إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب [478]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    تعليق الحروز على الصدور

    السؤال: انتشرت عندنا ظاهرة الأحراز التي يعلقها الشباب والشابات على صدورهم، وهذه الأحراز مكتوبة من مشايخ يقولون: بأنها تحفظ من العين، فما حكم الشرع في نظركم في مثل هذه؟

    الجواب: يجب أن نعلم أن الأسباب التي تجلب الخير أو تدفع الشر لا بد أن تكون متلقاة من الشرع، لأن مثل هذا الأمر -أعني جلب الخير أو دفع الشر- لا يكون إلا بتقدير الله عز وجل، فلا بد أن نسلك الطريق الذي جعله الله سبحانه وتعالى طريقاً يوصل إلى ذلك، أما مجرد الأوهام التي لا تبنى على أصل شرعي فإنها أوهام لا حقيقة لها، قد يتأثر الإنسان منها نفسياً لاعتقاده فيها ما يعتقد، وإن كانت الحقيقة خلاف ذلك.

    وتعليق الأحراز على الصدور لا يخلو من حالين:

    الحالة الأولى: أن يكون طلامس، أو حروفاً مقطعة لا يعلم لها معنىً، فهذه محرمة بلا شك، وربما يكتب عليها أسماء الشياطين من الجن ولا يعلم حاملها ذلك، وعلى هذا فيكون تعليقها نوعاً من الشرك، وإذا اعتقد معلقها أنها تنفع أو تضر بدون قدر الله عز وجل كان مشركاً شركاً أكبر، وأما إذا كان يعتقد أن النافع والضار هو الله ولكن هذه وسيلة فهي شرك أصغر؛ لأن الله تعالى لم يجعل هذا سبباً يندفع به الشر أو يحصل به الخير.

    أما الثاني: أن تكون هذه الأحراز مكتوبةً بحروف معلومة من القرآن أو من صحيح السنة، فهذه موضع خلاف بين العلماء: فمنهم من يرى أنه لا بأس بها، مستدلاً بعموم قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا [الإسراء:82] .

    ومنهم من يرى منعها، وأنها من الشرك الأصغر، مستدلاً بعموم الأحاديث الدالة على أن التمائم شرك.

    والذي ينبغي للمؤمن أن يتجنبها؛ وذلك لأن أقل ما فيها أنه لم يرد فيها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما يدل على الجواز، والأصل في مثل هذه الأمور المنع حتى يقوم دليل على الجواز، ثم إن الإنسان إذا تعلق بها أعرض عما ينبغي أن يقوم به من الأوراد القولية التي جاءت بها الشريعة، مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم في آية الكرسي: ( من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح ).

    وقوله في الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة: ( من قرأهما في ليلة كفتاه )، وكذلك قوله في المعوذتين.

    المهم أن هذه الأحراز توجب غفلة الإنسان عما ينبغي أن يقوم به من الأوراد الشرعية القولية، وعليه فإن نصيحتي لهؤلاء وأمثالهم أن يدعوا هذه الأحراز، وأن يقولوا بما جاءت به السنة من الأوراد القولية إما من الكتاب وإما من السنة.

    1.   

    حكم تقديم صلة الأم على الأب، خاصة مع كون الأب قاطعاً للصلاة

    السؤال: والدي كثيراً ما يتلفظ بألفاظ الطلاق على والدتي، ومتساهل في أداء الصلوات، ووالدتي بعكسه فهي امرأة مصلية عابدة، وهذا من فضل الله عليها، وكثيراً ما نصحت والدي بعدم التساهل بهذه الألفاظ -أي: ألفاظ الطلاق- فلم يبال، وأنا الآن على وشك العمل، وأريد أن أرسل لوالدتي مصروفاً دون أبي مع أن حالته ضعيفة جداً جداً، هل يجوز لي هذا؟

    الجواب: سئل النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من أحق الناس بحسن صحبتي أو صحابتي؟ قال: أمك. قيل: ثم من؟ قال: أمك، قيل: ثم من؟ قال: أمك، قيل: ثم من؟ قال: ثم أبوك في الثالثة أو الرابعة ).

    وعلى هذا فإذا كانت الأم محتاجة وكان الأب محتاجاً فالمقدم حاجة الأم، فإذا كنت إذا أرسلت إلى أبيك شيئاً استأثر به ولم يصل إلى أمك منه شيء فأرسل إلى أمك ولا حرج، وإذا كان لديك سعة في المال فأرسل إليهما جميعاً فإن ذلك من البر، ولكن خيراً من ذلك أن ترسل إلى أبيك هدية النصيحة وتخويفه من الله عز وجل، وأمره بتقوى الله سبحانه وتعالى؛ لأن ذلك خير ما تهديه إلى أبيك، وأبوك في الحقيقة على خطر في تهاونه بالصلاة، فإن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهي عمود الدين، وإذا أخل بها الإنسان فقد أخل بعمود الدين، وإذا أخل بها الإنسان لم يكن لديه ناهٍ عن الفحشاء والمنكر.

    ثم إن تساهله بألفاظ الطلاق من المشاكل الكبرى؛ لأنه إذا طلق بعقيدة -أي: بنية- فإن امرأته تطلق إذا لم يوجد مانع من وقوع الطلاق، وإذا طلقت مرتين فإنها في الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره، فعليك أن تؤكد النصيحة عليه في هذه المسألة حتى لا يطأ فرجاً حراماً عليه وهو لا يدري، وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

    1.   

    حكم عقد المضاربة

    السؤال: يقول بأنه تشارك مع زميل له في عمل مشروع تجاري، الزميل دفع المال وأنا بجهدي وعرقي وجدي وعلاقاتي، هذا ما اتفقنا عليه، ورضي كل منا بالعمل والفكرة والمشروع، وحيث إنه لم يعمل معي فأنا الذي أقوم بإدارة المشروع والتعقيب والشراء والبيع، أما هو فكما ذكرت فلا يعمل شيئاً إلا إذا صفينا ربح آخر كل ستة شهور يعود إلينا ويأخذ ما كسبناه، يقول: ولكن بعد نجاحنا ومكسبنا الحلال خلال سنتين تغيرت النية حيث أفاد بطلبي أن يأخذ أكثر من نصف الربح؛ نظراً لأنه مساهم بالمال، واحترت أنا؛ لأنني لم أكتب معه ورقة نظراً لالتزامه ودينه، فأرجو من فضيلة الشيخ أن يرشدني عبر منبر نور على الدرب حيث سآخذ بهذه الفتوى إن شاء الله؟

    الجواب: العقد الذي ذكره أخونا هو عقد المضاربة، وعقد المضاربة عقد شرعي، فإذا انطبقت الشروط بصحة المضاربة عليه صار عقداً صحيحاً، والمضاربة أن يكون من أحد الشريكين المال ومن الآخر العمل كما في هذا السؤال، ويكون بينهما الربح على ما اشترطاه، قد يشترطان أن الربح بينهما نصفين، وقد يشترطان أن الربح بينهما أثلاثاً: للعامل ثلث، ولصاحب المال الباقي، أو بالعكس، المهم أن توزيع الربح يكون على حسب ما شرطاه، فإذا اشترطا أن الربح بينهما نصفين فهو بينهما نصفين، وإذا اشترطا خلاف ذلك فعلى ما شرطاه؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ [المائدة:1] .

    والأمر بإيفاء العقود يشمل أصل العقد ووصفه الذي هو الشروط؛ ولقوله تعالى: وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء:34] ، والعقد بين الطرفين عهد، والتزام من كل واحد منهما للآخر بما يقتضيه العقد، إلا أن عقد المضاربة من العقود الجائزة، أي: التي يملك كل واحد من المتعاقدين أن يفسخ العقد إذا لم يكن في ذلك ضرر على الآخر، فإذا كانت الستة أشهر الماضية على أن الربح بينكما نصفين ثم طلب صاحب المال أن يكون حظه من الربح أكثر فهو حر، وأنت أيضاً حر، إن شئت فوافق على ما طلب، وإن شئت فافسخ الشركة، وإذا تفرقتما عن حسن نية فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يغني كلاً من سعته، وإن بقيتما على حسن نية فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( أن الله قال: أنا ثالث الشريكين ما لم يخن أحدهما صاحبه، فإذا خان خرجت من بينهما ).

    وخلاصة الجواب: أن العقد بينكما إن شئتما استمررتما عليه على الشرط الأول، وإن شئتما عدلتما في الشروط حسب تراضيكما، وإن شئتما فسختما العقد؛ لأن عقد المضاربة من العقود الجائزة.

    1.   

    دفع الزكاة إلى الإخوة وأبنائهم

    السؤال: لي أخت متوفى عنها زوجها، ولها ولد في العشرين يعمل في شركة براتب قدره خمسة ألف ريال، وله إخوة يعولهم، والبيت إيجار، وأريد أن أخصص زكاة مالي كل سنة كاملة لهم، فهل يجوز هذا؟

    الجواب: يجوز هذا إذا كانوا يحتاجون إلى ذلك حاجةً حقيقية، بل إن صرف زكاتك إليهم أفضل من صرفها إلى من ليس بينك وبينهم قرابة، فإن الصدقة على القريب اثنتان: صدقة وصلة، ولكن إياك أن تعطيهم الزكاة من أجل أمور كمالية لا تدعو الحاجة إليها، فالمدار على الحاجة، فقوله تعالى: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ [التوبة:60].

