الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
قال المصنف رحمه الله: [ أبواب الصيام.
باب ما جاء في الصيام وفضله.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية و وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، يقول الله: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك ).
حدثنا محمد بن رمح المصري قال: أخبرنا الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن أبي هند: ( أن مطرفاً من بني عامر بن صعصعة حدثه: أن عثمان بن أبي العاص الثقفي دعا له بلبن يسقيه، فقال مطرف: إني صائم، فقال عثمان: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الصيام جنة من النار، كجنة أحدكم من القتال ).
حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثنا ابن أبي فديك قال: حدثني هشام بن سعد عن أبي حازم عن سهل بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن في الجنة باباً يقال له: الريان، يدعى يوم القيامة، يقال: أين الصائمون؟ فمن كان من الصائمين دخله، ومن دخله لم يظمأ أبداً ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في فضل شهر رمضان.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه ).
حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا كانت أول ليلة من رمضان، صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة، فلم يغلق منها باب، ونادى مناد: يا باغي الخير أقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء وذلك في كل ليلة ).
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن لله عز وجل عند كل فطر عتقاء، وذلك في كل ليلة ).
حدثنا أبو بدر عباد بن الوليد قال: حدثنا محمد بن بلال قال: حدثنا عمران القطان عن قتادة عن أنس بن مالك، قال: ( دخل رمضان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الشهر قد حضركم، وفيه ليلة خير من ألف شهر، من حرمها فقد حرم الخير كله، ولا يحرم خيرها إلا محروم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في صيام الشك.
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن صلة بن زفر، قال: ( كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه، فأتي بشاة، فتنحى بعض القوم، فقال عمار: من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا حفص بن غياث عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تعجيل صوم يوم قبل الرؤية ).
حدثنا العباس بن الوليد الدمشقي قال: حدثنا مروان بن محمد قال: حدثنا الهيثم بن حميد قال: حدثنا العلاء بن الحارث عن القاسم أبي عبد الرحمن: ( أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر قبل شهر رمضان: الصيام يوم كذا وكذا، ونحن متقدمون، فمن شاء فليتقدم، ومن شاء فليتأخر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في وصال شعبان برمضان.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا زيد بن الحباب عن شعبة عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة عن أم سلمة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصل شعبان برمضان ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ربيعة بن الغاز: ( أنه سأل عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في النهي أن يتقدم رمضان بصوم إلا من صام صوماً فوافقه.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عبد الحميد بن حبيب و الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تقدموا صيام رمضان بيوم ولا يومين، إلا رجل كان يصوم صوماً فيصومه ).
حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد (ح)
وحدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا مسلم بن خالد قالا: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان النصف من شعبان، فلا صوم حتى يجيء رمضان ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال.
حدثنا عمرو بن عبد الله الأودي ومحمد بن إسماعيل، قالا: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا زائدة بن قدامة قال: حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس، قال: ( جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرت الهلال الليلة. فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم. قال: قم يا بلال! فأذن في الناس أن يصوموا غداً ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا هشيم عن أبي بشر: ( عن أبي عمير بن أنس بن مالك، قال: حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: أغمي علينا هلال شوال، فأصبحنا صياماً، فجاء ركب من آخر النهار، فشهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا، وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في: ( صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته ).
حدثنا أبو مروان العثماني قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوماً ).
حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان العثماني قال: حدثنا إبراهيم بن سعد عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا، فإن غم عليكم فاقدروا له )، وكان ابن عمر يصوم قبل الهلال بيوم ].
لا خلاف عند الصحابة عليهم رضوان الله تعالى في أن الاعتبار بالرؤية لا بالحساب، وحكى إجماع الصحابة أيضاً على هذا غير واحد من العلماء كـالنووي عليه رحمة الله، وكذلك فإن هذا الخلاف إنما جاء متأخراً، فأول من يعلم أنه قال بهذه المسألة هو مطرف بن عبد الله بن الشخير، وقال بذلك أيضاً أبو العباس بن سريج من فقهاء الشافعية، وهذا يروى أيضاً عن ابن قتيبة، ولا سلف لهم في الاعتداد بالحساب في أبواب الرؤية، وإنما قيل بالاعتداد بالرؤية ذلك لأنه أيسر، ولو علمت الأمة الحساب في زمن أو علمه أفراد، لكن الرؤية هي التي تصلح للأمة في كل زمن، وكذلك تصلح للأفراد في البر والبحر، فالشريعة جاءت صالحة لكل زمان ومكان، فلهذا علق الأمر بالرؤية، ولم يعلق بالحساب مع وجوده، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( نحن أمة أمية، لا نقرأ ولا نكتب ولا نحسب )، من يظن أن الحساب جديد هذا واهم. النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( نحن أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب ) يعني: الحساب موجود، حتى إنه كان موجوداً عند الجاهليين، لكن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الله وكلنا إلى هذا الشيء من باب التيسير على الأمة، وبعض الناس يظن أن الدقة مقصودة، لا، المقصود بذلك هو تيسير مع شيء من التصويب، وهذا شبيه بما يتعلق بالقبلة، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( ما بين المشرق والمغرب قبلة )، كما جاء في الحديث وروي أيضاً موقوفاً.
إذاً: المراد بذلك هو التيسير على الأمة، إذاً الدقة في مثل هذا تشديد، ومخالف للمقصد، لما جهل الناس المقصد في هذا وبحثوا في غير هذا المقصد وطلبوا الدقة نقضوا هذا الأصل.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في: ( الشهر تسع وعشرون ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( كم مضى من الشهر؟ قال: قلنا: اثنان وعشرون، وبقيت ثمان. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشهر هكذا، والشهر هكذا، والشهر هكذا، ثلاث مرات، وأمسك واحدة ).
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا محمد بن بشر عن إسماعيل بن أبي خالد عن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وعقد تسعاً وعشرين في الثالثة ).
حدثنا مجاهد بن موسى قال: حدثنا القاسم بن مالك المزني قال: حدثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي هريرة، قال: ( ما صمنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعاً وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في شهري العيد.
حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( شهرا عيد لا ينقصان: رمضان وذو الحجة ) ].
ومعنى قوله: ( شهرا عيد لا ينقصان )، أي إذا كمل هذا نقص هذا، ولا ينقصان جميعاً في عام واحد، هذا هو أشهر التفاسير وأقربها.
قال: [ حدثنا محمد بن عمر المقري قال: حدثنا إسحاق بن عيسى قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الفطر يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الصوم في السفر.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس، قال: ( صام رسول الله صلى الله عليه وسلم في السفر، وأفطر ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قالت: ( سأل حمزة الأسلمي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصوم، أفأصوم في السفر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عامر (ح)
وحدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم وهارون بن عبد الله الحمال، قالا: حدثنا ابن أبي فديك جميعاً عن هشام بن سعد عن عثمان بن حيان الدمشقي، حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء، أنه قال: ( لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره في اليوم الحار الشديد الحر، وإن الرجل ليضع يده على رأسه من شدة الحر، وما في القوم أحد صائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عبد الله بن رواحة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الإفطار في السفر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس من البر الصيام في السفر ).
حدثنا محمد بن المصفى الحمصي قال: حدثنا محمد بن حرب عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ليس من البر الصيام في السفر ).
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا عبد الله بن موسى التيمي عن أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الإفطار للحامل والمرضع.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة و علي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع عن أبي هلال عن عبد الله بن سوادة عن أنس بن مالك، رجل من بني عبد الأشهل- وقال علي بن محمد: من بني عبد الله بن كعب- قال: (
والله، لقد قالهما النبي صلى الله عليه وسلم، كلتاهما أو إحداهما، فيا لهف نفسي، فهلا كنت طعمت من طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا هشام بن عمار الدمشقي قال: حدثنا الربيع بن بدر عن الجريري عن الحسن عن أنس بن مالك قال: ( رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للحبلى التي تخاف على نفسها أن تفطر، وللمرضع التي تخاف على ولدها ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في قضاء رمضان.
حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، وعن يحيى بن سعيد عن أبي سلمة، قال: سمعت عائشة تقول: إن كان ليكون علي الصيام من شهر رمضان، فما أقضيه حتى شعبان.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيدة عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، قالت: ( كنا نحيض عند النبي صلى الله عليه وسلم، فيأمرنا بقضاء الصوم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في كفارة من أفطر يوماً من رمضان
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة، قال: ( أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال: هلكت، قال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أعتق رقبة، قال: لا أجد. قال: صم شهرين متتابعين، قال: لا أطيق. قال: أطعم ستين مسكيناً، قال: لا أجد. قال: اجلس، فجلس، فبينا هو كذلك إذ أتي بمكتل يدعى العرق، فقال: اذهب فتصدق به، قال: يا رسول الله! والذي بعثك بالحق، ما بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منا، قال: فانطلق فأطعمه عيالك ) ].
العلماء من السلف والخلف يتفقون على أن الإنسان إذا كان عليه قضاء من رمضان فيشرع له ويتأكد في حقه أن يقضي قبل رمضان التالي، لكن إذا جاءه رمضان التالي ثم لم يقض من غير عذر هل يجب عليه كفارة أم لا؟
جاء في ذلك عن عبد الله بن عباس وعن عبد الله بن عمر: أن عليه الكفارة، وقد نقل العمراني عليه رحمة الله: أن هذا من مواضع الاتفاق عند الصحابة، فيقول: إنه لا مخالف لـابن عباس وابن عمر، وفي هذا نظر، وذلك أنه ثبت عن عبد الله بن مسعود أنه قال عليه قضاء من غير كفارة، ويقول بهذا أهل الكوفة تبعاً لـابن مسعود عليه رضوان الله.
قال: [ حدثنا حرملة بن يحيى قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: حدثنا عبد الجبار بن عمر قال: حدثني يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، وقال: ( وصم يوماً مكانه ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن المطوس عن أبيه المطوس عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أفطر يوماً من رمضان من غير رخصة، لم يجزه صيام الدهر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء فيمن أفطر ناسياً.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن عوف عن خلاس ومحمد بن سيرين عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من أكل ناسياً وهو صائم، فليتم صومه، فإنما أطعمه الله وسقاه ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر، قالت: ( أفطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم، ثم طلعت الشمس ).
قلت لـهشام: أمروا بالقضاء؟ قال: بدٌّ من ذلك؟! ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الصائم يقيء.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يعلى ومحمد ابنا عبيد الطنافسي قالا: حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق، قال: سمعت فضالة بن عبيد الأنصاري يحدث: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم في يوم كان يصومه، فدعا بإناء فشرب، فقلنا: يا رسول الله! إن هذا يوم كنت تصومه! قال: أجل، ولكني قئت ).
حدثنا عبيد الله بن عبد الكريم قال: حدثنا الحكم بن موسى قال: حدثنا عيسى بن يونس (ح)
وحدثنا عبيد الله قال: حدثنا علي بن الحسن بن سليمان أبو الأشعث قال: حدثنا حفص بن غياث جميعاً عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من ذرعه القيء فلا قضاء عليه، ومن استقاء فعليه القضاء ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في السواك والكحل للصائم.
حدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو إسماعيل المؤدب عن مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من خير خصال الصائم السواك ).
حدثنا أبو التقي هشام بن عبد الملك الحمصي قال: حدثنا بقية قال: حدثنا الزبيدي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم ) ].
وجاء عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى في الاكتحال بالإثمد، ولا يعلم أن أحداً من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى خالفه فكان إجماعاً.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الحجامة للصائم.
حدثنا أيوب بن محمد الرقي وداود بن رشيد قالا: حدثنا معمر بن سليمان قال: حدثنا عبد الله بن بشر عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أفطر الحاجم والمحجوم ).
حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال: حدثنا عبيد الله قال: أخبرنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير قال: حدثني أبو قلابة، أن أبا أسماء حدثه عن ثوبان قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( أفطر الحاجم والمحجوم ).
وبإسناده عن أبي قلابة، أنه أخبره: ( أن شداد بن أوس بينما هو يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع، فمر على رجل يحتجم بعدما مضى من الشهر ثماني عشرة ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفطر الحاجم والمحجوم ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس، قال: ( احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم محرم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في القبلة للصائم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعبد الله بن الجراح قالا: حدثنا أبو الأحوص عن زياد بن علاقة عن عمرو بن ميمون عن عائشة، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل في شهر الصوم ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن مسهر عن عبيد الله عن القاسم عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، وأيكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه؟ ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم عن شتير بن شكل عن حفصة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الفضل بن دكين عن إسرائيل عن زيد بن جبير عن أبي يزيد الضني عن ميمونة مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت: ( سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان؟ قال: قد أفطرا ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المباشرة للصائم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن ابن عون عن إبراهيم قال: ( دخل الأسود ومسروق على عائشة فقالا: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر وهو صائم؟ قالت: كان يفعل، وكان أملككم لإربه ).
حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي قال: حدثنا أبي عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: ( رخص للكبير الصائم في المباشرة، وكره للشاب ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الغيبة والرفث للصائم.
حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به، فلا حاجة لله في أن يدع طعامه وشرابه ).
حدثنا عمرو بن رافع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن أسامة بن زيد عن سعيد المقبري عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر ).
حدثنا محمد بن الصباح قال: أخبرنا جرير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يجهل، فإن جهل عليه أحد فليقل: إني امرؤ صائم ) ].
جاء في عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث أنس بن مالك: ( الغيبة تفطر الصائم )، ويروه ابن حزم في كتابه المحلى وهو منكر، والعجب أن ابن حزم الأندلسي يحكي الاتفاق أيضاً، يقول: روي عن علي بن أبي طالب وعن أنس بن مالك و أبي هريرة و جابر: أن المعاصي تفطر الصائم، قال: ولا مخالف لهم.
نقول: هذا لا يثبت أصلاً، وإن جاء في ذلك عن بعض السلف، كما جاء عن إبراهيم النخعي قال: كانوا يقولون: الغيبة تفطر الصائم، المراد بذلك تنقص الأجر، حتى إذا كثرت المعصية فقد الأجر منها.
ولهذا سئل الإمام أحمد عليه رحمة الله: هل الغيبة تفطر الصائم؟ قال: لو فطرت الصائم ما أصبح لنا صوم، ذكره القاضي ابن أبي يعلى في الطبقات.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في السحور.
حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( تسحروا فإن في السحور بركة ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو عامر قال: حدثنا زمعة بن صالح عن سلمة عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( استعينوا بطعام السحر على صيام النهار، وبالقيلولة على قيام الليل ) ].
والسحور أفضل من الفطور كأكلة، وهو ما جاءت به السنة، أما الفطور فجاءت بالتبكير به.
ولهذا نقول: إن السحور فضل في تأخيره وفي ذاته، وهو أعظم، وتسحير الصائم أفضل من تفطيره؛ لأن المتسحر يستقبل إمساكاً في النهار، والنهار أعظم لأنه موضع الركن، بخلاف الفطر، فإن الإنسان يستقبل فطراً، وإنما عظم رمضان لأجل الصيام أولاً ثم القيام، ولهذا نقول: إن الأكلة هي أفضل، وتبكير الفطر وتعجيله جاء الفضل فيه في أحاديث عن النبي عليه الصلاة والسلام.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في تأخير السحور.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس بن مالك عن زيد بن ثابت، قال: ( تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، قلت: كم بينهما؟ قال: قدر قراءة خمسين آية ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم عن زر عن حذيفة قال: ( تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع ).
حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا يحيى بن سعيد وابن أبي عدي عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن لينتبه نائمكم، وليرجع قائمكم، وليس الفجر أن يقول هكذا، ولكن هكذا يعترض في أفق السماء ) ].
الفجر فجران: فجرٌ كاذب، وفجر صادق، الكاذب الذي يأتي مستطيلاً في السماء، يعني: يشق السماء ولا يكون معترضاً، الضوء يأتي هكذا فلا ينير جانبية، فيكون إضاءة في خط في كبد السماء، وأما بالنسبة للصادق فهو الذي يأتي مستطيلاً، والإضاءة من جميع جهات الأرض.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في تعجيل الإفطار.
حدثنا هشام بن عمار ومحمد بن الصباح قالا: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الإفطار ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن بشر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر، عجلوا الفطر، فإن اليهود يؤخرون ) ].
وإذا أراد الإنسان أن يتعجل أو حال دونه ودون الشمس غيم أو قتر ثم أكل ثم بان أنه في نهار، فقد جاء عن أبي بكر وعمر وعلي بن أبي طالب وابن مسعود وابن عباس وابن عمر أن الصيام صحيح.
وقد ذكر ابن حزم الأندلسي عليه رحمة الله في كتابه المحلى: أنه لا مخالف لهم من الصحابة، وهو كذلك.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء على ما يستحب الفطر.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان ومحمد بن فضيل (ح)
وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عاصم الأحول عن حفصة بنت سيرين عن الرباب أم الرائح بنت صليع عن عمها سلمان بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر، فإن لم يجد فليفطر على الماء، فإنه طهور ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في فرض الصوم من الليل، والخيار في الصوم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا خالد بن مخلد القطواني عن إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن سالم عن ابن عمر عن حفصة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا صيام لمن لم يفرضه من الليل ).
حدثنا إسماعيل بن موسى قال: حدثنا شريك عن طلحة بن يحيى عن مجاهد عن عائشة قالت: ( دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: هل عندكم شيء؟ فنقول: لا، فيقول: إني صائم، فيقيم على صومه، ثم يهدى لنا شيء فيفطر، قالت: وربما صام وأفطر. قلت: كيف ذا؟ قالت: إنما مثل هذا مثل الذي يخرج بصدقة، فيعطي بعضاً ويمسك بعضاً ) ].
لا خلاف عند الصحابة عليهم رضوان الله في مسألة النية من الليل في صيام رمضان، وقد جاء هذا عن عائشة وعن حفصة وعن عبد الله بن عمر، ولا مخالف لهم، وأما النافلة فإنها تكون النية من النهار ولا حرج في ذلك، وإنما الخلاف ما هو الحد من النهار هل نصف النهار أم مطلق؟
جاء عن عبد الله بن عباس و عبد الله بن عمر في ذلك إلى نصف النهار، وجاء عن حذيفة بن اليمان أن النهار كله موضع لعقد النية ولو قبل الغروب، وهذا هو الأرجح.
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الرجل يصبح جنباً وهو يريد الصيام.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة عن عبد الله بن عمرو القاري، قال: سمعت أبا هريرة يقول: ( لا ورب الكعبة، ما أنا قلت: من أصبح وهو جنب فليفطر، محمد صلى الله عليه وسلم قاله ) ].
ولا أعلم أحداً من الصحابة قال: إن الإنسان إذا احتلم من الليل ثم طلع عليه الفجر وهو جنب أن صيامه يبطل بهذا، بل إن إجماع الصحابة استقر على صحة ذلك، حتى لو احتلم نهاراً، وممن حكى إجماع الصحابة في هذا النووي رحمه الله.
وإذا كان هذا في الفرض، ففي النافلة من باب أولى.
قال: [ حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن مطرف عن الشعبي عن مسروق عن عائشة، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيت جنباً، فيأتيه بلال فيؤذنه بالصلاة، فيقوم فيغتسل، فأنظر إلى تحدر الماء من رأسه، ثم يخرج فأسمع صوته في صلاة الفجر ).
قال مطرف: فقلت لـعامر: أفي رمضان؟ قال: رمضان وغيره سواء.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن عبيد الله عن نافع، قال: ( سألت أم سلمة عن الرجل يصبح وهو جنب يريد الصوم، قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً من الوقاع، لا من الاحتلام، ثم يغتسل ويتم صومه ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في صيام الدهر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبيد الله بن سعيد (ح)
وحدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يزيد بن هارون وأبو داود قالوا: حدثنا شعبة عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( من صام الأبد، فلا صام ولا أفطر ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن مسعر وسفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس المكي عن عبد الله بن عمرو، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا صام من صام الأبد ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شعبة عن أنس بن سيرين عن عبد الملك بن المنهال عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يأمر بصيام البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، ويقول: هو كصوم الدهر )، أو( كهيئة صوم الدهر ).
حدثنا إسحاق بن منصور قال: أخبرنا حبان بن هلال قال: حدثنا همام عن أنس بن سيرين، قال: حدثني عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا أبو معاوية عن عاصم الأحول عن أبي عثمان عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صام ثلاثة أيام من كل شهر، فذلك صوم الدهر، فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه: مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [الأنعام:160]، فاليوم بعشرة أيام ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا غندر عن شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة العدوية عن عائشة أنها قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر. قلت: من أيّه؟ قالت: لم يكن يبالي من أيّه كان ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في صيام النبي صلى الله عليه وسلم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبي لبيد عن أبي سلمة، قال: ( سألت عائشة عن صوم النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان يصوم حتى نقول: قد صام، ويفطر حتى نقول: قد أفطر، ولم أره صام من شهر قط أكثر من صيامه من شعبان، كان يصوم شعبان كله، كان يصوم شعبان إلا قليلاً ).
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما صام شهراً متتابعاً إلا رمضان، منذ قدم المدينة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في صيام داود عليه السلام.
حدثنا أبو إسحاق الشافعي إبراهيم بن محمد بن العباس قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، قال: سمعت عمرو بن أوس قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود، كان ينام نصف الليل، ويصلي ثلثه وينام سدسه ).
حدثنا أحمد بن عبدة قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة قال: قال عمر بن الخطاب: ( يا رسول الله! كيف بمن يصوم يومين ويفطر يوماً؟ قال: ويطيق ذلك أحد؟ قال: يا رسول الله! كيف بمن يصوم يوماً ويفطر يوماً؟ قال: ذلك صوم داود، قال: كيف بمن يصوم يوماً ويفطر يومين؟ قال: وددت أني طوّقت ذلك ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في صيام نوح عليه السلام.
حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم عن ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن أبي فراس أنه سمع عبد الله بن عمرو يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( صام نوح الدهر، إلا يوم الفطر ويوم الأضحى ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب صيام ستة أيام من شوال ].
الصيام مشروع على الأمم السابقة، ولكن وصفه وتحديده وما وصل للأمة هو شيء يسير من هذا، منها صيام يوم عاشوراء، وهذا ظاهر من جهة تشريع الصيام، كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ [البقرة:183].
قال: [ حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا بقية قال: حدثنا صدقة بن خالد قال: حدثنا يحيى بن الحارث الذماري قال: سمعت أبا أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من صام ستة أيام بعد الفطر، كان تمام السنة، من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن نمير عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال، كان كصوم الدهر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في صيام يوم في سبيل الله.
حدثنا محمد بن رمح بن المهاجر قال: أخبرنا الليث بن سعد عن ابن الهاد عن سهيل بن أبي صالح عن النعمان بن أبي عياش عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صام يوماً في سبيل الله، باعد الله بذلك اليوم النار من وجهه سبعين خريفاً ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا أنس بن عياض قال: حدثنا عبد الله بن عبد العزيز الليثي عن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من صام يوماً في سبيل الله، زحزح الله وجهه عن النار سبعين خريفاً ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في النهي عن صيام أيام التشريق.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أيام منى أيام أكل وشرب ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن نافع بن جبير بن مطعم عن بشر بن سحيم: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أيام التشريق فقال: لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في النهي عن صيام يوم الفطر والأضحى.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يحيى بن يعلى التيمي عن عبد الملك بن عمير عن قزعة عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنه نهى عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى ).
حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي عبيد، قال: ( شهدت العيد مع عمر بن الخطاب، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين: يوم الفطر ويوم الأضحى، أما يوم الفطر، فيوم فطركم من صيامكم، ويوم الأضحى تأكلون فيه من لحم نسككم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في صيام يوم الجمعة.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية و حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الجمعة إلا يوم قبله، أو يوم بعده ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة عن محمد بن عباد بن جعفر، قال: ( سألت جابر بن عبد الله وأنا أطوف بالبيت: أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة؟ قال: نعم، ورب هذا البيت! ).
حدثنا إسحاق بن منصور قال: أخبرنا أبو داود قال: حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود، قال: ( قلما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر يوم الجمعة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في صيام يوم السبت.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عيسى بن يونس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم، فإن لم يجد أحدكم إلا عود عنب أو لحاء شجرة فليمصه ) ].
والحديث منكر.
قال: [حدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا سفيان بن حبيب عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحوه ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب صيام العشر.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام، يعني: العشر، قالوا: يا رسول الله! ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله، فلم يرجع من ذلك بشيء ).
حدثنا عمر بن شبة بن عبيدة قال: حدثنا مسعود بن واصل عن النهاس بن قهم عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما من أيام الدنيا أيام أحب إلى الله سبحانه أن يتعبد له فيها من أيام العشر، وإن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة، وليلة فيها بليلة القدر ).
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة، قالت: ( ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام العشر قط ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب صيام يوم عرفة.
حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا حماد بن زيد قال: حدثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صيام يوم عرفة، إني أحتسب على الله السنة التي قبله والتي بعده ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة عن إسحاق بن عبد الله عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد الخدري عن قتادة بن النعمان قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من صام يوم عرفة، غفر له سنة أمامه وسنة بعده ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد، قالا: حدثنا وكيع قال: حدثني حوشب بن عقيل قال: حدثني مهدي العبدي عن عكرمة، قال: ( دخلت على أبي هريرة في بيته، فسألته عن صوم يوم عرفة بعرفات، فقال أبو هريرة: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم عرفة بعرفات ) ].
ولم يصمه النبي عليه الصلاة والسلام بل كان مفطراً، فهو الأولى للانشغال بالعبادة، فإنه في عرفة من انشغل بالعبادة ووفق إلى القبول غفر الله عز وجل له سائر الذنوب.
أما صيام يوم عرفة فإنه يكفر ذنوب عامين، ولهذا نقول: إن الله عز وجل جعل الأمور على المقادير، إلا أنه جاء عن بعض السف في مسألة الصيام إذا كان الإنسان نشيطاً ويأتي بالعبادة، ثبت عن عائشة في صحيح البخاري أنها صامت يوم عرفة بعرفة وكانت في الحج.
قال المصنف رحمه الله: [ باب صيام يوم عاشوراء.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن ابن أبي ذئب عن الزهري عن عروة عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم عاشوراء، ويأمر بصيامه ).
حدثنا سهل بن أبي سهل قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: ( قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة، فوجد اليهود صياماً، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم أنجى الله فيه موسى، وأغرق فيه فرعون، فصام موسى شكراً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن أحق بموسى منكم، فصامه وأمر بصيامه ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن فضيل عن حصين عن الشعبي عن محمد بن صيفي، قال: ( قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء: منكم أحد طعم اليوم؟ قلنا: منا طعم ومنا من لم يطعم. قال: فأتموا بقية يومكم، من كان طعم ومن لم يطعم، وأرسلوا إلى أهل العروض فليتموا بقية يومهم، قال: يعني أهل العروض حول المدينة ).
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع ).
حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن نافع عن عبد الله بن عمر: ( أنه ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان يوماً يصومه أهل الجاهلية، فمن أحب منكم أن يصومه فليصمه، ومن كرهه فليدعه ).
حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا حماد بن زيد قال: حدثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( صيام يوم عاشوراء، إني أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله ) ].
وهل يسوغ للإنسان أن يحدث عبادة، كما بين النبي صلى الله عليه وسلم هنا مشروعية صيام يوم عاشوراء للنعمة التي امتن الله عز وجل بها على موسى ومن بعده، فصامها موسى شكراً، أن الإنسان يصوم في ورود شيء من النعم من الله عز وجل عليه، فهل يقال بذلك؟
نقول: يجوز له أن يحدث عبادة لكن ليست راتبة، يعني: لا يداوم عليها من صلاة ونحو ذلك؛ وذلك أن النبي عليه الصلاة والسلام ما شرع للأمة عبادة في النعم مع كثرة النعم الواردة على الأمة وعلى الأمم الماضية، مما أنجى الله عز وجل به أقواماً، من إنجاء عيسى مثلاً من الصلب، وكذلك ما يتعلق بإنجاء نوح من قومه، وغير ذلك من الأمور التي أنجى الله عز وجل بها أمماً، ولكن دل على أن مثل هذا الأمر إنما هو أمر تعبدي.
وإنما قلنا: بأن الإنسان يحدث عبادةً شكراً لله عز وجل ولكن ليست راتبة، يعني: الإنسان كفاه الله عز وجل بلاء فيتصدق، أو يصلي يشكر الله عز وجل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك، فلما دخل مكة عليه الصلاة والسلام دخل الكعبة وأخذ يصلي نهاراً، وهذا من شكر الله سبحانه وتعالى الذي يأتي على الإنسان، لكن يكون هذا بأمر عارض، لا يكون لشيء راتب يديم ركعتين مثلاً في ساعة كذا، أو صدقة في ساعة كذا؛ لأن هذا يحتاج إلى توقيف، فيلتزم الإنسان بالقدر المشروع.
قال المصنف رحمه الله: [ باب صيام يوم الإثنين والخميس.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن ربيعة بن الغاز: ( أنه سأل عائشة عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان يتحرى صيام الإثنين والخميس ).
حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري قال: حدثنا الضحاك بن مخلد عن محمد بن رفاعة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الإثنين والخميس، فقيل: يا رسول الله! إنك تصوم الإثنين والخميس! فقال: إن يوم الإثنين والخميس يغفر الله فيهما لكل مسلم إلا مهتجرين، يقول: دعهما حتى يصطلحا ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب صيام أشهر الحرم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن الجريري عن أبي السليل عن أبي مجيبة الباهلي عن أبيه أو عن عمه، قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا نبي الله! أنا الرجل الذي أتيتك عام الأول، قال: فما لي أرى جسمك ناحلاً؟ قال: يا رسول الله! ما أكلت طعاماً بالنهار، ما أكلته إلا بالليل. قال: من أمرك أن تعذب نفسك؟ قلت: يا رسول الله! إني أقوى. قال: صم شهر الصبر ويوماً بعده، قلت: إني أقوى. قال: صم شهر الصبر ويومين بعده. قلت: إني أقوى. قال: صم شهر الصبر وثلاثة أيام بعده، وصم أشهر الحرم ).
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الحسين بن علي عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن الحميري عن أبي هريرة قال: ( جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي الصيام أفضل بعد شهر رمضان؟ قال: شهر الله الذي تدعونه المحرم ).
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا داود بن عطاء قال: حدثني زيد بن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن سليمان عن أبيه عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب ) ].
وهل للإنسان أن يصوم يوماً معيناً من غير قصد التعبد ويلتزم ذلك، وذلك مثلاً بعض الناس يقول: لا يتحصل لي إجازة إلا يوم الثلاثاء وهي إجازتي الوظيفية، والثلاثاء ليس في صيامه فضل، فيقول: أريد أن أصوم وغير ذلك شاق، فنقول: لا حرج عليه أن يصوم لكن حتى لا يقع في الإحداث الصوري نقول: يدع بعض الأيام؛ لأن الترك تعبد كما أن الفعل تعبد، يفعل ويدع شيئاً حتى يخرم قاعدة الانتظام حتى لا يقع في البدعة، ولو كان صيامه في ذلك أكثر.
قال: [ وحدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي عن يزيد بن عبد الله بن أسامة عن محمد بن إبراهيم: ( أن أسامة بن زيد كان يصوم أشهر الحرم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: صم شوالاً، فترك أشهر الحرم، ثم لم يزل يصوم شوالاً حتى مات ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الصوم زكاة الجسد.
حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك (ح)
وحدثنا محرز بن سلمة العدني قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد جميعاً عن موسى بن عبيدة عن جمهان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لكل شيء زكاة، وزكاة الجسد الصوم ). زاد محرز في حديثه: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الصيام نصف الصبر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في ثواب من فطر صائماً.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى وخالي يعلى عن عبد الملك وأبو معاوية عن حجاج كلهم عن عطاء عن زيد بن خالد الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من فطر صائماً كان له مثل أجرهم، من غير أن ينقص من أجورهم شيء ).
وحدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سعيد بن يحيى اللخمي قال: حدثنا محمد بن عمرو عن مصعب بن ثابت عن عبد الله بن الزبير، قال: ( أفطر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سعد بن معاذ؛ فقال: أفطر عندكم الصائمون، وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الصائم إذا أكل عنده.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد وسهل قالوا: قال: حدثنا وكيع عن شعبة عن حبيب بن زيد الأنصاري عن امرأة يقال لها: ليلى عن أم عمارة، قالت: ( أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقربنا إليه طعاماً، فكان بعض من عنده صائماً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصائم إذا أكل عنده الطعام صلت عليه الملائكة ).
حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا بقية قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن سليمان بن بريدة عن أبيه، قال: ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـبلال: الغداء يا بلال! قال: إني صائم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نأكل أرزاقنا، وفضل رزق بلال في الجنة، أشعرت يا بلال! أن الصائم تسبح عظامه وتستغفر له الملائكة ما أكل عنده؟ ) ].
وفضل تفطير الصائمين يؤخذ من الأدلة العامة، أما الأدلة العينية فالأحاديث الواردة فيها معلولة، قد جاء في ذلك حديث زيد بن خالد الجهني، وجاء من حديث ابن عباس، وجاء من حديث أنس بن مالك، وجاء من حديث أبي هريرة، وجاء من حديث سلمان الفارسي، وكلها معلولة.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من دعي إلى طعام وهو صائم.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح، قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا دعي أحدكم إلى طعام وهو صائم، فليقل: إني صائم ).
حدثنا أحمد بن يوسف السلمي قال: حدثنا أبو عاصم قال: أخبرنا ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من دعي إلى طعام وهو صائم فليجب، فإن شاء طعم وإن شاء ترك ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الصائم لا ترد دعوته.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سعدان الجهني عن سعد أبي مجاهد الطائي- وكان ثقة- عن أبي مدلة- وكان ثقة- عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة، وتفتح لها أبواب السماء، ويقول: بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين ).
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا إسحاق بن عبيد الله المدني، قال: سمعت عبد الله بن أبي مليكة يقول: سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد ).
قال ابن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء، أن تغفر لي ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في الأكل يوم الفطر قبل أن يخرج.
حدثنا جبارة بن المغلس قال: حدثنا هشيم عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم تمرات ).
حدثنا جبارة بن المغلس قال: حدثنا مندل بن علي قال: حدثنا عمر بن صهبان عن نافع عن ابن عمر، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدو يوم الفطر حتى يغدي أصحابه من صدقة الفطر ).
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا ثواب بن عتبة المهري عن ابن بريدة عن أبيه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل، وكان لا يأكل يوم النحر حتى يرجع ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب من مات وعليه صيام رمضان قد فرط فيه.
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبثر عن أشعث عن محمد بن سيرين عن نافع عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من مات وعليه صيام شهر، فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين ) ].
من مات ولم يفرط ولم يمكنه القضاء، بحيث انتهى رمضان وتوفي في العيد مثلاً، أو توفي في اليوم الثاني أو الثالث وعليه أيام ولم يفرط، قد حكى الماوردي رحمه الله أن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يتفقون على أنه ليس عليه كفارة ولا على أوليائه أن يصوموا عنه.
إذاً: سقط عنه ذلك باعتبار أنه لم يقم عليه حينئذ تكليف.
قال المصنف رحمه الله: [ باب من مات وعليه صيام من نذر.
حدثنا عبد الله بن سعيد قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن مسلم البطين والحكم وسلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير وعطاء ومجاهد عن ابن عباس، قال: ( جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن أختي ماتت وعليها صيام شهرين متتابعين، قال: أرأيت لو كان على أختك دين، أكنت تقضينه؟ قالت: بلى. قال: فحق الله أحق ).
حدثنا زهير بن محمد قال: حدثنا عبد الرزاق عن سفيان عن عبد الله بن عطاء عن ابن بريدة عن أبيه، قال: ( جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن أمي ماتت وعليها صوم، أفأصوم عنها؟ قال: نعم ) ].
اختلف العلماء رحمهم الله في صيام القضاء عن الميت أن يصام عنه، والأرجح في ذلك أنه لا يصام عنه، وإنما يطعم، ولذلك جاء في الخبر: ( لا يصوم أحد عن أحد، ولا يحج أحد عن أحد )، وهذا في الفريضة، أما قوله: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )، المراد بهذا هو صيام النذر، وهذا هو الأرجح من أقوال العلماء.
ولهذا نقول: إذا كان على الإنسان نذر مثلاً عشرة أيام يصوم من أهله خمسة أو ستة أو عشرة ولو يوماً واحداً يتفقون عليه، فهذا يجزئ عنه ولا حرج، أو صام واحد لأيام فهذا يجزئ عنه بإذن الله.
قال المصنف رحمه الله: [ باب فيمن أسلم في شهر رمضان.
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن خالد الوهبي قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن عيسى بن عبد الله بن مالك عن عطية بن سفيان بن عبد الله بن ربيعة، قال: ( حدثنا وفدنا الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلام ثقيف، قال: وقدموا عليه في رمضان، فضرب عليهم قبة في المسجد، فلما أسلموا صاموا ما بقي عليهم من الشهر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في المرأة تصوم بغير إذن زوجها.
حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تصوم المرأة وزوجها شاهد يوماً من غير شهر رمضان، إلا بإذنه ).
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة عن سليمان عن أبي صالح عن أبي سعيد، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء أن يصمن إلا بإذن أزواجهن ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب فيمن نزل بقوم فلا يصوم إلا بإذنهم.
حدثنا محمد بن يحيى الأزدي قال: حدثنا موسى بن داود و خالد بن أبي يزيد، قالا: حدثنا أبو بكر المدني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نزل الرجل بقوم، فلا يصوم إلا بإذنهم ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب فيمن قال: الطاعم الشاكر كالصائم الصابر.
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال: حدثنا محمد بن معن عن أبيه وعبد الله بن عبد الله الأموي عن معن بن محمد عن حنظلة بن علي الأسلمي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ( الطاعم الشاكر بمنزلة الصائم الصابر ).
حدثنا إسماعيل بن عبد الله الرقي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عبد الله بن أبي حرة عن عمه حكيم بن أبي حرة عن سنان بن سنة الأسلمي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الطاعم الشاكر له مثل أجر الصائم الصابر ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في ليلة القدر.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا إسماعيل بن علية عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري، قال: ( اعتكفنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان، فقال: إني أريت ليلة القدر فأنسيتها، فالتمسوها في العشر الأواخر في الوتر ) ].
النصوص الصحيحة الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم في هذا تتفق على أن ليلة القدر تكون في العشر الأواخر، ولا يعلم خلاف صحيح في ذلك عنهم، وقد نقل الإجماع في هذا الماوردي عليه رحمة الله.
قال المصنف رحمه الله: [ باب في فضل العشر الأواخر من شهر رمضان.
حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب و أبو إسحاق الهروي إبراهيم بن عبد الله بن حاتم قالا: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم النخعي عن الأسود عن عائشة قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره ).
حدثنا عبد الله بن محمد الزهري قال: حدثنا سفيان عن ابن عبيد بن نسطاس عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر، أحيا الليل، وشد المئزر، وأيقظ أهله ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في الاعتكاف.
حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف كل عام عشرة أيام، فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوماً، وكان يعرض عليه القرآن في كل عام مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين ).
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي بن كعب: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فسافر عاماً، فلما كان من العام المقبل اعتكف عشرين يوماً ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء فيمن يبتدئ الاعتكاف وقضاء الاعتكاف.
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يعلى بن عبيد قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، قالت: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح، ثم دخل المكان الذي يريد أن يعتكف فيه، فأراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فأمر فضرب له خباء، فأمرت عائشة بخباء فضرب لها، وأمرت حفصة بخباء فضرب لها، فلما رأت زينب خباءهما، أمرت بخباء فضرب لها، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: آلبر تردن؟ فلم يعتكف في رمضان، واعتكف عشراً من شوال ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في اعتكاف يوم أو ليلة.
حدثنا إسحاق بن موسى الخطمي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر: ( عن عمر: أنه كان عليه نذر ليلة في الجاهلية يعتكفها، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم، فأمره أن يعتكف ) ].
في هذا دليل على أن الاعتكاف يكون أيضاً بلا صيام، نذر أن يعتكف ليلة، والليلة لا يكون فيها صيام فيصح، ولو اعتكف شيئاً من النهار يصح أيضاً، وأما ما يحكيه بعض العلماء كـابن رشد عليه رحمة الله، أنه يستدل بما عن علي بن أبي طالب وابن عمر وابن عباس في هذا، فهذا فيه نظر من جهة حسم الخلاف، وذلك لقوة الخلاف حتى في النصوص المرفوعة.
وقد روى ابن أبي شيبة في المصنف من حديث يعلى أنه قال: إني لأدخل المسجد ساعةً ولا أنوى إلا الاعتكاف. وهذا يدل على أنه لا حد للاعتكاف من جهة أدناه، فقد يعتكف الإنسان ساعة أو ساعتين أو أكثر من ذلك، ويعلى هو صحابي جليل والإسناد عنه صحيح.
قال المصنف رحمه الله: [ باب في المعتكف يلزم مكاناً من المسجد.
حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرنا يونس أن نافعاً حدثه عن عبد الله بن عمر: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان ).
قال نافع: وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا ابن المبارك عن عيسى بن عمر بن موسى عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان إذا اعتكف طرح له فراشه، أو يوضع له سريره وراء أسطوانة التوبة ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب الاعتكاف في خيمة في المسجد.
حدثنا محمد بن عبد الأعلى الصنعاني قال: حدثنا المعتمر بن سليمان قال: حدثني عمارة بن غزية؛ قال: سمعت محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف في قبة تركية على سدتها قطعة حصير، قال: فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة، ثم أطلع رأسه فكلم الناس ) ].
وأفضل أوقات الاعتكاف هو العشر الأواخر، ثم يليه العشر الوسطى، ثم الأولى، ثم في شوال، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله: [ باب في المعتكف يعود المريض ويشهد الجنائز.
حدثنا محمد بن رمح قال: أخبرنا الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة قالت: ( إن كنت لأدخل البيت للحاجة والمريض فيه، فما أسأل عنه إلا وأنا مارة، قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل البيت إلا لحاجة، إذا كانوا معتكفين ).
حدثنا أحمد بن منصور أبو بكر قال: حدثنا يونس بن محمد قال: حدثنا الهياج الخراساني قال: حدثنا عنبسة بن عبد الرحمن عن عبد الخالق عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( المعتكف يتبع الجنازة، ويعود المريض ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب ما جاء في المعتكف يغسل رأسه ويرجله.
حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا وكيع عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه وهو مجاور، فأغسله وأرجله وأنا في حجرتي، وأنا حائض، وهو في المسجد ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في المعتكف يزوره أهله في المسجد.
حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال: حدثنا عمر بن عثمان بن عمر بن موسى بن عبيد الله بن معمر عن أبيه عن ابن شهاب، قال: أخبرني علي بن الحسين عن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنها جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره، وهو معتكف في المسجد في العشر الأواخر من شهر رمضان، فتحدثت عنده ساعة من العشاء، ثم قامت تنقلب، فقام معها رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد الذي كان عند مسكن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، مر بهما رجلان من الأنصار، فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم نفذا، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم: على رسلكما، إنها صفية بنت حيي، قالا: سبحان الله يا رسول الله! وكبر عليهما ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئاً ) ].
وهذا من حكمته عليه الصلاة والسلام فهو لم ينظر إلى هذين الأنصاريين اللذين ينظران إليه عليه الصلاة والسلام، ولكن نظر إلى أنهما ربما ينقلان شيئاً بحسن قصد إلى غيرهما فيقع في لسان بعض المنافقين، ولهذا ينبغي للإنسان أن يكون بعيد النظر في الأقوال والأفعال والمواقف، وألا ينظر إلى الصورة الظاهرة التي أمامه بل إلى ما خلفها، وهذا من السياسة النبوية، إذا النبي صلى الله عليه وسلم استبرأ لعرضه فإنه فيمن دونه من باب أولى.
ولا يقول الإنسان: أنا رجل صالح أو طالب علم أو عالم أو داعية أو مصلح أو غير ذلك، فيظن أن مثل هذا يكسبه حصانة، هذا هو موضع الزلل، وكلما انخدع الإنسان بنفسه وقع في الزلل من حيث لا يشعر، ولهذا ينبغي للإنسان أن يعتمد على الله سبحانه وتعالى، ويزدري نفسه، ويعلم أنه ضعيف لولا رحمة الله عز وجل وستره عليه.
وقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجاء مرفوعاً أيضاً قال: من وقع فيما يشتبه عليه فيه فلا يلومن إلا نفسه. يعني: أن الإنسان ربما يقع في شيء من المشتبهات لا يبالي، ثم تكون تبعة ذلك عظيمة، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ).
وفي الحديث أنه يجوز للإنسان أن يتفقد أهله وهو معتكف للحاجة التي لا تقوم إلا به، ويقوم بتعاهدهم بشيء لا يقضى إلا به، كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك.
وفيه أيضاً: أنه يتحدث بالمباح ويجلس في المباح، كما جلس مع زوجه صفية عليها رضوان الله تعالى، فهذا بقيد الحاجة واليسر.
ولا يسوغ للمعتكف ترك الجماعة في التراويح حتى لو قال بأن صلاته منفرداً هو أخشع له، فقد بلغني أن بعض الناس يصلي منفرداً ويدع الجماعة، ويقول: هو أخشع له، نقول: ما دام أنه قد حضر الجماعة فوجب عليه أن يصلي معهم، والانعزال في مثل هذا تهمة، وصلاة التراويح جرى عليها عمل الخلفاء, نعم يوجد خلاف يسير في مثل هذا، وما حكاه بعض العلماء كالإمام النووي عليه رحمة الله، وكذلك السرخسي من الحنفية، في مسألة إجماع الصحابة على فضل صلاة التراويح جماعة هذا فيه نظر، وذلك أنه قد ثبت عن عبد الله بن عمر عند ابن أبي شيبة وكذلك عند مالك في تفضيل صلاة المنفرد على الجماعة.
ولكن نقول: إن عمل الخلفاء الراشدين وكذلك عمل النبي صلى الله عليه وسلم في ظاهره يدل على أن الجماعة في ذلك أفضل.
قال المصنف رحمه الله: [ باب المستحاضة تعتكف.
حدثنا الحسن بن محمد الصباح قال: حدثنا عفان قال: حدثنا يزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن عكرمة، قال: قالت عائشة: ( اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه، فكانت ترى الحمرة والصفرة، فربما وضعت تحتها الطست ) ].
قال المصنف رحمه الله: [ باب في ثواب الاعتكاف
حدثنا عبيد الله بن عبد الكريم قال: حدثنا محمد بن أمية قال: حدثنا عيسى بن موسى البخاري عن عبيدة العمي عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المعتكف: هو يعكف الذنوب، ويجرى له من الحسنات كعامل الحسنات كلها ) ].
ولا يثبت في فضل الاعتكاف شيء ملفوظ عن النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما هو فعله ومداومته عليه الصلاة والسلام، وكذلك فعل أزواجه معه ومن بعده، وهذا كاف في فضله.
قال المصنف رحمه الله: [ باب فيمن قام ليلتي العيدين.
حدثنا أبو أحمد المرار بن حمويه قال: حدثنا محمد بن المصفى قال: حدثنا بقية بن الوليد عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من قام ليلتي العيدين محتسباً لله، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) ].
نقف على هذا، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر