إسلام ويب

لقاء الباب المفتوح [179]للشيخ : محمد بن صالح العثيمين

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بدأ الشيخ هذا اللقاء بالكلام حول ضرورة مراجعة النفس ومحاسبتها، والنظر في أعمالها خلال السنة المنصرمة. وقبل البدء بالإجابة عن الأسئلة تناول تفسير بعض الآيات من أواخر سورة النجم، وقد بين من خلالها ضلال دعاة المساواة بين الرجل والمرأة، وحقيقة السهولة والهون في مسألة إعادة الله للخلق.

    1.   

    ضرورة محاسبة النفس

    الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإننا نفتتح هذا اللقاء المبارك (لقاء الباب المفتوح) بعد موسم الحج عام (1418هـ)، في هذا اليوم الخميس السادس والعشرين من شهر ذي الحجة عام (1418هـ).

    ونستهل هذا اللقاء بمراجعة أنفسنا ومحاسبتها، ماذا عملنا في هذا العام الذي يكاد أن ينصرف؟ ماذا عملنا من خير وماذا تركنا من سوء؟

    إن التاجر ليراجع دفاتر حسابه عند رأس كل سنة مالية، هذا وهو إنما يدبر أموراً دنيوية لا تنفعه في الآخرة إلا ما أراد به وجه الله منها، فكيف بنا نحن؟!

    هل راجعنا أنفسنا فرأينا تقصيراً في واجب نتداركه أو فعلاً لسيئ فنقلع عنه؟ أرجو الله سبحانه وتعالى أن نكون كذلك.

    إن هذه الدنيا كلها تمضي، وكل شيءٍ فيها فإنه عبرة، إن نظرت إلى الشمس تخرج في أول النهار ثم تأفل في آخر النهار وتزول، هكذا وجود الإنسان في الدنيا يخرج ثم يزول، إن نظرنا إلى القمر كذلك يبدو أول الشهر هلالاً صغيراً ثم لا يزال ينمو ويكبر فإذا تكامل بدأ بالنقص حتى عاد كالعرجون القديم، كذلك إذا نظرنا إلى الشهور تجد الإنسان يتطلع إلى الشهر المقبل تطلع البعيد، فمثلاً يقول: نحن الآن في الشهر الثاني عشر بقي على رمضان ثمانية أشهر فما أبعدها! وإذا به يمر عليها بسرعة، وكأنها ساعة من نهار، هكذا العمر أيضاً -عمر الإنسان- تجده يتطلع إلى الموت تطلعاً بعيداً ويؤمل وإذا بحبل الأمل قد انصرم، وقد فات كل شيء، تجده يحمل غيره على النعش ويواريه في التراب ويفكر: متى يكون هذا شأني؟ متى أصل إلى هذه الحال؟ وإذا به يصل إليها وكأنه لم يلبث إلا عشية أو ضحاها.

    أقول هذا من أجل أن أحمل نفسي وأحمل إخواني على المبادرة باغتنام الوقت، وألا نضيع ساعة ولا لحظة إلا ونحن نعرف حسابنا فيها، هل تقربنا إلى الله بشيء؟ هل نحن ما زلنا في مكاننا؟ ماذا يكون شأننا؟

    علينا أن نتدارك الأمور قبل فوات الأوان، وما أقرب الآخرة من الدنيا، وكان أبو بكر رضي الله عنه يتمثل كثيراً بقول الشاعر:

    وكلنا مصبحٌ في أهله     والموت أدنى من شراك نعله

    أسأل الله لي ولكم حسن الخاتمة، وأن يجعل مستقبل أمرنا خيراً من ماضيه، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.

    1.   

    تفسير آيات من سورة النجم

    نبتدئ هذا اللقاء الذي نرجو الله أن يكون مباركاً بما كنا نفتتح به جميع اللقاءات وهو الكلام على شيءٍ من الآيات الكريمة، وذلك أنه ينبغي لكل مسلم أن يعتني بكتاب الله عز وجل، وأن يقرأه مرتلاً على مهل، ويتدبر آياته فإن الله أنزله لهذا، قال الله تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] فلا بد من التدبر -يعني: فهم المعنى- ثم يليه التذكر يعني: الاتعاظ.

    ولقد اخترنا تفسير المفصل؛ لأنه كثيراً ما يسمعه الناس من قراءة الأئمة في الصلوات.

    تفسير قوله تعالى: (وأن إلى ربك المنتهى)

    لقد انتهينا فيما سبق إلى قوله تبارك وتعالى: وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى [النجم:42] وهذه الآية فيها قراءتان:

    القراءة الأولى: فتح الهمزة: وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى [النجم:42].

    والثانية: كسر الهمزة: وَإنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى [النجم:42] وكلاهما قراءتان صحيحتان سبعيتان، إذا قرأ الإنسان بإحداهما صح، بل الأولى للإنسان الذي يعرف القراءات أن يقرأ بهذه القراءة مرة وبهذه القراءة مرة أخرى، لكن لا على ملأ من الناس وسماعٍ منهم؛ لأن العامة إذا سمعوك تقرأ على خلاف ما يعلمون فسيحصل بذلك مفسدة؛ إما أن يقولوا: إن هذا الرجل لا يعرف القرآن، وإما أن يتشككوا في القرآن، حيث يظن العامي أن القرآن لا يمكن أن يبدل أو يغير، لذلك ننصح إخواننا الذين أعطاهم الله تعالى علماً في القراءة ألا يقرءوا إلا بالقراءة المعروفة عند العامة حتى لا يحصل اللبس، لكن فيما بينك وبين نفسك إذا كنت تدرك القراءة الثانية إدراكاً تاماً فاقرأ بها أحياناً؛ لأن الكل سنة، والكل كلام الله عز وجل.

    فإذا كانت بالكسر: (وإن إلى ربك المنتهى) صارت هذه الجملة وما بعدها ليست في صحف إبراهيم وموسى، بل تكون استئنافية.

    وإذا كانت بالفتح: (وأن إلى ربك المنتهى) صارت هذه الجملة وما بعدها مما جاء في صحف إبراهيم وموسى.

    وعلى كلٍ فهي كلام الله عز وجل.

    وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى في أي شيء؟ في أمور الدين والدنيا، فإلى الله المنتهى في مسائل العلم، عندما تشكل علينا مسألة من مسائل العلم إلى أين ننتهي؟ إلى الله ورسوله، كما قال تعالى: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59]، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقول شيئاً من عنده، إنما هو من عند الله عز وجل، فيكون المنتهى إلى الله في الحكم بين الناس وفي الحكم في الناس.

    (إلى ربك المنتهى) أيضاً منتهى الخلائق؛ لأن هذا الخلق الموجود الآن سوف يفنى وينتقل إلى خلقٍ آخر، كما قال عز وجل: أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ [ق:15] المنتهى على هذا التقدير هو يوم القيامة، فإلى الله المنتهى، أي: إلى الله المصير، فمنتهى أحوالنا وأحكامنا وجميع ما يصدر منا وعلينا إلى الله عز وجل.

    وإذا كان إلى الله المنتهى فإلى من تشكو إذا أصابك الضر؟ إلى الله عز وجل، وإذا أردت النفع فمن تطلب؟ الله عز وجل؛ لأنه إليه المنتهى، وكم من إنسان انعقد له أسباب الرزق وإذا به يحرم منه في آخر لحظة، ربما يشتغل بإنشاء محطة على أنه يريد أن يرتزق بها، وإذا كان الله لم يرد هذا احترقت المحطة.

    إذاً: لا يجلب لك الخير إلا الله، ولا يمنع عنك الضرر إلا الله عز وجل، فاجعله منتهاك في كل أمورك.

    تفسير قوله تعالى: (وأنه هو أضحك وأبكى)

    قال تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى [النجم:43] هل المراد حقيقة الضحك أو المراد لازم ذلك وهو الفرح؟

    وكذلك يقال في أبكى: هل المراد حقيقة البكاء أو المراد الحزن؟

    إذا نظرنا إلى ظاهر اللفظ قلنا: الضحك الحقيقي، والضحك الحقيقي لا ينشأ إلا عن سرور، (وأبكى) البكاء الحقيقي، والبكاء لا يحصل إلا عن حزن، فالله تعالى أضحك في الدنيا وأبكى، وأضحك في الآخرة وأبكى.

    الكفار في الدنيا الآن يضحكون على المسلمين والمؤمنين: إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ [المطففين:29] لكن هذا ضحك سيعقبه بكاء في يوم القيامة: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ [المطففين:34] فالذي أضحك في الدنيا وأبكى، والذي أضحك في الآخرة وأبكى هو الله عز وجل.

    إذاً: هو مقدر ما يكون به الضحك، ومقدر ما يكون به البكاء، وأتى بالأمرين وهما متقابلان ليعلم بذلك أن الله سبحانه وتعالى على كل شيءٍ قدير، وهو القادر على خلق الضدين.

    تفسير قوله تعالى: (وأنه هو أمات وأحيا)

    قال تعالى: وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا [النجم:44] أمات في الدنيا وأحيا في الدنيا، وأمات أيضاً في الدنيا وأحيا في الآخرة، والآن البشر تجد هذا تنفخ فيه الروح اليوم فيكون الله قد أحياه، والآخر تنزع روحه من بدنه ويكون الله قد أماته، وهكذا دواليك، هو الذي أمات وأحيا، وهناك أيضاً ميزة عامة وحياة عامة، أمات العالم في الدنيا وأحياهم في الآخرة، فهو الذي خلق الموت وهو الذي خلق الحياة، وهذان أيضاً متضادان حياة وموت كلها من عند الله عز وجل؛ لأن الله تعالى على كل شيء قدير.

    تفسير قوله تعالى: (وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى)

    قال تعالى: وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * مِنْ نُطْفَةٍ [النجم:45-46] (خلق الزوجين) الزوج بمعنى: الصنف، ومثاله قوله تعالى: وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ [ص:58] أي: أصناف، وقوله تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ [الصافات:22] ليس المراد: زوجاتهم، المراد: أزواجهم أي: أصنافهم.

    إذاً: (الزوجين) أي: الصنفين، ثم بين هذين الصنفين، فقال: الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى [النجم:45] من مادة واحدة (من نطفة) وهي المني، (إذا تمنى) أي: تراق وتصب في رحم المرأة، فالله عز وجل خلق هذين الصنفين المختلفين خلقة، المختلفين مزاجاً، المختلفين عقلاً، المختلفين فكراً من شيءٍ واحد، من نطفة، ولهذا قال الله تبارك وتعالى في آخر سورة القيامة: فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:39-40]؟

    الجواب: بلى. فالله تعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى من شيء واحد، وهذا يدل على كمال قدرته جل وعلا، إذ أنه خلق صنفين مختلفين في كل الأحوال، حتى في القوى البدنية يختلف الرجل عن المرأة، والعقلية والفكرية والتنظيمية يختلف الذكر عن الأنثى، وبذلك نعرف ضلال أولئك القوم الذين يريدون أن يلحقوا المرأة بالرجل في أعمالٍ تختص بالرجل، فإنهم سفهاء العقول، ضلال الأديان، وكيف يمكن أن نسوي بين شيئين أو بين صنفين فرق الله بينهما خلقة وشرفاً؟!!

    هناك أحكام يطالب بها الرجل ولا تطالب بها المرأة، وأحكام تطالب بها المرأة ولا يطالب بها الرجل، وأما قدراً وخلقة فالأمر واضح، لكن هؤلاء الذين لم يوفقوا وسلب الله عقولهم وأضعف أديانهم يحاولون الآن أن يلحقوا النساء بالرجال، وهذه لا شك أنها فكرة خاطئة مخالفة للفطرة .. مخالفة للطبيعة، كما أنها مخالفة للشريعة أيضاً.

    مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى [النجم:46] ما معنى تمنى؟ أي: تصب وتراق في الرحم، ومنه سمي المكان الذي حول مكة منى قال العلماء: لأنها تمنى فيه الدماء؛ لأن الهدي يذبح يوم العيد في منى، فتراق فيه الدماء؛ ولذلك سمي هذا المكان باسم ما يحدث فيه.

    تفسير قوله تعالى: (وأن عليه النشأة الأخرى)

    قال تعالى: وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى [النجم:47] على من؟ على الله، وفي هذا دليل على أن الله أوجب على نفسه أن يبعث الناس؛ لأن الناس لو كانوا يحيون ويموتون بلا إرجاع لكان هذا عبثاً محضاً، لأننا نعلم الآن أن الناس في الدنيا يختلفون في الغنى والفقر، والقوة والضعف، والذكاء والعقل، وغير ذلك، لو كان الخلق هكذا فقط بدون إرجاع لكان هذا منافياً للحكمة تماماً، لكن لا بد من رجوع، ولهذا قال: (وأن عليه) و(على) ماذا تفيد؟ مثلاً: إذا قلت: عليك تفعل كذا يعني: واجب، فـ(على) تفيد الوجوب، فيكون الله أوجب على نفسه أن ينشئ الناس مرة أخرى، ولا مانع أن الله يفرض على نفسه ما شاء، كما قال تعالى: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ [الأنعام:54] أي: أوجب على نفسه الرحمة.

    كذلك هنا قال: وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى [النجم:47] أي: على الله، أوجب الله على نفسه أن ينشئ الناس نشأة أخرى للجزاء كلٌ بحسب عمله، والنشأة الأخرى تفيد بأن هنالك نشأة قبل، وهي النشأة الأولى، وهي ابتداء خلق الناس من عند الله عز وجل.

    وفي قوله: (الأخرى) فائدة عظيمة وهي الإشارة إلى أن القادر على الأولى قادر على الآخرة، والنشأة الآخرة أهون من الأولى، كما قال عز وجل: وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم:27] كله عليه هين، لكن الهين يختلف باعتبار ذاته لا باعتبار قدرة الله، فقدرة الله لا تختلف، فالأمر عنده (كن فيكون) سواء كان أعلى شيء أو أدنى شيء.

    لكن بالنسبة للمقدور عليه أيهما أهون؟ الإعادة أهون أما بالنسبة لقدرة الله فكلها واحدة؛ لأن المسألة لا تعدو أن يقول: كن فيكون.

    وبهذا نعرف أن بعض المفسرين رحمهم الله وعفا عنهم قالوا في قوله: وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم:27] أي: وهو هين عليه، وهذا غلط، كيف يقول الله عن نفسه: (وهو أهون عليه) ونقول: وهو هين؟! لكن نقول: الهون له نسبتان:

    نسبة للمفعول، ونسبة للفاعل، بالنسبة للفاعل هما سواء؛ لأن كل شيء منهما يتكون بكلمة واحدة: كن فيكون.

    وبالنسبة للمفعول يختلف، ولا شك أن الأول أشد من الثاني.

    إذاً: كلمة: (الأخرى) فيها فائدة وهي: الإشارة إلى أن القادر على الأولى قادر على الأخرى من باب أولى، ومما يدل على ذلك قوله تعالى: وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الروم:27].

    أسأل الله تعالى أن يجعل مصيرنا ومصيركم إلى الجنة، وأن يجعل آخر أمورنا خيراً من أولها، إنه على كل شيءٍ قدير.

    1.   

    الأسئلة

    حكم جعل جوائز لمن يصوم نفلاً من الطلاب

    السؤال: فضيلة الشيخ! بعض المدرسين يجعل جوائز تشجيعية للطلبة إن صام مثلاً عاشوراء أو عرفة فيجعل له جائزة، وأنكر عليه بعض المدرسين، فما رأيكم في هذا الشيء؟

    الجواب: رأيي أن الإنكار حق، ولا ينبغي لنا أن نعود الناس على جوائز دنيوية في مقابل أعمال دينية؛ لأن الإنسان يبدأ ينظر إلى هذه الجوائز، نعم يحثهم على هذا ويرغبهم في صوم الإثنين والخميس وثلاثة أيام من كل شهر ولتكن الأيام البيض، أما أن يعطيهم جوائز فلا، لكن لو فعلوا وأراد أن يعطي أحداً جائزة فأرجو ألا يكون في هذا بأس.

    قراءة (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) خلف المقام

    السؤال: ذكر بعض المفسرين في قول الله تعالى: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً [البقرة: 125] أن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعد الطواف يتجه إلى مقام إبراهيم فيصلي خلفه ركعتين ثم يتلو هذه الآية، والسؤال: هل يمكن أن يقال: إنه يشرع أن تتلى هذه الآية لمعتمر أو غيره اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل الحديث في ذلك صحيح؟

    الجواب: الحديث في صحيح مسلم من حديث جابر الطويل المعروف: (كان إذا فرغ من الطواف تقدم إلى مقام إبراهيم وقرأ فيما تقدم: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً [البقرة:125])وذلك ليشعر نفسه أنه إنما تقدم إلى هذا المقام ليصلي خلفه امتثالاً لأمر الله.

    وكذلك أيضاً: (حينما دنا من الصفا قرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] ابدأ بما بدأ الله به) ليشعر نفسه أن هذا السعي من شعائر الله، وأنه يبدأ بـالصفا لأن الله بدأ به.

    وهكذا أيضاً ينبغي لنا في كل طاعة أن نشعر بأننا نفعلها امتثالاً لأمر الله، مثلاً: الوضوء، أكثرنا يتوضأ الآن على أي أساس؟ على أن الوضوء شرط لصحة الصلاة، هذا هو الذي يكون في ذهن الإنسان، لكن ينبغي للإنسان أن ينوي بذلك أنه ممتثلٌ لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ [المائدة:6] حتى يشعر بالعبادة والتذلل لله عز وجل.

    كذلك أيضاً هو يتوضأ الآن على صفة مخصوصة ينبغي أن يشعر بأنه يتبع بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يكون جامعاً بين الإخلاص والمتابعة، هذه مسألة نغفل عنها كثيراً، فنحن نتوضأ؛ لأننا نعتقد أن الوضوء شرطٌ لصحة الصلاة، لكن كوننا نشعر بأن هذا من أمر الله خير.

    وعلى هذا: ينبغي للإنسان إذا فرغ من الطواف وتقدم إلى مقام إبراهيم أن يتلو هذه الآية، وإذا دنا من الصفا أول مرة -لا إذا صعد عليه- أن يقول: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] ولا يعيدها مرة ثانية لا عند الصفا ولا عند المروة.

    حكم من رأى حلماً أزعجه

    السؤال: فضيلة الشيخ: شخص توفي والده ويعرض له في المنام، وبعض الليالي يعرض له وهو غاضبٌ عليه، فما رأيكم في ذلك؟

    الجواب: لا يهتم بها، وسنعطيكم فائدة تستريحون فيها: كل حلمٍ مزعج فهو من الشيطان، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام، أي حلم تراه مزعجاً فهو من الشيطان، فما هو الطريق إلى التخلص منه؟

    الطريق كما أمر النبي عليه الصلاة والسلام أن تقول: (أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، وتتفل عن يسارك)، وإذا استيقظت وأنت في مرقدك انقلب على الجانب الثاني، فإن عاد عليك وأزعجك فقم وتوضأ وصل، ولا تخبر أحداً؛ لأنك لو أخبرت أحداً ثم عبره على حسب الرؤيا وقع، فإن الرؤيا على جناح طائر إذا عبرت وقعت، وما أكثر الذين يسألون عن رؤىً يرونها في المنام تزعجهم، ولكننا نرشدهم إلى ما أرشد إليه الرسول عليه الصلاة والسلام، وهو أن يقول: (أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت)، ولا يخبر أحداً، وليتغافل عنها، فهذا الشيطان يتمثل بصورة أبيه على أنه غاضبٌ عليه ليزعجه ويقلق راحته، والطريق إلى ذلك أن تقول: أعوذ بالله من شر الشيطان ومن شر ما رأيت، ولا تحدث أحداً، وتلهى عنه.

    بيان إشكال حول قوله تعالى: (يخرج من بين الصلب والترائب)

    السؤال: في ترجيحكم في قول الله سبحانه وتعالى في التفسير: يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ [الطارق:7]، قلتم: إنها تختص بالرجل من ناحية الصلب والترائب، وأشكل عليَّ هذا مع حديث السبق في الشبه بالمرأة، كيف يمكن الجمع بين هذا؟

    الجواب: هذا لا يمنع؛ لأن قوله: مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ [الطارق:6] المرأة لا يمكن أن يكون ماؤها دافقاً أبداً، بل الدافق هو ماء الرجل، والشبه لا يمنع أنه إذا اختلط الماء الدافق بهذا أثر الشبه، ولهذا جاء في آية مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى [النجم:46] نطفة المرأة لا تصب في قُبل الرجل.

    حكم توزيع سعر السلعة على أقساط معينة بمسميات معينة

    السؤال: فضيلة الشيخ! هناك طريقة الآن انتشرت بالنسبة للبيع في المعاملات: حيث يدفع نصف قيمة السيارة مثلاً ثم يدفع قيمة ..

    الشيخ: يعني: التأجيل منتهي بالتمليك؟

    السائل: لا.

    الشيخ: غيره؟

    السائل: نعم. وهو شبيه به، يعني: يدفع نصف قيمة السيارة، وبعد عامين يدفع النصف الباقي، ولكن في كل شهر يدفع مبلغاً بسيطاً يسمى الخدمات الإدارية أو مثل هذا الشيء، فما الحكم؟

    الجواب: كل هذا في الحقيقة تحايل على شيءٍ لا داعي له، ولنا أن نقول: بعت عليك السيارة هذه بخمسين ألفاً: عشرين ألفاً نقداً، وعشرين ألفاً بعد سنة، وعشرة آلاف يدفع منها في كل شهر ألف ريال، فنقول: هكذا، وهذا ليس فيه شيء، لكن نضيف إلى الثمن شيئاً ليس له داعٍ؛ لأنه ليس فيها خدمات، الخدمات انتهت بالوثيقة الأولى وفي النهاية تمزق هذه الوثيقة، فلهذا نقول لهؤلاء: لا تجعلوها على هذا الوجه، قل: بعت عليك بخمسين ألفاً: عشرين نقداً، وعشرين بعد سنة، وعشرة آلاف موزعة على إحدى عشر شهراً، ويصح.

    طريقة عقد النكاح

    السؤال: هل وردت سنة ثابتة في طريقة عقد النكاح؟

    الجواب: السنة ذكرها العلماء رحمهم الله، وهي في حديث ابن مسعود : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمه التشهد في الحاجة، قال: ومن الحاجة عقد النكاح، وهي: الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا) وبعض الناس يزيد فيها (ونتوب إليه) وبعضهم يزيد: (ونستهديه) وكل هذه لم ترد في الحديث، بل الحديث: (الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له) وهذه أيضاً يغيرها بعض الناس ويقول: (ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً) وهذا خطأ، الذي يريد النص إما أن يحافظ عليه وإما أن يدعه، أما أن يدخل فيه ما شاء ويخرج ما شاء فهذا لا ينبغي، ولا شك أن المحافظة على لفظ النص بدون زيادة ولا نقصان أفضل، ولذلك لو أراد الإنسان أن يقول في التشهد: (اللهم صل على محمد وعلى آل محمد .. إلى آخره) قال: (اللهم صل على نبينا محمد وسيدنا وخليلنا وإمامنا وما أشبه ذلك) هذا كله أوصاف حقيقية، لا شك أنه خليلنا وأنه إمامنا وأنه سيدنا، لكن هل من الأدب أن نزيدها في حديثٍ حدده لنا الرسول؟

    الجواب: لا. ونحن إذا حذفناها أشد احتراماً للرسول عليه الصلاة والسلام من الذين يزيدونها؛ لأن زيادتها والرسول لم يقلها فيه سوء أدب، أأنتم أعلم أم رسول الله؟! رسول الله، ولو شاء رسول الله لزادها.

    فعلى كل حال: هي خطبة الحاجة، وهي في حديث ابن مسعود .

    ويقال مثلاً للمتزوج .. يقول الولي: زوجتك بنتي أو أختي أو من له ولاية عليها، ويقول ذاك: قبلت. هكذا فقط.

    السائل: يا شيخ! هل تكون في المسجد، أو كذا ..

    الشيخ: نعم. استحب بعض العلماء أن تكون في المسجد، وأن تكون بعد عصر يوم الجمعة، لكن كل هذا لا دليل عليه.

    حكم المسح على خف لم يُلبس على طهارة

    السؤال: هل يجوز مسح الخفين في الوضوء عند السفر أو عند لبسهما، مع العلم أنه يقع لبسهما بدون وضوء؟

    الجواب: إذا لبس الخفين على غير وضوء لا يجوز أن يمسح عليهما، فمن شروط جواز المسح على الخفين أن يلبسهما على طهارة، وألا يكون ذلك في الحدث الأكبر -يعني: الجنابة- بل في الحدث الأصغر، وأن يكون ذلك في المدة المحددة، وهي: يومٌ وليلة للمقيم، وثلاثة أيام للمسافر، تبتدئ من أول مرة مسح بعد الحدث.

    حكم ذكر القصص المرتبطة بالقضايا الأخلاقية في مقام وعظ عام أو خاص

    السؤال: ذكر بعض القصص التي ترتبط بالقضايا الأخلاقية للعظة يعده البعض من إشاعة الفاحشة، فما صحة ذلك؟

    الجواب: أولاً: لا بد من ثبوت هذه القصة.

