إسلام ويب

شرح أصول اعتقاد أهل السنة - ما روي في منع الصلاة خلف القدريةللشيخ : حسن أبو الأشبال الزهيري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان بالقدر مرتبة من مراتب الإيمان ضل فيها الجبرية والقدرية لانحرافهم عن دلائل النصوص من الكتاب والسنة، ولا يتم إيمان العبد إلا بالإيمان بالقدر كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شنع النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام وسلف هذه الأمة من التابعين والفقهاء والعلماء على القدرية وحذروا من اتباعهم ومجالستهم والصلاة خلفهم، وتزويجهم وأكل ذبائحهم ومجالستهم ومبايعتهم وقبول شهادتهم، بل جعلوهم بمنزلة أهل الكتاب، حتى سماهم النبي عليه الصلاة والسلام مجوس هذه الأمة؛ لفظاعة ما أتوا به وشناعة ما نسبوه إلى الله تعالى.

    1.   

    سياق ما روي في منع الصلاة خلف القدرية

    إن الحمد لله تعالى، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وبعد:

    فلا يزال الكلام موصولاً عن القدر، والآن مع [ ما روي في منع الصلاة خلف القدرية والتزويج إليهم وأكل ذبائحهم، ورد شهادتهم ].

    قال المصنف رحمه الله: [ سياق ما روي في منع الصلاة خلف القدرية، والتزويج إليهم وأكل ذبائحهم، ورد شهادتهم ] شهادة الفاسق مردودة عند جماهير العلماء، ولكن ترك أكل الذبائح لا يكون إلا مع الكفار، ومنع الصلاة لا يكون إلا خلف المبتدع والكافر، وكذلك ترك الزواج لا يكون إلا من الكافرين والكافرات.

    كلام السلف في حكم الصلاة خلف القدرية

    قال: [ روي عن واثلة بن الأسقع أنه أمر بإعادة الصلاة خلف القدرية، ونهى عن الائتمام بهم ].

    رجل يقول: إن الله لا يعلم الأشياء حتى تقع، فهذا لا تجوز الصلاة خلفه، لأنه كافر مرتد، وبالتالي من صلى خلف قدري وجبت عليه الإعادة ولو بعد مائة عام.

    قال: [ ومن التابعين: عن علي بن عبد الله بن العباس أنه كان يقول: إذا كان الإمام صاحب هوى فلا يصلى خلفه ]. أي: صاحب بدعة وهو داعٍ إلى بدعته ورأس فيها فلا يصلى خلفه.

    [ وعن محمد بن علي بن الحسين : أنه أمر بإعادة الصلاة خلف القدري.

    وعن سيار أبي الحكم يقول: لا يصلى خلف القدرية، فإذا صلي خلف أحد منهم أعاد ]. أي: وجبت عليه الإعادة.

    [ وعن أيوب السختياني مثله ]. الكلام السابق.

    قال: [ ومن الفقهاء: مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، وعبد الرحمن بن مهدي وأبو يوسف القاضي -صاحب أبي حنيفة- والإمام أحمد بن حنبل مثله ]. أي: هذا الكلام.

    [ وعن ابن سيرين: أنه كره ذبائح القدرية ]. لم يحرمها تحريماً إنما كرهها.

    قال: [ عن حبيب بن عمر الأنصاري قال: حدثني أبي قال: سألت واثلة بن الأسقع -وهو صحابي رضي الله عنه- عن الصلاة خلف القدري، فقال: لا يصلى خلفه، أما إني لو صليت خلفه لأعدت صلاتي ]. أي: لو أني صليت خلفه لوجبت علي الإعادة.

    [ عن الحارث بن سريج البزاز قال: قلت لـمحمد بن علي : إن لنا إماماً يقول بالقدر -إمامنا في المسجد قدري- فقال: يا ابن الفارسي! انظر كل صلاة صليتها خلفه أعدها، إنما هم إخوان اليهود والنصارى، قاتلهم الله أنى يؤفكون ]. القدرية إخوان اليهود والنصارى، وما من بدعة من البدع وردت في الإسلام إلا وأصولها يهودية أو نصرانية أو مجوسية، والقدرية إنما هي بدعة نصرانية في أصلها قال بها سوسن العراقي، وعنه أخذ معبد الجهني ، وعن معبد غيره حتى تسلسل الأمر.

    قال: [ كان سيار أبو الحكم يقول: لا يصلى خلف القدرية، فإذا صلى خلف أحد منهم أعاد الصلاة ].

    عن صدقة بن يزيد قال: [ مررت مع أيوب -وهو ابن أبي تميمة السختياني البصري - وهو آخذ بيدي إلى المسجد لنصلي فيه، فمررنا بمسجد قد أقيمت الصلاة فيه، فذهبت لأدخل فنتر يده من يدي فترة، ثم قال: أما علمت أن إمامهم قدري ].

    وما قصد صدقة أن يصلي خلف قدري، وإنما اجتهد في إدراك الصلاة خاصة وأنه قد سمع إقامة الصلاة، ولكن أن تفوتك الصلاة خير من أن تصلي خلف قدري، والسلف رضي الله عنهم كانوا يتحرون الصلاة خلف أوثق وأعدل الأئمة الذين أنيطت بهم إمامة الناس في الصلاة وفي غيرها.

    عن مصعب قال: [ سمعت مالك بن أنس يقول: لا يصلى خلف القدرية ].

    وعن مروان بن محمد قال: [ سألت مالك بن أنس عن تزويج القدري فقال: وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ [البقرة:221] ].

    وهذا حكم عقدي عليه بأنه كافر.

    [ وروي عن مالك أنه سئل عن القدري الذي يستتاب من هو؟ قال: الذي يقول: إن الله عز وجل لم يعلم ما العباد عاملون حتى يعملوا ]. يعني: الذي ينكر العلم الأزلي الأبدي السرمدي لله عز وجل، فهذا الذي يستتاب فإن تاب وإلا قتل. وهل يقتل حداً أو ردة؟ يقتل ردة؛ لأنه لا يقتل حداً إلا صاحب المعصية، على أن تكون هذه المعصية دون الشرك، إذ كل معصية دون الشرك فالعقوبة فيها حد، مثل حد الزنا والسرقة وشرب الخمر وغير ذلك من المعاصي كلها العقوبة فيها الحد، وما دون هذه الكبائر فإن العقوبة فيها التعزير، أما الشرك والردة -وهي نوع من الشرك والكفر- فالعقوبة فيها ردة لا حداً.

    فإذا استتيب هذا القدري فتاب تاب الله عز وجل عليه، فإن لم يتب قتل ولكنه يقتل ردة، ويموت على الكفر لا يرث ولا يورث، وماله لبيت المال.

    وعن عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل قال: [ سمعت أبي يقول: لا يصلى خلف القدرية والمعتزلة ].

    وعن سوار بن عبد الله قال: [ حدثني معاذ بن معاذ قال: صليت خلف رجل من بني سعد، ثم بلغني أنه قدري، فأعدت الصلاة بعد أربعين سنة، أو ثلاثين سنة ]. شك الراوي. انظروا إلى اهتمام السلف بأمر الصلاة إلى أي حد بلغ!

    [ عن أبي يوسف القاضي -وهو صاحب أبي حنيفة- قال: لا أصلي خلف جهمي، ولا رافضي -شيعي خبيث- ولا قدري.

