بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

إخوتي وأخواتي! السلام عليكم ورحمة الله, وأحمد الله الذي هيأ لنا اللقاء في حلقة جديدة في هذه الساعة الأخيرة من يوم الجمعة, ولعلها ساعة إجابة, أسأل الله عز وجل أن يتقبل منا الصيام والقيام والقرآن, وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم, وأن يبارك لنا فيما بقي من رمضان, وأن يتقبل منا ما مضى, وأن يجعلنا من خير عباده الصائمين, ومن خير عباده القائمين, ومن خير عباده الذاكرين الشاكرين, وأن يتوب علينا أجمعين, إنه أرحم الرحمين وأكرم الأكرمين.

إخوتي وأخواتي! اغتنموا هذه الساعة الأخيرة من يوم الجمعة، فهي ساعة الإجابة في قول جمع من أهل العلم, وأبدأ بالإجابة عن الأسئلة التي وردت كتابةً.

السؤال: ما الحكم في شخص تسحر وبعد ذلك سمع الإقامة؟

الجواب: يلزمه القضاء؛ لأنه أكل بعد طلوع الفجر مخطئاً, والله عز وجل قال: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5], فمن أكل بعد طلوع الفجر خطأً، أو قبل غروب الشمس خطأً، فقد انتفى عنه الإثم ولزمه القضاء.

السؤال: أنا حججت، وكل فترة الحج وأنا حائض, وقد قمت بكل المناسك, ولكن حز في نفسي عدم صلاتي في الروضة الشريفة, فهل حجتي صحيحة؟

الجواب: نعم, إن شاء الله حجتك صحيحة, ويعلم الله عز وجل من نيتك بأنك تحبين الصلاة في المسجد النبوي، وتحبين الصلاة في الروضة الشريفة, لكنه قدر عليك أمراً كتبه على بنات آدم, وليس عليك في ذلك شيء, وإنما يكتب الله لك الأجر؛ لأن نبينا عليه الصلاة والسلام قال: (إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً).

السؤال: هل يجوز بيع الطعام في نهار شهر رمضان؟

الجواب: مقتضى قول ربنا جل جلاله: وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [المائدة:2], بأنه لا يجيز بيع الطعام في نهار رمضان, اللهم إلا من علم بأنه غير مكلف بالصيام, كصبي صغير، وشيخ كبير، ومريض مرضاً مزمناً, أما من يبيع لهؤلاء الفتية الأقوياء، والشباب الأصحاء، من أجل أن ينتهكوا حرمة الشهر, فلا شك أنه متعاون معهم على الإثم والعدوان.

السؤال: بالنسبة للحداد بعد الثلاثة أيام، أمارس حياتي بشكل طبيعي إلى حد ما, فأكتحل وأفعل المعقول مراعاة للمشاعر, لكني لا أختضب إلا بعد مرور أسبوعين أو أكثر بأيام, هل عليّ إثم؟

الجواب: لا. ليس عليك إثم إن شاء الله, طالما أنكِ فعلت شيئاً مما تخرجين به عن كونك حادة, فقد انتفى عنك الإثم, فقد ثبت أن أم حبيبة رضي الله عنها لما مات أبوها حدت عليه ثلاثة أيام ثم دعت بطيب فمست عارضيها, وقالت: (والله ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث, إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ), بمعنى: أنه ليس مطلوباً من المرأة بأن تتطيب وتكتحل وتختضب، وتلبس حليها وثياب زينتها من أجل أن تفك الحداد, بل لو فعلت شيئاً واحداً يكفيها.

السؤال: امرأة طهرت بعد الشروق، فهل تغتسل وتصلي الصبح أم تصلي الصبح مع الظهر؟

الجواب: لا تصلي الصبح أصلاً؛ لأنه لم يجب عليها, فإذا طهرت بعد الشروق فإنها تغتسل وتستقبل صلاة الظهر, أما صلاة الصبح فقد خرج وقتها الضروري.

السؤال: ما هو حد اللحية؟ وما هي سنة الشارب؟

الجواب: أما اللحية فالسنة توفيرها وإيفاؤها وإكرامها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان كث اللحية، تملأ لحيته صدره. وأما الشارب فالسنة قصه لا حلقه, بمعنى: أن الإنسان يحفه بحيث يظهر طرف الشفتين أو طرف الشفة العليا, ولكن لا يحلقه، أي: لا يجزه جزاً؛ لأن رواية الحف تفسرها رواية القص.

السؤال: أدركت الإمام في الوتر, ودخلت معه بنية العشاء, فهل صلاتي صحيحة؟

الجواب: نعم صحيحة؛ لأن صلاة المفترض خلف المتنفل تصح على الراجح من أقوال أهل العلم.

السؤال: هل السلام على المرأة الأجنبية وهي واضعة على يدها ثوباً حرام وفيه إثم؟

الجواب: لا ينبغي للمرأة أن تسلم على الرجل، ولا للرجل أن يسلم على المرأة، حتى لو كان من وراء حائل, ولو وضعت على كفها ثوباً أو شيئاً آخر, فهذا أيضاً لا يبيح مصافحتها، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم, وهو الذي قال: (إني لا أصافح النساء).

السؤال: ما حكم حنة الصفد للشعر في نهار رمضان بالنسبة للمرأة؟

الجواب: الحناء لا تفسد الصيام.

السؤال: هل العطور تفطر؟

الجواب: لا تفطر, العطر لا حرج في استعماله في نهار رمضان؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (وحبب إليّ الطيب والنساء، وجعلت قرة عيني في الصلاة), فلا مانع أن الإنسان يتعطر في نهار رمضان, ولو كان محظوراً لنبهنا عليه نبينا عليه الصلاة والسلام.

السؤال: ما حكم تسوير القبر بالطوب الأحمر أو البلك أو غيره؟

الجواب: لا يجوز تسويره؛ لأن ( النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن البناء على القبور, ونهى عن تجصيصها ), ثم إن في ذلك تضييقاً للمقابر على المسلمين, يعني: لو أني سورت قبري، وأنت سورت قبرك، فهذا سيضيق المقابر على المسلمين, والمقابر محبسة للنفع العام للمسلمين, وليست هي ملكاً لفلان أو فلان من الناس, والإنسان إذا وضع في قبره فقد صار هذا القبر حبساً عليه, يعني: صار بيته الذي يسكنه في عالم البرزخ مثلما ما كان بيته في الدنيا حبساً عليه, قال الله عز وجل: أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا * أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا[المرسلات:25-26], أي: تكفتكم على ظهرها أحياءً وفي بطنها أمواتاً.

السؤال: ما حكم الجمارك؟

الجواب: الجمارك لا تجوز، وهي من أكل أموال الناس بالباطل, وهي من المكوس التي كان أهل الجاهلية يفرضونها، وفي ديننا لا ينبغي أن تفرض هذه الجمارك.

السؤال: أنا امرأة متزوجة، أبلغ من العمر أربعين سنةً، والدورة الشهرية تستمر معي في الثلاث سنوات الأخيرة ما بين اثني عشر إلى سبعة عشر يوماً, وأنا لا أتذكر مواعيدها قبل هذا المرض, فما حكم الصيام بالنسبة لي؟ وما حكم الصلاة؟

الجواب: المرأة أقصى حيضها خمسة عشر يوماً، ولا زيادة, وأقل الطهر خمسة عشر يوماً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تمكث شطر عمرها لا تصلي), ولذلك أيتها السائلة! لا يوجد حيض يستمر سبعة عشر يوماً، ولا ستة عشر يوماً, وأنتِ ارجعي إلى عادتك الأولى, مثلاً كانت سبعة أيام, إذاً مطلوب منك في هذه الأيام السبعة التي تميزين بها دم الحيض بلونه ورائحته, مطلوب منك الامتناع عن الصلاة والصيام, وما زاد عن ذلك إنما هو دم علة وفساد, ولا يترتب عليه حكم، سوى أن تتوضئي لكل صلاة بعد دخول وقتها.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: أنا أسأل يا شيخ عن إنسان تابع لمؤسسة معينة مثلاً في الدولة، فقامت هذه المؤسسة فقالت: نعطيك هذه السنة إن شاء الله حجة، وهنا أسأل: هل هذه الحجة صحيحة أم فيها شيء؟

السؤال الثاني: نحن قاعدون في منطقة إجليج، ونحن عساكر هناك، فهل يجوز لنا أن نقصر الصلاة أم لا يجوز؟

الشيخ: طيب أبشر.

المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: أنا يا مولانا! أسأل عن الحجامة في نهار رمضان, هل تفطر أم لا؟

السؤال الثاني: هناك أناس يتبرعون بالدم في نهار رمضان, فهل هذا يفطر أم لا يفطر؟

السؤال الثالث: الحقنة بالوريد في نهار رمضان هل تفطر أم لا تفطر؟

الشيخ: أبشر يا عمر .

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: أنا عندي متجر، وكان المفترض أن أجرد في شعبان وأخرج الزكاة، وبسبب بعض الظروف ما قدرت أن أجرد في شعبان، والآن حل رمضان أيضاً ولا أستطيع الجرد، وإن شاء الله أجرد في شوال، وأريد أن أخرج الزكاة فهل يجوز أن أخرجها من غير جرد؟

السؤال الثاني: عندنا صندوق (جمعية) به ثلاثون ألف جنيه, هل تجب فيها الزكاة أم لا؟

الشيخ: طيب.

المتصل: امرأة توفي زوجها فحدت في بيت أبيها، فهل عليها شيء؟

الشيخ: طيب.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: الأشهر الحرم كانت في صدر الإسلام معظمة، وهناك أشياء تعمل فيهن، وأشياء لا تعمل فيهن, وفي زماننا هذا الأشهر الحرم ليس لها شيء في عملنا الديني, فنرجو منك أن تحدثنا عن هذه الأشهر.

السؤال الثاني: أنا في منطقة ربك، والبعوض عندنا بصورة مزعجة لا تتخيلها، فهل يمكن أن يكون سبباً للإنسان في ترك صلاة الجماعة؛ لأن مساجدنا في هذه المنطقة ليس فيها مكيفات، والبعوض بكميات كثيرة جداً، وفي البيت تستطيع أن تغلق بيتك وأن تشغل لك مروحة، أو ترش دخاناً, لكن في المساجد البعوض مزعج جداً. وأنا عندي دعاء أدعو به، أقول: اللهم أذهب البعوض، واهزم اليهود، فهل يصح هذا الدعاء؟

الشيخ: طيب.

المتصل: يا شيخ! أنا في الفطر لا أصلي، وفي رمضان أصلي الفرائض مع التراويح، فما الحكم؟

الشيخ: طيب أبشر إن شاء الله.

المتصل: يا شيخ! هل يجوز صرف المبلغ الحاصل من الصندوق (الجمعية) صدقة للميت، مع العلم أن الميت ليس زوجاً؟

السؤال: أخونا عبد الجبار من القضارف ذكر بأنهم في منطقة هجليج في هذه الأيام، فهل يقصر الصلاة؟

الجواب: إذا ذهبت إلى منطقة هجليج وهي الآن والحمد لله آمنة, وقد غلب على الظن بأنكم ستقيمون بها أكثر من أربعة أيام صحاح، فلا تقصروا ولا تجمعوا، وإنما تصلون كل صلاة في وقتها.

أما بالنسبة للكتائب أو الفرق التي تكون متحركةً، فهذه من حقها أن تقصر, أما أنتم طالما أنكم قد نزلتم في مكان وقد أقمتم به, وغلب على الظن بأنكم ستجلسون فيه أربعة أيام أو أكثر, ففي هذه الحالة عليكم إتمام صلاتكم.

السؤال: أما سؤالك عن إنسان يعمل في مؤسسة، واختير للحج على حسابها؟

الجواب: هناك صورتان: الصورة الأولى: بأن المؤسسة تتفق مع منسوبيها على أنها تخصم من كل واحد مبلغاً من المال في الشهر, مثلاً خمسة جنيهات، ويتفق الناس على ذلك ويتواضعون، ثم تجرى قرعة فيختار عشرة أشخاص مثلاً أو عشرون, فيذهبون للحج هذا العام, ثم بعد ذلك تقع القرعة على غيرهم في عام بعده وهكذا، فهذه ليس فيها شيء، وهذا من التأمين الإسلامي، والتكافل الاجتماعي، والتعاون على البر والتقوى.

الصورة الثانية: أن بعض مؤسسات الدولة تنتخب من أفرادها من يخرجون للحج على حسابها.

أقول: إذا كان ذلك تقديراً لخدمة عامة قاموا بها بأوصافهم لا بأشخاصهم, بمعنى أن هناك ناساً بذلوا خدمة عامة للمجتمع ويستحقون أن يكافئوا عليها, ورأت الدولة أن تكافئهم بالحج، فهذا أيضاً أمر مطلوب مشروع, أما الاختيار العشوائي كأن يختار بعض أهل الرياضة أو بعض الفنانين ويحجون على حساب الدولة، فهذا لا يجوز؛ لأن الحج لمن استطاع إليه سبيلاً, والدولة يجب عليها أن ترتب أولوياتها في إنفاق المال، ويوجه أولاً إلى الضرورات التي لا بد منها، في إطعام الجائع وكسوة العاري، ومداوة المريض وحفظ حياة الناس, وسقاية العطشى.

وقد حدثني بعض الإخوة في كردفان بأنهم ربما يذهبون مسافة خمسة كيلو، أو عشرة كيلو، من أجل أن يحصلوا على (جركانة) ماء؛ لأن نهر النيل لا يجري في تلك الأرض, وحفر الآبار يكلف ما يكلف.

السؤال: أخونا عمر أبو قرون من شرق النيل يسأل عن الحقن الوريدية للصائم؟

الجواب: أما الحقن الوريدية يا أخي! فإذا كانت مغذية فإنها تفطر؛ لأنها تقوم مقام الطعام والشراب, ولذلك تجد بعض الناس لا يأكل بفمه، وإنما يعتمد على هذه الحقن المغذية، ويعيش بها ما كتب الله له أن يعيش, ولذلك أقول: الحقن المغذية مفطرة. أما الحقن العلاجية، وكذلك الحقن التي تكون للتخدير فإنها لا تفطر.

الشيخ: أما بالنسبة للحجامة فإنها لا تفطر عند جمهور العلماء الحنفية والمالكية والشافعية, استدلالاً: (بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم، وأعطى الحجام ديناراً), والإمام أحمد رحمه الله والحنابلة يرون أن الحجامة مفطرة استدلالاً بقوله صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم), وبعض أهل العلم يرى بأن هذا الحديث منسوخ بفعله عليه الصلاة والسلام, وبعضهم يرى بأن الحجامة مفطرة إذا كانت مضعفة للصائم, وبعضهم يؤول قوله: (أفطر الحاجم والمحجوم) بأنهما كانا يغتابان الناس.

الشيخ: أما التبرع بالدم فإنه لا يفطر أيضاً؛ لأنه صورة من صور الحجامة, والمتبرع بدمه إن شاء الله مأجور؛ لأنه بهذا التبرع ينفس عن مكروب ويغيث ملهوفاً، وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا [المائدة:32].

السؤال: أخونا عبد الغفار من الدامر, يقول: هناك صندوق (جمعية)، وجاءتنا صرفته ومبلغه ثلاثون ألفاً, فهل فيه زكاة؟

الجواب: هذا الصندوق يا عبد الغفار ! قد أفتى جمع من أهل العلم بجوازه, فإذا كانت هذه الثلاثون ألفاً ديناً لك على أولئك الناس، يعني: أنت آخر الناس صرفاً, وهذه الثلاثون كانت ديناً لك عليهم، وهو مضمون الأداء، فواجب عليك أن تزكيه فوراً مع حولك, أما إذا لم تكن كذلك، وإنما أنت أولهم صرفاً مثلاً أو الثاني, ففي هذه الحالة لا تجب عليك زكاة هذا المبلغ إلا إذا حال عليه الحول.

الشيخ: أما بالنسبة لمن قال: عندي الجرد في شعبان؛ لأن زكاتي في شعبان وما جردت لظرف ما, والآن لا أستطيع أن أجرد في رمضان, فهل يمكن أن أخرج الزكاة الآن قبل الجرد؟

نقول: نعم, أخرجها بالتقدير وبالزيادة، ثم بعد ذلك اجرد، وما كان زائداً احسبه على زكاتك في الحول الذي بعده, والدليل على أنه يجوز إخراج الزكاة قبل الحول, أن العباس رضي الله عنه أخرج زكاة حولين, استسلفها منه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصالح المسلمين, وأقول: الزكاة قبل الجرد تجوز؛ لأنه لا تلازم بين الأمرين, فيمكن أن يخرج الإنسان زكاته بالتقدير مثل ما نصنع أيضاً في زكاة الزروع والثمار, فإننا نخرجها خرصاً.

الشيخ: أما أخونا الذي سأل عن المرأة إذا مات زوجها فاعتدت في بيت أبيها، فنقول: بأن الواجب على المرأة أن تعتد في بيت الزوجية, إذا كان الزوج قد ترك لها بيتاً، إما مؤجراً، أو بيتاً مملكاً لها، فإنها تعتد في بيت الزوجية، حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ [البقرة:235], أما إذا لم يكن قد ترك لها بيتاً، أو كان البيت في مكان مخوف، أو لا تجد هناك من يخدمها، فلا حرج عليها أن تعتد في بيت أبيها.

الشيخ: أما أخونا الجيلي الذي ذكر أن الأشهر الحرم كانت معظمة في صدر الإسلام. فنقول: يقول الله عز وجل: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [التوبة:36], وهذه الأربعة الحرم قد بينها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( بأنها ثلاثة سرد: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم, وواحد فرد وهو رجب, الذي بين جمادى الآخرة وشعبان ).

أقول: ما زال المسلمون الطيبون يعظمون الأشهر الحرم هذه, فمثلاً في شهر ذي الحجة في أوله يجتهدون في العبادة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله تعالى من أيام العشر -يعني: عشر ذي الحجة- قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ولا الجهاد في سبيل الله, إلا رجل خرج بنفسه وماله، ثم لم يرجع من ذلك بشيء), ويعظمون يوم النحر فيتقربون إلى الله عز وجل بالتكبير والتهليل والسجود, ويتقربون إلى الله كذلك بنحر الأضاحي والصدقات وإطعام الطعام. ثم في الأيام التي بعد يوم النحر يتعبدون الله عز وجل بالأكل والشرب والذكر, وكذلك في المحرم يكثرون من الصيام؛ لأنهم سمعوا نبيهم عليه الصلاة والسلام يقول: (أحب الصلاة إلى الله بعد الفريضة قيام الليل، وأحب الصيام إلى الله بعد رمضان صيام شهر الله المحرم), خاصةً تاسوعاء وعاشوراء، ثم هم أيضاً يعظمون رجب فيكثرون فيه من العبادة.

الشيخ: أما البعوضة المزعجة التي عندكم في ربك فنسأل الله أن يذهبها عنكم, وأن يريحكم منها, يقول: هل نترك الجماعة بسببها؛ لأن المساجد مليئة بالبعوض، وقد لا يكون هناك وسائل لطردها من دخان يوقد، أو مكيفات تشغل, أما في البيت فالإنسان يتخذ من التدابير ما يقلل به خطر ذلك البعوض وإزعاجه.

فأقول: ترك الجماعة لا يتأتى فإن صلاة الجماعة واجبة, وحتى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان مسجده يخلو من بعض الأمور التي قد تكون مزعجة, فقد كان مسجده صلى الله عليه وسلم مبنياً من اللبن, وكانت أعمدته جذوع النخل, وكان سقفه من الجريد, وكان فرشه من التراب, وكان المطر إذا نزل يقطر الماء من لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يسجد ثم ينصرف من صلاته وأثر الطين على جبهته, وروثة أنفه عليه الصلاة والسلام، وأيضاً كانت الكلاب تروح وتجيء في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن للمسجد أبواب, يعني: كان هناك مكان للدخول ومكان للخروج، لكن لم يكن هناك باب يغلق ويفتح, فلا يباح لك ترك الصلاة في المسجد لسبب البعوض.

وأما دعاؤك: (اللهم أذهب البعوض واهزم اليهود), فإن الذي حملك عليه هو السجع ليس إلا, لكن هو دعاء مشروع على كل حال, تدعو الله بأن يذهب البعوض مثل ما دعا موسى عليه السلام بناءً على طلب فرعون : قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ [الأعراف:134], والمقصود بالرجز هاهنا: الطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم.

الشيخ: أما أخونا محمد من الأبيض, فيقول: بأنه يصلي في رمضان الفريضة والنافلة, وبعد رمضان يدع الصلاة.

فنقول: يا محمد ! أسأل الله أن يتوب علينا أجمعين, اعلم بأن ترك الصلاة كفر, إما أن يكون كفراً أكبر موجباً للخلود في النار, وإما أن يكون كفراً أصغر هو أكبر من كبائر الذنوب, وعلى كلا القولين فأنت على خطر عظيم. يا أخي ! ( استعن بالله ولا تعجز ), واعلم بأن الله عز وجل قد افترض علينا هؤلاء الصلوات وهن خفيفات يسيرات، لا يستغرقن وقتاً طويلاً، ولا يتطلبن جهداً كبيراً, لكن مطلوب من الإنسان أن يعزم على أن يتوب إلى الله عز وجل، ويعزم على ألا يفرط في صلاة قط, وإنما يؤدي الصلوات جميعها في أوقاتها, ومن استعان بالله أعانه, فأنت اطلب من الله العون، واستعن أيضاً بإخوانك الذي يذكرونك إذا نسيت، ويعينونك إذا ذكرت.

الشيخ: أما أم سلمة من كسلا فقد ذكرت: أن امرأة اشتركت في صندوق، أي: جمعية أو الختة كما يسمونها, فإذا جاء موعد صرفها تعمل منها صدقة للميت، وهذا الميت ليس زوجها.

نقول: لا بأس إن شاء الله، فالصندوق أجازه جمع من أهل العلم، ويجوز لك أن تنتفعي بهذا المال سائر أنواع الانتفاع المشروع، ومن بينها أن تعملي صدقة للميت, أسأل الله أن يتقبل منا أجمعين.

المتصل: أنا متزوج، وزوجتي الحمد لله ليست مقصرة معي في أي شيء، وأي حاجة تكون محتاجة لها أنا أعطيها إياها, لكن حينما أضع فلوساً في الدولاب فإنها تأخذ منها، فأنهاها لكنها لا تسمع كلامي، فهل أخذها للفلوس حرام أم حلال؟

الشيخ: طيب أبشر.

المتصل: أسأل عن صحة الحديث الذي فيه: ( أن النبي عليه الصلاة والسلام أول ما خلق ربنا ) حيث كان هناك حوار بين الله وأبينا آدم عليه السلام، فلمح سيدنا آدم على كرسي العرش: (لا إله إلا الله محمد رسول الله, فقال: يا رب! أسألك بفضل محمد, قال له: كيف عرفت؟ قال: لمحته في كرسي العرش), فأريد أن أعرف هل الحديث صحيح أم أنه حديث موضوع؟ وشكراً، وجزاكم الله خيراً.

الشيخ: وإياك.

المتصل: لدي ثلاثة أسئلة:

السؤال الأول: صلاة الضحى كم عدد الركعات فيها؟ وهل الأفضل قراءة الفاتحة مع سورة أم الفاتحة فقط؟

السؤال الثاني: استخدام المكيفات في مكاتب الحكومة بعد نهاية الدوام، مثلاً: الرجل لو وجد نفسه تعبان هل له أن ينام في المكتب إلى بعد صلاة العصر؟

السؤال الثالث: إمام أتى بركعة خامسة, والناس منهم المتأكد ومنهم الشاك, بالنسبة للمتأكد إذا وقف مع الإمام فما حكم صلاته؟

الشيخ: طيب.

المتصل: يا شيخ! نريد أن نسأل عن ديوان الإفتاء، فإنه أفتى لأهل بور سودان ولاية البحر الأحمر أن يفطروا، نسبةً لأن الجو فيه سخونة شديدة, فما حكم الدين في هذه المنطقة؟ وإذا كان الإنسان عنده المقدرة أن يصوم, فهل يسقط عنه الصوم؟

الشيخ: طيب, شكراً.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: أنا عندي أربعة رمضانات ما صمتهم، كنت في المرة الأولى حاملاً، وفي البقية كلها مرضعاً, فماذا أعمل؟

السؤال الثاني: حين يأتينا موت، وفي اليوم الثالث منه يجتمع الناس كلهم، نساء ورجال, يقرءون للميت قرآناً، رجال ونساء العائلة. فما حكم ذلك؟

المتصل: لدي سؤال عن العقيقة، هل هي محددة باليوم السابع؟

الشيخ: الله يكرمك، بارك الله فيك.

الشيخ: أما بالنسبة لأخينا الطاهر فقد ذكر بأنه غير مقصر مع زوجه، وأنه يضع أحياناً بعض المال في الدولاب أو في الخزانة، فتمتد يدها إلى هذا المال, وقد ناصحها مراراً فلم تنتصح.

أقول: بأنه إذا كان الزوج يوفر لزوجته ضرورات الحياة وحاجياتها، مما يلزمه توفيرها من طعام وإدام وسكن وأثاث وكسوة وآلة تنظيف وأجرة خادم, فما ينبغي للمرأة أن تمد يدها إلى شيء من ماله قط, ولا أن تسأله: ماذا تصنع بهذا المال؟ ولا أن تقول له: أين ستذهب به، ولا لمن ستعطيه, ولا غير ذلك من الأسئلة التي تعكر صفو الحياة الزوجية.

ويجوز للزوجة أن تأخذ من مال زوجها بغير علمه إذا كان لا ينفق عليها النفقة الواجبة, يعني: لا يعطيها حق الرغيف، ولا حق الخضار، أو حق الكهرباء, وهو قادر على ذلك، ففي هذه الحالة يجوز لها أن تأخذ من ماله بغير علمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـهند بنت عتبة : (خذي ما يكفيكِ وولدك بالمعروف), أما أكثر من ذلك فلا يجوز. وهذا كلام أوجهه للنساء جميعاً: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه).

الشيخ: أما أخونا منتصر من الجزيرة فيسأل عن حديث جابر : ( أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ! وأن آدم عليه السلام دعا ربه لما أخرج من الجنة: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي, فقال له الله عز وجل: وما أدراك ما محمد؟ قال: رأيت مكتوباً على ساق العرش: لا إله إلا الله محمد رسول الله, فعلمت أنه ما كان إلا أحب الخلق إليك ).

فنقول: هذه الأحاديث يا أخي! لا تصح؛ لأن مدارها على عبد الرحمن بن زيد بن أسلم , وكان يروي الأحاديث المنكرة, ولذلك الإمام مالك رحمه الله لما قيل له: قال عبد الرحمن بن أسلم كذا, قال: اذهب إلى عبد الرحمن بن أسلم يحدثك عن أبيه عن نوح عليه السلام, فمعنى ذلك أن له مجازفات، وهو الذي روى حديث: ( بأن سفينة طافت بالبيت سبعاً, وصلت عند المقام ركعتين ), فهذه الأحاديث لا تصح، ثم إنها تعارض القرآن, فإن القرآن الكريم يبين الكلمات التي اعتذر بها آدم و حواء لربهما جل جلاله: قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ [الأعراف:23], فهذا الذي قاله آدم و حواء ، وليس كما جاء في هذا الكلام.

الشيخ: أخونا إبراهيم من أمبدة يسأل: عن صلاة الضحى؟

فنقول: صلاة الضحى هي صلاة الأوابين يا إبراهيم! ومن حافظ عليها فهو من الموفقين، وأفضل أوقاتها حين يشتد الحر, الساعة العاشرة أو الحادية عشرة أو الثانية عشرة, فهذا هو أفضل وقتها. وأما عدد ركعاتها فأقلها اثنتان باتفاق، أما أكثرها فبعض أهل العلم قال: بأنها ثمان، وبعضهم قال: بأنها اثنتا عشرة, وبعضهم قال: بأنه لا حد لها. وأما سؤاله: ماذا أقرأ فيها؟ فنقول: اقرأ ما تيسر من القرآن بعد الفاتحة، يعني: لا تقتصر على الفاتحة بل اقرأ الفاتحة وما تيسر من القرآن.

الشيخ: أما استخدام المكيفات في المكاتب الحكومية بعد الدوام فلا يجوز يا أخي! لا يجوز لإنسان مثلاً إذا كان دوامه في المكاتب الحكومية من التاسعة إلى الثانية، أو إلى الثالثة مثلاً، فيبقى إنسان بعد ذلك لينام ساعتين أو ثلاثاً من أجل أن يستمتع بهذا الهواء البارد الذي يصرف كثيراً من الكهرباء, ثم ينقلب إلى بيته إذا لم يبقَ على الإفطار إلا قليل، أقول: لا يجوز، وهذا من أكل أموال الناس بالباطل، ومن إنفاق المال العام في غير وجهه.

الشيخ: أما قولك بأن إماماً قام إلى ركعة خامسة، والناس ما بين متأكد من تمام الصلاة ومستريب شاك.

فأقول: أما الشاك الذي قام مع الإمام فلا شيء عليه, وأما المتأكد المتيقن من تمام الصلاة فإنه إذا تعمد القيام فإنه تبطل صلاته؛ لأن الصلاة تبطل بتعمد زيادة ركن فعلي واحد، يعني: لو أن إنساناً بدلاً من أن يركع مرة ركع مرتين, وبدلاً من أن يسجد مرتين سجد ثلاثاً، فهذا تبطل صلاته؛ لأنه متلاعب بها.

السؤال: أما أخونا محمد من بور سودان فقال: بأن مجمع الفقه الإسلامي قد أصدر فتوى لأهل بور سودان بجواز الفطر في نهار رمضان وهو مطيق للصيام.

الجواب: يا أخي! الفتوى ذكرت بأنه ينبغي للجميع أن يبيتوا نية الصيام, ويصبحوا صائمين، وبعد ذلك من لحقته مشقة عظيمة حيث خشي على نفسه الهلاك، أو خشي إتلاف عضو من أعضائه، فهذا لا حرج عليه أن يفطر، ثم يقضي في عدة من أيام آخر, أما المستطيع للصيام، وأهل العزائم من أمثالك فهؤلاء يصومون، والأجر على قدر المشقة.

السؤال: أم مازن ذكرت بأنها أفطرت أربع سنوات بسبب الحمل والإرضاع، والآن تسأل: ماذا تصنع؟

الجواب: عليك القضاء إن شاء الله, فإذا فرغت من الرضاعة فيمكنك أن تقضي، خاصةً في الشتاء، إذا قصر النهار وطال الليل.

السؤال: أهل الحلة (البلد) تواطئوا على أنه إذا مات بينهم واحد فإنهم يجتمعون في اليوم الثالث لقراءة القرآن، فما حكم ذلك؟

الجواب: الاجتماع لقراءة القرآن في اليوم الثالث من الوفاة ليس من السنة, وإنما كل إنسان يقرأ في مكانه ويهب الثواب للميت، ويصل الثواب إن شاء الله.

السؤال: محمد من الجزيرة يسأل عن العقيقة في أي يوم تكون؟

الجواب: العقيقة تكون في اليوم السابع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل غلام مرتهن بعقيقته، تذبح عنه في اليوم السابع، ويسمى), هذا هو الأفضل، في اليوم السابع، أو في التضاعيف: أربعة عشر، وواحد وعشرين. أما إذا ذبحت في أي وقت فهي مجزئة؛ لأن المقصود إراقة الدم وقد كان.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: أسأل عن السواك بالمعجون في نهار رمضان.

السؤال الثاني: أسأل عن الحناء في نهار رمضان.

الشيخ: شكراً.

المتصل: يا شيخ! لدي سؤالان:

السؤال الأول: أنا طبيب شغال في السعودية، وزوجتي طبيبة, وقد اتفقنا على أنها تنهي الشغل الخاص بها ولا تتعاقد مع وزارة الصحة, وبعد ذلك بأيام سألني أحد الزملاء وقال لي: يا أخي! لماذا لا تشتغل زوجتك؟ فقلت له: يا أخي! عليّ الطلاق ما هي شغالة ثانية. وبعد أن رجعنا السودان لم يناسبنا الوضع، فقررنا أن نرجع إلى الشغل مرة ثانية, فهل الطلاق هذا يكون معلقاً أو يترتب عليه شيء؟ أم لازم تترك الشغل؟

السؤال الثاني: نحن عندنا في الخرطوم بيت قديم، وقد توفي والدنا، وهذا البيت جالسة فيه والدتنا وأختنا وأخونا, ثم إنا سجلنا البيت للوالدة كلنا, وأخواتنا. كذلك، وقد كنا صغاراً في ذلك الوقت, ثم إن الوالدة سجلت لكل واحد منا جزءاً، يعني: وهبته هبة، فأخطأت, فأنا أريد أن أعرف هذه الهبة التي وهبت لنا هل فيها شيء لأننا كلنا ورثة؟

الشيخ: شكراً، أكرمك الله.

المتصل: لدي سؤالان:

السؤال الأول: شيخنا! أسأل عن الدليل القاطع على حرمة التمباك.

السؤال الثاني: واحد سف سفة (تمباكاً) بعد السحور مباشرة, يعني: وقت الأذان، فأسأل عن صحة الصيام؟

الشيخ: طيب شكراً.

السؤال: بالنسبة للأخت فايزة فإنها سألت: عن السواك والحناء في نهار رمضان؟

الجواب: لا مانع من السواك بالمعجون, وحديث عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يستاك وهو صائم), ولا فرق بين الأراك والمعجون. والحناء أيضاً لا مانع منه في نهار رمضان.

الشيخ: أخونا مصطفى ذكر بأنه قد حلف فقال: عليّ الطلاق أن امرأتي لن تشتغل مرة ثانية، ونحن نقول له: يا أخي! لا ينبغي لك الحلف بالطلاق؛ لأن (الحلف بالطلاق يمين الفساق)، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن الحلف بغير الله. أما بالنسبة لهذه اليمين فإن كنت تقصد مجرد منعها، أو منع نفسك من تشغيلها، فيمكن أن تشغلها وعليك كفارة يمين, أما إذا كنت قد نويت الطلاق فإنه سيقع إذا اشتغلت, يعني: أن هذا الأمر راجع إلى نيتك.

الشيخ: بالنسبة لهذا البيت الذي وهبته الوالدة لبعضكم ولم تهب للبعض الآخر، فليس فيه شيء إن شاء الله, والهبة صحيحة، طالما أنها حصلت في حال صحتها وقوتها، ووقع القبول بتلك الهبة، فقد ثبتت.

السؤال: أما أخونا إبراهيم من الجزيرة فإنه سأل عن حرمة التمباك، ويطلب دليلاً على ذلك؟

الجواب: الدليل ما قاله الأطباء بأن تناول السفة (التمباك) يسبب سرطان اللثة, والذي يقول: بأني أتناوله من سنين وما أصابني شيء، نقول له: احمد لله على العافية وتب، لكن لا تنقض بهذا الجهل كلام الأطباء الثقات الذين قالوا: بأن التمباك مضر, وأنه مسبب للمرض القاتل, وإذا قال الطبيب: بأن هذا التمباك مسبب للسرطان، إذاً الدليل قول ربنا: وَلا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ [النساء:29], وقول ربنا: وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ[البقرة:195], والدليل قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار), وهي قاعدة، والقاعدة الفقهية تقول: بأن الضرر يزال، أو (لا ضرر ولا ضرار), وهو من كلام نبينا عليه الصلاة والسلام, فلا يحل للمسلم أن يضر نفسه, والدليل أيضاً أن الله قال: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا [الأعراف:31], وقال: وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا [الإسراء:26], والنبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن كل مسكر ومفتر), وهذا الشيء مفتر خاصةً في المرة الأولى, فإن الإنسان إذا تناوله فإنه يشعر بشيء من الدوار والرغبة في الخلود للراحة.

الخلاصة يا أخي! بأن كلمة المجامع الفقهية قد انعقدت على القول بالتحريم, أما الإنسان الذي يريد آية بأن التمباك حرام هكذا، نقول له: أعطنا آية أن صلاة الظهر أربع ركعات, ولن يجد, ولذلك يا أخي! الأحكام لا تؤخذ هكذا فقط من النصوص.

الشيخ: وأما الذي سف سفةً (تمباكاً) ثم طلع عليه الفجر وهو ساف فيلزمه التوبة إلى الله من (التمباك)، ويلزمه أن يقضي مكان هذا اليوم يوماً.

إخوتي وأخواتي! قد أجبت عن أسئلتكم كلها، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, وصلى الله على سيدنا محمد.