إسلام ويب

تفسير سورة النور - فضل عائشة [2]للشيخ : عبد الحي يوسف

  •  التفريغ النصي الكامل
  • اختار الله عز وجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب النساء وأفضلهن لأنه كان أفضل الخلق، وكان من أفضلهن الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها فلم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكراً غيرها، وما نزل عليه الوحي في لحاف امرأة غيرها، وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجرها بين سحرها ونحرها

    1.   

    تابع فضائل عائشة رضي الله عنها

    الحمد لله رب العالمين، حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، والسراج المنير، والبشير النذير، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.

    اللهم علمنا علماً نافعاً، وارزقناً عملاً صالحاً، ووفقنا برحمتك لما تحب وترضى، أما بعد:

    فما زلنا مع بيان فضائل عائشة نسأل الله أن يحشرنا معها.

    كان من حب النبي صلى الله عليه وسلم لـعائشة رضي الله عنها ( أنه أتاها في غير يومها، فدق عليها الباب مرةً ومرتين وثلاثاً؛ فلما خرجت والغرفة أو الحجرة كانت ضيقة -ليس هناك احتمال بأنها كانت في الصالون (الحجرة)، أو في غرفة النوم- فقال لها: أما سمعت الدق؟ فقالت: بلى، ولكني أحببت أن يعلم نساؤك أنك أتيتني في غير يومي )، يعني أن تأخرها كان متعمداً.

    حرص رسول الله على استرضائها

    ومن فضائلها رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحرص على أن يسترضيها، كان يقول لها: (إني لأعلم غضبك حين تغضبين علي، تقول له: وكيف ذاك؟ يقول لها: إن كنت راضيةً تقولين: لا، وإله محمد، وإن كنت ساخطةً تقولين: لا وإله إبراهيم، فقالت: إنما أهجر اسمك).

    وكذلك (لما جاء أبو بكر رضي الله عنه يوماً يستأذن فسمع عائشة وهي ترفع صوتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: يا ابنة فلانة! ترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! وهم بها ليضربها؛ فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحال بينه وبينها؛ فلما خرج أبو بكر مازحها صلى الله عليه وسلم، قال لها: ألم تريني وقد حميتك من الرجل؟ فجاء أبو بكر رضي الله عنه بعد حين، فسمع ضحكهما، فقال: أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما).

    اختصاصها بعشر خصال من بين نساء النبي صلى الله عليه وسلم

    هذه المرأة الصالحة رضي الله عنها كان من رحمة الله عز وجل بها أن جعلها زوجةً لنبيه صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك كانت تفتخر على نسائه فتقول: (فضلت بعشر لم تؤتهن امرأة غيري: لم ينكح رسول الله صلى الله عليه وسلم بكراً غيري)، وهذه مزية عظيمة؛ فليس في نساء النبي صلى الله عليه وسلم بكر إلا عائشة ، وكانت تفتخر وتقول للرسول صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله! أرأيت لو كانت لك إبل، فنزلت عدوتين: عدوة قد أكل منها، وعدوة لم يؤكل منها، في أيهما كنت ترتع بعيرك؟ فكان يقول: في التي لم يؤكل منها، تقول له: فأنا تلك)؛ فهذه مزية لها رضي الله عنها أنه لم ينكح بكراً غيرها، تقول: ( ولا امرأةً أبواها مهاجران غيري)، فعلاً أبوها أبو بكر ، وأمها أم رومان كلاهما من السابقين الأولين، ومن المهاجرين رضوان الله عليهما.

    تقول: ( ونزل الملك بصورتي في كفه )، وهذه أيضاً ثابتة في الصحيح أن النبي عليه الصلاة والسلام قال لـعائشة : (أريتك في المنام مرتين، والملك يحمل صورتك في كفه في سرقة من حرير-في سرقة أي: في قطعة من حرير- يقول لي: هذه زوجتك؛ فكنت أقول: إن يرد الله خيراً يمضه).

    قالت رضي الله عنها: ( ونزل الملك بصورتي في كفه، ولم ينزل عليه الوحي في فراش امرأة غيري، وكنت أغتسل أنا وهو من إناء واحد، ونزلت براءتي من السماء، وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، وفي يومي، وكان رأسه بين سحري ونحري، ودفن في بيتي ).

    هذه عشر خصال انفردت بها عائشة من بين نساء العالمين رضي الله عنها وأرضاها.

    وفي بعض الروايات بأنها قالت: ( وخلقت طيبةً لمطيب)، وهذا تأويل قول ربنا جل جلاله: وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ[النور:26].

    ترخيص الله لأمة محمد بالتيمم بسببها

    و عائشة رضي الله عنها من فضائلها: أن نزول آية التيمم كان بسببها، تقول رضي الله عنها: (خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، حتى إذا كنّا بالبيداء أو بذات الجيش) هي لا تتذكر تماماً هل كانوا في الموضع الذي يسمى البيداء، أو في الموضع الذي يسمى ذات الجيش، ( انقطع عقد لي فذهب؛ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ناساً في طلبه، وأقام بالناس؛ فنفذ ما عندهم من ماء وحضرت الصلاة، فجاء الناس إلى أبي بكر يقولون له: أما رأيت ما صنعت عائشة ؟ )، قالوا: وفي هذا جواز شكوى المرأة لأبيها وإن كان زوجها موجوداً، فالمرأة المتزوجة لا مانع أن تشكى لأبيها، (أما رأيت ما صنعت عائشة ؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حضرت الصلاة، وقد نفد الماء ولا ماء)، يعني: الآن جاء وقت الصلاة والماء الذي معنا قد نفد، وليس في الموضع ماء، (قالت: فدخل علي أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم ورأسه في حجري، فقال: أي بنية! في كل سفر أنت بلاء وعناء؟ -يعني بكل سفر تعملين لنا مشكلة- حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفد الماء، وقد حضرت الصلاة، قالت: وجعل يطعنني في خاصرتي)، يعني أبو بكر رضي الله عنه بإصبعه يلكز عائشة رضي الله عنها، قالت: (فلم يمنعني من التحرك إلا مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم)، فتحملت لكز أبيها من أجل ألا توقظ النبي عليه الصلاة والسلام، (قالت: ثم استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت آية التيمم، فقال أسيد بن حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر ، ودخل عليها أبوها يقول لها: تعلمين يا بنية! والله إنك لمباركة) فيك بركة، فببركتها رضي الله عنها نزلت هذه الرخصة، قال الله عز وجل: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمْ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ[المائدة:6]، فـعائشة رضي الله عنها من بركتها أن نزول آية التيمم كان بسببها.

    1.   

    قصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة

    أما زواج النبي صلى الله عليه وسلم بها فقد كان بمكة، لما ماتت خديجة رضي الله عنها وحزن عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم حزناً شديداً، وقال: (ماتت ربة البيت وأم العيال، جاءته خولة بنت حكيم فقالت: يا رسول الله! ألا تزوج؟ فقال لها: من؟ قالت له: إن شئت بكراً، وإن شئت ثيباً، قال لها: من البكر؟ ومن الثيب؟ قالت: أما البكر فبنت أحب خلق الله إليك عائشة ، وأما الثيب فـسودة بنت زمعة ، آمنت بك وصدقتك. فقال لها صلى الله عليه وسلم: اذهبي فاذكريني عليهما، فذهبت رضي الله عنها إلى أم رومان )، والعادة بأن المرأة إذا أرادت أن تخطب فتاة لإنسان فإنها تكلم أم الفتاة أولاً (فقالت لها: يا أم رومان ! ما أدخل الله عليكم من الخير والبركة)، يعني أنا آتي لك بخبر عجيب، (قالت لها: وما ذاك؟ قالت: رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب عائشة ، فقالت لها أم رومان : وددت والله)، يعني: هذا شيء ما يحتاج لكلام، (ولكن دعيني أستأمر أبا بكر ) لأنها امرأة صالحة، لا تريد أن تنفرد وتستبد بالأمر دون زوجها الذي هو ولي هذه الفتاة، ( فلما جاء أبو بكر أخبرته، فقال: وددت والله، ولكن هل تصلح له فإنه أخي؟ فلما كلم النبي صلى الله عليه وسلم، قال له: أنت أخي في الإسلام )، يعني: ليست أخوة نسب من أجل أن تحرم علي ابنتك، فقال أبو بكر رضي الله عنه كلمةً تدل على كرم خلقه وعلو كعبه في الصدق والوفاء، (قال: يا رسول الله! إن المطعم بن عدي قد ذكرها لابنه، فدعني أستل منه سلاً رفيقاً، فجاء أبو بكر رضي الله عنه إلى المطعم بن عدي ، فقال له: إن شئت أنكحت عائشة ولدك)، يعني: الموضوع هذا أنا أريد أن أتمه، (فالتفت الرجل إلى زوجه قال لها: ما تقولين؟) يشاور زوجته، (فقالت لـأبي بكر : لعلنا إن أنكحنا ولدنا بنتكم أدخلته في دينك)، أنتم ستخربون علينا الولد ( فالتفت إلى المطعم فقال له: وما تقول أنت؟ فقال له: قد سمعت ما قالت لك؛ فخرج أبو بكر وهو يقول: الحمد لله)، وكما يقال في المثل الشعبي: البركة الذي جاءت منك يا بيت الله، (وذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وزوجه بـعائشة رضي الله عنها)، وكان ذلك قبل الهجرة ببضعة عشر شهراً، وقيل: بل بسنتين، وكان مجرد عقد ليس إلا، ثم بعد ذلك لما هاجر صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ومكث بها إلى أن كانت غزوة بدر في رمضان من السنة الثانية، فلما كان في شوال دخل على عائشة رضي الله عنها، وها هي عائشة تحكي ما كان في ذلك اليوم، فتقول: (إني لفي أرجوحة مع صويحبات لي، إذ صرخت بي أمي فأتيتها وأنا ألهج -يعني: نَفَسُها قائم- قالت: فأمسكت بي حتى سكن نفسي، فدعت بماء فمسحت به وجهي، ثم أسلمتني إلى نسوة من الأنصار فأصلحنني وهيأنني، قالت: ودخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى؛ فقال أولئك النسوة: على الخير والبركة، وعلى خير طائر يا رسول الله! بارك الله لك في أهلك، قالت: فدعا صلى الله عليه وسلم بعسف من لبن -قدح من لبن- فشرب، ثم دفعه إلي، فاستحييت، فقال النسوة: خذي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فتناولته فشربته، قال: فأخذه صلى الله عليه وسلم ودفعه للنسوة؛ فقلن: لا نشتهيه. فقال: لا تجمعن جوعاً وكذباً. فقالت إحداهن: يا رسول الله! المرأة تشتهي الشيء تقول: لا أشتهيه هل تكتب عليها كذبة؟ قال: يكتب كل شيء حتى الكذبة والكذيبة).

    ومن ذلك اليوم بدأت رحلة عائشة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت النبوة، وقد استمرت تسع سنين، عاشت مع النبي عليه الصلاة والسلام حياةً طيبة، على ما فيها من شظف وقلة زاد، كما قالت رضي الله عنها: ( كان يمر علينا الهلال والهلال والهلال -أي: شهران كاملان- ولا يوقد في بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم نار، وما كنا من طعام إلا الأسودان؛ ولكن كان لنا جيران من الأنصار جزاهم الله خيراً يحلبون منائحهم فيبعثون بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيشرب ويسقينا ).

    1.   

    حياة عائشة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم

    أيها الإخوة الكرام! إن عائشة رضي الله عنها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم عاشت صوامةً، قوامةً، متصدقةً، كانت مكثرة من الصدقة رضي الله عنها، حتى إن معاوية في خلافته بعث لها بمائة ألف درهم، ففرقتها من يومها، وكانت صائمة رضي الله عنها، فلما جاء وقت الإفطار قالت لجاريتها: قربي لي طعامي، فقربت لها خبزاً وزيتاً، ثم قالت لها: رحمك الله -أي أن الجارية أشفقت على عائشة - هلا أمسكت درهمين لأبتاع لك بهما لحماً؟ فقالت لها عائشة : لو ذكرتني لفعلت، الآن الواحد منا لو كان صائماً من الصباح وهو يدبر الفطور، وباله مع غروب الشمس، والسيدة عائشة معها مائة ألف درهم وزعتها وما اشترت لنفسها شيئاً من أجل أن تفطر عليه، وكانت مكثرة من الصدقة، حتى باعت بيتاً ورثته من أبيها وتصدقت بثمنه، وكان ابن أختها عبد الله بن الزبير ينقم عليها ذلك، فقال: لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها؛ فبلغت تلك المقالة عائشة ، فقالت: أوقد قال ذلك؟ قالوا: بلى، قالت: لله علي ألا أكلمه حتى يفرق بيني وبينه الموت. وهاهنا هي تغضب لله لا لنفسها؛ لأنه ينكر عليها أمراً مستحباً وهو الصدقة؛ ولأن في كلامه إساءةً لأم المؤمنين التي ينبغي أن توقر، وقد قال الله عز وجل: وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ[الأحزاب:53]، وأذية أم المؤمنين أذية لرسول صلى الله عليه وسلم؛ فشفع له الشفعاء فكانت تأبى أن تكلمه، حتى لجأ إلى الحيلة؛ فكلم المسور بن مخرمة ، و عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بأن يجللوه بردائهم، يعني: يخفوه تحت الرداء، ثم يستأذن على عائشة ، فلما قالت لهم: ادخلوا، قالوا: كلنا؟ قالت: كلكم، فدخل مع القوم واعتنقها وبكى، وبقيت رضي الله عنها تبكي، تقول: ماذا أصنع بيميني؟ ماذا أصنع بيميني؟ فناشدوها الله والرحم، يعني عبد الله بن الزبير و المسور بن مخرمة و عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث فكلمته وأعتقت عن ذلك أربعين رقبة رضي الله عنها وأرضاها.

    1.   

    وفاة عائشة رضي الله عنها وثناء الناس عليها

    أيها الإخوة الكرام! عاشت رضي الله عنها حميدةً، وكانت وفاتها سنة سبع وخمسين، أي: عاشت بعد النبي صلى الله عليه وسلم ستاً وأربعين سنةً في عبادة وزهادة، وإقبال على الله، وتعليم للناس، وقد أثنى عليها الصحابة رضي الله عنهم، أما علي فقد قال على المنبر: إنها لحليلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عمار : إنها زوجة نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.

    وكذلك أثنى عليها أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس العالم الفاضل، قال: ما أشكل علينا شيء نحن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا وجدنا عند عائشة منه علماً، يعني: قال: نحن الصحابة لو اختلفنا في شيء كنا نرجع لـعائشة فنجد عندها فصل الخطاب رضي الله عنها.

    وأثنى عليها تلميذها مسروق بن الأجدع ، قال: ما رأيت أعلم بفقه ولا طب ولا شعر من أم المؤمنين عائشة ، وكان يقول لها: ( يا أم المؤمنين! هذا علمك بالشعر، والفقه، فما علمك بالطب؟ يعني: من أين تعرفين الطب؟ قالت له: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشتكي في آخر عمره -يعني: لما كبرت سنه عليه الصلاة والسلام كثر مرضه- وكان الأعراب يأتونه يعودونه ويصفون له الأدوية، وكنت أعالجها له ). يعني: كانوا يصفون له الأدوية، والأدوية هذه كانت تركبها عائشة رضي الله عنها؛ ولذلك الرسول عليه الصلاة والسلام من حبه لها أنه في مرض موته كان يكثر أن يقول: (أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟ أين أنا غداً؟ فعلم نساؤه أنه يحب أن يكون عند عائشة ، فأذنَّ له، وكن يجتمعن عندها)، يعني: بقي صلى الله عليه وسلم عند عائشة ، وكن يأتين فيزرنه في بيت عائشة رضي الله عنها، وهذه فائدة فقهية للإنسان الذي عنده أكثر من زوجة، قال أهل العلم: يجب العدل في القسمة بينهن حتى لو كانت إحداهن عجوزاً والأخرى شابة، أو إحداهن مريضة والأخرى صحيحة، أو إحداهن عاقر والأخرى ذات أولاد، لا بد من العدل، قالوا: فإذا مرض الزوج يدور عليهن إلا إذا شق عليه ذلك فإنه يستأذن أن يكون عند إحداهن، فإن أذن فالحمد لله، وإن لم يأذن أقرع بينهن.

    والسيدة عائشة رضي الله عنها بالمناسبة كانت بينها وبين أمهات المؤمنين شيء من الغيرة مما يكون بين النساء، حتى (إن زينب رضي الله عنها دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وقالت له: كأنك بـابنة أبي قحافة إذا قلبت لك ذُرَيْعتَيْها وبدأت تسب عائشة رضي الله عنها، فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم -نظر إلى عائشة كأنه يأذن لها في أن ترد- قالت: فرددت عليها حتى يبس ريقها، ولم تدر بما تتكلم به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنها ابنة أبي بكر )، يعني أنها ورثت من أبيها قوة الحجة وحضور البديهة؛ فلا تكلميها بما يؤذيها؛ لأنها سترد عليك.

    أيها الإخوة الكرام! هذا طرف من سيرة أمنا عائشة رضي الله عنها وأرضاهاً، ونسأل الله أن يرزقنا حبها.

    وإن شاء الله نسرد حديث الإفك من رواية الإمام البخاري رضي الله عنه من أجل أن نستنبط ما فيه من الفوائد والأحكام، فإذا عرفنا حديث الإفك على وجهه يسهل بعد ذلك أن نفهم معاني الآيات.

    وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى جميع المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718659

    عدد مرات الحفظ

    755894679