول هذا إلا بعد رصدٍ لأكثر من أعداد تزيد على المائة جمعها عدد من الشباب جزاهم الله خيراً، في العدد الفلاني كذا .. في العدد الفلاني كذا .. في العدد الفلاني كذا .. وخذوا واسمعوا شيئاً من هذه العجائب:

    هذه المجلة تتكلم باسم المرأة السعودية، وهذه المجلة تدعو إلى أن تكون المرأة السعودية المنتظرة القادمة الواهبة الصاعدة هي التي سوف تتسلم قيادة المرأة أو سيدة العالم كما يقال.

    في العدد(86) إباحة الحب بين الشباب والشابات في الجامعة، وأنه لا مانع من الزواج بينهما سراً إذا ما اتفقا على ذلك، ولو رفض والد الزواج، بل في العدد نفسه يسوق تحدي البنت لأبيها إذا رفض الأب -وليها- زواجها ممن تحب، يقول المحرر وساق تجربة فتاة في الواقع، يقول: نشوب حب بين شاب وشابةٍ في الجامعة تعاهدا على الزواج، وعندما رفض والد الفتاة هذا الزواج عقدا زواجهما سراً، ولدى إعلان الزواج رفض والد الفتاة تسليم الفتاة لزوجها فتدخلت الشرطة وسلمت الفتاة لزوجها.

    ثانياً: زميلان في العمل غاب الاثنان واتفقا على الزواج، وأمام رفض الأب هذا الزواج بالفارق الاجتماعي بين الأسر هددت المرأة والدها برفض الزواج من غير ذلك، ولكنها عقدت زواجها سراً وخرجت مع زوجها.

    في عددٍ -أيضاً- شبهت المرأة الكويتية التي تقر في بيتها وتتجنب الاختلاط وليس الكلام عن كل امرأة كويتية ففي كل بلادٍ برٍ وفاجر، في الكويت طاهراتٍ وصالحاتٍ وتقيات نقيات كما في كل مجتمعٍ نحسبهن ولا نزكي على الله أحداً، ولكن في بعض المجتمعات يكثر هذا النوع من الفساد، تشبه الفتاة التي تمنع الاختلاط أو تمانع منه بالسجاجيد العجمية، وتدعو الكاتبة إلى تمرد النساء على الرجال حيث قالت: هذا النوع من النساء لا يستطيع أن يقول: لا. لا يستطيع أن يتعدى عقلية من هو أكبر منه، وتقول: المرأة لا مكان لها إلا خلف الرومانسية السياسية أو العاطفية، ويجب أن ترمس الرومانسية.

    في العدد (171) الدعوة إلى إباحة خروج الخاطب مع مخطوبته من المنـزل أو أحد الأماكن العامة، تقول: بعد الخطبة بإمكان العريس أن يصطحب خطيبته إلى منـزله وإلى الأماكن العامة.

    في نفس العدد إشاعة السفاح بين الفتيات القاصرات ولزومهن إلى التخلص السريع من الحمل تفادياً للفضيحة.

    المحرر يبحث في حوار صحفي مع امرأة ويقول: ماذا يكون موقفك فيما لو رغبت إحدى الفتيات المتزوجات التخلص من الجنين أو عرض هذا لقاء مبلغ من المال؟

    الجواب: هذا النوع من الفتيات يكون قاصراً في أغلب الأحيان، وحملهن غالباً لا يعرف به الأهل، لذلك يلجأن إلى التخلص السريع منه تفادياً للفضيحة، ولا أعتقد أن إحداهن ترغب الاحتفاظ بجنينها مهما كانت المغريات.

    في العدد (433) فكرة إلى عمل الدعوة واختلاطها في الأعمال العامة، تقول هذه المرأة: وأنا أشاركك الرأي؛ لأن تواجد المرأة في الحياة العملية الوظيفية ما زال أقل بمستوى تواجدها الأكاديمي، ولعل مرد ذلك إلى كون دور المرأة المهم والأساسي في المجتمع ما زال يدور حول إنجاب الأطفال وتربيتهم، وقيام المرأة بهذا الدور يكون على طبيعة الحال على حساب مشاركتها في الحياة العملية خارج البيت.

    في العدد نفسه إصرار الفتاة العربية على العمل كممرضة والدعوة إلى التمريض بدون ضوابط، ثم تهجم هذه المرأة وتقول: ولماذا الاستسلام لأفكار لا تساعدنا على النمو.

    في العدد (103) الدعوة إلى ترسيخ مبدأ عمل المرأة عند الطفل، وتغيير صورة المرأة في ذهن الطفل: أي: ينبغي أن يقال للطفل قولاً يغير صورة ارتباطه بالمرأة سواءً كانت أماً أو وليةً إذا لم تكن الأم موجودة، ينبغي أن يقال للطفل: لا تنتظر من أمك أن تصبحك أو تذكر الله في وجهك، أو تعلمك شيئاً من الأدب أو أو إلى آخره ...، ينبغي أن يغير موقف ونظر الطفل إلى المرأة.

    في العدد (172) تحت عنوان الإذاعة والمرأة: دعوة إلى عمل المرأة في الإذاعة وفيها: المرأة أقدر على الرجل من العمل الوظيفي.

    تقول الإذاعة: عمل المرأة والراديو بستانه، ويدخل كل بيت ولا بد أن يكون فيه شيءٌ من الرقة والتسلية تذاب فيه الثقافة، والمرأة أقرب إلى العمل كمذيعة للأسباب التي ذكرناها.

    في العدد (172) استهتار بشهر الصيام واستخفاف به، ودعوة للتمثيل، واستحلال سماع الأغاني الرخيصة، فتقول إحداهن: رمضان بالنسبة لي فزورة، وفي رمضان كنت أحرص على تقديم المسلسلات، وأمضيت شهراً أقنع عبد الوهاب بالتمثيل حتى وافق على الاشتراك في مسلسل (شيء من العذاب).

    في العدد (105) دعوة إلى العمل العام المختلط والتمرد على الزوج وعصيانه، تقول الدكتورة: نوال السعداوي -وهذه إن كان في العلمانيين من تشد إليه آباط الإبل فتشد إليها- قالت: أنا تزوجت مرتين، وزواجي الأول فشل؛ لأنه كان المطلوب مني أن تقتصر حياتي على المنـزل والمطبخ فقط، وأنا عندي أشياء أخرى، قالت: أما زواجي الثاني فتميز بعلاقة ودية وربينا أولادنا على حرية التفكير، ولي ابنة وولدٌ وسيصبح مخرجاً سينمائياً.

    لا تلد الحية إلا حية.

    في العدد (443) دعوة وتشجيع الحب المتبادل بين المريض والطبيب الذي يعالج -وتراه المرأة- ويعتبر هذا أمراً عادياً تقول الكاتبة: لم يكن لأحدٍ الحق بأن يلومني، فلم يكن الأمر بيدي إذ كنت قد أحببت طبيبي الذي عالجني، فلست أول واحدة تحب طبيبها، وليس هو أول طبيبٍ يحب مريضته.

    في العدد (89) الحث على تربية جيل فاقد للعاطفة، تقول: بقيت ابنتي معي حتى اليوم، وهذا نوع من القوة أمارسه كأم، أنا لم أضع أولادي في حضني ولكني وفرت لهم جواً ثقافياً، كان من الممكن أن أجوع سنة حتى أوفر لهم ثمن تذكرة سفر، نحن أسرة مختلفة تماماً، أنا وزوجي إنسانان على قدر واحد من المساواة، وبيننا نوع من المشاركة الفكرية النادرة بصرف النظر عن كونه رجلاً وكوني امرأة، وآخر ما نتذكره أننا زوجٌ وزوجة، وهذه العلاقة تنطبق -أيضاً- على ولدي فهم يعيشان في منتهى الحرية والاستقلال، تقول: ابنتي عاشت في لندن لوحدها وهي تدرس الاقتصاد وتكتب القصة والشعر، وابني سافر وهو في الحادية عشرة من عمره إلى الخارج واستطاع أن يعتمد على نفسه وحده.

    دعوة إلى تمرد أو تحرر الزوجة من حقوق الزوج والواجبات تقول: امتلاك زوجتك امتلاك جسدها يعني: أن تقتلها وامتلاك عقلها يعني: أن المرأة تحدو حدوك وهذا مرفوض.

    تشجيع الزواج من الأجنبيات المشركات، يقول: ابتعثت إلى بريطانيا لدراسة الطب ودرست هناك ثمان سنوات، ولم تستطع والدتي العثور على زوجة، ومنذ ستة أشهر وجدت ضالتي، فتاة من الجنوب الأسباني فيها كل ما أحلم به في الفتاة.

    تربية الناشئة على الإلحاد، يقول المحرر في باب ما نقول لأطفالنا إذا سألوا عن الله، يقول: الأفضل أن نوضح للطفل كيف أن الحياة تمضي تتطلب ميلاد أطفال وهم زهور جديدة، وتتطلب الحياة حيوانات ووجود أشجار، وكذلك فإن الموت هو نهاية كل إنسان وكل نبات وكل حيوان، وإن الموت هو ذهاب الإنسان إلى عالم آخر لا نعرفه نحن أبداً.

    هذا خطر داهم حتى في أمور العقيدة والأمور الغيبية، تشويه العقيدة لدى الأطفال يقول المحرر: وهنا نستطيع أن نصل إلى فكرة جديدة هي أن الطفل أو أي إنسان إذا رغب في التعرف على الله أكثر من الاقتراب منه أو الإحساس به، فما عليه إلا أن يتتبع كل ما هو خير؛ لأن الله هو في كل الخير.

    تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً؛ وما هكذا يعبر عن الذات الإلهية أو يتكلم عن الله.

    في أحد الأعداد تحريض على عمل المرأة في جهاز الشرطة، إذ صورت المجلة صورة النقيب عواطف الفلانية رئيسة الشرطة النسائية في البحرين، وهي تلبس لباس ضابط.

    تقول: الشرطة النسائية خير من يتعامل مع قضايا الأحداث والمرأة، والبحرين أول دولة عربية ترحب بالمرأة في مجال الشرطة، ولقد حذت حذوها مصر وإيران -الحمد لله!!

    دعوة إلى الصداقة غير المشروعة بين الرجال والنساء: صورة لشابة وكتب تحت الصورة: متى أدخل المعهد برفقة محمد؟

    دعوة إلى استغناء المرأة عن الرجل ولو كان زوجاً: تقول المرأة: نتربى في وهمٍ غريب -أو تتربى وهي في وهمٍ غريب- تحتاج للرجل لكي يحميها، هي إنسانة يجب أن تنمي قوتها الذاتية لحماية نفسها، يجب أن تعتمد المرأة على نفسها لا تعتمد على الرجل، ولكن عهود التخلف والفترات المظلمة، وانحسار مدة الحضارة العربية والإسلامية أنجبت تراجعاً كبيراً في القيم الإنسانية وفي علاقة المرأة بالرجل.

    في العدد (173) تحت عنوان: المراهقات الخليجيات، دعوة إلى إباحة الرسم، والشعر، والموسيقى، والتمثيل كعلاج لمشاكل المراهقة والتكيف مع المجتمع، تقول الدكتورة سمية فهمي أستاذة علم النفس: والتكيف مع المجتمع هو خير طريقة لوقاية المراهقات، وذلك بتهيئة الفرص لهن للتعبير عن وجدانهن وانفعالاتهن بالرسم والشعر والموسيقى والتمثيل.

    في العدد (173) دعوة إلى المساواة بين الرجل والمرأة وبدون فروق: تقول سحر : إن الشاب مثل الفتاة لا فرق بينهما، وأعتقد أنهما متساويان في كل شيء، النظرة القديمة للفتاة زالت مع التطور العقلي.

    وأخرى تقول: لقد تعلمت في صفوف المدرسة أن الولد أخٌ وزميلٌ يخضع لنفس برامج الدراسة، ومن هنا لا أتصور الولد فارساً مقداماً.

    في نفس العدد التلاعب بالنصوص وتحريف الآيات القرآنية، إذ تقول المحررة فوزية سلامة : هذه الآية الكريمة هي أقوى دليل على أن الله سبحانه احترم رأي المرأة وجعل لها حرية المجادلة والمحاورة فيما ترى أنه حق، والدليل قول الله: وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا [المجادلة:1] -نسأل الله العافية-.

    تشويه الحرية الحقيقة ووصف الحرية الحقيقة بأن تتصرف الفتاة كما ترى مع إشاعة صحة اختلاط الشبان بالشابات دون قيود من دينٍ أو خلق، وأهم شيء فكرة عدم الإنجاب.

    تقول المحررة على لسان مها مصطفى : حريتي في نظري لها جوانب كثيرة منها: حرية الإقناع والاقتناع، وحرية مزاولة المهنة، وحرية اختيار شريك حياتي، وحرية عدم اختيار أي شريك، وحرية الإنجاب أو عدم الإنجاب، أنا مؤمنة بالاختلاط واختيار الأصدقاء من الجنسين في حدود ظروف المجتمع الذي أعيش فيه.

    ثم في العدد الآخر دعوة إلى اختيار الزوج لصفات جمالية فيه قالت مها إسماعيل : أتمنى أن أجد فارس أحلامي من المثقفين، وأفضل أن تكون عيناه عسليتين -لون عسل النحل الصافي- وقلبه أبيض كالقشطة. لست أدري قشطة التاج أو غيرها!

    تحريض على إباحة الاختلاط على علم والدي الفتاة، تقول إحدى المراهقات: لدي أصدقاء من الجنسين يعرفهم أبي وتعرفهم أمي جيداً، وأنا حريصة دائمة على رضى والدي عن أصدقائي.

    عدم استئذان المرأة أهلها في الخروج وهذا مما يكرس مفهوم الحرية، تقول: الحرية معناها بالنسبة لي: الإخبار وليس السؤال، أن أخبر أهلي بأني سوف أخرج لكي يأذنوا أم لا. لكني لا أسألهم الإذن في الخروج لأني غالباً في النادي أو عند صديقاتي.

    إفساد الحياة الزوجية بالإفتاء للمرأة المتزوجة أن تنفصل عن زوجها؛ لأنها أحبت ابن خالها، هذه مشكلة من فتاة وهي متزوجة أحبت ابن خالها فالجواب: ذلك أن امرأة تشكو باسم المعذبة أبداً من تعلقها بابن خالها، وأنها تريد الزواج من ابن خالها الذي تحبه، فالحل كما قالت المجلة: انفصلي من زوجك وتزوجي ابن خالك.

    دعوة إلى تربية الطفل على سماع الموسيقى وترسيخ ذلك في نفس الطفل، قال المحرر: إن أولى خطوات تدريب وإعداد حاجية الطفل وتنمية حسه الجمالي هو تدريبه على سماع الموسيقى، فالموسيقى أدبٌ ومن أنواع الفنون الفطرية، وإن تدريب الطفل على تذوق الموسيقى هو أول الطرق التي تكفل تنمية أحاسيس الطفل، وإعداده لتذوق الأعمال الفنية المختلفة كالشعر والرسم.

    المجلة تساعد على التفكك الأسري فالمجلة -مثلاً- تنشر قصة لرجل متزوج تعلق بفتاة وأحبها، مما دعاه إلى طلاق زوجته بعد تحريضٍ من الفتاة التي أحبها، ثم ارتبط بمعشوقته حباً، وتقول المجلة: من غير المعقول أن تعقد الفتاة الارتباط برجل مرتبط بزوجة أخرى.

    وقالت المجلة: لم يعد هناك مجالٌ واحد لم تقتحمه المرأة، أما في الرياضة فقد دخلت ميدانها منذ وقتٍ طويل، واعتدنا أن نسمع الأسماء اللامعة خاصة في الجنباز والسباحة والتزحلق، والمرأة العربية قد حصدت بطولات دولية وقالت: إن المرأة المصرية نالت البطولة في السباحة.

    تشجيع على الاختلاط في المظاهر العامة: قالت المجلة في عمل صحفي: العمل مع الرجال شيء جيد ومثمر وبناء، وليس عليه أي تحفظات من خلال خبراتي بهذا العمل منذ خمسة عشر عاماً.

    التشجيع على التخلص من المرأة غير الجميلة وذلك في صورة كاريكاتير يدعو إلى ذلك بإلقاء المرأة بعيداً عن الرجل، وكاريكاتير يصور المرأة غير الجميلة في صورة حشرة يعني: جناح وجسم حشرة، والوجه صورة امرأة غير جميلة، والرجل يبيدها بالمبيد الحشري بالفليت.

    هذا واقع من خلال الاستقراء والكلمة المتقاطعة -أيها الإخوة- تكتشف في ثنايا مجموع كلمات، إن ذلك يؤكد أن المرأة مهاجمة من خلال السيل الزاحف والوافد من هذه المجلات التي لا تمت إلى ديننا أو عقيدتنا أو مجتمعنا بصلة.

    وكأني أظن أن الشيخ لقمان ظن أنني انتهيت ولما بقي بعض الأمور وأشير إلى دراسة أعدتها إحدى الأخوات كتبتها في دولة غربية أظن أن اسم الأخت فاطمة الحضيف تقول: إن خلاصة هذه المجلة حرصت على نقل النموذج الواقع المتجسد في المرأة الغربية ليكون واقعاً حياً متجسداً في المرأة والفتاة السعودية، ولكن المصيبة حينما تتحدث مجلة باسم المرأة السعودية والفتاة السعودية لكي تتكلم على لسان الجميع، ووالله ما تكلمت إلا بلسان فئة أو شرذمة قليلة.

    من مصائبهم أيضاً: المضيفة الجوية حلم كل فتاة، الآن يتدخلون في كل شيء، إخواني رفضوا السفر إلى لندن -هذا من مجلة سيدتي أيضاً- مع أنهم يذهبون للسياحة، أنا أريد السفر للحصول على تعليم معين لا أجده في بلادي، هذه تقول: إخواني يسافرون للسياحة والعبث وأنا أريد أن أسافر لأجل التعلم في لندن، فلماذا يمنعونني؟ هذه كما قال الشاعر:

    وإني وإن كنت الأخير زمـانه     لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل

    تقول فتاة: أتستوعبون كلمة القتل؟ إن بعض ما يحدث بي اليوم يندرج تحت باب القتل، قتلٌ للحب، قتل للطموح، قتل للفرحة، قتلٌ لما نريد إنتاجه، إننا أشبه بعصافير في قفص كبير جداً جداً الأهالي يريدون منا الطاعة دون مناقشة، والأب والأم يفرضان سيطرتهما.

    وأخرى تقول: لم نعد نرى إلا نماذج سيئة من الشباب، ونعلم في قرارة أنفسنا بأن هناك نوعية ممتازة من شبابنا ولكن أين هم؟ وكيف نلتقي بهم؟ وهذا بدون تعليق.

    أيها الأحبة: إن هذه هي نموذج واحد وهو مجلة "سيدتي" إنني لا أهجم على هذه المجلة وحدها، وإنما أقول: هذا نموذج يخاطب أختي وأختك وزوجتي وزوجتك، إن هذا النموذج لا يستطيع أن يقول: مزقوا الحجاب، وإن وجد من قال ذلك، هناك من نادى بتمزيق الحجاب، من نادى بتمزيقه صراحة، ومن نادى بتمزيقه متستراً تحت الحداثة.

    لا تستطيع هذه المجلات أن تقول تمردي على الأسرة، تمردي على الزوج وإن كان وجد في بعض العبارات ما يدل على ذلك.

    إن عرض مواقف فتيات أياً كانت جنسياتهن أو عدم التصريح بأنهن سعوديات، أو الإشادة بفتاة طائفية أو فتاة مستغربة أو فتاة عربية عاشت في الغرب، وتمديدها والإشارة إليها ونشر صورها ولقطاتها ومواقفها يعني: الإشارة إليها بكل إعجاب.

    إن أولئك لا يستطيعون أن يصرحوا فيقولون: اعملي راقصة أو ممثلة أو احرصي أن تكسبي المال من جراء عرض صورتك على غلاف المجلات، ولكن صور النجاح الموهوم الذي ينتظر هو حينما تتحولين وتفهمين هذه الرسالة الخفية.

    إشعار الفتاة أنها مظلومة في ظل قوامة الرجل، خذ هذا البرهان، زوجة تقول: أنا زوجة تحت الإرهاب النووي أتسول حريتي؛ أريد ثورة وليس انقلاباً، أعتقني ففي العتق ثواب، ارحمني فقد أذل الزواج الإباء، إذاً ما الذي يمنح النساء الحرية؟ الدعارة، الزنا، الرذيلة، لا داعي لهذا الكلام.

    إننا أيها الأحبة! لا نفترض أن ولاة الأمر شمس مشرقة على كل شيء حتى ينكروا كل صغيرٍ وكبير، ولكن من واجبنا أن ننقل كل هذا حتى وإن تقادم عليه الزمن، أو فات على الرقيب أو لم يعلم به المدقق، إننا ينبغي أن نحاسب هذه المجلات وأن نكاتبها بكل عبارات البراءة أنها لا تمثل هذا المجتمع، بل هذه المجلة توجد في دولة علمانية أو في دولة اشتراكية أو بعثية أو نصيرية، أما أن يكون مكانها ومسرحها هنا، فلا مكان لهؤلاء بإذن الله جل وعلا في مجتمعنا، وناهيك عن التغطيات الإعلامية لعروض الأزياء في أحد الفنادق، بل سميت بعض الفنادق المعروفة تحت عناوين شرقية وخطواتٍ مائلة مميلة المرأة العربية أفضل من الرجل في الحاسب الآلي، دور المرأة البحرينية يتسنم أو يسابق في قضية الشرطة، حوار بين فتى وفتاة فيه دعوة خارقة للتحلل والتفلت من حكم الله ورسوله.

    هذا الحوار يقول فيه الشاب للفتاة: الماضي لا يحكم الحاضر، الشعر الجاهلي لا يحكم عواطف القرن العشرين، كل شيء تغير، لا بد أن يتغير، نعم كل شيء يتغير إلا وجه الله.

    في بعض هذه المجلات فتاوى الاستهزاء بالدين، كتبت هذه المجلة في زاوية من زواياها فوائد غض البصر، بعد هذا الكلام الطويل عن التبرج وعرض صور النساء والمتبرجات والأيدي والسواعد والنحور والسيقان وكل الصور الماجنة، تكتب في زاوية فوائد غض البصر! أليس سياق هذا من باب الاستهزاء، أليس سياق هذا من باب السخرية، ثم يأتون بمن أفتاهم فيقولون: سماع الموسيقى إذا كان لا يلهي عن ذكر فإن القليل الذي يذهب الغم عن النفس جائزٌ، وآخر يفتي ويقول: زيارة النساء للمقابر لا بأس بها في أي وقتٍ بشرط أن تكون مع ذي محرم، صور من الفقه الجديد، صور من فقه النظام العالمي الجديد.

    في أحد الأعداد نشرت المجلة قصة فيلم، فتاة جميلة تربطها قصة حب بزميلها الوسيم، وترفض أن تكون فتاةً عادية، قررت مشاركة الزملاء في العمل من أجل الحرية، وأعلنت سخطها على هؤلاء الذين يكتمون الحريات.

    وفي أحد الأعداد: المرأة السعودية قادمة -انتبهوا لهذا النداء الخطر- إليكم أديبة موهوبة ورسامة متميزة، ومهندسة عالمة، وخبيرة في الذرة، ما قال: المرأة السعودية قادمة لتعلم الأمومة أو التربية أو الدين، أو التنشئة الصالحة أو إصلاح المجتمع، أو محاربة التبرج ونبذ السفور، المرأة قادمة رسامة ولولا خشية أن تكشف الأمور صراحة لقالوا: المرأة قادمة راقصة والمرأة، قادمة ممثلة، والمرأة قادمة متبرجة وعارضة أزياء، وقد ذكروا شيئاً من هذا وآثرت تركه خشية الإطالة.

    فالسؤال: أين المرأة الآن، ما دام المرأة السعودية قادمة يعني أنها لم تصل فترقبوها -أيها الإخوة- مفاجأة الموقف، المرأة السعودية قادمة لكن أين المرأة الآن هل هي في السجن؟ هل هي في المعتقل؟ إنهم كما يقولون: المرأة في جحيم الزوجية، تحرص هذه المجلات أن تصور المرأة ذات الحجاب، المرأة ذات الدين، المرأة التي لا تختلط بالرجال أنها امرأة متخلفة، ويتكلمون عن المرأة اليمنية يقولون: المرأة اليمنية تشق طريقها في الصعود، ولكن تلك الخيمة وذلك الرداء الذي يجللها لا يزال صورة من صور التخلف في هذه المرأة، وما الذي يجعلهم يضيقون ذرعاً في رداء المرأة اليمنية أو بلباسها، أولئك يحرصون على أن يركزوا .. أي: إذا لم تكن المرأة أماً وزوجة وفية، وإذا لم تكن مربية مخلصة وأماً للأجيال، وإذا لم تكن أماً الجنة تحت أقدامها، وزوجة إن طاعت بعلها وصامت شهرها وصلت فرضها قيل ادخلي الجنة من أي أبوابها شئت، ماذا تقول؟ إنهم يريدون أن يقنعوا المرأة أنك صورة للعرض وصورة للدعاية والتسويق.

    فكل هذا -أيها الأحبة- من الصور الخطرة التي يواجه بها هذا المجتمع، هذه المجلات ما كتبت كما قلت عن الإصلاح أو التربية، ما كتبت عن المرأة الفلسطينية التي تودع شهيداً وتنجب وليداً وتعده رجلاً للجهاد في سبيل الله، ما كتبت عن معاناة المرأة الأفغانية، ما كتبت عن المسلمة، وإنما كتبت عن تلك المرأة المسكينة التي لم تنفلت بعد من قيود الدين والمجتمع والعادات والتقاليد.

    أيها الأحبة: ذاك خطر داهم قائم يخالط المجتمع ويدور حول المرأة فينبغي أن نتنبه لذلك: وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ [محمد:30] كثير من الزوايا والمقالات التي يكتبونها، وعناوين غلاف المرأة مريضة بالرجل، الحب الوالي شرط الزواج، أكثر الرجال جاذبية، الحب لا يعرف القيود، مذغ اللبان، الأكل بالشارع ألذ، هذه الزوايا التي تهتم بها مثل هذه المجلات.

    أيها الأحبة: هل التفتنا إلى ذلك، وهل التفتنا إلى ما يراد بمجتمعنا؟

    1.   

    رسالة خاصة إلى الفتاة المسلمة

    ختاماً: إنني أقول: إن عدد المنحرفات في المجتمع قلائل، وندرة يسيرة جداً، والفتاة مهما وقع منها من الأخطاء أو الزلات أو حصل منها من الهفوات فلن تبلغ بعد الحد الذي تستنتج أن تكون فيه قائمة بعبوديتها لله أو بحقوقٍ شرعها الله جل وعلا، وجعلها واجباً عليها تجاه أبنائها وزوجها، هذه المجلات التي صبت جام غضبها على المرأة هل أنتجت مواطناً مخلصاً؟ أو رجلاً أميناً؟ أو عالماً عاملاً؟ أو جندياً أو طياراً؟ إنها أنتجت العاطلين والعاطلات والمسعورين والمسعورات والذئاب المتربصين الذين يريدون أن يتلقفوا كل من اغترت بهذه الحبائل، فرسالة إلى كل مسلم أياً كان دوره أو مسئوليته أن يتقي الله جل وعلا فيما تحت يده، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (من سن سنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن دعا إلى ضلالة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة).

    تذكري قول الله جل وعلا: وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً [الفرقان:33] وتذكري قول الله: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ [الأنبياء:18] وتذكري قول الله: وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً [الإسراء:81] فأين الكتابة؟ وأين المشاركة؟ وأين الرد؟ وأين الاعتراض؟ وأين تكذيب هذا الباطل؟

    إن عدداً من الأخوات قد كتبن في بعض المجلات والجرائد فكان لكتاباتهن أثر بل بات كثير من الكتاب الذين يغزون هذا المجتمع من خلال المنابر والجرائد والمجلات بات لديهم قناعة أن بضاعتهم كاسدة في مجتمعنا هذا.

