[ويخرج الله من النار أقواماً بغير شفاعة بل بفضله ورحمته، ويبقى في الجنة فضل عمن دخلها من أهل الدنيا، فينشئ الله لها أقواماً فيدخلهم الجنة.
وأصناف ما تضمنته الدار الآخرة من الحساب والثواب والعقاب والجنة والنار وتفاصيل ذلك مذكورة في الكتب المنزلة من السماء، والآثار من العلم المأثور عن الأنبياء، وفي العلم الموروث عن محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ما يشفي ويكفي فمن ابتغاه وجده.]
تقدمت أقسام الشفاعة وأن منها ما هو عام وما هو خاص، وهذه الأقسام من الأسباب التي ينجو بها من شاء الله جل علا أن ينجو من النار وكل الأمر راجع إلى الله جل وعلا، كما قال جل وعلا: أَمْ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ قُلْ أَوَلَوْ كَانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَلا يَعْقِلُونَ * قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعاً [الزمر:43-44]، فالملك كله له.
وسبق أن حقيقة الشفاعة إرادة الله جل وعلا إكرام الشافع وإظهار ذلك للخلق ورحمة المشفوع له، فالأمر كله لله جل وعلا.
سبق أن هذا كله من الإيمان باليوم الآخر، وأن هذا مذكور في القرآن بكثرة، ونصوص المعاد وتفاصيله كثيرة جداً، وقد أخبر الله جل وعلا عن اليوم الآخر بأنه قريب، وأخبر عن شدته وعن عظمته كثيراً، قال جل وعلا: الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ [الحاقة:1-3] ، الْقَارِعَةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ [القارعة:2-3] ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ [الحج:1-2] ، وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ [مريم:39] في كثير من آيات كتاب الله يحذر فيها عن هذا اليوم؛ لما فيه من الفظائع والعظائم، وتفاصيله موجودة في كتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تفسر ذلك وتوضحه، والأنبياء الذين قص الله قصصهم علينا في القرآن نصوا على هذا فإبراهيم عليه السلام يقول: وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ [الشعراء:82] إلى آخر ما طلب من ربه، ونوح عليه السلام أنذر قومه وقال: أَنْبَتَكُمْ مِنْ الأَرْضِ نَبَاتاً * ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً [نوح:17-18] إلى آخره وهكذا بقية الأنبياء يذكرون هذا اليوم ويحذرون منه ويخبرون أقوامهم بأنهم سيكونون بين يدي الله ويجازيهم بما عملوا.
أما رسولنا صلى الله عليه وسلم لكون أمته هي آخر الأمم فقد جاء بتفصيل ذلك تفصيلاً دقيقاً، كأنه يشاهد ذلك اليوم، وهذا من الأمور التي يجب على الإنسان أن يطلبها، وأن يتعرف عليها ثم يعمل على ذلك، وهي كثيرة وموجودة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر