إسلام ويب

كتاب الطهارة [6]للشيخ : محمد يوسف حربة

  •  التفريغ النصي الكامل
  • إن من تيسير الله عز وجل في الطهارة أن أباح المسح على الخفين. وقد اختلف العلماء في كون المسح بدلاً عن الغسل، أو أنه أصل مستقل بذاته. فمن رأى أنه بدل قال: بأن نزع الخف ينقض الطهارة، وكل على مذهبه في الترتيب والموالاة بين الطهارة والمسح. ومن قال: إنه أصل مستقل بذاته قال بعدم انتقاض الطهارة عند نزعه أو انقضاء المدة.

    1.   

    شروط المسح على الخفين

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله، نحمده ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً.

    وبعد:

    قال المصنف رحمه الله: [ المسألة السادسة: شروط المسح على الخفين: وأما شرط المسح على الخفين، فهو: أن تكون الرجلان طاهرتين بطهر الوضوء، وذلك شيء مجمع عليه إلا خلافاً شاذاً، وقد روي عن ابن القاسم عن مالك ذكره ابن لبابة في المنتخب، وإنما قال به الأكثر؛ لثبوته في حديث المغيرة ]، أي: أن الأكثر قالوا: إنه لا بد من وجوب الطهارة من الحدث بالوضوء، وأن يلبسها على طهارة كاملة، وذلك لحديث المغيرة [ وغيره إذ أراد أن ينزع الخف عنه فقال عليه الصلاة والسلام: ( دعهما فإني أدخلتهما وهما طاهرتان ) ]، وهو حديث صحيح.

    [ والمخالف ] الذي يقول لا يشترط في الطهارة الوضوء، [ حمل الطهارة على الطهارة اللغوية ]، ومعنى أدخلتهما طاهرتين، يعني: من النجاسة. وهؤلاء هم الظاهرية، الذين قالوا أن المراد (بطاهرتين): الطهارة من النجاسة.

    ولقولهم وجه من النظر؛ لأن لفظ: (طاهرتين) مشترك بين الطهارة من النجاسة، وبين الطهارة من الحدث، إلا أن التوقيت فيه تنويه دقيق؛ لأن المراد به الطهارة من الحدث.

    فالخلاصة أن لفظ: (طاهرتين) مشترك بين الطهارة بالوضوء، أو الطهارة من النجاسة؛ ولهذا كان تعيينه في أحدهما تحكم. لكن لم نجد دليلاً ظاهراً يقول: إنهما طاهرتان من الوضوء، وإنما قوله في التوقيت، أنه وقت بثلاثة أيام ثم يغسلها ويتوضأ، فيه تنويه دقيق على أن المراد بطاهرتين: طاهرتين من الحدث؛ لأن مدة ثلاثة أيام، أو يوم وليلة ثم يخلسها ويتوضأ ويلبسها، دليل وتنويه على أن معنى طاهرتين أي: من الحدث، وهذا الذي يظهر منه.

    والطهارة في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( أدخلتهما طاهرتين ) اللفظ مشترك، بين الطهارة من النجاسة، والطهارة من الوضوء.

    فإذا كانتا طاهرتين من النجاسة فلا معنى لتحديد المسح يوماً وليلة، أو ثلاثة أيام؛ لأنها ستستمر دائماً طاهرة من النجاسة، ويمسح دائماً ويكون التحديد ما له معنى، وإذا كانت طاهرتين من الحدث، فيكون للتحديد بيوم وليلة، أو ثلاثة أيام، ثم يتوضأ ويلبسها معنى، إلا أن التوقيت فيه تنبيه دقيق بأن المراد بها الطهارة من الحدث، وهو تنويه دقيق بعيد، لا يظهر إلا بالتأمل، فهذا الذي جعلنا نقول أن المراد بالطهارة الطهارة من الحدث.

    وأما ما نقله ابن عبد البر في التمهيد عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا يقولون: امسح ولو جئت من الغائط، وكذلك حديث المغيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم بال استنجى، ثم جاء، فقال: ( دعمها فإني أدخلتهما طاهرتين )، وكذلك ما ورد عن عمر وغيره أنه قال: امسح ولو جئت من الغائط. فالمراد المسح وليس المعنى أنك تدخلهما قبل أن تتوضأ.

    أقوال العلماء في مسح من غسل رجليه ولبس خفيه قبل أن يتم وضوءه

    [ واختلف الفقهاء من هذا الباب فيمن غسل رجليه ولبس خفيه، ثم أتم وضوءه، هل يمسح عليهما؟ فمن لم ير أن الترتيب واجب، ورأى أن الطهارة تصح لكل عضو قبل أن تكمل الطهارة لجميع الأعضاء، قال بجواز ذلك، ومن رأى أن الترتيب واجب وأنه لا تصح بعد طهارة العضو إلا بعد طهارة جميع أعضاء الطهارة لم يجز ذلك، وبالقول الأول قال أبو حنيفة ، وبالقول الثاني قال الشافعي و مالك ، إلا أن مالكاً لم يمنع ذلك من جهة الترتيب، وإنما منعه من جهة أنه يرى أن الطهارة لا توجد للعضو إلا بعد كمال جميع الطهارة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( وهما طاهرتان )، فأخبر عن الطهارة الشرعية، وفي بعض روايات المغيرة : ( إذا أدخلت رجليك في الخف وهما طاهرتان فامسح عليهما ) ].

    فمثلاً لو أن إنساناً غسل رجليه بنية الوضوء قبل أن يغسل بقية الأعضاء، وإنما بدأ برجليه فغسلها وأدخلهما في الخفين، ثم أتم وضوءه على أنه قد غسل رجليه أولاً -فهل طهارته صحيحة أو غير صحيحة- اختلف العلماء، منهم من قال أنه لا يشترط الترتيب في الوضوء، وأنه يجوز العكس، ابدأ برجليه ثم بقية الأعضاء وقال: إن الطهارة للعضوين تحصل وإن لم تكن بقية الأعضاء طاهرة وأجاز مسحهما ومن قال: لا بد من الترتيب، بحيث يبدأ بوجهه ثم يديه إلى آخره، قال: إن هذه الطهارة تلاعب كيف يبدأ من أسفل فعلى هذا لا يصح مسحه؛ لأنه أخل فيه بالترتيب، وكذلك من قال -وهو قول الإمام مالك - إن المراد بالطهارة: الطهارة الكاملة، فمن غسل رجليه لا يعتبر طاهراً طهارة كاملة.

    إذاً الذي قال بالعكس هو أبو حنيفة وأما الأئمة الأربعة فقالوا: لا بد أن نبدأ بما بدأ الله به، وقالوا: لا بد من الطهارة الكاملة.

    [ وعلى هذه الأصول يتفرع الجواب فيمن لبس أحد خفيه بعد أن غسل إحدى رجليه وقبل أن يغسل الأخرى، فقال مالك : لا يمسح على الخفين لأنه لابس للخف قبل تمام الطهارة وهو قول الشافعي و أحمد و إسحاق ]، فلو غسل رجلاً وأدخلها، فمذهب الشافعي و أحمد لم تحصل الطهارة كاملة، وليس متوضئاً ما دام بقي له رجل، فلم تحصل الطهارة، بل لا بد أن يغسل الثنتين، [ وقال أبو حنيفة و الثوري و المزي و الطبري و داود : يجوز له المسح، وبه قال جماعة من أصحاب مالك منهم مطرف وغيره، وكلهم أجمعوا على أنه لو نزع الخف الأول بعد غسل الرجل الثانية، ثم لبسها جاز له المسح ] لكن إذا غسل الأولى ولبس، وغسل الثانية ولبس، ولكنه بعد ذلك نزع الأولى ورجع، فقد أجمعوا على أنه أدخلهما طاهرتين.

    قوله: (ثم لبسها جاز له المسح)، الراجح أنه يشترط في صحة المسح عليهما لبسهما بعد طهارة كاملة؛ لما يدل عليه ظاهر سياق حديث المغيرة .

    أقوال العلماء في المسح على الخف إذا كان على خف آخر

    قال رحمه الله: [ وهل من شرط المسح على الخف ألا يكون على خف آخر؟ عن مالك فيه قولان وسبب الخلاف: هل كما تنتقل طهارة القدم إلى الخف إذا ستره الخف كذلك تنتقل طهارة الخف الأسفل الواجبة إلى الخف الأعلى؟ فمن شبه النقلة الثانية بالأولى أجاز المسح على الخف الأعلى ومن لم يشبهها بها وظهر له الفرق لم يجز ذلك ]، يعني في البلاد الباردة يضعون خفين، وأنت تصلي بجوربين، جورب فوق جورب، وتلبسها على طهارة، فهل يصح المسح على هذا؟ أم لا بد من مسح الأسفل؟ للإمام مالك فيها قولان، ولم نذكر للأئمة الآخرين قول، وفي الكتاب، ذكر أن للإمام مالك قولان، وأنا أقول: بيان مذاهب العلماء في المسح على الجرموق ولا يجوز المسح على الجرموق، أما ما هو الجرموق؟ فهو خف فوق خف، أو شراب فوق شراب.

    بيان مذاهب العلماء في المسح على الجرموق: القول الجديد والمعتمد في مذهب الشافعي المنع، والقول في المذهب القديم الجواز، لأن الشافعي معه مذهب في العراق ومذهب في مصر، ففي العراق كان يقول كلاماً ثم اتسعت مداركه فرأى ذلك المذهب فيه كلام ضعيف، فجاء بالمذهب الجديد، فالقول الجديد الذي قال في مصر، قال: لا يجوز أن يلبس جرموقين، إلا أن يمسح على الأسفل، فإذا أدخل يده ومسح على الأسفل فلا بأس، أما إذا مسح على الأعلى فلا يصح، وعلى المذهب القديم يجوز.

    وبالجواز قال أبو حنيفة و أحمد و داود ، فوافقوا الشافعي في المذهب القديم، وبالقولين قال مالك ، فمرة قال في الكتاب يجوز، ومرة قال: لا يجوز، والراجح: الجواز؛ لأنه ملبوس كالأسفل، فكما أن الأسفل من ملبوس الرجل، فالأعلى من ملبوس الرجل أيضاً.

    كما لو لبس فنيلة صوف تحت ثوب، وجعل من فوقها جبة، فكلها ملبوس وهذه كذلك؛ لأنها ملبوسة كالأسفل؛ ولأن الحاجة قد تدعو إليه في البلاد الباردة، إذاً فيجوز المسح على الجرموق.

    فالخلاصة أن جواز المسح على الجرموق قال به أبو حنيفة و أحمد و الشافعي في القديم، وهو أحد قولي مالك .

    1.   

    نواقض المسح على الخفين

    قال المصنف رحمه الله: [ المسألة السابعة: نواقض المسح على الخفين وأما نواقض هذه الطهارة فإنهم أجمعوا على أنها نواقض الوضوء بعينها ]، يعني إذا توضأت ومسحت على خفيك، فالفساء والضراط، والنوم كله ينقض الوضوء، هذا أجمعوا عليه، فيما سيأتي هل إذا انتهت المدة يبطل وضوؤك، أو إذا نزعت يبطل وضوؤك، أو لا يبطل؟ وقد ذكرنا أن هناك من يوجب المولاة في الوضوء وهناك من لا يوجبها. فبعض العلماء هنا قالوا بوجوب الموالاة في الوضوء، وبعضهم قالوا بعدم وجوب الموالاة في الوضوء، والخلاف سينبي على هذا.

    وهل المسح طهارة مستقلة، أم هو بدلاً عن غسل الرجل؟ فإذا حملنا قراءة: (وأرجلِكم) على مسح الخف، فهي طهارة مستقلة وردت بها آية قرآنية، وعلى هذا التأصيل فسيكون مذاهب العلماء كالآتي:

    المذهب الأول: وهو من لا يوجب الموالاة، ويقول: أن المسح بدل عن الغسل، فيقول: إذا انتهت المدة، أو نزعت وأنت متوضئ بضوء المسح فاغسل رجليك، وأعد لبسها؛ لأنهم يقولون: الموالاة غير واجبة؛ ولأن المسح بدل عن الغسل.

    المذهب الثاني: من يقول: بأن الموالاة واجبة، ويقول: بأن المسح بدل عن الغسل، فيقول: إذا انتهت المدة، أو نزعت فيجب إعادة الوضوء ولا يقول بالبطلان؛ لأنه سيسقط المولاة، فهؤلاء متفقون على أن انقضاء المدة لا ينقض، لكن بعضهم قال: تغسل، والبعض الآخر قال: لا تغسل؛ لأن الموالاة واجبة عندي.

    واتفق الجميع على أن انقضاء المدة والمسح ليس بناقض.

    المذهب الثالث: القول: بأن المسح مستقل بنفسه كما ورد في الآية، فلو نزع الخف، أو انقضت المدة وهو متطهر بالمسح فعليه أن يصلي ما دام متطهراً.

    مثلاً إذا مسح قبل، وستنقضي المدة الساعة الثانية عشرة، فمسح الساعة الحادية عشرة فلما جاءت الساعة الثانية عشرة وأذن الظهر، فبعضهم يقول: يعيد الوضوء؛ لأن الموالاة عندنا واجبة، وبعضهم يقول: يغسل رجليه. وبعضهم يقول: يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء إذا كان متوضئاً.

    فمن لم يوجب الموالاة وهم الشافعية: قالوا: إنه بدل، أنزع رجليك واغسلها وتم وضوءك، وصل، ثم صلى وفي تلك الساعة ذهب الوضوء، كأن ما كان في صلوات، وأعدها والبسها، وقال أحمد الذي يوجب الموالاة، وأما المدة فلا تنقض الوضوء لكن يجب عليه الموالاة، ولهذا فإذا توضأ قبل الساعة الحادية عشرة، وأراد أن يغسل رجليه الساعة الثانية عشرة، فقد أخل بالموالاة، فيجب عليه أن يعيد الوضوء.

    فهم يرون الموالاة مع اعتبار البدلية، كلهم مع اعتبار البدلية، ثم جاء الثالث وقال: ليس مسح الرجلين بدلاً عن غسلها، بل هذه عبادة مستقلة جاءت في القرآن، في قوله: وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ [المائدة:6]، فعلى هذا يصلي ولا يمسح حتى ينتقض وضوءه، وجاء الحسن بن حي وقال: إن انقضاء المدة من نواقض الوضوء.

    فقوله: إنها من نواقض الوضوء، الصحيح أنها ليست من نواقض؛ لأن أهل العلم اتفقوا على أنه إما أن يغسل رجليه، أو أنه لا يغسلها لعدم الموالاة، أو أنه يبقى، ولم يقولوا بأنه من نواقض الوضوء، إلا الحسن بن حي ، فهذا الذي قال: إنه من نواقض الوضوء.

    وهنا قول لـمالك زاده، فقال مالك : إذا انتقضت المدة خلعت الخف من فورك وغسلت فوضوءك صحيح، وإن تأخرت فوضوءك غير صحيح.

    وهذا غير متجه كما سيذكر أصحاب الكتاب.

    أقوال العلماء في انتقاض الطهارة بنزع الخف

    قال: [ واختلفوا هل نزع الخف ناقض لهذه الطهارة أم لا؟ فقال قوم: إن نزعه وغسل قدميه فطهارته باقية، وإن لم يغسلها وصلى أعاد الصلاة بعد غسل قدميه ]، أي: إن نزع وغسل فصلاته صحيحة، وإن لم ينزع وصلى فصلاته باطلة، [ وممن قال بذلك: مالك وأصحابه، و الشافعي و أبو حنيفة إلا أن مالكاً رأى أنه إن أخر ذلك استأنف الوضوء ]، ولم ينزع بوقته [ على رأيه في وجوب الموالاة على الشرط الذي تقدم ]، الموالاة يعني بين غسل الرجل وانقضاء المدة.

    وليس بين أعضاء الوضوء، [ وقال قوم: طهارته باقية حتى يحدث حدثاً ينقض الوضوء، وليس عليه غسل، وممن قال بهذا القول: داود و ابن أبي ليلى . وقال الحسن بن حي : إذا نزع خفيه فقد بطلت طهارته، وبكل واحد من هذه الأقوال الثلاثة قالت طائفة من فقهاء التابعين، وهذه المسألة هي مسكوت عنها ]، أي: لا توجد أدلة عليها.

    سبب خلاف العلماء في انتقاض الطهارة بنزع الخف

    [ وسبب اختلافهم: هل المسح على الخفين هو أصل بذاته في الطهارة، أو بدل من غسل القدمين عند غيبوبتهما في الخفين؟ فإن قلنا: هو أصل بذاته فالطهارة باقية وإن نزع الخفين، كمن قطعت رجلاه بعد غسلهما ]، فإذا انقطعت رجله فبعضهم يقول: طهارته باقية، [ وإن قلنا: إنه بدل فيحتمل أن يقال: إذا نزع الخف بطلت الطهارة وإن كنا نشترط الفور ]، يعني الموالاة بين أعضاء الوضوء.

    [ ويحتمل أن يقال: إن غسلهما أجزأت الطهارة إذا لم يشترط الفور ] يعني: الموالاة [ وأما اشتراط الفور من حين نزع الخف فضعيف ] وهذا قول مالك ، [ وإنما هو شيء يتخيل، فهذا ما رأينا أن نثبته في هذا الباب ].

    الراجح في انتقاض الطهارة بنزع الخف

    والراجح أنه لا ينقض وضوء الماسح بنزع الخف، ولا بانقضاء المدة، ولا يجب عليه غسل قدميه؛ لأن المسح أصل بذاته، وليس بدلاً عن غسل الرجلين، ويدل على ذلك قراءة الجر، وممن قال بهذا: الإمام علي بن أبي طالب و ابن تيمية ، والشيخ الألباني في تمام المنة صفحة مائة وأربع عشرة.

    سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك اللهم وأتوب إليك.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756631021