إسلام ويب

وسائل تقوية الإيمانللشيخ : نبيل العوضي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • قبل أن يبدأ الشيخ في الدرس تحدث عن احتقار الناس وحذر من ذلك، ثم بدأ بذكر الأسباب التي تقوي الإيمان، مبيناً أن من أعظم الأسباب التي تقوي الإيمان قراءة القرآن الكريم، وهناك قصص توضح ذلك، منها إسلام جبير بن مطعم لسماعه آية أو آيتين من القرآن، وكذلك بعض الشباب عادوا إلى الله لمجرد سماعهم آيات من القرآن. ثم انتقل الشيخ إلى السبب الثاني وهو الصحبة، فحذر من صحبة قرناء السوء، ونصح الآباء نصائح من أجل الحفاظ على أسرهم وأبنائهم. كما أن الشيخ أجاب على أسئلة تهتم بالأمور الاجتماعية والدعوية.

    1.   

    إياك واحتقار غيرك من المسلمين

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، وخاتم النبيين وعلى آله وصحبه.

    أما بعد:

    أرحب بكم في بيت من بيوت الله عز وجل، وأرجو قبل أن نبدأ أن نستشعر المكان الذي نحن فيه، وأن نستشعر الليلة التي نحن فيها، وأن نستشعر الكلام الذي نسمعه، كم من الناس الآن في هذه اللحظة التي تستمعون فيها إلي الآن؛ ربما يسهر على أفلام ومسلسلات!

    كم من الناس الآن في المقاهي يدخن!

    كم من الناس الآن من يتجول في الأسواق!

    كم من الناس الآن من يعاكس الفتيات، وربما يسهر على الغناء وربما يفعل ويفعل!

    الناس شتى إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى [الليل:4] وانظر إلى اصطفاء الله عز وجل لك من بين الناس أن جاء بك إلى هذا المسجد لتسمع ذكره جل وعلا، وهذا يحتاج إلى شكرٍ وإلى استغفار، من أنا حتى يختارني الله عز وجل من بين الناس، أتعرف كم إنسان يعيش في الأرض؟

    اليوم يعيش أكثر من خمسة مليارات إنسان على وجه الأرض، أكثر من خمسة آلاف مليون لا يعرفون الله جل وعلا.

    ومليار ومائتا مليون مسلم؛ منهم من يعبد حجراً.. منهم من يعبد قبراً.. منهم من يعبد خيطاً.. منهم من يعبد رجلاً.. منهم من يشرك مع الله غيره، انظر إلى اصطفاء الله لك حين جعلك من الموحدين: بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17] الله هو الذي هداك.

    أول قضية قبل أن نبدأ في وسائل تقوية الإيمان ألا تحتقر الناس، لا تقل: أنا أصلي وأصوم وأتصدق، والناس لا يفعلون شيئاً من ذلك، إياك من احتقار الناس، لا تنظر إلى أهل المعاصي فتقول: أنا خير منهم، احتقر المعصية لكن لا تحتقر الناس، ربما هو يندم ويستغفر ويكون أقرب إلى الله منك، وربما نحن نعجب بأعمالنا وصلاتنا وصيامنا فيرد الله علينا العمل، لا تحتقر الناس، قل دوماً: أنا أضعف منهم، أنا أقل منهم منزلة، أنا أقل الناس ديناً وإيماناً، احتقر نفسك دوماً.

    قصة رجل من بني إسرائيل اغتر بعمله

    اسمع للقصة في بني إسرائيل يقصها النبي عليه الصلاة والسلام، قصة رجل عابد داعية؛ لكن اغتر بنفسه، كان يرى كل يوم رجلاً صاحب معصية فيقول له: يا فلان! اتق الله ودع ما أنت فيه.

    تخيل لو أنك تمر على رجل -والعياذ بالله- وهو يشرب خمراً أو رجل -والعياذ بالله- فاحش، أو امرأة منظرها قبيح، كان يقول له: اتق الله ودع ما أنت فيه فيرد العاصي على الداعي إلى الله، يقول له: إليك عني، أجعلت علي رقيباً؟

    أي: هل أحد سلطك علي؟

    ردٌّ غير حسن، وكل يوم يدعوه؛ لكن الخطورة أن الشيطان استطاع إغواء الداعية، فإذا بالداعية يغتر بنفسه وهنا الخطورة؛ أن ترى لنفسك فضلاً على الناس، وأن ترى أنك أفضل من غيرك، وأن تحتقر الناس؛ فإذا به يقول: والله لا يغفر الله لك، من قال لك: أن الله لا يغفر له؟

    قال: والله لا يغفر الله لك، فإذا بربنا جل وعلا يرد عليه يقول: (من ذا الذي يتألى علي؟) من الذي نصب نفسه رباً وحكماً وإلهاً على الناس قال: (قد غفرت له -يعني: للعاصي- وأحبطت عملك) أبو هريرة يعلق على هذا الحديث بقوله: [قال كلمة أوبقت دنياه وآخرته] إياك أن تحتقر الناس، وقل دائماً: يا رب! حبب إلي الإيمان وزينه في قلبي.

    1.   

    القرآن وتقويته للإيمان

    أهل الإيمان الكامل ما هي صفاتهم؟

    الله عز وجل يقول عنهم: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2] القلب يوجل إذا ذكر الرب.

    أبو حنيفة قال له طفل: يا إمام! اتق الله، فاصفر لونه، وتغير وجهه لأنه ذكره بالله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ [الأنفال:2] أول صفة من صفات أهل الإيمان الكامل أن إذا سمع القرآن أو الأذان أو الذكر؛ اضطرب القلب، واضطربت الجوارح واهتزت.

    قصة علي بن الفضيل مع القرآن

    علي بن الفضيل بن عياض؛ هذا رجل عابد، وأبوه رجل عابد يسمى: عابد الحرمين وهو الفضيل بن عياض، كنيته أبو علي عنده ولد اسمه علي صار علي أشد عبادة من أبيه.

    في يوم من الأيام يقول: دخلت في البيت فوجدته يجول في الغرفة ويبكي ويبكي فقلت له: يا بني! لمَ تبكي؟

    قال: يا أبي تفكرت في النار وكيف الخلاص منها فبكيت.

    بكى لأنه تذكر النار, ثم قال: يا أبي! سل الذي وهبك إياي في الدنيا أن يهبني إياك في الآخرة في الجنة، ادع الله إذا دخلت الجنة أن يحلقني لك.

    كان الفضيل إذا صلى الصلاة وعلم أن ابنه يصلي وراءه لا يرتل، ويقرأ قراءة عادية؛ لماذا؟

    يعرف أن ابنه لا يتحمل ترتيل القرآن، بكاؤه شديد، ينقطع قلبه ويضطرب، في يوم من الأيام كبر وابنه لم يكن وراءه، فدخل في الصلاة وأبوه يصلي ما علم أن ابنه دخل، والأمر الآخر أنه قرأ آية تتفطر منها القلوب، وتتكسر منها الصخور، وتتصدع منها الجبال، فأيُّ آية تلك؟

    إنها قول الله جل وعلا: وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر:47] فسمع صوت ابنه يبكي فخفف الصلاة وأتمها فوجدوا ابنه قد أغمي عليه من شدة البكاء، لكن نحن لا نصل إلى هذا المستوى؛ لكن نقول: أين التأثر؟

    أين التدبر؟

    أين دمعة العين؟

    لوحدك ليس أمام الناس والأمر كالسر، كانوا يصلون فيبكي الواحد منهم ولا يدري من بجانبه، وينام مع زوجته على وسادة واحدة يبكي ما تدري عنه زوجته، إخلاص.. دمعة تنزل؛ لكن لله لا شهرة ولا سمعة حتى يقال: فلان بكاء وفلان خاشع، لا.. لا يبالون بالناس أصلاً.

    ابن المنكدر وقصته مع القرآن

    محمد بن المنكدر هل سمعتم به؟

    أبو عبد الله العابد الزاهد؛ دخل البيت يوماً فأخذ يبكي، ومن أول أسباب تقوية الإيمان: أن تتأثر بالذكر وبالقرآن: وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً [الأنفال:2].

    ابن المنكدر بكى في البيت فقالت زوجته: يا أبا عبد الله! هون على نفسك لِمَ كل هذا البكاء؟

    قال: إليكِ عني، أنت لا تعلمين ما الذي أصابني، فخرجت زوجته وخافت على زوجها، فذهبت إلى صاحبه أبي حازم فقالت: يا أبا حازم! تعال إلى صاحبك فقد قطع البكاء قلبه، فجاء أبو حازم وقال: يا أبا عبد الله! ما الذي جرى؟

    قال: يا أبا حازم! آية مرت علي من القرآن، توقفت عندها ما تحملتها قال: أي آية؟ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر:47] تعرف ما معنى الآية؟

    بعض الناس يظن أنه قد أصاب الفردوس وأنه يدخل الجنة وأنه من المتقين المؤمنين الصادقين، فإذا جاء يوم القيامة وجد الأمر على غير ما كان يظن، وجد الأمر ضد ما كان يظن، جاء يوم القيامة فإذا به يرى الحسنات سيئات، يرى الجنة ناراً، أعماله الصالحة صارت هباءً منثوراً: وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ [الزمر:47] فإذا به يبكي فبكى أبو حازم واشتد بكاؤهما: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً [الأنفال:2].

    القرآن يثبت القلب ويزيد في الإيمان

    أعظم أسباب تقوية الإيمان القرآن: كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ [الفرقان:32] يثبت القلب، ويزيد الإيمان، كم كان النبي بحاجة للقرآن في حياته؟

    ما نزل القرآن جملة واحدة؛ لماذا؟

    حتى يثبت النبي عليه الصلاة والسلام، سورة بعد سورة، آية بعد آية، حتى يثبت القلب ويطمئن، تأتيه امرأة عجوز حقيرة تقول: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا قد هجرك -تقصد: الوحي تستهزئ بالنبي عليه الصلاة والسلام- فحزن وضاق صدره فأنزل الله: وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى * وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنْ الأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى [الضحى:1-5] يأتون ليستهزئوا به فينزل الله عز وجل آيات تصبره وتثبته.

    في يوم من الأيام جاءه رجل، يقول له: اعدل يا محمد، هذه قسمة ما أريد بها وجه الله، وذلك بعد حنين - قال: (ويحك! من يعدل إن لم أعدل؟).

    هذا من رءوس الخوارج، ومن الذين كانوا يُكَفّرون بالمعصية، واعتدوا حتى على مقام النبوة، يتهم النبي عليه الصلاة والسلام بالظلم، من يعدل إذا ما عدل النبي صلى الله عليه وسلم؟

    لكنها السفاهة والسفالة، سفهاء أحلام حدثاء أسنان، فقال خالد: دعني أضرب عنقه -أي: أقتل هذا المرتد الذي يتهم النبي عليه الصلاة والسلام، قال عليه الصلاة والسلام: (لا تقتله؛ حتى لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه ثم قال: رحم الله موسى أوذي أكثر من هذا فصبر) موسى عليه السلام يذهب يكلم ربه، فيرجع، فيجد قومه يعبدون العجل، موسى عليه السلام لما كلمه الرب جل وعلا وسمع بعض العباد -عباد بني إسرائيل الذين ذهبوا يستغفرون الله لبني إسرائيل- قالوا لموسى عليه السلام: لن نؤمن لك، وهم أعبد بني إسرائيل، قال: لِمَ لا تؤمنون لي؟

    قالوا: لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة، فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون، أخذ الله أرواحهم وماتوا، ثم بعثهم الرب جل وعلا، فقد كان بنو إسرائيل معاندين لما قال لهم: يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ [المائدة:21] ماذا قالوا لموسى عليه السلام في نهاية الأمر؟ قالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ [المائدة:24] انظروا أذى بني إسرائيل لموسى عليه السلام.

    أعظم ما يقوي إيمانك يا عبد الله! القرآن، اقرأ القرآن.. قصص الأنبياء.. توحيد الله وآياته.. المعجزات في القرآن، عندما تقرأها يزداد إيمانك، كل ليلة يسهر الرجل على الأفلام الخليعة إلى آخر الليل، والرب يقول: (هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟).

    وآخر يقيم على الأفلام الخليعة يقول لي صاحبه: والله إذا أذن المؤذن لصلاة الفجر ضاق صدره، واشمأز، وأغلق النافذة، ورفع صوت التلفاز حتى لا يسمع الأذان؛ يكره حتى صوت الأذان: وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ [الزمر:45] مطرب أو مطربة إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ [الزمر:45] ما عنده مانع من أن يحضر حفلة غنائية ثلاث ساعات؛ لكن خطبة الجمعة ثقيلة، ما عنده مانع أن يقف أربع ساعات أمام التلفاز؛ لكن نصف ساعة يصلي التراويح صعبة فيقول: أطال علينا الإمام.

    لا يرتاح إذا سمع ذكر الله، أما إذا سمع من دونه أهل الغناء والطرب يبشر ويفرح، هل سمعتم بالمشركين كيف تأثروا بالقرآن؟ هل تعلم أن أبا جهل فرعون هذه الأمة كان يذهب أحياناً في الليل خفية يستمع إلى قراءة النبي للقرآن، ورآه بعض المشركين، وإذا به يعتذر أنه فقط يسمع هكذا، ولكنه كان يتلذذ بقراءة القرآن، فلماذا لم يؤمن؟

    عناد وكبر؛ حتى لا يقال: إن الإمارة والسيادة صارت لغيره، فقط لهذا ما آمن ولكنهم كانوا يعرفون أن القرآن حق، وأنه كلام الله، يسمعونه رطباً من النبي عليه الصلاة والسلام.

    إسلام جبير بن مطعم عند سماع القرآن

    جبير بن مطعم يقول: كان أبغض رجل لدي محمد صلى الله عليه وسلم يقول: فذهبت إلى المدينة -ربما يريد قتله- فجئت في صلاة المغرب.

    تخيل المدينة في صلاة المغرب كيف حالها؟

    هل هناك أحد فاتح محله ليبيع أو يتمشى في شوارع المدينة؟ رجالهم، نساؤهم، حتى أطفالهم في المسجد؛ لأن جميع الناس في المسجد، مَنْ إمامهم؟

    محمد عليه الصلاة والسلام يقرأ فيهم في ذلك اليوم في صلاة المغرب سورة الطور، والحديث في البخاري يقول جبير قبل إسلامه: سمعت القرآن. الكل في هدوء وإنصات وخشوع فإذا النبي يقرأ: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ [الطور:35] وكانت قراءته هادئة آية آية، السؤال موجه للمشركين؛ الله يقول لهم: هل أنتم خلقتم من غير شيء؟

    هل خلقتم من عدم؟

    طبعاً لا. إذاً من خلقكم؟

    اسمع الآية الثانية: أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35] أنت خلقت نفسك يا جبير؟

    طبعاً لا. الآن بدأ يناقش نفسه، إذاً هناك خالق وأنا لم أخلق نفسي؛ إذاً من الذي خلقنا؟

    يا جبير! انظر للسموات السبع.. للأرض.. للجبال أكبر من خلق الناس؛ مَنْ خلقها؟

    أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ * أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ [الطور:35-36] يقول جبير: وقر الإيمان في قلبي -سمع آيتين أو ثلاث آيات- وانتهت الصلاة، يقول: جلست مع النبي صلى الله عليه وسلم وسأله بعض الأسئلة، فإذا بـجبير يقول أمام الناس: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، يقول: فصار أحب إنسان في قلبي محمد عليه الصلاة والسلام.

    أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].

    شاب يتوب بعد سماعة آية واحدة

    يقول أحد العسكريين: كنت حارساً في معسكر وما صليت لله منذ سنين يقول: صادف ذلك اليوم عند المعسكر مسجد، وجاءنا شيخ يتحدث في المسجد، والسماعات الخارجية مفتوحة، فكنت أسمع وأنا حارس في الخارج، يقول: أخذت أسمع والشيخ يتحدث عن آية واحدة يشرحها وهي قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18] ماذا قدمت؟

    يقول: فأخذت أسمع ثم -والله- بدأ الدمع ينزل من عيني؛ بدأ يبكي؛ أول مرة يسمع هذه الآية، موت، قبر، جنة، نار، ماذا قدمت لغد؟ هل استعد كل واحد منا وجهز لذلك اليوم؟ والشيخ يتحدث فقال لي أصحابي: ما الذي جرى؟

    فاستأذنت منهم وخرجت، فذهبت إلى المسجد، فدخلت إحدى دروات المياه -أجلكم الله- وكان فيها مسبح فاغتسلت، يقول: لم أغتسل من جنابة منذ سنين، ولهذا ظل في نجاسته سنوات يقول: ثم خرجت ودخلت المسجد ولا زال الشيخ يحدث، فصليت ركعتين، وأخذت أستمع والدموع تنهمر، وأنا أبكي طوال الحديث يقول: والله ما أن انتهى الشيخ من حديثه إلا وقررت أن أبدأ حياة جديدة. وانشرح صدري وأنار الله قلبي: أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ [الزمر:22] انشراح الصدر بالطاعة.. بالذكر.. بالصلاة، يقول فجلست مع الشيخ بعد الحديث دقائق معدودة يكتب قصته وهو يقول: أنا الآن -بفضل الله- أحد الدعاة إلى الله عز وجل، لم يصلح فحسب بل بدأ يصلح غيره، آية يا عبد الله: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّه [الحشر:21].

    شاب يسمع آية في المنام فيهتدي

    أحياناً: يسمع الإنسان الآية قدَرَاً، فيمر في طريقٍ ويسمع إماماً من إذاعة أو من شريط، اسمعوا لهذا الشاب متى سمع الآية وأين سمعها؟

    يقول: كنت مولعاً بالغناء، لا أسمع القرآن ولا أصلي ولا أعرف الدين، أمي عجوز تنصحني وكنت لا أستمع لحديثها يقول: وعندي جار داعية كلما رآني نصحني فأقول له: إن شاء الله، وأذهب أخدعه، يقول: في ذلك اليوم أغلظ عليَّ في النصيحة، فقلت: إن شاء الله أعدك أني سوف أصلي، لكن بعد أن ذهب لم أصل وما استقمت، يقول: فنمت تلك الليلة فرأيت في المنام رؤيا؛ رأيت أنني أمشي على شاطئ البحر، فسمعت صوت أحسن مغنية عندي، أُحِبُّ صوتها وعندي أشرطتها، فسمعت صوتها في المنام فاتجهت باتجاه الصوت حتى أخذ بكتفي رجل في المنام، فالتفت فإذا هو رجل ذو لحية بيضاء ووجه مضيء فقلت له: دعني دعني! قال: لن أدعك، قلت له: دعني سوف أذهب للصوت قال: والله لن أدعك، قلت له: ماذا تريد؟

    قال: اسمعني أكلمك ثم تذهب قلت: تفضل قال: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الملك:22] يقول: بدأت أقرأ القرآن معه في المنام هو يقرأ وأنا معه نرتل الآية يقول: حتى استيقظت من نومي وأنا أبكي، لماذا أبكي؟

    لا أدري، يقول: فوجدت نفسي أبكي وأردد الآية، فدخلت علي أمي فقالت: يا بني! ما الذي أصابك؟

    فقلت: يا أماه! رأيت في المنام رؤيا، وقصصت عليها الرؤيا وأخذت أقرأ الآية وأنا أبكي وأمي تبكي: أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [الملك:22].

    1.   

    المكوث في المسجد سبب لتقوية الإيمان

    من أسباب تقوية الإيمان: المكوث في المسجد، بعض المرات ليس لك عمل، فلماذا تخرج من المسجد؟

    بين الظهر والعصر أحياناً ما عندك دوام، إذاً: اجلس في المسجد، فانتظار الصلاة إلى الصلاة رباط مثل الجهاد في سبيل الله، أفطر أحياناً في المسجد، صل قيام الليل، بعض الناس كلما انتهى من الصلاة هرب، لماذا تهرب؟

    أين قلبك؛ معلق في البيت، أو في الأسواق، أو في الملاعب أو في المساجد؟ (ورجل قلبه معلق بالمساج) يا عبد الله! أين قلبك؟

    فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ [النور:36].

    والغدو بعد الفجر، ولكن سل أكثر مساجد المسلمين بعد الفجر هل فيها أحد؟

    أغلب المساجد تغلق بعد العصر، قلَّ من تجده في المسجد، لا يكثر من الجلوس في المساجد إلا الرجال، كما قال الله: رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ [النور:37].

    الصحابة وجلوسهم في المسجد

    صلى النبي صلاة العصر فخرج، فجاء إلى الصحابة فوجدهم في المغرب جالسين -من العصر إلى المغرب جالسين- قال (ما الذي أجلسكم؟

    قالوا: صلينا، وننتظر الصلاة الثانية قال: آلله ما أجلسكم إلا هذا؟

    قالوا: آلله ما أجلسنا إلا هذا، قال: آلله ما أجلسكم إلا هذا؟

    قالوا: آلله ما أجلسنا إلا هذا، وسألهم المرة الثالثة فأقسموا- قال: أشهدكم أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة) أي: يفتخر بكم عند الملائكة، الآن بعض أناس يتجولون في الأسواق بغير داعٍ، إلا بحجة قطع الأوقات، والأسواق أبغض البلاد إلى الله، لا تذهب إليها إلا لحاجة.

    وأنت الآن تجلس في بيت الله، يطلع الله إلى الأرض فينظر الناس في بيت الله فليسوا إلا القلة القليلة وأنت منهم: فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ [البقرة:152] أنت الآن تذكر الله، الله ينزل علينا السكينة وتغشانا الرحمة بإذنه، وتحف الملائكة وتنادى بعضها: هلموا هلموا إلى حاجتكم.

    أذكر في يوم من الأيام أنّا كنا في إحدى البيوت، وفي حوش هذا البيت قفص فيه ديك، وكان عندنا شيخ فاضل فقلنا: يا شيخ! تفضل بموعظة -كنا جالسين والوقت يذهب ونحن نريد ذكر الله عز وجل- فبدأ الشيخ يتكلم، والله يا إخوة ما إن قال: إن الحمد لله وكان الديك خلفه في القفص إلا وبدأ الديك يصيح ويصيح، وقد كنا نتكلم قبل ذلك وما صاح الديك، بدأ بالصياح حقاً عندما بدأ الشيخ يتكلم، وما تركنا نسمع الذكر لكثرة صياحه؛ إلى أن قال الشيخ: والحمد لله رب العالمين، فأُقسِمُ بالله أنه توقف الديك! تعرف لِمَ؟

    لأن الديك يرى الملائكة، يحس بها وأنت لا تشعر؛ لكن لو كشف الغطاء، ولو رفع الستار لرأيت الملائكة تنزل، أرأيت الرجل في السيارة وهو يمشي (ما خلا راكب بالله وذكره -يقرأ القرآن.. يسبح.. يستغفر، يسمع شريط محاضرة.. المهم أنه منشغل بذكر الله- إلا كان ردفه ملك -أي: يركب معه ملك- وما خلا راكب بالغناء إلا كان ردفه شيطان) قال تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ [الزخرف:36] أي: من يبتعد عن الذكر.

    اسمع يا عبد الله! اسمع إلى ما يحدث في الأولين والآخرين لتعرف أسباب تقوية الإيمان.

    1.   

    الصحبة الصالحة سبب لتقوية الإيمان

    من أعظم أسباب تقوية الإيمان: الصحبة، قل لي من تصاحب أقول لك من أنت.

    كم من الناس من قرر التوبة والهداية، وقرر أن يلتزم لكن عنده أصحاب -والعياذ بالله- لا يتركونه؛ يا فلان! تعال عندنا الليلة فيلم جديد، وعندنا سهرة إلى الصباح، أما سمعت آخر أغنية؟

    رأيت آخر المجلة؟

    هل عملت أين سافر فلان؟

    تعال نسافر، كلمات وإغراءات؛ لأنهم لا يريدون لأحد من الناس أن يهتدي، الواحد منا إذا تحسر يعض مرات على إصبعه لا شعورياً، هل رأيت واحداً في يومٍ من الأيام يدخل يديه الاثنتين داخل فمه يعض عليهما؟

    هذا يحصل يوم القيامة قال تعالى: وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ [الفرقان:27] يدخل يديه فيعض عليهما: يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً [الفرقان:27-28] يا ليتني ما عرفته، ياليتني ما صادقته، ما زاملته، ولا رأيته، يطلب رؤيته عند الله يوم القيامة، يا رب! أريد أن أرى فلان بن فلان.

    لماذا يريد رؤيته؟

    الله يسأله لماذا تريد أن ترى فلان بن فلان؛ الذي أضله وضحك عليه، وأعطاه الأشرطة والأفلام، والصور والمجلات، وعلمه طريق الحرام والمنكر.

    قال تعالى: رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْس [فصلت:29] شيطاني من الجن وشيطاني من الإنس، أريد أن أرى الاثنين يا رب! الذي ضحك علي من شياطين الجن، والذي ضحك علي من شياطين الإنس، هل تظن أنه يريد رؤية صاحبه لكي يعانقه أو يودعه أو يسلم عليه؟

    انظر لماذا يريد أن يرى صاحبه وزميله وحبيبه أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ [فصلت:29] لكن هل ينفع الندم؟

    الآن تريد أن تطأ قدمك على رقبته، أين كنت في الدنيا؟

    كلما قررت التوبة تضل لأجله، كلما عزمت على الهداية تركتها لأجله.

    (80%) يدمنون المخدرات بسبب الصحبة

    أكثر من (80%) من الذين وقعوا في المخدرات وهذه إحصائية في الكويت وقعوا بسبب صحبة السوء، والتقيت بكثير من المدمنين والله ما أرادوا الإدمان ما فكروا في حياتهم بالمخدرات، كانوا يخافون من شيء اسمه مخدرات، وكان أسوء شيء عندهم المخدرات، والآن صاروا مدمنين لها ومروجين والسبب الصحبة، فبعضهم كانوا يدخلون له المخدرات بأن يركب السيارة، ويضعون له البودرة في مكيف السيارة، أو في علب العصير، كراتين مغلقة غير مفتوحة ولكن فيها مخدرات، فكيف أدخلوا المخدرات في كرتون العصير؟

    بإبرة يدخلون (هروين) خالصاً بحيث يصير مدمناً بشربة واحدة، ثم لا يمكن أن يتخلص من الإدمان إلا ربما يموت أو يهتدي بصعوبة.

    رجل كان يعطي امرأة وردة، وتفرح هذه المسكينة، ولا تدري أنه عشيق وصاحب، وما تدري أنه يوقعها في المخدرات، يضع البودرة في الوردة وهي تشم الوردة وتشم المخدر، وكذلك في البيبسي.

    وجاءني شاب إلى المسجد وعمره اثنان وعشرون سنة بوجه مظلم، قبيح، كريه، مخيف، وأعطاني صورة جميلة، قلت: من هذا؟

    قال: هذا أنا، قلت: مستحيل! قال: والله يا شيخ هذا أنا قبل أن أدمن المخدرات، قلت له: كيف؟

    يقول: بشرب الشاي، كان عندنا ديون كنت أشرب الشاي فيه معهم يومياً، ويضعون لي البودرة وأنا لا أدري، حتى إذا أدمنت ونفدت أموالي، بدأت أروج، قلت له: تب إلى الله! واهجر صحبة السوء، قال: فكرت في التوبة فهددوني بالسلاح، وذلك لأن عنده أسراراً فإنه يعرف التجار، قلت له: والله لو قتلوك فأنت في سبيل الله، ومع هذا لن يستطيعوا قتلك (احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله) إياكم وصحبة السوء.

    1.   

    توجيه للآباء ليحرصوا على أبنائهم

    احرصوا على أولادكم، فبعض الكبار في السن لا يستطيع أن يضمن ولده أو بنته، يجده ذاهباً إلى المدرسة وراجعاً منها فيحمد الله، والأمر أخطر وأكبر، فكم من الناس من تعلم الإدمان في المدارس، ولا يعني أن نغلق عليهم الباب، ولكن يذهب إلي المدرسة وأنت تعرف من أصحابه، يدعو أصحابه يوماً عندك إلى البيت فتعرف من يخالط، ولا بد للأم أن تعرف صاحبات البنت، أما أن نترك الحبل على الغارب فلا.

    أخوك الصغير تداركه، الحقه -يا عبد الله- قل أن يقع الفأس في الرأس، ثم تندم ولات ساعة مندم، إي والله ولات ساعة مندم!

    قصة فتاة أهملها أبوها

    في يوم من الأيام اتصلوا على الأب وهو تاجر: أنت فلان قال: نعم. قالوا له: تعال إلى قسم الشرطة.

    هذا الرجل عنده سمعة مشهورة في إحدى دول الخليج، والرجل معروف، قال: ماذا هل هناك شكوى في شيك؟

    عنده معاملات تجارية، وأحياناً يضطرون للشكوى والمحاكم، قال: أرسل المندوب قالوا: لا. تعال أنت، قال: عندي وكيل قالوا: لا تعال أنت الآن بسرعة، ذهب التاجر، ودخل قسم الشرطة، لأول مرة دخل على الضابط قال: استرح، فجلس، قال: عندك بنت اسمها فلانة قال: نعم. فزع الرجل، أدخلت البنت وهي تبكي، قال: ما الذي جرى؟

    ما الذي حدث؟

    قالوا: هذه ابنتك؟

    قال:نعم. يا بنية! ما الذي جرى ما الذي حدث؟

    قال الضابط: قبضنا على ابنتك في إحدى شقق الدعارة، بنتي طالبة الجامعة! بنتي المجتهدة الخلوقة، البريئة الناصعة! بنتي التي عمرها ما عرفت الحرام، ولا دخل في بيتنا الحرام! كيف وصلت إلى هذا؟!!

    فنظرت البنت إلى أبيها فقالت: يا أبي! لا تبك علي الآن فأنت السبب.

    قال: أنا؟! -أمام الضابط- قالت: إي والله أنت السبب! في حياتك كلها ما جلست معي تنصحني، في حياتك ما دخلت إلى غرفتي لتعرف ماذا أقرأ وماذا أسمع، أبي! من جاءنا بمئات القنوات الفضائية ووضعها في بيتنا؟

    -تقول إحدى الأخوات: والله (500) قناة عندنا- من الذي جاءنا بهذه القنوات يا أبي؟

    من الذي كان يضع السائق تحت يدي يذهب بي أين أشاء؟

    من يا أبي أليس أنت.. أليس أنت؟

    أنت المجرم يا أبي. نعم ليست معذورة؛ لكنها صادقة! فقد أعطاه الله ابنة وابناً على الفطرة سليمان (100%)، فمن الذي لوث هذه الفطرة؟

    من الذي نجسها؟

    من الذي جعلها تنحرف؟ (أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه).

    في المثل: في يوم من الأيام كان، الطاووس يمشي بكبر واختيال، فرئي أولاده وراءه يمشون نفس المشية، فقال أحد الشعراء فيهم:

    مشى الطاووس يوماً باختيال     فقلد شكل مشيته بنوه

    قال: علام تختالون قالوا     سبقت به ونحن مقلدوه

    وينشأ ناشئ الفتيان فينا     على ما كان عوده أبوه

    1.   

    وقفة مع الداعية عمرو خالد

    أخي العزيز: أنت في البيت مسئول، لا تقل: أنا لست أباً، أنا حالي حال الإخوة في البيوت؛ فحتى ولو لم تكن مسئولاً فاعمل، انشر الخير في البيت، انشر الرحمة.

    انظروا -يا إخوة- إلى هذا الرجل الذي يعظ الناس كان يقول: ماذا أعمل الآن في هذه الأمة التي ذهبت وذهبت البيوت؟

    هذا الرجل كان في يوم من الأيام يصلي صلاة التراويح في مصر التي أخرجت الكثير من العلماء والدعاة والمفكرين، وكان الإمام في صلاة التراويح يقيم درساً كل يوم بين أربع ركعات، وفي يوم غاب الشيخ، فبحثوا من يقوم، فرأوا رجلاً ببدلة قالوا: أتصلي بنا؟

    وفي موعد الدرس بعد الصلاة أحرج حيث قالوا له: يا شيخ! وهو إنسان عادي لا شيخ ولا داعية، قالوا: حدثنا فكل يوم يحدثنا الشيخ، فحدِثنا بما فتح الله عليك، فتحدث؛ فإذا به يفوق الشيخ، تكلم لكن ألهمه الله فأمتعهم بحديثه، لأول مرة قدر الله له أن يتكلم، ما كان عنده نية أن يتكلم أصلاً، فأخذ يتحدث كل يوم، فانتشر صيته، وبدأ يعمل بعض المحاضرات وبعض الدروس، واليوم ملايين المسلمين يستمعون إليه، وتغيرت ملايين البيوت بسببه، إنه الداعية عمرو خالد ، أرأيت إلى هذا الرجل كم بكى من إنسان لسماع حديثه! أنا أعرف شخصياً أتجول في دول أوروبا، ودول عربية، والله يا إخوة ما رأيت إنساناً أثر في المسلمين مثل هذا الرجل، ولعله لصدقه ولإخلاصه، فلا تقل أنا ماذا أعمل؟

    كلنا مسئولون عن هذا الدين، يوجد أناس اليوم يحاربون ديننا وإسلامنا، ويحاربون حتى أولادنا في فطرهم، إذاً أنت ماذا فعلت؟

    أنا أقول لك: لا يوجد شيء اسمه (مطاوعة وغير مطاوعة) انسوا هذه الكلمات، الغوا هذه الكلمات من القاموس؛ كلنا مسلمون، وكلنا نحب الله ونحب الدين، فقم واعمل بمقالة أو بشريط توزعه، أو بغير ذلك.

    1.   

    هداية فتاة بسبب سماع شريط موعظة

    فتاة تقول: في يوم من الأيام وأنا ذاهبة إلى البيت وطئت برجلي على شريط، تقول: أنا أحب الأغاني، طالبة بالثانوية تقول: أنا حياتي كلها أغاني، وعندي مدرسة تنصحني بالحجاب؛ بالهداية فلا أستمع لها، تقول: في يوم من الأيام وطئت بقدمي على شريط، فأخذته لأسمعه ربما تكون أغنية ما استمعت إليها، تقول: أخذت الشريط وجلست في البيت، ووضعته في المسجل، وبقيت أنتظر من المغني أو المغنية، فإذا برجل يتكلم عن الموت، تقول: توقفت، سمعت حتى انتهى الشريط؛ أعدته مرة ومرتين وثلاثاً، ما أدري لماذا بكيت تقول: في اليوم الثاني ذهبت إلى المدرِّسة التي عندنا، فجلست عندها وقلت لها: يا فلانة! أريد أن أتحجب، فقالت: ما الذي حصل؟

    قلت: شريطاً وطئته برجلي فسمعته، فإذا هو يتحدث عن الموت والقبر، تقول: منذ ذلك اليوم تحجبت والتزمت واستقمت، تقول عن نفسها: أنا اليوم أوزع الأشرطة على الناس، ربما وصل الشريط لإنسان فما أعجبه فرماه من السيارة لكن: أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ [إبراهيم:24]* تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا [إبراهيم:25] لا تحتقر نفسك، ابذل أي شيء، الإيمان يضعف ويزيد، إذا قمت بالدعوة إلى الله يزداد الإيمان، إذا أمرت بالمعروف ونهيت عن المنكر يزداد الإيمان، إذا أصلحت من حولك يزداد الإيمان، إذا أصلحنا بيوتنا يزداد الإيمان، إذا قرأنا القرآن، إذا صلينا، كل عمل صالح يزيد الإيمان، وكل معصية -والعياذ بالله- تنقص الإيمان.

    1.   

    الأسئلة

    نصيحة للإخوة الملتزمين

    السؤال: كلمة لإخواننا الملتحين أرجو أن توجه كلمة لإخواننا الملتحين.

    أنا أولكم، ويسمح لي إخواننا الملتحون حيث أنهم واجهة الإسلام الآن، وجميع الناس ينظرون إليهم، فنرى البعض منهم لا يلقي التحية على الناس، وأنا أقول: هذا خطأ فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث: (ألا أعلمكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) فهذا لعله غير ملتحٍ؛ لكن ينصح إخوانه الملتحين: أفشوا السلام بينكم، ولنقبل نصيحته؟

    الجواب: صحيح! أن بعض الناس يتضايق إذ كيف بك تمر عليه أحياناً فتسلم فلا يرد السلام، لماذا؟

    ما أدري، وأنا جلست أحياناً كثيرة مع غير الملتحين، أجلس معهم وأقول لهم: يا أخي! أنت ابدأ ولا تنتظر حتى يسلم، أنت قم إليه واجلس معه، وقل له: السلام لله ما هو لي ولا لك، ولن تدفع شيئاً على السلام، والملتحي ليس بملك، الملتحي بشر، وأنت ادعُ الله أن تطبق هذه السنة، لكن لا تجلس في البيت تنتظره يسلم عليك، اذهب وسلم عليه فربما عنده هم أو مشكلة أو ضائقة، أحياناً بعض الناس يمشي ولا يدري أين يمشي من الهموم التي فيه، فاذهب وسلم عليه وصافحه (وخيرهم الذي يبدأ بالسلام).

    أيضاً بعضهم ما يتبسم وهذا صحيح، قد يكون بعض الناس دائماً عابس الوجه، وهذا ليس من السنة، السنة أن تكثر من الابتسامة؛ لكن في مكانها طبعاً وفي وقتها (وتبسمك في وجه أخيك صدقة) تصدق دون أن تدفع شيئاً من جيبك، يقول جابر بن عبد الله: [والله ما رآني رسول الله إلا متبسماً] وكان عليه الصلاة والسلام بشوشاً، وكان أحياناً يتهلل وجهه كأنه فلقة قمر، ويقول: (لا تحقرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) يعني: هذا أقل معروف تعمله، كلمة طيبة ووجه جميل، الابتسامة صدقة، من كان ليس عنده مال فليتصدق بالابتسامة، وجزاك الله خيراً.

    وننصح الإخوة الملتزمين بالنسبة لقيادة السيارات فنقول لهم: مطبوعات عبد الملك القاسم جميلة جداً كلها، هذه إحدى مطبوعاتهم في قيادة السيارات؛ آداب قيادة السيارة لأن المسلم حرام كله دمه وماله وعرضه، ولو قتلت إنساناً بالسيارة فهذا قتل نفس محرمة، وجريمة عظيمة بعد الشرك بالله، فالإنسان يتقي الله في الناس، بل وفي نفسه وإلا فمن سمح لك أن تقتل نفسك بقيادة مسرعة وجنونية، هذا كله لا يجوز، وكم حطمت هذه السيارة من أسر! قرأت في النشرة إحصائية عن المملكة العربية السعودية في سنة واحدة -إذا ما خانتني الذاكرة- في سنة واحدة أربعة آلاف وثمان مائة قتيل بسبب حوادث السيارت، الحرب ما فيها بهذا القدر، فلنتق الله في الأنفس والأموال والأعراض، وهذا كله منكر، السلام عليكم ورحمة الله.

    كيف أتخلص من الشهوة

    السؤال: يقول أنا رجل محافظ على الصلوات الخمس في جماعة، لكن فيَّ شهوة غزيرة، كل شيء أحافظ عليه إلا الشهوة لا أستطيع أن أتخلص منها؟

    الجواب: نقول أولاً: إذا كنت شاباً أعزب والأمر مثير تزوج، لماذا تنتظر (من استطاع منكم الباءة فليتزوج) وإذا قلت: يا شيخ! المهر غالي فأقول: هناك البعض لا تريد مهراً مرتفعاً، ابحث عن الرخيصة التي تطلب مهراً رخيصاً، هذه بركتها أعظم عند الله، من كان مهرها أقل ومؤنتها أقل كانت أعظم عند الله، ابحث عنها، ليس شرطاً -يا أخي- أن تكون أجمل النساء وأفتن، لا يا أخي العزيز شيء مقبول بالجمال تزوجها (واظفر بذات الدين تربت يداك) إذا كنت لا تستطيع على الزواج أكثِر من الصوم، صم ما يكفيك واشغل الوقت بالطاعة وبطلب العلم والدعوة إلى الله، يعني: بدد الفراغ؛ لأن أكثر أصحاب الشهوات لو تسألهم: عندك فراغ؟

    يقول: الفراغ كثير، ولهذا يسهر على التلفاز، يقلب المجلات، مواقع الإنترنت؛ لأنه لو كان مشغولاً لما دخل هذه الأمور، ولما رأى هذه الصور أقول: اشغل وقت الفراغ، واللجان الخيرية في مملكة البحرين -أدامها الله وحفظ الله من فيها- أكثر من أن تحصى، يعني: ما شاء الله كل سنة تأتي مراكز جديدة وجمعيات جديدة كلها تطوعية وأهلية؛ فيها توزيع الخيرات وإغاثة المسلمين، وحفظ القرآن، ونشر السنة، طيب لماذا لا تشاركهم يقول: يا شيخ! ما يقبلون، والله يقبلوك! اذهب معهم يومياً وأعط ما عندك، بعض الناس يذهب ويقول: أنا خبرتي يا شيخ في الكمبيوتر، أقول: يحتاجون إليك، أنا عندي سيارة؛ فإنهم يحتاجون إليك.

    واجبنا نحو إخواننا في فلسطين

    السؤال: كلمة لإخواننا في فلسطين؟

    الجواب: ماذا نقول يا إخوة؟

    هم شبعوا من الكلام، إخواننا في فلسطين ما أكثر الكلام الذي قيل لهم وعنهم، شبعوا والله لا يحتاجون لا إلى كلامنا وخطبنا، ولا إلى شجبنا واستنكارنا، كل هذا سمعوه مراراً وتكراراً، يحتاجون إلى عمل، تقول: ماذا نعمل؟

    نقول: تدعو لهم، إذا كانت صادقاً فاصدق الدعاء لهم، اختر أوقات الإجابة، انفق المال يعني: عشر دنانير أنفقناها للجمعية، دينار نجعله لـفلسطين (10%) من مصروفاتنا، على الأقل شيء بسيط نخرجه، أنت الآن تستعد لشراء كسوة العيد لأولادك، أكثر الناس الآن يجهز ملابس العيد وهدايا العيد، إذاً اعتبر أن عندك ولد زائد أين هذا الولد؟

    في فلسطين اعتبره ولدك مات أبوه، ماتت أمه، تيتم، من له الآن يفرحه في العيد؟ قل: هذا لأحد أولادي في فلسطين، كسوة العيد، سترة العيد أخرجها يا أخي العزيز، إنهم يحتاجون للمال، يحتاجون أن تسري عنهم، هم الآن يحملون عنا الإثم في الدفاع عن المسجد الأقصى، وإلا فكلنا مسئولون عن المسجد الأقصى، فعلينا أن نعينهم إن شاء الله بما نستطيع.

    تحذير من الفرقة والاختلاف

    السؤال: يقول: أصاب الأمة الوهن، وغلبة الدنيا وحبها على المسلمين واختلفوا، بل بدأت كل فئة تقذف الأخرى، بل بدأ بعضهم يقفل دور بعضهم على بعض، يتكلم على من يثير الغل والبغضاء بين المسلمين بين بعضهم البعض؟

    فالأمة اليوم تحتاج إلى الإصلاح الاجتماعي، فهل لكم كلمة في ذلك؟

    الجواب: نحن اليوم أحوج ما نكون فيه إلى الوحدة وإلى الاجتماع، وللأسف بعض المسلمين يريد أن يفرق الصف كأنه من جنود إبليس، رضي بالتحريش بينهم، هذا الرجل ما له عمل إلا التحريش بينهم كأنه من الشياطين والعياذ بالله، الآن أوروبا على اختلاف أديانها ومذاهبها تتحد، واليهود على اختلاف أجناسهم يتحدون، وكل العالم الآن يتحد ويتحد إلا المسلمين يتفرقون لماذا؟

    والله عز وجل يقول: وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ [الأنفال:46] يعني: لا يوجد في الأرض اليوم دين كامل محفوظ مثل دين الإسلام، النصارى عندهم أربعة أناجيل، وكل واحد هم مختلفون فيه، لا يوجد دين مجتمع مثل الإسلام، يا إخوان! كتاب وسنة وعبادات وشعائر كلها واحدة، وانظر بعض أهل الإسلام في زماننا يمكن يقاتلك على مسألة اجتهادية لماذا يا أخي؟

    الصحابة اختلفوا الصحابة في عهد عثمان بن عفان كم بين عثمان والرسول سنوات قليلة حكم أبو بكر ثلاث، وعمر عشر سنوات عثمان حكم، ولم يمت النبي صلى الله عليه وسلم إلا قبل سنين قليلة، الصحابة كلهم متواجدون فصلى فيهم في منى كم كان يصلي النبي في الحج الصلاة الرباعية كم كان يصليها؟

    ركعتان تقصر الرباعية في منى هذا الشيء للرسول والصحابة كلهم يشهدون، عثمان قال: أنا أجتهد وأرى أن نصلي أربع ركعات، قالوا: يا أمير المؤمنين! هذا نسك كلنا نشهد أن رسول صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين كيف تصلي أربع؟

    اجتهد عثمان ورأى أن الصواب أربع فكبر وصلى أربعاً، الذين لم يروا أنها أربع ركعات بل ركعتين هل خرجوا من الصلاة؟

    هل أنكروا على عثمان وابتعدوا وفرقوا الصف؟

    تعرف ماذا عملوا؟

    كل الصحابة صلوا وراء عثمان أربع ركعات بالإجماع كلهم، واحد بعد الصلاة يريد أن يسأل لماذا؟

    أنتم ترون أن هذا خلاف السنة وصليتم أربع، لماذا فعلتم هذا الفعل؟ تعرف ماذا قال الصحابة، قالوا: يا فلان! الخلاف شر، نحن لا نقبل بالخلاف، قد نختلف بيننا وبين بعضنا، ونتناقش ونتحاور، وقد تقتنع وقد لا تقتنع؛ لكن نبقى يداً واحدة، عندما كنا أطفالاً علمونا (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد) هل نحن اليوم جسد أم تفرقنا إلى جنسيات وألوان ولغات ومذاهب، حتى تجد داخل أهل السنة -يعني ما في فرق بينهم نفس العقيدة- لكن يختلفون.

    في مرة من المرات أحد الإخوة كان يحذر من إمام لا تجوز الصلاة خلفه فقلت: لماذا لا تجوز الصلاة خلفه؟

    قال: هذا إذا وضع يده يضع يده تحت السرة في الصلاة قلت: الله أكبر إلى هذه الدرجة ضيقتم الدين وضيقتم الفهم! يقول لي: يكبر يحط يده تحت السرة قلت له: والله لو أنزل يده، ولم يضع يده أصلاً لكانت صلاته كاملة وصحيحة، أصل وضع اليد سنة ليس بواجب، كيف أنتم أخرجتم الناس وضللتم الناس! -طبعاً هذا فهم والحمد لله، قليل من العلماء وأهل العلم والدعاة من يعي خطورة تفريق المسلمين وضرب بعضهم ببعض، هذا خطر خاصة نحن في هذه الأيام، فلندع إلى توحيد المسلمين وإلى جمع كلمتهم على كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    تحذير من الغيبة

    السؤال: نرجو منك حث الناس على ترك غيبة الآخرين؟

    الجواب: نعم صدقت: اقطع لسانك عن ذكر أخيك بالسوء: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً [الحجرات:12] هذا قرآن: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ [الحجرات:10] إلا إذا رأيت أخاك أنه ليس من المؤمنين فهذه مصيبة، أما إذا كان مؤمناً: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُم [الحجرات:10].

    التلفاز.. وكيفية الخلاص منه

    السؤال: ماذا نفعل بالمربي الأول في البيوت يقول وهو التلفاز؟

    الجواب: إذا أردت أن تطاع فأمر بالمستطاع، مهما تعمل من خطب ومن دروس صعب أن أحداً سوف يذهب ليخرج التلفاز من البيت، إذاً ما الحل؟

    الحل نقوي ونوجه ونختار من التلفاز ما هو جيد وما هو نافع، ونلغي ما هو سيئ؛ لأننا أحياناً نعيش في مجتمع... يقول لي أحد الإخوة: منعت أبنائي عن التلفاز، أخذته من البيت نهائياً، حرمت شيئاً اسمه تلفزيون في البيت، يقول: فعندما نزور عيال عمهم ونزور بيوت الأقارب أصبح أولادي لا يأكلون الطعام مثل وقوفهم أمام التلفاز، صارت القلوب معلقة بالتلفاز أكثر، لأنك الآن لا تعيش لوحدك، أنت الآن في مجتمع، ونصيحتي إذا ابتليت بهذا التلفاز وجه وقل: يا أولادي! هذا ما يجوز، وهذا يجوز، هذا حلال حتى الأخبار لما يطلع فيها موسيقى نقفل عند الأولاد، الأولاد يتعلمون ويبغضون هذا الصوت، وهذه برامج نافعة، وبعض القنوات تحذفها نهائياً، يوجد قنوات -والعياذ بالله- شرها طفح وخبثها واضح، ليس فيها إلا تعري الأجساد، فهذه نلغيها نهائياً، اقتصر على قناة قناتين تختار أيضاً من هذه القنوات ما أحل شرعاً وما أبيح، وائت بأفلام طيبة، والحمد لله الآن في الساحة الإسلامية أفلام فيديو تستطيع أن تملأ بيتك، يحدثني الشيخ القطان ويقول: أنا وأحد زملائي قررنا أن نصلح أولادنا بالتلفاز يقول: زميلي أزال التلفاز نهائياً من البيت يقول: أنا قلت له: لا أقدر اشتريت فيديو واشتريت أفلاماً بلغت (500) فيلماً، يقول: اشتركت في السعودية كلها، كل فيلم جديد؛ ثقافي، علمي، رسوم متحركة، كل شيء أتيت به إلى البيت، يقول لأولاده: اشبعوا، من فيلم إلى فيلم، من رسوم متحركة إلى أفلام حيوانات، إلى أفلام ثقافية، إلى أفلام علمية؛ لأنهم كرهوا حتى الجهاز لأن عندهم أشياء أخرى بديلة في البيت، عندهم ألعاب، وبعض الأمور الترفيهية يقول: أولادي بفضل الله -وأنا أعرف أولاد الشيخ بارك الله فيه وفي أولاده- كلهم صالحون والحمد لله، يقول: زميلي للأسف أولاده -وأنا أعرف زميله للأسف من أسوأ الناس أخلاقاً في الحي- صحيح أنه أخرج التلفاز لكنه لم يأت بالبديل، ائت بالبديل، يا أخي! بعض الناس يظن أنه ما دام وأن المرأة محبوسة في البيت فقد عمل اللازم، وبعضهم ملتزمون، والله سمعته يقول: المرأة لا تخرج من البيت ولو خرجت لقبرتها؛ أو بمعنى هذا الكلام، قلت: من أخبرك بهذا؟

    وهذه ليست السنة ولا من القرآن، والصحابيات كن يخرجن من البيت قال لي: صحيح؟ قلت له: نعم أول شيء الخمس صلوات كن يخرجن لأدائها، وكانت المرأة تذهب تحلب الشياه، وتجلب الماء، وأحياناً تذهب إلى الأسواق، وتخرج وتزور، من قال لك إن الصحابيات في البيت مقفول عليهن الباب؟

    هذا ظلم؛ هذا لا يجوز أصلاً، مثلما تريد أنت الخروج هي تريد الخروج؛ لكن بشرط بإذن الزوج، هنا نساء يستمعن إلي بحشمة وحجاب وأدب شرعي، لكن نقول والله نحبس الأولاد لا تلفاز، ما أدعو للتلفاز هذا، أنا أقول لكن لو أخرجته أو أقفلته فائت بالبديل، الآن في ألعاب ترفيهية كثيرة بفضل الله ظهرت في برامج نافعة، في دورات ترفيهية، لكن أنا أقول: كن يا أخي العزيز حكيماً في معالجة هذا الجهاز لأن القلوب تعلقت به.

    تقوية الإيمان في قلوب الناشئة

    السؤال: يقول: ما نصيحتكم في تعزيز وتقوية الإيمان في قلوب الناشئة؟

    الجواب: هذا ما ذكرناه الآن، الدرس؛ حث الناس على عمل الخير في شهر رمضان، إن شاء الله هذه الكلمات كلها تدعوكم لفعل الخير، استعد في العشر الأواخر إذا عندك أوقات أن تعتكف، تقول: يا شيخ! أنا عندي دراسة. أقول: لا بأس اعتكف واذهب إلى المدرسة وارجع فإنه -إن شاء الله- يحسب لك اعتكافاً، أنت مضطر، ماذا تعمل؟

    عندي دوام يا شيخ، اعتكف واذهب داوم وارجع، ويسمى -إن شاء الله- اعتكافاً ويحسب لك إن شاء الله.

    مسألة في دعوة النساء

    السؤال: كثير من وسائل الدعوة يا شيخ كتيبات تؤدي أحياناً إلى كلام بين الرجال والنساء، وربما تتطور؟

    الجواب: هذا بحسب الشخص، بعض الناس لو يدعو الرجال أيضاً يفتن؛ نقول: بحسب الشخص؛ إن كان والله يستطيع أن يدعو مثلاً من عنده مدير مكتب، أو عنده موظفات يريد أن يدعوهن بالشريط وهو يأمن على نفسه فلا بأس ما الحرج؟

    لكن لا يختلي بها ولا يتحدث ويتسامر معها؛ تفضلي الشريط ومع السلامة، كم من النساء من هداهن الله بشريط، وبكتيب، وبنصيحة.

    سؤال يخص الداعية عمرو خالد

    السؤال: يقول: الداعية المعروف عمرو خالد لماذا يحلق اللحية؟

    الجواب: اسألوه لا تسألوني أنا، لكن لعله معذور وأخطأ، أنا سمعته أكثر من مرة يقول: أنا مقصر لكن عندي ظروف، يا إخوة! هذا خطأ، هل نهدم كل حسناته؟

    لقد هدى الله على يديه -وأنا أجزم- ملايين، لأني تجولت في العالم وأنا أرى الذي صار بالناس، والله كثيرون يقولون: تحجبت بناتي بسببه، تقول: صلَّى أولادي بسببه، أسر كاملة تابت من شرب الخمور وترك الصلاة، واتجهت إلى قيام الليل بسببه يقول: والله ما بكينا إلا لما سمعناه، كل هذا تريد أن تهدمه لأجل خطأ واحد؛ هذا ظلم.

    نعم. هو يعترف أنه مقصر لكن ادع الله له، قل: يا رب! اهده بهذه، ثم هو رجل خدم الدين هذه الخدمة لا يجوز لنا أن نتكلم عليه ونحاربه، بل ندعو له أن يثبته الله، وأن ينشر الخير على يديه، وأن يحسن إليه، رجل -يا إخوان- ينفع الأمة ونحن نحاربه، لا. بل ندعو له بالثبات وبالنصر، ومع هذا أنا لم ألتقِ به في حياتي، حتى لا تقولون بينه وبينك مصلحة، عمري ما التقيت به؛ لكن أحب كل من يدعو إلى الله، كل من يخدم دين الله -والله- أحبه وأدعو له بظهر الغيب.

    أريد أن أتوب

    السؤال: يقول: لي صديق يريد أن يتوب لأنه فعل فاحشة مع أعدائه؛ لكن لا يعرف كيف يتوب؟

    الجواب: التوبة لها ثلاثة شروط: الندم على ما مضى، الإقلاع عن الذنب الذي هو فيه، العزم على ألا يرجع إليه، فإن تحققت الشروط الثلاثة -بإذن الله عز وجل- تقبل توبته.

    عمي لا يصلي فكيف أنصحه

    السؤال: يقول: لدي عم لا يصلي كيف أنصحه، وإذا نصحناه يعرض ويسب ويشتم؟

    الجواب: انصحه بالتي هي أحسن، بالحكمة، هذا عمك والعم مثل الأب، والأب لا يجوز لك أن تأمره وتنهاه كأنه أخوك، بعض الناس يقول: أمرت أبي فلم يستجب؛ من أنت حتى تأمر أباك؟ أبوك كلمه بالتي هي أحسن، بأسلوب لطيف، بقصة.. بموعظة.. بشريط.. بهدية، أو رجل بعمره ينصحه بأدب، أما أنك تأمره كأنه زميل لك في الدراسة، قد تقول لي: يا شيخ! هذا لا يصلي، أقول لك: حتى لو لم يكن يصلي، بل لو كان يعبد صنماً قال الله: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً [لقمان:15] ولو كان يأمرك بالشرك.

    نصيحة لشارب الدخان

    السؤال: مارأيك ببعض الشباب الذين يدخنون، ويقول: كيف أترك الدخان؟

    الجواب: اترك الدخان، والله ولا توجد -يا إخوان- أي خطورة، اعزم وكن صادقاً مع نفسك، لا تقل لي: بالتدرج يا شيخ أنا أشرب باكتين اليوم باكت فقط، وغداً ثلاثة أرباع، وباكت ونصف بعد غدٍ، فتظل شهراً وما خلصت، لا تضمن أن الله لا يقبض روحك غداً، أنا أعرف رجلاً التزم والتحى وصار من الشباب الملتزمين والمصلين، يحضر مجالس الذكر، كل شيء تركه إلا التدخين كل يوم باكتين، يقول لي: يا شيخ! أترك كل شيء إلا التدخين لا أقدر، في يوم من الأيام وأنا جالس معه على وجبة عشاء قلت له: يا فلان! أنت ضعيف -أنا بيني وبينه صحبة- قلت له: أنت ضعيف صراحة ما أراك قوياً، قال: لماذا؟

    قلت له: صراحة هذه السجارة لست قادراً عليها... هذا أنت بكبرك لست قادراً عليها، قال لي: أقدر قلت: مجرد كلام، قال: أقدر قلت له: ما أظن أنت أضعف من أنك تقطع السجارة، وقام يتحدى وأنا أتحدى، أخرج الباكيت من جيبه وكسره قال: انظر لا أدخل في فمي سجارة بعد اليوم، الآن مضى على هذا الكلام خمس عشرة سنة، ولم يدخن بفضل الله.

    يا أخي! تستطيع لكن أحياناً شهوة أو عادة.

    مشاهدة المذيعات في التلفاز

    سؤال: يقول: بسبب متابعتنا للبرامج الإخبارية في الفضائيات؛ نشاهد المذيعات الفاتنات ما هي توجيهاتكم؟

    الجواب: لا ترى الأخبار التي فيها فاتنات، لا تطالع، من أباح لك أن تنظر إليهن؟ هناك أخبار فيها رجال في الإنترنت، الآن مواقع أخبارية قبل التلفاز أول بأول، ترى الأخبار من مواقع إسلامية تظهر لك الأخبار بنقاء وصفاء بالتفصيل إذا كنت فعلاً متابعاً للأخبار، فلا تنظر للنساء.

    نصيحة لمن يتتبع عورات الدعاة

    السؤال: يقول: ما نصيحتك لمن ليس لهم إلا تبديع وتشريح إخوانهم؟

    الجواب: ذكرنا قبل قليل يقول: على جماعات في الدعوة، وكذا نقول إنما المؤمنون إخوة: وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10] كما اختلف الشافعي والإمام أحمد والإمام مالك كما اختلفوا في المذهب هل سمعتم يوماً من الأيام واحداً يتكلم على الآخر؟

    مالك يجلس عند الشافعي الصفحات يتصحفها بهدوء احتراماً لشيخه، انظر الأدب! انظر المحبة! الشافعي اختلف مع رجل يسمى يونس بن عبيد -أحد زملائه- في مسألة هذا راح وهذا راح، اختلفوا في مسألة ما أحد اقتنع بكلام الآخر، الشافعي لقيه في اليوم الثاني فذهب يمسك يديه قال: تعال يا يونس! ألا يستقيم أن نكون إخوة متحابين وإن لم نتفق في مسألة، هذا الشافعي، ولا عليك من تشدق بعض الناس وقولهم: لا بد أن نحذر منهم، لا بد أن نحاربهم، لا بد أن نكشفهم... إلخ والله، الذي يسمع الكلام يقول: هؤلاء شيوعيون يا أخي العزيز! إذا رأيت من أخيك في أي جماعة خطأً لا تتركه تعال إليه بينك وبينه، ادعه عندك في البيت، اذهب له بهدية، قل له: يا أخي العزيز! رأيتك تقصر في هذه السنة، وتفضل هذا حديث النبي عليه الصلاة والسلام بأدب وحسن كلام، الناس تقبل النصيحة؛ لكن لا تقبل الفضيحة، الناس تحب الإخوة لكن لا تحب العداوة، أخي العزيز! اختر أحسن الكلمات وأظهر له النصيحة.

    يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ، فطوبى للغرباء!) ألا تعتقد أننا أصبحنا غرباء؟

    الغربة تختلف من بلدٍ إلى بلد ومن زمنٍ إلى زمن، والإنسان يتقي الله عز وجل ويتمسك بسنة النبي عليه الصلاة والسلام.

    أسأل الله جل وعلا الذي جمعنا في هذا الجمع المبارك أن يجمعنا تحت ظله يوم لا ظل إلا ظله.

    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات؛ إنك سميع قريب مجيب الدعوات، اللهم ألف بين قلوبنا، اللهم ألف بين قلوبنا، اللهم ألف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، اللهم اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

    أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم، وجزاكم الله خيراً وسامحوني على الإطالة.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756002059