إسلام ويب

ديوان الإفتاء [681]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن تربص أعداء الله تعالى وحرصهم على تمزيق بلاد المسلمين بدا جلياً من خلال دعمهم لمن يقوم بزرع القلاقل في البلاد، وما حصل في جنوب السودان دليل واضح على هذا الكلام، فقد تم الانفصال بتآمر إسرائيلي صهيوني، وما يحدث في هجليج هو نوع من هذا التآمر الذي يجب الوقوف ضده، وعدم الانجرار إلى ما قد يفضي إلى تقسيم البلد.

    1.   

    كلمة توجيهية حول الأحداث في هجليج

    الحمد لله رب العالمين, حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى, وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه, عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته.

    اللهم صلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد عدد ما ذكره الذاكرون الأخيار، وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد ما اختلف الليل والنهار, وصلِ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى المهاجرين والأنصار. أما بعد:

    إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته, ومرحباً بكم في حلقة جديدة من ديوان الإفتاء أسأل الله أن يوفقنا ويسددنا ويؤيدنا, وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.

    أهمية الدعاء للمجاهدين في هجليج

    أولاً: أقول: إنه لا ينبغي أن ننسى إخواننا المجاهدين من القوات المسلحة والدفاع الشعبي من دعائنا في هذه الأيام، حيث إنهم يخوضون حرباً شرسة ضد قوى البغي والعدوان ممن احتلوا هجليج، وهؤلاء واجب علينا أن ننصرهم بدعائنا أولاً؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يستغني عن الدعاء حين يلقى عدواً, فكان من دعائه يوم بدر: ( اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض, اللهم نصرك الذي وعدتني, اللهم هذه قريش أقبلت بخيلها وخيلائها تحادك وتكذب نبيك, اللهم اهزمهم وانصرنا عليهم ).

    وكذلك يوم الأحزاب كان من دعائه صلوات ربي وسلامه عليه: ( اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم ), وكان هو وأصحابه يكثرون من قول: حسبنا الله ونعم الوكيل, كما قال ربنا جل جلاله في معرض الثناء عليهم: الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللهِ وَاللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ[آل عمران:173-174].

    ومطلوب منا أن ندعو ربنا جل جلاله بأسمائه وصفاته، فهو سبحانه الناصر ولا ناصر غيره, وهو سبحانه الغالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون, وكما قال سبحانه وتعالى: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ َ[آل عمران:160].

    تجديد التوبة يرفع البلاء

    ثانياً: مطلوب منا أن نجدد لله عز وجل توبة، فما نزل بلاء إلا بذنب ولا ارتفع إلا بتوبة, ومعصية الله عز وجل أشد علينا من الأعداء؛ لأن خطرها أعظم، ووزرها أكبر خاصة حين الشدائد والمحن؛ لأنه مطلوب من الإنسان في ذلك الوقت أن يلجأ إلى الله سبحانه، وأن يطرق بابه، وأن يدعوه ويرجوه ويتقرب إليه ويتملقه؛ من أجل أن ينزل نصره, ويعجل فرجه, سبحانه وتعالى, هذا هو المرجو، أما أن يكون إخواننا على جبهات القتال يبذلون دماءهم وأرواحهم، وقد تركوا وظائفهم وأعمالهم ودراستهم, أناس آخرون مشتغلون بالمعاصي والذنوب ومحادة الله ورسوله فلا شك أن هذا من السفه الواضح، والعته البين الذي ينبغي أن يتنزه عنه المسلم.

    أهمية توضيح قضية التآمر الغربي على هجليج

    ثالثاً: إخوتي وأخواتي ننصر إخواننا بتجلية القضية، وأن نبين مراميها، ونوضح للناس أن هذه معركة نظيفة, معركة بين قوى باغية معادية ظالمة تريد أن تنتقص هذه الأرض من أطرافها، وأن تفرق شمل هذه البلاد، وأن تقطع أوصال الوطن الواحد, وهي مدفوعة من قوى صليبية ويهودية, وفي مقابلهم يقف هؤلاء المجاهدون مدافعون عن دمائهم وأموالهم وأعراضهم, وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون عرضه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد )، فالمسلم لا يعطي الدنية في دينه، ولا يلقي بيده، ولا يسلم نفسه, بل إنه مطلوب بأن يدفع ما استطاع.

    وحين أقول: بأن هذه القوى الظالمة الباغية -أعني: دولة الجنوب ومن ورائهم الصليبيين والصهاينة- فيما مضى كان الناس يستنكرون هذا الكلام ويستبعدونه، وكانوا يقولون: إن هذا تضخيم للأمور وتصويرها على غير حقيقتها، ثم رأى الناس كلهم أجمعون لما انفصل الجنوب أعلام اليهود رفعت في أول يوم، بل في حفل الانفصال نفسه.

