إسلام ويب

رفعت الأقلام وجفت الصحفللشيخ : أحمد سعيد الفودعي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • الإيمان بالقدر يتضمن الإيمان بعلم الله ومشيئته، وأنه خالق كل شيء، وأن كل شيء عنده في كتاب مسطور. فالمؤمن بالقدر يأخذ بالأسباب مع اعتقاده أنها مجرد أسباب، ثم لا يحزن إذا فاته مطلوبه بعد أخذه بأسباب تحصيله. وحين يرسخ الإيمان بهذا الركن فإنه يبث في قلوب حامليه السكينة والاطمئنان، وأن المرء لا يصاب إلا بما قدر عليه، ولا يحصل إلا على ما كتب له.

    1.   

    مفهوم الإيمان بالقدر

    الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهديه واقتفى أثره إلى يوم الدين.

    أما بعد:

    فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

    إخوتي في الله! أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فإنه وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران:102].

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ [الحشر:18].

    إخوتي في الله! حديثنا في هذه اللحظات عن الوصية الثالثة من وصايا النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما في الحديث العظيم الذي رواه أحمد وأصحاب السنن وغيرهم، وكان في آخر ما قال عليه الصلاة والسلام: ( واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ).

    هذه الوصية العظيمة التي عليها يقوم أساس التوحيد، أن يعلم الإنسان بأنه لا ضار ولا نافع إلا الله، أن يوقن الإنسان بأنه لا معطي ولا مانع إلا الله، على هذا الأساس تقوم العبادات وتنشأ المحبة، ويتوجه الناس إلى من يضرهم وينفعهم، فإن الناس إنما يعبدون المعبود إذا أيقنوا بأنه يضر وينفع.

    وقد عاب الله عز وجل على المشركين على ألسنة أنبيائه ورسله أنهم توجهوا بعبادتهم إلى من لا يضر ولا ينفع، كما قال إبراهيم عليه السلام لقومه: أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنفَعُكُمْ شَيْئًا وَلا يَضُرُّكُمْ * أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ[الأنبياء:66-67].

    العبادات والتوجه بالقلب والإرادات إنما تنشأ عند الإنسان عندما يعلم ويوقن بأنه يتوجه إلى من يضره وينفعه، إلى من يعطيه ويمنعه، إلى من يخفضه ويرفعه، فإذا أيقن القلب بأن الله وحده هو المعطي المانع، وأن الله وحده هو الضار النافع، وأن الله وحده هو المعلي الخافض الرافع، إذا أيقن القلب بهذا صحت إراداته, وإذا صحت إراداته ونواياه صحت بعد ذلك أعماله.

    ولهذا قال عليه الصلاة والسلام كما في الحديث الحسن قال: ( إن لكل شيء حقيقة, ولن يبلغ العبد حقيقة الإيمان حتى يعلم بأن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه )، لن يبلغ الإنسان كمال الإيمان، بل لن يقبل منه الإيمان حتى يؤمن بهذا الركن العظيم من أركان الإيمان، الإيمان بقضاء الله وقدره، الإيمان بقدر الله حلوه ومره، أن يؤمن بأن كل ما كان عليه إنما هو بتقدير الله تعالى.

    (جاء بعض التابعين إلى أبي بن كعب فقال: لقد وقع في نفسي شيء من القدر فحدثني؛ لعل الله أن يذهب ما في نفسي! حدثني، يعني: عن رسول الله، فحدثه أبي بن كعب فقال له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أنفقت مثل أحد ذهباً في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تعلم بأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك, ولو مت على غير ذلك دخلت النار.

    قال هذا الرجل: فذهبت إلى عبد الله بن مسعود فحدثني بمثل ذلك، وذهبت إلى زيد فحدثني بمثل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم).

    هذه وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ( لو أنفقت مثل أحد ذهباً في سبيل الله ما قبله الله منك حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير هذا دخلت النار )؛ لأنك لم تؤمن بالله، فإن من الإيمان بالله الإيمان بقدر الله.

    نحن بحاجة أن تترسخ هذه العقيدة في قلوبنا، الإيمان بقضاء الله وقدره، فماذا نعني بالإيمان بقضاء الله؟ ماذا يراد بالإيمان بقدر الله الذي قال فيه عليه الصلاة والسلام: ( وأن تؤمن بالقدر خيره وشره من الله

    1.   