    فالله الله نحن نريد أن نثني هذا الحديث بخطواتٍ عملية، لا نريد أن نقول: أوسعتهم شتماً وأودوا بالإبل، ليس مجرد استعراض تجاوزات بعض المجلات على الفتاة السعودية، وإنما هدفنا أن نقول: ينبغي أن نقاطع هذه المجلات وأن نناصح المكتبات والتموينات التي تبيع هذه المجلات، وهذه خطبة للشيخ ابن عثيمين أخطار المجلات وفتن المجلات قال: يحرم شراؤها ويحرم بيعها، ويحرم إهداؤها، ويحرم قبولها، نريد مقاطعة جادة فإن المقاطعة من أقوى الأسلحة الفتاكة.

    كذلك التحذير في كل مناسبة، دور الفتاة أن تلقي الكلمة والكلمات في الزواج وفي أي مناسبةٍ تجمعها بأخواتها، ودور المدرسات أن يجمعن الفتيات ويحذرن من هذه المجلات، فإن التحذير ينفع، ونشر الوعي بالكتاب والشريط والتواصي بالوقوف تجاه هذه الحملة المسعورة.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    1.   

    الأسئلة

    طرق نصيحة المرأة

    السؤال: السؤال الذي لم أجد له جواباً هو: كيف الوصول إلى المرأة ونحن ندرك أن التحديات تحاصرها من كل جانب، وإقامة درسٍ أو محاضرة في المسجد في نظري لا يؤدي أكثر من فعالية خمسين في المائة، المرأة في المدرسة وفي الكلية وفي العمل وفي السوق كيف الوصول إليها، والمرأة هي هدف الأعداء علمانيين أو غيرهم مستخدمين كل الوسائل الإعلامية بجميع أساليبها، فالبنت في أمس الحاجة إلى مثل هذه الدروس وهذه الأجراس التي تحذرها، كيف يمكن ذلك وما هي أحسن الطرق أفيدونا جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا نتوسع في نهاية المحاضرة -أخي الحبيب- هو من سبل الوصول إلى المرأة وتحريرها قبل أن تكون كما قال القائل:

    أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى     فصادف قلباً خالياً فتمكنا

    إننا نستطيع أن ننشر الكتيب النافع في موضوعه، ولقد اطلعت على كتابٍ من أروع وأجمل الكتب، هو كتاب تحملات حول عمل المرأة أو حول هذا العنوان لفضيلة الشيخ عبد الله آل الشيخ ، هذا الكتاب رائع جداً جداً، فبوسع كل أحد أن يشتري منه مئات النسخ ويوزع على جميع قريباته، يؤسفنا أن نجعل الاحتفالات موسم تبادل للنصائح، بيوت الأفراح والزواجات ما الذي يمنع أن يوجد فينا نحن الغيورين من يغتنم اجتماع الناس في مثل هذه المناسبات في توزيع الشريط والكتاب، ثم إن المكتبة الإسلامية غنية بالشريط المسموع والكتاب النافع، إذاً لك أن توزع هذا الكتاب بمئات النسخ.

    كذلك المعلمة تحرص مع الطيبات من المعلمات على التحذير، وهنا بالمناسبة محور مهم: إن العناية بالفتيات في المرحلة الابتدائية والمتوسطة، يجعلنا نوفر كثيراً من الجهود والنفقات في مواجهة الخطر الذي يحدق بالفتاة في المرحلة الثانوية والجامعة، يعني: وقاية بدرهم خيرٌ من علاج بقنطار، فذاك أمرٌ ميسور، وكل من استطاع أن يصل إلى منبر إعلامي مجلة أو شاشة أو إذاعة وأظن أننا نستطيع أن نحقق خيراً كثيراً.

    وأذكرك -يا أخي الكريم- أن المدارس الثانوية والمتوسطة بل وحتى الجامعات، فيها صحوة وخيرٌ واهتمام بالالتزام والوعي والتدين والاستقامة بفضل الله ثم بفضل هذه الجهود، وإن كانت محدودة أو يسيرة أو قليلة، المهم أنا وجدنا في ذلك خيراً كثيراً.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756164830