إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (789)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    حكم قراءة كتب أهل الكتاب

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم, الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على قائد الغر المحجلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أيها الإخوة المستمعون الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هذا لقاء طيب مبارك من برنامج: نور على الدرب, يجمعنا بسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء.

    مع مطلع هذا اللقاء نرحب بسماحة الشيخ معنا, فأهلاً ومرحباً سماحة الشيخ.

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: وفيكم.

    ====السؤال: هذا السائل محمد محمد حجازي مصري ومقيم بالمملكة يقول: سماحة الشيخ! نرجو الرد على هذه الأسئلة ومنها هذا السؤال: هل للمسلم أن يقرأ في كتب أهل الكتاب؟ أفتونا مأجورين.

    الجواب: بسم الله, والحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه..أما بعد:

    فقد أغنانا الله عن كتب أهل الكتاب بالقرآن العظيم، فلا ينبغي القراءة في كتبهم؛ لأن هذا قد يجر إلى الشك والريب والفتنة، ويروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه رأى عمر يقرأ في شيء من التوراة فأنكر عليه ذلك وقال: (أفي شك يا ابن الخطاب! لقد جئتكم بها بيضاء نقية، والله لو كان موسى حياً ثم اتبعتموه لضللتم) أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

    فالمقصود أن الواجب على المؤمن الإقبال على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم من القرآن العظيم وتدبر معانيه والإكثار من تلاوته وأن لا ينظر في كتب أهل الكتاب، إلا أهل العلم والبصيرة إذا دعت الحاجة إلى الرد عليهم من كتبهم، أهل العلم والبصيرة والفهم هذا لا بأس عند الحاجة، كما فعل شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة، وإلا فعامة الناس وعامة الطلبة لا ينبغي لهم أن ينظروا فيها ولا يلتفتوا إليها؛ لأن ذلك قد يضرهم.. قد يسبب عليهم يسبب لهم مشاكل وفتن وشبهات.

    فالواجب الحذر من ذلك والعناية بالقرآن والإقبال عليه والاكتفاء به مع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    الفرق بين السنة والنافلة

    السؤال: يقول السائل سماحة الشيخ: ما الفرق بين السنة والنافلة, فاختلط على كثير من الأشخاص معنى كل منهما عند كثير من المسلمين, لعل لكم توجيهاً؟

    الجواب: النافلة هي التي لم يفرضها الله, تسمى نافلة، مثل صلاة الضحى.. الوتر.. الرواتب.. سنة الوضوء، هذه يقال لها: نافلة، أما صلاة الظهر الفريضة والعصر والمغرب هذه يقال لها: فريضة، والحج الحج الأول يسمى فريضة, والحج الثاني للشخص يسمى نافلة، صوم يوم الإثنين والخميس نافلة، صوم رمضان فريضة وهكذا.

    والسنة فيها تفصيل؛ تطلق السنة على كلام النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وأقواله, يقال لها: سنة، وتطلق السنة على النافلة, تسمى صلاة الضحى سنة وتسمى نافلة، فالسنة مرادفة للنافلة في بعض الأحيان، فتطلق على ما ليس بفرض وهو مشروع مثل صلاة الضحى, الوتر يقال له: سنة, يعني: ليس بواجب، وتطلق السنة على أفعال النبي وأقواله وسيرته عليه الصلاة والسلام، وتطلق السنة على ما يخالف البدعة، يقال مثلاً: صيام الإثنين والخميس سنة، تخصيص رجب بالصيام أو الجمعة بالصيام بدعة، وصيام السنة كلها بدعة, الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عنه، ليس بقربة، قال: (لا صام من صام الأبد) إذا صام ثلاثة أيام من كل شهر، صام يوم الإثنين والخميس, هذه يقال لها: سنة، فهذه وجوه السنة.. تطلق على النافلة وعلى ما هو مشروع ليس بواجب، وعلى ما هو ضد البدعة.

    1.   

    المشروع عند رؤية الجنازة

    السؤال: يقول هذا السائل: في بعض البلاد وعندما تشيع الجنازة ينتشر عادة بين كثير من المسلمين, فعندما يرون النعش المحمول به الميت يقومون بالإشارة إليه بسبابتهم وينطقون بالشهادة، فما رأيكم في ذلك سماحة الشيخ؟

    الجواب: لا أعلم له أصلا، لكن السنة إذا رأوها أن يقوموا, النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا رأيتم الجنازة فقوموا؛ فإن للموت فزعاً) فالأفضل أن يقوم إذا رآها حتى تخلفه حتى تتجاوز وليس بواجب؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قام وقعد؛ دل على أنه ليس بواجب القيام لكن سنة، أما الإشارة بالأصبع ما أعرف له أصل والشهادة ما أعرف لها أصل.

    1.   

    حال بني آدم بعد فناء الخلائق أجمعين

    السؤال: يقول: بعد موت كل الخلائق ومنهم الملائكة وبقاء المولى عز وجل كيف حال بني آدم في هذه اللحظة؟ وهل هم ينعمون ويعذبون؟

    الجواب: الله أعلم, هذا إلى الله جل وعلا، إذا قامت القيامة خرج الناس من قبورهم ثم يصيرون إلى ما يستحقون، هذا يصير إلى النار وهذا يصير إلى الجنة على حسب أعمالهم، أما حال خروجهم فهم في خوف شديد.. يوم عظيم شديد الأهوال، لكن الله يسهله على المؤمن وهو عسير على الكافرين، أما تفصيله فإلى الله سبحانه وتعالى، لكنه يوم عظيم.. يوم عسير.. يوم شديد الأهوال، لكن الله يسهله على المؤمن جل وعلا، قال جل وعلا: فَإِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ * فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ [المدثر:8-10] لكن المؤمن يسهل الله عليه كل شيء بسبب إيمانه وتقواه.

    1.   

    حكم كثرة الحركة لدفع الذباب وما شابهه أثناء الصلاة

    السؤال: يقول السائل: نحن من سكان الريف حيث يكثر الماء وتوجد الزراعة ويترتب على ذلك انتشار الباعوض خاصة في فصل الصيف, وعندما نؤدي الصلوات لصلاة المغرب والعشاء والفجر فإننا نتأذى من لدغ الباعوض، وإذا تركناه يلدغنا انشغلنا به عن الصلاة، ولم نتدبر القراءة ولا التسبيح، وإذا دفعناه ترتب على ذلك حركة كثيرة في الصلاة, وأدى إلى قتل كثير من هذا الباعوض ونحن في الصلاة، فما حكم الشرع في نظركم سماحة الشيخ؟ وما توجيهكم لنا؟

    الجواب: المشروع التحمل والصبر والعلاج قبل الصلاة.. كونه يعالج محل الصلاة بالمبيدات التي تبيد هذا الباعوض حتى يكون في وقت الصلاة قد استراح، حتى لا يشتغل بالباعوض, وبالنسبة للحركة يسيرة يعفى عنها، الشيء اليسير في الصلاة يعفى عنه، لكن كون المصلين يشتغلون بالباعوض شغلاً كثيراً هذا لا يجوز، الواجب التصبر والتحمل، إلا إذا تيسر ما يبيده قبل الصلاة.. يستعمل ما يبيده من المبيدات حتى يكون المصلون في وقت الصلاة مستريحين من شره، والحركة اليسيرة التي مثل كونه يغطي قدميه عن الباعوض، كونه يغطي يديه عن الباعوض ببشته أو بغترته ما يضر هذا الحمد لله، الشيء اليسير يعفى عنه، النبي صلى الله عليه وسلم صلى ذات يوم وهو حامل أمامة بنت زينب, إذا قام حملها وإذا سجد وضعها، وصلى وهو على المنبر يصعد وينزل عليه الصلاة والسلام، فالحركة اليسيرة.. وفي صلاة الكسوف صلى بالناس فلما عرضت عليه الجنة تقدم, ولما عرضت له النار تأخر وتأخر الناس, فهذه الأشياء التي تعرض للإنسان خفيفة يعفى عنها.

    1.   

    وقت معرفة العبد مصيره في الجنة أو النار

    السؤال: يقول في هذا السؤال هذا السائل سماحة الشيخ عبد العزيز: القبر أول منازل الآخرة، وفيه يكون السؤال لابن آدم عن ربه ودينه والرجل الذي بعث إليهم، وبعد السؤال يقال للعبد إن كان من أهل الجنة (انظر إلى مقعدك في النار أبدلك الله به مقعداً في الجنة)، وإن كان من أهل النار يقال عكس ذلك، وعليه يكون العبد قد علم هل هو من أهل الجنة أم من أهل النار، ولكن سماحة الشيخ! الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تتناول يوم القيامة بما فيها من بعث واستلام للصحائف والحساب والميزان والصراط كلها تبين بأن ابن آدم لا يعلم هذا المكان من الجنة أو من النار، إلا بعد المرور على الصراط، نرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا ذلك مأجورين؟

    الجواب: لا منافاة في هذا كله، المؤمن يرى مقعده من الجنة حتى يستبشر بذلك ويأتيه من طيبها وريحها, ويرى مقعده من النار الذي عافاه الله وصرفه عنه حتى يسر بذلك، وهذا للمؤمن في قبره، وفي الآخرة إذا أعطي كتابه بيمينه صار إلى منزله في الجنة, والحمد لله ليس هناك منافاة، يبشر به في القبر, ويوم القيامة يرشده الله إلى منزله في الجنة بعد انتهاء الحساب وبعد تجاوز الصراط, الله يرشده حتى يصل إلى منزله في الجنة هو أدل عليه من منزله في الدنيا، وهذا من رحمة الله وتيسيره جل وعلا، ولا منافاة, هو يعلمه بالجنة بإخبار الملائكة له، وهكذا ما وقاه الله من النار ولكن بعد الحساب والجزاء وبعد الصراط يرشده الله إلى منزله في الجنة.

    1.   

    حكم التواشيح والابتهالات الدينية

    السؤال: يقول هذا السائل: هناك ما يسمى بالتواشيح والابتهالات الدينية، وهي عبارة عن عبارات لمدح الرسول صلى الله عليه وسلم وشيء من الأدعية يؤديها بعض الأشخاص الذين يملكون صوتاً حسناً، هذه التواشيح لا يصحبها شيء من المعازف، ما رأي سماحتكم فيها وما حكم الاستماع إليها مأجورين؟

    الجواب: هذه التواشيح لا نعرف تفصيلها, فإذا كانت عبارات قد توقع في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم ووصفه بما لا يجوز وصفه به حرمت، أو كانت بألفاظ مبتدعة حرمت, وإنما السنة عند الدعاء أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويكفي, كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح لما سمع رجلاً يدعو ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحمد الله قال: (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو) هذه خير من التواشيح، التواشيح لا حاجة إليها، قد تكون فيها شر قد تكون بدعة، فإذا أراد الدعاء يحمد الله ويثني على الله ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو، والنبي صلى الله عليه وسلم علمهم كيف الصلاة, قال: (قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم, إنك حميد مجيد) فالمؤمن إذا أراد الدعاء يدعو يحمد الله: اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد على كل حال، اللهم لك الحمد حمداً كثيرا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، بالصلاة المشروعة ثم يدعو، ولا حاجة إلى تواشيح ما أنزل الله بها من سلطان، كأشعار أو كلمات قد يكون فيها غلو لا, يحمد الله ويثني عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الشرعية، ثم يدعو بما أحب من خير الدنيا والآخرة.

    1.   

    كيفية التيمم بالتراب لرفع الحدث الأصغر والأكبر لعدم كفاية الماء

    السؤال: من سوريا هذا السائل أحمد الشفري يقول: إذا توفر الماء وهذا الماء يكفي للوضوء ولا يكفي لرفع الجنابة، فهل يجوز التيمم بالتراب لرفع الجنابة والوضوء بالماء لكل صلاة؟

    الجواب: نعم إذا كان الماء قليلاً لم يستطع أن يكمل به الغسل يتوضأ وضوء الصلاة ويتيمم للباقي؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) وهذا معنى قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، فإذا كان الماء قليل توضأ به وتيمم، ومن هذا قصة عمرو بن العاص رضي الله عنه لما اشتد عليه البرد وخاف من ذلك توضأ ثم تيمم للجنابة، فهذا إذا كان الماء قليلاً توضأ منه وتيمم للجنابة، وهكذا لو كان الماء عنده لا يكفيه إلا لشربه وأكله يتيمم للجنابة وغيرها ويكفي.

    المقصود أنه يعمل ما يستطيع إذا كان الماء قليلاً لا يتمكن من الاغتسال به توضأ منه، وإن كان الوضوء أيضاً قد يشق عليه؛ لأن الماء قليل لا يتوضأ, يخليه لشربه ويتيمم والحمد لله.

    1.   

    حكم الجمع بين الظهر والعصر بدون سبب

    السؤال: يقول السائل: سماحة الشيخ! هل يجوز الجمع بين صلاة الظهر والعصر بدون سفر لأي سبب آخر؟

    الجواب: الصواب لا يجوز, كان يجوز في الأول ثم شرع الله الأوقات, كان في أول الإسلام يجوز ثم شرع الله الأوقات, فوجب أن تفعل الصلوات في وقتها، الظهر في وقتها والعصر في وقتها والمغرب في وقتها والعشاء في وقتها، إلا لعلة كالسفر يجوز الجمع، أو مرض، أو مطر.. إن كان مطر أو دحض يجوز الجمع كما بينه النبي عليه الصلاة والسلام.

    1.   

    عدم محرمية الرجل لامرأة ربته وهو صغير

    السؤال: من ضمن أسئلة هذا السائل من سوريا يقول: طفل صغير توفيت والدته, وقامت امرأة بتربيته في بيتها مع أولادها بدون رضاع، هل تصبح هذه المرأة وبناتها محرمات عليه؟

    الجواب: التربية لا يجعلها مرضعة، إذا ربت المرأة صبياً صغيراً ولم ترضعه فإنه لا يكون ولداً لها، ولا يكون أخاً لأولادها بل هو أجنبي لا تخلو به ولا بناتها، إلا بالرضاع, إذا أرضعته خمس رضعات في الحولين كانت أماً له، أما مجرد التربية كونها أحسنت فيه وربته فهذا لا تكون به أماً له, ولا يكن بناتها أخوات له بل هو أجنبي منهم جميعاً.

    1.   

    حكم الصلاة على النبي في السجود في الصلاة

    السؤال: خالد سليمان مصري ويعمل في دولة قطر أرسل إلى البرنامج بمجموعة من الأسئلة, يبدأ هذه الرسالة بهذا السؤال ويقول: سماحة الشيخ! هل تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود أو في الصلاة؟

    الجواب: نعم. إذا صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في السجود قبل الدعاء مستحب, يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو في السجود وفي آخر الصلاة قبل أن يسلم، وفي دعواته الأخرى خارج الصلاة يحمد الله ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث فضالة بن عبيد : (إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه والثناء عليه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو بما شاء) هذا هو السنة؛ أن يبدأ بالحمد والثناء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ولو في السجود أو في آخر الصلاة أو في أي وقت آخر غير الصلاة.

    1.   

    حكم إخراج زكاة المال في كل شهر

    السؤال: يقول السائل في سؤاله: هل يجوز إخراج زكاة المال في كل شهر، فقد أفتى لنا بعض الإخوة في ذلك مأجورين؟

    الجواب: نعم. إذا رأى المصلحة في ذلك عجلها، إذا رأى المصلحة في ذلك، لا بأس, قد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعجل من العباس بعض زكاته رضي الله عنه.

    فالمقصود أنه إذا رأى التعجيل فيه مصلحة فهو مسارعة إلى الخيرات، مثل زكاته التي في رمضان، ولكن رأى فقراء محتاجين وعجلها لهم في رجب أو في جمادى فهو مأجور لا بأس.

    المقدم: أليس شرطاً يا سماحة الشيخ أن يحول عليه الحول؟

    الشيخ: ما هو بشرط.

    المقدم: ليس شرطاً.

    الشيخ: شرط للوجوب، لا تجب عليه حتى يحول عليه الحول، لكن لو عجلها قبل أن يحول طلباً للفضل فهو مأجور.

    1.   

    معنى الواسطية الواردة في اسم كتاب (العقيدة الواسطية)

    السؤال: السائل والذي أرسل بمجموعة من الأسئلة صالح سعد من اليمن يقول في هذا السؤال: كثيراً سماحة الشيخ ما نسمع عن العقيدة الواسطية, فلا ندري ما معنى الواسطية، فهل يعني بذلك: العقيدة الصحيحة, أم ماذا يعني, وجهونا في ضوء سؤالنا فنحن مجموعة من طلاب العلم؟

    الجواب: العقيدة الواسطية كتاب ألفه أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني الملقب بـشيخ الإسلام ابن تيمية والملقب تقي الدين، المولود سنة إحدى وستين وستمائة, والمتوفى سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، وهو من الأئمة المجتهدين ومن أهل السنة والجماعة، بل هو من أئمة أهل السنة والجماعة رحمه الله، وله المؤلفات الكثيرة، منها: منهاج السنة في الرد على المعتزلة والرافضة، ومنها: كتابه اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم، ومنها: كتابه العقيدة الواسطية، سميت الواسطية؛ لأنه كتبها إلى أهل واسط في العراق، كتبها إليهم فقيل لها: الواسطية؛ لأنه كتبها إلى جماعة سألوه من أهل واسط فقيل لها: الواسطية، وله رسالة أخرى في العقيدة يقال لها: الحموية, كتبها إلى أهل حماة في الشام، وله رسالة أخرى ثالثة في الصفات تسمى التدمرية, كتبها إلى أهل تدمر في بلاد الشام.

    هذا أسباب التسمية، واسطية؛ لأن العقيدة كتبت إلى أهل واسط.. حموية؛ عقيدة كتبت إلى أهل حماة.. تدمرية عقيدة كتبت إلى أهل تدمر، وهي كتب ثلاثة عظيمة في عقيدة أهل السنة والجماعة مفيدة نوصي بقراءتها والاستفادة منها.

    1.   

    حقيقة وجود كرامات للأولياء

    السؤال: هل صحيح أن الأولياء تحدث لهم كرامات خارقة للعادة كالمشي على الماء والمكاشفات كالنظر إلى اللوح وظهور الملائكة وغير ذلك؟

    الجواب: نعم الأولياء لهم كرامات, خرقاً للعادة, إذا كانوا مستقيمين على طاعة الله ورسوله، قد تقع لهم كرامات عند الحاجة.. عند حاجتهم، أو عند إقامة الحجة على غيرهم.. حجة الدين على غيرهم، قد يخرق الله لهم العادة بكرامة، ومن ذلك ما وقع لـعباد بن بشر وأسيد بن حضير, كانا زارا النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة, فلما خرجا من عنده أضاءت لهما أسواطهما كالسراج في الطريق حتى وصلا إلى أهلهما، كرامة من الله لهما, كل واحد سوطه كان يضيء له الطريق.

    ومن هذا قصة الطفيل الدوسي رئيس دوس, لما أسلم وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل الله له آية حتى يصدقه قومه سأل الله أن يجعل له آية, فصار له نور في وجهه من السراج لما أتى أهله به، فقال: يا رب! في غير وجهي, فجعله الله في سوطه إذا رفعه استنار كالسراج، فأسلم قومه على يديه وهداهم الله بأسبابه.

    وهناك وقائع أخرى لأولياء الله عند الشدائد مثلما وقع لـجريج, لما رمته البغي قالت: إنه زنى بها وأنها حملت منه ,وهي كاذبة، فجاءه أهل بلده وهدموا عليه صومعته، فقال: ما بالكم؟ قالوا: زنيت بهذه، سبحان الله ما زنيت بها، هاتوا الغلام, جابوا الغلام له, فوضع إصبعه على الغلام.. توه مولود فقال: من أبوك يا هذا الغلام؟ قال: أبوي فلان الراعي، الذي زنا بالمرأة، فلما أنطقه الله وهو صغير قالوا: نعيد لك صومعتك من الذهب قال: لا ردوها طين، ردوها مثل حالها الأولى، المقصود براءتي مما رميتموني منه الحمد لله.

    والقصص كثيرة في هذا.

    1.   

    تسيير العبد وتخييره

    السؤال: يقول هذا السائل: قرأت في كتاب إحياء علوم الدين للغزالي بأن الإنسان خلق ملزماً بأعماله سواءً كانت خيراً أم شراً وليس له الاختيار, واستدل بقوله تعالى: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [الإنسان:30] واستدل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول: بأنه يكتب على كل إنسان وهو في بطن أمه عمله شقي أو سعيد، وقرأت في بعض الكتب بأن الإنسان مخير في أعماله بدليل قول الله تعالى: اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ [فصلت:40] فأنا الآن في حيرة, أفيدونا سماحة الشيخ في ذلك, فأنا أريد أن أعرف الجواب الصحيح؟

    الجواب: أهل السنة والجماعة على أن العبد مخير ومسير لا يخرج عن قدر الله, والله أعطاه سبحانه العقل يتصرف.. يأكل ويشرب، ويأمر وينهى، يسافر ويقيم، له أعمال كما قال تعالى: لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ [التكوير:28-29] جعل لهم مشيئة، قال: فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ [المدثر:55] قال: إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ [البقرة:110], إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30]، فالعباد لهم أفعال: يأمرون وينهون.. يسافرون ويقيمون.. يصلون.. ينامون.. يعادون ويحبون, لهم أعمال، لكنهم لا يخرجون عن قدر الله، الله قدر الأشياء سبحانه وتعالى، قدر الأشياء في سابق علمه، لا يخرجون عن قدر الله، لكن ليسوا مجبورين بل هم مختارون لهم اختيار ولهم عمل، ولهذا خاطبهم الله وأمرهم ونهاهم وأخبر عن أعمالهم أنه خبير بأعمالهم: فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [الحجر:92-93], إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ [النور:30], (اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) لأهل بدر إلى غير ذلك.

    فالواجب على المؤمن أن يعرف هذا، فأهل السنة والجماعة يقولون: العبد مختار, له فعل وله اختيار وله إرادة وله عمل, لكنه لا يخرج عن قدر الله، ثبت في الحديث الصحيح يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، وكذا قدر أعمال العبد في بطن أمه بعد مضي الشهر الرابع يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد, ما يخرج عن قدر الله, لكن له أعمال وله تصرفات لا يخرج بها عن قدر الله، فهو يسافر.. يصلي.. يصوم.. يزني.. يسرق.. يعق.. يقطع الرحم.. يطيع.. يسافر.. يصل فلاناً.. يقطع فلاناً.. يرحم فلاناً ويؤذي فلاناً.. يحسن إلى فلان ويسيء إلى فلان، له أعمال طيبة وخبيثة، فهو مأجور على الطيبة، ومأزور على الخبيثة.

    والله يجازيه على أعماله الطيبة والخبيثة, على الطيبة بالجزاء الحسن, وعلى أعماله الرديئة بما يستحق وقد يعفو إذا كان موحداً، فهو سبحانه العفو, وهو جل وعلا العفو العظيم جل وعلا، يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني), لما سئل (قيل: يا رسول الله! إذا كانت منازلنا في الجنة معلومة..), لما قال لهم: (ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار, قالوا: يا رسول الله! إذا كان هذا قد سبق في علم لله ففيم العمل, كيف نعمل؟ قال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فييسرون لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فييسرون لعمل أهل الشقاوة, ثم قرأ قوله تعالى: فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى [الليل:5-10])، ويقول جل وعلا: هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [يونس:22] فالعبد مسير بقدر الله لكن له اختيار وله مشيئة وله عمل, يجازى على عمله الطيب, ويستحق العقاب على عمله الرديء إلا أن يعفو الله كما أخبر سبحانه في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] قد يغفر عن بعض المعاصي لمن يشاء سبحانه وتعالى إذا مات على التوحيد، وهكذا في الدنيا قد يعفو ويصفح عن بعض عباده فضلاً منه وإحساناً سبحانه وتعالى، وقد يعاقب على السيئات في الدنيا قبل الآخرة.

    المقدم: شكر الله لكم سماحة الشيخ، وبارك الله فيكم وفي علمكم ونفع بكم الإسلام والمسلمين.

    الشيخ: وإياكم.

    المقدم: أيها الإخوة والأخوات! أجاب عن أسئلتكم سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء، شكر الله لسماحته على ما بين لنا في هذا اللقاء الطيب المبارك، شكراً لكم أنتم ..إلى الملتقى إن شاء الله.

    في الختام تقبلوا تحيات الزملاء: معي في الإذاعة الخارجية الزميل فهد العثمان, من هندسة الصوت الزميل سعد بن عبد العزيز بن خميس ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755938740