    السائل: ثابتة يا شيخ.

    ثانياً: هل من المصلحة أن تقال؟ أخشى أن يظن السامع أن هذا منتشر في المجتمع.

    ثالثاً: اعلم أن القصة المنكرة إذا جرت على الألسن والأسماع سوف تقلل من هيبتها، فلا أرى هذا.

    السائل: ولأشخاص معينين يخشى وقوعهم في هذه الفاحشة؟

    الشيخ: لا بأس. تكلم معهم بأنفسهم بينك وبينهم.

    السائل: ليس على المنابر وفي الخطب؟

    الشيخ: لا. أنا ظننت أنك تقول لي: في المواعظ.

    السائل: لأشخاصٍ معينين يحتمل وقوعهم.

    الشيخ: هذا شيء آخر، فعلى المنابر أو في المجامع لا أراها، وليس فيها مصلحة.

    واعلم أن المنكر إذا استمر على الأسماع استمرأته النفوس وهان عليها، ولذلك لو سمعت قصة معينة في الأخلاق ربما تنفر منها كثيراً، إذا جاءت المرة الثانية قلَّت في نفسك.

    مسألة دخول الشرك الأصغر تحت مشيئة الله

    السؤال: بالنسبة للشرك الأصغر هل يدخل في مشيئة الله سبحانه وتعالى؟

    الجواب: حصل فيها خلاف بين العلماء:

    - منهم من قال: إنه يدخل تحت المشيئة إن شاء الله غفر له.

    - ومنهم من قال: لا بد أن يعذب لكن لا يخلد في النار.

    وعلى كل حال: حتى لو قلنا: إنه تحت المشيئة، فهل الإنسان ضامن أن الله يشاء أن يغفر له؟ ليس بضامن، حتى المعاصي غير الشرك التي هي داخلة تحت المشيئة بلا شك، لا يجوز للإنسان أن يتهاون بها بناءً على أنها تحت المشيئة؛ لأن الأصل هو وقوع العقاب.

    حكم المظاهرات في الشرع

    السؤال: بالنسبة إذا كان حاكم يحكم بغير ما أنزل الله ثم سمح لبعض الناس أن يعملوا مظاهرة تسمى عصامية مع ضوابط يضعها الحاكم نفسه ويمضي هؤلاء الناس على هذا الفعل، وإذا أنكر عليهم هذا الفعل قالوا: نحن ما عارضنا الحاكم ونفعل برأي الحاكم، هل يجوز هذا شرعاً مع وجود مخالفة النص؟

    الجواب: عليك باتباع السلف، إن كان هذا موجوداً عند السلف فهو خير، وإن لم يكن موجوداً فهو شر، ولا شك أن المظاهرات شر؛ لأنها تؤدي إلى الفوضى من المتظاهرين ومن الآخرين، وربما يحصل فيها اعتداء؛ إما على الأعراض، وإما على الأموال، وإما على الأبدان؛ لأن الناس في خضم هذه الفوضوية قد يكون الإنسان كالسكران لا يدري ما يقول ولا ما يفعل، فالمظاهرات كلها شر سواء أذن فيها الحاكم أو لم يأذن.

    وإذن بعض الحكام بها ما هي إلا دعاية، وإلا لو رجعت إلى ما في قلبه لكان يكرهها أشد كراهة، لكن يتظاهر بأنه كما يقول: ديمقراطي وأنه قد فتح باب الحرية للناس، وهذا ليس من طريقة السلف.

    بيان موعد يوم عاشوراء

    السؤال: يوم عاشوراء، هل ثبت لديكم موعده؟

    الجواب: لا ما ثبت، إلا أن يوم عاشوراء هو العاشر من محرم، هذا الذي ثبت عندي.

    بيان ارتباط العقيدة بالمنهج والسلوك

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما العلاقة بين السلوك والعقيدة، وهل يمكن أن يقال: رجل على عقيدة سليمة؛ على عقيدة ومنهج أهل السنة والجماعة ، ولكن عنده خلل في بعض أخلاقه؟ فنرجو الجواب بالتفصيل، وأرجو النصيحة -فضيلة الشيخ- للدعاة في هذه المسألة جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: بارك الله فيك كلما صحت العقيدة صح المنهج وصح السلوك، وكلما اختلت العقيدة اختل المنهج والسلوك، ولهذا قال العلماء رحمهم الله: إن المعاصي تنقص الإيمان، مع أن المعاصي أعمال جوارح إما قول أو فعل أو ترك، لكن قد يكون الإنسان عقيدته سليمة ونيته سليمة ويريد الخير لكن يخطئ في السلوك، ويسلك جادة غير صحيحة، من ذلك مثلاً: الخوارج؛ يصومون ويقرءون القرآن ويصلون، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (إن أحدكم ليحقر صلاته عند صلاتهم، وقراءته عند قراءتهم) ولكنهم أخطئوا في المنهج؛ كفروا المسلمين، واستحلوا دماءهم وأموالهم، فضلوا ضلالاً عظيماً، ولهذا يروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه سئل عنهم: [أكفارٌ هم؟ قال: من الكفر فروا]، لكن في الواقع أنه حسب الوصف الذي قال الرسول عليه الصلاة والسلام أنهم يقولون من خير قول البرية، وأنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وأنهم يقرءون القرآن لكن لا يتجاوز حناجرهم -والعياذ بالله-.

    فالمهم أن السلوك شيء والعقيدة شيءٌ آخر، وكلما صحت العقيدة صح المنهج وصح السلوك، وقد تكون العقيدة صحيحة بمعنى: أن الرجل يؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، لكن يخطئ في المنهج والسلوك.

    ولهذا أحث إخواننا الشباب وغير الشباب أن ينظروا إلى سيرة الخلفاء الراشدين وأهل زمانهم والأئمة من بعدهم، الأئمة من بعدهم كانوا في زمن يدعى فيه علناً إلى البدعة ويعاقب من لم يقل بالبدعة، ومع ذلك لم يخرجوا على هؤلاء الأئمة ولا وصفوهم بالكفر، بل كانوا يدعون لهم ويصفونهم بأنهم أمراء مؤمنون، وعلى ذلك إمام أهل السنة الإمام أحمد رحمه الله، وكان الفضيل بن عياض وكذلك الإمام أحمد يقول: لو أعلم أن لي دعوة مستجابة لصرفتها للسلطان.

    لكن تجد بعض هؤلاء المنحرفين في سلوكهم إذا قيل لهم: ادعوا للسلطان ادعوا لولي أمركم، قال: أبداً لا ندعو له، وكأن الأمر متعذر على الله عز وجل -نسأل الله العافية- ولم يعلموا أن الله هدى أقواماً يسجدون للأصنام فصاروا يسجدون لرب العالمين عز وجل، والله على كل شيءٍ قدير.

    ولذلك نرى أن هذا خطرٌ عظيم، أولئك الذين يقال لهم: ادعوا للحكام، وادعوا لولاة الأمر بالهداية وصلاح البطانة، يقول: لا ندعو له بل ندعو عليه، سبحان الله!! رجل ملكه الله إياك قدراً، هو مالك لك الآن وله السلطة عليك كيف لا تدعو له بالهداية؟!! لكن مشكلة السفه والضلال هو الذي يحمل الإنسان على مثل هذه الأمور.

    حكم الصلاة في مسجد لا تقام فيه الجماعة

    السؤال: فضيلة الشيخ! جماعة يجلسون في مزرعة من المزارع ويحضر عليهم وقتي المغرب والعشاء، ويوجد مسجد قريب منهم تقريباً أربعمائة متر ويسمعون النداء، وهذا المسجد قريب وليس فيه إمام راتب، فهل يذهبون إلى هذا المسجد يصلون أم لا؟

    الشيخ: لا شك أن صلاتهم في المسجد أولى:

    أولاً: لإقامة الجماعة، ما دام المسجد قريباً قد تقام فيه الجماعة وقد لا تقام، فكونهم يذهبون إلى هناك ويقيمون الجماعة ويؤذنون فيه الصلوات الخمس لا شك أنه أولى، لكن الوجوب لا يجب؛ لأن هذا المسجد لم يكن مسجداً معتمداً تصلى فيه الصلوات الخمس.

    حكم عملية ربط رحم المرأة للحاجة

    السؤال: امرأة أصيبت بمرض سرطان الثدي، وأجريت لها عملية تم من خلالها استئصال هذا الأذى، وقد رزقت ولله الحمد والمنة بولدين وأربع بنات، وتريد الآن أن تربط الرحم لتتوقف عن الولادة خاصة أنها تتعب وتعالج الآن في المستشفى التخصصي لمتابعة حالتها، وهي دائماً متعبة، ولا تستطيع أن تتحمل أي مسئولية كونها مدرسة وتعول أولادها بنفسها؟

    الشيخ: السؤال عن ربط الرحم؟

    السائل: إي نعم.

    الجواب: إذا دعت الحاجة إلى ذلك ووافق الزوج عليه فلا بأس؛ لأن هذا جائز، الصحابة كانوا يعزلون والقرآن ينزل ولم ينهوا عن ذلك، وأظن ربط الرحم لو شاءوا لحلوا فيما لو تعافت المرأة وقدرت على الحمل.

    حكم مس القارئ لجسد المرأة

    السؤال: بالنسبة للقارئ ما هي الأماكن التي يجوز أن يمسكها من المرأة، هل له الحق أن يمسك الرأس أو يمسك غير ذلك؟

    الجواب: الذي يقرأ على المرضى؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: والله لا أرى له ذلك مهما كان، لا يضع يده على موضع الألم بالنسبة للمرأة، أما بالنسبة للرجل فإنه من المستحسن أن يضع الرجل يده على موضع الألم ويقول: (أعيذك بعزة الله وقدرته من شر ما تجد وتحاذر) وما أشبه ذلك مما ورد به السنة.

    كيفية تقليب الطلاب للمصحف في حال منع المدرس لهم من الخروج للوضوء

    السؤال: فضيلة الشيخ: مدرس القرآن في المدارس لا يسمح للطلاب بالخروج في حصة القرآن للوضوء، فكيف يقلبون المصحف؟

    الجواب: يضع الطالب منديلاً على يده ويقلب المصحف أو يقلبه بمسواك أو شبهه، أو يقول لهم مثلاً: توضئوا قبل دخول الدرس، فإنني لن آذن لأحدٍ أن يخرج.

    فأمامه الآن طريقان:

    الطريق الأول: أن يمكنهم من مس المصحف بحائل.

    الطريق الثاني: أن يلزمهم بأن لا يدخل أحد إلا متوضئاً.

    حكم القراءة على الملح ونفخه في أرجاء البيت

    السؤال: بالنسبة للقراءة هل يجوز القراءة على الملح ونفخه في أرجاء البيت للاحتراز من الشياطين وغيرهم؟

    الجواب: لا. هذا غير صحيح، قولهم: إنه إذا قرأ على الملح وذره في البيت لا تقربه الشياطين هذا خطأ وليس بصحيح، ولا يجوز العمل به.

    كيفية محاسبة الميت الذي يتأخر دفنه أو لا يتمكن من دفنه

    السؤال: فضيلة الشيخ محمد ! نشهد الله على حبكم في الله والحاضرين.

    الشيخ: أحبك الله الذي أحببتنا فيه.

    السائل: يا فضيلة الشيخ! بالنسبة لسؤال الملكين في القبر واضح بالنسبة للذي يموت ويدفن، ولكن في بعض الأحيان يوضع الميت في الثلاجة لمدةٍ قد تصل إلى شهور، فمتى يتم سؤاله في القبر بالنسبة له، هل بمجرد موته، أو بمجرد وضعه في القبر، وفي بعض الحالات لا يتم دفن الميت كأن تنفجر به الطائرة أو يموت في البحر، فكيف يكون سؤال الملكين أيضاً في القبر بالنسبة له؟ ومتى ذلك؟

    الجواب: العلم عند الله، لكن أرى أنه متى سلمه أهل الدنيا إلى عالم الآخرة حصل السؤال، وأن كلام الرسول عليه الصلاة والسلام في أنه يسأل إذا دفن بناءً على الغالب المشاهد، فمثلاً: هذا الذي يوضع في الثلاجة حتى تنتهي إجراءات موته لا يسأل حتى يسلم لعالم الآخرة، بمعنى: حتى يدفن.

    وكذلك أيضاً من احترق إن لم نطلع على جثته فهذا يحاسب، لن نستطيع دفنه ولا نطلع على جثته، ولكن تجب الصلاة عليه صلاة الغائب، وأما من يمكن أن يدفن ولو بعد حين فما دام لم يدفن فإنه لا يسأل.

    حكم الشراكة على أن يكون لأحد الشريكين مبلغاً ثابتاً

    السؤال: فضيلة الشيخ! استقدم شخص عاملاً ووضعه في المحل ووفر له السكن والمعيشة، وفتح له المحل وتحمل الإيجار، وقال: أنت تشتغل وتعطيني -مثلاً- في الشهر نسبة ألف أو ألفين ريال؟

    الجواب: لا ليس نسبة ألف أو ألفين؛ النسبة أن يقول: تعطيني الربع أو النصف من الربح.

    أما أنه لا يحدد له، مثلاً: يخصص له ألفاً، يقول: وأريد منك ألفاً أو ألفين في الشهر والباقي لك.

    فالجواب: أولاً: هذا لا يجوز لمخالفته النظام، والنظام إذا لم يكن مخالفاً للشرع كان واجب التنفيذ بأمر الله عز وجل، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ [النساء:59] وتهاون بعض الناس في الأنظمة التي لا تخالف الشرع هذا من البلاء، وهي معصية لا يدركها كثير من الناس، يعني: لا يدرك الإنسان أنه إذا خالف النظام فهو عاصٍ لله، وإذا استمر فهو مصرٌ على معصية. هذه واحدة.

    ثانياً: أن تعيين شيءٍ معين لا يجوز؛ لأنه غرر وجهالة، إذ قد يحصل العامل على ألفين التي قدرها له كفيله وقد يحصل على أربعة آلاف أو خمسة آلاف وقد لا يحصل على شيء، فالمسألة فيها جهالة وميسر فلا يجوز.

    إذاً.. هذه المعاملة محرمة من وجهين:

    الوجه الأول: مخالفة النظام.

    الوجه الثاني: مخالفة الشرع؛ لأن فيها جهالة وميسراً.

    السائل: وإذا قال: النصف بالنصف؟

    الشيخ: يبقى مخالفة النظام، لكن كثيراً من الكفلاء يقولون: لو أعطيناه الأجرة التي اتفقنا عليها للعب ولم يشتغل، نقول: اجعل له مكافئة، تقول مثلاً: إذا أنجزت كذا وكذا فلك كذا وكذا، لنفرض أنه خياط، نقول: أجرتك خمسمائة ريال كما اتفقنا في العقد، ولك على كل ثوب ريالين مثلاً أو ثلاثة أو عشرة.

    حكم من استدان مبلغاً بإحدى العملات ثم تغيرت قيمتها

    السؤال: فضيلة الشيخ! بالنسبة لزيادة العملات، الدائن يستدين من المدين، ثم ارتفعت العملة، هل يجب عليه أن يدفع بالعملة التي بعد الارتفاع أم قبل الارتفاع بارك الله فيكم؟

    الجواب: يعني: تغيرت العملة؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: إذا تغيرت العملة ينظر إلى قيمة العملة الأولى عند تغييرها، فمثلاً: إذا كنا اتفقنا معه على مائتي ريال من نوع معين، ثم ألغي هذا النوع يقال: ما قيمته عند الإلغاء.

    السائل: أصلاً هو الدين.

    الشيخ: صور لي المسألة التي في قلبك؟

    السائل: مثلاً: فلان يستدين من فلان الثاني، أحمد يستدين من محمد مبلغ ألف دولار، ثم بعد ذلك عند تسديد الدين ارتفعت العملة فأصبحت -مثلاً- ألفاً ومائتين.

    الشيخ: يعني: قيمة الدولار ارتفعت.

    السائل: نعم.

    الشيخ: حسناً، هذا يجب عليه أن يسلم بالدولار، ولو بلغت قيمته ما بلغت، لنفرض أنه وقت العقد كانت قيمة الدولار عشرة، وبعد ذلك ارتفعت إلى عشرين يجب أن يعطيه بالدولار ولو بعشرين، كما أنه بالعكس لو نقصت قيمة الدولار، هل يطالبه الدائن بقيمة الدولار أولاً؟ لا. يعطيه بالدولار ولو كان بنصف القيمة.

    حكم التباكي أثناء قراءة القرآن

    السؤال: فضيلة الشيخ! ما حكم التباكي في قراءة القرآن وغيره؟

    الجواب: التباكي إذا لم يكن تصنعاً أو رياءً فلا بأس به، بل قد يكون مطلوباً، أما إذا كان تصنعاً أو رياءً، لأن بعض الأئمة يبكي أو يتباكى رياءً من أجل أن يبكي الناس الذين حوله، أو ليقال: إنه رجل بكاء، فهذا لا يجوز، لكن كنت تستدعي البكاء؛ بمعنى أنك تحاول أن قلبك يخشع ويشاهد عظمة الله عز وجل، أو يشاهد الثواب في آيات الوعد، أو يشاهد العقاب في آيات الوعيد، فهذا طيب وينفع الإنسان.

