إسلام ويب

ديوان الإفتاء [360]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    وضوء الحائض قبل النوم من أجل الحفظ

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد، الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    أما بعد:

    إخوتي وأخواتي! سلام الله عليكم ورحمته وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بالخيرات والمسرات، ومرحباً بكم إلى حلقة جديدة من ديوان الإفتاء.

    السؤال: هل يجوز الوضوء للحائض من أجل الحفظ؟

    الجواب: نعم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرع الوضوء للجنب، والحائض مثله، فقد ثبت من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم: ( يا رسول الله! أيرقد أحدنا وهو جنب؟ قال: نعم، إذا توضأ أحدكم فليرقد ).

    1.   

    الصلاة بالنعلين لمن يصلي جالساً

    السؤال: هل تجوز الصلاة بالنعلين للذي يصلي جالساً؟

    الجواب: نعم، وكذلك لمن يصلي قائماً، نقول: لا حرج عليه أن يصلي في نعليه إذا كانتا طاهرتين، وإذا لم يكن فيهما نجاسة، لكن إذا كان كما هو الحال الآن، المساجد مفروشة بهذا السجاد، فما ينبغي للناس أن يصلوا في نعالهم؛ لأن ذلك يؤدي إلى إفسادها.

    1.   

    قضاء الصلاة والصيام لمن تركهما عشرين سنة عمداً

    السؤال: شخص يقطع صلاته وصيامه عشرين سنة وتاب، كيف يقضي؟

    الجواب: يتوب إلى الله عز وجل توبة نصوحاً، ثم يأتي بما فاته، الأيام التي أفطرها يصومها، والصلوات التي قطعها أيضاً وضيعها يقضيها، لا يشتغل بنوافل الصلاة ولا الصيام، وإنما يقبل على قضاء تلك الفرائض، فإن الله عز وجل لا يقبل نافلة حتى تؤدى الفريضة، كما قال أبو بكر رضي الله عنه، فعليه أن يشتغل بقضاء هذه الفرائض، ويكثر من الاستغفار عسى ربنا أن يكفر عنا سيئاتنا ويغفر لنا.

    1.   

    جهر المرأة في الصلوات الجهرية

    السؤال: هل المرأة تصلي سراً فقط، أم عليها أن تجهر بصوتها قليلاً في صلاة الجهر؟

    الجواب: بل عليها أن تجهر، في الصبح والأوليين من المغرب والعشاء، وجهرها أدناه أن تسمع نفسها، وأعلاه أن تسمع من يليها، يعني: أقل الجهر بالنسبة للمرأة أن تسمع نفسها، وأعلاه أن تسمع من يكون إلى جوارها.

    1.   

    كشف الوجه أمام أبناء الأخوال والخالات

    السؤال: تقول: أنا منقبة، ودائماً أكون في بيت جدي، ويوجد معي أبناء أخوالي وخالاتي، ولا ألبس نقاباً.

    الجواب: الذي أفتي به أنا بأن وجه المرأة ليس بعورة، ولا حرج عليك أن تكشفي وجهك أمام هؤلاء من بني الخئولة وبني العمومة، لا حرج في ذلك إن شاء الله، اللهم إلا إذا كنت تدينين الله عز وجل بوجوب ستر الوجه، كما هو مذهب بعض أهل العلم، وفي هذه الحالة عليك أن تلزمي نفسك بالنقاب إلا أمام المحارم.

    1.   

    تخير المصلي للمسجد الذي له إمام جميل الصوت

    السؤال: ما رأي الدين في الذي يذهب للصلاة مع الإمام الذي صوته جميل، أما إذا كان الإمام صوته عادياً فلا يذهب؟

    الجواب: لا حرج في ذلك إن شاء الله، من ذهب ليصلي خلف إمام يرى أن قراءته خاشعة، وترتيله حسن، ومخارجه سليمة، ويتلذذ بسماع القرآن منه فلا حرج عليه في ذلك، بل هذا مقصود؛ ( لأن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من عبد الله بن مسعود أن يقرأ عليه، فقال له: يا رسول الله! أقرأ عليك وعليك أنزل؟ قال: إني أحب أن أسمعه من غيري )، وكذلك النبي عليه الصلاة والسلام لما سمع أبا موسى عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه يرتل القرآن بالليل بقي عليه الصلاة والسلام يسمع وبشره في اليوم الذي بعده وقال له: ( لو رأيتني وأنا أسمع قراءتك البارحة، فقال له: يا رسول الله! لو علمت بمكانك لحبرته لك تحبيراً )، أي: لجودت القراءة وحسنت الصوت أكثر وأكثر، وما أنكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، ومعلوم أن الصوت هبة من الرحمن جل جلاله، وبعد ذلك المخارج والتجويد اكتساب من العبد، ومن رزقه الله صوتاً حسناً، وحنجرة قوية، وبعد ذلك اجتهد في أن يتقيد بأحكام التجويد، وأن يخرج كل حرف من مخرجه الصحيح، وأن يعطيه حقه ومستحقه، فقد جمع بين الحسنيين، كما في الحديث: ( ما أذن الله لشيء مثلما أذن لنبي حسن الصوت يتغنى بالقرآن )، وخير الناس من إذا سمعناه يقرأ القرآن حسبناه يخشى الله.

    1.   