    ثم بعد ذلك تبادلوا الزيارات، ولما ذهب رئيس دولة الجنوب إلى دولة اليهود، خاطبه رئيس دولة اليهود بيريز , قائلاً: إن علاقتنا ممتدة من أواسط الخمسينيات في القرن الماضي، يعني: قبل ستين سنة, فإن أول ما بدأ التمرد كان الذي بذر بذرته هم الإنجليز، قبل أن يخرجوا من هذه البلاد، اليهود هم الذين تولوا رعاية هذا التمرد، ومده بالأسباب والترويج له في المحافل الدولية, والدوائر العالمية حتى صوروا بأن هناك حرباً للإبادة, وأن هناك إكراهاً للناس على الدين، وفرضاً للغة العربية إلى غير ذلك من الأباطيل التي ما زالوا يضخمونها يوماً بعد يوم, وكانوا يجمعون التبرعات للتمرد من الدوائر الكنسية في أوروبا وأمريكا إلى غير ذلك، فهذا كله تاريخ قريب.

    ورئيس دولة الجنوب رد على رئيس دولة اليهود بأنه لولا رعايتكم ودعمكم لما استطعنا أن نحصل على استقلالنا, هكذا اتضحت الأمور على ظاهرها، وأسفر الصبح لذي عينين، الآن أيضاً نقول: بأن دولة الجنوب هذه تدعمها الصليبية واليهودية؛ من أجل أن تقطع أوصال هذا الوطن الواحد, ومن أجل ألا تستقر هذه البلاد، ومن أجل أن تبقى تميد وتضطرب لا تلتفت إلى تنمية، ولا إلى تهيئة معاش، ولا إلى تيسير سبل لرغد العيش، وإنما تبقى مشغولة بحرب تلو حرب ومعركة إثر معركة، تذهب فيها الأموال والدماء، وهكذا يريدون.

    ولكن قال ربنا جل جلاله: وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ المَاكِرِينَ[الأنفال:30]، وكما قال سبحانه: وَمَكَرُوا مَكْرًا وَمَكَرْنَا مَكْرًا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ [النمل:50-51]، وكما قال ربنا جل جلاله: لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ[النور:11]، الآن هذه الفعلة التي فعلوها أحيت في الناس روح الجهاد، وتدافع الشباب والشيوخ إلى ساحات الوغى, ولعل الله عز وجل أراد خيراً من وراء ذلك.

    ختاماً إخوتي وأخواتي ! أقول: لا يليق بنا أن نكون عن هذا الهم معرضين, وبغيره مشتغلين، بل ينبغي أن يكون هذا هم الأمة كلها, فتجيش الأمة وراء قواتها المسلحة ودفاعها الشعبي؛ من أجل أن نحق الحق ونبطل الباطل, وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ المُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللهِ يَنصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ * يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ[الروم:4-7].

    أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن ينصر إخواننا المجاهدين في هجليج، وأن يفتح لهم فتحاً قريباً, اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم, اللهم امدد إخواننا بجند من جندك وعون من عندك، يا من لا يخلف وعده، ولا يهزم جنده, اللهم إنا نستنصرك فانصرنا, ونستغيث بك فأغثنا، ونتوكل عليك فلا تكلنا إلى غيرك.

    وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    1.   

    الأسئلة

    المتصل: أنا لم أقم بأداء فريضة الحج عن نفسي وعندي النية للحج، وقد جمعت مالاً يكفيني للحج، ثم أردت أن أعطي هذا المال لأمي تحج به، فما الحكم؟

    الشيخ: طيب، إن شاء الله أبشر.

    المتصل: إن ما يحدث الآن في الساحة السودانية وعلى وجه التحديد في هجليج أمر يقلق الرأي العام، ومن المؤسف فإن سبب هذه الأحداث هو الإعراض عن ذكر الله، فبسبب ذنوبنا يسلط علينا ربنا هؤلاء الأعداء، فإذا نظرت إلى القنوات وجدتها كلها أغاني لا تنفع شيئاً، بل تضر، نسأل الله أن يفرج عن الشعب السوداني.

    الشيخ: طيب جزاك الله خيراً.

    المتصل: أنا أريد أن أجاهد في سبيل الله فبماذا تنصحني؟

    الشيخ: طيب شكراً.

    المتصل: عملت مرابحة مع البنك لشراء بضاعة، فطلب مني البنك فاتورة مبدئية إلى أحد التجار، فأعطيته الفاتورة، فأعطى البنك قيمة البضاعة للتاجر على أساس أن التاجر يسلم لي البضاعة، ثم ذهبت إلى التاجر واستلمت منه مالاً بدل البضاعة، وأريد أن أشتغل بها فيما يرضي الله؛ لأنه ليس لدي عمل ثابت، فأنا أريد أن أعرف إذا كان هذا الموضوع فيه تحايل على البنك لآخذ الفلوس، وما حكم هذا الفعل؟

    الشيخ: طيب، أجيبك إن شاء الله.

    المتصل: أنا لدي سؤالان:

    السؤال الأول: أنا الآن أحاول حفظ سورة البقرة، وأسأل الله أن ييسرها لي، وأكون أحياناً متعبة من عمل النهار كله، وفي الليل أقوم بفتح التليفون المسجل فيه المصحف فأنام وأقوم في الليل ولا زال يقرأ، فما حكم هذا الفعل؟

    السؤال الثاني: بعد صلاة الفجر مباشرة، يعني بعد الساعة السابعة أذهب لأنام بعد أن أصلي الفجر والحمد لله رب العالمين، ثم أقرأ وردي وأذكاري، فهل علي شيء؟

    الشيخ: شكراً.

