-
تفسير قوله تعالى: (إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم ...)
-
تفسير قوله تعالى: (إلا المستضعفين من الرجال ... وكان الله عفواً غفوراً)
-
كلام السيوطي في تفسير قوله تعالى: (إن الذين توفاهم الملائكة... وكان الله عفواً غفوراً)
-
تفسير قوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة ...)
قال تبارك وتعالى:
وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [النساء:100].
قوله تعالى: (( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا ))، يقول
السيوطي: مهاجراً.
(( كَثِيرًا وَسَعَةً )) في الرزق.
(( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ ))، في الطريق كما وقع لـ
جندع بن ضمرة .
(( فَقَدْ وَقَعَ )) ثبت (( أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )).
(( وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )).
يقول
القاسمي رحمه الله تعالى: (( وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) يعني: في طاعة الله عز وجل، (( يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا )) أي: طريقاً يراغم فيه أنوف أعدائه القاصدين إدراكه، (( كَثِيرًا وَسَعَةً )).
وفسرها
السيوطي كما رأينا (( مُرَاغَمًا )) أي: مهاجراً، ولا تعارض؛ لأن المقصود بأنه سيجد سبيلاً وطريقاً أو مأوىً يستطيع فيه أن يراغم أعداء الله تبارك وتعالى.
وقد ذكرنا من قبل في عدة مناسبات أن الله سبحانه وتعالى يحب من وليه أن يغيظ عدوه، بأن يلزم طاعته تبارك وتعالى فيكون أقوى وأعز من أعداء الله تبارك وتعالى، كما قال تبارك وتعالى:
وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ [التوبة:120]، كذلك قال تبارك وتعالى:
يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ [الفتح:29].
والنبي صلى الله عليه وسلم سمى سجدتي السهو: (المرغمتين)؛ لأنهما ترغمان أنف الشيطان وتغيظانه.
قوله:
يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا أي: يجد مكاناً يستطيع فيه أن يقيم دينه ويظهره ويغيظ أعداءه الذين يقصدون أن يدركوه ويردوه عن هجرته، أو عن طاعته لله سبحانه وتعالى.
(( كَثِيرًا وَسَعَةً )) أي: في الرزق، أو سعة في إظهار الدين، أو سعة وانشراحاً في الصدر؛ لأن خوفه يتبدل أمناً إذا هاجر من بين ظهراني المشركين.
(( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا ))، أي: من مكة.
(( إِلَى اللَّهِ )) أي: إلى طاعة الله أو إلى مكان أمر الله بالهجرة إليه.
(( وَرَسُولِهِ )) أي: إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، يعني: بالمدينة.
(( ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ )) يعني: في الطريق قبل أن يصل إلى المقصد.
(( فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )) يعني: فقد ثبت أجره على الله سبحانه وتعالى، ولا يستغرب هنا أن نفسر قوله تعالى: (( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ )) يعني: من مكة، (( مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ )) يعني: للمدينة؛ لأن الهجرة في حياة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هكذا كانت، يعني: من مكة إلى المدينة أو من خارج المدينة إلى المدينة.
(( فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ )) يعني: فلا يخاف فوات أجره الكامل؛ لأنه لم يكن فقط يتمنى أماني أو أحلام يقظة وإنما هو نوى وجزم وعزم، ثم تحرك وخرج من بيته بنية الهجرة إلى الله سبحانه وتعالى، فمثل هذا يثاب ثواباً كاملاً؛ لأنه نوى وشرع أيضاً في العمل.
أما عدم إتمام العمل بسبب إدراك الموت إياه في الطريق مثلاً فهذا ليس تقصيراً منه إذا لم يتم العمل، لكن كان عليه أن يسعى والتمام على الله سبحانه وتعالى.
(( وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )) سيغفر له ما فرط منه من الذنوب التي من جملتها القعود عن الهجرة إلى وقت الخروج، ويرحمه الله بإكمال ثواب هجرته.
سبب نزول قوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً..)
هنا بعض التنبيهات فيما يتعلق بسبب نزول هذه الآية، أخرج
ابن أبي حاتم و
أبو يعلى بسند جيد عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: (
خرج ضمرة بن جندب من بيته مهاجراً، فقال لأهله: احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم)، هناك روايات أخرى تدل على أنه كان قد مرض، ومع شدة مرضه خشي أن يموت في مكة دون أن يهاجر، فقال لأهله: احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنزل الوحي: (( وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا )).
وجاءت عدة روايات في سبب نزول هذه الآية.
ثمرة قوله تعالى: (ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً...)
-
تفسير قوله تعالى: (وإذا ضربتم في الأرض ...)
قال تبارك وتعالى:
وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا [النساء:101].
قوله: (( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ )) أي: إذا سافرتم في الأرض، والضرب في الأرض يعبر به عن السفر.
(( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ )) إثم.
مفهوم القصر في الآية وحكمه حال الخوف وحال الأمن
قوله: (( أَنْ تَقْصُرُوا )) في أن تقصروا من الصلاة الرباعية إلى ركعتين.
(( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ )) أن ينالوكم بمكروه.
(( الَّذِينَ كَفَرُوا )) هذا بيان للواقع إذ ذاك، والمقصود من هذه الآية بيان الواقع الذي كان موجوداً زمن نزول الآية، وعلى هذا لا مفهوم لهذه الآية، بمعنى: ليس خوف المكروه شرطاً في جواز القصر، لكن الواقع أثناء نزول القرآن في ذلك الزمن، وهو زمن البعثة أن الصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا يخافون أن يفتنهم الذين كفروا، أي: أن ينالوهم بمكروه في أثناء أسفارهم.
فالصحيح أن هذه هي الظروف المناسبة عند نزول هذه الآية، لكن ليس معنى ذلك: أن الإنسان لا يقصر إلا إذا خاف أن يفتنه الذين كفروا، بل يقصر إذا سافر في الأرض عموماً.
إذاً: هذه الآية ليس معناها: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا.
أي: لا تقصروا إن أمنتم الذين كفروا، فهذا المفهوم غير معتبر، فهو مجرد بيان للواقع الذي كان يعيشه الصحابة، والقصر غير مقيد بهذا الشرط، فالشرط هنا ملغي، كما في قوله تبارك وتعالى في سورة النور:
وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا [النور:33]، هل معنى ذلك أنهن إن لم يردن تحصناً يجوز لهن الزنا؟
لا، فليس هذا المفهوم معتبراً، بل هو ملغي، كذلك هنا هذا المفهوم غير معتبر، يعني: ليس خوف المكروه شرطاً في جواز القصر.
وقد بينت السنة فيما رواه
ابن خزيمة موقوفاً على
ابن عباس بإسناد صحيح أن المراد بالسفر: السفر الطويل، وهو أربعة برد والبريد اثنا عشر ميلاً، وهي مرحلتان أي: مسيرة يومين بالسير المعتدل.
ويؤخذ من قوله: (( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ )) أنه رخصة لا واجب، وعليه
الشافعي .
(( إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا ))، يعني: بيني العداوة، ظاهرين في عداوتهم.
يقول
القاسمي رحمه الله تعالى: (( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ )) أي: سافرتم.
(( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ )) أي: إثم.
(( أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ )) يعني: أن تنقصوا الرباعية إلى اثنتين.
(( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ )) أي: أن يقاتلكم الذين كفروا في الصلاة.
(( إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا )) يعني: ظاهري العداوة، فلا يراعون حرمة الصلاة فيظهرون عداوتهم إذا رأوكم تصلون فلم يردعهم ذلك عن أن ينالوكم بأذى، فذهب جمهور العلماء إلى أن الآية المراد بها مشروعية صلاة السفر، وليست في صلاة الخوف.
فمعنى قوله تبارك وتعالى: (( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ )) هو قصر الكمية، وذلك بأن تجعل الرباعية ثنائية، قالوا: وحكمها للمسافر في حال الأمن كحكمها في حال الخوف؛ لتظاهر السنن على مشروعيتها مطلقاً، حيث جاءت السنة لتثبت مشروعية قصر الصلاة في كل الأحوال سواء كان في حالة الخوف أو في حالة الأمن.
روى
الترمذي و
النسائي و
ابن أبي شيبة عن
ابن عباس رضي الله عنهما: (
أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من المدينة لا يخاف إلا الله رب العالمين، فصلى ركعتي)، يعني: كان آمناً.
وروى
البخاري وبقية الجماعة عن
حارثة بن وهب رضي الله عنه قال: (
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آمناً ما كان بمنى ركعتين) وهذا في
البخاري .
وروى
البخاري والبقية عن
أنس رضي الله عنه قال: (
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكة فكان يصلي ركعتين ركعتين حتى رجعنا إلى المدينة، قلت: أقمتم بمكة شيئاً؟ قال: أقمنا بها عشراً) .
وقوله تعالى: (( إِنْ خِفْتُمْ )) خرج مخرج الغالب حال نزول الآية، يعني: أنهم حال نزول الآية كان الغالب أنهم إذا انطلقوا في أرجاء الجزيرة مسافرين فإنهم لا يأمنون أن يفتنهم الذين كفروا، إذ كانت أسفارهم بعد الهجرة في مبدئها مخوفة، بل الغالب أنهم ما كانوا يضربون في الأرض إلا في حالة الغزو، ولم يكونوا يخرجون للتجارة ولا للسياحة ولا للنزهة، إنما كانوا يخرجون وقد حشدهم الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم في السرايا والغزوات.
وسائر الأحياء حرب للإسلام وأهله، والمنطوق إذا خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له.
وهذه إحدى الحالات التي لا يعمل فيها بالمفهوم، بل يلغى؛ لأنه خرج مخرج الغالب، والأمثلة على ذلك كثيرة كما في قوله تبارك وتعالى:
وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ [الأنعام:151]، هل معنى ذلك أن الإنسان يمكن أن يقتل ولده بسبب آخر غير الإملاق والفقر؟ لا، لا يمكن؛ وذلك لأن هذه الآية خرجت مخرج الغالب، يعني: كان الأغلب في سبب قتل الأولاد عندهم خوف الإملاق.
ومثل قوله تبارك وتعالى:
وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ [النساء:23]، هل معنى ذلك: أنه لابد أن يكن الربائب في حجور أزواج الأمهات؟
لا، بل يمكن أن تكون بنت الزوجة التي هي الربيبة لا تعيش مع أمها عند زوج أمها، بل تحرم على الرجل بعد الدخول على أمها، فهذا المفهوم أيضاً خرج مخرج الغالب.
ومثل قوله تعالى:
لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً [آل عمران:130]، هل معنى ذلك: أن هذه الآية لها مفهوم؟
لا، بل هذا خرج مخرج الغالب، بمعنى: أن أغلب الربا إنما يكون أضعافاً مضاعفة، لكن هل يصح أن يؤخذ من مفهوم الآية أنه يجوز للإنسان أن يتعامل بالربا إذا كانت نسبته ضئيلة كما يقول المضللون وعلماء السوء؟! هؤلاء يخدعون الناس بقولهم: إن الربا لو كانت نسبته يسيرة فليس بحرام؛ لأن ربنا قال: (( أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً ))[آل عمران:130]، فهذا من نفس الباب.
يدل أيضاً على أن المراد بالآية صلاة السفر ما رواه الإمام
أحمد و
مسلم وأهل السنن عن
يعلى بن أمية قال: (
سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلت له: قوله تعالى: (( فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ))، وقد أمن الناس؟
فقال لي
عمر رضي الله تعالى عنه: عجبت مما عجبت منه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)، (صدقة) يعني: حكم ثابت مستمر.
وروى
أبو بكر بن أبي شيبة عن
أبي حنظلة الحذاء قال: (
سألت ابن عمر عن صلاة السفر فقال: ركعتان، فقلت: أين قوله: (( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا )) ونحن آمنون؟
فقال: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
وروى
ابن مردويه عن
أبي الوداك قال: (
سألت ابن عمر عن ركعتين في السفر فقال لي: هي رخصة نزلت من السماء فإن شئتم فردوها) ، يعني: هل من الأدب أن تردوها على الله سبحانه وتعالى، فهذا يدل على أن القصر المذكور في الآية هو القصر في عدد الركعات، وأن ذلك كان مفهوماً عندهم بمعنى الآية.
قالوا: ومما يدل على أن لفظ القصر كان مخصوصاً في عرفهم بنص عدد الركعات، يعني: (( وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ )) عرف لدى الصحابة أن كلمة (( تَقْصُرُوا )) تطلق على قصر العدد في الصلاة، وهذه اللغة هي التي تعارفوا عليها رضي الله تعالى عنهم أجمعين، ولذلك لما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الظهر ركعتين قال له
ذو اليدين : (
أقصرت الصلاة أم نسيت؟) لأنه صلى الأربع اثنتين.
هناك مذهب آخر في هذه الآية لبعض السلف وهو: أن هذه الآية ليست في صلاة القصر في السفر وإنما هي في صلاة الخوف، فيكون المقصود بالقصر في قوله: (أن تقصروا من الصلاة) ليس قصر كمية عددية وإنما قصر كيفية كما رخص ذلك في السفر، وكما سيأتي إن شاء الله تعالى؛ لأن كمية صلاة السفر ركعتان، فهي باقية على ما كانت عليه في الأصل، حيث إن الصلاة كانت ركعتين في الأصل، فأقرت في السفر وزيدت في الحضر، فإذاً هي باقية على ما هي عليه، وهذا مذهب
عمر.
قال: ولهذا قال تعالى: (( إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ))، وقال بعدها:
وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:102] إلى آخر الآية، فأوجز في الآية الأولى وأشار إلى مشروعية صلاة الخوف، ثم بين المقصود من القصر هنا وهو قصر الكيفية، وذكر صفته وكيفيته.
-
تفسير قوله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة ...)
قال تبارك وتعالى:
وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ وَخُذُوا حِذْرَكُمْ إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا [النساء:102].
قوله: (( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ )) يعني: إذا كنت يا محمد حاضراً فيهم، وأنتم تخافون العدو.
(( فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ )) يعني: فأقمت لهم صلاة الخوف، وهذا جرى على عادة القرآن في الخطاب، فلا مفهوم له، أي: ليس حضوره صلى الله عليه وسلم شرطاً لإقامة صلاة الخوف كما سنبين إن شاء الله تعالى عما قريب.
وبعض الناس يقولون: إنه لا تصلى صلاة الخوف إلا في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام؛ لأن الله سبحانه وتعالى قال: (( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ))، فإذا لم يكن فهم بعد موته عليه الصلاة والسلام، ألا يصلي الإمام الناس؟
بلى يصلي، وهذا نفس الاستدلال الذي استدل به بعض مانعي الزكاة في تأويلهم الفاسد لقوله تعالى:
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة:103]، قالوا: هذا فقط في حياة الرسول عليه الصلاة والسلام، أما إذا مات الرسول عليه الصلاة والسلام فنحن لا ندفع لغيره؛ لأن الأمر إنما هو إلى الرسول بنفسه، وسيأتي الرد على ذلك إن شاء الله.
(( فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ )) يعني: طائفة تقوم معك وطائفة تتأخر.
(( وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ )) يعني: هؤلاء الذين يصلون معك يأخذون أسلحتهم معهم في الصلاة.
والمقصود بالأسلحة هنا: الأسلحة التي لا تتعارض مع الصلاة، كالأسلحة الخفيفة التي يسهل حملها أثناء الصلاة دونما مشقة تعيق عن أداء الصلاة.
(( فَإِذَا سَجَدُوا )) سجدوا هنا بمعنى: صلوا.
(( فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ ))، يعني: تكون الطائفة الأخرى من ورائكم، يحرسونكم إلى أن تقضوا الصلاة، ثم تذهب هذه الطائفة لتحرس.
(( وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )) أي: معهم إلى أن تقضوا الصلاة، وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ببطن نخل كما رواه الشيخان.
في هذه الآيات بالذات كما جاء في كتب التفسير أن الصحابة كانوا متحركين في جهة القبلة، والأعداء كانوا في الجهة المقابلة، فكيف تكون صفة هذه الصلاة وهم بهذا الاتجاه؟
يقف صف يصلي وهو مستقبل القبلة مع النبي عليه الصلاة والسلام، والصف الآخر يقف وراءه يحرسهم، وهو معنى قوله: (( فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ )) وسيأتي بيان تفصيل صلاة الخوف في الأحاديث.
(( وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ ))، يعني: تمنوا لو تغفلون عن الأسلحة حال قيامكم إلى الصلاة.
(( فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ))، يعني: بأن يحملوا عليكم فيأخذوكم، هنا تعليل بالأمر لهؤلاء الذين يصلون بأن يأخذوا معهم الأسلحة.
حكم حمل السلاح في صلاة الخوف وعدمه
قوله تعالى: (( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ))، يعني: فلا تحملوها، وحملها عند عدم العذر يفيد وجوب حمل الأسلحة، لكن إن كان هناك عذر فلهم ألا يحملوا هذه الأسلحة، وهذا أحد القولين
للشافعي .
والقول الثاني: أن حمل السلاح سنة وليس بواجب أثناء الصلاة، ورجح
الشافعي المذهب الثاني.
(( وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ))، يعني: خذوا حذركم من العدو واحترزوا منه ما استطعتم.
(( إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا ))، أي: عذاباً ذا إهانة.
-
تفسير قوله تعالى: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله ...)
-
أقوال المفسرين في تفسير آية صلاة الخوف وما بعدها
يقول
القاسمي رحمه الله تعالى: (( وَإِذَا كُنتَ )) أي: مع أصحابك شهيداً وأنتم تخافون العدو.
(( فَأَقَمْتَ لَهُمْ الصَّلاةَ ))، أي: أردت أن تقيم بهم الصلاة، بالجماعة التي لوفور أجرها يتحمل مشاقها.
(( فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ))، أي: إذا أنت أردت أن تقيم لهم الصلاة فاقسمهم طائفتين، تصلي بطائفة، ولتقف الطائفة الأخرى بإزاء العدو ليحرسوكم منهم، وإنما لم يصرح به لظهوره.
ما الفائدة من قوله: (( فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ))؟
هذا لأن المعنى واضح جداً وظاهر أي: لكي يحرسوكم أثناء الصلاة.
(( وَلْيَأْخُذُوا )) أي: الطائفة التي قامت معك تصلي، (( وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ )) أي: معهم؛ لأنه اقرب للاحتياط.
(( فَإِذَا سَجَدُوا )) يعني: هؤلاء القائمون معك بعد أداء سجدتي الركعة الأولى وإتمام الركعة يفارقونك.
يعني: بعد أن يتموا الركعة الأولى يفارقون النبي عليه الصلاة والسلام ويتمون هم صلاتهم.
وتقوم إلى الثانية منتظراً الطائفة الثانية.
يعني: الإمام يكبر تكبيرة الإحرام بالطائفة الأولى ويصلون معه الركعة الأولى، والطائفة الأخرى تقف خلفهم للحراسة.
(( فَإِذَا سَجَدُوا )) يعني: إذا فرغوا من الركعة الأولى بأن سجدوا السجدتين في الركعة الأولى يقومون هم، ويظل الإمام منتظراً مكانه حتى يتموا صلاتهم، ثم يقوم إلى الركعة الثانية.
(( فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ )) يعني: هؤلاء الذين فرغوا ينصرفون إلى مقابلة العدو للحراسة.
(( وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ )) الطائفة الأخرى التي هي واقفة في اتجاه العدو تأتي لتصلي ركعتها الأولى معك، والتي هي بالنسبة للإمام تكون الثانية، فإذا جلست منتظراً قاموا إلى ثانيتهم وأتموها ثم جلسوا ليسلموا معك.
في الأولى يطيل الإمام القيام إلى أن تفرغ الأولى من إتمام صلاتها بالإتيان بالركعة الثانية، وتحلق به الثانية.
كذلك الإمام سوف يجلس للتشهد والمجموعة الثانية تكون بقي عليها ركعة، فينتظر جالساً إلى أن يفرغوا هم من الركعة الثانية ثم يدركوه في الجلوس ويسلموا معه.
ولم يبين في الآية الكريمة حال الركعة الرابعة الباقية لكل من الطائفتين؛ اكتفاءً ببيانه صلى الله عليه وسلم لهم؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام بين ذلك بياناً شافياً كافياً في الأحاديث.
(( وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ )) يعني: تيقظهم؛ لأن العدو يظن أن المسلمين قائمون في الحرب، في أثناء الركعة الأولى، فهو سيتصور أنهم جميعاً واقفون مستعدون للحرب، فإذا قاموا إلى الثانية فمجموعة سوف تسجد ومجموعة تقوم، هنا سيفهم العدو أنهم الآن في الصلاة، وقد ينتهز الفرصة في الهجوم عليهم، فلذلك خص هذا الموضوع بزيادة التحذير فقال تبارك وتعالى: (( وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ ))، وكرر هذا المعنى من قبل حيث قال: (( وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ))، وهنا قال: (( وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )).
ثم جاء بمزيد من البيان حيث قال: (( وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً )) هنا كأنه شيء حسي كالآلة سيؤخذ والإنسان يمسكه كما يمسك السلاح (( وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ )).
قال
الواحدي : فيه رخصة للخائف في الصلاة بأن يجعل بعض فكره في غير الصلاة.
وقال
أبو السعود : وتكليف كل من الطائفتين بما ذكر لما أن الاشتغال في الصلاة مظنة لإلقاء السلاح والإعراض عن غيرها، ومظنة لهجوم العدو، كما ينطق به قوله تعالى: (( وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ))، أي: تمنوا، (( لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ )) أي: حوائجكم التي بها ......
(( فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً )) أي: يحملون حملة واحدة فيقتلونكم، فهذا هو سبب الأمر بأخذ السلاح، والأمر بذلك للوجوب.
ثم قال تعالى: (( وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ )) أي: لا حرج ولا إثم عليكم.
(( إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ )) أي: إذا كان في حالة مطر يثقل معها حمل السلاح.
(( أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى )) يثقل عليكم حمله بسبب المرض (( أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ )).
أخرج
البخاري عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال: (
نزلت (( إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذًى مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنتُمْ مَرْضَى )) في عبد الرحمن بن عوف كان جريحاً) .
ثم أمروا مع ذلك بالتيقظ والاحتياط فقيل: (( وَخُذُوا حِذْرَكُمْ )) لئلا يهجم عليكم العدو غيلة.
(( إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا )) أي: عذاباً شديداً يهانون به، وهذا تعليل للأمر بأخذ الحذر، أي: أعد لهم عذاباً مهيناً بأن يخذلهم وينصركم عليهم، فاهتموا بأموركم ولا تهملوا في مباشرة الأسباب كي يحل بهم عذابه بأيديكم.
وقيل: لما كان الأمر بالحذر من العدو موهماً لتوقع غلبته واعتزازه نفى ذلك الإيهام بأن الله تعالى ينصرهم ويقيهم عدوهم لتقوى قلوبهم.
تكرر في الآية التحذير: (( وَخُذُوا حِذْرَكُمْ ))، (( وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ))، (( فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ))، كثرة التحذير قد يوقع في قلوب بعض المؤمنين أن الكفار قد ينتصرون عليهم أو قد ينالون منهم، أو أن غلبتهم متوقعة، فلما وجد هذا الاحتمال نفى الله سبحانه وتعالى ذلك الإيهام، وذلك بأن الله تعالى هو الذي ينصرهم وأنه سيقيهم عدوهم، (( إِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا )).
ومن أسباب تعذيب الكافرين أن الله يعذبهم بأيدي المؤمنين،
قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ [التوبة:14]، فهذا العذاب المهين ليس فقط في الآخرة لكنه سيكون على أيديكم، فلا تهملوا في الأخذ بالأسباب والاحتياط وأخذ الحذر والسلاح.
-
تابع تفسير قوله تعالى: (فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياماً وقعوداً...)
-
ما يتعلق بقوله تعالى: (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة..) من أحكام وأقوال
فيما يتعلق بظاهر قوله تعالى: (( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ )) هناك من لم ير صلاة الخوف بعده صلى الله عليه وسلم، حيث زعموا أن صلاة الخوف كانت خاصة بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: إن الله اشترط كونه فيهم، فقال: (( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ )) ومفهومها: أنه بعد وفاته عليه الصلاة والسلام لا تشرع صلاة الخوف، ولا يخفى أن الأئمة والخلفاء بعد الرسول عليه الصلاة والسلام يقومون مقامه، فيتناولهم حكم الخطاب الوارد له صلى الله عليه وسلم، كما في قوله تعالى:
خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً [التوبة:103] هذه ليست خاصة بالرسول عليه الصلاة والسلام، بل الإمام عليه بعد ذلك أن يقوم بنفس الوظيفة في جمع الزكاة.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: (
صلوا كما رأيتموني أصلي)، وعموم منطوق هذا الحديث مقدم على مفهوم قوله تعالى: (( وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ )).
وقد روى
أبو داود و
النسائي و
الحاكم و
ابن أبي شيبة وغيرهم عن
سعيد بن العاص أنه قال: (
كنا في غزوة ومعنا حذيفة فقلنا: أيكم شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال
حذيفة : أنا، فأمرهم
حذيفة فلبسوا السلاح، ثم قال: إن هاجكم هيج فقد حل لكم القتال، فصلى بإحدى الطائفتين ركعة والأخرى مواجهة العدو، ثم انصرف هؤلاء فقاموا مقام أولئك، وجاء أولئك فصلى بهم ركعة أخرى ثم سلم بهم)، وكانت الغزوة بطبرستان، قال بعضهم: وكان ذلك بحضرة الصحابة رضي الله تعالى عنهم فلم ينكره أحد، فحل محل الإجماع.
وروى
أبو داود : (أن
عبد الرحمن بن سمرة صلى بكابل صلاة الخوف).