إسلام ويب

كتاب الصلاة [26]للشيخ : محمد يوسف حربة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اختلف الفقهاء في رد المصلي السلام على من سلم عليه بناء على كون السلام من الكلام المنهي عنه في الصلاة أو لا، كما اختلفوا أيضاً في قضاء الصلاة لتاركها عمداً ولمن أغمي عليه، ولقضاء الصلاة صفة وشروط ووقت ذكرها الفقهاء.

    1.   

    رد السلام في الصلاة

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد:

    أقوال العلماء في رد السلام في الصلاة

    قال المصنف رحمه الله: [ المسألة السادسة: اختلفوا في رد سلام المصلي على من سلم عليه، فرخصت فيه طائفة منهم سعيد بن المسيب ، و الحسن بن أبي الحسن البصري و قتادة ]، قالوا: لا مانع من رد السلام؛ لأنه ليس بكلام، [ ومنع ذلك قوم بالقول، وأجازوا الرد بالإشارة ]، يعني: لا مانع أن ترفع يدك، أما القول فهو كلام [ وهو مذهب مالك و الشافعي ] و أحمد كذلك [ ومنع آخرون رده بالقول والإشارة، وهو مذهب النعمان ]، و النعمان هو أبو حنيفة رحمه الله.

    قال الناظم:

    والشافعي ومالك ونعمان وأحمد بن حنبل وسفيان

    وغيرهم من سائر الأئمة على هدىً والاختلاف رحمة

    وهذا الكلام لا يعني أن حديث: ( اختلاف أمتي رحمة ) أنه حديث صحيح، بل هو حديث ضعيف، ولكن معنى ذلك أن اختلاف الأئمة في الفروع من باب رحمة الله سبحانه وتعالى في التوسعة على الناس، إذ لم يضيق عليهم في الاختلاف، فمن رحمته سبحانه وتعالى في اختلافهم قال: ( من أصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر )، أما حديث: ( اختلاف أمتي رحمة ) فهذا حديث ليس بصحيح، ولكن قال عمر بن عبد العزيز : والله! ما أحب أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفقوا؛ لأنهم لو اتفقوا لكان صعباً علينا الاختلاف، ولكنهم اختلفوا، فالاختلاف في الفروع من حيث هو توسعة ورحمة.

    ويجب على المجتهد أن يعمل باجتهاده، فاجتهاده إن أصاب الحق فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد، فهكذا يجب علينا أن نعتقد، لا أن نصب الناس كلهم في قالب واحد، ونقول: لا بد أن تكون أقوالهم واحدة؛ لأن هذا يخالف أصل الفطرة: فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ [الروم:30] فالملائكة اختلفوا، والأنبياء اختلفوا، والصحابة اختلفوا، ونحن نقول الآن: لا يكون إمامنا إلا فلان الحادث في القرن الرابع العشر، وهو مفتي اليمن! ويجب علينا أن نتبعه! ومن خالفه فهو من الفرقة غير الناجية ليس بصحيح، بل نقول: إن من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن أخطأ فله أجر واحد، ولدينا في اليمن علماء، لا ننكر اختلافهم ولا نتشدد. وتجد بعض الناس لو كان لديه قول يريد من كل الناس أن يقولوا بقوله، أقول: أنا عندي قول، وعندي اعتقاد، وعندي أدلة، يأتيني واحد ويقول لي: هذا القول صحيح، فإن قلته وأنا مقتنع بغيره لكنت منافقاً؛ لأن إظهار القول خلاف الاعتقاد.

    معناه النفاق بعينه، ولكن أقول قولي، وأظن أنه الصواب ويحتمل الخطأ، ولا أقول قولي فقط، أو أنه خطأ ويحتمل الصواب، ومع ذلك لا أدعو إلى قولي ولا إلى قوله، فمن اقتنع بقولي فليأخذ به، ومن اقتنع بقوله فليأخذ به؛ لأن المسألة من أصلها اجتهادية، ولا إنكار في مسائل الاجتهاد، وإنما الإنكار في مسائل الاتفاق.

    [ وأجاز قوم الرد في نفسه ] أي: من غير أن يتكلم؛ لأن حديث النفس لا يؤاخذ به الإنسان، [ وقوم قالوا: يرد إذا فرغ من الصلاة ] هذا لا بأس به، إذا فرغ من الصلاة على قولهم.

    السبب في اختلافهم في رد السلام على المصلي

    قال المصنف رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم: هل رد السلام من نوع التكلم في الصلاة المنهي عنه أم لا؟ ] أي: إذا نظرنا أن فيه خطاباً فهو من السلام، [ فمن رأى أنه من نوع الكلام المنهي عنه، وخصص الأمر برد السلام في قوله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا [النساء:86] ] الآية، بأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة ]، أي قال: الآية عامة وقد خصت بأحاديث النهي عن الصلاة، فلا يتكلم في الصلاة، [ قال: لا يجوز الرد في الصلاة. ومن رأى أنه ليس داخلاً في الكلام المنهي عنه ] قال: لأنه دعاء، ليس داخلاً في الكلام المنهي عنه أو قال: إنه ذكر، بدليل: أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرد السلام إلا على طهارة، فدل على أنه من جنس الذكر.

    [ أو خصص أحاديث النهي بالأمر برد السلام أجازه في الصلاة ] يعني قال: هناك أحاديث في النهي عن الكلام في الصلاة عامة، فخصصها بالأحاديث الآمرة برد السلام، فأجاز الرد في الصلاة.

    [ قال أبو بكر بن المنذر : ومن قال لا يرد ولا يشير فقد خالف السنة، فإنه قد أخبر صهيب ]، كما أخرجه أبو داود وقال الترمذي : حديث حسن، وصححه الألباني قال: [ أن النبي عليه الصلاة والسلام رد على الذين سلموا عليه، وهو في الصلاة بإشارة ].

    والراجح من هذه الأقوال مشروعية رد السلام بالإشارة؛ لحديث صهيب .

    1.   

    من يجب عليه القضاء

    قال المصنف رحمه الله: [ الباب الثاني: في القضاء.

    والكلام في هذا الباب على من يجب القضاء، وفي صفة أنواع القضاء، وفي شروطه ] أي: قضاء الصلاة، [ فأما على من يجب القضاء: فاتفق المسلمون على أنه يجب على الناسي والنائم ] أي: الذي ينسى الصلاة أو ينام عنها، فينتبه من النوم أو يذكرها فيجب عليه القضاء إذا ذكر أو استيقظ.

    [ واختلفوا في العامد والمغمى عليه ] العامد: الذي ترك الصلاة بدون عذر؟ كمن ظل يمضغ القات وترك الظهر والعصر والمغرب والعشاء! ثم قام في نصف الليل مضطرباً كالذي يتخبطه الشيطان وصلى الظهر والعصر والمغرب والعشاء دفعة واحدة، فهذا لا تصح صلاته، وهؤلاء أناس خذلهم القات عن طاعة الله! فمنهم من لا يصلي مطلقاً سواء كان وقت مضغ القات أو غير وقته، ومنهم من يصلي، ولكنه يؤخر الصلاة عن أوقاتها، ومنهم من يسيء الأدب مع ربه، نعوذ بالله من الذي يسيئ الأدب مع الله! فيقوم للصلاة وفمه ممتلئ بالقات، هذه ليست صلاة الله يقول: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2].

    فهذا ليس بمفلح ولا تصح صلاته، قال الناظم:

    يخشى على ختام من تكلماً حال الأذان أو أساء مسلما

    أو عق أصلاً أو تعاطى الخمر أو في صلاته استخف الأمر

    فالذي يستخف الأمر في الصلاة يخشى عليه أن يموت على غير حسن الختام، فالذين يمضغون القات في الصلاة مستخفون بأمر الله سبحانه وتعالى وقد هان والعياذ بالله! عليهم خشية الله وإجلال الله؛ لأنه لا يتصور أن يدخل وفمه ممتلئاً بالقات على رئيس الدولة بل يدخل متواضعاً إذا كان يريد حاجة منه لا يدخل إلا بطريقة حسنة بخلاف الذين هم في مرتبته وحاشيته.

    وقوله:

    يخشى على ختام من تكلم حال الأذان..

    هذا الجزء غير صحيح؛ لأنه قد ورد الكلام في الأذان فليس فيه مخالفة، (أو أساء مسلما) هذا صحيح، الذي يسيء إلى المسلمين يخشى عليه سوء الخاتمة (أو عق أصلاً أو تعاطى الخمر) يعني: داوم على شرب الخمر.

    .... أو في صلاته استخف الأمر

    [ وإنما اتفق المسلمون على وجوب القضاء على الناسي والنائم لثبوت قوله عليه الصلاة والسلام وفعله، وأعني بقوله عليه الصلاة والسلام: ( رفع القلم عن ثلاث.. ) فذكر النائم ] أي قوله: ( والنائم حتى يستيقظ )، وأما فعله فكما ورد في صحيح البخاري : ( لما نام الرسول صلى الله عليه وسلم وقال لـبلال قبل النوم: من يحرس لنا الفجر؟ فقال بلال : أنا، ولكنه وقعت عليه نومة، فما قام الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا من حر الشمس، فصلوها )، فهذا فعله، [ وقوله: ( إذا نام أحدكم عن الصلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) ] أخرجه البخاري و مسلم [ وما روي عنه: ( أنه من نام عن الصلاة حتى خرج وقتها فقضاها ) ]، أخرجه مسلم وأصله في البخاري .

    اختلاف الفقهاء في قضاء العامد

    قال المصنف رحمه الله: [ وأما تاركها عمداً حتى يخرج الوقت، فإن الجمهور على أنه آثم، وأن القضاء عليه واجب ]، قال الجمهور: إن هذا من باب فحوى الخطاب، فهو من مفهوم الموافقة أو القياس في معنى الأصل، قالوا: فإذا وجب القضاء على الناسي والنائم، فمن باب أولى أن يجب على العامد، هذا ما استدل به الجمهور، فقالوا: إنه من باب فحوى الخطاب [ وذهب بعض أهل الظاهر إلى أنه لا يقضي وأنه آثم، وأحد من ذهب إلى ذلك أبو محمد بن حزم ] وبه قال الإمام ابن تيمية وتبعه ابن القيم في كتابه: الصلاة، ومال إلى ذلك شيخنا ناصر الدين الألباني فقال: لا قضاء ولا يصح القضاء.

    سبب اختلاف الفقهاء في قضاء العامد

    قال المصنف رحمه الله: [ وسبب اختلافهم: اختلافهم في شيئين:

    أحدهما: في جواز القياس في الشرع ] وهذا ما قاله الإمام ابن حزم ، فقال: وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيّاً [مريم:64]، فلا قياس في الشرع. فسبب اختلافهم في هذه المسألة شيئان أحدهما: في جواز القياس في الشرع وهذا مذهب ابن حزم ، فهو لا يجيز القياس مطلقاً.

    [ والثاني: في قياس العامد ] أي: إذا قلنا بالقياس وهو قول الجمهور، [ على الناسي إن سلم جواز القياس ] فالجمهور قالوا بقياس العامد على الناسي من باب مفهوم الموافقة ومن باب فحوى الخطاب، فهل يجوز قياس العامد على الناسي بهذا، أي بأنه من باب فحوى الخطاب؟

    [ فمن رأى أنه إذا وجب القضاء على الناسي الذي قد عذره الشرع في أشياء كثيرة، فالمتعمد أحرى أن يجب عليه; لأنه غير معذور ] فهذا من باب قياس الأولى وفحوى الخطاب، [ أوجب القضاء عليه.

    ومن رأى أن الناسي والعامد ضدان ] أي: فرق بينهما ذلك ناسي وهذا عامد، [ والأضداد لا يقاس بعضها على بعض، إذ أحكامها مختلفة، وإنما تقاس الأشباه، لم يجز قياس العامد على الناسي.

    والحق في هذا أنه إذا جعل الوجوب من باب التغليظ كان القياس سائغا ] أي: من باب فحوى الخطاب.

    [ وأما إن جعل من باب الرفق بالناسي والعذر له وألا يفوته ذلك الخير، فالعامد في هذا ضد الناسي ] وهذا الأخير كأنه أقرب أي أن هذا من باب الرفق لا من باب التغليظ.

    [ والقياس غير سائغ; لأن الناسي معذور والعامد غير معذور، والأصل أن القضاء لا يجب بأمر الأداء ]، وفهم هذا من الصحابة أن القضاء لا يجب إلا بأمر الأداء عائشة رضي الله عنها فقالت: ( كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة )، يعني: أن القضاء لا يجب بأمر الأداء وإنما يجب بأمر جديد.

    [ وإنما يجب بأمر مجدد على ما قال المتكلمون ]، وفهمت ذلك عائشة رضي الله عنها، [ لأن القاضي قد فاته أحد شروط التمكن من وقوع الفعل على صحته، وهو: الوقت، إذ كان شرطاً من شروط الصحة، والتأخير عن الوقت في قياس التقديم عليه ] إذا قلنا: يجوز لك أن تؤخر، أي لا مانع أن تصلي الظهر بعدما يخرج وقت الظهر، كذلك يقال: لا مانع أن تصلي الظهر مع الضحى، فالتقديم والتأخير سواء، وهذا لا يجوز اتفاقاً.

    [ لكن قد ورد الأثر في الناسي والنائم ] قلنا: فيكون قد أخرجه من التوقيت، وجعل له وقتاً آخر، يسمى: وقت الانتباه والذكر، فإذا انتبه النائم فوقته ذلك الوقت مضيقاً عليه، يذهب فيتوضأ ويستر عورته ويستقبل القبلة ويصلي، ومثله الناسي، لا يقول: أنا قمت بعد شروق الشمس، من الآن إلى بعد الظهر، لما أتوضأ للظهر وأصليها سواء، نقول: لا، ليس وقتك وقت الظهر، وقتك وقت الانتباه، فإذا قمت من النوم بعد شروق الشمس، فعليك أن تصلي ذاك الوقت ولو أخرتها إلى صلاة الظهر، ولا يصح هذا عند من يقول: إن وقتها إذا ذكرها؛ تبعاً لظاهر الحديث، فهذا يقول: إن العامد لا يصح منه القضاء. ولكن من يقول: إن العامد يصح منه القضاء، فيقول أيضاً: يجوز للنائم أن يصليها في وقت صلاة الظهر، أي: صلاة الصبح، ولكن القول الأول هو الصحيح، أي: أنه يصليها عند الانتباه من النوم وعند الذكر، والقول بجواز تأخيرها إلى الظهر للناسي أو النائم.

    قال به الجمهور، الذين قالوا بوجوب القضاء على العامد، فقالوا: ويجب القضاء على العامد على الفور؛ لأنه عاص في التأخير، أما الناسي والنائم فيجب القضاء عليه ولكن لا على الفور؛ لأنه غير عاص في التأخير، والراجح كما بينا أنه يجب عليه أن يصليها فوراً، لحديث: ( فوقتها إذا ذكرها ).

    [ لكن قد ورد الأثر بالناسي والنائم، وتردد العامد بين أن يكون شبيها أو غير شبيه، والله الموفق للحق ].

    والراجح أن العامد لا يصح منه القضاء؛ لأن أمره أكبر من أن نقول بصحة القضاء منه، بل تجب عليه التوبة النصوح بشروطها، فلو صلى ما صلى لا ينفعه! إلا أن يتوب توبة نصوحاً، فلا يعود مرة أخرى لترك الصلاة، فيترك مضغ القات، إذا كان سبب تركه للصلاة هو القات، فمن كان القات يدعوه إلى ترك الصلاة وترك الجماعة، فعليه تركه.

    أسباب عدم صحة القضاء من العامد

    وسبب عدم صحة القضاء من العامد ما يأتي:

    أولاً: أن الصلاة لها وقت مخصوص.. له أول وآخر، وتأخيرها عن وقتها كتقديمها عليه، فلا يصح أن شخصاً يقول: أنا أغتنم الفرصة. لأن موسم الحج يكثر فيه الناس ويتعبون، فأنا أغتنم الفرصة وأذهب أحج الآن والأماكن فارغة وأتمتع بها لا يصح هذا الكلام، بل يقال له: الحج له وقت مخصوص، ليس من جاء في أي وقت حج! فكذلك الصلاة لها وقت مخصوص وتأخيرها عن وقتها كتقديمها عليه، فكما لا يصح تقديمها على وقتها في غير الجمع، فلا يصح تأخيرها عن وقتها. وقلنا: غير الجمع؛ لأن الجمع يجوز فيه التقديم والتأخير.

    وما فائدة التوقيت إذا قلنا بصحة صلاتها بعد الوقت؟! يكون لا فائدة في التوقيت ومن أخرها عن وقتها فهو آثم لا يصح تأخيره، ولو صلاها بعد الوقت، لا ينتهي إثمه ولم تكن له كفارة عن التأخير، حتى الجمهور يقولون: يسقط عليه إثم الأداء، ويبقى عليه إثم التأخير، فعليه التوبة من التأخير فلا يؤخر الصلاة عن وقتها.

    ثانياً: أن النائم والناسي ورد أن للصلاة في حقهما وقتاً آخر عند الانتباه وعند الذكر؛ رفقاً بهما للعذر.

    ثالثاً: أن قياس العامد على الناسي قياس مع الفارق، فالعامد ضد الناسي تماماً، الناسي معذور والعامد بخلافه.

    اختلاف الفقهاء في قضاء المغمى عليه

    قال المصنف رحمه الله: [ وأما المغمى عليه فإن قوماً أسقطوا عنه القضاء فيما ذهب وقته، وقوم أوجبوا عليه القضاء، ومن هؤلاء من اشترط القضاء في عدد معلوم ] يعني: في خمس صلوات، [ وقالوا: يقضي في الخمس فما دونها ] إذا أغمي عليه يوم فيقضي، أما إذا كان أكثر من يوم فلا يقضي.

    السبب في اختلاف الفقهاء في قضاء المغمى عليه

    قال المصنف رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم: تردده بين النائم والمجنون ] هل يلحق المغمى عليه بالنائم أم بالمجنون؟ [ فمن شبهه بالنائم أوجب عليه القضاء، ومن شبهه بالمجنون أسقط عنه الوجوب ] والأقرب أنه كالمجنون بل هذا أشد من الجنون، فالذي فيه جنون يأكل ويمشي ويشرب وهذا لا يأكل ولا يمشي.

    الراجح عدم تكليفه، وأنه أشبه بالمجنون؛ لزوال شعوره، وهذا له تعليق صفحة 246، في المسألة الثالثة (حدود أوقات الضرورة والعذر) ومما قلنا فيه: أما حكم المغمى عليه إذا أفاق من إغمائه، فذهب أحمد إلى أنه كالنائم يجب عليه قضاء جميع الصلوات، وذهب مالك و الشافعي إلى أنه كالمجنون، لا يلزمه قضاء الصلاة، إلا أن يفيق في جزء من وقتها على ما سبق تفصيله في حق المجنون، وقال أبو حنيفة : إن أغمي عليه خمس صلوات قضاها وإن زاد سقط فرض القضاء في الكل، وحكمه حكم المجنون، والأقرب ما ذهب إليه مالك و الشافعي .

    1.   

    صفة قضاء الصلاة

    [صفة قضاء الصلاة:

    وأما صفة القضاء، فإن القضاء نوعان:

    قضاء لجملة الصلاة، وقضاء لبعضها ] قضاء لجملة الصلاة: إذا فاتته كل الصلاة، كالنائم أو الناسي، وأما قضاء بعض الصلاة، فهذا في حق المسبوق، أقصد به المأموم إذا سبقه الإمام في الصلاة فما صلاه بعد انصراف الإمام فهو قضاء لما فاته مما سبق به من صلاة الإمام.

    صفة قضاء الصلاة في الجملة

    قال المصنف رحمه الله: [ أما قضاء الجملة ] يعني: كلها [ فالنظر فيه في صفة القضاء وشروطه ووقته.

    أما صفة القضاء فهي بعينها صفة الأداء ] فإذا فاته الظهر يصلي أربعاً، [ إذا كانت الصلاتان في صفة واحدة ]، فاته في الحضر فقضاه في الحضر، أو فاته في السفر فقضاه في السفر [ من الفرضية ] وكذلك الصفة بعد الظهر والعصر.

    [ وأما إذا كانت في أحوال مختلفة ]، فاته في الحضر وقضاه في السفر، أو فاته في السفر فقضاه في الحضر، فهذا فيه خلاف [ مثل أن يذكر صلاة حضرية في سفر ] فاتته الصلاة في حضر وما ذكرها إلا في السفر، [ أو صلاة سفرية في حضر، فاختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال:

    فقوم قالوا: إنما يقضي مثل الذي عليه، ولم يراعوا الوقت الحاضر ] كمن فاته الظهر في السفر فإنه يقضيها ركعتين في الحضر، أو فاته الظهر في الحضر، فيقضيه أربعاً في السفر. [ وهو مذهب مالك وأصحابه وقوم قالوا: إنما يقضي أبداً أربعا سفرية كانت المنسية أو حضرية، فعلى رأي هؤلاء إن ذكر في السفر حضرية صلاها حضرية.. ] أي أربعاً.

    [ وإن ذكر في الحضر سفرية صلاها حضرية ] يعني: أربعاً، [ وهو مذهب الشافعي ] و أحمد ، فقالوا: تصلى دائماً أربعاً.

    [ وقال قوم: إنما يقضي أبداً فرض الحال التي هو فيها ] عكسوا مذهب مالك ، مالك يقول: ما وجبت عليه، وهؤلاء يقولون: فرض الحال، [ فيقضي الحضرية في السفر سفرية ] أي: يقضيها اثنتين، [ والسفرية في الحضر حضرية فمن شبه القضاء بالأداء راعى الحال الحاضرة ] وهو مالك رحمه الله.

    [ وجعل الحكم لها قياساً على المريض يتذكر صلاة نسيها في الصحة أو الصحيح يتذكر صلاة نسيها في المرض، أعني: أن فرضه هو فرض الصلاة في الحال الحاضرة ] يعني: أن المريض إذا ذكر صلاة في المرض فلا نقول له: قم بالقوة! وصلها لأنها فاتتك وأنت صحيح، بل يصليها وهو قاعد، وإذا كانت فاتته صلاة وهو مريض فيقال له: صلها قائماً؛ وإن كانت فاتتك وأنت تصلي قاعداً، صلها قائماً في الحال التي أنت فيها.

    [ ومن شبه القضاء بالديون أوجب للمقضية صفة المنسية ] فإذا كان عندك مائة ألف ريال، اقضها مائة ألف ريال، عندك أربع ركعات اقضها أربعاً، عندك ركعتان، اقضها ركعتين.

    [ وأما من أوجب أن يقضي أبداً حضرية ] وهم الشافعية و أحمد [ فراعى الصفة في إحداهما ] راعى الصفة في الحضرية [ والحال في الأخرى ] أي: في السفرية [ أعني: أنه إذا ذكر الحضرية في السفر راعى صفة المقضية، وإذا ذكر السفرية في الحضر راعى الحال; وذلك اضطراب جار على غير قياس إلا أن يذهب مذهب الاحتياط وذلك يتصور فيمن يرى القصر رخصة ] وهو الشافعي و أحمد ، فكلامهم هنا جيد؛ لأنهم يرون أن القصر رخصة، والرخصة في السفر، وهو نسيها في السفر، ولكنه الآن في الحضر؛ إذاً ما بقي هناك رخصة، فكلامهم هذا وجيه، ليس ضعيفاً، ولكنه ليس براجح.

    والذي في المغني لـابن قدامة أن من نسي صلاة الحضر، فذكرها في السفر، فعليه الإتمام إجماعاً، ذكره أحمد و ابن المنذر ، وأن من نسي صلاة في السفر، فذكرها في الحضر، فقال أحمد و الشافعي : عليه الإتمام احتياطاً، وقال مالك وأصحاب الرأي: يصليها صلاة السفر..

    (أصحاب الرأي هم: أبو حنيفة وأتباعه)، قالوا: يصليها صلاة السفر؛ لأنه إنما يقضي ما فاته، ولم تفته إلا ركعتان.

    قلت: وهو الأقرب؛ (أن القصر عزيمة؛ فيجب علينا أن نراعي القاعدة، ونقول: يجب عليه ما لزمه، أما الجمهور - الشافعي و أحمد رحمهما الله -فقالوا: إن القصر رخصة فعلى كلامهم يلزمه أن يصلى أربعاً، وهذا كلام جيد ووجيه، فلا ينبغي لنا أن ننكر عليهم.

    وهكذا من نسي الصلاة في السفر فالراجح أن يصليها ركعتين، لكن كلام الإمام أحمد و الشافعي وجيه، أن القصر رخصة يكون من لازمه أنه رخصة زالت بالحضر.

    شروط القضاء ووقته

    قال المصنف رحمه الله: [ وأما شروط القضاء ووقته:

    فإن من شروطه الذي اختلفوا فيه الترتيب، وذلك أنهم اختلفوا في وجوب الترتيب في قضاء المنسيات ] يعني إذا فاته الصبح والظهر والمغرب والعشاء، فقال بعضهم: يبدأ بالصبح ثم ما بعده [ أعني بوجوب ترتيب المنسيات مع الحاضرة ]، فإذا ذكر صلاة الصبح في وقت الظهر فلا يجوز له أن يصلي الظهر حتى يصلي الفجر، [ مع الصلاة الحاضرة الوقت، وترتيب المنسيات بعضها مع بعض إذا كانت أكثر من صلاة واحدة، فذهب مالك ] و أبو حنيفة [ إلى أن الترتيب واجب فيها في الخمس صلوات فما دونها ] وذهب أحمد إلى وجوب الترتيب مطلقاً، أي: على قول من قال بالترتيب [ وأنه يبدأ بالمنسية وإن فات وقت الحاضرة، حتى إنه قال ] يعني مالكاً وأتباعه [ إن ذكر المنسية وهو في الحاضرة فسدت الحاضرة عليه، وبمثل ذلك قال أبو حنيفة و الثوري إلا أنهم رأوا الترتيب واجباً مع اتساع وقت الحاضرة ]، لكنهم لم يقولوا مثل قول مالك إنها تفوته الحاضرة ويصلي المنسية [ واتفق هؤلاء على سقوط وجوب الترتيب مع النسيان] أي: نسيان ترتيب الفوائت، فإذا فاتته خمس صلوات، ولا يدري بأيها يبدأ فيقال له: ليس عليك ترتيب، ويبدأ بأيها شاء.

    [ واتفق هؤلاء.. ] يعني: أحمد و مالك و أبو حنيفة [ على سقوط وجوب الترتيب مع النسيان وقال الشافعي : لا يجب الترتيب، وإن فعل ذلك إذا كان في الوقت متسع فحسن ] أي: إذا كان في وقت الحاضرة متسعاً فحسن. وهذا لعله الأقرب.

    سبب اختلاف الفقهاء في ترتيب القضاء

    قال المصنف رحمه الله: [ والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار في هذا الباب واختلافهم في تشبيه القضاء بالأداء، فأما الآثار فإنه ورد في ذلك حديثان متعارضان ]: إلا أنهما ضعيفان [ أحدهما: ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من نسي صلاة، وهو مع الإمام في أخرى فليصل مع الإمام، فإذا فرغ من صلاته، فليعد الصلاة التي نسيها، ثم ليعد الصلاة التي صلى مع الإمام ) ] وهذا حديث ليس مرفوعاً، وإنما موقوف على ابن عمر .

    [ وأصحاب الشافعي يضعفون هذا الحديث ويصححون حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا نسي أحدكم صلاة فذكرها، وهو في صلاة مكتوبة فليتم التي هو فيها، فإذا فرغ منها قضى التي نسي ) ]، وهذا الحديث غير صحيح كذلك، [ والحديث الصحيح في هذا الباب هو ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم: ( إذا نام أحدكم عن الصلاة أو نسيها، فليصلها إذا ذكرها ) ] ولم يذكر ترتيباً ولا غيره.

    [ وأما اختلافهم في جهة تشبيه القضاء بالأداء، فمن رأى أن الترتيب في الأداء إنما لزم من أجل أن أوقاتها المختصة بصلاة منها هي مرتبة في نفسها إذ كان الزمان لا يعقل إلا مرتباً لم يلحق بها القضاء ] أي من قال بعدم ترتيب القضاء قال: إن الأداء مرتب بطبعه، فلا يتصور أن يكون العصر قبل الظهر فلم يُلحق القضاء بالأداء، ومما يذكر في هذا من اللطائف أنه جاء رجل صاحب عمامة كبيرة، بصفة العلماء، وكان إذا دخل على الإمام أبي حنيفة يقوم أبو حنيفة ويجلس، ويكف رجليه، يقول: هذا رجل عالم! فيخاف منه ويتعدل، والإنسان على منطقه، فذكر الإمام أبو حنيفة أن المغرب يجب بغروب الشمس، فقال ذلك الرجل وإذا غربت الشمس بعد العشاء، قال الإمام أبو حنيفة : آن لـأبي حنيفة أن يمدد رجليه! فالتوقيت بطبعه، أن الأول وقت الصبح وبعده الظهر وبعده المغرب.. ولا يتصور أن الشمس تغرب بعد العشاء.

    [ فمن رأى أن الترتيب إنما لزم من أجل أن أوقاتها المختصة بصلاة منها هي مرتبة في نفسها إذ كان الزمان لا يعقل إلا مرتباً لم يلحق بها القضاء؛ لأنه ليس للقضاء وقت مخصوص، ومن رأى أن الترتيب في الصلوات المؤداة هو في الفعل، وإن كان الزمان واحداً مثل الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما ] قال: إنه ورد الترتيب في الجمع، فكذلك يكون الترتيب في القضاء [ شبه القضاء بالأداء ].

    [ وقد رأت المالكية أن توجب الترتيب للمقضية من جهة الوقت لا من جهة الفعل لقوله صلى الله عليه وسلم: ( فليصلها إذا ذكرها ) ] أي: وقتها إذا ذكرها، فإذا صلى الظهر في وقتها فذكر الفجر، طرأ وقت الفجر على وقت الظهر، فأبطل وقت الظهر، فصار في حاله وقت الفجر، فبطلت صلاة الظهر، فعليه أن يصلي الفجر أولاً ثم بعد ذلك يدخل وقت الظهر مرة ثانية فيصلي الظهر.

    [ قالوا: فوقت المنسية هو وقت الذكر؛ ولذلك وجب أن تفسد عليه الصلاة التي هو فيها ] خرج وقت الصلاة التي هو فيها [ في ذلك الوقت ]، فبدلاً من أن يكون وقت ظهر صار وقت فجر [ وهذا لا معنى له؛ لأنه إن كان وقت الذكر وقتاً للمنسية، فهو بعينه وقت للحاضرة أو وقت للمنسيات إذا كانت أكثر من صلاة واحدة، وإذا كان الوقت واحداً فلم يبق أن يكون الفساد الواقع فيها إلا من قبيل الترتيب بينها كالترتيب الذي في أجزاء الصلاة الواحدة، فإنه ليس إحدى الصلاتين أحق بالوقت من صاحبتها ] وهذا لا يكون إلا إذا قلنا أن نجعل الظهر والصبح جزءاً واحداً، فلو قدم جزء على جزء لم يصح، وهذا بعيد؛ لأن صلاة الصبح منفردة وصلاة الظهر منفردة، فهما ليسا كصلاة واحدة، فلا يقال: إنه كتقديم الركوع على القراءة.

    [ إذ كان وقتاً لكليهما إلا أن يقوم دليل الترتيب وليس هاهنا عندي شيء يمكن أن يجعل أصلاً في هذا الباب لترتيب المنسيات إلا الجمع عند من سلمه ]، ولكن الجمع فعل، وهو لا يدل على الوجوب، [ فإن الصلوات المؤداة أوقاتها مختلفة، والترتيب في القضاء إنما يتصور في الوقت الواحد بعينه للصلاتين معاً، فافهم هذا فإن فيه غموضا.

    وأظن مالكاً رحمه الله إنما قاس ذلك على الجمع، وإنما صار الجميع إلى استحسان الترتيب في المنسيات إذا لم يخف فوات الحاضرة.. ] أما إذا خاف فوات الحاضرة، فإنه يصلي الحاضرة، هذا بخلاف مذهب مالك [ لصلاته صلى الله عليه وسلم الصلوات الخمس يوم الخندق مرتبة ] قالوا: فهذا الفعل يدل على الوجوب، لكن يرد عليهم أن هذا الفعل يدل على الاستحسان، [ وقد احتج بهذا من أوجب القضاء على العامد، ولا معنى لهذا، فإنه منسوخ ] أي من قال: إن القضاء يجب على العامد، احتج بهذا، لكن هذا منسوخ؛ لأنه كان بعذر، ونسخ بصلاة الخوف.

    [ وأيضاً، فإنه كان تركاً لعذر، وأما التحديد في الخمس فما دونها فليس له وجه إلا أن يقال إنه إجماع ] أي: أنه إذا كانت خمساً يرتب، وإذا كانت أكثر من خمس لا يرتب، هذا ليس له وجه.

    فهذا حكم القضاء الذي يكون في فوات جملة الصلاة.

    الراجح في ترتيب المنسيات

    والراجح في هذه المسألة ما ذهب إليه الشافعي من أنه يستحب الترتيب في قضاء المنسيات؛ لأن ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الترتيب فإنما ذلك فعل وهو لا يدل إلا على الاستحباب.

    1.   

    القضاء الذي يكون في فوات بعض الصلوات

    قال المصنف رحمه الله: [ وأما القضاء الذي يكون في فوات بعض الصلوات فمنه ما يكون سببه النسيان ] كأن قال الله أكبر ونسي، أنه في صلاة [ ومنه ما يكون سببه سبق الإمام للمأموم، أعني: أن يفوت المأموم بعض صلاة الإمام.

    فأما إذا فات المأموم بعض صلاة الإمام، فإن فيه مسائل ثلاثاً قواعد إحداها: متى تفوت الركعة؟ ] أي: هل تفوت الركعة بفوات القيام أو أنه إذا أدرك الركوع فقد أدرك الركعة؟

    [ والثانية: هل إتيانه بما فاته بعد صلاة الإمام أداء أو قضاء؟ ] إذا لحقت مع الإمام وقد صلى ركعتين من العشاء، فقمت تصلي الركعتين الفائتتين، هل هذه الركعتان أداء أم قضاء؟ وهل ما أدركته مع الإمام يعتبر أول صلاتك أو آخر صلاتك، فإن كان أول صلاتك فأنت تقوم في الركعتين الأخيرة ولا تجهر ولا تقرأ سورة بعد الفاتحة، وإن كان ما أدركته مع الإمام هو آخر صلاتك بالنسبة لصلاة الإمام، فإنك تقوم في الركعتين فتجهر وتقرأ سورة بعد الفاتحة وفي ذلك خلاف بين العلماء.

    [ الثالثة: متى يلزمه حكم صلاة الإمام ومتى لا يلزمه ؟ ] فإذا أدركت أقل من ركعة مع الإمام يوم الجمعة فهل تصلي جمعة.. أو تصلي ظهراً؟ وكذا إذا اقتديت بالمقيم وأنت مسافر في أقل من ركعة، فهل تصلي صلاة المسافر أو تصلي صلاة مقيم؟ فبعضهم قال: لا يلزم أن تصلي صلاة المقيم إلا إذا صليت ركعة، وسيأتي الخلاف الطويل في هذا.

    [ أما متى تفوته الركعة؟ فإن في ذلك مسألتين:

    إحداهما: إذا دخل والإمام قد أهوى إلى الركوع ] وهذا ما يسمى عند الفقهاء بالمسبوق.

    [ والثاني: إذا كان مع الإمام في الصلاة ] أي: كبر الإمام فكبر معه، [ فسها أن يتبعه في الركوع ] نسي أنه في صلاة، كان يوسوس لم يقرأ الفاتحة [ أو منعه ذلك ما وقع من زحام أو غيره ] حصل له زحام يريد أن يبقى في الصف فما استطاع وكذا إذا كان الإمام سريع القراءة وهو بطيء القراءة، وهذا ما يسمى بالموافق وفي ذلك مسائل كثيرة:

    [ أما المسألة الأولى ] وهي أن يدرك المأموم الإمام قبل الرفع من الركوع، فهذه المسألة طويلة الذيول، تكلم عليها صاحب المتن في أكثر من ثلاث صفحات، وتكلمنا عليها في أكثر من ثلاث صفحات، ولا يمكن لنا أن نقرأها الآن، ولكن نقف إلى هنا، ونحققها في المسألة؛ لأن المسألة اختلف فيها قديماً وحديثاً؛ فهناك رأي للبخاري فيها وألف فيها كتاباً سماه: جزء القراءة، ومال إلى ما قال الإمام الشوكاني ، وتكلم كلاماً طويلاً في نيل الأوطار، وقال: إن الركعة لا تدرك بالركوع، وذهب الجمهور (الأئمة الأربعة) إلى أن الركعة تدرك بالركوع، وهو ما مال إليه شيخنا ناصر الدين الألباني ، وهناك أدلة نجمعها في هذا على أن الركعة تدرك بالركوع.

    سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك اللهم ونتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756636423