الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [بسم الله الرحمن الرحيم.
أول كتاب الأشربة.
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا أبو حيان قال: حدثني الشعبي عن ابن عمر عن عمر قال: ( نزل تحريم الخمر يوم نزل وهي خمسة أشياء: من العنب, والتمر, والعسل, والحنطة, والشعير, والخمر ما خامر العقل, وثلاث وددت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما يفارقنا حتى يعهد إلينا فيهن عهداً ننتهي إليه: الجد, والكلالة, وأبواب من أبواب الربا ).
باب: حدثنا عباد بن موسى الختلي قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر- عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو عن عمر بن الخطاب قال: ( لما نزل تحريم الخمر, قال عمر: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شفاء, فنزلت الآية التي في البقرة: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ [البقرة:219], الآية, قال: فدعي عمر , فقرئت عليه, قال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شفاء, فنزلت الآية التي في النساء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43], فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقيمت الصلاة ينادي: ألا لا يقربن الصلاة سكران, فدعي عمر فقرئت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بياناً شفاء, فنزلت هذه الآية: فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ [المائدة:91], قال عمر: انتهينا ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثنا عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي: ( أن رجلاً من الأنصار دعاه و عبد الرحمن بن عوف فسقاهما قبل أن تحرم الخمر, فأمهم علي في المغرب، فقرأ ( قل يا أيها الكافرون ) فخلط فيها فنزلت: لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ [النساء:43] )].
والعلماء في أبواب الأشربة يذكرون المحرمات ولا يذكرون المباحات, باعتبار أن المباحات هي الأصل, ولا عد لها ولا حصر, وأما المحرمات فهي استثناء, وكذلك ما يتعلق بأبواب الألبسة فإنهم يصدرون المحرمات فيها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن محمد المروزي قال: حدثنا علي بن حسين عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43], و يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [البقرة:219], نسختهما في المائدة: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ [المائدة:90], الآية).
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد عن ثابت عن أنس قال: ( كنت ساقي القوم حيث حرمت الخمر في منزل أبي طلحة , ما شرابنا يومئذ إلا الفضيخ, فدخل علينا رجل، فقال: إن الخمر قد حرمت، ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: هذا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع بن الجراح عن عبد العزيز بن عمر عن أبي طعمة مولاهم و عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أنهما سمعا ابن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن أبي هبيرة عن أنس بن مالك ( أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمراً, قال: أهرقها, قال: أفلا أجعلها خلاً؟ قال: لا ).
قال أبو داود: أبو هبيرة هو: يحيى بن عباد الأنصاري].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر عن الشعبي عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن من العنب خمراً, وإن من التمر خمراً, وإن من العسل خمراً, وإن من البر خمراً, وإن من الشعير خمراً ).
حدثنا مالك بن عبد الواحد قال: حدثنا معتمر قال: قرأت على الفضيل عن أبي حريز أن عامراً حدثه أن النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إن الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة, وإني أنهاكم عن كل مسكر ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان قال: حدثني يحيى عن أبي كثير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الخمر من هاتين الشجرتين: النخلة والعنبة )].
وفي هذا أخذ الحنفية وقصروا الخمر على هذا, وأما ما عداه فيربطونه بالإسكار, وعلى قولهم هذا أنهم يقولون: إن ما أسكر كثيره لا يحرم قليله إلا إذا كان من هاتين الشجرتين, يعني: من النخل والعنب, وأما من غير هاتين الشجرتين فإذا أسكر كثيره فلا يحرم قليله, فلا يحرم قليله الذي لا يسكر, خلافاً لجمهور العلماء الذين يطلقون ذلك ويجعلون هذه أصولاً يقاس عليها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن داود و محمد بن عيسى في آخرين، قالوا: قال: حدثنا حماد -يعني: ابن زيد- عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل مسكر خمر، وكل مسكر حرام, ومن مات وهو يشرب الخمر يدمنها لم يشربها في الآخرة ).
حدثنا محمد بن رافع النيسابوري قال: حدثنا إبراهيم بن عمر الصنعاني قال: سمعت النعمان -يعني: ابن المنذر- يقول: عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ( كل مخمر خمر, وكل مسكر حرام, ومن شرب مسكراً بخست صلاته أربعين صباحاً, فإن تاب تاب الله عليه, فإن عاد الرابعة كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال, قيل: وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال: صديد أهل النار, ومن سقاه صغيراً لا يعرف حلاله من حرامه كان حقاً على الله أن يسقيه من طينة الخبال ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن جعفر- عن داود بن بكر بن أبي الفرات عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما أسكر كثيره فقليله حرام ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع، فقال: كل شراب أسكر فهو حرام ).
قال أبو داود: قرأت على يزيد بن عبد ربه الجرجسي قال: حدثكم محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري بهذا الحديث بإسناده. زاد: ( والبتع نبيذ العسل, كان أهل اليمن يشربونه ).
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا إله إلا الله ما كان فيهم مثله, ما كان فيهم أثبت منه, يعني: أهل حمص, يعني: يزيد بن عبد ربه .
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا عبدة عن محمد -يعني: ابن إسحاق- عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن ديلم الحميري قال: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله, إنا بأرض باردة نعالج فيها عملاً شديداً وإنا نتخذ شراباً من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا, قال: هل يسكر؟ قلت: نعم, قال: فاجتنبوه, قال: قلت: فإن الناس غير تاركيه, قال: فإن لم يتركوه فقاتلوهم ).
حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن عاصم بن كليب عن أبي بردة عن أبي موسى قال: ( سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب من العسل، فقال: ذاك البتع, قلت: وينتبذون من الشعير والذرة, قال: ذلك المزر, ثم قال: أخبر قومك أن كل مسكر حرام ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن الوليد بن عبدة عن عبد الله بن عمرو: ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الخمر والميسر والكوبة والغبيراء, وقال: كل مسكر حرام ).
قال أبو داود: قال ابن سلام أبو عبيد: الغبيراء: السكركة تعمل من الذرة شراب يعمله الحبشة.
حدثنا سعيد بن منصور قال: أبو شهاب عبد ربه بن نافع عن الحسن بن عمرو الفقيمي عن الحكم بن عتيبة عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر ).
حدثنا مسدد وموسى بن إسماعيل قالا: حدثنا مهدي يعني: ابن ميمون قال: أخبرنا أبو عثمان عن موسى الأنصاري عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( كل مسكر حرام, وما أسكر منه الفرق، فملء الكف منه حرام )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا زيد بن الحباب: قال: حدثنا معاوية بن صالح عن حاتم بن حريث عن مالك بن أبي مريم قال: ( دخل علينا عبد الرحمن بن غنم فتذاكرنا الطلاء، فقال: حدثني أبو مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها ).
حدثني شيخ من أهل واسط قال: حدثنا أبو منصور الحارث بن منصور قال: سمعت الثوري يسأل عن الداذي فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تستحل أمتي الخمر باسم يسمونها به )]
وهذا من أمارات نبوته عليه الصلاة والسلام, قد تشرب في الأزمنة المتأخرة وتسمى مشروبات روحية, أو تسمى بالبيرة وغير ذلك, من باب تهوينها وتلطيفها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا منصور بن حيان عن سعيد بن جبير عن ابن عمر و ابن عباس قالا: ( نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير ).
حدثنا موسى بن إسماعيل ومسلم بن إبراهيم المعنى، قالا: حدثنا جرير عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير قال: حدثنا عبد الله بن عمر يقول: ( حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر, فخرجت فزعاً من قوله: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر, فدخلت على ابن عباس، فقلت: أما تسمع ما يقول ابن عمر ؟ قال: وما ذاك؟ قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر, قال: صدق, حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيذ الجر, قلت: ما الجر؟ قال: كل شيء يصنع من مدر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سليمان بن حرب و محمد بن عبيد قالا: حدثنا حماد بن زيد، ح وحدثنا مسدد قال: حدثنا عباد بن عباد عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس يقول: وقال مسدد: عن ابن عباس وهذا حديث سليمان: ( قدم وفد عبد القيس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله, إنا هذا الحي من ربيعة وقد حال بيننا وبينك كفار مضر, وليس نخلص إليك إلا في شهر حرام, فمرنا بشيء نأخذ به وندعو إليه من وراءنا, قال: آمركم بأربع وأنهاكم عن أربع: الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله, وعقد بيده واحدة, وقال مسدد: الإيمان بالله, ثم فسرها لهم: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله, وإقام الصلاة, وإيتاء الزكاة, وأن تؤدوا الخمس مما غنمتم, وأنهاكم عن الدباء, والحنتم, والمزفت, والمقير ), قال ابن عبيد: النقير مكان المقير, وقال مسدد: والنقير والمقير ولم يذكر المزفت.
قال أبو داود: وأبو جمرة: نصر بن عمران الضبعي.
حدثنا وهب بن بقية عن نوح بن قيس قال: حدثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لوفد عبد القيس: ( أنهاكم عن النقير, والمقير, والحنتم, والدباء, والمزادة المجبوبة, ولكن اشرب في سقائك وأوكه ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبان قال: حدثنا قتادة عن عكرمة وسعيد بن المسيب عن ابن عباس في قصة وفد عبد القيس قالوا: ( فيم نشرب يا نبي الله؟ فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بأسقية الأدم التي تلاث على أفواهها ).
حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن عوف عن أبي القموص زيد بن علي قال: حدثني رجل كان من الوفد الذين وفدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم من عبد القيس يحسب عوف أن اسمه قيس بن النعمان فقال: ( لا تشربوا في نقير ولا مزفت ولا دباء ولا حنتم, اشربوا في الجلد الموكى عليه, فإن اشتد فاكسروه بالماء، فإن أعياكم فأهريقوه ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان عن علي بن بذيمة قال: حدثني قيس بن حبتر النهشلي عن ابن عباس: ( أن وفد عبد القيس قالوا: يا رسول الله, فيم نشرب؟ قال: لا تشربوا في الدباء ولا في المزفت ولا في النقير وانتبذوا في الأسقية, قالوا: يا رسول الله, فإن اشتد في الأسقية؟ قال: فصبوا عليه الماء, فقال لهم في الثالثة أو في الرابعة: أهريقوه, ثم قال: إن الله حرم الخمر، أو حرم الخمر والميسر والكوبة وقال: وكل مسكر حرام ), قال سفيان: فسألت علي بن بذيمة عن الكوبة قال: الطبل.
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الواحد قال: حدثنا إسماعيل بن سميع قال: حدثنا مالك بن عمير عن علي قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والحنتم والنقير والجعة ).
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نهيتكم عن ثلاث وأمرتكم بثلاث وأنا آمركم بهن: نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، فإن في زيارتها تذكرة, ونهيتكم عن الأشربة أن تشربوا إلا في ظروف الأدم، فاشربوا في كل وعاء غير أن لا تشربوا مسكراً, ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها بعد ثلاث، فكلوا واستمتعوا بها في أسفاركم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان قال: حدثني منصور عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله قال: ( لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأوعية قال: قالت الأنصار: إنه لا بد لنا قال: فلا إذن ).
حدثنا محمد بن جعفر بن زياد الوركاني قال: حدثنا شريك عن زياد بن فياض عن أبي عياض عن عبد الله بن عمرو قال: ( ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأوعية الدباء والحنتم والمزفت والنقير, فقال أعرابي: إنه لا ظروف لنا، فقال: اشربوا ما حل ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا شريك بإسناده، وقال: ( فاجتنبوا ما أسكر ).
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال: ( كان ينتبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء، فإذا لم يجدوا سقاء نبذ له في تور من حجارة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن عطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى أن ينبذ الزبيب والتمر جميعاً, ونهى أن ينتبذ البسر والرطب جميعاً ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان قال: حدثنا يحيى عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خليط الزبيب والتمر, وعن خليط البسر والتمر, وعن خليط الزهو والرطب, وقال: انتبذوا كل واحدة على حدة ), وحدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي قتادة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.
حدثنا سليمان بن حرب وحفص بن عمر النمري قالا: حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن رجل، قال: حفص من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نهى عن البلح والتمر والزبيب والتمر ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن ثابت بن عمارة قال: حدثتني ريطة عن كبشة بنت أبي مريم قالت: ( سألت أم سلمة: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنه؟ قالت: كان ينهانا أن نعجم النوى طبخاً أو نخلط الزبيب والتمر ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الله بن داود قال: حدثنا مسعر عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن امرأة من بني أسد عن عائشة رضي الله عنها: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له زبيب فيلقى فيه تمر أو تمر فيلقى فيه الزبيب ).
حدثنا زياد بن يحيى الحساني قال: حدثنا أبو بحر قال: حدثنا عتاب بن عبد العزيز الحماني قال: حدثتني صفية بنت عطية قالت: ( دخلت مع نسوة من عبد القيس على عائشة، فسألناها عن التمر والزبيب, قالت: كنت آخذ قبضة من تمر وقبضة من زبيب فألقيه في إناء فأمرسه ثم أسقيه النبي صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن قتادة عن جابر بن زيد وعكرمة: أنهما كانا يكرهان البسر وحده ويأخذان ذلك عن ابن عباس , وقال ابن عباس: أخشى أن يكون المزاء الذي نهيت عنه وفد عبد القيس، فقلت لـقتادة: ما المزاء؟ فقال: النبيذ في الحنتم والمزفت].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عيسى بن محمد أبو عمير قال: حدثنا ضمرة عن السيباني عن عبد الله بن الديلمي عن أبيه، قال: ( أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا: يا رسول الله, قد علمت من نحن ومن أين نحن فإلى من نحن؟ قال: إلى الله وإلى رسوله, قلنا: يا رسول الله, إن لنا أعناباً ما نصنع بها؟ قال: زببوها, قلنا: ما نصنع بالزبيب؟ قال: انبذوه على غدائكم واشربوه على عشائكم, وانبذوه على عشائكم واشربوه على غدائكم, وانبذوه في الشنان ولا تنبذوه في القلل, فإنه إذا تأخر عن عصره صار خلاً ).
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثني عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن يونس بن عبيد عن الحسن عن أمه عن عائشة، قالت: ( كان ينبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم في سقاء يوكأ وله عزلاء, ينبذه غدوة فيشربه عشاء وينبذه عشاء فيشربه غدوة ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا المعتمر قال: سمعت شبيب بن عبد الملك يحدث عن مقاتل بن حيان قال: حدثتني عمرة عن عائشة، ( أنها كانت تنبذ للنبي صلى الله عليه وسلم غدوة, فإذا كانت من العشي فتعشى شرب على عشائه, وإن فضل صببته أو فرغته, ثم ننبذ له بالليل فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه, قالت: يغسل السقاء غدوة وعشية, فقال لها أبي: مرتين في اليوم؟ قالت: نعم ).
حدثنا مخلد بن خالد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي عمر يحيى البهراني عن ابن عباس قال: ( كان ينبذ للنبي صلى الله عليه وسلم الزبيب فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة, ثم يأمر به فيسقى الخدم أو يهراق ).
قال أبو داود: معنى يسقى الخدم: يبادر به الفساد].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا ابن حنبل قال: حدثنا حجاج بن محمد قال: قال ابن جريج: زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير قال: ( سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش فيشرب عندها عسلاً, فتواصيت أنا وحفصة أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم، فلتقل: إني أجد منك ريح مغافير, فدخل على إحداهن فقالت ذلك له, فقال: بل شربت عسلاً عند زينب بنت جحش ولن أعود له, فنزلت: لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1], إلى: إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ [التحريم:4], لـعائشة و حفصة: وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا [التحريم:3], لقوله: بل شربت عسلاً ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الحلواء والعسل, وذكر بعض هذا الخبر, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن توجد منه الريح, وفي هذا الحديث قالت سودة: بل أكلت مغافير, قال: بل شربت من عسل سقتني حفصة، فقالت: جرست نحله العرفط نبت من نبت النحل )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا صدقة بن خالد قال: أخبرنا زيد بن واقد عن خالد بن عبد الله بن حسين عن أبي هريرة قال: (علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم فتحينت فطره بنبيذ صنعته في دباء ثم أتيته به فإذا هو ينش, فقال: اضرب بهذا الحائط, فإن هذا شراب من لا يؤمن بالله واليوم الآخر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن قتادة عن أنس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل قائماً ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن مسعر بن كدام عن عبد الملك بن ميسرة عن النزال بن سبرة: ( أن علياً دعا بماء فشربه وهو قائم، وقال: إن رجالاً يكره أحدهم أن يفعل هذا، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل مثل ما رأيتموني أفعله )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من في السقاء، وعن ركوب الجلالة والمجثمة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن الزهري أنه سمع عبيد الله بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث الأسقية ).
حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن عيسى بن عبد الله رجل من الأنصار عن أبيه: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإداوة يوم أحد، فقال: اخنث فم الإداوة ثم شرب من فمها ) ].
وذلك أن الإنسان لا يشرب من شيء إلا يراه, وأما خنث الأسقية فيشرب الإنسان منها ولا يعلم ما فيها, ثم إن الناس ربما يستقذرون أن يشرب الإنسان ثم يشرب وصاحبه من موضع, بخلاف الأواني العريضة, أما الأسقية والقرب ونحو ذلك فأفواهها صغيرة, فلا يتناول الإنسان منها إلا لأمرين:
الأمر الأول: أن تكون خاصة به.
الأمر الثاني: إذا أمن ما فيها.
أما الشرب قائماً فخلاف السنة إلا أنه لا يحرم, وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنه شرب قائماً ), والأصل وهو من أمور الآداب أن يشرب جالساً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني قرة بن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي سعيد الخدري قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشرب من ثلمة القدح، وأن ينفخ في الشراب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال: ( كان حذيفة بالمدائن فاستسقى, فأتاه دهقان بإناء فضة, فرماه به، فقال: إني لم أرمه به إلا أني قد نهيته فلم ينته, وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير والديباج, وعن الشرب في آنية الذهب والفضة, وقال: هي لهم في الدنيا ولكم في الآخرة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثني فليح عن سعيد بن الحارث عن جابر بن عبد الله قال: ( دخل النبي صلى الله عليه وسلم ورجل من أصحابه على رجل من الأنصار وهو يحول الماء في حائطه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن كان عندك ماء بات هذه الليلة في شن وإلا كرعنا, قال: بل عندي ماء بات في شن )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن أبي المختار عن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ساقي القوم آخرهم شرباً ).
حدثنا القعنبي عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بلبن قد شيب بماء وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر , فشرب، ثم أعطى الأعرابي وقال: الأيمن فالأيمن )].
وذلك أن الشراب يعطى الأكبر في المجلس، ثم يعطى عمن يمينه, فيبدأ بأكبرهم, ولا يبدأ بأيمنهم, ثم إذا بدئ بالأكبر يكون عمن يمينه, ولو كان عمن يساره أشرف وأعظم وأعلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن أبي عصام عن أنس بن مالك ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا شرب تنفس ثلاثاً وقال: هو أهنأ وأمرأ وأبرأ ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا ابن عيينة عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتنفس في الإناء أو ينفخ فيه )]
التنفس يكره بكل حال, وأما بالنسبة للنفخ فإذا كان الإناء خاصاً بالإنسان يعني: لا يشركه معه غيره ويريد أن يزيل منه شيئاً أو أن يبرده ونحو ذلك فلا حرج عليه, شريطة أن يكون خاصاً به.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن عبد الله بن بسر من بني سليم قال: ( جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي فنزل عليه فقدم إليه طعاماً, فذكر حيساً أتاه به ثم أتاه بشراب فشرب فناول من على يمينه, فأكل تمراً فجعل يلقي النوى على ظهر إصبعيه السبابة والوسطى, فلما قام قام أبي فأخذ بلجام دابته، فقال: ادع الله لي, فقال: اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد -يعني: ابن زيد- ح وحدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد -يعني: ابن سلمة- عن علي بن زيد عن عمر بن حرملة عن ابن عباس قال: ( كنت في بيت ميمونة فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه خالد بن الوليد فجاءوا بضبيين مشويين على ثمامتين، فتبزق رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال خالد: إخالك تقذره يا رسول الله, قال: أجل, ثم أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلبن فشرب, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أكل أحدكم طعاماً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيراً منه, وإذا سقي لبناً فليقل: اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه, فإنه ليس شيء يجزئ من الطعام والشراب إلا اللبن ). هذا لفظ مسدد].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أغلق بابك واذكر اسم الله, فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً, وأطف مصباحك واذكر اسم الله عليه, وخمر إناءك ولو بعود تعرضه عليه واذكر اسم الله، وأوك سقاءك واذكر اسم الله عز وجل ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي عن مالك عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الخبر وليس بتمامه, قال: ( فإن الشيطان لا يفتح غلقاً ولا يحل وكاء ولا يكشف إناءً, وإن الفويسقة تضرم على الناس بيتهم أو بيوتهم ).
حدثنا مسدد وفضيل بن عبد الوهاب السكري قالا: حدثنا حماد عن كثير بن شنظير عن عطاء عن جابر بن عبد الله رفعه, قال: ( واكفتوا صبيانكم عند العشاء ), وقال مسدد: ( عند المساء, فإن للجن انتشاراً وخطفة ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن جابر قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فاستسقى، فقال رجل من القوم: ألا نسقيك نبيذاً؟ قال: بلى, قال: فخرج الرجل يشتد فجاء بقدح فيه نبيذ, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا خمرته ولو أن تعرض عليه عوداً ).
حدثنا سعيد بن منصور وعبد الله بن محمد النفيلي وقتيبة بن سعيد قالوا: حدثنا عبد العزيز عن هشام عن أبيه عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعذب له الماء من بيوت السقيا, قال قتيبة: هي عين بينها وبين المدينة يومان )].
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر