أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله عَزَّ وَجَلّ، اتقوا الله عز وجل وأطيعوه.
أمة الإسلام! إنه لا يخفى عليكم في هذه الأزمان المتأخرة ما يحل بالمجتمع البشري من إحداث البدع ونشر الشر والفساد الذي سار في الأبدان والقلوب والأفكار، إنها مصائب تتلوها مصائب، موجات إلحاد تتجاذبها عواصف تبشير تزيد تدميرها مع ما يفتح أمامها من المغريات الخبيثة التي يرسلها أعداء الإسلام وأعداء المسلمين في كل مكان بواسطة أحزاب الشيطان وجنوده من الجن والإنس من الشرور والفساد، وفتح سبل جائرة ومنحازة عن الحق ومجانبة للصواب، المجتمع البشري في الأزمنة المتأخرة يتخبط في ظلمات حالكة مدلهمة يحتاج فيها إلى الدعوة إلى الله عز وجلَّ وإلى سبيله العادل وصراطه المستقيم.
إن أعداء المسلمين وفي مقدمتهم الشيوعية الحمراء التي شردت المجتمعات وفرقتهم وأسالت دماءهم في كل مكان من العالم، على أي شيء يدل هذا يا عباد الله؟ يدل على أن المسلمين ابتعدوا عن دينهم ولعب بهم الأعداء كما يلعب الصبية بالكرة.
البعض من المسلمين لا يعرف كيف يتوضأ، البعض من المسلمين يمكث السنين ولا يعرف الغسل من الجنابة، هذا أمر عظيم حل بالمسلمين، بماذا؟ بالبعد عن كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فعلى من نعلق هذه الأمانة؟ نعلقها على عاتق العلماء، إنها أمانة يا علماء المسلمين! فإن العلماء ورثة الأنبياء.
كذلك يوجد في المسلمين من هو غافلٌ عن الله وعن أوامره ونواهيه، لا يعرف الحلال والحرام إنما هو كالأنعام. فهذا يحتاج إلى تنبيه، ومن المسلمين من هو معاند يحتاج إلى المجادلة بالتي هي أحسن، فعلى من نعلق هذا؟ نعلقه على العلماء الذين تعلموا العلوم، الذين ورثوا ميراث محمد صلى الله عليه وسلم؛ فإن العالم يحتاج إلى الدعوة إلى الله عز وجلَّ، والدعوة إلى الله أفضل وسيلة لإنقاذ البشرية.
مع الأسف الشديد! البعض من طلبة العلم إذا تخرج وتعلم العلوم وأُريد أن يجعل في مكان ليعلم أو يقضي أو ليكون كاتب عدل اعتذر وقال: إنما أكون في وسط المدينة، وإلا فلا حاجة لي في ذلك؛ فإنه مسئول عن علمه هذا.
أما علمت -يا أخي- أن في أطراف البلاد أناس لا يعرفون الله عز وجلَّ جهلاً منهم بذلك، لا يعرفون أحكام الإسلام، لا يعرفون أمور دينهم فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
أخي المسلم: بادر إلى الدعوة إلى الله عز وجلَّ، فالدعوة إلى الله أفضل وسيلة لإنقاذ البشرية، إن الدعوة إلى الله عز وجلَّ تلحق الداعي إلى الله بركب الأنبياء وتحله مكانة عالية في عالم السعداء، فالبدار البدار يا علماء الإسلام! البدار البدار يا علماء الإسلام!
البدار البدار يا عباد الله! أناس يدعون أنهم مسلمون ولكن مع الأسف الشديد يعبدون الأوثان ويستغيثون بالجن والشياطين ويستعينون بالكهان والسحرة، ومع ذلك يدعون أنهم مسلمون من أين أتاهم التقصير؟ أتاهم من العلماء!
يا علماء الإسلام: اتقوا الله، اتقوا الله وبثوا هذه الدعوة قبل أن تسألوا عنها أمام رب العالمين، ليس العلم أن تبرز الشهادة وتعلقها على الحائط تباهي بها الأقران، إنها مسئولية عظيمة أمام رب العالمين، بماذا عملت فيما علمت؟ أعد لهذا السؤال جواباً أمام رب العالمين.
فالبدار البدار يا علماء المسلمين! إلى دعوة الناس إلى الخير على هدىً وبصيرة، لمن تتركون هذا المجال، تتركونه للضلال أو تتركونه للجهال؟! فهذا ليس عذراً لكم يا علماء المسلمين، بل الدعوة تحتاج إلى بصيرة، وإلى علمٍ وإلى ثقةٍ وأمانة، من الذي أتى بكثير من المسلمين في طرق الغواية؟! من الذي أتاهم بالطرق والسبل التي نشرها أعداء الإسلام وأعداء المسلمين إلا علماء الضلال، علماء الجهال الذين نشروا سمومهم في تلك البلدان فصار المسلمون فرقاً شتى هذا يأخذ بالطريقة كذا، وهذا يأخذ بمذهب كذا، وهذا يأخذ بدين كذا، حتى افترقت الأمة الإسلامية وصار هذا يعير هذا، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
الدعوة على نور وبصيرة يقول الله جل وعلا: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ [فصلت:33] فيا ورثة الأنبياء وخلفاء الله في أرضه وأمنائه على تبليغ رسالة نبيه صلى الله عليه وسلم إلى الإنسانية! إن داعي الخير قد دعاكم إلى إنقاذ البشرية بدعوتها إلى الفضيلة، إلى العقيدة الصحيحة، إلى البر والتقوى، إلى الخير والهدى، إلى الخير والهدى امتثالاً لأمر الله تعالى إن كنتم تريدون الخير: وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ [آل عمران:104].
قوموا -عباد الله- بدعوة الناس والهداية بيد الله، قوموا -عباد الله- بالدعوة إلى الله والهداية بيده: وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ [يونس:25].
أيها العلماء: استجيبوا لداعي الله عز وجلَّ وقوموا بدعوة الناس إلى الخير كلُّ بحسبه، فما قبل الدين سلفاً ولا ظهر إلا بالدعوة إليه وإظهاره للأمة في أبهى صورة، أما تسمعون ماذا يقول أعداء الإسلام وأعداء المسلمين عن هذا الدين؟! أما تسمعون؟! أما ترونهم يصورونه في أبشع صورة؟!
ولكن عليك -يا عبد الله- أن تقوم لله داعياً وتظهر الإسلام بالمظهر اللائق.
فلقد كان سلفنا الصالح أمثل ذكرٍ خالد قاموا على قدمٍ وساق فتحوا الفتوحات ومصروا الأمصار، قاموا بحق لا إله إلا الله، فعليكم بالاقتداء بهم بالدعوة إلى الله عز وجلَّ وبالتمسك بتعاليم الإسلام والتخلق بأخلاق سيد المرسلين، دعوة ملؤها الإخلاص وحب الهداية للآخرين.
ثم أخبره -يا أخي- أن ترك الشارب معصية لله ولرسوله، وقد ورد في الحديث: {من لم يأخذ من شاربه فليس منا}.
أخبره -يا عبد الله- أن حلق اللحية حرام حتى يعرف ويعلم ذلك، البعض من المسلمين لا يدري أن حلق اللحية حرام، اسأل الله أن يهديه إلى الطريق المستقيم؛ حتى يعرف أن حلق اللحية حرام ويتصل بالعلماء الناصحين ليخبروه عنها وعن دلائل ذلك في كتاب الله وسنة رسوله.
البعض من المسلمين لا يدري أن الإسبال حرام، فأخبره -أيها الداعي إلى الله- أن الإسبال حرام، وإن قال: أنا لا أسبل إلا زينة، فأخبره أن ما أسفل الكعبين ففي النار، هكذا يقول رسول الهدى صلى الله عليه وسلم: {ما أسفل الكعبين ففي النار}.
أخبر أخاك المسلم أن الغناء حرام، واستماعه حرام، وثمنه حرام، واستئجار المحل له حرام، وثمن الأجرة حرام، أخبر أخاك -أيها الداعية- أن هذا حرام، البعض من الناس لا يعلم ذلك.
أخبر يا عبد الله، أيها الداعي إلى الله، أخبر أهل الموائد إذا خلصوا من مائدتهم وهم يضعونها في برميل الزبالة أن هذا كفران لنعمة الله تعالى، وما أكثر هذا ولكن أين الدعاة الذين يبصِّرون عباد الله ويخبرونهم أن وضع النعم في الزبائل أنه كفران لنعمة الله عز وجلَّ، أو لا يعلمون أن أناساً من المجاورين لو حصلت لهم لأكلوها، وهي مختلطة مع الزبائل؟ ولكن لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
أيها الداعي إلى الله: قم بواجبك، قم بوظيفة المرسلين واسمع قول الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقدم لـعلي رضي الله عنه: {فوالله لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم}.
يا عبد الله: انظر إلى جارك الذي لا يحضر المسجد وأعلمه أن تارك الصلاة كافر، وأخبره أنه لو مات على كفره أن المسلمين لا يصلون عليه ولا يدفنونه في مقابر المسلمين.
أخبر جارك -أيها الداعية إلى الله- أخبره أن تارك الصلاة كافر، وأن امرأته إن كانت مسلمة، فهي حرام عليه، ولو طلبت طلاقها لطلقت منه، بل لا يحل لها أن تمكث معه وهو كافر لا يصلي.
عبد الله أيها الداعي إلى الله: أخبر تارك الصلاة أنه لا يرث ولا يورث ولا يدفن في مقابر المسلمين، أخبره أنه لا يغسل ولا يكفن، بل يوارى بعيداً عن بلدان المسلمين، إذا مات هذا تاركاً الصلاة.
عبد الله أيها الداعية: أخبر المرأة المتبرجة أنها بتبرجها عاصية لله ولرسوله، وأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:{صنفان من أهل النار لم أرهما -وذكر من هذا الصنف-: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة، وإنهن لا يجدن ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا} أو كما قال صلى الله عليه وسلم.
اللهم اجعلنا من الدعاة إلى سبيلك بالحكمة والموعظة الحسنة على بصيرة وعلى علم بإخلاص لك يا رب العالمين.
أقول قولي هذا وأسأل الله عز وجل أن يوقظنا من رقدة الغفلة، اللهم أيقظنا من رقدة الغفلة، اللهم إننا نعوذ بك من شرور أعدائنا، اللهم إننا ندرأ بك في نحور أعدائنا من اليهود والنصارى والشيوعيين، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم، اللهم إنا نشهدك على بغضهم وعلى منابذتهم، اللهم إنا نشهدك على بغضهم وعلى منابذتهم فاكفنا اللهم شرهم وأبعدهم عن ديار المسلمين عامة يا رب العالمين.
وصلى الله على نبينا محمد وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.
أما بعد:
أيها المسلمون: اتقوا الله تعالى، واعلموا -يا عباد الله- أنه إنما ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الروم:41] لعلهم يرجعون، لعلهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، لعلهم يصلحون ما أفسد الناس.
عباد الله: اعلموا أن ما أصابكم من المصائب فبما كسبت أيديكم، وعفو الله عظيم، فهو يعفو عن كثير، ففساد الأرض ومصائب الخلق هي حصائد الأعمال الخبيثة والمحرمات، وعواقب أفعالهم التي ملأت البر والبحر.
أيها المسلمون: إن الواجب على المسلمين أن يأخذ حلماؤهم على أيدي سفهائهم فيأطروهم على الحق أطراً قبل أن يهلكوا جميعاً فقد قال صلى الله عليه وسلم: (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده).
أيها المسلمون: إن الناس بالنسبة إلى تغيير المنكر، منهم من يستطيع تغييره بيده، ومنهم من لا يستطيع إلا بلسانه، ومنهم من لا يستطيع إلا بقلبه، وقد بين صلى الله عليه وسلم ما يجب على كل واحد من هؤلاء، فقال صلى الله عليه وسلم: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان).
أيها المسلمون: إننا إذا قمنا بتغيير المنكر حسب الاستطاعة أفلحنا بأنفسنا وأصلحنا مجتمعنا، وحصلت لنا الرفعة في الدارين: الأولى والأخرى، أما إذا ضيعنا الواجب الذي علينا في ذلك فستكون النتيجة وخيمة تكثر المعاصي ويظهر الفسوق وتحل العقوبات وتحل اللعنة كما حلت على بني إسرائيل نعوذ بالله من ذلك.
فاتقوا الله -يا عباد الله- وصلوا على رسول الله امتثالاً لأمره: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً [الأحزاب:56] ويقول صلى الله عليه وسلم: (من صلى عليّ صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشراً).
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن خلفائه الراشدين أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي وعن أصحاب رسولك أجمعين، وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا رب العالمين.
اللهم إنا نسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السماوات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أذل الشرك والمشركين، اللهم دمر أعداء الإسلام وأعداء المسلمين من اليهود والنصارى والشيوعيين والملحدين والكفرة والمنافقين، اللهم دمرهم تدميراً، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر، اللهم إنا ندرأ بك في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم، اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوءٍ فأشغله في نفسه، واجعل كيده في نحره، واجعل تدبيره تدميراً عليه يا سميع الدعاء، حسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
اللهم أصلح ولاة أمورنا وولاة أمور المسلمين أجمعين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين، اللهم ارزقهم الجلساء الصالحين الناصحين يا رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر