إسلام ويب

كتاب الزكاة [9]للشيخ : محمد يوسف حربة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اتفق الفقهاء على أخذ زكاة الحبوب بالكيل، واختلفوا في الخرص وهو تقدير النصاب للثمر وغيره وهو على الأشجار، وكذلك اختلفوا في ما يأكله الرجل وأهله هل يحسب في النصاب أو لا؟

    1.   

    تابع ضم الحبوب بعضها إلى بعض لإكمال النصاب

    الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

    الراجح في مسألة ضم الحبوب بعضها إلى بعض لإكمال النصاب

    الراجح أن الأحكام على الأشياء تختلف باختلاف مسميات أصنافها، فالذرة مثلاً صنف تحته أنواع، وكذلك كل صنف تحته أنواع، فتضم أنواع الصنف بعضه إلى بعض، أما الأصناف الأخرى فلا يضم صنف منها إلى صنف آخر.

    1.   

    تقدير النصاب بالخرص

    قال المصنف رحمه الله: [وأما المسألة الثانية: وهي تقدير النصاب بالخرص واعتباره به دون الكيل] معناه أنهم يذهبون ويخرصون التمر أو الثمر والعنب قبل الجمع والتصفية، فيقولون: هذه المزرعة زكاتها كذا وكذا، تقديراً لا كيلاً [فإن جمهور العلماء على إجازة الخرص في النخيل والأعناب حين يبدو صلاحها؛ لضرورة أن يخلي بينها وبين أهلها يأكلونها رطباً] لأن الإنسان يحتاج ليأكل من التمر والعنب قبل أن يكون زبيباً، وقبل أن يكون الرطب تمراً.

    [قال داود : لا خرص إلا في النخيل فقط.

    وقال أبو حنيفة وصاحباه: الخرص باطل، وعلى رب المال أن يؤدي عشر ما تحصل بيده زاد على الخرص أو نقص منه.

    سبب اختلاف العلماء في تقدير النصاب بالخرص

    قال رحمه الله: [والسبب في اختلافهم في جواز الخرص؛ معارضة الأصول للأثر الوارد في ذلك] يعني أن الأقيسة تعارض الأحاديث [أما الأثر الوارد في ذلك وهو الذي تمسك به الجمهور فهو ما روي: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرسل عبد الله بن رواحة وغيره إلى خيبر فيخرص عليهم النخل )] أخرجه أحمد و أبو داود ، وهو حديث حسن.

    [وأما الأصول التي تعارضه..] يعني الأصول الثابتة بأحاديث كثيرة تدل على أن هذا لا يجوز.. وتدل أنه يشبه الربا [فلأنه من باب المزابنة المنهي عنها] يقصد في الحديث المتفق عليه من حديث ابن عمر [ وهو بيع الثمر في رءوس النخل بالثمر كيلاً، ولأنه أيضاً من باب بيع الرطب بالتمر نسيئة] لأنه يقول له: عليك كذا وكذا.. وكأنه يستلمه في ذمته، هذا مذهب أبي حنيفة [ فيدخله المنع من التفاضل ومن النسيئة، وكلاهما من أصول الربا] قال: هذه الأحاديث تخالف ما ورد في الربا، وهي إن نظرنا فيها بالقياس فسنرى أنها من أصول الربا، وقالت الحنفية: إن الخرص ظن وتخمين وفيه غرر، وإنما كان جواز ذلك قبل تحريم الربا والقمار -أي أنه منسوخ- قال الخطابي رداً عليهم: العمل بالخرص ثابت وتحريم الربا والقمار والميسر متقدم، وبقي الخرص يعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم طول عمره، وعمل به أبو بكر و عمر في زمانهما، وعامة الصحابة على تجويزه، ولم يذكر عن أحد منهم خلاف، وأما قول الحنفية: إنه ظن وتخمين فليس كذلك، بل هو اجتهاد في معرفة مقدار الثمار، انتهى كلام الخطابي .

    أقول: وقد ثبت الخرص عن عتاب بن أسيد عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم.. -يعني جمع كرم- وثمارهم )، قال شيخنا ناصر الدين الألباني في الإرواء (3/282)، أخرجه أبو داود و الترمذي و البيهقي وقال الترمذي : حديث حسن من طريقين عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن عتاب به، وأخرجه مالك عن ابن شهاب مرسلاً نحوه، قال: وهذا أصح. هذا كلام الترمذي .

    لكنه اعتضد وإن كان فيه هنا إرسال والمرسل صحيح.

    أقول: لكنه اعتضد بغيره من الأحاديث وبعمل الصحابة، قال الشوكاني في السيل (2/44): قد ثبت في خرص العنب والتمر أحاديث تقوم بها الحجة، بل ثبت في الصحيحين من حديث أبي حميد الساعدي : ( أنه صلى الله عليه وسلم خرص حديقة امرأة بنفسه ).

    [ فلما رأى الكوفيون هذا مع أن الخرص الذي كان يخرص على أهل خيبر لم يكن للزكاة؛ إذ كانوا ليسوا من أهل زكاة] يعني الحديث الذي فيه إرسال عبد الله بن رواحة إلى أهل خيبر، لم يكن للزكاة وإنما هو في القسمة.

    [قالوا: يحتمل أن يكون تخميناً؛ ليعلم ما بأيدي كل قوم من الثمار.

    قال القاضي.. ] يعني ابن رشد [ أما بحسب خبر مالك فالظاهر أنه كان في القسمة لما روي أن عبد الله بن رواحة كان إذا فرغ من الخرص قال: إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي ] متفق عليه من حديث ابن عمر.

    [أعني في قسمة الثمار لا في قسمة الحب] الحب يعني: الذرة، وهذه لا يقسمونها، [وأما بحسب حديث عائشة الذي رواه أبو داود ..] في السنن وخلاصته أنه حديث ضعيف [فإنما الخرص لموضع النصيب الواجب عليهم في ذلك] فليست قسمة بل يخرصها عليهم، ولا يقول لهم: إن شئتم فلكم وإن شئتم فلي [ والحديث هو أنها قالت وهي تذكر شأن خيبر: ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث عبد الله بن رواحة إلى يهود خيبر فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه) وخرص الثمار لم يخرجه الشيخان] يعني هذا الحديث [ وكيفما كان فالخرص مستثنىً من تلك الأصول] نعم، يعني إذا كانت الأحاديث ثابتة والأصول ثابتة فالخبر الثابت المخالف لها مقدم عليها؛ لأنه من باب القياس، وإذا تعارض النص والقياس فيسمى القياس: فاسد الاعتبار، وهذا مذهب أبي حنفية في ترك النصوص المخالفة للقياس.

    [هذا إن ثبت أنه كان منه صلى الله عليه وسلم حكماً منه على المسلمين]، وقد ثبت في حديث عتاب أنه حكماً على المسلمين: [فإن الحكم لو ثبت على أهل الذمة ليس يجب إن يكون حكماً على المسلمين إلا بدليل والله أعلم.

    ولو صح حديث عتاب بن أسيد ] قلنا: إنه صحيح بما له من الشواهد وعمل الصحابة [لكان جواز الخرص بيناً، والله أعلم، وحديث عتاب بن أسيد هو أنه قال: ( أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخرص العنب وآخذ زكاته زبيباً، كما تؤخذ زكاة النخل تمراً ) وحديث عتاب بن أسيد طعن فيه؛ لأن راويه عنه هو سعيد بن المسيب وهو لم يسمع منه، ولذلك لم يجز داود خرص العنب.

