إسلام ويب

مصابيح الهدى - أحمد بن حنبلللشيخ : محمد حسان

  •  التفريغ النصي الكامل
  • السنة باب عظيم من دخله كان إلى الله من الواصلين، وهي الحصن الحصين الذي من دخله كان من الآمنين، فهي تنير لأهل الحق طريقهم، وتطفئ أنوار المبتدعة وأهل النفاق، وقد تعرضت عبر التاريخ لمحاولة تشويه وتغيير وتحريف، فانبرى لها أسود يذودن عن حياضها، ومنهم: إمام أهل السنة والجماعة الإمام: أحمد بن حنبل رحمه الله، فقد عاش مدافعاً ومنافحاً عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ابتلي في سبيل ذلك بأشد أنواع الابتلاءات، وهو صابر محتسب، حتى لقي الله وهو على ذلك.

    1.   

    بيان فضل السنة وأهميتها

    إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحيا الله هذه الوجوه الطيبة المشرقة، وزكى الله هذه الأنفس وشرح الله هذه الصدور، وأسأل الله جل وعلا أن يتقبل مني وإياكم صالح الأعمال، وأن يجمعنا وإياكم في الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفي الآخرة مع إمام النبيين في جنته ومستقر رحمته، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أيها الأحبة! إننا اليوم على موعد مع اللقاء السابع عشر مع أئمة الهدى ومصابيح الدجى. أحبتي في الله! إن السنة هي الباب العظيم الذي من دخله كان إلى الله جل وعلا من الواصلين، وهي الحصن الحصين الذي من دخله كان من الآمنين، فالسنة تقوم بأهلها وإن قعدت بهم أعمالهم، والسنة تنير لأهلها إذا انطفأت على أهل البدع والنفاق أنوارهم، قال الله عز وجل: يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ [آل عمران:106]، قال ابن عباس رضي الله عنهما: تبيض وجوه أهل السنة والائتلاف، وتسود وجوه أهل البدعة والاختلاف. فأهل السنة هم أهل الهدى ودين الحق، وهم أصحاب العلم النافع والعمل الصالح. أهل السنة هم الذين صدقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله ولم يعارضوها بالشبهات، وهم الذين أطاعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوامره ولم يضيعوها بالشهوات، فأهل السنة -أيها الأحبة- هم الذين صحبوا أنفاس الحبيب المصطفى في الدنيا، وهم أهل السعادة بصحبة أنفاسه ونفسه في جنات النعيم في الآخرة.

    1.   

    قبسات من سيرة إمام أهل السنة أحمد بن حنبل

    نحن اليوم على موعد مع إمام أهل السنة في زمانه وبعد زمانه، إنه العالم الرباني، شيخ الإسلام وسيد المسلمين الذي عرضت له الدنيا فأباها، وتعرضت له البدع فنفاها، إننا اليوم على موعد مع أئمة في إمام، فلقد كان إمامنا إماماً في الحديث وضروبه، إماماً في الفقه ودقائقه، إماماً في الزهد وحقائقه، إماماً في الورع وطرائقه، إماماً في السنة بجميع أقسامها، إماماً في العقيدة بكل أصولها وفروعها، إنه الإمام العلم.. إنه الحبر الرباني الكبير الذي بذل نفسه وروحه للذود وللذب عن حياض السنة المطهرة. إنه الجبل الراسخ الذي لا تزعزعه الأهواء، ولا تميد به العواصف والفتن والمحن، إنه الرجل الذي أراني اليوم وأنا أتحدث عنه كأنني أقدم لحضراتكم اليوم صحابياً جليلاً من أصحاب الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. ولم لا وقد كان إمامنا الحبر العلم لا يحيد قيد شعرة في أقواله وأفعاله وأحواله عن سنة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؟! إنه الإمام المبجل أحمد بن حنبل رضي الله عنه وأرضاه، وطيب الله ثراه، وجمعنا الله به مع إمامه وأستاذه؛ إنه ولي ذلك ومولاه. أحبتي في الله! إنه لفخر لبني الإنسان، وإنه لشرف لمثلي وأمثالكم أن أتكلم أنا عن أحمد وأنتم تستمعون إلى سيرته، فمن نحن لنتكلم عن هذا الإمام العلم؟! والله إني أحس بأن حلقي ليجف وبأن قلبي ليرتعد خجلاً وحياءً من أن يقف مثلي معدداً لمناقب ومآثر هذا الحبر وهذا العالم الرباني الجليل الكبير. أيها الأحبة! تعالوا بنا سريعاً -حتى لا تطاردنا عقارب الساعة- لنطالع سيرة هذا العالم الرباني من أولها، فإن تلخيص حياة الإمام في هذه الدقائق المعدودات أمر والله جد عسير، فإلى قفزات سريعة في حياة هذا الإمام العلم، فأقول مستعيناً بالله جل وعلا ومتوكلاً عليه:

    مولده ونشأته

    ولد الإمام أحمد في السنة الرابعة والستين بعد المائة الأولى في مدينة بغداد، فالإمام بغدادي المولد والنشأة والوفاة، ولما بلغ إمامنا الثالثة من عمره توفي أبوه في ريعان شبابه، فلقد مات والده في الثلاثين من عمره، ووليته أمه الصابرة التقية النقية، ودفعت أحمد في سن مبكرة جداً إلى الكُتّاب ليحفظ القرآن الكريم وليتعلم القراءة والكتابة، ونبغ إمامنا نبوغاً مبكراً.

    طلبه للعلم ونبوغه فيه

    أيها الأحبة: إن المادة كثيرة كثيرة، وأريد أن ألخص حياة الإمام تلخيصاً دقيقاً. أقول: نبغ الإمام مبكراً فاتجه بعد ذلك إلى دراسة فقه الشريعة والحديث على يد شيخه الأول: هزيم بن بشير رحمه الله تعالى رحمة واسعة، ولما بلغ الإمام الثامنة عشرة من عمره تفرغ لدراسة علم الحديث الشريف على صاحبه أفضل الصلاة وأزكى السلام، فنظر الإمام فلم ير شيخاً من شيوخ بغداد إلا وقد أخذ كل ما عنده من حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، ففكر الإمام في الرحلة لطلب الحديث، ورحل إمامنا إلى الكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، وفارس، وخراسان، واليمن، والمغرب، والشام، حتى قال الحافظ ابن كثير في بدايته ونهايته المتقنة: لقد طاف أحمد البلاد والآفاق بحثاً عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهكذا أحبتي في الله! وهكذا يا طلبة العلم لم يضيع الإمام لحظة واحدة في شبابه، ولا حتى في حياته إلا وقد حرص فيها على أن يسمع حديثاً عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أن يصحح رواية، أو أن يوصل سنداً من المسانيد، وهكذا رحل في سبيل هذه الغاية الشريفة العظيمة الكريمة إلى أدنى الدنيا وأقصاها، إن لم يجد ما يركبه فعلى قدميه ماشياً رضي الله عنه وأرضاه، حتى تشققت قدماه، وضعف بدنه ضعفاً شديداً شديداً، ولكن سعادته بسماع أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم كانت تمسح آلامه، وتذهب جراحه، وتسكب في قلبه الطمأنينة واليقين والصبر والثبات حتى قال ولده الأكبر صالح بن أحمد رحمه الله ورحم أباه رأى رجل مع أبي المحبرة ذات يوم فعجب، وقال هذا الرجل للإمام أحمد : يا إمام! أنت إمام المسلمين، وبلغت ما قد بلغت، ولا زلت أرى معك المحبرة؟ فقال أحمد قولته الخالدة: نعم. مع المحبرة إلى المقبرة. فلا تتعال يا طالب العلم، ولا تظنن أنك قد بلغت ساحل العلم، فإن ساحل العلم لا يصل إليه أحد، كيف وقد أمر الله حبيبه المصطفى الأمي الذي علم المتعلمين بقوله جل وعلا: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114] ولا يزال هذا الأمر قائماً ودائماً حتى لقي الحبيب ربه جل وعلا. نعم. مع المحبرة إلى المقبرة، ومن ثم بهذا الصبر وهذه المثابرة وهذا الصدق والجهد والإخلاص واليقين صار الإمام أحمد محدث المتفقهين وفقيه المحدثين.

    مسند الإمام أحمد رحمه الله

    انتبهوا أيها الإخوة فإن هذه رءوس أقلام، ولا يسعني أبداً أن أقف مع سيرة الإمام مع علمه وفقهه وورعه وزهده، ومع خوفه، ومراقبته لله، ومع إخلاصه وصدق توكله، ومع صبره وثباته على المحن والشدائد، ومع حسن تواضعه وكريم إشفاقه. لا يسعني أدباً أن أتحدث عن كل هذا في هذه الدقائق المعدودات، إلا أنني أقول: صار أحمد فقيهاً أو محدث المتفقهين وفقيه المحدثين، وإن أعظم دليل عملي على صدق قولي هذا هو مسنده العظيم، ذلك المورد الثجاج لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي جمع فيه الإمام جمعاً عظيماً من أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، فيأتي الإمام باسم الصحابي أو بمسند الصحابي فيقول: مسند أنس بن مالك ، أو مسند أبي هريرة ، أو مسند عبد الله بن عمر ويأتي بجميع الأحاديث التي رواها هذا الصحابي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم دون مراعاة لموضوعات هذه الأحاديث، ثم بعد ذلك بأقوال هذا الصحابي وفتاويه إن كانت له فتاوى، وهكذا يختلف ترتيب المسند عن ترتيب كتب السنن، فإن المسند مرتب على الصحابة، وكتب السنن مرتبة على أبواب الفقه كما يعلم طلبة الحديث. أحبتي في الله! وهكذا أولى الإمام أحمد المسند عناية عجيبة فائقة، ولكن يأبى الله إلا أن يكون الكمال لكتابه وحده، ولقد صدق الله جل وعلا إذ يقول: وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً [النساء:82]. أقول: مع كل هذه العناية الفائقة فلقد وقع في مسند الإمام أحمد الضعيف والموضوع، كأحاديثه في فضائل مرو وعسقلان، ففيها الضعيف والموضوع، ولكن الصحيح والله أعلم أن هذه الأحاديث الموضوعة -وأقول هذا للأمانة العلمية ووالله ليست تعصباً- التي ثبتت في مسند أحمد، وثبت الكذب في بعض رواتها ليست من رواية الإمام أحمد ، وإنما هي من الزيادات التي زيدت على المسند بعد ذلك، ولقد حقق هذه المسألة تحقيقاً دقيقاً عجيباً خاتمة المحدثين والحفاظ، الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى في كتابه القيم المذهل المسمى بـ: (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد )، وقد رد الحافظ ابن حجر في هذا الكتاب على شيخه الحافظ العراقي رحمه الله تعالى، وأثبت الحافظ ابن حجر أن الأحاديث الموضوعة التي ثبتت في مسند الإمام أحمد إنما هي من الزيادات التي زيدت على مسند الإمام، وليست من رواية أحمد ولا ولده عبد الله . وهكذا أيها الأحبة: أجل الإمام أحمد وأهله إجلالاً منقطع النظير، حتى كان يذكر الإمام أحمد فيقال: رضي الله عنه وأرضاه، ومن عظم أصحاب الحديث عظم في عين رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن حقّر أصحاب الحديث سقط من عين رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما سئل الإمام عن حديث المصطفى الذي خرجه هو في مسنده وهو مخرج في الصحيحين أيضاً من حديث معاوية رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس) لما سئل الإمام أحمد في معنى هذا الحديث قال: إن لم تكن هذه الطائفة هم أهل الحديث فما أدري من هم؟! ولم يكن الإمام أحمد محدث المتفقهين فحسب، وإنما كان أيضاً فقيه المحدثين، وإن كان الإمام أحمد لم يترك لنا كتاباً في الفقه بعينه فلقد أجاب الإمام أحمد عن أكثر من ستين ألفاً من المسائل الفقهية بقوله: قال الله تعالى، قال رسوله صلى الله عليه وسلم، قال الصحابة رضي الله عنهم، ومن أراد أن يرى العجب العجاب في ذلك فليراجع كتاب: (المغني) للعلامة ابن قدامة ليرى من ذلك العجب العجاب والمسائل الكثيرة الكثيرة.

    1.   

    أصول مذهب الإمام أحمد رحمه الله

    أيها الأحبة! إن الإمام أحمد فقيه دقيق عميق النظر، كثير الحيطة، شديد الحذر، أعظم ما يخشاه ويخاف منه أن يقرر حكماً يخالف به حكماً لله جل وعلا، ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي يعي جيداً قول الله تبارك وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [الحجرات:1]، وقد لخص تلميذه النجيب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، القاعدة التي بنى عليها الإمام أحمد فقهه في هذه الكلمات المعدودات فقال: (توقيف في العبادات، وعفو في المعاملات) وهذه هي قاعدة الفقه الحنبلي. (توقيف في العبادات) فلا يصح أبداً أن يعبد إنسان ربه جل وعلا برأي أو بهوى، أو بقول أحد من الناس، وإنما بقول الله جل وعلا، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا هو معنى التوقيف. أحبتي في الله! (توقيف في العبادات)، أي: على الله ورسوله. (وعفو في المعاملات): لأن الأصل في المعاملات الإباحة والحل ما لم يأت دليل بالتحريم، أما الأصل في العبادات فالتوقيف، فلا يجوز لأحد أن يعبد الله إلا بقال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم. وقد لخص العلامة ابن القيم في كتابه القيم: (إعلام الموقعين) القواعد والأصول الخمسة التي بنى عليها الإمام أحمد فقهه فقال: الأول: النصوص: أول قاعدة وأصل بنى عليها الإمام فقهه: النصوص، فإذا وجد الإمام نصاً من الكتاب والسنة لا يلتفت إلى ما خالفه وإلى من خالفه كائناً من كان. الأصل الثاني أو القاعدة الثانية من قواعد فقه الإمام أحمد : أقوال الصحابة رضي الله عنهم، وكان الإمام لا يقدم على أقوال الصحابة رأياً ولا قياساً. الأصل الثالث: إذا اختلف الصحابة في مسألة من المسائل اختار الإمام أحمد أقرب هذه الأقوال إلى الكتاب والسنة. الأصل الرابع: أن الإمام كان يأخذ بالأثر المرسل وبالحديث الضعيف إذا لم يكن عنده في المسألة دليل صحيح من الكتاب والسنة، ولا من أقوال الصحابة رضي الله عنهم. الأصل الخامس: أنه كان يحيد إلى القياس أحياناً مع كراهته الشديدة لذلك، إذا لم يجد عنده نص من الكتاب والسنة ولا يجد عنده أثراًمرسلاً ولا حديثاً ضعيفاً، وكان يقول قولته: (الحديث الضعيف أفضل عندي من القياس). وعلق شيخ الإسلام ابن تيمية على هذه المقولة فقال: والحديث الضعيف عند الإمام أحمد هو قسيم الصحيح، وهو قسم من أقسام الحسن. أيها الأحبة! هذه هي الأصول الخمسة التي بنى عليها الإمام مذهبه الفقهي عرضتها في عجالة سريعة وسامحوني على السرعة والتقصير. وهكذا أحبتي في الله! فلم يكن الإمام أحمد فقيه المحدثين، ومحدث المتفقهين فحسب، بل كان إمام أهل السنة في العقيدة بكل أصولها وفروعها، فلئن كان الإمام شديد التمسك بالفقه والسنة وأحكامها في الأصلين والنبعين الصافيين الكريمين ألا وهما الكتاب والسنة فلقد كان الإمام أحمد أشد تسمكاً وأشد اتباعاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولسلف الأمة الصالح في أخطر مسائل الاعتقاد وصغيرها كمسائل الصفات، كقوله في معنى يد الله، ووجه الله، وقدرة الله، والقضاء والقدر وكقوله في الإيمان، وكقوله في الإسلام، وكقوله في معنى الكرامة، ومعنى المعجزة، وكقوله في رؤية الله جل وعلا في الآخرة... إلى آخر هذه المسائل. لم يحد الإمام عن قول السلف في هذه المسائل قيد شعرة؛ لأن الإمام كان شديد الاتباع، شديد البغض لكل رائحة ابتداع، فكان سيفاً مصلتاً على أهل الأهواء والبدع، أثبت كل ما أثبته الله ورسوله، ونفى كل ما نفاه الله ورسوله من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، ولا يتسع الوقت لسرد بعض أقواله الجميلة الدقيقة في هذه المسائل الخطيرة التي زلت فيها أقدام، وضلت فيها أفهام، وكفرت فيها أقلام، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

    1.   

    موقف الإمام رحمه الله من أهل البدع

    أيها الأحبة! لقد كان الإمام أحمد شديد العداء لأهل الأهواء والابتداع، وهنا أعيروني القلوب والأسماع، فلعل هذا هو السبب الذي تعرض بسببه الإمام أحمد لفتن ومحن كثيرة تنوء بحملها الجبال الراسيات، وهذا حق لابد لكل من سلك طريق الدعوة إلى الله، ومشى على طريق نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد وإخوانهم من النبيين والمرسلين، ولابد أن يعلم أن هذا الطريق ليس ممهداً بالورود ولا مفروشاً بالزهور والرياحين، ولكنه طريق محفوف بالأشواك والأذى والابتلاء ومفروش بالدماء والأشلاء.

    1.   

    الفتن والمحن التي تعرض لها الإمام أحمد رحمه الله

    لماذا فتن الإمام أحمد ، وابتلي إمام أهل السنة الأعظم الأكبر؟ لأنه وحد الله توحيداً خالصاً، ولأنه قال: لا إله إلا الله على مراد الله وعلى مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسلك طريق سلف الأمة الصالح ولم يحد عنه قيد شعرة.

    1.   

    فتنة القول بخلق القرآن

    لعل أعظم محنة وفتنة تعرض لها الإمام رضي الله عنه وأرضاه هي محنة خلق القرآن التي كانت سبة الدهر، وعار الأيام، وتلطخ بها ثلاثة من خلفاء الدولة العباسية متعاقدين هم بالترتيب: الخليفة المأمون، والخليفة المعتصم وولد المعتصم الخليفة الواثق . وأصل هذه البدعة أيها الأحبة: أن الخليفة المأمون الذي قرأ بعض الكتب المترجمة عن اللغة اليونانية قد أعجب بفكر المعتزلة، واعتنق هذه العقيدة، وقرب منه رأس المعتزلة في حينه أحمد بن أبي دؤاد ، وهذه فتنة كبيرة لا ناقة للمسلمين فيها ولا جمل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. عباد الله! القرآن كلام الله عز وجل أنزله الله تبارك وتعالى على قلب حبيبه المصطفى صلى الله عليه وسلم، فأنذر به النبي وبشر، وحفظه الصحابة ووعوه في قلوبهم وعي من سحر ببيانه وعظيم أسلوبه وقوة برهانه، وحولوا هذا القرآن إلى واقع عملي في حياتهم وسلوكهم، وآمنوا بمحكمه ومتشابهه امتثالاً عملياً لقول الله جل وعلا: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [آل عمران:7] وهكذا كان سلفنا الصالح يشتغلون بتطبيق القرآن والعمل به عن الجدل في آياته وأحكامه.. هكذا كان دأبهم رضي الله عنهم وأرضاهم إلى أن دخلت هذه الأفكار والعقائد والفلسفات التي بسببها استكبرت العقول، وتطاولت على كل شيء، حتى في التفكير في ذات الله وتقليب الرأي في صفاته جل وعلا، وهو الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، جل عن الشبيه وعن المثيل والنظير، لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير. لماذا هذا التعنت؟ ولماذا هذا التنطع؟ ولماذا هذا التشدد؟ شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم، كما فعل بنو إسرائيل، قال الله عز وجل: اذبحوا بقرة، قالوا: ما لونها.. ما صفاتها.. ما عمرها.. ما سنها.. ما شكلها؟ إن الله يأمر أن تذبحوا بقرة فاذبحوها أياً كانت، فلما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم. ألا يسعنا من القرآن ما وسع النبي وأصحابه رضي الله عنهم؟! ما الداعي لهذه الفتنة التي أحرقت الأخضر واليابس، وأخذت دماء الأطهار الأبرار من العلماء الأفاضل والأخيار الكبار؟! ما الداعي لها؟ إنها فتنة ابتدعها هذا المعتزلي أحمد بن أبي دؤاد واعتنقها الخليفة المأمون وأراد أن يحمل الناس على اعتناقها، بل والعلماء الفضلاء أيضاً. وكثير من العلماء لم يصبر على هذا العذاب، والسجن، والقتل، فقال بما أراده المأمون من خلق القرآن، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا أن للحق رجالاً ثبتهم الله جل وعلا كثبوت الجبال الراسيات، وكان الإمام أحمد جبلاً راسياً ثابتاً راسخاً لم يقل إلا بما علمه من كتاب الله وسنة رسول الله، حتى ولو قدم بدنه رخيصاً لدين الله عز وجل، ولسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، وقال الإمام أحمد قولته الخالدة: القرآن كلام الله عز وجل وليس بمخلوق. وكانت هذه الفتنة أول ما أطلت برأسها في خلافة هشام بن عبد الملك ، وكان أول من قال بها هو الجعد بن درهم عليه من الله ما يستحقه، فهو أول من قال بخلق القرآن، ولكن هشام بن عبد الملك رحمه الله تعالى وجزاه الله عن هذه الأمة خير الجزاء أمر أميره على العراق خالد القسري أن يقتل الجعد بن درهم ، فقام خالد في خطبة عيد الأضحى وخطب الناس وقال في آخر خطبته: انصرفوا أيها الناس وضحوا تقبل الله ضحاياكم فإني مضحٍ اليوم بـالجعد بن درهم ، ونزل من على المنبر فقتله، وأراح الناس من شره وفتنته. وخمدت نار الفتنة في مهدها إلى أن أطلت برأسها مرة أخرى في خلافة المأمون، وقال الإمام أحمد قولته، فأمر الخليفة المأمون أن يرسلوا إليه أحمد بن حنبل ، وقيد الإمام بالأغلال والحديد.. وحمل على بعير وذهب به إلى الخليفة المأمون ، وفي طريقه مر عليه رجل من الأعراب من بني ربيعة يقال له: جابر بن عامر رحمه الله تعالى، والإمام أحمد وهو راكب على البعير مقيد بالأغلال، فقال له: السلام عليك يا أبا عبد الله فرد عليه الإمام أحمد السلام، فقال هذا الرجل الأعرابي العاقل الفقيه: يا أبا عبد الله ! إنك رأس المسلمين اليوم، فإياك أن تستجيب إلى ما دعوك إليه، فأنت رأس الناس وسلف الناس، وإن أجبتهم بما يريدون سيقول الناس بمثل مقالتك وتحمل أوزارهم أمام الله يوم القيامة، فإن كنت تحب الله يا أبا عبد الله ! فاصبر على ما أنت فيه، فإنه ليس بينك وبين الجنة إلا أن تقتل في سبيل الله عز وجل، وإن لم تقتل مت، وإن عشت عشت حزيناً. يقول أحمد : فصبرني هذا الكلام، وزادني عزماً على ما كانت عزمته بإذن الله جل وعلا وحوله. فلما وصل الإمام إلى منزل الخليفة المأمون خرج إليه خادم من قصر الخليفة وكان يعرف الإمام، فلما رأى هذا الخادم الإمام مقيداً بالقيود والأغلال بكى وقال له: يا أبا عبد الله ! والله إنه ليعز عليّ أن أرى الخليفة المأمون قد سل سيفاً ما سله قبل اليوم، ويقسم الخليفة بقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول: والله إن لم يجبني أحمد للقول بخلق القرآن لأقتلنه بسيفي هذا، فجثا الإمام أحمد على ركبتيه، ورفع طرفه إلى السماء، ونادى من يسمع دبيب النملة السوداء تحت الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، وقال لربه جل وعلا: سيدي! غر حلمك هذا الفاجر حتى تجرأ على