    وعنه أنه سئل: ما الحكم في القدرية -يعني: لو أنك حاكم ماذا تصنع بهم- قال: الحكم أنه من جحد العلم أستتيبه فإن تاب وإلا قتلته ].

    والعلم هو أول مرتبة من مراتب القدر، والذين كفرهم عبد الله بن عمر رضي الله عنه هم من هؤلاء.

    حكم الأئمة في تزويج القدرية

    وعن عبد الصمد بن مردويه قال: [ سمعت رجلاً يقول للفضيل : من زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمها، فقال له الفضيل : من زوج كريمته من مبتدع فقد قطع رحمها ].

    فالفاسق أهون من المبتدع، الفاسق صاحب كبيرة أو المصر على الصغيرة المبتدع شر منه، ولذلك العلماء لما قسموا المعاصي قسموها على الترتيب الثلاثي: الكفر، البدعة، المعصية، والكفر أمره معلوم، وصاحب المعصية إنما يعصي الله وهو يعلم أنه عاصٍ، وهل يتصور أن الزاني يزني وهو يعتقد أن الزنا طاعة وقربة؟ أو أن سارقاً يسرق وهو يتقرب بهذه السرقة إلى الله؟ لا يمكن أن يكون هذا. أما المبتدع فهو قائم على بدعته ظناً منه أنها الحق، وأنها قربة إلى الله عز وجل، ولذلك هو يتمسك ببدعته فوق تمسك صاحب المعصية بمعصيته.

    ولذلك أنت إذا حدثت صاحب معصية في معصيته وضع وجهه في الأرض استحياء مما يأتي، حتى لو كانت من المعاصي الصغيرة التي لم تبلغ حد الكبائر، ويبدأ يلوم نفسه ويسأل الله المغفرة، وغير ذلك من الكلمات التي تسمعها بصدق من لسان هذا العاصي.

    ولكن انظر إلى رافضي خبيث شيعي مجرم يتقرب إلى الله -وقد صحت النصوص عندهم- بتكفير الشيخين، بل جاء في كتاب الكافي وهو عند الشيعة كـالبخاري عند أهل السنة، جاء فيه: أن من لم يلعن أبا بكر وعمر في كل صباح ومساء فليس برافضي حقاً، وليس بشيعي حقاً. تصور رجلاً يقوم مبكراً ويسب أبا بكر وعمر وهو يعتقد أنه يتقرب إلى الله عز وجل بذلك، خاصة إذا كان من رعاع المذهب لا من رءوسهم، فهذا الذي تريد أن تخلعه عن هذه الكبيرة وهذا الجرم وهذا الكفر كيف تخلعه؟ أمر صعب جداً، ولذلك نسمع في كل يوم أن عشرات من أصحاب المعاصي يتوبون إلى الله عز وجل ويتركون معاصيهم، وفي كل مائة عام نسمع عن توبة رجل من رءوس البدعة، لأنه أشد تمسكاً ببدعته من صاحب المعصية بمعصيته، ولذلك المعصية أخف ضرراً من البدعة، ولذلك النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إن الله احتجز التوبة عن كل صاحب بدعة حتى يدع بدعته).

    ولم يقل ذلك في أصحاب المعاصي، بل أصحاب المعاصي تحت مشيئة الله، وهذا في حالة ما إذا ماتوا وهم مصرون على معاصيهم وإن كانت كبائر، فإن تابوا تاب الله عز وجل عليهم، وإن ماتوا على ذلك غير مستحلين لها فهم تحت مشيئة الله إن شاء تاب عليهم وعفا عنهم، وإن شاء أخذهم بذنبهم، بخلاف صاحب البدعة؛ فإن الله تعالى يؤاخذه لأنه يدخل في الدين ويلحق به ما ليس منه، كما أنه اتهام الله عز وجل بعدم تمام الشريعة وبنقصان هذا الدين، مكذباً بالقرآن والسنة، ومكذباً بأقوال الرسول عليه الصلاة والسلام.

    حكم الأئمة في عيادة المريض من القدرية

    قال الأثرم : قيل لـأحمد بن حنبل : [ رجل قدري أعوده إذا مرض؟ ] أي: هل يحل لرجل من أهل السنة أن يعوده في مرضه؟ قال: [ إذا كان داعية إلى الهوى فلا ].

    يفرق أحمد هنا بين صاحب البدعة الداعي إليها الرأس فيها، وبين عامة الناس في هذه البدعة، فلهذا حكمه وللآخر حكم آخر.. يفرق بين صاحب البدعة، ومن هو رأس فيها وداعٍ إليها ومدافع ومنافح عنها في الليل والنهار، وينفق ماله ومال أمته على هذه البدعة وعلى إظهارها، وطمس مذهب أهل السنة والجماعة، فهذا الرجل له حكم بخلاف من نشأ في بدعة أو في بلد قد انتشرت فيه هذه البدعة.

    أقول: الخميني الذي أقام ثورته الإسلامية المكذوبة، والذي طبل له المغفلون في هذه البلاد وفي غيرها شرقاً وغرباً وصفق له المغفلون والجهلة في كل مكان ظناً منهم أن هذه ثورة إسلامية، وهم لا يفرقون بين الحق والباطل، ولا بين العقيدة الصحيحة وبين غيرها، بل معظمهم على غير العقيدة السليمة، وعلى غير عقيدة السلف، ولذلك الخميني له حكم ورعاع الشعب الإيراني لهم حكم، أما الخميني فإنما هو رأس في البدعة مجتهد فيها، داع إليها، فهذا له الحكم الذي ينطبق على معبد الجهني، وغيلان الدمشقي وغيرهم من أصحاب البدعة، أما عامة الشعب فلا يكفرون، وإنما يفسقون ببدعتهم، وفرق بين الكفر وبين الفسق.

    قال: [ إذا كان داعية إلى الهوى فلا. قيل له: أصلي عليه؟ فلم يجب ]. يعني: إذا مرض هذا الرجل القدري وكان رأساً في البدعة فلا تعده، وأما عن الصلاة خلفه فما استطاع أحمد رحمه الله أن يتكلم، ولا أن يجيب عن هذا السؤال، وكان بحضرته إبراهيم بن الحارث العبادي.

    [ فقال له إبراهيم بن الحارث العبادي وأبو عبد الله يسمع: إذا كان صاحب بدعة فلا تسلم عليه، ولا تصلي خلفه، ولا تصلي عليه. قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل : كافأك الله يا أبا إسحاق وجزاك خيراً ]. وهذا إقرار منه لفتواه.

    رأي الأئمة في ذبائح القدرية ورد شهادتهم

    قال: [ عن ابن سيرين: أنه كره ذبائح القدرية ].

    وعن علي بن المديني شيخ الإمام البخاري وقرين أحمد بن حنبل قال: [ سمعت معاذ بن معاذ حين قدم من عند هارون الرشيد في القدمة التي كان أجازه فيها هارون ، فسمعته يقول: قال لي أمير المؤمنين: إني والله ما بعثت إليك لموجدة وجدتها عليك، ولكن لم أزل أحب رؤيتك ومعرفتك ]. يعني هارون يقول له: أنا ما أرسلت إليك لأجل خصومة بيني وبينك وغضب مني عليك، وإنما أرسلت إليك، لأني أحب رؤيتك، أيام ما كان الأمراء والخلفاء يحبون أهل العلم.

    ثم قال: [ بلغني أنك ترد شهادة قوم. قلت: يا أمير المؤمنين! قدرية ومعتزلة. قال: أصبت وفقك الله ].

    كراهة العلماء لمجالسة ومبايعة أهل القدر

    قال: [ عن إدريس القصير عن أبيه قال: شهدت عبيد الله بن الحسن العنبري واختصم إليه رجلان -كان قاضياً عظيماً مشهوراً، واختصم إليه رجلان في قضية من القضايا- فقال أحدهما: اشتريت منه عبداً على أنه ليس به داء ولا علة ولا غليلة، بيع المسلم للمسلم وأنه قدري ]. يعني: ممنوع أن يكون هناك غليلة وإخفاء للعيب بين المسلم والمسلم، ولكني لما اشتريته وجدت هذا الغلام قدري، وهذا أمر لابد أن يبينه البائع، فلما اشتراه كان لزاماً على البائع أن يبين عيبه أنه قدري، ولما أخفى هذا العيب بطل البيع، ولذلك حكم عبيد الله العنبري ببطلان البيع للعيب.

    قال: [ فقال عبيد الله بن الحسن له: إنما اشتريت مسلماً ولم تشتر كافراً فرد عليه ].

    قال: [ أرسل رجل من أهل خراسان بكتاب يسأل أبا ثور -وهو إمام عظيم من أئمة الفقه- فأجاب: سألتم رحمكم الله عمن قال: إن المعاصي لم تقدر هل هو فاسق يصلى خلفه ]. رجل يقول: المعاصي ليست من عند الله، ولم يقدرها الله عز وجل على العباد إنما هي من فعل البشر، ووقعت بمشيئة الفاعل ولا علاقة لمشيئة الله بها، فهل هو فاسق؟ وهل يصلى خلفه أم لا؟ فقال: [ فهذا فاسق بتفسيق أهل العلم، لا يصلى خلفه، وهو داخل في حكم أهل القدر، ومن قال: الأشياء كلها بقدر إلا المعاصي فلا يصلى خلفه ].

    وهذا يبين أن الأشياء من عند الله عز وجل خيرها وشرها، ويكفينا حديث النبي عليه الصلاة والسلام (وأن تؤمن بالقدر خيره وشره). فأثبت أن الشر بقدر.

    إذاً: الخير من الله والشر من الله، الخير أراده الله عز وجل وأمر به إرادة شرعية دينية، والشر نهى الله عز وجل عنه، ولكنه أراده في كونه إرادة كونية قدرية لا شرعية دينية.

    [ قال سفيان بن عيينة : لا تصلوا خلف الرافضي، ولا خلف الجهمي، ولا خلف القدري، ولا خلف المرجئ ].

    تصور عندما يذهب من يزعم أنه أمير جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يذهب إلى إيران بدعوى من الخميني ، وهذا الرجل قد تربينا على يديه من سنة (1979م) إلى سنة (1981م)، ثلاث سنوات ونحن نسمعه في مسجد سوق الآخرة بحلوان، وكان لا يتوقف عند المحطات الصغيرة، والذي كان يفسقه أهل العلم كان يكفره هو، فما بالك بالذي يكفره من أهل العلم؟! فكان قد حكم في ذلك الزمان بأن خميني إيران كافر، وأن هذه الثورة ثورة كاذبة لا تمت للإسلام بصلة، بل كان يحكم على طلاب إيران الموجودين في كلية دار العلوم في ذلك الوقت بالكفر، وكان يطردهم من مسجده، ويقول: إنما أتوا إلينا تقية؛ لأن خميني إيران سئل بعد ثورته بعام من قبل طلاب كلية دار العلوم بالقاهرة: ماذا نفعل في مسائل تعترضنا في حياتنا بمصر لا نجد لها جواباً ولا نعلم لها حلاً في ديننا؟ أي: في دين الشيعة.

    قال: سلوا علماء الناصبة -أي: علماء السنة- ثم خالفوهم، فإذا قالوا حلالاً، فاعلموا أنه حرام، وإذا قالوا حراماً فإنما هو حلال. هذه فتوى الخميني عليه لعنة الله.

    هذا الرجل لما فتن في دينه، وأراد أن يظهر، وقد حذرنا منه الصادقون المخلصون ولكننا على عادتنا ونحن في بداية طريقنا لم نقبل هدى الذي يريد أن يهدينا، ولا نصح الذي يريد أن ينصحنا، لأننا ألفنا أن نسمع من رجل واحد، وهذا خطأ، ولذلك أنت لا تعلم خطأ شيخك حتى تسمع من غيره، إذ كيف يتسنى لك أن تعرف الحق من الباطل وأنت تزعم أن كل إنسان ليس معصوماً إلا الأنبياء؟ فشيخك ليس معصوماً، فينبغي أن تسمع من غيره حتى يتبين لك الخطأ، فإذا كان الأمر كذلك فنحن خالفنا في أول الطريق حتى رأينا بأعين رءوسنا وقلوبنا أن هذا الرجل قد فتن، وأنه ذهب يبحث عن المناصب والمظاهر شرقاً وغرباً أماته الله عز وجل، وهو حي الآن يحمل وزره، ولكنه في قلوب الشباب ميت لا قيمة له، ولا دعوى له تسمع.

    ذهب هذا الرجل إلى إيران فصلى خلف الخميني، وهو الذي كان يكفره، صلى خلفه وقد مرت به هذه النصوص، وهو يعلم أن الصلاة خلف الرافضي لا تصح وتجب إعادتها، إذا صلى خلفه مسروراً أو مكرهاً أو خائفاً، وجبت عليه الإعادة ولو إيماءً، فصلى خلفه ثم أتى إلى مصر وهو يشيد بثورة الخميني ، ويقول: لقد جالسته فوجدته صالحاً! والله كلاكما كاذب، وأنت ما سافرت إلا ليقال: فلان سافر، وفلان رحل، وفلان قابل الزعيم الشيعي وغير ذلك.

    قال روح بن عبادة: [ سمعت منادياً ينادي على الفجر يقول: إن الأمير أمر ألا يبايع زكريا بن إسحاق ولا يجالس، فمن فعل ذلك فقد حلت به العقوبة لموضع القدر ]. أي: بعلة القدر.

    موقف الحارث المحاسبي من أبيه لقوله في القدر

    قال: [ مات أبو الحارث المحاسبي ] يعني: والد الحارث المحاسبي، وأنتم تعلمون أن الحارث المحاسبي كان إماماً في الزهد والورع، وعاش في عصر أحمد بن حنبل ، وأثنى عليه أحمد بن حنبل خيراً في زهده وورعه وتقواه.

    ولذلك لما سألت امرأة أحمد بن حنبل أيغزل في ضوء موكب السلطان، ثم يباع ويتربح ويتكسب من هذا وهذه الإضاءة وهذه الأنوار ليست له خاصة، فتعجب أحمد بن حنبل من السؤال، وقال: من السائل؟ قالت: أنا أخت الحارث. قال الإمام: من بيتكم خرج الورع، أما إنه لا يحل لك أنت بالذات إنما لسائر الناس يحل؛ لأن الأمر على الإباحة والجواز، لكن الحارث لو سمع بهذا ما أجازه من شدة ورعه وزهده وخوفه من الله عز وجل، فقال: من بيتكم خرج الورع.

    كان والد الحارث المحاسبي قدرياً.

    قال: [ يوم مات وحارث محتاج إلى أقل من درهم -أو كما قيل- لعيال وبنات عليه، وترك أبوه مالاً وضيعه وأثاثاً وأموالاً كثيرة نفيسة، فلم يقبل -أي: الحارث- منها شيئاً. فقيل له في ذلك؟ فقال: روي عن النبي عليه الصلاة والسلام: (أهل ملتين شتى لا يتوارثان) ] نعم. (لا يرث المسلم الكافر، ولا يرث الكافر المسلم).

    يعني الحارث المحاسبي يكفر والده، لأنه كان قدرياً.

    وهذا فارق ما بيننا وبين السلف! كما قيل للفقيه: إن الكلب قد بال على الجدار كيف نطهره؟ قال: بهدمه وبنائه سبع مرات. قيل له: إن الجدار بيننا وبينك. قال: إنما يكفيك شيء من الماء ترشه عليه.

    هذا الفقيه هو أنا أو أنت، إذا كانت النصوص لنا فبها ونعمت، وإذا كانت علينا لوينا رءوسنا وتنكرنا لها.

    1.   

    ما ذكر من مخازي مشايخ القدرية وفضائح المعتزلة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ما ذكر من مخازي مشايخ القدرية وفضائح المعتزلة ].

    عن معاذ بن معاذ قال: [ كنت عند عمرو بن عبيدعمرو بن عبيد رأس في القدر- فجاءه رجل، فقال: ألا تعجب من فلان يزعم أن تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ [المسد:1] في اللوح المحفوظ؟ فقال عمرو بن عبيد : لئن كانت تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد:1] وتب في اللوح المحفوظ فما على أبي لهب من لوم، وما على الوليد من لوم، يعني في قوله: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا [المدثر:11] ].

    يعني: جاءه رجل في حضرة معاذ بن معاذ يقول له: يا عمرو بن عبيد ! يزعم رجل أن تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ [المسد:1] في اللوح المحفوظ. فقال له: إذا كانت في اللوح المحفوظ فلم يعاقبه الله وقد حكم عليه بأنه من الهالكين أولاً قبل أن يخلقه؟ ولم يعاقب الوليد والد خالد بن الوليد رضي الله عنه؟ وهو الذي نزلت فيه الآيات الطويلة في سورة المدثر: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا * وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيدًا [المدثر:11-14] إلى آخر الآيات. قال: فلم يعاقبهم الله وقد قضى عليهم في الأزل أنهم من الهالكين.

    قال.. [ عن ثابت البناني قال: رأيت عمرو بن عبيد في النوم يحك آية من المصحف، فقلت: ما تصنع؟ فقال: أثبت مكانها خيراً منها ]. هذا عمرو بن عبيد يريد أن يثبت آية في كتاب الله خيراً من كلام الله عز وجل.

    وعن عاصم الأحول قال: [ جلست إلى قتادة فذكِر في هذا المجلس عمرو بن عبيد ، فقلت: يا أبا الخطاب ! -وهي كنية قتادة- ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض. قال: يا أحول ! أو لا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تعلم؟! ] لأن النبي صلى الله عليه وسلم استثنى أشياء من الغيبة، فذكرك أخاك بما يكره غيبة إلا ما استثناه النبي عليه الصلاة والسلام، ومن هذا المستثنى ذكرك صاحب البدعة، وصاحب الفجور الذي يجاهر بفجوره ومعصيته.

    ولذلك تلك المرأة التي لاعنها زوجها هلال بن أمية عند النبي عليه الصلاة والسلام، قيل: لـابن عباس أهي هذه المرأة التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام: (لو كنت جالداً أحداً أو راجماً أحداً بغير بينة لرجمت هذه)قال: لا. إنما هذه امرأة أعلنت السوء، والحديث في الصحيحين. يعني: لو كان يحل لي أن أرجم أحداً بغير بينة ولا شهود ولا إقرار لرجمت هذه المرأة التي اشتهر عنها البغاء والزنا، ولكن لم يثبت عليها بشهادة أربعة، وهو نصاب الشهادة في الزنا فلا يحل إقامة الحد، بل من تكلم في عرض أحد بغير نصاب الشهادة جلد هو في ظهره ثمانين جلدة، وهو حد القذف.

    [ قال: يا أحول ! أو لا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تعلم؟! ] هذا صاحب البدعة ينبغي أن يذكر ببدعته في المجالس وعلى الملأ حتى نحذر بدعته.

    قال: [ فجئت من عند قتادة وأنا مغتم -لم يعجبه كلام قتادة ، مع أنه كان قدرياً ثم تاب- لقوله في عمرو بن عبيد ، وما رأيت من نسك عمرو بن عبيد وهديه ]، يعني: غره نسك صاحب البدعة، وأصحاب البدع لعلهم أشد في العبادة من أصحاب السنة، فيغتر الجهلاء والحمقى بهذه العبادة، كيف لا والنبي عليه الصلاة والسلام نفسه شهد بهذا فقال: (سيأتي أقوام تحقرون صلاتكم إلى صلاتهم، وصيامكم إلى صيامهم، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية).

    وأنكر أبو موسى الأشعري على هؤلاء الناس العبادة والذكر والتسبيح والتهليل، وابن مسعود الفقيه الصحابي الجليل رضي الله عنه لم تنطلي عليه هذه العبادة، وأنها عبادة غير مستقيمة ولا مرضية، فلذلك قال لهم لما رآهم على هذه الكيفية من العبادة والتي لم تأت في سنة النبي عليه الصلاة والسلام قال: إما أنكم على ملة هي أهدى من ملة محمد، أو أنكم مفتتحو باب ضلالة ولا أراه إلا هذا. أي: ولا أراكم إلا على ضلالة، مع أنه رآهم يسبحون ويكبرون ويهللون ويحمدون.

    فأنت رجل لا علم عندك، أول ما ترى صاحب بدعة له عبادة أو له شهرة بالدعوة إلى الإسلام تغتر به، مثل من سمع عن خميني إيران عندما قاد الثورة الإسلامية، الكل ذهب يطبل ويزمر فرحاً بالثورة الإسلامية.. الثورة بنيت على غير أساس ودليل، بل بنيت على الباطل من أولها إلى آخرها، وكل ما في الأمر أنه نجح في تطويع شعبه المغفل إلى معتقده وهو بعيد عنه عن طريق الهواتف والأشرطة وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، واستطاع أن يخلع شاه إيران وتقبله مصر في ذلك الوقت مقابل بضع ملايين من المال رغماً عن إرادة هذا الشعب الذي رفض من أوله إلى آخره قدوم شاه إيران إلى مصر. وهذه هي حال هذه البلاد حتى شهد بهذه الشهادة غير واحد من أهل العلم، فقال ابن كثير عليه رحمة الله في قول الله تعالى: سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ [الأعراف:145] قال: هي مصر. ومن قبل ابن كثير قال الله عز وجل: فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ [الزخرف:54]. فلابد من طاعة هذا الشعب لأسياده ومواليه إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.

    قال: [ فجئت من عند قتادة وأنا مغتم لقوله في عمرو بن عبيد : وما رأيت من نسك عمرو بن عبيد وهديه، فوضعت رأسي بنصف النهار، فإذا أنا بـعمرو بن عبيد في النوم والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله. قلت: سبحان الله! تحك آية من كتاب الله؟ قال: إني سأعيدها، فتركته حتى حكها، فقلت له: أعدها. فقال: إني لا أستطيع ]، ثقيلة على قلبه ويده.

    وعن حماد بن زيد قال: [ قيل لـأيوب: إن عمرو بن عبيد روى عن الحسن: لا يجلد السكران من النبيذ. قال: كذب عمرو ، أنا سمعت الحسن يقول: يجلد السكران من النبيذ ]. حتى تعرفوا أن أصحاب البدع كذبة، وأنهم يستحلون الكذب إلا الخوارج فإنهم لا يستحلون الكذب؛ لأن الكذب عندهم كبيرة، وهم يكفرون بالكبيرة، فلو أنهم قالوا بأن الكاذب لا شيء عليه، أو أن الكاذب كافر وكذبوا فكأنهم كفروا أنفسهم.

    عن كامل بن طلحة قال: [ جثوت على ركبتي فقلت لـحماد بن سلمة : يا أبا سلمة ! مالك رويت عن الناس كلهم وتركت عمرو بن عبيد ؟ فقال: إني رأيت في المنام يوم الجمعة كأن الناس يصلون إلى القبلة، ورأيت عمرو بن عبيد يصلي إلى غير القبلة ].

    [ مر عمرو بن عبيد على أبي عمرو بن العلاء فقال له عمرو : كيف تقرأ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا [فصلت:24]؟ فقال أبو عمرو : وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ [فصلت:24] كما أنزلها الله عز وجل. فقال له عمرو : ولكني أقرأ: ( وإن يُستعتبوا فما هم من المعتبين ) بضم الياء وكسر التاء يبدل ويحرف كلام الله عز وجل.

    وهذا يدل على أن أصحاب البدع إنما يلوون أعناق النصوص ويؤولونها على غير مراد الله عز وجل، فيحرفون الكلم عن مواضعه.

    قال: [ وروي أن أعرابياً جاء إلى عمرو بن عبيد فقال له: إن ناقتي سرقت فادع الله أن يردها علي ] ظناً من هذا الأعرابي أن عمرو بن عبيد من الصالحين، والناس دائماً يتفاءلون خيراً بدعاء الصالحين. هذا الأعرابي هذا البدوي يعرف أن الأشياء بمشيئة الله، ويعلم أن الأمور بقدر، وأن هذا القدر من مشيئة الله عز وجل، فقام عمرو بن عبيد يدعو ويقول: [ اللهم إن ناقة هذا الفقير سرقت، ولم ترد سرقتها ]. يعني: سرقت بغير إرادة الله. هل يمكن لهذا أن يتم؟! يعني: هذا الشر وقع في الكون بغير إرادة الله عز وجل.

    قال: [ اللهم ارددها عليه. فقال الأعرابي: يا شيخ! ذهبت ناقتي وأيست منها. قال: وكيف؟ قال: لأنه إذا أراد ألا تسرق فسرقت، لم آمن أن يريد رجوعها فلا ترجع ].

    بالله عليكم أيهما أفقه: الأعرابي أم عمرو بن عبيد رأس البدعة والضلالة؟!

    قال: [ ونهض الأعرابي من عنده منصرفاً ].

    وفي المقولة المشهورة التي قالها أهل البدع بعد أن حارت بهم القلوب، وسارت بهم شرقاً وغرباً، كان الواحد منهم ينصح أبناءه في فراش الموت ويقول: عليكم بدين العجائز والبوادي في الصحاري. يعني: أهل البادية في صحرائهم، هؤلاء لم تتلوث معتقداتهم مثلنا. تصور أن رجلاً يعيش طوال عمره وهو يبحث شرقاً وغرباً في الفلسفات والمنطق، ثم وهو على فراش موته يعترف بأن العقيدة الصحيحة عند أم أمه، وجد جده الذين لم يمسكوا قلماً، ولم يجلسوا ليتعلموا من عالم.

    وقال: [ عن حويل ختن شعبة قال: كنت عند يونس بن عبيد الله فجاء رجل فقال: يا أبا عبد الله ! تنهاني عن مجالسة عمرو بن عبيد وقد دخل عليه ابنك. قال: ابني؟ قلت: نعم. فتغيب الشيخ، ثم قال: فلن أبرح حتى جاء ابنه، فقال: يا بني! قد عرفت رأيي في عمرو ثم تدخل عليه؟ قال: يا أبي كان معي فلان وفلان، وجعل يعتذر عن ذهابه لـعمرو بن عبيد ، فقال يونس : أنهاك عن الزنا والسرقة وشرب الخمر، ولأن تلقى الله عز وجل بهن أحب إلي من أن تلقاه برأي عمرو وأصحاب عمرو ، واللفظ لحديث زياد ].

    يعني: لأن تلقى الله بكل معصية خير من أن تلقاه بالقدر، أو بهوى، أو ببدعة.

    [ عن عبد الله بن مسلم ، وهو رجل من أهل مرو -عبد الله بن مسلم المروزي ، وهو من تلاميذ عبد الله بن المبارك- قال: كنت أجالس ابن سيرين فتركت مجالسته، فجلست إلى قوم من المعتزلة، فرأيت في المنام أني مع قوم يحملون جنازة النبي عليه الصلاة والسلام، فقال مالك : مع من جلست؟ إنك مع قوم يريدون أن يدفنوا ما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام ]. وهم المعتزلة.

    وعن أبي سعيد علي بن الحسن القصري قال: [ سمعت أبا الهذيل -وهو رأس في البدعة والاعتزال- يقول: قال المأمون لحاجبه يوماً: انظر من بالباب من أصحاب الكلام؟ فخرج وعاد إليه الغلام فقال: بالباب أبو الهذيل بن العلاء وهو معتزلي، وعبد الله بن أباض الإباضي وهشام بن الكلبي الرافضي، فقال المأمون : ما بقي من أعلام جهنم أحداً إلا وقد حضر ].

    وعن سلم بن مخلد الطايفي قال: [ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقلت: يا رسول الله! ما تقول في القدرية؟ قال: مجوس.

    والنبي صلى الله عليه وسلم قال في حياته: (القدرية مجوس هذه الأمة). فوافق ما في الرؤية مع ما في اليقظة. قال: [ قلت: ما تقول في الرافضة؟ قال: هم شر من القدرية، والقدرية شر منهم ].

    وعن ابن جريج قال: [ رأيت ابن أبي نجيح في النوم في المنارة قائماً يقول: ما لقيت شيئاً مثل الذي لقيت في القدر ].

    وعن الحسين بن يحيى قال: [ سمعت الفضل بن مروان يقول: كان المعتصم يختلف إلى علي بن عاصم -يعني: يذهب إليه- وكنت أمضي معه إليه، فقال يوماً: حدثنا عمرو بن عبيد - وكان قدرياً- فقال المعتصم : أما تدري أن القدرية مجوس هذه الأمة؟ ].

    المعتصم يرد على العلماء، والمعتصم كان أمير المؤمنين، وكان الأمراء أصحاب علم، لذا كان المعتصم يرد على علي بن عاصم وهو من المحدثين الكبار وهو يروي عن عمرو بن عبيد ويبين أنه صاحب بدعة، فـالمعتصم يقول له: ما دمت تعلم أنه صاحب بدعة فلم ترو عنه؟ [ أما تدري أن القدرية مجوس هذه الأمة؟ فلم ترو عنه؟ قال: لأنه ثقة في الحديث يا أمير المؤمنين ]. قال: فإن كان المجوس ثقة فيما يقولون أتروي عنهم -يعني: إذا ثبت لديك أن المجوس لا يكذبون فيما يروون أتروي عنهم؟- فقال له علي : أنت شغاب يا أبا إسحاق! ] انظر إلى هذا الحوار الذي دار بين عالم وخليفة، كان الغرض منه الحفاظ على آثار النبي عليه الصلاة والسلام وعلى دينه وألا يمس، وألا تظهر في مجالس النبي عليه الصلاة والسلام بدعة.

    وعن مسلم البطين قال: [ قال ابن مسعود : لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء، فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ]. وهذا لما سئل عن عمرو بن عبيد. قال: لا تسألوا أهل الكتاب! فجعله بمنزل أهل الكتاب.

    1.   

    سياق ما روي عن الرؤيا السوء من المعتزلة

    قال: [ وسمعت أبا أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرايضي رحمه الله الشيخ الصالح الأمين الثقة يقول غير مرة: كان رجل ضرير من أهل القرآن يقرأ علي، وأثنى عليه خيراً أبو أحمد ، فقال لي بعدما مات الجعد لعنه الله: قد رأيت رؤيا. فقلت: ماذا رأيت؟ قال: رأيت كأني كنت في مسجد وفيه جماعة من الناس يريدون الصلاة، وقد قام الإمام ليقيم الصلاة، فدخل رجل من برا -أي: من البر- وأسر إليه شيئاً، فالتفت الإمام وقال: قد مات جعد لا رحم الله جعداً ، وحشا قبره ناراً وأراح المسلمين منه ].

    فموت الجعد كان لهذا الإمام بشرى طيبة، ولذلك أعلن قبل الدخول في الصلاة هذا القول، قال: [ لا رحم الله جعداً وحشاً قبره ناراً، وأراح المسلمين منه ].

    ولذلك حمل هذا الإمام على أن يصلي على الجعد ، فقال: والله لأصلين عليه وإن حملتموني على ألا أصلي عليه. يعني: حتى لو لم تريدوا أن أصلي عليه لابد من أن أصلي عليه، فغضب عليه أهل السنة وتركوا الصلاة خلفه فترة من الزمان حتى قدموا إلى بيته، وقالوا: يا فلان، ما الذي حملك على أن تصلي على هذا الرجل؟ قال: وما الذي يمنعني من أن أصلي عليه؟ قالوا: كيف قلت في صلاتك؟ قال: والله ما قرأت فاتحة الكتاب، ولا صليت على النبي صلى الله عليه وسلم ولا على أبي الأنبياء، وإنما أخذتها من أولها إلى آخرها: اللهم احشره في زمرة فرعون وهامان وقارون ، اللهم العنه في الدنيا والآخرة، اللهم املأ قبره عليه ناراً، اللهم لا تخلفه بخير في المسلمين. وظل يدعو عليه، فاعترفوا به إماماً للمسجد وصلوا خلفه بعد ذلك.

    قال الشيخ أبو أحمد: [ قلت له: تعرف هذا الرجل الذي رأيت له الرؤيا؟ قال: لا والله ما أعرفه، ولا سمعت باسمه إلا في الرؤيا. قلت: هذا من متكلمي المعتزلة، وقد مات في هذه الأوقات.

    قال الشيخ أبو القاسم رحمه الله: وسمعته غير مرة يذكر أبا حامد المرورذي يثني على عمله، ويطنب في فضله وحسن صورته وجملته، فقال: رأيته في النوم وكأنه على سطح مسجد قاعد وحوله جماعة وسخة ثيابهم كأنهم يشبهون غلمان البزارين، وبين يديه طبق عليه عود يلوكه بأسنانه، وقد أسودت جلدة وجهه بعد حسنها ونضارتها في حياته، فلما نظرت إليه أنكر نظري وكأنه خُيل إليه أنه أنا نائله- أي: آخذ منه، أو مصيبه بشيء مكروه -لما أعلم مما كان يرمي به من بدعته. فقال: إنا لا نظلم الله. فقلت: ألا لعنة الله على الظالمين. فهمَّ الذين حواليه بسوء يوقعونه بي، فقرأت: اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [البقرة:255]، وأخذت أشير بأصبعي، وكان رحمه الله يشير في اليقظة كذلك وانتبهت ].

    وهذا النص لا أراه نصاً صريحاً ولا صحيحاً ولا جيداً، خاصة: وأن من رؤيت له هذه الرؤيا كان من كبار فقهاء الشافعية العاملين بسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    سياق ما روي أن مسألة القدر متى حدثت في الإسلام وفشت

    قال: [ سياق ما وري أن مسألة القدر متى حدثت في الإسلام وفشت.

    عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر) ]، قوله: (لا يؤمن عبد). هل هذا النفي على إطلاقه؟ أي: لا إيمان للعبد ألبتة؟ هل هذا نفي لمطلق الإيمان أم الإيمان المطلق؟ يعني: نفي لأصل الإيمان أم نفي لكمال الإيمان؟

    [ قال أبو حازم : لعن الله ديناً أنا أكبر منه. يعني التكذيب بالقدر ]، أي: لعن الله دين القدرية الذي أنا لا أعتقده، وأنهم يكذبون بالقدر.

    وعن عطاء بن أبي رباح قال: [ أتيت ابن عباس وهو ينزع في زمزم -يأخذ ماءً بدلو من زمزم- قد ابتلت أسافل ثيابه، فقلت: قد تكلم في القدر. قال: أوقد فعلوها؟ فقلت: نعم. فقال: والله ما نزلت هذه الآية إلا فيهم: ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:48-49] أولئك شرار هذه الأمة ].

    وكل من ألفاظ العموم أو من الخصوص؟ لو قلت: من ألفاظ الخصوص، فأنت متفق مع القدرية بأن الله تعالى خلق الخير ولم يخلق الشر، لكن إذا قلت: إن كل من ألفاظ العموم فيشمل الخير والشر وهو من عند الله عز وجل، والله عز وجل هو الذي خلقهم.

    وعن أيوب بن أبي تميمة السختياني قال: [ أدركت الناس هاهنا وكلامهم: وإن قضى وإن قدر ]. يعني: وإن قضى الله قضاءً أمضاه، وإن قدر الله قدراً أمضاه.

    وعن عثمان بن عبد الله قال: [ أول من تكلم في شأن القدر: أبو الأسود الدؤلي . وأنتم تعلمون أن أبا الأسود الديلي ] تاب ونزع من هذه البدعة، وقد مر بنا التنبيه على أن أبو الأسود الدؤلي رحمه الله إمام من أئمة البصرة، بل هو الذي نقط القرآن وشكله وضبطه بأمر علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو من سادات التابعين ومن أئمة اللغة، وهو الذي وضع علم العروض وعلم العربية وغير ذلك من مناقبه العظيمة، ويكفي أنه تلميذ علي بن أبي طالب.

    [ عن الحسن بن محمد قال: أول من تكلم في القدر حين احترقت الكعبة ] سنة أربع وستين هجرية. كانت هذه أول مرة تحترق فيها الكعبة، وقد احترقت بعد ذلك مرات، وسرق الحجر الأسود منها مرات، لكن أول مرة حرقت الكعبة كانت سنة أربع وستين في دولة بني أمية على يد الحجاج في زمن الزبير ، فقال قائل أهل السنة: إن احتراق الكعبة من قدر الله، فقال آخر: ما كان هذا من قضاء الله.

    إحراق الكعبة شر من عند الناس، والناس هم الذين يفعلون الخير والشر، ويجري على أيديهم الكسب، والكسب هو العمل، والعفة مخلوقة في العبد، والشر مخلوق في العبد، والزنا مخلوق في العبد. هل هناك خالق غير الله عز وجل؟

    فالله عز وجل خلق الشر وقدره ولم يرض عنه وحذر منه، وعاقب عليه بخلق النار، وأمر بالطاعة وأحبها ورضيها ويسر لها أهلها، ثم كافأهم بأن جعل لهم في الآخرة الجنة.

    عن حازم قال: [ سمعت حوشب يقول لـعمرو بن عبيد في حبوة الحبس: ما هذا الذي أحدثت؟ قد نبت قلوب إخوانك عنك. قال: انطلق إلى الحسن حتى نسأله عن هذا الأمر. قال: كسرها الله لو ذهبت إليه -يعني: رجليه- وكان قتادة يتكلم في حقه ويسبه وربما يلعنه، قال: فجثوت -أي: عاصم الأحول - على ركبتي، وقلت: يا أبا الخطاب ! وإن الفقهاء ينال بعضهم من بعض -يعني: لا يصح أن تقع فيه ولا هو يقع فيك- قال: يا أحول ! رجل مبتدع ابتدع بدعة تذكر بدعته خير من أن يكف عنها. قال: فوجدت على قتادة -أي: فغضبت منه- فوضعت رأسي، فإذا بـعمرو يحك آية من القرآن. قلت: لم تصنع؟ قال: إني أعيدها. قال: فحكها. قلت: أعدها. قال: لا أستطيع ].

    [ عن ابن عون قال: أدركت الناس وما يتكلمون إلا في علي وعثمان حتى نشأ هاهنا حقير يقال له: سنسويه البقال ]. وهو اسم فارسي معرب بـسوسن ، وهو رجل نصراني أسلم ثم ارتد، ثم أسلم ثم ارتد، فتكلم في القدر، فأخذ عنه معبد الجهني قال: [ فكان أول من تكلم في القدر. قال حماد : ما ظنكم برجل يقول عنه ابن عون: هو حقير؟! ] يعني: تكفي عليه هذه الشهادة.

    وقال الأوزاعي: [ أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له: سوسن كان نصرانياً فأسلم ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني، وأخذ غيلان عن معبد ]. وهلم جرا إلى يومنا هذا. فبدعة القدر أصلها نصراني من العراق، ومعظم الفتن أصلها العراق، والنبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى العراق وقال: (ألا إن الفتنة من هاهنا.. ثلاث مرات)، فمعظم الفتن إنما تظهر من جهة العراق وإلى اليوم.

    وبهذا ينتهي الكلام عن القدر، وليس هو الكلام النهائي في القدر، فالقدر فيه كلام أكثر من ذلك، ولكني أحببت أن ألتزم بهذا الكتاب مخافة التطويل، وكان بودي أن ندرس كتاباً لـشيخ الإسلام عليه رحمة الله وابن القيم كشفاء العليل، وهو كتاب صعب وشديد، أما إذا أردت كتاباً تفهم منه فليس هناك أروع منه، وهو كتاب القضاء والقدر لأخينا الكريم الشيخ دسوقي الدسوقي وهو كتاب في القضاء والقدر في ثلاثة مجلدات.

    إذاً: مراتب القدر أربعة: المرتبة الأولى: العلم. ومعناها: أن العلم لله عز وجل أزلي ثابت له، وأن الله تعالى علم الأشياء قبل وقوعها.

    المرتبة الثانية: كتابة العلم في اللوح المحفوظ بقلم القدرة.

    المرتبة الثالثة: المشيئة، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يقع شيء في الكون إلا بإرادة الله إن كان خيراً أو شراً، وأن العبد لا يؤمن حتى يؤمن بالقدر خيره وشره، وأن الإيمان بالقدر هو ركن من أركان الإيمان، بل هو أعظم ركن من أركان الإيمان بعد توحيد الله عز وجل.

    المرتبة الرابعة: الخلق. أي: أن الخير والشر من الله عز وجل خلقاً وإيجاداً، وهما من عند العبد اكتساباً وعملاً. يعني: أراد الله عز وجل خلق الشر فخلقه على يد فلان من الناس، فالعبد هو الذي اكتسب الفعل، أما الخلق فإن الله هو الذي خلقه. إذاً: الخير والشر من الله عز وجل خلقاً وإيجاداً، أي بإذن من الله وإرادة من الله في وجود الخير والشر، أما المكتسب والعامل والفاعل الحقيقي في هذا الخير وهذا الشر هو فهو المخلوق.

    أقول قولي هذا، وأستغفر الله تعالى لي ولكم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

    1.   

    الأسئلة

    حكم الاستدلال بالرؤى على الأحكام

    السؤال: فيما يتعلق برؤى أهل العلم، هل يترتب على هذا شيء في الاعتقاد أو غيره؟

    الجواب: الرؤى والأحلام في مذهب سلفنا رضي الله عنهم لا يبنى عليها اعتقاد، وإنما هي من المبشرات، والصحابة رضي الله عنهم منهم من رأى الخير في منامه ومنهم من رأى الشر، ورؤية الشر في المنام لا تعد من أسباب سوء الخاتمة، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (من رأى منكم في منامه ما يكره فليستعذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاثاً، وليتفل عن يساره ثلاثاً، ويتحول عن مكانه الذي كان ينام فيه، ولا يخبر بذلك أحداً، فإنها إن شاء الله لا تضره).

    إذاً: الذي يرى ما يكره في منامه عليه: أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم بمجرد أن يستيقظ، وأن يتفل عن يساره ثلاثاً، وأن يقوم فيتوضأ ويصلي ركعتين، ولا يخبر بذلك أحداً، فإنها إن شاء الله لا تضره.

    الجمع بين حديث: (ادعو الله وأنتم موقنون بالإجابة) وحديث ادخار الدعاء

    السؤال: كيف نوفق بين قول النبي عليه الصلاة والسلام: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)، وبين الحديث الآخر الذي مؤداه: أن الدعاء يجاب في الحال، أو في المآل، أو يدخر له إلى يوم القيامة، أو يدفع من السوء مثله، كيف نجمع بين اليقين بإجابة الدعاء، وبين ما سبق؟

    الجواب: ليس هناك تعارض بين الدليلين. قوله عليه الصلاة والسلام: (ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة)؛ وبين قوله عليه الصلاة والسلام: (دعاء المؤمن إما أن يدخر له إلى يوم القيامة، أو يدفع عنه من الشر مثله).

    أنا في كل الأحوال على يقين بأن الله تقبل دعائي خاصة إذا حققت شروط قبول الدعاء من أكل الحلال واليقين بالله عز وجل، والتوكل عليه، وغير ذلك من أسباب الطاعة التي تؤهلني لرفع دعائي إلى الله عز وجل، فإذا كان الأمر كذلك فأنا على يقين بأن الله تقبل دعائي، خاصة وأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرني أن قبول الدعاء ليس بلازم أن يكون مرئياً رؤيا العين؛ لأن الله تعالى يؤخر لي الإجابة ليكافئني بها يوم القيامة، أو يدفع عني من الشر الذي لا أعلمه مثل الذي طلبته، فأنا أحوالي كلها تدور من خير إلى خير إلى خير، فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم وعد بهذا فما الذي يضيرني أن أعقد قلبي وأعزم عقيدتي على أن دعائي مجاب في كل الأحوال، فليس هناك تعارض بين الدليلين.

    المكتوب في اللوح المحفوظ هو علم الله فيما سيعمله العبد

    السؤال: هل المكتوب في اللوح المحفوظ هو قدر الله على العباد، أم أنه علم الله بما سيعمله العباد؟

    الجواب: المكتوب في اللوح المحفوظ هو علم الله تبارك وتعالى فيما سيعمله العباد، فقدره عليهم ثم كتبه.

    معنى قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون)

    السؤال: ما معنى قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96]؟

    الجواب: هذه الآية وافقت قول النبي عليه الصلاة والسلام: (الله خالق كل صانع وصنعته) فأنت مخلوق لله عز وجل، وهذا الذي يوافق قول الله: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96]. أي: وما تصنعون.

    فهذا الكلام الذي تتكلمه أنت مخلوق فيك أي: حركات فمك ولسانك وأطرافك وحلقومك وغير ذلك كلها حركات مخلوقات، والصوت الذي خرج من فمك مخلوق كذلك.

    أما الذي تتكلمه فإما أن يكون مخلوقاً أو غير مخلوق، فإن تكلمت بكلام الله عز وجل فكلام الله غير مخلوق، وإن تكلمت بكلام غير الله فكلام غير الله مخلوق.

    وحركاتك وأداؤك وإخراجك الحروف والأصوات مخلوق، وصناعتك ومشيك وقعودك وسكونك وحركتك كل هذا مخلوق، وأعمالك التي تنتجها كلها مخلوقة لله عز وجل، وهذا معنى قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96].

    مصير الكفار في الآخرة

    السؤال: هل الكافر يوم القيامة داخل في مشيئة الرحمة أو العذاب، أم أنه ليس له إلا النار؟

    الجواب: الكافر لا رحمة له في الآخرة، وليس له إلا النار.

    الأحاديث في غير الصحيحين

    السؤال: هل كل حديث خارج الصحيحين لا يعمل به إلا بعد التأكد من صحته أو حسنه؟

    الجواب: كل حديث ليس في الصحيحين ينبغي البحث عن أحوال رواته وعنه قبولاً ورداً.

    صحة حديث: (استوصوا بأهل مصر خيراً)

    السؤال: يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (استوصوا بأهل مصر خيراً، وبأرض الكنانة). هل هذه الأحاديث صحيحة أم لا؟ وما معنى كلمة: شعب مصر وهل هو دليل أم كلام؟

    الجواب: هذه الأحاديث في مجموعها حسنة.

    تفسير رؤيا

    السؤال: رأيت في المنام الشيخ يمسك يدي اليمنى ويقرأ قرآن، وعندما استيقظت من نومي سمعت هذا القرآن في محطة القرآن الكريم، أرجو الإفادة؟

    الجواب: الكلام هذا غلط، لا يحل للشيخ أن يمسك بيدك وأنت أجنبية.

    حكم المجامع يسمع أذان الفجر

    السؤال: هل يجب على من يجامع أهله أن ينزع عند الأذان الصادق؟

    الجواب: لا. بل قبل الأذان الصادق، ولكن إن وافق ذلك الأذان نزع، مع أن هذه مسألة قد اختلف فيها أهل العلم، قالوا: لو أن الرجل سمع أذان ابن أم مكتوم وهو يجامع ماذا يصنع، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم مكتوم). قال الجمهور: إذا كان الرجل يجامع أهله فسمع تأذين ابن أم مكتوم فلينزع.

    قال الأحناف: لا ينزع. قيل: لم؟ قالوا: لأن النزع لذة، ولا تحل اللذة بعد دخول الوقت. فيقال لهم: فماذا يعمل؟ هل يبقى مجامعاً حتى ليل اليوم الثاني؟ طبعاً رأي الأحناف رأي باطل وفاسد، والمذهب الصحيح أن الرجل ينبغي عليه أن ينزع قبل الفجر الصادق في وقت يسمح له بالاغتسال والطهارة.

    فإذا قام من الليل وظن أن الفجر بقي عليه من الوقت ما يسمح له ثم جامع ففوجئ بالأذان وجب عليه أن ينزع ثم يبادر بالاغتسال، وإن جامع الرجل ونام بلا غسل وهو ينوي أن يقوم قبل الفجر ليغتسل ثم أخذته نومة فقام بعد أن طلع النهار أو أذن الفجر فلا شيء عليه، ويغتسل، ويتم صيامه ولا إعادة عليه.

    نصيحة لموسوس

    السؤال: خلاصة السؤال: أنه موسوس، لا يكاد يتوضأ وضوءاً إلا ويرهقه الوساوس، وهو في الصلاة كذلك، وبعد الصلاة إذا خرج منه ريح يسأل هل يذهب يتوضأ حتى يتمكن من التسبيح أم التسبيح يحصل بغير وضوء؟

    الجواب: التسبيح يمكن بغير وضوء، وذكر الله تعالى على غير وضوء جائز، وهذا مذهب العلماء.

    أما السائل الذي يسأل عن وسوسته عند قيامه للصلاة، فهذا السائل نسأل الله تعالى لنا وله العافية، فالوسوسة ليست من دين النبي عليه الصلاة والسلام، ولهذا نقول: ما عليه إلا أن يتوضأ ثلاثاً ويقف خلف الإمام، ويكبر للصلاة فور تكبير الإمام، ولا شيء عليه بعد ذلك، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (إذا دخل أحدكم في صلاته فلا يخرج منها حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) وهذا يدل على المبالغة في رد الوسواس.

    حكم رواية المبتدع بدعة مكفرة

    السؤال: المبتدع إن كفر ببدعته ترد روايته؟

    الجواب: نعم. إن كفرته ببدعته ترد روايته، وإن لم يكفر ببدعته ولم يستحل الكذب وتوافرت فيه شروط قبول الرواية قبلت.

    مداخلة: وهل هناك فرق بين المبتدع الداعية وغير الداعية؟

    الشيخ طبعاً هناك فرق بين المبتدع الداعية وغير الداعية، فالداعي إلى بدعته يغلب عليه الكذب، ولذلك ترد روايته، وهناك فرق بين المستحل وغير المستحل.

    حكم الصلاة خلف القدرية

    السؤال: من عقائد أهل السنة والجماعة: (أن الصلاة تجوز خلف كل بر وفاجر)، وأنت قلت: إن الصلاة لا تجوز وراء القدرية؟

    الجواب: ليس هذا قولي: (إن الصلاة لا تجوز خلف القدرية)، بل إن أمة لا إله إلا الله تقول هذا الكلام، والذي قلته هو إن الصلاة تجوز خلف كل بر وفاجر ما لم يكن مبتدعاً بدعة تكفره ويدعو إليها.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756411004