    فإذاً: إذا كانوا في حاجة فهم أحق من غيرهم، وإن لم يكونوا في حاجة وإنما تعطيهم من أجل الكماليات التي يتظاهر بها كثير من الناس اليوم فلا تعطيهم.

    1.   

    مقدار مسافة القصر وأسباب عدم الخشوع في الصلاة

    السؤال: ما مقدار المسافة التي تقصر بها الصلاة؟ وما هي الأسباب التي تجعل المصلي لا يخشع في الصلاة؟

    الجواب: هذا السؤال من فقرتين:

    الفقرة الأولى: عن المسافة التي تقصر فيها الصلاة، والمسافة التي تقصر فيها الصلاة اختلف فيها العلماء من محدثين وفقهاء، وعامة أهل العلم على أنها ستة عشر فرسخاً، أي: ما يقارب اثنين وثمانين كيلو، ومن العلماء من ذهب إلى أن السفر الذي تقصر فيه الصلاة ليس له حد في الشرع؛ لأنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه حدد ذلك لأمته، فتحديده توقيف، أي: موقوف على ورود الشرع به، وإذا لم يرد الشرع به كان مرجعه إلى العرف، فما تعارف الناس عليه أنه سفر فهو سفر، وما تعارف الناس على أنه ليس بسفر فليس بسفر، فإن القاعدة: أن كل ما جاء به الشرع غير محدد شرعاً فإنه يرجع فيه إلى العرف، وعلى هذا قول الناظم:

    وكل ما أتى ولم يحدد بالشرع كالحرز فبالعرف اهتدي

    وهذا الأخير اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وعلى هذا فإذا خرج الإنسان نحو عشرين كيلو ومكث هناك مكوثاً يحمل من أجله الزاد والمزاد وتهيأ الراحلة فإنه يعتبر سفراً، وأما إذا خرج إلى مثل هذه المسافة ورجع عن قرب كأن يكون مدعواً لوليمة أو نحوها ثم يرجع فإن هذا ليس بمسافر، وهذا هو الذي تميل إليه النفس، إلا أنه يشكل عليه أنه غير منضبط، بخلاف القول الأول الذي يحدد المسافة بشيء معين فإنه يكون منضبطاً، وأقرب إلى فهم الناس، فمن أخذ به فلا حرج عليه إن شاء الله.

    وأما الفقرة الثانية في السؤال فهو: ما الذي يعين على الخشوع في الصلاة؟

    أكبر معين على الخشوع في الصلاة أن يشعر الإنسان أنه إذا وقف يصلي فإنه يناجي الله عز وجل ويخاطبه، وأن الله سبحانه وتعالى يرد عليه هذه المناجاة كما ثبت في الصحيح من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال: الحمد لله رب العالمين قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال: الرحمن الرحيم قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذا قال: مالك يوم الدين قال الله: مجدني عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين، وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ).

    فإذا شعر الإنسان بهذا الشعور فإنه لا بد أن يستحضر ما يقوله ويفعله في صلاته؛ لأنه بين يدي الله عز وجل الذي يعلم ما في قلبه، ويعلم ما توسوس به نفسه.

    ومما يعين على ذلك ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، فإذا أحس الوساوس والهواجس تفل عن يساره ثلاث مرات واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم فإن ذلك يذهب بإذن الله، ولكن إذا كان الإنسان في جماعة فماذا يصنع كيف يتفل عن يساره ثلاث مرات؟ نقول: يكفي أن تستعيذ بالله من الشيطان الرجيم بدون تفل؛ لئلا تؤذي من حولك.

    ومما يعين على ذلك: أن يتفرغ الإنسان للصلاة، بحيث لا يكون عنده شاغل يشغله كاحتباس بول أو غائط أو فضول طعام يشتهيه أو ما أشبه ذلك؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان ).

    ومما يعين على ذلك: البعد عما يكون به التشويش والإشغال، بأن يبتعد عن الضوضاء، وعن المتحدثين، وعن الدارسين بصوت مرتفع، وما أشبه ذلك.

    ومن هنا ننطلق إلى مسألة هامة وهي: أن بعض الناس يكون في المسجد يقرأ القرآن وله صوت رخيم مرتفع يترنم بالقرآن وحوله من يصلون فيشوش عليهم ويشغلهم عن صلاتهم، وهذا مما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، حيث ( رأى أصحابه في المسجد يصلون ويجهرون فقال صلى الله عليه وآله وسلم: لا يجهر بعضكم على بعضكم في القرآن أو قال: في القراءة ). وفي حديث آخر: ( لا يؤذين بعضكم بعضاً )، فجعله أذية، وصدق رسول الله صلى الله عليه وله وسلم، فإن المصلي يتأذى بمثل هذه الحال ويشوش عليه ما يسمعه من أخيه القارئ، فعلى القارئ أن يخفض صوته في مثل هذه الحال لئلا يشوش على إخوانه فيفسد عليهم صلاتهم.

    وننطلق أيضاً انطلاقةً أخرى إلى ما يفعله بعض الأئمة نسأل الله لنا ولهم الهداية، من رفع الصلاة في مكبرات الصوت في المآذن، فإن هذا يحصل به من التشويش ما قد شكى منه كثير من الناس، حتى إن بعض المساجد إذا كانت قريبة وكانت الريح منصرفةً إلى مسجد آخر أو متجهةً إلى مسجد آخر ينشغل أهل المسجد الآخر بقراءة إمام المسجد الثاني عن استماعهم لقراءة إمامهم، لاسيما إذا كانت قراءته جيدة وصوته حسناً، فإن الناس ينشغلون به كثيراً، حتى سمعت أن بعض الناس أمن على قراءة الفاتحة دون إمامه، ولا شك أنه يشغل المصلين إذا سجدوا وإذا ركعوا وهم يستمعون إلى قراءته من خلال مكبر الصوت على المأذنة.

    ومن المعلوم أن هذا ليس فيه مصلحة في الحقيقة أصلاً، بل فيه هذه الأذية، والإنسان العاقل لا يفعل شيئاً إلا إذا كانت مصلحته خالصة لا مفسدة فيها، أو راجحة على مفسدته، أما وهو لا مصلحة فيه وفيه الأذية، فإن العاقل لا يفعله، لا سيما وهو يبلغه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهى أصحابه أن يجهر بعضهم على بعضهم في القراءة، ثم إنه أعني: رفع الصوت من المئذنة بمكبر الصوت قد يؤذي حتى جيران المسجد، فقد يكون جار المسجد مشتغلاً بورد خاص له، أو بقراءة، أو بمراجعة مسألة شرعية، أو أي من مسائل العلم النافع فيشوش عليه هذا تشويشاً بالغاً، وقد يكون مريضاً يحتاج إلى الراحة والنوم حينما صلى الفجر، فإذا أخذ في النوم وسمع هذا الصوت طار عنه النوم، وعلى كل حال فهذه المسائل أعني رفع الصوت من المئذنة بالصلاة صاحبه لا يكون غانماً؛ لأنه لا يترتب عليه شيء من المصلحة فيما نعلم، بل هو إما سالم وإما آثم بما يحصل من أذية إخوانه.

    فنصيحتي لإخواني: أن يقتصروا على الأقل على إقامة الصلاة في المئذنة، وأن يدعوا نقل الصلاة من فوق رءوس المآذن، وأنا حينما أقول هذا لست أنكر استعمال المكبر في الصلاة، لكنني أقول: احذروا الأذية لإخوانكم، أما استعمال المكبر في الصلاة فهذا إذا دعت الحاجة إليه بدون أذية كما لو كان المسجد كبيراً والجماعة كبيرة فهذا لا بأس به، وقد نقول: إنه مستحسن، وأما إذا لم يكن له داع فتركه أولى حتى في داخل المسجد؛ لأن اعتياد الإنسان ألا يتلذذ بالقرآن إلا بواسطة هذا الصوت المنقول على المكبر فيه شيء من النظر؛ لذلك ينبغي للإنسان في هذه الأمور وغيرها أن يتدبر ويتأمل ويقارن بين المصالح والمفاسد، ويطبع ما يكون أرضى لله وأبعد عن إيذاء عباد الله، ثم إنه قد شكي إلينا شيء أقل من ذلك ضرراً وهو إقامة الصلاة من على المئذنة بمكبر الصوت، فقالوا: إن أولادنا ينتظرون حتى يسمعوا الإقامة ثم يقومون ويتوضئون ويذهبون بسرعة ربما يفوتهم شيء من الصلاة أو كل الصلاة، وربما يؤدون الوضوء من غير إسباغ، شكوا ذلك من أجل القول: بمنع نقل الإقامة من على المئذنة، ولكن في نفسي من هذا شيء؛ لأن سماع الإقامة من المسجد أمر وارد في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا سمعتم الإقامة فامشوا إلى الصلاة وعليكم السكينة والوقار ولا تسرعوا، فما أدركتم فصلوا، وما فاتكم فأتموا )، وهذا يدل على أنه لا حرج من أن تسمع الإقامة من خارج المسجد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755999226