أوليائك بالضرب والقتل، فاللهم إن يكن القرآن كلامك غير مخلوق فاكفنا مئونته بما تشاء. ووالله لم تمض هذه الليلة إلا وسمع الإمام في الثلث الأخير من الليل صياحاً وصراخاً في قصر الخليفة، فلما سأل الإمام عن سبب هذا الصراخ، قالوا له: لقد مات الخليفة المأمون . واستجاب الله دعاءه ومات الخليفة المأمون ، ولكن الخليفة كان قد أوصى إلى أخيه المعتصم أن يرث أداة الفتنة المحركة ابن أبي دؤاد عليه من الله ما يستحقه، وورث المعتصم رأس الفتنة ابن أبي دؤاد ، وصدر الأمر بسجن الإمام أحمد . أتدرون كم هو الوقت الذي ظل فيه إمام أهل السنة في السجن؟ سجن الإمام أحمد في خلافة المعتصم ثمانية وعشرين شهراً على الكمال والتمام، وما ذاك إلا لأنه يوحد الله توحيداً خالصاً. ولما أرادوا أن يدخلوه السجن ودخل فيه قال قولته الجميلة، قولة يوسف عليه السلام: قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ [يوسف:33]، ومكث الإمام في السجن، وظلوا يرسلون إليه كل يوم رجلين ليناظرانه في هذه القضية الخطيرة وهذه الفتنة الكبيرة، وكان الإمام لا يغير قوله أبداً، ويقول: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، فلما سمع المعتصم بعناد أحمد وقوته، وأنه لا يريد أن يقول ما يقوله الخليفة قال: أدخلوه عليّ، فأدخلوا الإمام أحمد مكبلاً بالقيود والأغلال على المعتصم وقد جمع خلقاً كثيراً في مجلسه، وعلى رأسهم أحمد بن أبي دؤاد ، ودخل الإمام على الخليفة فقربه المعتصم منه حتى أدناه من مجلسه. يقول أحمد : فأثقلتني القيود فجلست ثم قلت له: أتأذن لي بالكلام يا أمير المؤمنين؟ فقال المعتصم للإمام: تكلم. فقال أحمد رضي الله عنه وأرضاه سائلاً المعتصم : إلى ما دعا الله ورسوله يا أمير المؤمنين؟ فسكت المعتصم هنيهة ثم قال: إلى شهادة أن لا إله إلا الله، فقال أحمد : فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ثم نظر الإمام إلى الخليفة وقال: يا أمير المؤمنين! إن جدك ابن عباس رضي الله عنهما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليه وفد عبد القيس وسألهم الرسول صلى الله عليه وسلم: (أتدرون ما الإيمان؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، فقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: الإيمان أن تشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وأن تعطوا الخمس من المغنم) وأنا أقر بهذا، أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأقيم الصلاة، وأوتي الزكاة، فاستحيا المعتصم وقال لـأحمد : والله لولا أني رأيتك في يد من كان قبلي لعفوت عنك، سبحان الله! ثم صرخ الخليفة فيمن حوله وقال لهم: ناظروه كلموه، وغر هؤلاء الجهلاء المعتصم بإمام أهل السنة الأكبر الأعظم، فأمر المعتصم بجلد الإمام رضي الله عنه، ووقف المعتصم بنفسه إلى جوار الجلاد فيأمر الجلاد أن يضرب أحمد سوطين، ثم يتقدم إلى أحمد يقول له: يا أحمد أجبني بقولي لأفك قيدك بيدي، فيرد الإمام تحت وطأة هذه السياط التي تلهب الأجساد يقول له: أعطني شيئاً من كتاب الله وسنة رسول الله أقول به. دمه الكتاب والسنة.. روحه الكتاب والسنة.. أنفاسه التي يتنفسها الكتاب و

    1.   

    سماحة الإمام أحمد مع أعدائه

    شاء الله أن ينتقم للإمام في حياته لا بعد مماته، فلقد رأى بعينه ابن أبي دؤاد بعد أن عزله المتوكل وجرده من مناصبه، بل وأخذ كل أمواله وردها إلى بيت المال، وابتلى الله هذا الرجل بمرض خطير، بمرض الفالج، حتى كان يعيش ميتاً بين الأحياء، ودخل عليه عبد العزيز بن يحيى المكي وقال له: والله ما جئتك عائداً، ولكني جئت إليك لأراك هكذا لأحمد الله عز وجل الذي سجنك في جلدك وأنت في هذه الدنيا. وهكذا أيها الأحبة! فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [الشورى:40] والله لو كانت الحياة تكريماً لأحد لكان أولى بهذا سيد الناس محمد صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    وفاة الإمام رحمه الله

    نام الإمام أحمد على فراش الموت في السابعة والسبعين من عمره، وجلس إلى جواره ولده عبد الله ، فرأى الإمام أحمد يقول: لا بعد لا بعد لا بعد، فتعجب ولده، فلما أفاق الإمام بين سكرات الموت وكرباته، قال: يا أبتي! ماذا تقول، أراك تقول: لا بعد لا بعد؟! أتدرون ماذا قال أحمد ؟ قال: يا بني! إن إبليس جالس عند رأسي بحذائي عاض على أنامله، يقول لي: يا أحمد ! لقد فتني في حياتك، ولو فتني اليوم ما أدركتك بعد اليوم، مت يا أحمد على اليهودية مت يا أحمد على النصرانية، وأنا أقول: لا بعد لا بعد حتى ألقى الله عز وجل موحداً على لا إله إلا الله. أحمد يفتن عند موته، ولكن أنى لأهل الاستقامة وأهل الإيمان أن يفتتنوا والله جل وعلا يقول: إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمْ الْمَلائِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلاً مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت:30-32]؟! ودخل عليه أبو بكر المروزي فقال له: يا أحمد ! كيف أصبحت؟ فقال أحمد : وكيف يصبح من ربه يطالبه بأداء الفرض، ونبيه يطالبه بأداء السنة، ونفسه تطالبه بهواها، والملكان يطالبانه بتصحيح العمل، وإبليس يطالبه بالفاحشة، وملك الموت يطالبه بقبض روحه؟!! ومات الإمام أحمد رضي الله عنه وأرضاه وصلى الله على أستاذه ومصطفاه، وجمعنا الله بهما في جنته ومستقر رحمته؛ إنه ولي ذلك ومولاه. وأعتذر لكم أحبتي عن الإطالة، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم.

    1.   

    التعصب للإمام يخالف مذهبه

    الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وزد وبارك عليه وعلى آله وصحبه وسلم. أما بعد: أيها الأحبة! فـأحمد بشر يخطئ ويصيب، ويؤخذ منه ويرد عليه، فقد أبى الله تعالى ألا يكون الكمال إلا له، وأن يلبس ثوب العصمة إلا لأنبيائه ورسله، فإلى كل متعصب للإمام ومذهبه مع مخالفة الدليل الصحيح من القرآن والسنة أقول: إن أحمد بشر، واعلم بأنك بتعصبك للإمام ولقوله مع مخالفته للدليل الصحيح من القرآن والسنة -أحياناً- قد خالفت بذلك إمامك وخرجت على قواعد وأصول مذهبه، فإلى النبعين الصافيين اللذين استقى منهما أحمد مذهبه، ولكن إن قال بقوله فقد يخطئ ويصيب؛ لأن الإمام مالك قال قولته الخالدة: كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا النبي صلى الله عليه وسلم. فهيا يا أبناء الصحوة وهيا أيها المسلمون إلى حب الأئمة واقتفاء آثارهم، والآخذ من النبعين الصافيين الكريمين القرآن والسنة الصحيحة، فهذا هو الطريق الصحيح الذي لا عز لنا ولا سعادة لنا في الدنيا والآخرة إلا بالسير فيه. أسأل الله جل وعلا أن يجزي عنا هؤلاء الأئمة خير ما جزى الله تبارك وتعالى مصلحاً أو صالحاً. اللهم أعز الإسلام وانصر المسلمين، وأعل بفضلك كلمة الحق والدين، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين، اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا سبباً لمن اهتدى. اللهم اقبلنا وتقبل منا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، اللهم صل وسلم وزد وبارك على نبينا وحببينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. أحبتي في الله! هذا وما كان من توفيق فمن الله وحده، وما كان من خطأ أو سهو أو زلل فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء، وأعوذ بالله أن أذكركم به وأنساه، وأستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756247740