    إهداء مال الحج للأم لتحج به ممن لم يحج عن نفسه

    الشيخ: بالنسبة لأخينا محمد علي من بور سودان فإنه سأل عن أنه لم يتيسر له أداء فريضة الحج، وهو يريد أن يقدم والدته على نفسه فيعطيها المال لتذهب لتحج، فأقول: يا محمد ! بارك الله فيك، وأحسن إليك، وجزاك خيراً على نيتك الطيبة، لكن الحج مخاطب به الآحاد, قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ( يا أيها الناس! إن الله كتب عليكم الحج فحجوا )، وفي القرآن الكريم يقول تعالى: فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ[آل عمران:97]؛ ولذلك طالما أن الله أمكنك وأقدرك فملكت المال، وكنت مستطيعاً ببدنك فبادر أنت بالحج عن نفسك أولاً, ثم بعد ذلك ييسر الله لك أن تذهب بوالدتك، أو أن ترسل والدتك؛ لأن الحج واجب على الفور على قول جماهير العلماء من الحنفية والمالكية والحنابلة فقد قالوا: الحج واجب على الفور؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من أراد الحج فليعجل، فإنه قد يمرض الصحيح، وتضل الراحلة، وتعرض الحاجة )، والوالدة بإذن الله ييسر الله لها الذهاب في موسم آخر, أما أنت فلا تؤجل، وقد قال علماؤنا: يكره الإيثار بالقرب، يعني: مثلاً لو أن إنساناً وقف في الصف الأول فلا يؤثر غيره بالمكان ويرجع هو، كذلك في الحج لا تؤثر غيرك بهذا المقام.

    استشعار مسئولية حماية الوطن والدعاء للمجاهدين في هجليج

    الشيخ: أما أخونا أبو حذيفة من بور سودان جزاه الله خيراً، فهو متحرق على ما يحصل في هجليج، ويرجو أن يتغير هذا الواقع ويطلب من الناس الدعاء لهم.

    أقول: قد قلت في صدر هذه الحلقة بأن القضية قضية الجميع، ليست قضية خاصة بحزب ولا نظام ولا جيش ولا طائفة، وإنما القضية قضية الوطن كله، والمؤامرة على الوطن كله, وليست على النظام بعينه، وإنما على الوطن، والدفاع عن هذا الوطن مسئوليتنا جميعاً.

    فضل الجهاد في سبيل الله وما يترتب عليه

    الشيخ: أما الأخ الذي اتصل وقال: أريد أن أجاهد، فأقول له: نعمت النية هذه، وابدأ من الليلة بالجهاد، فجاهد نفسك على تعلم ما أمرت به من دين الله, وجاهدها على العمل بما تعلمت, وجاهدها على الدعوة إلى ما علمت وتعلمت وعملت, وجاهدها على الصبر، كما قال ربنا: إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر:3].

    ثم جاهد شيطانك في دفع شبهاته وما يلقيه من الشهوات.

    ثم بعد ذلك جهاد الكفار يكون بالمال, ويكون باللسان، ويكون باليد.

    أما جهادهم بالمال: فببذله في دفعهم وصدهم، وكذلك بنشر الدعوة إلى الله عز وجل, والجهاد باللسان بتحريض الناس، كما قال ربنا جل جلاله لنبيه صلى الله عليه وسلم: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ[الأنفال:65]، وفي سورة النساء يقول سبحانه: وَحَرِّضِ المُؤْمِنِينَ عَسَى اللهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنكِيلًا[النساء:84]، وكذلك جاهد بيدك.

    وأول مراتب الجهاد هو الإعداد, فقول الإنسان: أريد أن أجاهد مع أنه لم يستعد فإنما هي دعوى، وربنا جل جلاله قال: وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ[التوبة:46].

    فنقول لأخينا الكريم: الجهاد واجب علينا جميعاً، نجاهد أنفسنا، ونجاهد شيطاننا، ونجاهد الكفار، ونجاهد المنافقين, وجهاد المنافقين يكون بدفع شبههم، والجواب عن أغاليطهم التي يريدون بها صرف الناس عن دين الحق, فهذه كلها أبواب من الجهاد، مارسها رسول الله صلى الله عليه وسلم: جهاد النفس, وجهاد الشيطان, وجهاد الكفار, وجهاد المنافقين, وهي أربعة أنواع من الجهاد، ثم بعد ذلك تقسم هذه الأربع على أربع عشرة مرتبة:

    فجهاد النفس على أربع مراتب: أن تجاهدها على تعلم ما جهلت، وأن تجاهدها على العمل بما تعلمت، وأن تجاهدها على الدعوة إلى هذا لحق الذي علمته وعملت به، وأن تجاهدها على الصبر في هذا الطريق الطويل.

    ثم جهاد الشيطان على مرتبتين: جهاده في دفع ما يلقي من الشبهات، وجهاده في دفع ما يلقي من الشهوات.

    ثم جهاد الكفار على أربع مراتب: جهادهم بالقلب وذلك ببغضهم، وبغض ما هم عليه من الكفر والصد عن سبيل الله, ثم جهادهم بالمال، وجهادهم باللسان، وجهادهم بالنفس.

    وكذلك جهاد المنافقين على هذه الدرجات الأربع، كما قال ربنا جل جلاله: فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا[الفرقان:52]، (وجاهدهم به)، أي: بالقرآن الكريم.

    وكذلك من أنواع الجهاد: أن تتوق نفس الإنسان إلى الجهاد وإلى المشاركة في هذا الخير، وهذا المعنى أشار إليه ربنا جل جلاله بقوله: لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى المَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى المُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ[التوبة:91-92]، ونبينا صلى الله عليه وسلم قال ( من لم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو فقد مات ميتة جاهلية ).

    أخذ مال من البنك بواسطة تاجر بقصد المرابحة

    السؤال: أما أخونا علي عبد اللطيف فقد سأل عما يسمى بالمرابحة، وذكر أنه ذهب إلى بنك من البنوك وطلب مرابحة في سلعة من السلع، فطلب منه البنك فاتورة مبدئية، فجاءه بها، فورد البنك المال للتاجر، فأخذ هو المال من التاجر؛ من أجل أن يستفيد به في شيء آخر؟

    الجواب: ليست هذه مرابحة أصلاً، ولا يتصور أن تكون هذه مرابحة؛ لأنه ليس ثمة بيع ولا شراء, وحقيقة بيع المرابحة للآمر بالشراء: أن البنك يشتري السلعة ويحوزها، ثم بعد ذلك يبيعها على الآمر بالشراء إن أراد, وإلا جاز له النكول, أي أنه يبيعها عليه ثم هو إن شاء انتفع بها وإن شاء أعاد بيعها من أجل أن ينتفع بالمال في شيء آخر، وبذلك تحصل الحركة التجارية المقصودة، ويستفيد فئام من الناس, أما هذه فليست مرابحة، وإنما هي مراباة، وأنت لم تخدع البنك، بل البنك يعلم ما يفعل، ويعرف أن هذه حيلة، وأنت آثم والبنك آثم، والتاجر آثم, وأسأل الله أن يتوب علينا جميعاً.

    حرص المرأة على حفظ سورة البقرة مع كبر سنها

    الشيخ: أما الحاجة عائشة من أركويت بارك الله فيها وأطال في عمرها، فقد ذكرت بأنها حريصة على أن تحفظ القرآن الكريم خاصة سورة البقرة, وهذا حرص محمود، فإن سورة البقرة سورة عظيمة، أوصانا بها نبينا عليه الصلاة والسلام, فقال: ( اقرءوا سورة البقرة، فإن أخذها بركة وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة ), وأخبر ( أن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )، و( من قرأها في بيته نهاراً لم يدخل الشيطان بيته ثلاثة أيام, ومن قرأها ليلاً لم يدخل الشيطان بيته ثلاث ليال ).

    وذكرت بأنها بالليل تكون متعبة، فتفتح الإذاعة التي تذيع القرآن كإذاعة إف إم 105، أو إف إم 102, أو إذاعة الفرقان إف إم 99, ثم تستيقظ إذا مضى هزيع من الليل فتجد القرآن يقرأ، فأقول: هذا طيب لا بأس به، وقراءة القرآن سواء كانت مباشرة من الشخص أو من المذياع أو من قناة فضائية أو من غير ذلك فهي خير وفضل ونعمة ورحمة وبركة وهدى وشفاء, ومن غير شك فلا مقارنة بين من يفتح في بيته القرآن، ومن يفتح في بيته الطنابير والمزامير وينام عليها، ويستيقظ بالليل وهي ما زالت تدندن، شتان شتان.

    الإتيان بأذكار الصباح بعد صلاة الفجر والنوم بعدها

    الشيخ: وذكرت أنها بعد صلاة الفجر تأتي بالأذكار المطلوبة، ثم بعد ذلك تنام بعد شروق الشمس، أي: أنها تنام حوالي الساعة السابعة، نقول: لا حرج إن شاء الله، وهذا مباح، وأنت قد قمت بما أوجب الله عليك , وأسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.

    المتصل: يا شيخ! زوجي لديه دكان، وكان رأس ماله مليوناً ومائتي ألف، والآن بعد سنة من فتح الدكان نريد أن نعرف مقدار الزكاة فيه؟

    الشيخ: طيب، شكراً.

    المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:

    السؤال: الأول: قول: (صدق الله العظيم)، بعد قراءة القرآن، ما حكمها؟

    السؤال الثاني: ما هي الكيفية عند النزول من الركوع إلى السجود، هل هي على اليدين أم على الرجلين؟

    السؤال الثالث: عقوق الوالدين ما هي عقوبته؟

    الشيخ: شكراً لك.

    المتصل: أنا عندما أسمع القرآن، أو أقرأ الآيات التي تصف يوم القيامة، أقوم بتخيلها، فمثلاً إذا قرأت قول الله: يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ[الأنبياء:104]، أقوم بتخيل ذلك اليوم، وإذا قرأت سورة الحج مثلاً أتخيل فيها خيالات كثيرة، فأريد أن أعرف هل خيالي هذا صحيح، أم أنه ليس بصحيح؟

    الشيخ: طيب، أبشري إن شاء الله.

    المتصل: لدي سؤالان:

    السؤال الأول: نسيبتي هل يمكن أن أسلم عليها؟

    السؤال الثاني: استخدام السبحة هل فيه شيء؟

    الشيخ: طيب، أبشر إن شاء الله.

    المتصل: لدي سؤالان:

    السؤال الأول: ما تفسير قوله تعالى: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[البقرة:255]؟

    السؤال الثاني: أتى رجل المسجد ووجد الجماعة في التشهد الأخير، فنهض أحدهم وكان مسبوقاً فنهض معه وائتم به، فما حكمه؟

    الشيخ: طيب أبشر، شكراً.

    كيفية زكاة الدكان بعد مرور سنة كاملة

    السؤال: الأخت لطيفة تقول: إن زوجها افتتح محلاً تجارياً كان رأس ماله ألفاً ومائتين من الجنيهات، ثم بعد تمام سنة كيف تكون زكاته؟

    الجواب: إن المفروض بأنه إذا حال الحول منذ أن بدأ العمل فإنه يحصي ما عنده من مال نقدي، أو عروض، أي: سلع، فإذا كانت بالغة نصاباً أو أكثر من نصاب فإنه يخرج منها ربع عشره، أي اثنين ونصف بالمئة، والنصاب لهذا العام سبعة عشر ألفاً ومائة وأربعون جنيها وخمسون قرشاً, فإذا كان المال الموجود -يعني النقود- بالإضافة الى السلع التي تقوّم بسعر السوق في يوم أداء الزكاة، إذا كانت بالغة نصاباً فإنه يخرج منها ربع العشر.

    قول: (صدق الله العظيم) عند الانتهاء من القراءة

    السؤال: أما أخونا محمد عثمان من القطينة فقد سأل عن حكم قول القارئ: (صدق الله العظيم) عند نهاية القراءة؟

    الجواب: هذا قول حسن، وهو مأخوذ من قول ربنا: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلًا[النساء:122]، وقوله: وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثًا[النساء:87]، ومأخوذ من خطبة الحاجة في قول نبينا صلى الله عليه وسلم: ( فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم )، وليست بواجبة، يعني: لو أن إنساناً لم يقلها فليس عليه شيء.

    كيفية النزول للسجود في الصلاة

    الشيخ: أما بالنسبة للنزول إلى السجود -وهو سؤال أخينا محمد عثمان - فقد نهانا نبينا صلى الله عليه وسلم عن بروك البعير، وهو أن ينزل الإنسان بعنف إلى الأرض, هذا هو المنهي عنه والمذموم، كما قيل:

    إذا نحن قمنا في الصلاة فإننا نهينا عن الإتيان فيها بستة

    بروك بعير والتفات كثعلب ونقر غراب في سجود فريضة

    وإقعاء كلب وافتراش ذراعه وأذناب خيل عند فعل التحية

    أما النزول على اليدين أو على الركبتين فكلاهما جائز، كما ذكر ذلك محمد بن جرير الطبري رحمه الله, وإنما خلاف العلماء رحمهم الله في أيهما أفضل؟

    فالجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة يرون النزول على الركبتين أولاً ثم اليدين, وأما المالكية رحمهم الله فيرون وضع اليدين أولاً ثم الركبتين؛ لحديث وائل بن حجر : ( نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بروك كبروك البعير ).

    عاقبة عقوق الوالدين

    الشيخ: وأما عقوق الوالدين يا أخي! فهو من كبائر الذنوب المقرونة بالشرك بالله سبحانه وتعالى, وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قالوا: بلى يا رسول الله! قال: الشرك بالله، وعقوق الوالدين، وشهادة الزور )، فالواجب على الإنسان أن يحذر من أن يعق والديه، سواء كان بالتأفف، حين يقول لهما: أف، أو بأن يحد النظر إليهما، أو بأن يشيح بوجهه عنهما، أو يشير بإصبعه حال الكلام معهما, وكذلك قال علماؤنا: إن من العقوق أن يتكلم الوالد فيعرض عنه الولد, ومن العقوق أن يسير أمامه، وأن يجلس وهو قائم، إلى غير ذلك من التصرفات التي تعتبر من العقوق.

    تخيل مشاهد القيامة وأهوالها عند قراءة الآيات التي تتحدث عنها

    الشيخ: أما أختنا أم البيضاء من حي جبرة، فقد ذكرت بأنها تقرأ في القرآن الآيات التي تتحدث عن القيامة كقول ربنا في أواخر سورة الأنبياء: يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ[الأنبياء:104]، وفي أول الحج: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيدٌ[الحج:1-2]، ثم تتخيل هذه الأشياء التي ستحدث، وهذا الانقلاب الكوني الهائل، وتلك الأهوال العظيمة فيحصل عندها من الخوف والوجل؟

    فنقول: الله أكبر! هذا هو المقصود، وهذا هو المراد؛ ولذلك جاء في الحديث: ( من سره أن يرى القيامة رأي عين فليقرأ: إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ))، وإِذَا السَّمَاءُ انفَطَرَتْ)) وإِذَا السَّمَاءُ انشَقَّتْ)) )، فالرسول عليه الصلاة والسلام يقول: إن الإنسان الذي يريد أن يتخيل القيامة كأنه يراها رأي عين فليقرأ هذه السور الثلاث. ولذلك أقول لأختنا: أنت على خير إن شاء الله, وهذا هو المقصود، أن يحصل نوع من التدبر والتفهم، ولذلك فإن الإمام الحارث المحاسبي رحمه الله كتب كتاباً سماه: التوهم، بدأ يتخيل القيامة وما فيها من الأهوال؛ ولذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم إذا قرأ مثل هذه الآيات تذرف عيناه، ويغلي صدره كأزيز المرجل صلوات الله وسلامه عليه، وهذا هو المطلوب.

    السلام على أم الزوجة

    الشيخ: أخونا عباس عوض يسأل: هل يسلم على نسيبته أي أم زوجته؟

    فنقول: نعم يجوز السلام عليها، وهي محرمة عليك يا أخي! لأن المحرمات من المصاهرة أربع: وهي زوجة الأب، وزوجة الابن، وأم الزوجة، وبنت الزوجة، فأم زوجتك حرام عليك، سواء دخلت بابنتها أم لم تدخل, ولذلك يجوز لك أن تصافحها وأن تخلو بها، وأن تسافر معها وغير ذلك.

    استعمال المسبحة عند الذكر

    الشيخ: أما سؤالك عن المسبحة فالمسبحة يا عباس وسيلة، وكما قال علماؤنا: للوسائل حكم المقاصد، فمن اتخذ مسبحةً يريد بها أن يذكر الله وأن تعينه على العد فلا حرج عليه إن شاء الله وهو مأجور, ومن اتخذها رياءً وسمعة فلا شك أنه مأزور, ومن اتخذها يلوح بها ذات اليمين وذات الشمال فهذا أمره إلى الله.

    تفسير آية الكرسي وبيان فضلها

    السؤال: أخونا مصعب من أمبدة يسأل عن تفسير قول ربنا جل جلاله: وَلا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ[البقرة:255]؟

    الجواب: هذه أعظم آي القرآن، كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام: ( آية الكرسي هي أعظم آي القرآن ), وهذه الآية المباركة ينبغي لك أن تقرأها دبر كل صلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من قرأ آية الكرسي دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت )، وكذلك كان نبينا صلى الله عليه وسلم يقرؤها إذا أصبح وإذا أمسى، وأخبرنا بأنها أشد شيء على الشيطان، وهذه الآية مشتملة على عشر جمل كلها تعظيم لله وتوحيد له:

    الأولى: (الله لا إله إلا هو), الثانية: (الحي القيوم)، الثالثة: (لا تأخذه سنة ولا نوم) والسنة هي: الوسن أو أول النوم، أي: النعاس، الرابعة: (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) يعني: لا أحد يملك الشفاعة إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى, الخامسة: (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ) أي: ما كان وما سيكون، السادسة: (ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء) أي: لا يعلم الخلق إلا ما شاء الله أن يعلمهم إياه، السابعة: (وسع كرسيه السموات والأرض)، والكرسي خلق من خلق الله جل في علاه، وفسرت أيضاً بالعلم, الثامنة: (ولا يئوده) أي: لا يثقله، (حفظهما) أي: حفظ السموات والأرض، التاسعة: (وهو العلي) أي: وهو جل جلاله موصوف بالعلو، علو الذات، وعلو القهر، وعلو الأمر، وكما قال سبحانه وتعالى: وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ[الأنعام:18]، وقال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى[طه:5]، وقال: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ[الملك:16-17].

    فالله عز وجل له علو الذات، وعلو الصفات، وعلو القهر جل جلاله، وتقدست أسماؤه، العاشرة: (العظيم) أي: وهو سبحانه موصوف بالعظمة كذلك.

    المتصل: هل تجوز الصلاة خلف الإمام إذا كانت قراءته غير صحيحة خاصة سورة الفاتحة؟

    الشيخ: طيب، شكراً.

    المتصل: لدي سؤالان:

    السؤال الأول: أنا قمت إلى الصلاة وكنت قبلها أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد كنت ممسكاً بالسبحة فترة طويلة، فقمت إلى صلاة العشاء وكبرت، ثم انتبهت أني لا أزال أصلي على النبي صلى الله عليه وسلم فأكملت ولم أجدد التكبير، وواصلت الصلاة، ثم سجدت سجود السهو بعد السلام، فما الحكم؟

    السؤال الثاني: أنا موظفة في مكتب حكومي، ويأتي علي وقت الظهر والعصر وأنا في المكتب، وغالباً ما آتي إلى العمل متوضئة من البيت، وأحياناً إذا أردت التجديد للوضوء أمسح على الحجاب؛ لأن المكتب أغلبه رجال، فلا أستطيع أن أخلعه؛ لأنه قد يدخل علي شخص ويراني، فما حكم المسح في هذه الحالة؟

    الشيخ: طيب، شكراً.

    المتصل: لدي ابنة عم متزوجة برجل عنده مرض عقلي ومرض نفسي، فعاشت معه فترة من الزمن، ثم طلبت الطلاق منه، وبعد أن مضى على طلاقها أحد عشر شهراً ذهب أخوها إلى أهل زوجها وقال لهم: أريد وثيقة الطلاق، فأعطوه قسيمة إثبات الزواج وهم غير متنبهين إلى أنها قسيمة الزواج، ثم بعد فترة قلنا له: يا أخي! القسيمة هذه ليست قسيمة طلاق، فذهبوا للمحكمة وكتبوا ورقة طلاق وأمروا الشخص أن يبصم عليها، وهذا حصل بعد أحد عشر شهراً، ثم إن الزوج الأول يريد أن يتزوجها، فنحن نريد أن نعرف وقت ابتداء العدة، هل تبدأ من تاريخ الانفصال قبل أحد عشر شهراً، أم تكون من بعد كتابة الورقة في المحكمة؟

    الشيخ: شكراً.

    المتصل: نحن صلينا العشاء، فجاء واحد وقام فينا واعظاً في الجامع، فتكلم على الصوفية، وتكلم عن العقيدة والأصول وخطر التصوف، وبعدما انتهى قام الصوفية في المسجد ينتقدونه وحصل لغط ورفع أصوات، ومسجدنا يقع في الكلاكلة، فما حكم مثل هذا الفعل؟

    الشيخ: شكراً.

    الصلاة خلف إمام لا يحسن القراءة وخاصة الفاتحة

    السؤال: أخونا محمد رحمة الله من الكدرو، ذكر بأن إماماً قراءته للقرآن غير صحيحة، خاصة سورة الفاتحة، فما حكم الصلاة خلفه؟

    الجواب: لا ينبغي لهذا أن يصلي بالناس، وعليه أن يتقي الله ويعتزل الإمامة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا سواء فأعلمهم بالسنة )، فالإنسان الذي لا يحسن القراءة لا يصلي إلا بمن كان مثله لا يحسن، أما من لا يقيم لسانه بالفاتحة ويلحن فيها اللحن الجلي فإذا صلى بمن يحسنها، فصلاة الجميع باطلة.

    مسح المرأة على خمارها عند تجديد الوضوء في مرفق حكومي

    السؤال: أختنا سامية موسى من الأبيض تعمل موظفة في مكتب حكومي، وتتوضأ قبل الخروج من البيت، فإذا جاءت صلاة الظهر فإنها تصلي بوضوئها إن كانت محتفظة به، أو إن احتاجت إلى التجديد فإنها لا تخلع خمارها بل تمسح عليه، فما حكم المسح على الخمار؟

    الجواب: لا يجوز المسح على الخمار، لكن يجوز المسح على الناصية، وأن تكمل على خمارها؛ لأنه ثبت ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فمسح على ناصيته -والناصية هي مقدمة الشعر- وأكمل على العمامة )، وبعض أهل العلم يقولون: هذا خاص بالعذر أو بالسفر، وبعضهم يقول: بل ورد هذا من غير تقييد.

    وأقول للأخت سامية : إن العذر بالنسبة لك حاصل، ولذلك أدخلي يدك من تحت الخمار وامسحي على ناصيتك وأكملي على الخمار، وتبرأ ذمتك بذلك إن شاء الله.

    التكبير للإحرام بالصلاة وما زال اللسان يلهج بالصلاة على رسول الله

    الشيخ: أما كونك تكثرين من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهذا العمل من أفضل القربات، ومن أجل الطاعات، وبه يفرج الله الهم، وينفس الكرب, ويقضي الدين, وتقضى لك الحاجات وتجاب لك الدعوات, فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من أفضل القربات, وقد ذكرت بأنها قامت إلى صلاة العشاء، فكبرت وما زال لسانها يلهج بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم بدأت في القراءة بالفاتحة، ثم سجدت للسهو، نقول: حصل خير إن شاء الله، ولا حرج عليك فيما فعلت وصلاتك صحيحة.

    أخذ قسيمة الزواج بدل ورقة الطلاق جهلاً وأثره على وقوع الطلاق

    السؤال: أخونا علي مصطفى من الجزيرة يطرح سؤالاً طويلاً خلاصته: أن إحدى بنات عمه تزوجت من رجل في عقله شيء، وأيضاً في حواسه نقص، ثم بعد ذلك تعسرت الحياة بينهما فطلبت منه الطلاق فطلقها، ثم لما طولبوا بورقة الطلاق جاءوهم بقسيمة الزواج، يعني: أنهم ظنوا بأن الطلاق أن ترد قسيمة الزواج، فبعد ذلك بشهور ذهبوا بهذا الرجل إلى القاضي فبصمه- لأنه لا يحسن الكتابة- على أنه قد طلق، فما الحكم؟

    الجواب: الطلاق وقع من حيث وقع، يعني: ليست القسيمة هي الموقعة للطلاق، فإن الطلاق وقع من حيث تلفظ به الزوج، أو أرسل به رسولاً, يعني: يمكن لإنسان أن يرسل إنساناً إلى زوجه أو إلى أهلها فيقول لهم: إني قد طلقت فلانة، فإذا أقر لهم بأنه أرسل ذلك الرسول فالطلاق وقع من حيث أرسله، وأما قضية القسائم فهذه من أجل حفظ الحقوق وتنظيم العلاقات بين الناس، فعليها أن تعتد من حين وقع الطلاق.

    لكن الإشكال يا أخانا علي بأن المأذون لا يعقد لها إلا إذا رأى ورقة الطلاق، وتأكد لديه أن عدتها قد انقضت، يعني: هذا هو الذي كلف به المأذون، وهو أن يتثبت أن هذه المرأة قد طلقت، ويتثبت من أن عدتها قد انقضت, فإذا كان المأذون يعرف بوقوع الطلاق الأول فله أن يزوجها الآن؛ لأن الطلاق قد مضى عليه عام أو بعض عام.

    حصول اللغط والشجار في المسجد بعد حديث أحد الدعاة عن الصوفية

    الشيخ: أما أخونا مصعب محمد صالح من الكلاكلة فقد ذكر أن واحداً من الناس قام فتكلم في المسجد، وبعد ذلك تحول المسجد إلى لغط وكلام ورفع أصوات ونحوه.

    فهنا يلزم أن أبعث بعدة رسائل:

    الرسالة الأولى: أن الذي يقوم ويتكلم في المسجد عليه أن يستحضر نية صالحة، وأنه في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظ الناس، فعليه أن يأتي بجوامع الكلم، ويجتنب التعنيف، وذكر الهيئات والأشخاص والأجناس, ويجتنب أيضاً أن يجرح الناس بكلامه: ( فما كان الرفق في شيء إلا زانه، ولا نزع من شيء إلا شانه )، ولا تلازم ألبتة بين بيان الحق والإساءة للناس، فهذا ينبغي أن يكون معلوماً, فيمكن للإنسان أن يبين الحق، وأن يجهر به دون أن يسيء إلى الناس، ودون أن يجرح كرامتهم.

    المسألة الثانية: أن الإنسان الذي يتكلم أيضاً عليه أن يستحضر نية صالحة يريد بها وجه الله.

    المسألة الثالثة: على المستمع أن يقبل الحق ممن صدر عنه، ولا يصنف الناس بأن هذا من جماعة كذا فآخذ منه، وهذا من جماعة كذا فلا آخذ منه، أو هذا ثوبه طويل، وهذا ثوبه قصير، لا، وإنما الحق يقبل ممن صدر عنه، و ( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ).

    المسألة الرابعة: لو أننا اختلفنا مع المتكلم فلا ينبغي أن نحول المسجد إلى ساحة للصخب واللغط ورفع الأصوات والشجار، فإن بيوت الله تنزه عن ذلك, وإنما نحتكم إلى من هو أعلم ليحكم بيننا فيما نحن فيه مختلفون.

    الحلف بالرسول صلى الله عليه وسلم

    الشيخ: أما السؤال عن الحلف بالرسول صلى الله عليه وسلم فلا يجوز؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت )، والرسول صلى الله عليه وسلم معظم والكعبة معظمة، لكننا لا نحلف بهما، والذين يحلفون ويقولون: ورب فلان فلا بأس, فلو قلت: ورب الكعبة, أو ورب محمد فلا بأس، فهذا قسم بالله.

    هجر الزوجة الأولى للثانية وعدم التعامل معها

    السؤال: زوجي تزوج مرة ثانية، فهل علي إثم إذا كنت لا أريد التعامل معها؟

    الجواب: الشريعة لم تلزمك بأن تدخلي وتخرجي عليها، لكن على الأقل أن يكون بينكما سلام الله، يعني: تسلمان على بعضكما، وإذا حصل مرض تعود إحداكما الأخرى, وإذا حصلت وفاة تعزي إحداكما الأخرى, فهذا هو المطلوب، أما المقاطعة والتدابر فلا يجوز.

    معاودة نزول الدم من النفساء بعد طهرها وإتمامها خمسين يوماً

    السؤال: أنا نفساء أتممت أربعين يوماً، وطهرت منذ أن أكملت الشهر، ولكن عاودني نزول مخاط مصحوب ببعض الدم بعد أن أكملت الخمسين يوماً، فهل هذا دم نفاس؟

    الجواب: لا، هذا ليس دم نفاس، طالما أنك رأيت الطهر، وبقيت مدة عشرين يوماً دون نزول شيء، ثم بعد ذلك جاء مخاط مصحوب ببعض الدم فهذا دم علة وفساد وليس دم نفاس؛ لأن أقصى النفاس عند جمهور العلماء أربعون يوماً، والعلم عند الله تعالى.

    إخوتي وأخواتي! أكرر الطلب بأن نكثر من الدعاء لإخواننا المجاهدين المرابطين في هجليج، بأن يعجل الله فرجهم، وأن ينصرهم نصراً عزيزاً.

    وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755772597