إسلام ويب

تفسير سورة الزخرف (11)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • أرسل الله عز وجل عيسى عليه السلام إلى بني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة الله، ويبين لهم بعض الذي يختلفون فيه، فما كان منهم إلا أن اختلفوا في عيسى نفسه كما اختلفوا من قبل، فمنهم من قال: هو ابن الله، ومنهم من قال أنه وأمه ورب العزة ثلاثتهم إله، فتوعد الله الذين ظلموا منهم بالعذاب الأليم.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (ولما جاء عيسى بالبينات قال قد جئتكم بالحكمة ...)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.

    وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

    أما بعد:

    فها نحن مع هذه الآيات من سورة الزخرف المكية، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ * فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ * هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الزخرف:63-66].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا جل ذكره: وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ [الزخرف:63] سبق في الآيات التي قبل هذه أن ابن الزبعرى أضحك المشركين في مكة فصفقوا؛ حيث قال: إذا كنا وما نعبد من دون الله في جهنم فعيسى والعزير والملائكة في النار، ففرح المشركون فرحاً عجباً، وكانوا في ذلك مخطئين جاهلين؛ فالذي يدخل النار من عبد غير الله، والذي عُبد من دون الله ورضي بأن يُعبد في النار، وأما من كان يعبد الله ويأمر بعبادته فكيف يكون في النار؟ فبهذه المناسبة ذكر تعالى كلمات عن عيسى عليه السلام.

    وأولاً: من هو عيسى؟

    هذا عيسى بن مريم عليه السلام، لا أب له، وهو شبيه بآدم عليه السلام، آدم خلقه الله بدون أب ولا أم، وإنما بكلمة (كن) فكان، وعيسى خلقه تعالى من أم بلا أب، ما هو إلا أن نفخ جبريل في كم درع مريم فإذا بها تحمل عيسى في ساعة واحدة من النهار وتلده، فهو عيسى بن مريم عليه وعلى أمه السلام.

    قال تعالى: وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ [الزخرف:63] الإنجيل، الحجج، المعجزات، كل هذا جاء به عيسى، أما كان يحيي الميت وينفخ في الصورة للطير فتصبح طائراً؟ ويبرئ الأكمه والأبرص؟ كل هذه آيات تدل على نبوته، رسالته، على صدق دعوته، على أنه لا إله إلا الله وأن عيسى رسول الله.

    وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ [الزخرف:63] جاء اليهود والنصارى، لما جاءهم بالبينات ماذا قال لهم؟

    قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ [الزخرف:63] ألا وهي النبوة، جئتكم نبياً من أنبياء الله، رسولاً من رسل الله، والحكمة ما هي؟

    ما ينجي العبد من العذاب ويدخله في النعيم المقيم، الحكمة ما يسعدك ولا يشقيك، ما يبعدك عن العذاب ويجعلك في النعيم المقيم، هذا أولاً.

    معنى قوله تعالى: (ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه)

    ثانياً: وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ [الزخرف:63]؛ إذ اليهود اختلفوا في التوراة اختلافاً عجباً، نقصوا منها وزادوا فيها بالفعل، واختلف اليهود والنصارى في عيسى، فاليهود يقولون: عيسى ابن زنا وأمه عاهرة، ويقولون: عيسى ساحر والعياذ بالله، والنصارى اختلفوا في عيسى، منهم من يقول: هو ابن الله، ومنهم من يقول: هو الله، ومنهم من يقول: هو ثالث ثلاثة مع الله! اختلاف عجب، وإلى الآن النسطورية واليعقوبية وغيرهم في خلاف، فهؤلاء يقولون: هو ابن الله، وهؤلاء يقولون: هو الله، وهؤلاء يقولون: ثالث ثلاثة مع الله! اختلاف عجب.

    قال: وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ [الزخرف:63] فبين لهم أن عيسى عبد الله ورسوله، ليس بابن الله، ولا هو ثالث ثلاثة، ولا هو الله، أعلم اليهود أن عيسى عبد الله ورسوله، ما هو بساحر ولا دجال ولا ابن الزنا.

    معنى قوله تعالى: (فاتقوا الله وأطيعون)

    وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ [الزخرف:63] فبينه، إذاً: فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ [الزخرف:63] يا معشر اليهود، يا معشر النصارى المسيحيين، اعبدوا الله، اتقوا الله وأطيعون.

    وتقوى الله كيف تكون؟ نحن مأمورون بتقوى الله: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا [الأحزاب:70]، فكيف نتقي الله وبم نتقي الله؟ هل نتقي عذاب الله بالمباني العالية؟ بالحصون؟ بالأموال؟ بالرجال؟ بالسلاح؟ بم نتقي الله؟

    الجواب: نتقي الله بفعل ما يحبه وترك ما يكرهه، بهذا فقط يتقى الله، أي: يتقى سخط الله، عذابه، غضبه على عبيده يتقى بشيئين: بفعل ما أمر بفعله اعتقاداً أو قولاً أو عملاً أو صفة، والبعد عما نهى عنه وحرمه من الاعتقاد الباطل، والقول السيئ، والعمل الفاسد، والصفة المذمومة، بهذا يتقى الله.

    وهنا كيف نعرف محاب الله التي نفعلها، ومكارهه التي نتركها؟ ما الطريق إلى ذلك؟ ألا إنه طلب العلم، على كل من قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، عليه أن يطلب العلم الذي به يعرف كيف يعبد الله، وبم يعبد الله؛ ولهذا قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( طلب العلم فريضة على كل مسلم )، شهدت أن لا إله إلا الله موقناً أنه لا يوجد إله إلا الله حقاً حقاً، شهدت أن محمداً رسول الله لا رسول بعده، إذاً: يجب عليك أن تعرف محاب الله وكيف تفعلها، ومكاره الله وكيف تتركها، وبذلك نتقي الله عز وجل، أي: نتقي عذاب الله وسخطه علينا.

    أمرهم بتقوى الله وأمرهم بطاعته؛ لأنه رسول الله إليهم، يجب أن يطيعوه، فإن قال: قولوا فإنهم يقولون، إن قال: اسكتوا فإنهم يسكتون، إن قال: كلوا فإنهم يأكلون، إن قال: اتركوا فإنهم يتركون؛ لأنه يقودهم إلى ما فيه محاب الله، هو الذي يبين لهم، وهم وحدهم ما يعرفون، لا بد من اتباع الرسول، هذا كتاب الله، لولا رسول الله لما عرفنا الكثير أبداً، ولهذا فطاعة الرسول من طاعة الله، قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ [النساء:80] قطعاً، ومن يعص الرسول فقد عصا الله؛ لأن الرسول يبين لنا ما يحب ربنا وكيف نفعل هذا المحبوب، ويبين لنا ما يكره ربنا وكيف نترك هذا المكروه ونبتعد عنه.

    وهناك آية كريمة تقول: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ [النساء:69] ما له؟ هذا مبتدأ فأين الخبر؟ أين الجزاء؟

    قال تعالى: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء:69] من أطاع الله والرسول فوالله! إنه مع الذين أنعم الله عليهم، أنعم عليهم برضوانه وإنزالهم بجواره في الجنة؛ إذ قال تعالى مبيناً لذلك: مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69].

    اسمعوا هذه الآية العجيبة: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ [النساء:69] أي: محمداً فَأُوْلَئِكَ [النساء:69] أي: المطيعون مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ [النساء:69] بنعمة ماذا؟ بالأولاد والمال؟ بنعمة الإيمان والإسلام، بنعمة الإيمان وتقوى الله عز وجل، فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا [النساء:69] وهكذا يأمر الله تعالى عباده بتقواه من أجل أن تزكو نفوسهم وتطيب أرواحهم، فيصبحوا أهلاً لمجاورته في الملكوت الأعلى.

    وهكذا يقول عيسى عليه السلام: فاتقوا الله يا يهود، يا مسيحيون، اتقوا الله وأطيعوني ولا تعصوني وتخرجوا عن طاعتي لتكملوا وتسعدوا في الدارين.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إن الله هو ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم)

    ثم قال لهم: إِنَّ اللَّهَ هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ [الزخرف:64] إن الله جل جلاله وعظم سلطانه هو ربي، أي: خالقي ورازقي ومالك أمري، معبودي الحق الذي لا أعبد سواه، وربكم أيضاً هو الذي خلقكم ورزقكم، إذاً: فاعبدوه وحده ولا تشركوا به سواه، هذه الجملة من قالها؟ عيسى عليه السلام، وهل نحن كنا حاضرين؟ إن الله تعالى هو الذي أخبر بهذا.

    إِنَّ اللَّهَ هُوَ [الزخرف:64] لا غير الله رَبِّي وَرَبُّكُمْ [الزخرف:64]، إذاً فَاعْبُدُوهُ [الزخرف:64] ما أنا بإله ولا العزير بابن الله ولا الملائكة بنات الله، لا معبود إلا الله هو ربي وربكم فاعبدوه.

    هكذا يقول لهم معلماً مربياً داعياً إلى الله: إن الله هو لا سواه ربي وربكم فاعبدوه، لا معبود لنا سواه؛ إذ هو خالقنا، رازقنا، خالق الكون كله من أجلنا، فلا نعبد سواه ولا نترك عبادته، بل نعبده ولا نعبد معه غيره.

    ثم قال لهم: هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [الزخرف:64] هذا طريق مستقيم لا اعوجاج فيه، نهايته سعادة الدارين، وكثيراً ما أبين للسامعين والسامعات فأقول: الصراط المستقيم هو الطريق الذي ما فيه اعوجاج، إذا سلكته وصلت إلى حاجتك إلى غايتك، هذا الصراط عن يمينه الواجبات والفرائض، وعن يساره المكروهات المحرمات، فامش أنت، افعل الواجب وتخل عن المحرم، افعل الواجب واترك المحرم، ولا تزال كذلك حتى تنتهي حياتك وإذا بروحك يعرج بها إلى الملكوت الأعلى وتبقى في الجنة.

    فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ [الزخرف:64] عبادة الله بفعل ما أوجب الله وترك ما حرم الله، هذه عبادة الطريق الموصل إلى رضا الله تعالى وإلى جواره في الجنة.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (فاختلف الأحزاب من بينهم فويل للذين ظلموا من عذاب يوم أليم)

    ثم قال تعالى مخبراً عما وقع: فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ [الزخرف:65] اليعقوبية والنسطورية وغيرهم من اليهود والنصارى.

    فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ [الزخرف:65] فيا ويلهم، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف:65] اختلفوا في عبادة ربهم وطاعة رسله واتباعهم، بعث الله محمداً فما آمنوا به ولا مشوا وراءه، وهم يعيشون في الجهل والظلام والفساد.

    فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ [الزخرف:65] من بين اليهود والنصارى، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف:65]، ما هو الويل هذا الذي لهم؟

    بينه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بأنه واد في جهنم، يسيل من دماء وقيوح وأوساخ الذين في النار، وخاصة فروج الزواني والعياذ بالله تعالى، واد يسيل بالأوساخ، هذا الذي يأكلون ويشربون، فويل لهم والعياذ بالله.

    فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا [الزخرف:65] ظلموا ربهم فما عبدوه، ما أعطوه حقه، ظلموا عباد الله فجهلوهم وفسقوهم وكفروهم، ظلموا أنفسهم بترك الواجبات وفعل المحرمات، فهم ظالمون، فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا [الزخرف:65] يوم القيامة مِنْ عَذَابِ يَوْمٍ أَلِيمٍ [الزخرف:65] لا حد له.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون)

    وأخيراً يقول تعالى: هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً [الزخرف:66] هؤلاء المصرون على الكفر والشرك والفسق والفجور والظلم والشر ماذا ينتظرون؟

    هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ [الزخرف:66] فجأة وهم مشغولون بالهيدروجين والذرة والطعام والنكاح؟ الواقع هذا، فهؤلاء الكافرون المشركون ينتظرون ماذا؟ والله! ما ينتظرون إلا الساعة، إلا يوم القيامة.

    هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً [الزخرف:66] فجأة، وهم مشغولون يطيرون في السماء ويغوصون في الماء، ويحلون ويحرمون ويعيشون على الزنا والفجور والباطل؟ ينتظرون ماذا؟ والله! ما هي إلا الساعة أن تأتيهم فجأة وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ [الزخرف:66].

    والله تعالى أسأل أن يتوب علينا وعليهم، اللهم تب على عبادك الصالحين والمؤمنين، وعلى عبادك الكافرين والضالين، واهدنا جميعاً يا رب العالمين.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال المؤلف غفر الله له ولكم ورحمه وإياكم والمؤمنين:

    [ هداية الآيات:

    من هداية الآيات:

    أولاً: بيان رسالة عيسى إلى بني إسرائيل ].

    من هداية هذه الآيات التي تدارسناها الآن: تقرير نبوة عيسى وأنه عبد الله ورسوله، ما هو بإله ولا ابن الله ولا ثالث ثلاثة مع الله، وإنما هو عبد الله ورسوله، أليس كذلك؟

    [ ثانياً: وجوب التقوى لله وطاعة الرسول، وتوحيد الله في عبادته ]، فلا نصرف عبادة الله لمخلوق كائناً من كان، لا بد من التوحيد في العبادة، فإن كنت تعبد الله وتعبد معه غيره فلا ينفعك ذلك.

    وأنبه إلى أن الذين يحلفون بسيدي فلان ورأس فلان وكذا قد أشركوا في عبادة ربهم، ويجب أن يتوبوا إلى الله، ومن ذكر بعدما نسي فليقل: لا إله إلا الله، فلا نقسم ولا نحلف إلا بربنا، لا بالكعبة ولا بالنبي ولا بفلان ولا فلان، أيماننا هي: والله وبالله وتالله فقط.

    ثانياً: الجهلة يدعون الأولياء وينادونهم: يا سيدي فلان، يا فلان، يا كذا، أنا كذا، ويحدثونهم ويشكون إليهم، وهذا -والله- شرك أعظم، هذا ينبغي أن يكون لله السميع العليم، القوي القدير، أما أمام ميت يقول: يا سيدي فلان، يا كذا .. يا كذا؛ فهذا -والله- شرك أعظم وصاحبه إن مات عليه لن يدخل الجنة.

    والذبائح يذبحون وينذرون للأولياء: يا سيدي فلان! إذا سلمت امرأتي في ولادتها فسأذبح لك شاة، هذا أيضاً شائع بين الجهال والعوام، مساكين ما علمناهم، ما عرفناهم، ظلمناهم، ومع هذا هم واقعون في هذا الجهل، فكيف نذبح الذبيحة لغير الله؟ لا تصح لملك ولا لرسول ولا لولي؛ لأن الله تعالى يقول: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الأنعام:162]، والمراد من النسك: الذبح، نقول: باسم الله، والله أكبر على الشاة، نذبحها لله ما نذبحها لغيره.

    [ ثالثاً: بيان شؤم الخلاف، وما يجره من التوغل في الكفر والفساد ].

    من هداية الآيات: بيان شؤم الخلاف، وأنه سبب للهلاك والدمار، ووالله! لهو كذلك، فما فعل الخلاف بهذه الأمة؟ مزقها، شتتها، هبط بها، فعل فيها العجب، وما زالت مختلفة هابطة ساقطة، ما اجتمعت كلمتها ولا دولتها، ولا شرعها ولا قانونها، فهي كما تشاهدون بسبب الخلاف، فينبغي ألا خلاف بيننا، كلنا مسلمون مؤمنون نعبد الله بما شرع وأنزل في الكتاب وبين رسوله، لا طائفية، لا حزبية، لا إقليمية، نحن عبيد الله مسلمون، المسلم أخو المسلم، هذا هو نظام حياتنا.

    لا تقل: أنا كذا وهذا كذا وكذا، هذا الخلاف حرام ولا يجوز، وهو سبب الشقاء والبلاء والعياذ بالله تعالى، والآية نددت بالخلاف، فماذا قال تعالى؟

    فَاخْتَلَفَ الأَحْزَابُ مِنْ بَيْنِهِمْ [الزخرف:65] الأحزاب هي الجماعات.

    [ رابعاً: وعيد الله لليهود والنصارى الذين لم يدخلوا في الإسلام بالويل، وهو عذاب يوم أليم ].

    آخر الهدايات: وعيد الله لليهود والنصارى، ولكل من مات مشركاً وكافراً بالله، ما لهم جزاء إلا جهنم والعياذ بالله.

    وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756013149