    أركان الإيمان بالقدر

    الإيمان بالقدر معناه: أن تترسخ في القلب أمور أربعة يوقن بها القلب، ويصدقها، ويعقد عليها دون ريب ولا تردد.

    إحاطة علم الله بكل شيء

    أولاً: أن يعلم أن الله عز وجل علم كل شيء قبل أن يقع, فإنه سبحانه وتعالى علم ما كان وما هو كائن وما سيكون، وعلم ما لم يكن لو كان كيف سيكون! فإنه سبحانه قد أحاط بكل شيء علماً، لا تخفى عليه خافية، ولا يعزب عنه مثقال ذرة، قال سبحانه وتعالى: اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12] ، يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ [البقرة:255]، وهو كما قال عنه المؤمنون: ربنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا [غافر:7].

    فما من شيء إلا والله عز وجل يعلمه، وما من معدوم إلا والله عز وجل يعلمه لو وقع كيف سيكون؟ الإيمان بأن الله عز وجل علم كل شيء قبل أن يقع.

    كتابة الله كل شيء

    ثانياً: أن يؤمن الإنسان جازماً بأن الله قد كتب كل ما يقع في هذا الكون من حوادث قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، كتب مقادير الخلائق؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: ( إن الله فرغ من مقادير الخلائق قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة )، كل شيء قد كتب، وكل شيء قد فرغ منه، وكما قال عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث لــابن عباس : ( رفعت الأقلام وجفت الصحف )، كناية عن الفراغ من أمر القضاء والقدر.

    فالصحف التي كتبت فيها المقادير رفعت، والأقلام التي خطت بها المقادير قد جفت، فكل شيء قد مضى، وكل شيء قد قدر، فما للعبد وللعناء! ما للعبد وللهم! ما للعبد وللحسرات! كل شيء قد كتبه الله وقدره قبل أن توجد أنت، بل قبل أن تخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة.

    هاتان القضيتان العظيمتان هما الجزء الأول من الإيمان بالقدر, أن يؤمن الإنسان بأن الله عز وجل بكل شيء عليم، قد أحاط علماً بكل ما سيقع، وأنه قد كتب كل هذا في كتاب عنده سبحانه وتعالى.

    وقد جمع الله بين هاتين القضيتين في غير موضع من كتابه، فقال سبحانه وتعالى: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70]، الله يعلم ما في السماء، ويعلم ما في الأرض, وكل ذلك قد كتبه عنده سبحانه في كتاب، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70].

    وقال في آخر سورة الحديد: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد:22], أي: من قبل أن نخلقها، إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22].

    وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن:11].

    مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ [التغابن:11]، إلى أن قال سبحانه: وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ [التغابن:11]، يعني: ومن يؤمن بقدر الله، ويؤمن بعلم الله وبكتابة الله، يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [التغابن:11].

    الإيمان بعموم مشيئة الله وأنها نافذة

    ثالثاً: من الإيمان بالقدر أن يؤمن الإنسان بأن الله سبحانه وحده هو صاحب المشيئة النافذة، فمشيئته لا ترد، وإرادته لا تغلب، فما شاء الله كان, وما لم يشأ لم يكن، ما أراد الله عز وجل وقوعه فإنه لا بد أن يقع، وما أراد الله أن يكون موجوداً في الكون فإنه لا بد أن يكون، وما أراد سبحانه وتعالى ألا يكون فلا يمكن أن يكون، لا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه.

    وكم حاول بعض البشر سذجاً أن يدافعوا قدر الله، أن يدافعوا إرادة الله، أن يدافعوا مشيئة الله، حاولوا عبثاً أن يردوا شيئاً أراد الله وقوعه فما قدروا.

    يحكي لنا ربنا سبحانه في كتابه ما فعل فرعون، ذبح الأطفال, وقتل من قتل من بني إسرائيل, كل ذلك من أجل أن يظفر بموسى حتى يقتله؛ لأنه نبأه المنجمون بأنه يولد ولد من بني إسرائيل يزول ملكك على يديه، فأراد أن يقتل كل صبي يولد في تلك السنة التي أخبره المنجمون بأنه يولد لبني إسرائيل من يزول الملك على يديه، وقتل وذبح، كما قال الله عز وجل: يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ [البقرة:49]، قتل من قتل وذبح من ذبح.

    وأراد الله عز وجل أن يريه وأن يري من بعده العبرة البالغة, فأنشأ موسى في قصره، وربى موسى بين يديه, يحضنه صباحاً ومساءً, يقول هو: أريد أن أقتل الرضيع الذي سيزول ملكي على يده, ويريد الله عز وجل ألا يربيه إلا في قصرك وبين يديك، وكان من أمر الله ما كان.

    أراد إخوة يوسف أن يلقوا أخاهم في الجب ليذهب مع الرياح، ليأخذه الناس حتى لا يكون له العلو، ولا تكون له الرفعة التي أيقنوا بأنها ستكون له، رموه في الجب وهم يقولون: هذا الذي نريد لك، ورفعه الله عز وجل حتى وضعه على كرسي الملك، وهو يقول: هذا الذي نريده لك، فلا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه.

    أن يعلم الإنسان بأن مشيئة الله وحده هي المشيئة النافذة، ولا يكون شيء إلا إذا شاءه الله، وأن الإنسان قد يشاء ويريد, ولكنه ينبغي له أن يوقن يقيناً جازماً بأن المشيئة الكاملة هي لله عز وجل وحده.

    قيل لأعرابي: كيف عرفت ربك؟ كيف عرفت بأن لك رباً؟ كيف عرفت بأن لهذا الكون إلهاً؟ قال: عرفته بنقض العزائم وصرف الهمم، أكون قد عزمت على الأمر وأريد تحقيقه لا محالة, وصرفت كل همتي إليه, وفجأة أجد نفسي مصروفاً عن ذلك الأمر لا أريده، ولا أبتغي الوصول إليه، ولا أطلب له سبباً، ما الذي حولني عنه؟! ما الذي صرف همتي عنه؟! لماذا صرفت عن طلب هذا؟! إن هناك من يصرف هذه الإرادات، ومن يقلب هذه المشيئات، عرفته بنقض العزائم وصرف الهمم.

    فمشيئته سبحانه وتعالى وحده المشيئة النافذة، صحيح أن هذا الإنسان له مشيئة، لكن هذه المشيئة تابعة لمشيئة الله، لا يمكن لهذا الإنسان أن يفعل شيئاً إلا إذا شاءه الله، كما قال جل شأنه: وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [التكوير:29]، أنتم تشاءون، ولكنه لن يكون في الوجود إلا ما شاءته إرادة الله جل شأنه، أنت تشاء والله عز وجل يشاء، ولا يكون إلا ما شاءه الله، فهو وحده سبحانه صاحب المشيئة النافذة، وأنت تشاء ومكلف بموجب هذه المشيئة.

    الإيمان بأن الله خالق كل شيء

    رابعاً: أن توقن جازماً بأن الله سبحانه وتعالى هو الخالق وحده، فلا يكون شيء في هذا الوجود إلا بصنع الله، وأنه وحده سبحانه وتعالى الذي يخلق ما يشاء، ويفعل ما يشاء، ويوجد ما يشاء، فكل شيء ولو كان في ظاهر الأمر أن الإنسان هو فاعله فالله عز وجل هو خالقه في حقيقة الأمر، كما قال سبحانه: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96] ، ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ [الأنعام:102].

    (خالق كل شيء)، فكل شيء من مخلوقات الله الحسية والمعنوية، كل شيء من أخلاقك .. من تصرفاتك .. من هيئتك .. من أوصافك، كل شيء موجود على هذا الكون هو من صنع الله عز وجل وحده، هو من خلق الله عز وجل وحده، ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ [الأنعام:102].

    هذه العقيدة بهذا الإجمال والاختصار إذا أيقن الإنسان بها وترسخت في القلب معانيها جنت له أسباب السعادة العاجلة والآجلة.

    إن جنة الله العاجلة على هذه الدنيا لا يدخلها الإنسان حتى يؤمن بقدر الله، إذا آمن الإنسان بقدر الله دخل باب الرضا ودخل جنة السكينة، ودخل حياة السعادة والطمأنينة من أوسع أبوابها.

    وهذا ما أراده الله بإعلامنا بقضائه وقدره، كما قال في سورة الحديد: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ [الحديد:22-23].

    إذا أيقنت بأن الله عز وجل وحده هو الذي يفعل ما يشاء، ويقضي ما يريد، وأن مشيئته نافذة، وأن الإنسان لا يمكنه أن يدفع ما قد قدره الله عز وجل، إذا أيقنت بهذا جلبت لنفسك أنواع الرضا والسكينة والطمأنينة.

    فإذا نزلت بك المصيبة أو حلت بك البلية علمت بأن هذا أمر كائن لا محالة، وأيقنت بأن هذا لا يمكن دفعه ما دام الله عز وجل قد قدره، فعشت حياة السعادة، عشت حياة الطمأنينة، كما قال الشاعر وهو يخاطب نفسه:

    يا نفس ما قد قضي فاصطبري له ولك الأمان من الذي لم يقدر

    وتيقني أن المقدر كائن حتم عليك صبرت أو لم تصبري

    المقدر كائن لا محالة، وواقع ولا بد، وإذا كان الأمر كذلك فلماذا الحزن؟! ولماذا الحسرة؟! ولماذا التلوم والتندم على ما فات؟ فإن ما فات ما كان أبداً سيصل إليك، ولن تؤمن حتى تعلم أن ما أخطأك -يعني: ما صرف عنك، وما ذهب عنك- ما كان أبداً سيصل إليك، لن تؤمن حتى توقن بأن ما أخطأك ما كان ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، وقال الآخر وهو يحدث نفسه:

    دع المقادير تجري في أعنتها ولا تبيتن إلا خالي البال

    ما بين غمضة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال

    إذا كنت مؤمناً بالقدر فإن أقدار الله تعالى لن تكون إلا جالبةً لك للسعادة، وإذا أيقنت بهذه العقيدة صرفت عن نفسك أنواع الهموم، وصبرت لقضاء الله وقدره فصارت المصيبة في حقك أجراً ومثوبة، كما قال القائل: إن صبرت أجرت وسهم الله نافذ، وإن جزعت أثمت وسهم الله نافذ.

    ما أراده الله لا بد أن ينفذ، وأنت إما أن تصبر فتؤجر، وإما أن تجزع فتأثم، وفي كلا الحالين سهم الله نافذ لا محالة.

    1.   

    ثمار الإيمان بالقدر

    من ثمار الإيمان بالقضاء والقدر: أن يعلم الإنسان حقيقة نفسه، وأن يعلم بأن وراء ما يجري المدبر الخالق سبحانه وتعالى، فأنت لا تستطيع أن تجلب لنفسك نفعاً، كما لا تستطيع أن تدفع عنها ضراً، إذا أيقنت بهذا علمت بأنك العبد العاجز الضعيف، فعرفت مقدار نفسك فلم تفرح، لن تزهو، لن تتكبر، لن تستعلي حين ترزق شيء من أعراض الدنيا، كما أنك لن تجبن، لن تضعف، لن تخور حين يسلب شيء منك من أعراض الدنيا، فالأمر كله لله عز وجل وحده.

    الإيمان بالقضاء والقدر يغرس في النفوس الشجاعة والإقدام، وقد سمعتم غير مرة مقولة الإمام علي رضي الله عنه:

    أي يومي من الموت أفر يوم لا يقدر أو يوم قدر

    يوم لا يقدر لا أرهبه ومن المقدور لا ينجو الحذر

    يستغرب بعض الناس حياة الأبطال، حياة المتقدمين على حياض الموت الذين لا يبالون أوقعوا على الموت أو وقع الموت عليهم؟ لماذا يريد كل هذه الموارد؟ إنهم لا يفعلون ذلك إلا لإيمانهم بأن الأعمار آجال مؤقتة، لا يمكن أن يتقدم منها لحظة، كما لا يمكن أن يتأخر منها ساعة.

    وقد ذم الله بعض الذين قالوا لإخوانهم: لو كانوا فينا، لو قعدوا يوم أحد فينا, لو لم يخرجوا لما قتلوا ولما أصيبوا، فقال الله: قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ [آل عمران:154] ، لو كنتم في المدينة ولم يقدر الله وقوع هذه المعركة، لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ [آل عمران:154].

    كان هؤلاء السبعين الذين قتلوا اليوم سيخرجون إلى هذا المكان، وسيموتون في هذه البقعة، وسيضطجع كل واحد منهم في الموضع الذي قتل فيه بغير شيء، لو كنتم في بيوتكم ولم تقم الحرب ولم يقدر الله أسبابها لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ [آل عمران:154] ، إنما هو الابتلاء والامتحان، وإلا فأقدار الله عز وجل نافذة لا محالة.

    الإيمان بالقضاء والقدر سبب السكينة، وباب السعادة، وجنة الله عز وجل العاجلة، من آمن به حق إيمانه نال الرضا، (فمن سخط فله السخط، ومن رضي فله الرضا)، هكذا جاء الحديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم.

    أقول ما تسمعون، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه, إنه هو الغفور الرحيم.

    1.   

    محاذير ومفاهيم في باب الإيمان بالقدر

    الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله, صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين.

    إخوتي في الله! هناك محاذير مهمة في مسألة الإيمان بالقضاء والقدر ينبغي أن يكون العبد المؤمن على إدراك لها واستيعاب وفهم لها؛ حتى لا تزل قدمه في باب الإيمان بالقضاء والقدر.

    الأخذ بالأسباب وعدم تركها أو حصر الاعتماد عليها

    الإيمان بالقضاء والقدر إيمان بعلم الله، إيمان بكتابة الله للأقدار، إيمان بأن مشيئة الله نافذة، إيمان بأن الله خالق كل شيء، وصانع كل شيء، ولكنه سبحانه وتعالى اقتضت حكمته وجرت مشيئته على أن يعلق النتائج بالأسباب، فجعل للمقادير التي يجريها أسباباً توصل إليها، وكلف العبد بأن يأخذ بتلك الأسباب، والعبد لا يعلم ما هي المقادير؟ العبد لا يدري ما هو المكتوب في اللوح المحفوظ؟ العبد لا يدري ما الذي قدره الله عز وجل له؟ لكنه يدري ما الذي طلبه الله منه.

    العبد يدري بما كلفه الله عز وجل وأمره به، وهذا الذي يدري به ويعلم ما يطلبه الله عز وجل منه، فإذا أدى ما عليه وقام بما أراد الله عز وجل منه وجب عليه بعد ذلك أن يفوض الأمور إلى الله، فما شاءه الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

    ولا يجوز للعبد بحال أن يترك الأسباب التي أمر الله بالأخذ بها، الأسباب المباحة، الأسباب المشروعة، الأسباب التي جعلها الله عز وجل طريقاً للوصول إلى ما يريده على وجه يرضيه ولا يسخطه، هذا النوع من الأسباب هو الذي كلفنا الله عز وجل وتعبدنا بالأخذ بها.

    ولذلك قال العلماء: لا يكن أحدكم كمن كان بين زرعه وبين النهر كف من تراب, فعجز أن يرفعه بيده، ليس بين أن يصل الماء من النهر إلى أرضه وزرعه إلا أن يرفع هذا الكف من التراب فيجري الماء لكنه لم يفعل، وتوجه لصلاة الاستسقاء.

    هذا ليس من المواطن التي تترك فيها الأسباب، فإن الله تعبدنا بالأخذ بالأسباب، قال سبحانه وتعالى وهو يخاطب مريم : وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا [مريم:25]، امرأة في حال الولادة ألجأها المخاض إلى جذع النخلة وهي تعاني ما تعاني من آلام الوضع مع ضعفها وعجزها وهي مع ذلك امرأة وحيدة, ويكلفها الله بأن تهز الشجرة لا لتتساقط تلك الثمار بتلك الهزة, ولكن ليسقط الله عز وجل هذه الثمار جنياً لا سقوطاً بالهز، تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا [مريم:25] رطباً مجنياً، فإن الرطب لو تساقط بالهز وقع على الأرض فتفطر وتشقق، ولكن الله عز وجل أراد أن يعلم الناس حتم الأخذ بالأسباب، كما قال الشاعر:

    ألم تر أن الله قال لمريم وهزي إليك الجذع يتساقط الرطب

    ولو شاء أن تجنيه من غير هزة جنته ولكن كل شيء له سبب

    كل شيء له سبب يوصل إليه، والطاعات والحسنات لها أسباب، كما أن المعاصي والسيئات لها أسباب، والله عز وجل كلفنا بالأخذ بأسباب الحسنات، وتجنب أسباب السيئات، ورتب على ذلك أننا محاسبون، أننا مجزيون على ما نكسبه من الحسنات أو نقترفه من الذنوب والسيئات، قُلْ مَنْ كَانَ فِي الضَّلالَةِ فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا [مريم:75] ، وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17] ، توجه إلى الحسنات بقلبك وإرادتك, وخذ بأسبابها وستأتيك الثمرة.

    كما أن من توجه إلى السيئة وأخذ بأسبابها أتته الثمرة، وبعد ذلك: كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ [الطور:21].

    فقضية الأخذ بالأسباب من قدر الله السابق، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى في خلقه، ولا يجوز للناس أن يعطلوا الأسباب فإن ذلك قدح في شريعة الله، ومن يفعل ذلك يفعل خلاف الحكمة. فالله يقول: خذ بهذا السبب، وهذا العبد يقول: هذا السبب لا يوصل إلى نتيجة. فهو لا شك واقف مع خلاف مراد الله.

    فتعبدنا الله بالأخذ بالأسباب، لكن هذه الأسباب لا يجوز أبداً أن نبالغ فيها، لا يجوز أبداً أن نعتمد عليها، وأن نعلق قلوبنا بها، هي فقط وسائل قد تؤدي إلى النتائج وقد يبطلها الله، وكم من طبيب متخصص في مرض هو بنفسه مصاب بذلك الداء، كم من طبيب ماهر في أنواع الأمراض وبنوه وأحب الناس إليه مصابون بذلك الداء، لم؟ لأن السبب وحده لا يجدي، السبب وحده لا يثمر النتيجة، الله عز وجل هو خالق السبب، وهو خالق النتيجة التي قدرها على ذلك السبب.

    ألقي إبراهيم في النار، فقال الله لها: كُونِي بَرْدًا وَسَلامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ [الأنبياء:69].

    وألقي موسى في البحر فأمره بأن يسوقه إلى قصر فرعون، كما قال القائل:

    فوحقه لأسلمن لأمره في كل نازلة وضيق خناق.

    موسى و إبراهيم لما سلما سلما من الإغراق والإحراق.

    الأسباب وحدها لا تنفع، ولهذا لا يجوز للإنسان أن يعلي من شأن الأسباب، وهذا حال أكثر الناس، فتتعلق القلوب بالأسباب، إذا أعطي عطاءً من أمير أو وزير تعلق قلبه به، وانصرفت همته وإرادته إلى إرضائه، وتعلق حبه به، ونسي حب من سخر هذا السبب، نسي من أجرى هذا العطاء على يد هذا المخلوق.

    وإذا خشي من عدو خوفاً أو خشي منه مكراً تعلق به وبالغ في الذل له وبالغ في الاستكانة له, ونسي أن المقدر هو الله عز وجل وحده.

    أما المبالغة في الأسباب فإن بعض الناس يكتسب أنواع المال الحرام من أسباب محرمة وهو يعتقد جازماً بأنه لن يصل إلى هذا الرزق إلا إذا سلك هذا الطريق، وهذه مجافاة لفهم حقيقة الأسباب، ولهذا يقول عليه الصلاة والسلام: ( لا تستبطئوا الرزق )، ويقول في حديث آخر: ( إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فاتقوا الله! وأجملوا في الطلب ).

    اتق الله! وأجمل في الطلب، إذا أردت أن تصل إلى ما قدر الله فكن على يقين بقوله عليه الصلاة والسلام: ( واعلم أن ما عند الله لا ينال بمعصيته )، إذا كان الله قد قدر لك رزقاً فإنه سيصل إليك بسلوكك الأسباب المباحة المشروعة.

    ولا تظن أن بارتكابك لأنواع الحرام تقرب لنفسك شيئاً لم يقدره الله لك، أو تجلب لنفسك شيئاً لم يرده الله عز وجل، كن على يقين بأن ما قدره الله سيوصلك إليه السبب المشروع المباح.

    الاحتجاج بالقدر على المعاصي

    أيها الإخوة! هناك حقيقة مهمة في باب القضاء والقدر وهي: أن نوقن جازمين بعد وقوع المصيبة في الذنب ووقوع الإنسان في المعصية أنه لا يجوز للإنسان أن يصبر على هذا القضاء، لا يجوز له أن يصبر على هذا القدر الذي جرى عليه، صحيح أن العاصي إنما وقع في المعصية لأن الله عز وجل كتب له هذا، وقدر عليه هذا، لكنه سبحانه قبل أن تقع في المعصية خلق لك إرادة بها ترجح أحد الأمرين، وخلق لك قوة بها تنفذ أحد الأمرين، وأوجد لك هداية بها تختار أحد الأمرين، وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ [البلد:10] ، إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا [الإنسان:3].

    فإذا وقعت في المعصية فلا يجوز لك أن تحتج بعد ذلك بقدر الله، وكن كما قال أبوك من قبل: رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23].

    1.   

    آثار الإيمان بالقدر

    إخوتي في اللهَ! الحديث عن الإيمان بالقضاء والقدر حديث يطول, ولكنه في حقيقة الأمر جنة الله عز وجل العاجلة، سكينة، وطمأنينة، وهدوء بال، وراحة ضمير عندما نحسن الإيمان بهذا الركن، وهذا ما شهد به الأعداء قبل الأصدقاء وهم يلاحظون أحوال المؤمنين الذين آمنوا بهذا الجزء المهم من العقيدة الإسلامية.

    وأنقل لكم ما سطره أحد المستشرقين في أوائل القرن الماضي وهو المستشرق بودلي وتجربته هذه دونها غير واحد منهم الغربيون، ومنهم الشرقيون، يقول بعد أن عاش سبع عشرة سنة في صحراء أفريقيا الشمالية الغربية بين بدو رحل من المسلمين, ينتقلون من وادٍ إلى وادٍ، ومن صحراء إلى صحراء، لكن هذا المستشرق العالم المثقف المفكر الذي قطع الفيافي والقفار ليستكشف ما عند الناس وجد عند هؤلاء البدو الرحل ما لم يجده عند المثقفين والعلماء والمفكرين في بلاده، وجد حقيقة الناس أحوج ما يكونون إليه، يقول عنها:

    لقد تعلمت من عرب الصحراء التغلب على القلق، فهم بوصفهم يؤمنون بالقضاء والقدر، وقد ساعدهم هذا الإيمان على العيش في أمان، وأخذ الحياة مأخذاً سهلاً هيناً، فهم لا يلقون بأنفسهم بين براثن الهم والقلق على أمر كان، إنهم يؤمنون بأن ما قدر الله يكون، وأنه لا يصيب الفرد منهم إلا ما كتبه الله له. وليس معنى ذلك: أنهم يتواكلون, أو يقفون في وجه الكارثة مكتوفي الأيدي!

    وخلاصة القول: أنني بعد انقضاء سبعة عشر عاماً على مغادرتي لتلك الصحراء ما زلت أتخذ موقف العرب حيال قضاء الله، فأقابل الحوادث التي لا حيلة لي فيها بالهدوء والامتثال والسكينة، ولقد أفلحت هذه الطباع التي اكتسبتها من العرب في تهدئة أعصابي أكثر مما تفلح آلاف المسكنات والعقاقير.

    القناعات التي في القلوب، العقائد التي في القلوب هي التي تبنى عليها الأعمال والتصرفات، كم من مرضى يعانون أنواع الآلام النفسية؟ كم من الذين يقطنون وينامون في المستشفيات والمصحات النفسية علاجهم الإيمان بقدر الله عز وجل السابق، الإيمان بأن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

    نسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.

    اللهم يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

    رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201].

    اللهم اغفر لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه وافتح للموعظة قلبه وأذنيه, أنت ولي ذلك والقادر عليه.

    اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات.

    اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم اخذل الكفرة والمشركين، اللهم خذهم أخذ عزيز مقتدر يا قوي يا عزيز.

    اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756573894