    خرص الزيتون

    قال المصنف رحمه الله: [واختلف من أوجب الزكاة في الزيتون في جواز خرصه] هل يخرص أم لا؟[ والسبب في اختلافهم: اختلافهم في قياسه في ذلك على النخل والعنب؛ والمخرج عند الجميع من النخل في الزكاة هو التمر لا الرطب] ما يخرجوه رطباً، يخرجوه بعد ما يصير تمراً [وكذلك الزبيب من العنب لا العنب نفسه] وهذا اتفقوا عليه [وكذلك عند القائلين بوجوب الزكاة في الزيتون هو الزيت لا الحب] أي: بعد أن يعصر [قياساً على التمر والزبيب.

    وقال مالك في العنب الذي لا يتزبب، والزيتون الذي لا ينعصر: أرى أن يؤخذ منه حباً] يعني: أن بعض العنب لا يصير زبيباً، وهناك مثل يضرب للذي يجعل من نفسه عالماً وهو ليس بعالم، أخبرني شيخ لي قرأت عليه القرآن قال: كان شيخه في القرآن الذي درس عليه رجلاً عالماً، ولكنه أصيب في عقله، قال: فطلب مني أهل القرية؛ لأني أحسن الطلاب أن أكون مدرساً واستمر في التدريس، قال: فجاء إلي شيخي ونظر إلي وأنا في المدرسة قال: تزببت وأنت حصرم -الحصرم هو صغار العنب قبل أن ينضج- قال: فما عرفت ما قال؛ لأنه من تهامة وهو لا يعرف الحصرم ولا التزبب! قال: فكنت لا أعرف ما يقول، فهذا معنى التزبب، وهو أن يصير العنب زبيباً، ولكن بعض العنب لا يصير زبيباً .

    الراجح في الزيتون هو أنه إذا كان الإنسان يحتاج إلى أكله قبل العصر فإنه يلحق بالعنب والرطب حتى يمكن المزارع من التصرف فيه..

    1.   

    اعتبار ما أكله الرجل قبل الحصاد في النصاب

    قال المصنف رحمه الله: [وأما المسألة الثالثة:] هل يحسب ما أكل الرجل من ثمره وزرعه في النصاب، أي إذا أكل ما تدعو إليه الحاجة -لكن لا يأكله كله- [فإن مالكاً و أبا حنيفة ] و الشافعي في الجديد [قالا: يحسب على الرجل ما أكل من ثمره وزرعه قبل الحصاد في النصاب، وقال الشافعي ] في القديم و أحمد : [ لا يحسب عليه ويترك الخارص لرب المال ما يأكل هو وأهله ].

    سبب اختلاف العلماء في اعتبار ما يأكله الرجل قبل الحصاد في النصاب

    قال رحمه الله: [والسبب في اختلافهم ما يعارض الآثار في ذلك من الكتاب والقياس] لكن الآثار الواردة فيها ضعف، والقياس يعارضها [ أما السنة في ذلك فما رواه سهل بن أبي حثمة : ( أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا حثمة خارصاً، فجاء رجل فقال: يا رسول الله! إن أبا حثمة قد زاد علي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن ابن عمك يزعم أنك زدت عليه، فقال: يا رسول الله! لقد تركت له قدر عرية أهله)] يعني قدر ما يأكلون منها [( وما يطعمه المساكين.. )] الذين يمرون يسألونه [ ( وما تسقطه الريح ) ] أي: الذي يسقط وتأكله الطيور [ ( فقال: قد زادك ابن عمك وأنصفك )]، والحديث رواه الطبراني في الأوسط و الدارقطني وقال الهيثمي : فيه محمد بن صدقة وهو ضعيف.

    [ وروي أن الرسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا خرصتم فدعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث فدعوا الربع )]، أخرجه ابن أبي شيبة ، وله شاهده بإسناد متفق على صحته أن عمر بن الخطاب أمر به، فيكون ثابتاً.

    [ وروي عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( خففوا في الخرص فإن في المال العرية ) ] يعني التي يأكلها وهي رطبة [ ( والآكلة والوصية والعامل والنوائب وما وجب في الثمر من الحق ) ]. أخرجه ابن أبي شيبة عن مكحول .

    والعرية هي الرطب فوق النخل قبل أن يجز؛ كما سيأتي في باب البيوع: ولا يجوز بيع الرطب بالتمر إلا دون خمسة أوسق، وهو العرايا، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( يجوز في العرايا بيع ما دون خمسة أوسق ) فمثلاً كأن يكون لديك تمر وليس لديك نقود، فتأتي صاحب التمر وتقول له: أرأيت هذه النخلة أريد أن آكلها رطباً، فقدِّر كم فيها من الرطب وسأدفع لك التمر الآن، فيدفع له التمر، فتسمى عرية.

    وكذلك العرية تطلق على ما يتصدق به من التمر على المساكين، كأن تقول لأحد من المساكين: هذه النخلة لك إذا ما جئت فخذ منها، أو هذه النخلة لأبناء فلان.

    [ وأما الكتاب المعارض لهذه الآثار والقياس فقوله تعالى: كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ[الأنعام:141] فمعناه أنه لا يجب إلا يوم الجذاذ فقوله تعالى: وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ[الأنعام:141]، يدل على أنه لا بد من إيتاء هذا الحق، وأنه واجب قبل أن يصير يابساً، وهو لا يزال رطباً؛ لأن الحصاد لا يأتي إلا وهو رطب.

    [ وأما القياس فلأنه مال فوجبت فيه الزكاة أصله سائر الأموال ].

    الراجح في اعتبار ما يؤكل قبل الحصاد في النصاب

    والراجح أن ما يؤكل من الزرع قبل الحصاد لا يحسب في النصاب، وهذا مذهب الشافعي و أحمد و ابن حزم ، قال ابن قدامة في المغني (3/17): لا بأس أن يأكلوا منه ما جرت العادة بأكله ولا يحسب عليهم، وسئل أحمد عما يأكل أرباب الزرع من الفريك، والفريك لا أعرفه في اللغة العربية لكنه باللغة العامية الجهيش قال: لا بأس به أن يأكل منه صاحبه ما يحتاج إليه؛ وذلك لأن العادة جارية فأشبه ما يأكله أرباب الثمار من ثمارهم.

    وذكرنا قبل قليل أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (دع لهم الثلث أو الربع في التمر والعنب)، وهذا في التمر والعنب، فالحبوب تلحق بالتمر والعنب ويعتريها ما يعتري التمر والعنب.

    وقال ابن حزم في المحلى (5/259): لا يجوز أن يعد على صاحب الزرع في الزكاة ما أكله فريكاً وسويقاً قل أو كثر، ولا ما تصدق به حال الحصاد، ولكن ما صفي فزكاته عليه، وذلك أن الزكاة لا تجب إلا حين إمكان الكيل، فما خرج عن يده قبل ذلك فقد خرج قبل وجوب الصدقة فيه.

    [ فهذه هي المسائل المشهورة التي تتعلق بقدر الواجب في الزكاة، والواجب منه في هذه الأجناس الثلاثة التي الزكاة مخرجة من أعيانها، ولم يختلفوا أنها إذا خرجت من الأعيان أنفسها أنها مجزئة ].

    1.   

    إخراج القيمة بدلاً على العين في الزكاة

    [واختلفوا هل يجوز فيها أن يخرج بدل العين القيمة أو لا يجوز؟ فقال مالك و الشافعي ] و أحمد [لا يجوز إخراج القيمة في الزكوات بدل المنصوص عليه من الزكوات، وقال أبو حنيفة : يجوز، سواء قدر على المنصوص عليه أو لم يقدر. حتى ولو كان المنصوص عليه موجوداً فيجوز له أن يخرجها بالقيمة.

    سبب اختلاف العلماء في إخراج القيمة بدل المنصوص عليه في الزكاة

    قال رحمه الله: [ وسبب اختلافهم: هل الزكاة عبادة أو حق واجب للمساكين؟

    فمن قال إنها عبادة: قال إن أخرج من غير تلك الأعيان لم يجز؛ لأنه إذا أتى بالعبادة على غير الجهة المأمور بها فهي فاسدة. ومن قال: هي حق للمساكين فلا فرق بين القيمة والعين عنده] يعني: إذا كانت القيمة تساوي العين [وقد قالت الشافعية: لنا أن نقول -وإن سلمنا أنها حق للمساكين-: إن الشارع إنما علق الحق بالعين قصداً منه لتشريك الفقراء مع الأغنياء في أعيان الأموال] يعني: فإن قلنا: إنها حق للمساكين فالشارع قد أشركهم في عين المال، ولا يجوز أن نعطيهم بدلاً عنها [والحنفية تقول: إنما خصت بالذكر أعيان الأموال تسهيلاً على أرباب الأموال؛ لأن كل ذي مال إنما يسهل عليه الإخراج من نوع المال الذي بين يديه؛ ولذلك جاء في بعض الأثار أنه جعل في الدية على أهل الحلل حللاً على ما يأتي في كتاب الحدود ].

    الراجح في مسألة إخراج القيمة بدلاً عن العين في الزكاة

    أقول: الراجح أن يراعى في إخراج القيمة المصلحة والحاجة، وهذا ما رجحه ابن تيمية في مجموع الفتاوى (25/82) فقال: الأظهر في هذا أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه ولهذا: قدر النبي صلى الله عليه وسلم الجبران بشاتين أو عشرين درهماً ولم يعدل إلى القيمة مثال الجبران لو أن إنساناً كان لديه خمسة وعشرون من الإبل ففيها بنت مخاض، ولكن لا توجد عنده بنت مخاض في الإبل، فيقال له: ادفع بنت لبون ويعطي العامل لك شاتين أو عشرين درهماً، ولم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم: يدفع القيمة، وكذلك إذا كان عنده ستة وثلاثين ففيها بنت لبون، ولا توجد عنده بنت لبون، ولكن عنده بنت مخاض فيجبر النقص بشاتين أو عشرين درهماً، فهذا دليل على أنه لا يعدل إلى القيمة.

    ولأنه متى جوزت القيمة مطلقاً فقد يعدل المالك إلى أنواع رديئة، وقد يقع في التقويم ضرر؛ لأن الزكاة مبناها على المواساة، وهذا يعتبر في قدر المال وجنسه.

    وأما إخراج القيمة للحاجة أو المصلحة أو العدل فلا بأس به، مثل أن يبيع ثمر بستان أو زرعه بدراهم فهنا يجوز إخراج عُشْر الدراهم، ولا يكلف أن يشتري تمراً أو حنطة؛ إذ كان قد ساوى الفقراء بنفسه، وقد نص أحمد على ذلك، فهذا من باب العدل، ولا ظلم فيه للفقراء ..

    ومثله أن يجب عليه شاة في خمس من الإبل، وليس عنده من يبيعه شاة، فإخراج القيمة هنا كافٍ، ولا يكلف السفر إلى مدينة أخرى؛ ليشتري شاة، هذا في الحاجة، كأن يكون منقطعاً وهذا يحتاج منه أن يستأجر سيارة ويذهب إلى المكان الفلاني ويحملها للعامل ليأخذها فهذا عمل طويل! فيقال له: كم قيمة الشاة؟ فيقول: ثلاثة آلاف، فيقال له: إدِ الثلاثة آلاف وأعطها الفقراء.

    وأما المصلحة: فمثل أن يكون المستحقون يريدون منه إعطاء القيمة؛ لكونها أنفع فيعطيهم إياها، فهذا مصلحة، ومن المصلحة كذلك كما نقل عن معاذ أنه كان يقول لأهل اليمن: ايتوني بخميص أو لبيس أيسر عليكم وخير لمن في المدينة من المهاجرين والأنصار.

    الخميصة: كساء أسود مربع له ألوان، واللبيس أي: الملابس، لأنهم كانوا يحوكون هذه الألبسة، فقال: أعطوني منها. انتهى كلام الإمام ابن تيمية .

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك اللهم ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756637041