الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد:
فبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب وضع اليدين على الركبتين
حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة عن أبي يعفور عن مصعب بن سعد قال: ( صليت إلى جنب أبي، فجعلت يدي بين ركبتي، فنهاني عن ذلك، فعدت، فقال: لا تصنع هذا، فإنا كنا نفعله، فنهينا عن ذلك، وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب ).
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة و الأسود عن عبد الله قال: ( إذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه فخذيه، وليطبق بين كفيه، فكأني أنظر إلى اختلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يقول الرجل في ركوعه وسجوده
حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة و موسى بن إسماعيل المعنى، قالا: حدثنا ابن المبارك عن موسى قال أبو سلمة موسى بن أيوب: عن عمه عن عقبة بن عامر قال: ( لما نزلت: فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ [الواقعة:74] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى [الأعلى:1] قال: اجعلوها في سجودكم ).
حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا الليث يعني ابن سعد عن أيوب بن موسى أو موسى بن أيوب عن رجل من قومه عن عقبة بن عامر بمعناه زاد، قال: ( فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال: سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثاً، وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلاثاً ) قال أبو داود: (وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة) ].
بسم الله الرحمن الرحيم.
وهي كلمة (وبحمده)، والثابت في ذلك التعظيم في الركوع، وكذلك في السجود، وأمثل ما جاء في ذلك عن النبي عليه الصلاة والسلام: سبحانك اللهم وبحمدك، اللهم اغفر لي أو رب اغفر لي، فهذا يقوله في ركوعه وسجوده، ويجزئ عنه، وإذا قال: سبحان ربي العظيم في ركوعه، وسبحان ربي الأعلى في سجوده، فهو كذلك حسن ويجزئ عنه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا شعبة قال: قلت لـسليمان: أدعو في الصلاة إذا مررت بآية تخوف، فحدثني عن سعد بن عبيدة عن مستورد عن صلة بن زفر عن حذيفة: ( أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم، فكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى، وما مر بآية رحمة إلا وقف عندها فسأل، ولا بآية عذاب إلا وقف عندها فتعوذ ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام قال: حدثنا قتادة عن مطرف عن عائشة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس رب الملائكة والروح ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا معاوية بن صالح عن عمرو بن قيس عن عاصم بن حميد عن عوف بن مالك الأشجعي قال: ( قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة ).
حدثنا أبو الوليد الطيالسي وعلي بن الجعد قالا: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة مولى الأنصار عن رجل من بني عبس عن حذيفة: ( أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل، فكان يقول: الله أكبر ثلاثاً ذو الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، ثم استفتح فقرأ البقرة ) ].
وهذا من المهجور، مع ثبوته عن النبي عليه الصلاة والسلام أن يقول الإنسان في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، يقولها الإنسان، وإذا كررها ثلاثاً فحسن.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( ثم استفتح فقرأ البقرة، ثم ركع فكان ركوعه نحواً من قيامه، وكان يقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم، سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه من الركوع، فكان قيامه نحواً من ركوعه، يقول: لربي الحمد، ثم سجد، فكان سجوده نحواً من قيامه، فكان يقول في سجوده: سبحان ربي الأعلى، ثم رفع رأسه من السجود، وكان يقعد فيما بين السجدتين نحواً من سجوده، وكان يقول: رب اغفر لي، رب اغفر لي، فصلى أربع ركعات، فقرأ فيهن البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، أو الأنعام ) شك شعبة ].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الدعاء في الركوع والسجود
حدثنا أحمد بن صالح و أحمد بن عمرو بن السرح و محمد بن سلمة، قالوا: حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا عمرو -يعني: ابن الحارث- عن عمارة بن غزية عن سمي مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا سفيان عن سليمان بن سحيم عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد عن أبيه عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كشف الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: يا أيها الناس، إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وإني نهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع، فعظموا الرب فيه، وأما السجود، فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم )].
والرؤيا هي النافذة الوحيدة الباقية الصادقة إلى الغيب، ويؤتاها من يؤتاها، وكما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام أن الرؤيا بضع وأربعون من النبوة، يعني: أنها جزء من النبوة باعتبار أن الرؤيا إذا صدقت فهي من الله عز وجل، يطلع الله عز وجل بها من شاء من عباده، الرؤيا تصدق من المؤمن والكافر، ويعبرها المؤمن والكافر، ويرجع في ذلك إلى حس الإنسان ومعرفته وذكائه ودرايته في هذا الأمر، ونظره ومعرفته بحاله، وعلم تعبير الرؤى معلوم حتى عند الفلاسفة القدامى من الرومان واليونان والهنود، ومعلوم حتى عند الناس اليوم، وعند الناس الذين لا يعبدون الله سبحانه وتعالى ممن يعبدون الأصنام والأوثان وغير ذلك، ولهذا نقول: تصدق من المؤمن والكافر، لكنها من المؤمن أصدق، ويعبرها المؤمن والكافر والمؤمن أظهر وأقوى تعبيراً، وفي آخر الزمان لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب؛ لأن الله عز وجل يرحم عباده بهذه الرؤى تطميناً وتبشيراً وتسكيناً وإخباراً بمواضع الفتن لانقطاع الوحي وشدة جهل الناس.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( وإني نهيت أن أقرأ راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا الرب فيه، وأما السجود، فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي، يتأول القرآن ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب ، ح وحدثنا أحمد بن السرح قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يحيى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لي ذنبي كله، دقه وجله، وأوله وآخره )، زاد ابن السرح: ( علانيته وسره ).
حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا عبدة عن عبيد الله عن محمد بن يحيى بن حبان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة عن عائشة قالت: ( فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فلمست المسجد، فإذا هو ساجد وقدماه منصوبتان، وهو يقول: أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك ) ].
يستدل البعض هنا على الاستحباب والسنية أن تلتصق القدم بالأخرى في حال السجود، وهذا لا دليل فيه، جاء عند ابن خزيمة النص على التصاقهما، وهي غير محفوظة، وأما مسح عائشة لقدم النبي عليه الصلاة والسلام في صلاته، فهي ربما مست قدماً والقدم الأخرى بجوارها، وربما مستها بطرف يدها ومست بالطرف الآخر أو بآخرها القدم الأخرى، فحينئذٍ نعلم أن هذه قرينة، وليست بنص، وإنما يضع الإنسان قدمه من الأخرى بما هو أسمح له، ولا يتكلف بالتبريج، ولا يتكلف كذلك بالضم، وفي هذا أن مس المرأة للرجل ولو كان في صلاته أن هذا لا يضره ولا ينتقض وضوءه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء في الصلاة
حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا بقية قال: حدثنا شعيب عن الزهري عن عروة أن عائشة أخبرته: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو في صلاته: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم، فقال له قائل: ما أكثر ما تستعيذ من المغرم؟ فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب، ووعد فأخلف ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا عبد الله بن داود عن ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه، قال: ( صليت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة تطوع، فسمعته يقول: أعوذ بالله من النار، ويل لأهل النار ).
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال: ( قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقمنا معه، فقال أعرابي في الصلاة: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال للأعرابي: لقد تحجرت واسعاً ) يريد رحمة الله عز وجل.
حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ: سبح اسم ربك الأعلى، قال: سبحان ربي الأعلى ) قال أبو داود: خولف وكيع في هذا الحديث، ورواه أبو وكيع و شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفاً.
حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة قال: ( كان رجل يصلي فوق بيته، وكان إذا قرأ: أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] قال: سبحانك، فبكى، فسألوه عن ذلك، فقال: سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم )، قال أبو داود: قال أحمد: يعجبني في الفريضة أن يدعو بما في القرآن].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب مقدار الركوع والسجود
حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد بن عبد الله قال: حدثنا سعيد الجريري عن السعدي عن أبيه، أو عمه، قال: ( رمقت النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، فكان يتمكن في ركوعه وسجوده قدر ما يقول: سبحان الله وبحمده ثلاثاً ).
حدثنا عبد الملك بن مروان الأهوازي قال: حدثنا أبو عامر وأبو داود عن ابن أبي ذئب عن إسحاق بن يزيد الهذلي عن عون بن عبد الله عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا ركع أحدكم فليقل ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم، وذلك أدناه، وإذا سجد فليقل: سبحان ربي الأعلى ثلاثاً، وذلك أدناه )، قال أبو داود: هذا مرسل، عون لم يدرك عبد الله.
حدثنا عبد الله بن محمد الزهري قال: حدثنا سفيان قال: حدثني إسماعيل بن أمية قال: سمعت أعرابياً يقول: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ منكم والتين والزيتون، فانتهى إلى آخرها: أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [التين:8] فليقل: بلى، وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ: لا أقسم بيوم القيامة، فانتهى إلى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى [القيامة:40] فليقل: بلى، ومن قرأ: والمرسلات، فبلغ: فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [المرسلات:50] فليقل: آمنا بالله، قال إسماعيل: ذهبت أعيد على الرجل الأعرابي، وأنظر لعله، فقال: يا ابن أخي، أتظن أني لم أحفظه، لقد حججت ستين حجة، ما منها حجة إلا وأنا أعرف البعير الذي حججت عليه ) ].
ويبقى الحديث ضعيفاً ولو كان، ولو حفظ البعير يبقى الحديث ضعيفاً لجهالة الراوي رحمه الله ورضي عنه.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن صالح و ابن رافع قالا: حدثنا عبد الله بن إبراهيم بن عمر بن كيسان حدثني أبي عن وهب بن مانوس قال: سمعت سعيد بن جبير يقول: سمعت أنس بن مالك يقول: ( ما صليت وراء أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى -يعني: عمر بن عبد العزيز- قال: فحزرنا في ركوعه عشر تسبيحات، وفي سجوده عشر تسبيحات )، قال أبو داود: قال أحمد بن صالح: قلت له: مانوس أو مابوس، قال: أما عبد الرزاق فيقول: مابوس، وأما حفظي فمانوس، وهذا لفظ ابن رافع ، قال أحمد: عن سعيد بن جبير عن أنس بن مالك].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أعضاء السجود
حدثنا مسدد وسليمان بن حرب قالا: حدثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت. قال حماد: ( أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة، ولا يكف شعراً ولا ثوباً ).
حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا شعبة عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أمرت، وربما قال: أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يسجد على سبعة آراب ).
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا بكر -يعني: ابن مضر- عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب: وجهه، وكفاه، وركبتاه، وقدماه ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل -يعني: ابن إبراهيم- عن أيوب عن نافع عن ابن عمر رفعه قال: ( إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه، فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه، وإذا رفعه فليرفعهما ) ].
وإذا استبعد أعظم السجود عليها واجب، وأما القدمان والركبتان والكفان والجبهة، والجبهة تجزئ عن الأنف، فإذا وضع جبهته ولم يضع أنفه أجزأ، وإذا وضع أنفه ولم يضع جبهته لم يجزئه في سجوده، وهذا باتفاق الصحابة عليهم رضوان الله.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يدرك الإمام ساجداً كيف يصنع
حدثنا محمد بن يحيى بن فارس أن سعيد بن الحكم حدثهم قال: أخبرنا نافع بن يزيد قال: حدثني يحيى بن أبي سليمان عن زيد بن أبي العتاب و ابن المقبري عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، ومن أدرك الركعة، فقد أدرك الصلاة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السجود على الأنف والجبهة
حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا صفوان بن عيسى قال: حدثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس ).
حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر نحوه].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صفة السجود
حدثنا الربيع بن نافع أبو توبة قال: حدثنا شريك عن أبي إسحاق قال: ( وصف لنا البراء بن عازب فوضع يديه، واعتمد على ركبتيه، ورفع عجيزته، وقال: هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( اعتدلوا في السجود، ولا يفترش أحدكم ذراعيه افتراش الكلب ).
حدثنا قتيبة قال: حدثنا سفيان عن عبيد الله بن عبد الله عن عمه يزيد بن الأصم عن ميمونة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى بين يديه، حتى لو أن بهمة أرادت أن تمر تحت يديه مرت ).
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق عن التميمي الذي يحدث بالتفسير عن ابن عباس قال: ( أتيت النبي صلى الله عليه وسلم من خلفه، فرأيت بياض إبطيه وهو مجخ، قد فرج بين يديه ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا عباد بن راشد قال: حدثنا الحسن قال: حدثنا أحمر بن جزء صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد جافى عضديه عن جنبيه، حتى نأوي له ).
حدثنا عبد الملك بن شعيب بن الليث قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا الليث عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا سجد أحدكم، فلا يفترش يديه افتراش الكلب، وليضم فخذيه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ذلك للضرورة
حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث عن ابن عجلان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: ( اشتكى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مشقة السجود عليهم إذا انفرجوا، فقال: استعينوا بالركب )].