    وهناك حديث لا أدري ما صحته: (إن لم تبكوا فتباكوا) لكن لا أعلم الآن مدى صحة هذا الحديث.

    التفصيل في قطع النافلة إذا أقيمت الصلاة

    السؤال: رجل بدأ صلاة السنة -يعني: ركعتين قبل الظهر- وأقيمت الصلاة، هل يقطع الصلاة بالتسليمتين أم بدون تسليمتين؟ وما توجيهكم لذلك؟

    الجواب: إذا أقيمت الصلاة والإنسان في نافلة فإن كان في الركعة الثانية أتمها خفيفة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة) وهذا أدرك ركعة قبل أن ينهى عنه.

    وأما إذا كان في الأولى فليقطعها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) هذا هو التفصيل في هذه المسألة، وإن كان العلماء اختلفوا فيها لكن هذا أقرب ما يكون إلى الصواب.

    السائل: هل يسلم أم لا يسلم؟

    الشيخ: لا. إذا قطعها لا يسلم؛ لأن السلام إنما يكون في آخر الصلاة، وهذه لم يأت على آخرها.

    حكم اتباع أحد الأئمة الأربعة

    السؤال: قولنا: إن أربعة من الأئمة في أهل السنة والجماعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد هؤلاء أهل السنة، فهل يجب اتباع أحد منهم؟ وهل يوجد دليل على ذلك؟

    الجواب: لا يجب اتباع أحد من الخلق إلا محمداً صلى الله عليه وسلم، أما غيره من الناس فلا يجب اتباعه، لكن بعض العلماء قال: إن قول الصحابي حجة ويتبع بشرطين:

    1/ ألا يخالف نصاً شرعياً.

    2/ وألا يخالفه أحد من الصحابة.

    فإن خالف نصاً شرعياً فمعلوم أن النص أولى من اتباعه، وإن خالفه واحد من الصحابة أخذ بالأرجح من الصحابيين، أما من سواهم فلا يجوز، يعني: لا يجب عليَّ أن أكون حنبلياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنفياً أو سفيانياً.

    السائل: والناس الذين لا يستطيعون أن يأخذوا العلم؟

    الشيخ: الذين لا يستطيعون أمرهم الله أن يسألوا أهل العلم، قال: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، فمن لا يعلم فرضه التقليد، لكن من يقلد؟ لا نقول: يجب عليك أن تقلد أحمد أو الشافعي أو مالكاً أو أبا حنيفة أو سفيان الثوري أو غيرهم، بل اتبع من ترى أنه أقرب إلى الحق.

    حكم الزيادة في صلاة التراويح على إحدى عشرة ركعة

    السؤال: ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في رمضان إحدى عشرة ركعة، ثم نجد أن عمر بن الخطاب جعلها عشرين ركعة، فأيهما الأصح؟

    الجواب: أولاً بارك الله فيك: إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم بإحدى عشرة ركعة، لكن هل قال للناس: لا تزيدوا عليها؟ لم يقل، بل جعل الباب مفتوحاً، لما سأله الرجل عن صلاة الليل قال: (مثنى مثنى، فإذا خشي أحدكم الصبح صلى واحدة فأوتر ..) ولم يقيدها، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم بإحدى عشرة ركعة لكن هل هو كقيامنا؟ كان يقوم حتى تتورم قدماه، وحتى يعجز الشباب من الصحابة عن متابعته إلا بمشقة، ألم تعلم أن ابن مسعود قام معه ليلة فقرأ النبي عليه الصلاة والسلام وأطال القراءة حتى هم أن يجلس من طول القيام، فالأمر في هذا واسع؛ إن شئت إحدى عشرة لكن بتأنٍ وطمأنينة وقراءة، وإن شئت بثلاثٍ وعشرين، وإن شئت بتسعٍ وثلاثين، الأمر واسع، المهم ألا تشق على نفسك.

    ثم إن قولك: إن عمر جعلها ثلاثاً وعشرين يحتاج إلى دليل، من قال هذا؟ أغلب ما فيه أن عمر أمر أبي بن كعب وتميماً الداري أن يقوما للناس بإحدى عشرة ركعة، وهذا هو المظنون بـعمر أن يأمر بما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعله.

    لكن في حديث يزيد بن رومان وفيه انقطاع: [أن الناس كانوا في عهد عمر يقومون بثلاثٍ وعشرين] فهذا فيه أن الناس يفعلونه، فجائز أن عمر يدري أو لا يدري، وقد يكون أمر به فلم يكن، لكن إذا ثبت أنه أقر بذلك فيقال: هذا يدل على أن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه -وهو أعلم منا بالسنة وأخشى منا لله- يرى أنه لا بأس أن يزيد الإنسان على إحدى عشرة ركعة.

    حكم من أفتى بجواز الرمي في اليوم الثاني عشر قبل الزوال

    السؤال: فضيلة الشيخ! رجلان وامرأتان رموا الجمار في اليوم الثاني عشر بعد صلاة الفجر، وقالوا: بأنا أُفتينا بجواز ذلك، فما رأيكم؟

    الجواب: هل استفتوا من يثقون بعلمه؟ فليس معنا الذي أفتاهم؛ لأنه لا يجوز الرمي في اليوم الثاني عشر قبل الزوال، ولا في اليوم الحادي عشر ولا في اليوم الثالث عشر، حيث إن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينتهز زوال الشمس ومن حين أن تزول يرمي قبل أن يصلي الظهر، وهذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يترقب الزوال ترقباً شديداً، ولو كان يجوز الرمي قبل الزوال لرمى في أول النهار؛ لأن ذلك أيسر له ولأمته، أو لرخص للضعفاء كما رخص لهم في رمي جمرة العقبة.

    فالصواب أنه لا يجوز، وإن قال به من قال من التابعين أو من بعد التابعين، لكن المرجع الكتاب والسنة، والذي يرمي قبل الزوال مستنداً إلى شخصٍ يثق بعلمه فليس عليه شيء؛ لأن هذا هو الذي كلف به: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل:43]، أما إذا كان قصده تتبع الرخص فعليه الإثم والفدية؛ تذبح في مكة وتوزع على الفقراء، والذي يبدو -والله أعلم- أن مثل هؤلاء يقصدون تتبع الرخص؛ لأن من العلماء من هو أعلم من الذي أفتاهم يقول: لا يجوز، ولا يمكن أن تكون الأمة كلها إلا واحد أو اثنين عطاء بن أبي رباح والثاني والثالث، تجمع على أنه لا يجوز قبل الزوال ونتبع واحداً من ملايين الملايين.

    المهم إذا كان قصدهم تتبع الرخص فعليهم الفدية مع الإثم والتوبة إلى الله عز وجل، وإن كان لا يثقون بعلمه ويقولون: هذا عالم موثوق فليس عليهم شيء.

    حكم المسافر إذا أدرك الإمام وهو في التشهد في صلاة الجمعة

    السؤال: فضيلة الشيخ! رجل مسافر أدركته الجمعة وهو في الطريق، فوقف ودخل المسجد فأدرك الإمام في التشهد الأخير، فهل يصلي أربعاً اتباعاً للإمام أم يصلي ركعتين؟

    الشيخ: لكن الإمام صلاها جمعة ولم يصلها أربعاً؟

    السائل: لا؛ لأنه مقيم.

    الشيخ: لكنه صلاها جمعة ركعتين.

    السائل: نعم. لكن لو كان مقيماً لصلاها أربعاً.

    الشيخ: لو كان مقيماً أما الآن فليس بمقيم، فهذا يصلي ركعتين فقط؛ لأنه لما فاتته الجمعة صار فرضه الظهر والظهر في حقه ركعتان مقصورة.

    حكم زواج أولاد الإخوة من الرضاعة

    السؤال: فضيلة الشيخ! جدتي أم الوالدة أرضعتني مع خالي، فهل يجوز الآن أن يتزوج أولاد خالي ببناتي، والعكس؟

    الجواب: أنت رضعت من جدتك؟

    السائل: أنا رضعت من جدتي.

    الشيخ: كم مرة؟

    السائل: حولان كاملان.

    الشيخ: حسناً! خمس رضعات تكون ولداً لها.

    الشيخ: أسألك: هل تكون أنت ولداً لها؟

    السائل: نعم.

    الشيخ: إذاً يكون خالك أخاً لك من الرضاعة، فبناتك هو عمهن، وبناته أنت عمهن.

    السائل: يعني: أنه لا يجوز لي أن أتزوج من بناته؟!

    الشيخ: هل يجوز أن يتزوج أحد ببنت أخيه؟!

    حكم من نوى السفر وأقيمت الصلاة قبل خروجه من البلد

    السؤال: المسافر إذا دخل عليه -مثلاً- وقت صلاة الظهر وأذن وهو قد عزم على السفر وركب السيارة هل يؤخر الظهر إلى العصر أو يصلي معهم؟

    الجواب: لا بأس، إذا أذن وهو في بلده فله أن يؤخرها ويصليها قصراً، لكن إذا سمع الإقامة وهو في بلده فلا بد أن يصلي.

    السائل: يصلي الظهر أم الظهر والعصر؟

    الشيخ: العصر لا يصلها؛ لأنه لم يسافر بعد، إذا سمع الإقامة يصلي مع الناس الظهر، ثم يركب وإذا جاء وقت العصر صلاها.

    السائل: ليس قصراً بل تامة؟

    الشيخ: نعم تامة هو في بلده، لكن إذا خاف فوات السفر، مثل أن يكون له موعد في إقلاع الطائرة لو تأخر حتى يأتي الإمام ويقيم تفوته الرحلة فهنا يعذر لتركه الجماعة، ويخرج ويصلي ظهراً مقصورة.

    حكم من جلس في مكة لعذر بعد طواف الوداع

    السؤال: فضيلة الوالد الشيخ! رجل يقول: حججت هذا العام بإذن الله ولكني رميت الجمرات يوم الخميس الثاني عشر من ذي الحجة بعد صلاة الظهر، ثم ذهبت إلى مكة وطفت طواف الوداع وانتهيت من ذلك في الساعة الخامسة تقريباً قبل المغرب، ثم ذهبت إلى مسكني في العزيزية وكانت نيتي أخذ أغراضي والسفر إلى جدة مباشرة؛ لأن لي قريباً بها أقضي معه عدة أيام، ولكن نظراً لحالتي الصحية التي أصابتني يوم عرفة لم أستطع، فأجلت سفري حتى الصباح فنمت في مسكني واستيقظت صباحاً وسافرت من مكة إلى جدة في الساعة التاسعة صباحاً تقريباً أفيدونا هل عليَّ من فدية؛ لأنه لم يعد طواف الوداع ....؟

    الشيخ: هل هو من جدة أو من أين؟ هل هو ساكن في جدة؟

    الشيخ: هو من أهل القصيم .

    الشيخ: الواجب عليه أنه يرجع من جدة ويطوف، أو يطوف قبل أن يسافر، فالذي أرى أن يذبح فدية في مكة توزع على الفقراء احتياطاً.

    حكم اللحوم المستوردة

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما حكم ما يفعله بعض الناس من التحرز من عدم أكل اللحوم المستوردة؟

    الجواب: إذا كانت الشبهة عنده قوية فلا بأس، وهذا من باب الورع، وأما إذا كان مجرد وهم كما هو الواقع فهو مخطئ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سأله قومٌ قالوا: (يا رسول الله! إن قوماً يأتوننا باللحم لا ندري أذكروا اسم الله عليه أم لا؟ فقال: سموا أنتم وكلوا) قالت عائشة راوية الحديث: [وكانوا حديثي عهدٍ بكفرٍ] وحديث العهد بالكفر يجهل كثيراً من أحكام الإسلام، ومع ذلك قال: سموا أنتم وكلوا، كأنه يقول: ليس عليكم أن تسألوا عن فعل غيركم، اسألوا عن فعلكم أنتم، فعل غيركم الذبح وقد انتهى، وفعلكم أنتم الأكل فسموا، والغالب أن الذي يمتنع في السعودية خاصة أنه يمتنع بناء على وهم لا حقيقة؛ لأن الذي سمعنا نحن في مجلس هيئة كبار العلماء من وزير التجارة ومن له صلة بهذا الأمر أنه لا يرد على السعودية إلا شيء مذبوحٌ على الطريقة الإسلامية وبالتسمية وبكل شيء،وأما ما يشاع من أنهم وجدوا كرتوناً مكتوباً عليه ذبح على الطريقة الإسلامية وإذا هو سمك، فما أدري عن صحته، وإن صح فربما الذين يعبونه هناك أناس لا يعرفون اللغة العربية وعندهم سمك ودجاج فوضعوا هذا في هذا وهذا في هذا.

    معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة ...)

    السؤال: فضيلة الشيخ: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها

    الجواب: هذا خطير جداً يوجب على الإنسان أن يقطع العجب عن نفسه، لا يقول: أنا عملت أنا عملت، هذا الذي عمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع -يعني: في الزمن- بمعنى: قرب أجله، ليس معناه في الرتبة، يترقى بعمله حتى لم يبق إلا ذراع؛ لأنه لو كان كذلك لم يقتله الله عز وجل، لكن في الزمن حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع يعني في الزمن، أما عمله فليس بشيء؛ لأنه لو كان عمله رقاه إلى أن يكون بينه وبين الجنة ذراع ما خذله الله عز وجل، كيف يخذله وهو يقول: (من تقرب إليَّ شبراً تقربت إليه باعاً).

    إذا قال قائل: كيف يكون عمله عمل أهل الجنة؟

    نقول: نعم، هذا فيما يبدو للناس أنه من أهل الجنة، نسأل الله أن يعيذنا وإياكم من هذه الحال، حال صعبة، ويدل لهذا القيد ما أخرجه البخاري: أن رجلاً كان مع الرسول عليه الصلاة والسلام في إحدى الغزوات وكان رجلاً شجاعاً لا يدع للعدو شاذة ولا فادة إلا قضى عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هذا من أهل النار) -نسأل الله العافية- فعظم هذا على المسلمين، قالوا: كيف يكون هذا الرجل الشجاع المقدام من أهل النار؟!! فقال رجل: والله لألزمنه ما معنى لألزمنه؟ أي: أكون معه لأرى النهاية، فلازمه فأصيب هذا الرجل بسهمٍ من العدو فجزع فسل سيفه ووضع ذبابه على صدره ثم اتكأ عليه حتى ظهر من ظهره والعياذ بالله، فصارت النهاية أن قتل نفسه، فعاد الرجل الذي لزمه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال: أشهد أنك رسول الله! قال: بم؟ قال: إن الرجل الذي ذكرت لنا بالأمس أنه من أهل النار فعل كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار) أسأل الله أن يحسن لي ولكم الخاتمة، علينا أن نتريث في الأمور وأن ننظر ماذا نحن فيه وألا نعجب بأنفسنا، فعملنا مهما كان فإن ذنوبنا عظيمة وكثيرة.

    إذاً.. معنى قوله: (حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع) ؟

    في الزمن لا في الرتبة، أي: حتى يقرب أجله فيعمل بعمل أهل النار، مثل هذا الرجل الآن عمله عمل أهل الجنة فيما يبدو لنا، لما قرب أجله صار هذا.

    أما رجل يعمل بعمل أهل الجنة مخلصاً لله متبعاً لرسول الله حتى يكون في منـزلة عالية لم يبق بينه وبين الجنة إلا ذراع فهذا لا يمكن أن يخذله الله عز وجل؛ لأن الله أكرم من عبده سبحانه وتعالى.

    وقت رمي الجمار

    السؤال: فضيلة الشيخ من يقول برمي الجمار في الليل لأنه لم ينته الوقت، إذاً متى ينتهي وقت رمي الجمار؟

    الجواب: الذين يقولون: إنه يمتد وقت الرمي إلى فجر اليوم الثاني يقولون: إن الرسول عليه الصلاة والسلام حدد أوله ولم يحدد آخره، وأن ما جاز في أول الليل جاز في آخر الليل، كالوقوف في عرفة ؛ فالوقوف في عرفة معلوم أن يوم عرفة ينتهي بغروب الشمس، لكن ليلة العيد التي هي ليلة العاشر تتبع الذي قبلها اليوم التاسع، فقال: هذه مثلها.

    ومن الناس من يقول: يرمي في الليل إلى منتصفه فقط، وحجتهم بهذا أن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله رجل قال: (رميت بعدما أمسيت، قال: لا حرج) قالوا: والمساء يكون من نصف النهار الأخير إلى آخر نصف الليل الأول.

    والذي يظهر لي أن القول: بأنها تمتد إلى الفجر أقرب للصواب.

    حكم تقديم الصلاة لمن يدخل البلد وقت الصلاة الثانية

    السؤال: فضيلة الشيخ: إذا كان الإنسان مسافراً ثم أقبل على بلده يريد أن يجمع ويقصر -مثلاً- الظهر والعصر ولكن في ظنه أنه يصل إلى بلده قبل وقت العصر ثم يأتي وينام ويترك صلاة العصر؟

    الشيخ: لكنه قد صلاها؟

    السائل: قد صلاها مع الظهر، فهل يحق له أن يصليها مع الظهر؟

    الجواب: أقول: الإنسان مادام لم يصل إلى بلده ويدخل البلد فعلاً فله الترخص برخص السفر من الجمع والقصر، ولهذا صلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه ركعتين وقد أقبل على الكوفة فقالوا: [يا أمير المؤمنين! هذه الكوفة ! فقال: إنا لم ندخلها]. فيجوز للإنسان أن يترخص برخص السفر كلها حتى يدخل البلد، فإذا صلى العصر مع الظهر ودخل البلد قبل العصر فله أن ينام ولا حرج عليه؛ لأنه أبرأ ذمته.

    حكم استخدام الوساطة لإسقاط المخالفات المرورية

    السؤال: فضيلة الشيخ: هل يجوز للإنسان أن يبحث عن شفاعات لإسقاط المخالفات المرورية، كالسرعة وقطع الإشارة وعدم حمل الرخصة والاستمارة؟

    الشيخ: هل هو مظلوم بذلك أم لا؟

    السائل: لا يا شيخ.

    الشيخ: غير مظلوم.

    السائل: في الغالب.

    الشيخ: إذا كان غير مظلوم فإنه لا يجوز أن يسقط الإنسان شيئاً نظمته الحكومة أو يحاول إسقاطه.

    أما إن كان مظلوماً فله أن يحاول دفع الظلم عن نفسه بأي وسيلة مباحة، أما الضرائب المرورية أو الجزاءات المرورية فمعروفة لكل أحد، والآن انظر كيف هي الحوادث عندنا مع العلم بأن الحكومة جزاها الله خيراً ما قصرت، بل نظمت جزاءاتٍ تردع الإنسان، لكن المخالفات كثيرة، ومن نظر إلى الإحصاءات يتعجب كيف يكون هذا في البلد؟!

    حكم تعدد النية في النوافل

    السؤال: إنسان يريد أن يصلي النافلة ويسأل عن ذوات الأسباب فهو يريد أن يصلي سنة بنيتين؟

    الشيخ: مثل؟

    السائل: مثلاً: سنة الوضوء وسنة الظهر، وكذلك تحية المسجد، هل يجوز أن يجمع الثلاث؟

    الجواب: القاعدة في هذا: أننا إذا علمنا أن الشارع إنما أراد منا أن نصلي، فإذا صلى بنية واحدة كفى، لكن ما قُصدت بعينها لا يكفي عنها ذات السبب، مثال ذلك: رجل توضأ لصلاة الظهر بعد أذان الظهر، فالآن أمامه شيئان وهما: سنة الوضوء وراتبة الظهر، فإذا صلى بنية راتبة الظهر نقول: الآن حصل المقصود، فقد صليت الآن ركعتين تحية المسجد أيضاً سنة فرجل دخل المسجد بعد أذان الظهر وصلى راتبة الظهر نقول: حصل المقصود؛ لأنك لم تجلس حتى صليت ركعتين، لكن لو نوى تحية المسجد لم تسقط الراتبة، إذا نوى ذات السبب لم تسقط الأخرى الراتبة، نظيرها الوداع وطواف الإفاضة لو طاف عند السفر وهو لم يطف طواف الإفاضة ونوى طواف الوداع لم يسقط طواف الإفاضة، ولو نوى طواف الإفاضة سقط طواف الوداع.

    حكم الطواف بعد السعي

    السؤال: فضيلة الشيخ: رجل في يوم العيد سعى دون أن يطوف، وأخر الطواف إلى اليوم الثالث، واحتج بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (افعل ولا حرج) بجواز التقديم والتأخير، فهل فعله هذا صحيح؟

    الجواب: نعم صحيح؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم سأله رجل: (سعيت قبل أن أطوف؟ قال: لا حرج).

    السائل: هل الترتيب والموالاة بينهما شرط؟

    الشيخ: لا. ليست شرطاً لا في الحج ولا في العمرة، حتى في العمرة لو طاف الإنسان في أول النهار وسعى في آخره أو طاف في النهار وسعى في الليل فلا بأس.

    حكم من أمر بأمر يخالف الشريعة

    السؤال: إنسان أتاه أمر من مسئول عليه بما يعتقد أنه مخالف للشرع فهل يستجيب له، خاصة إذا كان أمر بترك العمل؟

    الشيخ: بترك العمل؟!

    السائل: إذا لم ينفذ -مثلاً- هذا الأمر يترك العمل الذي وكله إليه، ويأتي بالعمل الآخر، فهل يستجيب ويفعل هذه المخالفة وهو يعتقد أنها مخالفة للشرع، أو أنه يرى ..؟

    الجواب: أما إذا أكره على هذا فلا حرج عليه، وصفة الإكراه أنه إذا لم يفعل فصل عن وظيفته.

    السائل: لا يفصل بل يحول إلى عمل آخر؟

    الشيخ: إذا كان يحول إلى عمل آخر مباح فإنه يمتنع، يقول: هذا حرام ولا أستطيع أن أفعله، لكن ليعلم أنه إذا لم يفعله سوف يفعل هذا الشيء رغماً عنه وتبقى عليه صفحة سوداء، وربما يضايقونه بأشياء كثيرة، فالإنسان ينظر المصالح والمفاسد.

    كيفية الصدقة عن الميت

    السؤال: قلنا: الصدقة على الميت تجوز، وهناك بعض الناس إذا مات ميت يعزيه الناس في وقت معين وفي مكان محدد، وبعد شهر وبعد أسبوع يذبحون الذبائح ويتصدقون ويستدلون بالحديث الذي ذكرته عنه؟

    الجواب: هذا خطأ، الصدقة عن الميت أن يأخذ الإنسان دراهم ويعطيها الفقير، وليس أن يصنع الطعام، فصنع الطعام وجمع الناس عليه من النياحة، والنياحة حرام، ولذلك تجد هؤلاء الذين يصنعون الطعام زعماً منهم أنهم يتصدقون به يحضر عندهم الغني والفقير، والفاسق والعدل، والفاجر والعفيف ولا يبالون، فهذه بدعة وهي من النياحة كما قاله جرير بن عبد الله البجلي: [كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنع الطعام من النياحة].

    أجر الصلاة خارج المسجد النبوي

    السؤال: قال صلى الله عليه وسلم: (صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه) وبعض الناس يقول: إن الذي صلى خارج المسجد النبوي لا يحصل على هذه المضاعفة وإن كانت الصفوف متصلة، فهل قوله هذا صحيح؟

    الجواب: هو صحيح إلا أن يخالفه الصحابة، فإن خالفه الصحابة فضع قوله في الأرض، والصحابة خالفوه؛ لأن عمر زاد في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام، وصلى المسلمون فيه، واعتبروه مسجداً للنبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك عثمان زاد من جهة القبلة أيضاً، وصار مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام وراء الناس، وصار الناس يأتون إلى الصف الأول في زيادة عثمان رضي الله عنه في عهد الصحابة، فلا ندري أهذا الرجل أعلم من الصحابة أو أتقى من الصحابة؟ لا هذا ولا هذا، وقد ورد حديث عن النبي عليه الصلاة والسلام: (أن مسجده مسجده ولو وصل إلى عدن ) أين هي عدن؟ في أقصى اليمن، فمسجد الرسول مهما امتد ولو وصل إلى عدة صفوف فهو مسجد الرسول عليه الصلاة والسلام.

    السائل: هو يقول: الذي صلى خارج البناء والصفوف متصلة هذا ليس داخلاً في المضاعفة بخلاف الذي صلى في الداخل؟

    الشيخ: نعم، هو صحيح أنه ما صلى فيه، لكن صلى خارج المسجد، لكن الجماعة واحدة، وكما جاء في الحديث: (هم القوم لا يشقى بهم جليسهم) وهذا فيمن جلس في حلقة ذكر يريد أمراً دنيوياً. فالذي نرى أنه إذا اتصلت الصفوف فالحكم واحد إن شاء الله تعالى.

    وسبحانك اللهم ربنا وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756433556