    قبول توبة المجاهر بالمعصية

    1.   

    لبس النقاب عند الذهاب إلى السوق وكشفه فيما عدا ذلك

    السؤال: ألبس النقاب عندما أكون ذاهبة للسوق فقط، ما رأي الدين؟

    الجواب: أنت حرة، البسي النقاب في السوق، في الجامعة، في غيرها، فالأمر في ذلك واسع إن شاء الله.

    1.   

    إعطاء أهل الميت كفناً على أنه دين

    السؤال: شخص أعطى كفناً لميت بنية إرجاع الكفن، هل يجوز؟

    الجواب: نعم، لا مانع، لو كان في الحي جنازة في الليل البهيم الأليل، فأعطى الإنسان أهل ميت كفناً على أنه دين، هذا طيب، وهذا من صنائع المعروف، وهذا من تنفيس الكربة، وهذا عمل عظيم وهو مأجور، حتى لو كانت نيته أن يستعيد ذلك الكفن منهم، هو مأجور على ذلك.

    1.   

    الصلاة على الكرسي لمن لا يستطيع القيام

    السؤال: أصلي على كرسي؛ لأني كلما حاولت القيام أشعر بألم، فهل الصلاة صحيحة؟

    الجواب: نعم، إن شاء الله الصلاة صحيحة، يقول تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم )، ويقول: ( صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب )، فأنت أيها الشيخ السائل! لا تستطيع القيام حال الصلاة وتشعر بالألم، و لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، فصل على الكرسي، لكن إن كنت تستطيع الركوع فقم واركع، وإن كنت لا تستطيع أومئ، وإذا كنت تستطيع السجود فخر على الأرض ساجداً، وإذا كنت لا تستطيع فأومئ بالسجود، واجعل سجودك أخفض من ركوعك.

    1.   

    التصرف في المنزل وتأجيره ممن لا يحق له التصرف فيه

    السؤال: ما حكم أسرة تقوم بإيجار منزل ليس لهم حق التصرف فيه قانوناً؟

    الجواب: هذا يحال إلى القضاء، لكن ما ينبغي للإنسان أن يتصرف فيما لا يحق له التصرف فيه، أو كان محل نزاع.

    1.   

    تعلق روح الميت بالبدن بعد الموت

    السؤال: هل الميت إذا كان يدفن بيرحل؟

    الجواب: ما فهمت ما يريد السائل بهذا السؤال، لكن إذا كان يقصد بأن الميت يشعر، فقد قال علماؤنا بأن للروح تعلقاً بالبدن، وأكمل التعلقات إنما يكون يوم البعث، إذا دخل أهل الجنة الجنة، وأهل النار النار، فهذا هو التعلق التام؛ لأنه ليس بعده نوم ولا موت، كما قال ربنا عن أهل النار: لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا [فاطر:36]، وكما قال ربنا عن أهل الجنة: لا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ [الحجر:48]، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( هل في الجنة نوم؟ قال: لا، إنما النوم أخو الموت )، فليس في الجنة ولا في النار نوم ولا موت.

    وأما بعد ذلك تعلق الروح بالبدن والإنسان جنين في بطن أمه، ثم تعلق الروح بالبدن حين يخرج إلى هذه الدنيا، ثم تعلقها بالبدن حال النوم، ثم تعلقها بالبدن في القبر، هذه كلها أحوال، وأكملها كما قلت: إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ [العاديات:9-10].

    1.   

    حكم قول: (لا إله إلا الله الحفيان ولي الله)

    السؤال: أفتوني في قول: لا إله إلا الله، الحفيان ولي الله، والعلة في عدم قول ذلك؟

    الجواب: يا أيها الإخوة والأخوات! لا يصح أن نشهد لإنسان بولاية، ولا صلاح، ولا رحمة، ولا شهادة إلا على سبيل الظن الحسن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يمدحن أحدكم أخاه، وليقل: أحسبه كذا وكذا، والله حسيبه )، لا نقول: فلان الصالح التقي الولي النقي الحفي إلى غير ذلك من صفات المدح، فإن بعض الطلبة إذا درس على شيخ معين، فإنه يغالي في مدحه، فيصفه بأنه علامة الدهر، وفريد الزمان، نسيج وحده، وفريد دهره، العالم العلامة، والحبر الفهامة، التقي الولي، وبعض الناس كذلك إذا عاشر شيخاً من الشيوخ، أو سمع عنه شهد له بالولاية، ولربما يتجاوز فيشهد له بالجنة، وغير ذلك، هذا كله من الغلو الممقوت المخالف، فإن ما في القلوب لا يطلع عليه إلا الله عز وجل، فلا نشهد لمعين بجنة إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، والرسول صلى الله عليه وسلم شهد للعشرة: أبي بكر و عمر و عثمان و علي و سعد و سعيد و طلحة و الزبير و عبد الرحمن و أبي عبيدة رضوان الله على الجميع، وشهد للحسن و الحسين بأنهما سيدا شباب أهل الجنة، ولـبلال بن رباح و عبد الله بن سلام ، وشهد لـخديجة أم المؤمنين و عائشة رضوان الله على الجميع، فهؤلاء نشهد لهم، وغيرهم ممن شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما غيرهم فإن الإنسان الذي نرى عليه علامة التقوى، ومخايل الصلاح، فإننا نقول: نحسبه صالحاً، ولا نزكيه على الله، نحسبه تقياً، ولا نزكيه على الله، نحسبه من أهل الجنة، ولا نزكيه على الله، كما كان عبد الله بن عباس رضي الله عنه يقول عن تلميذه عكرمة ، وعن تلميذه قتادة بن دعامة السدوسي رحمة الله عليهما بأني أرى فلاناً وفلاناً من أهل الجنة.

    1.   

    استخدام الموسيقى في المديح

    السؤال: هل المديح بالموسيقى حرام؟

    الجواب: المعازف ممنوعة سواء كانت في المديح أو غيره، إلا الدف الذي أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم العيد، وفي يوم العرس، وعند قدوم غائب ونحوه يضرب به النساء فلا حرج.

    1.   

    حكم قول: (يا مغيث الأمة وشفيعها ويا مفرج كل ضيق) للنبي صلى الله عليه وسلم

    السؤال: ما رأي الدين في هذا المدح: يا مغيث الأمة وشفيعها، ويا مفرج كل ضيقة، يقصد النبي صلى الله عليه وسلم؟

    الجواب: هذا لا ينبغي؛ فإنه من الغلو الممقوت، النبي صلى الله عليه وسلم شفيع الأمة بغير شك، لكنه لا يشفع إلا بإذن الله جل في علاه، كما قال ربنا: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة:255]، وأخبر صلوات ربي وسلامه عليه بأنه يوم القيامة بعدما يرغب الناس إلى الأنبياء قبله، فيحيلون عليه، قال: ( فآتي فأسجد عند العرش، ويلهمني ربي محامد لم ألهمها قبل ذلك، ثم يقول: يا محمد! ارفع رأسك وسل تعطه، واشفع تشفع صلوات ربي وسلامه عليه، فيقول: يا رب! أسألك فصل القضاء بين الناس )، وهذه هي الشفاعة العظمى، والمقام المحمود الذي لا يشاركه فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل، ثم بعد ذلك يشفع صلى الله عليه وسلم في أهل الكبائر من أمته الذين دخلوا النار في أن يخرجوا منها، وفي أقوام وجبت لهم النار ألا يدخلوها، وأقوام دخلوا الجنة أن ترفع درجاتهم، وأقوام تساوت حسناتهم وسيئاتهم في أن يدخلوا الجنة، إلى غير ذلك من أنواع الشفاعات الثابتة.

    وأما كونه مغيثاً للأمة، وكونه مفرجاً لكل ضيق، فهذا مما لا ينبغي أن يوصف به إلا رب العزة جل جلاله، وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصف ببعض أنواعها، إلا أنه لا ينبغي إطلاقها في حقه صلوات ربي وسلامه عليه.

    1.   

    السلام على النبي دون إضافة كاف الخطاب في التشهد

    السؤال: في التشهد بعض الإخوان يقولون: السلام على النبي أصح من السلام عليك أيها النبي، فما صحة هذا القول؟

    الجواب: هذا القول اجتهاد من عبد الله بن مسعود أبي عبد الرحمن الهذلي رضي الله عنه، وقد خالفه في ذلك جمهور الصحابة، كان ابن مسعود يرى أن هذه اللفظة: السلام عليك أيها النبي تقال في حياته صلوات ربي وسلامه عليه، أما بعد مماته فيقال: سلام على النبي، أو السلام على النبي ورحمة الله وبركاته، لكن كما قلت: هذا اجتهاد منه، وجمهور الصحابة على الوقوف على ما لقنهم إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قولهم: ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ).

    1.   

    القنوت في الصلاة بين الوجوب والسنية

    السؤال: أسأل عن القنوت هل هو واجب أم سنة؟

    الجواب: هذه مسألة من المسائل التي كثر فيها كلام أهل العلم، هل القنوت مسنون في الوتر كما يقول الحنفية والحنابلة، أو في الصبح كما يقول المالكية والشافعية، أو يسن فقط عند النوازل في الركعة الأخيرة من الصلوات الخمس، وهذا أمر فيه كلام طويل، وينبغي أن يكون الناس على مذهب إمامهم، فإن قنت قنتوا معه، وإن لم يقنت تركوا.

    1.   

    زيادة لفظ: (سيدنا) في الصلاة الإبراهيمية

    السؤال: أيهما أصح: اللهم صل على سيدنا محمد، أم اللهم صل على النبي محمد، في الصلاة الإبراهيمية؟

    الجواب: هذا صواب وهذا صواب، فمن اقتصر على اللفظ الوارد: ( اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد )، فهو مأجور إن شاء الله، وموافق للسنة، ومن رأى أن الأدب كما يقول الشافعية يقتضي زيادة لفظ السيادة فلا حرج عليه إن شاء الله وصلاته صحيحة، أما الحديث الذي يروى: ( لا تسيدوني في صلاتكم )، فهو خطأ من ناحية اللفظ، وهو كذلك من ناحية السند موضوع، أما من ناحية اللفظ فكان المقتضى أن يقال: لا تسودوني، وأما من ناحية السند فكما ذكرت بأنه مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    والأمر في ذلك واسع، ولا خلاف بين المسلمين قاطبة على تعدد مذاهبهم في أن النبي صلى الله عليه وسلم هو سيد ولد آدم، كما قال عن نفسه: ( أنا سيد ولد آدم ولا فخر، آدم فمن دونه تحت لوائي يوم القيامة ).

    1.   

    الاعتقاد في الأولياء أنهم ينفعون ويضرون ويعلمون الغيب

    السؤال: ما حكم من يعتقد في أولياء الله النفع والضر، وأنهم يعلمون الغيب؟

    الجواب: هذا مسكين، فعلم الغيب ليس إلا لرب العالمين جل جلاله، وسيد الأولياء والأنبياء، وخير الناس وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم قال الله له: قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ [الأنعام:50]، وفي الآية الأخرى: قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ [الأعراف:188]، فنبينا صلى الله عليه وسلم ما كان يعلم من الغيب إلا ما علمه الله، فمن دونه من الناس من باب أولى، فما ينبغي لك أيها المسلم! أن تعتقد أن نبياً أو ولياً أو صالحاً، أو ملكاً يعلم الغيب بإطلاق، هؤلاء جميعاً لا يعلمون من الغيب إلا ما علمهم الله إياه، قال تعالى: عَالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا [الجن:26-27]، وكذلك النفع والضر بيد الله جل في علاه سبحانه وتعالى، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم: ( لو اجتمعت الأمة على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف ).

    1.   

    حكم قول: (المرحوم فلان) للميت

    السؤال: ما رأي الدين فيما يقال للميت: المرحوم فلان؟

    الجواب: هذا على سبيل التفاؤل إن شاء الله، وليس على سبيل الجزم، فيقال: المرحوم فلان، أو المغفور له فلان، وإنما يقال ذلك تفاؤلاً بأن تدركه رحمة الله، وليس على سبيل الجزم، فإن نبينا صلى الله عليه وسلم علمنا ألا نجزم، فلما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه، ( قالت أم حارثة : هنيئاً لك الجنة أبا السائب! فشهادتي: أن الله قد أكرمك، فقال لها صلى الله عليه وسلم: وما يدريك؟ قالت: والله لا أزكي أحداً بعده يا رسول الله! فقال لها: والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل الله بي )، صلوات الله وسلامه عليه، لكن لو قلنا هذا على سبيل التفاؤل برحمة الله جل جلاله ومغفرته أن تدرك فلاناً من الناس، فلا حرج في ذلك والعلم عند الله تعالى.

    مرحباً بأول اتصالات هذه الليلة.

    المتصل: عندي أربعة أسئلة:

    السؤال الأول: في الآية الكريمة ربنا سبحانه وتعالى يقول: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:87] هذه الآية ما تفسيرها، فذو النون من الأنبياء، والأنبياء هم أعلم بالله.

    السؤال الثاني: أنتم تستدلون بالأرصاد الجوية، مثلاً تقول: متوقع يحصل كذا، ومتوقع يحصل كذا، تقولون مثلاً: الشمس سوف تكسف في كذا، أو ستهبط أمطار في كذا، وفي الحديث: ( كذب المنجمون ولو صدقوا )، فالمنجم يستند لعلم معين، وكذلك الأرصاد يستندون إلى أشياء معينة، فيخبرون مثلاً أنه ستنشط الرياح ونحوه.

    السؤال الثالث: ربنا سبحانه وتعالى في الآية قال: هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ [المنافقون:4] وقال: وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً [النساء:102] فهل الحذر ينجي من القدر؟

    السؤال الرابع: أنا أشتري البضاعة لأبيعها، وأشتريها بسعر أقل، فيتغير السوق، وتزيد القيمة فهل أبيعها بنفس السعر القديم، أو أبيعها بسعر الزيادة؟

    الشيخ: طيب، شكراً.

    المتصل: عندي سؤال: أنا اختلفت مع زوجي، من حوالي سنة كاملة، وهو لا يصرف على بيته ولا عليّ، وهو رجل ليس بجيد، فطالبت بالطلاق، فطلقني، ثم أنكر الطلقة، فهل أنا مطلقة، أم غير مطلقة؟ مع العلم أنه يشرب الخمر، ويزني وأي أمر محرم يخطر على باله يعمله، وأنا خفت منه على حياتي، فطلبت منه الطلاق، ولا أطيقه في بيت أبي، فهل أحاسب على هذا أم لا؟

    الشيخ: طيب، شكراً.

    المتصل: عندي سؤالان: السؤال الأول: كيفية سجدة الشكر، وهل تحتاج إلى وضوء وطهارة، وكيفية أدائها، وهل يشترط استقبال القبلة؟

    السؤال الثاني: أنا سبق لي أن حجيت حج الفريضة، ونحن عندنا نظام القرع في المؤسسة، فإذا وقعت لي القرعة، هل يجوز لي أن أهب الحجة هذه للوالد، أو لا بد أن أحج عنه ومن نفقتي، ولا آخذ المال من المؤسسة؟

    الشيخ: طيب، سنجيبك.

    السؤال: ما تفسير الآية التي في سورة الأنبياء: وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ [الأنبياء:78]؟

    الشيخ: طيب أبشر.

    المتصل: أنا عليّ أربعة شهور من رمضان ما صمتها إلى حد الآن، ورمضان الجاي أنا سأكون مرضعة، فكيف أصوم؟

    الشيخ: أبشري إن شاء الله.

    1.   

    معنى قوله: (فظن أن لن نقدر عليه)

    الشيخ: بالنسبة لأسئلة أخينا أبي بكر الصديق من الجزيرة بارك الله فيه يسأل عن قول ربنا جل جلاله في سورة الأنبياء: وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ [الأنبياء:87] وذو النون عليه السلام هو يونس بن متى الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالعبد الصالح، والذي قال عنه: ( ما ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى ) عليه الصلاة والسلام، ولقب بذي النون؛ لأن النون قد ابتلعه، والنون هو الحوت، يقول الله عز وجل: إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا [الأنبياء:87]، أي: مغاضباً لقومه، فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ [الأنبياء:87] هاهنا (فظن أن لن نقدر عليه) ليس من القدرة، وإنما من القدر، والقدر بمعنى التضييق، فظن أن لن نضيق عليه، أن لن نعاقبه، فالقدر هنا بمعنى التضييق، ومنه قول الله عز وجل: وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ )) أي: ضيق عليه رزقه، فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ [الطلاق:7]، وقول الله عز وجل: وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ [الفجر:16] فقدر أي: ضيق عليه رزقه، فهاهنا ذو النون عليه السلام ما شك في قدرة الله، معاذ الله! وإنما ظن صلوات الله وسلامه عليه أنه لو خرج مغاضباً لقومه دون أن يأذن له الله بالخروج أن ذلك لن يترتب عليه عقوبة ولا تضييق.

    1.   

    تمثل الشيطان ليونس عليه السلام

    الشيخ: أما ما ذكره أخونا أحمد الذي اتصل من الأبيض أن الشيطان قد تمثل ليونس عليه السلام، فنقول: هذا لا يصح، فالشيطان ليس له سلطان على الأنبياء، كما قال ربنا جل جلاله على لسان إبليس لعنه الله: فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ [ص:82-83]، وهناك قال الله عز وجل عن يوسف عليه السلام: كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ [يوسف:24]، وحتى نبينا صلى الله عليه وسلم ذكر أن الجني الذي وكل به قد أعانه الله عليه فأسلم، فليس للشيطان سلطان على الأنبياء، لا في اليقظة ولا في المنام، وهذا أصل ينبغي أن نعظ عليه من أجل أن نطرح كل الروايات التي تقدح في الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، فتزعم بأن الشيطان قد استولى على خاتم سليمان، أو أن الشيطان قد أدخل في قراءة النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي يرويه بعض الناس فيما يسمى بقصة الغرانيق، أو أن الشيطان قد تمثل ليونس عليه السلام ونحو ذلك.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث...) إلى قوله: (...وكلاً آتينا حكماً وعلماً)

    الشيخ: وسؤال أخينا أحمد من الأبيض أيضاً عن قول ربنا جل جلاله: وَدَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ * فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء:78-79]، نقول: قد بين النبي عليه الصلاة والسلام أنه قد انطلقت غنم فدخلت في بستان رجل فنفشت فيه، أي: أفسدت نظامه، وخربت نسقه، فتخاصم صاحب البستان مع صاحب الغنم إلى داود عليه السلام، فحكم داود بأن تدفع الغنم لصاحب البستان ضماناً، يعني: من باب التعويض جزاءً له على أنه أهمل في غنمه حتى نفشت في بستان ذلك الرجل، فقال له ولده سليمان عليه السلام: أوغير ذلك يا نبي الله؟! يعني: هناك حكم أفضل وأوفق، قال: وما ذاك؟ قال: ندفع الغنم لصاحب البستان ينتفع بلبنها وصوفها، وندفع البستان إلى صاحب الغنم يصلحه، حتى إذا عاد كليلة نفشت فيه الغنم نرد البستان إلى صاحبه، والغنم إلى صاحبها، فقال له: القضاء ما قضيت، فأثنى ربنا جل جلاله على حكم سليمان فقال: فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ [الأنبياء:79]، وأثنى على داود فقال: وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا [الأنبياء:79]، يعني: كلاهما عالم، كلاهما قاضٍ حاكم، ولكن قضاء سليمان كان أفضل، وقد استدل أهل العلم بهذه الآية على أن المجتهد مأجور أصاب أو أخطأ، كما قال عليه الصلاة والسلام: ( إذا اجتهد الحاكم -أي: القاضي- فأصاب فله أجران، وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد )، ومثله أيضاً المفتي، وكل من يتحرى الصواب، إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فليس مأزوراً ولا معاقباً، بل له أجر واحد، وكان بعض عباد الله الصالحين يدعو فيقول: اللهم يا معلم آدم علمني، ويا مفهم سليمان فهمني.

    1.   

    الاستدلال بكلام أصحاب الأرصاد الجوية وعلاقتهم بالمنجمين

    الشيخ: السؤال الثاني لـأبي بكر الصديق بارك الله فيه، يقول: بأنكم تستدلون بما يقوله أصحاب الأرصاد الجوية بأن غداً الجو صحو مشرق، أو أن غداً الجو غائم ممطر، أو أن رياحاً شرقية ستهب من جهة كذا، أو أن أمطاراً غزيرة ستهطل على مدينة كذا ونحو ذلك، ويقول: بأن هذا يلحق بقوله صلى الله عليه وسلم: ( كذب المنجمون ولو صدقوا )، نقول: لا يا عبد الله! فالمنجم يرجم بالغيب، ما عنده علم، ولا عنده كذا، إما أنه يضرب الودع، أو يخط في الرمل، أو يقرأ الكف، أو الفنجان، أو ينظر في النجوم، ونحو ذلك، ويستدل بها اعتقاداً منه -قبحه الله- أن هذه النجوم لها تصرف في الكون، أو لها تأثير، وهذا من أبطل الباطل وأقبح الكذب، أما صاحب الأرصاد الجوية فإنه يستدل بالعلم الذي آتاه الله إياه، كما قال ربنا سبحانه: هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ [يونس:5-6]، فالاستدلال بالعلم الذي آتانا الله إياه من أجل أن نتعرف على ما يكون غداً من مطر أو غيم أو فيضان أو كسوف، أو خسوف، أو غير ذلك، لا مانع منه شريطة ألا نعتقد في صاحب الأرصاد الجوية بأنه يعلم الغيب، ولذلك الحس والواقع يشهد بأنه في نشرة الأخبار يقال: بأن غداً الجو صحو مشرق، ثم نفاجأ بأن أمطاراً غزيرة قد هطلت، وترتب عليها إتلاف للأنفس والممتلكات، وقد يقال: بأن أمطاراً غزيرة قد تهطل، ثم لا يأتي شيء، فهذا مجرد ظن بناءً على معطيات علمية، وأدلة واقعية، ولا يدعي صاحب الإرصاد بأنه يعلم الغيب.

    1.   

    الجمع بين أخذ الحذر من الأعداء والإيمان بالقدر

    الشيخ: وأما سؤاله عن قول ربنا: هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ [المنافقون:4]، وقول ربنا: وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً [النساء:102] بعدما قال: وَخُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:102]، فيقول: هل الحذر ينجي من القدر؟

    نقول: لا، ما قدره الله كائن، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، لكننا مأمورون بالأخذ بالأسباب، وقد تعلمنا هذا من نبينا عليه الصلاة والسلام، ( فإنه لا ينجي حذر من قدر )، لكن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ حذره، فكان في المعارك يلبس البيضة (الخوذة)، وكان يظاهر بين درعين صلوات الله وسلامه عليه، وكذلك في رحلة الهجرة أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالحذر في السرية والكتمان، وأخذ بالحذر في الاختباء في غار ثور، وأخذ بالحذر في مخالفة الطريق الذي اعتاده الناس، وأخذ بالحذر صلوات ربي وسلامه عليه حين طلب من عامر بن فهيرة أن يرعى الأغنام من أجل أن يعفي الآثار، ونحو ذلك من أنواع الحذر التي أمرنا بأن نأخذ بها من باب الأخذ بالأسباب، مع اعتقادنا أن ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

    1.   

    بيع البضاعة المشتراة قبل ارتفاع السعر بالسعر الجديد المرتفع

    السؤال: يقول أبو بكر : إنه يشتري بضاعة، ثم بعد ذلك تبقى عنده حيناً من الدهر فيغلو سعرها، ويرتفع ثمنها، هل يجب عليه أن يبيع بالسعر الأول؟

    الجواب: نقول: لا، فهذا قانون العرض والطلب، وهذه هي التجارة القائمة على الربح والخسارة، ولربما أيضاً يحصل العكس تهبط الأسعار، وينطفئ لهيبها، وبعدما اشتريت قطعة أرض مثلاً بمئات الألوف من الجنيهات تصبح لا تساوي إلا شيئاً قليلاً، أو سلعة من السلع يعلو سعرها، ثم بعد ذلك يهبط فجأة، فالأمر في ذلك واسع، وهو داخل في عموم قول الله عز وجل: إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ [النساء:29]، وقول الله عز جل: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275].

    1.   

    بقاء الزوجة عند الزوج الذي يسب الدين

    الشيخ: وأما أم محمد المصطفى التي اتصلت من ربك، وذكرت بأن زوجها يسب الدين، فنقول: إذا كان الزوج أو الزوجة أحدهما يسب دين الله فإن سب الدين كفر مخرج من الملة، فإذا حصل من أحد الزوجين سب للدين، فلا يحل للآخر أن يبقى معه، بل العقد ينفسخ تلقائياً، وهذا الكلام اسمعوه إخوتي وأخواتي! وليبلغ الشاهد الغائب بأن سب الدين كفر مخرج من الملة، فمن سب دين الله فقد كفر، وكذلك من سب الله، أو سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو سب واحداً من الأنبياء المجمع على نبوتهم، أو سب واحداً من الملائكة المجمع على ملائكيتهم، فهذا كله كفر بالله العظيم، ومن تاب تاب الله عليه، لكن صاحبنا هذا قد جمع الشر من أطرافه، وهي كما تقول: يسب الدين، ويشرب ويزني، وكذا وكذا، فلا خير لك في البقاء معه، فكوني حيث أنت في بيت أبيك حتى يكتب الله لك خلاصاً، ويغنيك من فضله إنه أرحم الراحمين، وأكرم الأكرمين.

    1.   

    اشتراط الطهارة لسجود الشكر

    السؤال: أختنا أم سليمان بارك الله فيها سألت عن سجدة الشكر هل تحتاج إلى طهارة؟

    الجواب: نعم، عند أكثر العلماء سجود التلاوة وسجود الشكر يفتقران إلى ما تفتقر إليه الصلاة من طهارة الحدث، وطهارة الخبث، وستر العورة، واستقبال القبلة، وبعض أهل العلم ومنهم الإمام أبو العباس بن تيمية رحمة الله عليه يرى بأن هذه ليست صلاة كاملة، فلا تشترط لها شروط الصلاة، فيصح للإنسان أن يسجد على غير طهارة سواءً للشكر أو للتلاوة.

    1.   

    إهداء أجر الحج للوالد المتوفى إذا كان الحج هبة من جهة خاصة

    السؤال: سؤالها الثاني: بأن القرعة لو وقعت لها، وهي قد حجت حجة الفريضة، فهل يصح لها أن تهب هذه الحجة لوالدها الذي توفي؟

    الجواب: نقول: نعم، لا مانع من هذا إن شاء الله، والثواب يصل إلى والدك، فهذه القرعة ليست إلا هبة من الجهة التي أوقعتها عليك، فيصح لك أن تهبي الثواب أو تهبي تلك الحجة لوالدك المتوفى، أو لغيره من المسلمين ممن توفاهم الله عز وجل.

    1.   

    القضاء على الحامل التي عليها أربعة رمضانات

    الشيخ: وأما أختنا أفراح من أمبدة فقد ذكرت بأن عليها شهوراً أربعة ما صامتها، وهي الآن مرضع، فنقول: نسأل الله أن يبارك لك في رضيعك، وأن يعينك على إتمام الرضاعة، وأن بأجرك على ذلك الأجر العظيم، ومطلوب منك يا أفراح! أن تقضي ما عليك متى ما يسر الله لك ذلك؛ لأن الذي عليه جمهور العلماء أن الحامل والمرضع، والنفساء، هؤلاء جميعاً كالمريض والمسافر، والحائض، قال الله عز وجل: فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184]، قالوا: إذا أوجب الله القضاء على المريض فمن باب أولى القضاء واجب على الحامل والمرضع، وأما ما يروى عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما بأن على الحامل والمرضع الإطعام، فقالوا: لم يذكر القضاء؛ لأنه كان معلوماً، يعني: كأن ابن عباس رضي الله عنهما كان يرى أن عليهما القضاء والإطعام معاً، فذكر الإطعام ولم يذكر القضاء لشهرته، ولاستغنائه عن الذكر. خلاصة ما هنالك أن الذي عليه جمهور العلماء بأن الحامل والمرضع عليهما القضاء.

    المتصل: عندي أربعة أسئلة:

    السؤال الأول: أسأل يا دكتور! عن مسلم صلى مع مسيحيين فقد كانوا في ورشة عمل مشتركة، وأغلبها من المسيحيين، وكان يوم الأحد، فقالوا: بمناسبة الورشة نقوم نصلي في محل الورشة، وعندنا جزء من زملائنا صلوا معهم، يعني: شاركوهم في الصلاة.

    السؤال الثاني: رجل ذبح ذبيحة، ونسي أن يذكر اسم الله، فلا كبر ولا سمى، ولم يتذكر إلا متأخراً.

    السؤال الثالث: والدي توفي وعليه شهر وستة أيام ما صامهم، فقد كان مريضاً لفترة طويلة جداً.

    السؤال الرابع: في بعض الأوقات أنا أصلي في البيت، وتصلي معي زوجتي في مصلاية واحدة، هل الصلاة هذه جائزة أم لا، وهناك جامع قريب من البيت؟

    الشيخ: أبشر أبشر يا رشيد! جزاك الله خيراً.

    السؤال: أنا ذهبت إلى العمرة في رمضان، فهل أخرج زكاة الفطر في السعودية أم في السودان؟

    الشيخ: نسأل الله أن يبلغنا زكاة الفطر، طيب طيب إن شاء الله.

    1.   

    أكل الذبيحة لمن نسي أن يسمي الله عليها

    الشيخ: بالنسبة لأسئلة الرشيد حقيقة هي من العجب العجاب، وأبدأ بأيسرها، من ذبح ونسي أن يذكر اسم الله، فما فيه شيء، الذبيحة تؤكل إن شاء الله، والذي عليه أكثر العلماء أن من ترك التسمية نسياناً فإن ذبيحته تؤكل، أما من تركها عمداً فلا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأن الناسي لا يؤاخذه الله عز وجل، وقد علمنا ربنا أن ندعوه فنقول: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286]، فتؤكل هذه الذبيحة.

    1.   

    القضاء عن الميت الذي مات وعليه صيام شهر وعشرة أيام

    الشيخ: وبالنسبة للوالد رحمة الله عليه هو يقول: بأنه كان مريضاً لمدة طويلة، ومات وعليه شهر وستة أيام، نقول: إذا جاءه شهر رمضان وهو مريض، ثم استمر به المرض إلى أن توفاه الله، فما عليكم شيء؛ لأنه لم يتمكن من القضاء، أما بالنسبة للأيام الستة إذا كانت من سنوات خلت، وقد تمكن من القضاء ولم يقض، فأنتم مخيرون إما أن تصوموا عنه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( من مات وعليه صيام صام عنه وليه )، وإما أن تطعموا عنه، وعند علمائنا المالكية: الإطعام أفضل؛ لأن نفعه يتعدى، أما إذا كان الستة أيام أيضاً في العام الذي قبله مع بداية المرض واستمر به المرض حتى أتى عليه رمضان الذي بعده فما عليكم شيء أيضاً.

    1.   

    صلاة الرجل في بيته مع زوجه جماعة

    الشيخ: أما كونك تصلي في البيت مع زوجتك أحياناً فلا مانع، شريطة ألا تتخذ ذلك عادةً، فإن الرجل ينبغي أن يصلي في المسجد، لكن هو بارك الله فيه ذكر أنه أحياناً يأتي متأخراً، أو أحياناً يكون مرهقاً، فيصلي بزوجته في البيت تحصيلاً لأجر الجماعة، فنقول: هذا لا بأس به، لكن لا تقف إلى جوارك، وإنما تصلي الزوجة من ورائك، وتصلي بصلاتك ولا مانع من هذا إن شاء الله.

    1.   

    مشاركة بعض المسلمين للنصارى في صلاتهم

    الشيخ: ونأتي إلى المسألة العويصة، والداهية الدهياء، والمصيبة الكبيرة التي تدل على ضلالة عمياء وقع فيها بعض الناس، يقول: بأن النصارى قاموا يصلون فقام معهم بعض المسلمين يصلي، ما شاء الله كأن دينهم كوكتيل، أو تشكيلة، نصلي مع المسلمين ونصلي مع النصارى، نقول: ما عندي شك في أن هؤلاء قد فعلوا ذلك جهلاً، وإلا لو فعلوه عمداً فإن هذا -والعياذ بالله- ردة، يعني: إنسان يقوم يصلي مع أناس ينسبون إلى الله الولد، ويعتقدون عقيدة شركية بنص القرآن، قال الله عز وجل: وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ [التوبة:30]، وقال في الآية الأخرى: اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ [التوبة:31]، فما ينبغي للمسلم أن يشارك في شيء من هذا، بل كما قال ربنا: لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ [الكافرون:6]، فالمسلم متميز بدينه، متميز بمعتقده، متميز بصلاته، متميز بشعائره، وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التشبه بهم حتى في عباداتنا، يعني: رغم أن المسلم يصلي صلاته لله عز وجل، ويصوم صيامه لله، وسائر الأركان يأتي بها لله، لكن النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها؛ لئلا نتشبه بالمشركين الذين يسجدون للشمس، حتى لو كنت تصلي لله نفلاً فإنه ممنوع، ونهانا صلى الله عليه وسلم كذلك عن التشبه بهم في هيئة صلاتنا، وأمرنا أن نرفع أصواتنا بآمين، ونهانا عن التخصر، أو الاختصار في الصلاة، كذلك لما أمرنا بأن نصلي في النعال علل ذلك بمخالفة هؤلاء القوم، وقل مثل ذلك في الصيام: ( فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر )، وقس على ذلك، تجد هذه سنة مفترضة في أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بمخالفتهم، حتى في الأمور المباحة، مثلاً في معاشرة النساء، ما تشبهنا باليهود الذين يعتزلون المرأة حال كونها حائضاً فلا يؤاكلونها، ولا يشاربونها، ولا يجالسونها، ولا يضاجعونها، ونهانا عن التشبه بالنصارى الذين يأتونها حال الحيض، فجاء الإسلام بالأمر الوسط: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ [البقرة:222]، قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اصنعوا كل شيء إلا النكاح )، يعني: يجوز لك مؤاكلتها ومجالستها، ومضاجعتها والاستمتاع بها، لكن ممنوع إتيانها في الفرج.

    فلذلك أقول بأن هؤلاء الناس ينبغي لهم أن يستغفروا الله عز وجل مما كان، وأن يحرصوا على أن يلتزموا شعائر الإسلام، وأن يعرفوا حقائق الإيمان، وأن يتعلموا محكمات دينهم لئلا يقعوا في مثل هذا الخطأ الشنيع، والعمل الفظيع، وأسأل الله أن يتوب علينا أجمعين.

    1.   

    الجمع بين الجمع والقصر في السفر

    السؤال: هل يجوز في السفر أن أجمع ما بين الجمع والقصر في الصلاة؟

    الجواب: نعم يجوز لك أن تقصر وتجمع بين الصلاتين المشتركتين في الوقت، وتصلي الظهر والعصر معاً جمعاً وقصراً، وتصلي المغرب والعشاء معاً جمعاً وقصراً إن تقديماً أو تأخيراً بحسب ما يتيسر لك.

    1.   

    وجود الوزغ في البيت وفي أماكن الصلاة وقراءة القرآن

    السؤال: في بيتنا وزغ كثير، خاصة في المكان الذي نقرأ فيه القرآن، ونصلي فيه، وتعمل الأصوات، هل هذه طبيعية؟

    الجواب: هذه طبيعية، والأوزاغ مطلوب منا قتلها، وقد أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أن ( من قتلها في الضربة الأولى فله مائة حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله دون ذلك )، فباشر قتلها أيها السائل! واستعن بالله عليها، ولا تتعلق بخرافات، هي ليست إلا أوزاغاً، ونسأل الله أن يخلصك منها.

    نقف عند هذا الحد إن شاء الله، أسأل الله أن يجمعنا على الخير مرة بعد مرة، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755987287