وهذه المنهيات من الإقعاء، وكذلك افتراش السواء هذه لا تبطل الصلاة، ولكنها منهيات تنقص أجر الصلاة، إذا تعمد الإنسان بغير عذر فيأثم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في التخصر والإقعاء
حدثنا هناد بن السري عن وكيع عن سعيد بن زياد عن زياد بن صبيح الحنفي قال: ( صليت إلى جنب ابن عمر فوضعت يدي على خاصرتي، فلما صلى قال: هذا الصلب في الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب البكاء في الصلاة
حدثني عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال: حدثنا يزيد -يعني: ابن هارون- قال: أخبرنا حماد يعني ابن سلمة عن ثابت عن مطرف عن أبيه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء صلى الله عليه وسلم )].
وفي هذا أن الإنسان في صلاته يكتم بكاءه، كما أن النبي عليه الصلاة والسلام يكتمه، فجعل الأزيز في صدره، أي: أنه لا يخرج أنيناً، ولا حنيناً، ولا صوتاً في بكائه، أما ما يغلب الإنسان عليه من النشيج ونحو ذلك، فهذا له حده، وقد جاء عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله تعالى أنه له كان له نشيج في الصلاة، ولكن يغلب عليه، وإلا فالأصل أنه يكتم، وهذا ظاهر في قوله: في صدره أزيز كأزيز الرحاء من البكاء. نعم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية الوسوسة وحديث النفس في الصلاة
حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا هشام -يعني: ابن سعد- عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد الجهني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من توضأ فأحسن وضوءه، ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما، غفر له ما تقدم من ذنبه ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن جبير بن نفير الحضرمي عن عقبة بن عامر الجهني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء، ويصلي ركعتين، يقبل بقلبه ووجهه عليهما، إلا وجبت له الجنة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الفتح على الإمام في الصلاة
حدثنا محمد بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي قالا: أخبرنا مروان بن معاوية عن يحيى الكاهلي عن المسور بن يزيد الأسدي المالكي: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم -قال يحيى وربما قال: شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم- يقرأ في الصلاة فترك شيئاً لم يقرأه، فقال له رجل: يا رسول الله! تركت آية كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هلا أذكرتنيها )، قال سليمان في حديثه: كنت أراها نسخت، وقال سليمان قال: حدثني يحيى بن كثير الأسدي .
حدثنا يزيد بن محمد الدمشقي قال: حدثنا هشام بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن شعيب قال: أخبرنا عبد الله بن العلاء بن زبر عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة، فقرأ فيها فلبس عليه، فلما انصرف قال لأبي: أصليت معنا؟ قال: نعم، قال: فما منعك )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النهي عن التلقين
حدثنا عبد الوهاب بن نجدة قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي عن يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يا علي ! لا تفتح على الإمام في الصلاة )، قال أبو داود: أبو إسحاق لم يسمع من الحارث إلا أربعة أحاديث، ليس هذا منها ].
ولا يصح في النهي في هذا شيء عن النبي عليه الصلاة والسلام، بعض العلماء يأخذ به وينهى عن فتح الإمام، وهذا جاء عن الإمام مالك رحمه الله أنه كان ينهى عن الفتح على الإمام، ويرى بعض الأئمة أن الإمام إذا ارتج عليه أنه لا ينتظر من يفتح عليه بل يركع، حتى لا يخرج الصلاة عن سمتها.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الالتفات في الصلاة
حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب قال: سمعت أبا الأحوص يحدثنا في مجلس سعيد بن المسيب قال: قال أبو ذر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الله عز وجل مقبلاً على العبد، وهو في صلاته، ما لم يلتفت، فإذا التفت انصرف عنه ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو الأحوص عن الأشعث يعني ابن سليم عن أبيه عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: ( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التفات الرجل في الصلاة؟ فقال: إنما هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب السجود على الأنف
حدثنا مؤمل بن الفضل قال: حدثنا عيسى عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رئي على جبهته وعلى أرنبته أثر طين من صلاة صلاها بالناس )، قال أبو علي: هذا الحديث لم يقرأه أبو داود في العرضة الرابعة ].
والالتفات في الصلاة لا يبطلها، ولكن الانحراف هو الذي يبطل؛ فإذا التفت الإنسان شيئاً أو لاحظ بعينه، أو التفت بوجهه شيئاً عارضاً فإنه لا يبطل الصلاة وإنما يكره، والذي يبطل الصلاة إذا انحرف الإنسان بجسده عن القبلة بطلت الصلاة.
وهل للإنسان أن يلتفت وأن يلحظ لمصلحة الصلاة وخشوعه؟
لا حرج عليه إذا سمع شيئاً أو صوتاً ربما يؤذيه ويشغله في خشوعه لصلاته لا حرج عليه أن يلحظ أو يلتفت يسيراً حتى يطمئن في بقية صلاته.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب النظر في الصلاة
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو معاوية ، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير ، وهذا حديثه وهو أتم، عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن تميم بن طرفة الطائي عن جابر بن سمرة - قال عثمان: قال: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد، فرأى فيه ناساً يصلون رافعي أيديهم إلى السماء، ثم اتفقا، فقال: لينتهين رجال يشخصون أبصارهم إلى السماء - قال مسدد: في الصلاة: - أو لا ترجع إليهم أبصارهم ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أن أنس بن مالك حدثهم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ما بال أقوام يرفعون أبصارهم في صلاتهم، فاشتد قوله في ذلك، فقال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في خميصة لها أعلام، فقال: شغلتني أعلام هذه، اذهبوا بها إلى أبي جهم ، وأتوني بأنبجانيته ).
حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الرحمن -يعني: ابن أبي الزناد- قال: سمعت هشاماً يحدث عن أبيه عن عائشة بهذا الخبر، قال: وأخذ كردياً كان لـأبي جهم ، فقيل: يا رسول الله! الخميصة كانت خيراً من الكردي ].
وفي هذا أنه ينبغي أن يجبر خاطر المهدي إذا أهدى شيئاً لك لا تحسن استخدامه أو لا ينفعك، أو ربما تكرهه وتطلب غيره منه، ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم أراد لإرجاع أنبجانية أبي جهم له تطييباً لخاطره، وأن يأخذ منه أخرى، وهذا فيه جبر للخاطر، فربما الإنسان لا يحتاج الهدية أو لا يستفيد منها، أو تضره ولا ينتفع منها، فلا يردها حتى لا يقع في نفس المهدي شيء.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في ذلك
حدثنا الربيع بن نافع قال: حدثنا معاوية -يعني: ابن سلام- عن زيد أنه سمع أبا سلام قال: حدثني السلولي هو أبو كبشة عن سهل بن الحنظلية قال: ( ثوب بالصلاة -يعني: صلاة الصبح- فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب )، قال أبو داود: وكان أرسل فارساً إلى الشعب من الليل يحرس.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب العمل في الصلاة
حدثنا القعنبي قال: حدثنا مالك عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبي قتادة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا سجد وضعها، وإذا قام حملها ).
حدثنا قتيبة -يعني: ابن سعيد- قال: حدثنا الليث عن سعيد بن أبي سعيد عن عمرو بن سليم الزرقي أنه سمع أبا قتادة يقول: ( بينا نحن في المسجد جلوس، خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي صبية يحملها على عاتقه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه، يضعها إذا ركع، ويعيدها إذا قام، حتى قضى صلاته يفعل ذلك بها ).
حدثنا محمد بن سلمة المرادي قال: حدثنا ابن وهب عن مخرمة عن أبيه عن عمرو بن سليم الزرقي قال: سمعت أبا قتادة الأنصاري يقول: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي للناس وأمامة بنت أبي العاص على عنقه، فإذا سجد وضعها )، قال أبو داود: ولم يسمع مخرمة من أبيه، إلا حديثاً واحداً ].
وفي هذا أنه يجوز للإنسان أن يتحرك في الصلاة حركة لا تفسد عليه خشوعه، ما حضر قلبه في الصلاة فإنه لا مشقة في ذلك، أما النبي عليه الصلاة والسلام في حمله لـأمامة فإنه يلزم من ذلك الحركة، وذلك بوضعها وحملها بعد ذلك.
وفي هذا أيضاً دليل على أن القبض في الصلاة لا يجب، وإنما هو سنة، ومن حمل أحداً فإنه لا يقبض خاصة إذا كان على عاتقه، فإما أن يضع يداً واحدة ويحمل بيد، أو يحمل باليدين، ولا يقبض على صدره، ويدل هذا على أن ذلك ليس على الوجوب وإنما على الاستحباب، وفي هذا أيضاً أن الأصل في قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( صلوا كما رأيتموني أصلي )، أن الأصل فيه الاستحباب، وأن الوجوب لا بد أن يثبت بدليل مستقل.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يحيى بن خلف قال: حدثنا عبد الأعلى قال: حدثنا محمد -يعني: ابن إسحاق- عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عمرو بن سليم الزرقي عن أبي قتادة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( بينما نحن ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة في الظهر أو العصر، وقد دعاه بلال للصلاة، إذ خرج إلينا و أمامة بنت أبي العاص بنت ابنته على عنقه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلاه وقمنا خلفه، وهي في مكانها الذي هي فيه، قال: فكبر فكبرنا قال: حتى إذا أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يركع أخذها فوضعها، ثم ركع وسجد، حتى إذا فرغ من سجوده، ثم قام، أخذها فردها في مكانها، فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بها ذلك في كل ركعة حتى فرغ من صلاته صلى الله عليه وسلم ).
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير عن ضمضم بن جوس عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( اقتلوا الأسودين في الصلاة: الحية، والعقرب ) ].
وذلك لأنه لمصلحة الصلاة، لأن الإنسان ينشغل قلبه بتتبعها، فإذا أزالها ابتداءً وقتلها، فإنه يخشى في بقية صلاته، وإذا تركها انشغل قلبه بها في بقية الصلاة، ولهذا نقول: لا حرج على الإنسان أن يتحرك أو أن يفعل شيئاً لمصلحة صلاته.
وبعض الناس في جهاز الجوال يكون معه فإذا رن الجهاز يدخل يده في جيبه مرة ومرتين وثلاثاً وأربعاً، ولو أخرجه ثم وضعه أمامه، ثم أطفأه أو وضعه على حالة لا يظهر فيه الصوت لكان هذا أيسر وأخشع له بدلاً من هذه الحركة التي تتكرر ثلاث أو أربع أو خمس مرات، وهذا لمصلحة الصلاة، وأخشع له وللمصلين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا أحمد بن حنبل و مسدد وهذا لفظه، قال: حدثنا بشر -يعني: ابن المفضل- قال: حدثنا برد عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم -قال أحمد - يصلي والباب عليه مغلق، فجئت فاستفتحت -قال أحمد: - فمشى ففتح لي، ثم رجع إلى مصلاه، وذكر أن الباب كان في القبلة )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب رد السلام في الصلاة
حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: ( كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة، فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه، فلم يرد علينا، وقال: إن في الصلاة لشغلاً ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا أبان قال: حدثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال: ( كنا نسلم في الصلاة ونأمر بحاجتنا، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت عليه فلم يرد علي السلام، فأخذني ما قدم وما حدث، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال: إن الله يحدث من أمره ما يشاء، وإن الله جل وعز قد أحدث من أمره أن لا تكلموا في الصلاة، فرد علي السلام ).
حدثنا يزيد بن خالد بن موهب و قتيبة بن سعيد أن الليث حدثهم عن بكير عن نابل صاحب العباء عن ابن عمر عن صهيب أنه قال: ( مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد إشارة قال: ولا أعلمه إلا قال إشارة بأصبعه )، وهذا لفظ حديث قتيبة .
حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو الزبير عن جابر قال: ( أرسلني نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى بني المصطلق، فأتيته وهو يصلي على بعيره فكلمته، فقال لي بيده هكذا، ثم كلمته، فقال لي بيده هكذا، وأنا أسمعه يقرأ ويومئ برأسه، فلما فرغ، قال: ما فعلت في الذي أرسلتك؟ فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي ) ].
وفي هذا دليل على جواز الإشارة في الصلاة ولو فهمت.
وفيه دليل على رد ونكارة الحديث الوارد في قوله: ( من أشار في الصلاة إشارة تفهم عنه فقد بطلت صلاته ) وأن هذا حديث منكر، فالإنسان إذا أشار في الصلاة فلا حرج عليه لمصلحة الصلاة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا الحسين بن عيسى الخراساني الدامغاني قال: حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا هشام بن سعد قال: حدثنا نافع قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه وهو يصلي، قال: فقلت لـبلال: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عون كفه، وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوق ).
حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا غرار في صلاة ولا تسليم )، قال أحمد: يعني فيما أرى أن لا تسلم، ولا يسلم عليك، ويغرر الرجل بصلاته فينصرف وهو فيها شاك].
والصواب في هذا أنه يسلم على المصلي، والرد عليه جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث جابر من غير لفظ، ولكن بالإشارة، وهو أصح شيء جاء في هذا الباب.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا معاوية بن هشام عن سفيان عن أبي مالك عن أبي حازم عن أبي هريرة قال: أراه رفعه، قال: لا غرار في تسليم، ولا صلاة.
قال أبو داود: ورواه ابن فضيل على لفظ ابن مهدي ، ولم يرفعه].
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر