الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
فقد قال الإمام أبو داود رحمه الله تعالى: [ أول كتاب الجنائز، باب الأمراض المكفرة للذنوب
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني رجل من أهل الشام يقال له: أبو منظور عن عمه قال: حدثني عمي عن عامر الرام أخي الخضر .
قال النفيلي: هو الخضر ولكن كذا قال, قال: ( إني لببلادنا إذ رفعت لنا رايات وألوية, فقلت: ما هذا؟ قالوا: هذا لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم, فأتيته وهو تحت شجرة قد بسط له كساء وهو جالس عليه، وقد اجتمع إليه أصحابه فجلست إليهم, فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسقام فقال: إن المؤمن إذا أصابه السقم ثم عافاه الله منه كان كفارة لما مضى من ذنوبه، وموعظة له فيما يستقبل, وإن المنافق إذا مرض ثم أعفي كان كالبعير عقله أهله ثم أرسلوه، فلم يدر لم عقلوه ولم يدر لم أرسلوه, فقال رجل ممن حوله: يا رسول الله, وما الأسقام؟ والله ما مرضت قط, قال: قم عنا فلست منا, فبينا نحن عنده إذ أقبل رجل عليه كساء، وفي يده شيء قد التف عليه, فقال: يا رسول الله, إني لما رأيتك أقبلت فمررت بغيضة شجر، فسمعت فيها أصوات فراخ طائر فأخذتهن فوضعتهن في كسائي, فجاءت أمهن فاستدارت على رأسي فكشفت لها عنهن فوقعت عليهن معهن فلففتهن بكسائي فهن أولاء معي, قال: ضعهن عنك فوضعتهن وأبت أمهن إلا لزومهن, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتعجبون لرحم أم الأفراخ فراخها؟ قالوا: نعم يا رسول الله, قال: فوالذي بعثني بالحق لله أرحم بعباده من أم الأفراخ بفراخها, ارجع بهن حتى تضعهن من حيث أخذتهن وأمهن معهن, فرجع بهن ) ].
هذا الحديث لا يصح؛ لأنه مسلسل بالمجاهيل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وإبراهيم بن مهدي المصيصي المعنى قالا: حدثنا أبو المليح عن محمد بن خالد. قال إبراهيم السلمي: عن أبيه عن جده ( وكانت له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العبد إذا سبقت له من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده - زاد ابن نفيل: ثم صبره على ذلك, ثم اتفقا - حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله جل وعز )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إذا كان الرجل يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر
حدثنا محمد بن عيسى ومسدد المعنى قالا: حدثنا هشيم عن العوام بن حوشب عن إبراهيم بن عبد الرحمن السكسكي عن أبي بردة عن أبي موسى قال: ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا مرتين يقول: إذا كان العبد يعمل عملاً صالحاً فشغله عنه مرض أو سفر كتب له كصالح ما كان يعمل وهو صحيح مقيم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: عيادة النساء
حدثنا سهل بن بكار عن أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير عن أم العلاء قالت: ( عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريضة فقال: أبشري يا أم العلاء فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الذهب والفضة ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى، ح وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا عثمان بن عمر .
قال أبو داود: وهذا لفظ ابن بشار عن أبي عامر الخزاز عن ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: ( قلت: يا رسول الله, إني لأعلم أشد آية في القرآن؟ قال: أي آية يا عائشة ؟ قالت: مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ [النساء:123], قال: أما علمت يا عائشة أن المؤمن تصيبه النكبة أو الشوكة فيكافئ بأسوأ عمله, ومن حوسب عذب, قالت: أليس الله يقول: فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:8], قال: ذاكم العرض يا عائشة, من نوقش الحساب عذب ).
قال أبو داود: وهذا لفظ ابن بشار قال: حدثنا ابن أبي مليكة.]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العيادة
حدثنا عبد العزيز بن يحيى قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد قال: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود عبد الله بن أبي في مرضه الذي مات فيه، فلما دخل عليه عرف فيه الموت قال: قد كنت أنهاك عن حب يهود, قال: فقد أبغضهم أسعد بن زرارة فمه؟ فلما مات أتاه ابنه فقال: يا رسول الله, إن عبد الله بن أبي قد مات فأعطني قميصك أكفنه فيه, فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه فأعطاه إياه ) ].
في هذا جملة من المسائل: منها: زيارة المنافق وعيادته في مرضه؛ كما زار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي.
ومنها أن من أمارات المنافق أنه يحب أهل الكتاب من اليهود والنصارى, ولهذا ذكره بما عليه, فيزار ويذكر وينصح ويبين له الحق برفقه؛ تأليفاً لقلبه وكذلك إعادة له إلى دائرة الحق.
ومنها الهدية للمنافق تأليفاً لقلبه ولقلب من حوله, وأنه لا حرج في هذا.
وابن عبد الله بن أبي من كبار الصحابة ومن فضلائهم وأجلهم, ( وقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل أبيه, وكان باراً بأبيه, وقال للنبي صلى الله عليه وسلم, قال: إن أهل المدينة يعلمون أنه ما من أحد أبر بأبيه مني, وذلك لما قدم من تبوك، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال مقولته في رسول الله صلى الله عليه وسلم: يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ[المنافقون:8] ), وفي هذا الحمية للدين مهما بلغ القرب؛ لأن الأخوة الإسلامية أعظم من الرحم والنسب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في عيادة الذمي
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد يعني: ابن زيد عن ثابت عن أنس ( أن غلاماً من اليهود كان مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده، فقعد عند رأسه فقال له: أسلم, فنظر إلى أبيه وهو عند رأسه, فقال: أطع أبا القاسم فأسلم, فقام النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: الحمد لله الذي أنقذه بي من النار )].
وفي هذا عيادة الكافر سواء كان يهودياً أو نصرانياً؛ تأليفاً لقلبه ودعوته.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المشي في العيادة
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعودني ليس براكب بغل ولا برذون )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في فضل العيادة
حدثنا محمد بن عوف الطائي قال: حدثنا الربيع بن روح بن خليد قال: حدثنا محمد بن خالد قال: حدثنا الفضل بن دلهم الواسطي عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من توضأ فأحسن الوضوء، وعاد أخاه المسلم محتسباً، بوعد من جهنم مسيرة سبعين خريفاً, قلت: يا أبا حمزة, وما الخريف؟ قال: العام ) ].
هذا الحديث منكر, تفرد به الفضل بن دلهم الواسطي وهو منكر الحديث, ولا يثبت مشروعية الوضوء لزيارة وعيادة المريض.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن الحكم عن عبد الله بن نافع عن علي قال: ( ما من رجل يعود مريضاً ممسياً إلا خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة, ومن أتاه مصبحاً خرج معه سبعون ألف ملك يستغفرون له حتى يمسي، وكان له خريف في الجنة ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه لم يذكر الخريف.
قال أبو داود: رواه منصور عن الحكم كما رواه شعبة .
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن أبي جعفر عبد الله بن نافع قال: وكان نافع غلام الحسن بن علي قال: جاء أبو موسى الحسن يعوده. وساق معنى حديث شعبة.
قال أبو داود: وأسند هذا عن علي من غير وجه صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في العيادة مراراً
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( لما أصيب سعد بن معاذ يوم الخندق، رماه رجل في الأكحل، فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة في المسجد ليعوده من قريب )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: العيادة من الرمد
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا حجاج بن محمد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن زيد بن أرقم قال: ( عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجع كان بعيني )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الخروج من الطاعون
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد الله بن عباس ( أن عمر بن الخطاب جاء إلى الشام حتى إذا كان بسرم لقيه أمراء الأجناد أبو عبيدة بن الجراح وغيره, فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام فاختلفوا عليه, فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان متغيب في بعض حاجته, فقال: إن عندي من هذا علماً؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه, وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة
حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا مكي بن إبراهيم قال: حدثنا الجعيد عن عائشة بنت سعد ( أن أباها قال: اشتكيت بمكة, فجاءني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، ووضع يده على جبهتي, ثم مسح صدري وبطني، ثم قال: اللهم اشف سعداً وأتمم له هجرته ).
حدثنا ابن كثير قال: أخبرنا سفيان عن منصور عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أطعموا الجائع, وعودوا المريض, وفكوا العاني ), قال سفيان: العاني: الأسير].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الدعاء للمريض عند العيادة
حدثنا الربيع بن يحيى قال: حدثنا شعبة قال: حدثنا يزيد أبو خالد عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من عاد مريضاً لم يحضر أجله فقال عنده سبع مرار: أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك، إلا عافاه الله من ذلك المرض ).
حدثنا يزيد بن خالد الرملي قال: حدثنا ابن وهب عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن ابن عمرو قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاء الرجل يعود مريضاً فليقل: اللهم اشف عبدك, ينكأ لك عدواً أو يمشي لك إلى جنازة ).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كراهية تمني الموت
حدثنا بشر بن هلال قال: حدثنا عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يدعون أحدكم بالموت لضر نزل به, ولكن ليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يتمنين أحدكم الموت ), فذكر مثله ].
يجوز تمني الموت على سبيل الاستثناء لا الأصل, فالأصل في ذلك النهي, الحالة الأولى: في زمن الفتن والشدة إذا خشي على نفسه الهلاك والانزلاق فيها؛ كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن الرجل في آخر الزمان يمر على القبر فيتمنى أن يكون مكانه ).
والحالة الثانية على سبيل التعريض, كما كان في الأنبياء لما اكتمل لهم الأمر دعوا الله عز وجل أن يلحقهم بالصالحين, فهذا يكون في حال الكمال, ولهذا ينبغي للشخص إذا استفرغ أمره ووسعه وأدى ما عليه أن يسأل الله عز وجل أن يلحقه بالصالحين؛ لأن الكمال لا يعقبه إلا نقصان, ولهذا الأنبياء لما بلغوا مرتبة الكمال من جهة إصلاح أمر الناس وأداء الرسالة سألوا الله عز وجل الوفاة واللحاق بالصالحين, تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101], وهذه هي الفرصة, ولهذا نقول للإنسان: إذا شعر أنه أدى ما عليه، واستفرغ أمره في دينه ودنياه، فإنه ينبغي أن يكثر من قوله: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101], لأن مثل هذا إذا طال الأمر فإنه ربما تعرض لفتن ونكسة في الناس؛ لأن أحوال الأمم ترتفع وتنزل, فأن يأخذك الله عز وجل في رفعة وعلى مثل هذا الأمر, ولا يأخذك الله عز وجل بعد فتن شديدة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب موت الفجأة
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة عن منصور عن تميم بن سلمة أو سعد بن عبيدة عن عبيد بن خالد السلمي رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال مرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم, ثم قال مرة: عن عبيد قال: ( موت الفجأة أخذة أسف )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما جاء في فضل من مات في الطاعون
حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن عبد الله بن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك وهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه, أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت، فوجده قد غلب, فصاح به رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يجبه, فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: غلبنا عليك يا أبا الربيع, فصاح النسوة وبكين, فجعل ابن عتيك يسكتهن, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعهن فإذا وجب فلا تبكين باكية, قالوا: وما الوجوب؟ يا رسول الله, قال: الموت, قالت ابنته: والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيداً، فإنك كنت قد قضيت جهازك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل قد أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ قالوا: القتل في سبيل الله تعالى, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله: المطعون شهيد, والغرق شهيد, وصاحب ذات الجنب شهيد, والمبطون شهيد, وصاحب الحريق شهيد, والذي يموت تحت الهدم شهيد, والمرأة تموت بجمع شهيد ) ].
يؤخذ في هذا أنهم يأخذون أجر الشهيد ولا يأخذون حكمه, ويلحق بالميت في الهدم الحوادث المرورية واصطدام السيارات, فهي شبيهة بالهدم على الأرجح.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المريض يؤخذ من أظفاره وعانته
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: أخبرنا ابن شهاب قال: أخبرني عمرو بن جارية الثقفي حليف بني زهرة, وكان من أصحاب أبي هريرة, عن أبي هريرة قال: ( ابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل خبيباً وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر يوم بدر, فلبث خبيب عندهم أسيراً حتى أجمعوا لقتله, فاستعار من ابنة الحارث موسى يستحد بها فأعارته, فدرج بني لها وهي غافلة, حتى أتته فوجدته مخلياً وهو على فخذه والموسى بيده ففزعت فزعة عرفها فيها فقال: أتخشين أن أقتله؟ ما كنت لأفعل ذلك ).
قال أبو داود: روى هذه القصة شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عياض أن ابنة الحارث أخبرته: ( أنهم حين اجتمعوا يعني: لقتله استعار منها موسى يستحد بها فأعارته )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما يستحب من حسن الظن بالله عند الموت
حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم يقول قبل موته بثلاث قال: ( لا يموت أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله ) ].
يعني: يرجو الرحمة والمغفرة, فينبغي في مثل هذا إذا كان الإنسان عاجزاً عن العمل أن يرجى ولا يخوف, فإذا كان مسرفاً على نفسه وقادراً على العمل فينبغي أن يخوف ولا يرجى, وإذا كان مستقيماً على حاله أن يتوسط بين الخوف والرجاء, والفرق بين حسن الظن بالله وبين الأمن من مكر الله أن حسن الظن يستوجب العمل, والأمن من مكر الله يستوجب ترك العمل والإسراف على النفس بالذنوب والمعاصي.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما يستحب من تطهير ثياب الميت عند الموت
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا ابن أبي مريم قال: أخبرنا يحيى بن أيوب عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري ( أنه لما حضره الموت دعا بثياب جدد فلبسها ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الميت يبعث في ثيابه التي يموت فيها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما يستحب أن يحضر الميت من الكلام
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا حضرتم الميت فقولوا خيراً, فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون, فلما مات أبو سلمة قلت: يا رسول الله, ما أقول؟ قال: قولي: اللهم اغفر له، وأعقبنا عقبى صالحة, قالت: فأعقبني الله تعالى به محمداً صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في التلقين
حدثنا مالك بن عبد الواحد المسمعي قال: حدثنا الضحاك بن مخلد قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر قال: حدثني صالح بن أبي عريب عن كثير بن مرة الحضرمي عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا بشر قال: حدثنا عمارة بن غزية قال: حدثنا يحيى بن عمارة قال: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لقنوا موتاكم قول: لا إله إلا الله )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: تغميض الميت
حدثنا عبد الملك بن حبيب أبو مروان قال: حدثنا الفزاري يعني: أبا إسحاق فقال: عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن قبيصة بن ذؤيب عن أم سلمة قالت: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه, فصيح ناس من أهله, فقال: لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير, فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون, ثم قال: اللهم اغفر لـأبي سلمة وارفع درجته في المهديين, واخلفه في عقبه في الغابرين, واغفر لنا وله يا رب العالمين, اللهم افسح له في قبره، ونور له فيه ).
قال أبو داود: وتغميض الميت بعد خروج الروح، سمعت محمد بن محمد بن النعمان المقري قال: سمعت أبا ميسرة رجلاً عابداً يقول: غمضت جعفراً المعلم, وكان رجلاً عابداً في حالة الموت, فرأيته في منامي ليلة مات يقول: أعظم ما كان علي تغميضك لي قبل أن أموت].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الاسترجاع
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أصابت أحدكم مصيبة فليقل: إنا لله وإنا إليه راجعون, اللهم عندك احتسب مصيبتي فآجرني فيها وأبدلني بها خيراً منها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الميت يسجى
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن عائشة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم سجي في ثوب حبرة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: القراءة عند الميت
حدثنا محمد بن العلاء و محمد بن مكي المروزي المعنى قالا: حدثنا ابن المبارك عن سليمان التيمي عن أبي عثمان, وليس بـالنهدي, عن أبيه عن معقل بن يسار قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اقرءوا يس على موتاكم ), وهذا لفظ ابن العلاء ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الجلوس عند المصيبة
حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا سليمان بن كثير عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت: ( لما قتل زيد بن حارثة و جعفر و عبد الله بن رواحة جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد يعرف في وجهه الحزن ), وذكر القصة].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في تعزية النساء وكراهة بلوغهن إلى القبور
حدثنا يزيد بن خالد بن عبد الله بن موهب الهمداني قال: حدثنا المفضل عن ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: ( قبرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, يعني: ميتاً, فلما فرغنا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفنا معه, فلما حاذى بابه وقف فإذا نحن بامرأة مقبلة, قال: أظنه عرفها, فلما ذهبت إذا هي فاطمة, فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أخرجك يا فاطمة من بيتك؟ فقالت: أتيت يا رسول الله أهل هذا البيت فرحمت إليهم ميتهم أو عزيتهم به, فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلعلك بلغت معهم الكدى؟ قالت: معاذ الله وقد سمعتك تذكر فيها ما تذكر, قال: لو بلغت معهم الكدى فذكر تشديداً في ذلك, فسألت ربيعة عن الكدى؟ فقال: القبور فيما أحسب ) ].
هذا الحديث منكر, في إسناده ربيعة بن سيف, وهو ضعيف, وقد ضعف الحديث النسائي وغيره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الصبر على المصيبة
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا شعبة عن ثابت عن أنس قال: ( أتى نبي الله صلى الله عليه وسلم على امرأة تبكي على صبي لها, فقال لها: اتقي الله واصبري, فقالت: وما تبالي أنت بمصيبتي؟ فقيل لها: هذا النبي صلى الله عليه وسلم، فأتته فلم تجد على بابه بوابين, فقالت: يا رسول الله, لم أعرفك, فقال: إنما الصبر عند الصدمة, أو عند أول صدمة ) ].
في هذا أن الناس ربما يتأثرون بالقائل أكثر من الحجة, ولهذا هذه المرأة لما عرفت النبي صلى الله عليه وسلم تأثرت مع أن الخطاب من النبي صلى الله عليه وسلم الأول هو نفس خطابه الثاني, والمعنى صحيح في الأول والثاني. وهذا مما جبلت عليه النفوس.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا بقية عن إسماعيل بن عياش عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبي عمران عن أبي سلام الحبشي عن ابن غنم عن أبي موسى قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصبر رضا )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في البكاء على الميت
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة عن عاصم الأحول قال: سمعت أبا عثمان عن أسامة بن زيد ( أن بنتاً لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إليه وأنا معه وسعد, وأحسب أبياً: أن ابني أو ابنتي قد حضر فاشهد, فأرسل يقرئ السلام، فقال: قل: لله ما أخذ وما أعطى وكل شيء عنده إلى أجل, فأرسلت تقسم عليه, فأتاها فوضع الصبي في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونفسه تقعقع, ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له سعد: ما هذا؟ فقال: إنها رحمة وضعها الله في قلوب من يشاء, وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ).
حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ), فذكر الحديث, قال أنس: ( لقد رأيته يكيد بنفسه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، إنا بك يا إبراهيم لمحزونون )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في النوح
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الوارث عن أيوب عن حفصة عن أم عطية قالت: ( إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن النياحة ).
حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا محمد بن ربيعة عن محمد بن الحسن بن عطية عن أبيه عن جده عن أبي سعيد الخدري قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم النائحة والمستمعة ).
حدثنا هناد بن السري عن عبدة و أبي معاوية المعنى عن هشام بن عروة عن أبيه عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه, فذكر ذلك لـعائشة فقالت: وهل تعني: ابن عمر, إنما مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبر فقال: إن صاحب هذا ليعذب وأهله يبكون عليه، ثم قرأت: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الإسراء:15] ), قال: عن أبي معاوية: ( على قبر يهودي ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن يزيد بن أوس قال: ( دخلت على أبي موسى وهو ثخن, فذهبت امرأته لتبكي أو تهم به, فقال لها أبو موسى: أما سمعت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: بلى, قال: فسكتت, فلما مات أبو موسى قال يزيد: لقيت المرأة فقلت لها: ما قول أبي موسى لك: أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سكت؟ قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من سلق ومن حلق ومن خرق ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا حميد بن الأسود قال: حدثنا الحجاج عامل عمر بن عبد العزيز على الربذة قال: حدثني أسيد بن أبي أسيد عن امرأة من المبايعات قالت: ( كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعروف الذي أخذ علينا ألا نعصيه فيه: ألا نخمش وجهاً، ولا ندعو ويلاً، ولا نشق جيباً، وألا ننشر شعراً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: صنعة الطعام لأهل الميت
حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان قال: حدثني جعفر بن خالد عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اصنعوا لآل جعفر طعاماً، فإنه قد أتاهم أمر شغلهم ) ].
في هذا أنه لا حرج على الإنسان أن يتعطل عن بعض ما كان يعتاده للهم والحزن الذي يغلب عليه, ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر آل جعفر أن يصنعوا الطعام، وإنما أمر أن يُصنع لهم؛ لأنهم عادة ينشغلون وينصرفون عن صناعته وعن شهية ذلك الطعام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الشهيد يغسل
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا معن بن عيسى، ح وحدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر قال: ( رمي رجل بسهم في صدره أو في حلقه فمات, فأدرج في ثيابه كما هو، قال: ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا زياد بن أيوب وعيسى بن يونس قالا: حدثنا علي بن عاصم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود, وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب، ح وحدثنا سليمان بن داود المهري قال: أخبرنا ابن وهب وهذا لفظه قال: أخبرني أسامة بن زيد الليثي أن ابن شهاب أخبره أن أنس بن مالك حدثهم ( أن شهداء أحد لم يغسلوا، ودفنوا بدمائهم، ولم يصل عليهم ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا زيد يعني: ابن الحباب, وحدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا أبو صفوان يعني: المرواني عن أسامة عن الزهري عن أنس المعنى ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على حمزة وقد مثل به, فقال: لولا أن تجد صفية في نفسها لتركته حتى تأكله العافية حتى يحشر من بطونها, وقلت الثياب وكثرت القتلى, فكان الرجل والرجلان والثلاثة يكفنون في الثوب الواحد ) زاد قتيبة: ( ثم يدفنون في قبر واحد, فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عنهم أيهم أكثر قرآناً فيقدمه في القبلة ) .
حدثنا عباس العنبري قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا أسامة عن الزهري عن أنس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بـحمزة وقد مثل به، ولم يصل على أحد من الشهداء غيره ).
حدثنا قتيبة بن سعيد و يزيد بن خالد بن موهب أن الليث حدثهم عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن جابر بن عبد الله أخبره ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد, ويقول: أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحدهما قدمه في اللحد, وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة, وأمر بدفنهم بدمائهم ولم يغسلهم ).
حدثنا سليمان بن داود المهري قال: حدثنا ابن وهب عن الليث بهذا الحديث بمعناه قال: ( يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في ستر الميت عند غسله
حدثنا علي بن سهل الرملي قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تبرز فخذك، ولا تنظرن إلى فخذ حي ولا ميت ).
قال أبو داود: وكان سفيان ينكر أن يكون حبيب بن أبي ثابت روى عن عاصم شيئاً.
حدثنا النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق قال: حدثني يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال: سمعت عائشة تقول: ( لما أرادوا غسل النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: والله ما ندري أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثيابه كما نجرد موتانا، أم نغسله وعليه ثيابه؟ فلما اختلفوا ألقى الله عليهم النوم حتى ما منهم رجل إلا وذقنه في صدره, ثم كلمهم مكلم من ناحية البيت لا يدرون من هو, أن اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه, فقاموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلوه وعليه قميصه يصبون الماء فوق القميص، ويدلكونه بالقميص دون أيديهم, وكانت عائشة تقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما غسله إلا نساؤه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كيف غسل الميت
حدثنا القعنبي عن مالك، وحدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد المعنى عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أم عطية قالت: ( دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفيت ابنته فقال: اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر, واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافور فإذا فرغتن فآذنني, فلما فرغنا آذناه فأعطانا حقوه, فقال: أشعرنها إياه ) ].
أقول لو كان طول العمر كرامة لأطيل عمر النبي صلى الله عليه وسلم, ولو كان الدفن منقصة لما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهذه سنة جعلها الله عز وجل في الدنيا لا بد أن يمر عليها كل أحد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: قال: مالك يعني: إزاره ولم يقل مسدد: دخل علينا.
حدثنا أحمد بن عبدة وأبو كامل المعنى أن يزيد بن زريع حدثهم قال: حدثنا أيوب عن محمد بن سيرين عن حفصة أخته عن أم عطية قالت: ( مشطناها ثلاثة قرون ).
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا هشام عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية قالت: ( وضفرنا رأسها ثلاثة قرون, ثم ألقيناها خلفها مقدم رأسها وقرنيها ).
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا إسماعيل قال: حدثنا خالد عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهن في غسل ابنته: ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها ).
حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا حماد عن أيوب عن محمد عن أم عطية بمعنى حديث مالك, وزاد في حديث حفصة عن أم عطية بنحو هذا, وزادت فيه: ( أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتنه ).
حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا همام قال: حدثنا قتادة عن محمد بن سيرين ( أنه كان يأخذ الغسل عن أم عطية، يغسل بالسدر مرتين, والثالثة بالماء والكافور )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الكفن
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير ( أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب يوماً، فذكر رجلاً من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل، وقبر ليلاً, فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه, إلا أن يضطر أنسان إلى ذلك, وقال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الأوزاعي قال: حدثنا الزهري عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت: ( أدرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب حبرة، ثم أخر عنه ).
حدثنا الحسن بن الصباح البزاز قال: حدثنا إسماعيل يعني: ابن عبد الكريم قال: حدثني إبراهيم بن عقيل بن معقل عن أبيه عن وهب عن جابر قال: ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا توفي أحدكم فوجد شيئاً فليكفن في ثوب حبرة ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال: أخبرني أبي قال: أخبرتني عائشة قالت: ( كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب يمانية بيض، ليس فيها قميص ولا عمامة ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حفص عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله, زاد: ( من كرسف ), قال: فذكر لـعائشة قولهم: ( في ثوبين وبرد حبرة. فقالت: قد أتي بالبرد، ولكنهم ردوه ولم يكفنوه فيه ).
حدثنا أحمد بن حنبل وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا ابن إدريس عن يزيد يعني: ابن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس قال: ( كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة أثواب نجرانية, الحلة ثوبان, وقميصه الذي مات فيه ).
قال أبو داود: قال عثمان: ( في ثلاثة أثواب: حلة حمراء، وقميصه الذي مات فيه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كراهية المغالاة في الكفن
حدثنا محمد بن عبيد المحاربي قال: حدثنا عمرو بن هاشم أبو مالك الجنبي عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن علي بن أبي طالب قال: ( لا تغال لي في كفن، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تغالوا في الكفن فإنه يسلبه سلباً سريعاً ).
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن خباب: قال: ( مصعب بن عمير قتل يوم أحد ولم يكن له إلا نمرة, كنا إذا غطينا بها رأسه خرج رجلاه, وإذا غطينا رجليه خرج رأسه, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني هشام بن سعد عن حاتم بن أبي نصر عن عبادة بن نسي عن أبيه عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( خير الكفن الحلة, وخير الأضحية الكبش الأقرن )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في كفن المرأة
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني نوح بن حكيم الثقفي وكان قارئاً للقرآن عن رجل من بني عروة بن مسعود يقال له: داود, قد ولدته أم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن ليلى بنت قانف الثقفية قالت: ( كنت فيمن غسل أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها, فكان أول ما أعطانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحقاء, ثم الدرع, ثم الخمار, ثم الملحفة, ثم أدرجت بعد في الثوب الآخر, قالت: ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عند الباب معه كفنها يناولناها ثوباً ثوباً )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المسك للميت
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا المستمر بن الريان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أطيب طيبكم المسك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: التعجيل بالجنازة
حدثنا عبد الرحيم بن مطرف الرؤاسي أبو سفيان و أحمد بن جناب قالا: قال: حدثنا عيسى .
قال أبو داود: هو ابن يونس عن سعيد بن عثمان البلوي عن عزرة, وقال عبد الرحيم: عروة بن سعيد الأنصاري عن أبيه عن الحصين بن وحوح ( أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث فيه الموت فآذنوني به وعجلوا, فإنه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الغسل من غسل الميت
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر قال: حدثنا زكريا قال: حدثنا مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب العنزي عن عبد الله بن الزبير عن عائشة ( أنها حدثته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من أربع: من الجنابة, ويوم الجمعة, ومن الحجامة, وغسل الميت ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: حدثني ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عمرو بن عمير عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من غسل الميت فليغتسل, ومن حمله فليتوضأ ) ].
هذا الحديث لا يصح, جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من طرق متعددة عن أبي هريرة, وكلها معلولة, ومنهم من يرجح وقفه, كـابن المديني والبخاري وأبي حاتم وغيرهم, فهؤلاء يعلونه مرفوعاً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حامد بن يحيى عن سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن إسحاق مولى زائدة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.
قال أبو داود: هذا منسوخ, وسمعت أحمد بن حنبل سئل عن الغسل من غسل الميت, فقال: يجزئه الوضوء.
قال أبو داود: أدخل أبو صالح بينه وبين أبي هريرة في هذا الحديث إسحاق مولى زائدة, وحديث مصعب ضعيف، فيه خصال ليس العمل عليها ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في تقبيل الميت
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم عن عائشة قالت: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عثمان بن مظعون وهو ميت حتى رأيت الدموع تسيل )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الدفن بالليل
حدثنا محمد بن حاتم بن بزيع قال: حدثنا أبو نعيم عن محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار قال: أخبرني جابر بن عبد الله أو سمعت جابر بن عبد الله قال: ( رأى ناس ناراً في المقبرة فأتوها, فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر, وإذا هو يقول: ناولوني صاحبكم, فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الميت يحمل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر بن عبد الله قال: ( كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم, فجاء منادي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم، فرددناهم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الصفوف على الجنازة
حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا حماد عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد اليزني عن مالك بن هبيرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من مسلم يموت فيصلي عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب ), قال: فكان مالك إذا استقل أهل الجنازة جزأهم ثلاثة صفوف، للحديث ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: اتباع النساء الجنائز
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد عن أيوب عن حفصة عن أم عطية قالت: ( نهينا أن نتبع الجنائز، ولم يعزم علينا )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة يرويه قال: ( من تبع جنازة فصلى عليها فله قيراط, ومن تبعها حتى يفرغ منها فله قيراطان, أصغرهما مثل أحد، أو أحدهما مثل أحد ) ].
والجنازة هي الواحدة, ولو صلى على عدة جنائز ولو مرة واحدة وتبعها فلكل واحدة قيراط في الصلاة, وفي الاتباع قيراط آخر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: وبأسانيدكم إليه رحمه الله تعالى قال: [ حدثنا هارون بن عبد الله وعبد الرحمن بن حسين الهروي قالا: حدثنا المقرئ قال: حدثنا حيوة قال: حدثني أبو صخر وهو: حميد بن زياد أن يزيد بن عبد الله بن قسيط حدثه أن داود بن عامر بن سعد بن أبي وقاص حدثه عن أبيه ( أنه كان عند ابن عمر إذ طلع خباب صاحب المقصورة, فقال: يا عبد الله بن عمر ألا تسمع ما يقول أبو هريرة يقول: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من خرج مع جنازة من بيتها وصلى عليها ), فذكر معنى حديث سفيان, ( فأرسل ابن عمر إلى عائشة رضي الله عنها فقالت: صدق أبو هريرة ).
حدثنا الوليد بن شجاع السكوني قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني أبو صخر عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن كريب عن ابن عباس سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعوا فيه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: النار يتبع بها الميت
حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا عبد الصمد، وحدثنا ابن المثنى قال: حدثنا أبو داود قالا: حدثنا حرب يعني: ابن شداد قال: حدثنا يحيى قال: حدثني باب بن عمير قال: حدثني رجل من أهل المدينة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تتبع الجنازة بصوت ولا نار ), زاد هارون: ( ولا يمشى بين يديها ).
قال أبو داود: يعني: يمشي قدام الجنازة ( ... ) أهل المصيبة الذين يشقون ثيابهم].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: القيام للجنازة
حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تخلفكم أو توضع ).
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع ).
قال أبو داود: روى هذا الحديث الثوري عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال فيه: ( حتى توضع بالأرض ), ورواه أبو معاوية عن سهيل قال: ( حتى توضع في اللحد ). و سفيان أحفظ من أبي معاوية ].
والأرجح الجمع بين النصوص وهو أن الأجر يتحقق في القيراط باتباع الجنازة في دفنها, في بداية الحثو عليها, فإذا حثي عليها فقد تم القيراط والعلم عند الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مؤمل بن الفضل الحراني المخزومي قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا أبو عمرو عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد الله بن مقسم قال: حدثني جابر قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إذ مرت بنا جنازة فقام لها, فلما ذهبنا لنحمل إذا هي جنازة يهودي، فقلنا: يا رسول الله, إنما هي جنازة يهودي, فقال: إن الموت فزع، فإذا رأيتم الجنازة فقوموا ).
حدثنا القعنبي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ الأنصاري عن نافع بن جبير بن مطعم عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في الجنائز ثم قعد بعد ).
حدثنا هشام بن بهرام المدائني قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا أبو الأسباط الحارثي عن عبد الله بن سليمان بن جنادة بن أبي أمية عن أبيه عن جده عن عبادة بن الصامت قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد, فمر به حبر من اليهود فقال: هكذا نفعل, فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وقال: اجلسوا خالفوهم ) ].
هذا الحديث معلول, تفرد به أبو الأسباط, وقد أعل الحديث الترمذي كما في السنن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الركوب في الجنازة
حدثنا يحيى بن موسى البلخي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن ثوبان ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركبها, فلما انصرف أتي بدابة فركب, فقيل له، فقال: إن الملائكة كانت تمشي, فلم أكن لأركب وهم يمشون, فلما ذهبوا ركبت ).
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن سماك قال: سمع جابر بن سمرة قال: ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم على ابن الدحداح ونحن شهود, ثم أتي بفرس فعقل حتى ركبه, فجعل يتوقص به، ونحن نسعى حوله صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المشي أمام الجنازة
حدثنا القعنبي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة ) ].
هذا الحديث لا يصح, بل الصواب أنه من مراسيل الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم, وهكذا رواه الأئمة عن ابن شهاب كـمالك وغيره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا وهب بن بقية عن خالد عن يونس عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال: ( وأحسب أن أهل زياد أخبروني أنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: الراكب يسير خلف الجنازة, والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها قريباً منها, والسقط يصلى عليه، ويدعى لوالديه بالمغفرة والرحمة )].
السقط يصلى عليه في حال نفخ الروح, أما إذا كان قبل ذلك؛ كالمضغة, أو الذي يسقط من شهر أو شهرين فإنه لا صلاة عليه, وإنما الصلاة تكون بعد قبض روح, فمن لا روح له فلا يصلى عليه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الإسراع بالجنازة
حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أسرعوا بالجنازة فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه, وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم )
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن عيينة بن عبد الرحمن بن جوشن عن أبيه ( أنه كان في جنازة عثمان بن أبي العاص, وكنا نمشي مشياً خفيفاً، فلحقنا أبو بكرة فرفع سوطه فقال: لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نرمل رملاً ).
حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا خالد بن الحارث، وحدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا عيسى بن يونس عن عيينة بهذا الحديث, قالا: ( في جنازة عبد الرحمن بن سمرة قال: فحمل عليهم بغلته وأهوى بالسوط ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن يحيى المجبر . قال أبو داود: وهو: يحيى بن عبد الله التيمي عن أبي ماجدة عن ابن مسعود قال: ( سألنا نبينا صلى الله عليه وسلم عن المشي مع الجنازة, فقال: ما دون الخبب، إن يكن خيراً يعجل إليه, وإن غير ذلك فبعداً لأهل النار, والجنازة متبوعة، ولا تتبع ليس معها من تقدمها ).
قال أبو داود: هذا إسناد ضعيف].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا ابن نفيل قال: حدثنا زهير قال: حدثنا سماك قال: حدثني جابر بن سمرة قال: ( مرض رجل فصيح عليه, فجاء جاره إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: إنه قد مات, فقال: وما يدريك؟ قال: أنا رأيته, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه لم يمت, قال: فرجع, فصيح عليه, فقالت امرأته: انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال الرجل: اللهم العنه, قال: ثم انطلق الرجل فرآه قد نحر نفسه بمشقص معه, فانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره أنه قد مات, فقال: وما يدريك؟ قال: رأيته ينحر نفسه بمشاقص, قال: أنت رأيته؟ قال: نعم, قال: إذاً: لا أصلي عليه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الصلاة على من قتلته الحدود
حدثنا أبو كامل قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر قال: حدثني نفر من أهل البصرة عن أبي برزة الأسلمي ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصل على ماعز بن مالك، ولم ينه عن الصلاة عليه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الصلاة على الطفل
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد قال: حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت: ( مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهراً, فلم يصل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا محمد بن عبيد عن وائل بن داود قال: سمعت البهي قال: ( لما مات إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المقاعد ).
قال أبو داود: قرأت على سعيد بن يعقوب الطالقاني قال: حدثكم ابن المبارك عن يعقوب بن القعقاع عن عطاء ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه إبراهيم وهو ابن سبعين ليلة ) ].
وقبض الله عز وجل ابن نبيه عليه الصلاة والسلام إبراهيم لحكم كثيرة؛ من أظهرها: رحمة بهذه الأمة من ألا تختلف مزيداً في اختلافها, فأبناء بنته عظموا، وظهرت طوائف تعبدهم وتؤلههم من دون الله عز وجل؛ فكيف إذا كان ابنه من صلبه مباشرة وذريته تنتسب إليه؟ لا شك أن الفتنة في ذلك أعظم في الناس, في عبادتهم أو تأليههم كما يفعل الرافضة مع آل بيته عليه الصلاة والسلام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الصلاة على الجنازة في المسجد
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا فليح بن سليمان عن صالح بن عجلان و محمد بن عبد الله بن عباد عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة قالت: ( والله ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد ).
حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك يعني: ابن عثمان عن أبي النضر عن أبي سلمة عن عائشة قالت: ( والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابني بيضاء في المسجد: سهيل وأخيه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن ابن أبي ذئب قال: حدثني صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء عليه ) ].
وهذا الحديث تفرد به صالح مولى التوأمة وهو ضعيف, ضعفه أحمد وغيره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا موسى بن علي بن رباح قال: سمعت أبي يحدث أنه سمع عقبة بن عامر قال: ( ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، أو نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع, وحين تقوم الظهيرة حتى تميل, وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب, أو كما قال )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: إذا حضر الجنازة رجال ونساء من يقدم
حدثنا يزيد بن خالد بن موهب الرملي قال: حدثنا ابن وهب عن ابن جريج عن يحيى بن صبيح قال: حدثني عمار مولى الحارث بن نوفل ( أنه شهد جنازة أم كلثوم وابنها, فجعل الغلام مما يلي الإمام، فأنكرت ذلك, وفي القوم ابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو قتادة وأبو هريرة فقالوا: هذه السنة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: أين يقوم الإمام من الميت إذا صلى عليه؟
حدثنا داود بن معاذ قال: حدثنا عبد الوارث عن نافع أبي غالب قال: ( كنت في سكة المربد, فمرت جنازة معها ناس كثير، قالوا: جنازة عبد الله بن عمير فتبعتها, فإذا أنا برجل عليه كساء رقيق على بريذينته، وعلى رأسه خرقة تقيه من الشمس, فقلت: من هذا الدهقان؟ قالوا: هذا أنس بن مالك, فلما وضعت الجنازة قام أنس فصلى عليها، وأنا خلفه لا يحول بيني وبينه شيء, فقام عند رأسه, فكبر أربع تكبيرات لم يطل ولم يسرع, ثم ذهب يقعد, فقالوا: يا أبا حمزة المرأة الأنصارية, فقربوها وعليها نعش أخضر, فقام عند عجيزتها فصلى عليها نحو صلاته على الرجل ثم جلس, فقال العلاء بن زياد: يا أبا حمزة, هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنازة كصلاتك، يكبر أربعاً، ويقوم عند رأس الرجل وعجيزة المرأة؟ قال: نعم, قال: يا أبا حمزة غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم, غزوت معه حنيناً، فخرج المشركون فحملوا علينا حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا, وفي القوم رجل يحمل علينا فيدقنا ويحطمنا، فهزمهم الله, وجعل يجاء بهم فيبايعونه على الإسلام, فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: إن علي نذراً: إن جاء الله عز وجل بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه, فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم, وجيء بالرجل فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله, تبت إلى الله, فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم, لا يبايعه ليفي الآخر بنذره, قال: فجعل الرجل يتصدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمره بقتله, وجعل يهاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتله, فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يصنع شيئاً بايعه, فقال الرجل: يا رسول الله نذري, فقال: إني لم أمسك عنه منذ اليوم إلا لتوفي بنذرك, فقال: يا رسول الله, ألا أومضت إلي, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنه ليس لنبي أن يومض ), قال أبو غالب: فسألت عن صنيع أنس في قيامه على جنازة المرأة عند عجيزتها, فحدثوني أنه إنما كان لأنه لم تكن النعوش, فكان يقوم الإمام حيال عجيزتها يسترها من القوم ].
يسترها الإمام من القوم مع أن عليها الكفن, وهي ميتة؛ فكيف بالمرأة الحية التي تبرز بمفاتنها وبلباسها أمام الناس؟ فهذا ستر السلف على المرأة وهي ميتة؛ فكيف سترهم عليها وهي حية؟!
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا حسين المعلم قال: حدثنا عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب قال: ( صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة ماتت في نفاسها, فقام عليها للصلاة وسطها ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا شعبة، ح وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال: ( كان زيد يعني: ابن أرقم يكبر على جنائزنا أربعاً, وإنه كبر على جنازة خمساً, فسألته فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبرها ).
قال أبو داود: وإنه لحديث ابن المثنى، وأنا لحديث ابن المثنى أتقن].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما يقرأ على الجنازة
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن طلحة بن عبد الله بن عوف قال: ( صليت مع ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب, فقال: إنها من السنة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد العزيز بن يحيى الحراني قال: حدثنا محمد يعني: ابن سلمة عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء ).
حدثنا أبو معمر عبد الله بن عمرو حدثنا عبد الوارث قال: حدثنا أبو الجلاس عقبة بن سيار قال: حدثني علي بن شماخ قال: ( شهدت مروان سأل أبا هريرة: كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنازة؟ قال: أمع الذي قلت؟ قال: نعم, قال: كلاماً كان بينهما قبل ذلك, قال أبو هريرة: اللهم أنت ربها, وأنت خلقتها, وأنت هديتها للإسلام, وأنت قبضت روحها, وأنت أعلم بسرها وعلانيتها, جئنا شفعاء له فاغفر له ).
حدثنا موسى بن مروان الرقي قال: حدثنا شعيب يعني: ابن إسحاق عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فقال: اللهم اغفر لحينا وميتنا, وصغيرنا وكبيرنا, وذكرنا وأنثانا, وشاهدنا وغائبنا, اللهم من أحييته منا فأحيه على الإيمان, ومن توفيته منا فتوفه على الإسلام, اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده )].
والصواب في هذا الإرسال, وقد صوب الإرسال في ذلك الإمام البخاري رحمه الله وغيره, فالصواب أنه من حديث يحيى عن أبي سلمة مرسلاً عن النبي صلى الله عليه وسلم, وصوبه أيضاً أحمد, و أبو حاتم, و الترمذي وغيرهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا الوليد، وحدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا الوليد، وحديث عبد الرحمن أتم, قال: حدثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حلبس عن واثلة بن الأسقع قال: ( صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل من المسلمين فسمعته يقول: اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك فقه فتنة القبر, قال عبد الرحمن: في ذمتك وحبل جوارك، فقه من فتنة القبر وعذاب النار، وأنت أهل الوفاء والحمد, اللهم فاغفر له وارحمه إنك أنت الغفور الرحيم ), قال عبد الرحمن: عن مروان بن جناح ].
أصح شيء في هذا الباب هو حديث عوف بن مالك.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا سليمان بن حرب و مسدد قالا: حدثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة ( أن امرأة سوداء أو رجلاً كان يقم المسجد, ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فسأل عنه, فقيل: مات، فقال: ألا آذنتموني به, قال: دلوني على قبره؟ فدلوه فصلى عليه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الصلاة على المسلم يليه أهل الشرك في بلد آخر
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: قرأت على مالك بن أنس عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشي اليوم الذي مات فيه, وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم، وكبر أربع تكبيرات ).
حدثنا عباد بن موسى قال: حدثنا إسماعيل يعني: ابن جعفر عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبيه قال: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق إلى أرض النجاشي -فذكر حديثه- قال النجاشي: أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم, وأنه الذي بشر به عيسى ابن مريم, ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أحمل نعليه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجل يجمع موتاه في مقبرة والقبر يعلم
حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا سعيد بن سالم، وحدثنا يحيى بن الفضل السجستاني قال: حدثنا حاتم يعني: ابن إسماعيل بمعناه. عن كثير بن زيد المدني عن المطلب قال: ( لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن, فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أن يأتيه بحجر, فلم يستطع حمله، فقام إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه فقال: كثير, قال المطلب: قال الذي يخبرني ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال: كأني أنظر إلى بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما، ثم حملها فوضعها عند رأسه, وقال: أتعلم بها قبر أخي، وأدفن إليه من مات من أهلي )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الحفار يجد العظم يتنكب ذلك المكان
حدثنا القعنبي قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سعد يعني: ابن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كسر عظم الميت ككسره حي )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في اللحد
حدثنا إسحاق بن إسماعيل قال: حدثنا حكام بن سلم قال: سمعت علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اللحد لنا والشق لغيرنا ).
قال أبو داود: هذا علي بن عبد الأعلى الثعلبي].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: كم يدخل القبر
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عامر قال: ( غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي والفضل وأسامة بن زيد, وهم أدخلوه قبره, قال: وحدثني مرحب أو ابن أبي مرحب أنهم أدخلوا معهم عبد الرحمن بن عوف, فلما فرغ علي, قال: إنما يلي الرجل أهله ).
حدثنا محمد بن الصباح بن سفيان قال: أخبرنا سفيان عن ابن أبي خالد عن الشعبي عن أبي مرحب ( أن عبد الرحمن بن عوف نزل في قبر النبي صلى الله عليه وسلم قال: كأني أنظر إليهم أربعة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: ( أوصى الحارث أن يصلي عليه عبد الله بن يزيد, فصلى عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر, وقال: هذا من السنة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الجلوس عند القبر
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب قال: ( خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار, فانتهى إلى القبر ولم يلحد بعد, فجلس النبي صلى الله عليه وسلم مستقبل القبلة وجلسنا معه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الدعاء للميت إذا وضع في قبره
حدثنا محمد بن كثير، ح وحدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا همام عن قتادة عن أبي الصديق الناجي عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا وضع الميت في القبر قال: بسم الله, وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ), هذا لفظ مسلم].
قد أُعل هذا الحديث, والصواب فيه الوقف, وممن صوب الوقف الدارقطني وغيره.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الرجل يموت له القرابة المشرك
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا سفيان قال: حدثني أبو إسحاق عن ناجية بن كعب عن علي رضي الله عنه قال: ( قلت للنبي صلى الله عليه وسلم: إن عمك الشيخ الضال قد مات, قال: اذهب فوار أباك, ثم لا تحدثن شيئاً حتى تأتيني, فذهبت فواريته, ثم جئته، فأمرني فاغتسلت، ودعا لي )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في تعميق القبر
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي أن سليمان بن المغيرة حدثهم عن حميد يعني: ابن هلال عن هشام بن عامر قال: ( جاءت الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فقالوا: أصابنا قرح وجهد فكيف تأمر؟ قال: احفروا وأوسعوا، واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر, قيل: فأيهم يقدم؟ قال: أكثرهم قرآناً, قال: أصيب أبي يومئذ عامر فدفن بين اثنين، أو قال واحد ).
حدثنا أبو صالح الأنطاكي قال: حدثنا أبو إسحاق يعني: الفزاري عن الثوري عن أيوب عن حميد بن هلال بإسناده ومعناه. زاد فيه: ( وأعمقوا ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا جرير قال: حدثنا حميد يعني: ابن هلال عن سعد بن هشام بن عامر بهذا الحديث. قال فيه: ( وأعمقوا )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في تسوية القبر
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت عن أبي وائل عن أبي هياج الأسدي قال: ( بعثني علي قال: أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته, ولا تمثالاً إلا طمسته ).
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عمرو بن الحارث أن أبا علي الهمداني حدثه قال: ( كنا مع فضالة بن عبيد برودس من أرض الروم، فتوفي صاحب لنا, فأمر فضالة بقبره فسوي, ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها ).
قال أبو داود: رودس جزيرة في البحر.
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: أخبرني عمرو بن عثمان بن هانئ عن القاسم قال: ( دخلت على عائشة فقلت: يا أمه, اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه رضي الله عنهما, فكشفت لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة, مبطوحة ببطحاء العرصة الحمراء ), قال أبو علي اللؤلؤي: قالوا: رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدم, و أبو بكر عند رأسه, و عمر عند رجليه, رأسه عند رجلي رسول الله صلى الله عليه وسلم].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: الاستغفار عند القبر للميت
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: أخبرنا هشام يعني: ابن يوسف عن عبد الله بن بحير عن هانئ مولى عثمان عن عثمان قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه، فقال: استغفروا لأخيكم، وسلوا له بالتثبيت فإنه الآن يسأل ).
قال أبو داود: بحير بن ريسان].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا يحيى بن موسى البلخي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا عقر في الإسلام ), قال عبد الرزاق: وكانوا يعقرون عند القبر ببقرة أو شاة ].
هذا الحديث معلول بتفرد معمر عن ثابت؛ وهذا ينكره عادة الأئمة, فقد أنكر هذا الحديث البخاري رحمه الله والبزار والدارقطني وغيرهم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: يصلى على قبره بعد حين
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوماً فصلى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف ).
حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب بهذا الحديث بإسناده. قال: ( إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ) ].
وهذا دليل على جواز تكرار صلاة الجنازة عند الحاجة, ولو صلى عليها قبل ذلك فله أن يصلي عليها بعد ذلك على القبر.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في البناء على القبر
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا ابن جريج قال: حدثني أبو الزبير أنه سمع جابراً يقول: ( سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يُقعد على القبر, وأن يقصص، ويبنى عليه ).
حدثنا مسدد وعثمان بن أبي شيبة قالا: حدثنا حفص بن غياث عن ابن جريج عن سليمان بن موسى، وعن أبي الزبير عن جابر بهذا الحديث.
قال عثمان: (أو يزاد عليه) وزاد سليمان بن موسى: ( أو أن يكتب عليه ), ولم يذكر مسدد في حديثه: ( أو يزاد عليه ).
قال أبو داود: خفي علي من حديث مسدد حرف.
حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد قال: حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى تخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر ).
حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي وقال: أخبرنا عيسى قال: حدثنا عبد الرحمن يعني: ابن يزيد بن جابر عن بسر بن عبيد الله قال: سمعت واثلة بن الأسقع يقول: سمعت أبا مرثد الغنوي يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: المشي في الحذاء بين القبور
حدثنا سهل بن بكار قال: حدثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير السدوسي عن بشير بن نهيك عن بشير مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( وكان اسمه في الجاهلية زحم بن معبد فهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما اسمك؟ قال: زحم, قال: بل أنت بشير, قال: بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبور المشركين فقال: لقد سبق هؤلاء خيراً كثيراً ثلاثاً, ثم مر بقبور المسلمين فقال: لقد أدرك هؤلاء خيراً كثيراً، وحانت من رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرة, فإذا رجل يمشي في القبور عليه نعلان, فقال: يا صاحب السبتيتين ويحك! ألق سبتيتيك, فنظر الرجل، فلما عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم خلعهما فرمى بهما ) .
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا عبد الوهاب يعني: ابن عطاء عن سعيد عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه إنه ليسمع قرع نعالهم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في تحويل الميت من موضعه للأمر يحدث
حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن سعيد بن يزيد أبي مسلمة عن أبي نضرة عن جابر قال: ( دفن مع أبي رجل، فكان في نفسي من ذلك حاجة, فأخرجته بعد ستة أشهر فما أنكرت منه شيئاً إلا شعيرات كن في لحيته مما يلي الأرض )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في الثناء على الميت
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن إبراهيم بن عامر عن عامر بن سعد عن أبي هريرة قال: ( مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها خيراً فقال: وجبت, ثم مروا بأخرى فأثنوا عليها شراً فقال: وجبت, ثم قال: إن بعضكم على بعض شهيد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في زيارة القبور
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا محمد بن عبيد عن يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: ( أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأذنت ربي تعالى على أن أستغفر لها فلم يؤذن لي, فاستأذنت أن أزور قبرها فأذن لي, فزوروا القبور فإنها تذكر بالموت ) ].
في هذا جواز زيارة قبر الكافر أو المشرك إذا كان يتعظ به الإنسان, وبعضهم يقيده إذا كان ذي قرابة؛ لأنه يتذكر حاله وأمره بخلاف غيره ممن لا يعرف حاله من عموم المشركين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا معرف بن واصل عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها تذكرة ) ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في زيارة النساء القبور
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن محمد بن جحادة قال: سمعت أبا صالح يحدث عن ابن عباس قال: ( لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: ما يقول إذا زار القبور أو مر بها
حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى المقبرة فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا معاوية بن هشام قال: حدثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا إذا خرج إلى المقابر ), وذكر نحو حديث العلاء بن عبد الرحمن, زاد: ( أنهم فرطنا ونحن لكم تبع، نسأل الله لنا ولكم العافية ).
حدثنا محمد بن الصباح البزاز قال: حدثنا شريك عن العاص بن عبد الله عن عبد الله بن عامر عن عائشة قالت: ( فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته, فأتى البقيع فقال: السلام عليكم دار قوم مؤمنين, أنتم لنا فرط، وإنا بكم لاحقون, اللهم لا تحرمنا أجورهم ولا تفتنا بعدهم ).
حدثنا القعنبي و قتيبة قالا: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن شريك يعني: ابن أبي نمر عن عطاء عن عائشة بهذه القصة, زاد: ( اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: في المحرم يموت كيف يصنع به
حدثنا محمد بن كثير العبدي قال: أخبرنا سفيان قال: حدثني عمرو بن دينار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل وقصته راحلته فمات وهو محرم, فقال: كفنوه في ثوبيه، واغسلوه بماء وسدر، ولا تخمروا رأسه, فإن الله يبعثه يوم القيامة يلبي ).
قال أبو داود: سمعت أحمد بن حنبل يقول في هذا الحديث: خمس سنن؛ كفنوه في ثوبيه, أي: يكفن الميت في ثوبين, واغسلوه بماء وسدر أي: أن في الغسلات كلها سدراً, ولا تخمروا رأسه, ولا تقربوه طيباً, وكان الكفن من جميع المال.
حدثنا سليمان بن حرب و محمد بن عبيد المعنى قالا: حدثنا حماد عن عمرو و أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه. وقال: ( وكفنوه في ثوبين ).
قال أبو داود: قال سليمان: قال أيوب: ( في ثوبيه ), وقال عمرو: ( في ثوبين ), وقال ابن عبيد: قال أيوب: ( في ثوبين ), وقال عمرو: ( في ثوبيه ). زاد سليمان وحده: ( لا تحنطوه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى سليمان ( في ثوبين ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور عن الحكم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( وقصت برجل محرم ناقته فقتلته, فأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال: اغسلوه وكفنوه, ولا تغطوا رأسه، ولا تقربوه طيباً, فإنه يبعث يهل )].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر