إسلام ويب

شرح رسالة لطيفة في أصول الفقه للسعدي [7]للشيخ : خالد بن علي المشيقح

  •  التفريغ النصي الكامل
  • ذكر الأصوليون قاعدة سد الذرائع ووضعوا لها شروطاً وضوابط حتى يسهل معرفة الأحكام المترتبة عليها، والأحكام الوضعية هي: خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين وضعاً، وهو أنواع ومنه: الصحة، والفساد، والبطلان.

    1.   

    تابع قاعدة سد الذرائع

    بسم الله الرحمن الرحيم.

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

    تقدم أن تكلم المؤلف رحمه الله عن الأحكام التكليفية، وذكرنا أن الحكم الشرعي هو خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين، اقتضاءً أو وضعاً أو تخييراً، وتكلمنا عن قاعدة سد الذرائع، وذكرنا بأن قاعدة سد الذرائع تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

    القسم الأول: ما أجمعت الأمة على سده، كالسكر، فإنه ذريعة إلى تغطية العقل الذي يترتب عليه مفاسد كثيرة، والزنا فإنه ذريعة إلى اختلاط المياه واشتباه الأنساب إلى آخره.

    والقسم الثاني: ما أجمعت الأمة على عدم سده، لكون مفسدته مغتفرة، مقابل المصلحة المترتبة عليه، وذلك مثل بيع العنب، فإنه قد يستعمل لشرب الخمر، ولعصر الخمر، لكن هذه المفسدة نادرة، والغالب أن الناس لا يستخدمون هذا العنب أو التفاح أو نحو ذلك لهذا المحرم، وإنما يستخدمونه لأمر مباح، فنقول: بأن هذا لا يسد.

    القسم الثالث: كل عمل ظاهره أنه جائز ويتوصل به إلى أمر محرم، فهذا فيه خلاف، هل تسد هذه الذريعة أو لا تسد؟ مذهب المالكية والحنابلة القول بالسد، خلافاً للحنفية والشافعية.

    شروط سد الذرائع

    سد الذرائع يشترط له شروط:

    الشرط الأول: أن يكون الفعل المأذون به يفضي إلى مفسدة غالبة.

    الشرط الثاني: أن تكون المفسدة المترتبة على هذا العمل، يعني ما يفضي إليه هذا العمل من المفاسد ليس شيئاً يسيراً، وإنما هو شيء غالب.

    الشرط الثالث: ألا تدعو الحاجة إلى هذا العمل، يعني: ما منع سداً للذريعة يباح إذا دعت الحاجة إليه، كنظر الطبيب مثلاً إلى المريضة، النظر منع سداً لذريعة الفاحشة، لكن إذا احتيج إلى الطبيب ونحو ذلك فإنه يباح.

    وذكرنا من الضوابط، إذا ما كان ظاهره جائزاً ويفضي إلى محرم، ننظر إذا كان يترتب عليه مفسدة غالبة عليه، أو مساوية فإنها تمنع وتسد، وإذا كانت المفسدة يسيرة فإنها لا تسد، وهذا نضرب له أمثلة: مثلاً: بيع الهاتف النقال، قد يترتب عليه مفسدة، وأن هذا الشخص يتكلم به كلاماً محرماً ونحو ذلك، وقد يترتب عليه مفسدة، لكن أنت إذا تأملت المفسدة المترتبة عليه تجد أنها مفسدة نادرة أو يسيرة، لكن عموم المصلحة المترتبة على ذلك استفادة الناس به، فلا نقول: يمنع.

    ومثلها أيضاً كثير من الأمور التي استجدت الآن، مثلاً: جهاز الكمبيوتر، قد يستخدمه الإنسان في أمر محرم، قد يستخدمه في نظر صور أو أفلام أو نحو ذلك، لكن هل نقول: يمنع من بيع مثل هذه الأشياء، أو نقول: المفاسد المترتبة هذه لا توازي عظمة المصالح الكبيرة المترتبة على استخدام مثل هذه الأشياء، فاستخدام مثل هذه الأجهزة يترتب عليه مصالح كثيرة، لكن بيع مثل هذه الأجهزة قد يستخدمها بعض الناس لأمر محرم، لكن نقول: هذا شيء يسير أو نادر، فلا نقول بالسد؛ لما يترتب عليه من مصالح عظيمة.

    بيع جهاز التلفاز؟ كيف ننزل جهاز التلفاز على هذه القاعدة؟ هل نقول: يجوز أنك تبيع جهاز التلفاز أو نقول: لا يجوز؟

    أنت إذا رأيت الآن استعمال الناس له اليوم هل المصالح أكثر أو المفاسد؟ الذي يظهر أن المفاسد في بيع آلة التلفاز أكثر؛ لأن أكثر الناس اليوم إذا تأملت إلى أحوالهم تجد أنهم يستخدمونه في أمور محرمة، خلاف جهاز الكمبيوتر، أنت إذا رأيت استخدامات الناس تجد أن الغالب أنهم يستخدمونه في أمور مباحة، وإن كان قد يستخدم في أمور محرمة، وعلى هذا فلا نقول بسد الذرائع هنا، فجهاز التلفاز يختلف عن جهاز الكمبيوتر، وقد يأتي وقت من الأوقات قد يختلف الوضع، وهذه كقاعدة عامة، لابد أن نفرق كقاعدة عامة، وأما كنظر إلى أفراد معينين قد نقول: هذا الرجل يجوز أنك تبيع له جهاز التلفاز وهذا ما يجوز، تظن أنه يستخدمه في خير فتبيع له، وهذا يستخدمه في شر فلا تبيع عليه، حتى جهاز الكمبيوتر إذا ظننت هذا الرجل سيكون استخدامه له في شر فلا تبعه له، المهم أنه كقاعدة عامة، هذا النشاط لك أن تزاوله، وهذا النشاط ليس لك أن تزاوله، وعلى هذا فقس.

    الآن المؤلف رحمه الله أنهى ما يتعلق بالأحكام التكليفية، وتقدم أن الأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين:

    القسم الأول: الأحكام التكليفية، وهي خمسة: الواجب، والمسنون، والمحرم، والمكروه، والمباح.

    1.   

    الأحكام الوضعية

    أما بالنسبة للأحكام الوضعية فالحكم الوضعي هو: خطاب الشارع المتعلق بأفعال المكلفين وضعاً.

    والحكم الوضعي أنواع: منه الصحة، والفساد، والبطلان، والشرط، والسبب، والمانع، والقضاء، والأداء، والإعادة، مع أن بعض الأصوليين ينازع في إدخال هذه الأشياء في الأحكام الوضعية، والمهم نحن سنتكلم عن هذه الأشياء:

    الصحيح

    أولاً: الصحة، الصحيح في اللغة: هو السليم من المرض.

    وأما في الاصطلاح: فهو ما يتعلق به النفوذ ويعتد به، سواء كان عبادة أو عقداً، ومعنى يتعلق به النفوذ ويعتد به: يعني أن هذه العبادة يتعلق بها النفوذ، أي: أنها مبرأة للذمة، ويعتد بها عند الله سبحانه وتعالى، يترتب عليها حصول الأجر، أي: أنها مبرأة للذمة، ويترتب عليها حصول الأجر عند الله سبحانه وتعالى.

    ومتى تكون العبادة يتعلق بها النفوذ ويعتد بها؟

    إذا توفرت شروطها وانتفت موانعها هنا الآن يتعلق بها النفوذ ويعتد بها، العقد أيضاً: ما يتعلق به النفوذ ويعتد به، بمعنى: أن العقد يكون نافذاً صحيحاً، ويعتد به: تترتب عليه أحكام، من الملك، والاستحلال، ونحو ذلك، وهو يملك هذه السيارة، يملك هذه المرأة، يستحل الانتفاع والتصرف، والاستمتاع ونحو ذلك.

    وذلك إذا توفرت شروط هذا العقد، وانتفت موانعه. ونقول: بأنه صحيح.

    الباطل

    ثانياً: الباطل: في اللغة: هو الذاهب ضياعاً وخسراً.

    وأما في الاصطلاح: فهو ما لا يتعلق به النفوذ ولا يعتد به، سواء كان عبادة أو عقداً، العبادة لا يتعلق بها النفوذ ولا يعتد بها، فلا تكون مبرأة للذمة عند الله سبحانه وتعالى، ولا يترتب عليها حصول الأجر، كذلك أيضاً العقد لا يكون نافذاً صحيحاً، فلا يترتب عليه ما يترتب على العقد الصحيح من الملك، والاستحلال، والانتفاع، والتصرف، ونحو ذلك، وذلك إما لتخلف شرط أو لانتفاء مانع، وهل هناك فرق بين الفاسد والباطل إلى آخره؟ نعم هناك خلاف بين الحنفية والجمهور، إن شاء الله سوف نتعرض له في الدرس القادم، والحمد لله رب العالمين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756348585