إسلام ويب

تفسير سورة الأحزاب (10)للشيخ : أبوبكر الجزائري

  •  التفريغ النصي الكامل
  • بعد أن ذكر الله عز وجل مقام أمهات المؤمنين، وما يجب عليهن تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودين الله والمؤمنين، ثنى بذكر الأوصاف التي ما إن يتحلى بها العبد من رجل أو امرأة حتى يستحق مغفرة الله ودخول جنته، فذكر من صفاتهم الإسلام والإيمان، والقنوت والصدق والصبر، والخشوع والتصدق والصيام، وحفظ الفرج، والمداومة على ذكر الله.

    1.   

    تفسير قوله تعالى: (إن المسلمين والمسلمات ... أعد الله لهم مغفرة وأجراً عظيماً)

    الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

    أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35].

    معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! هذه الآية المباركة الميمونة اشتملت على عشر صفات فمن وجد هذه الصفات في نفسه، فليحمد الله على ما أولاه وأعطاه، إذ أعده للجنة دار النعيم، ومن وجد نفسه غير متصف بها أو ببعضها دون البعض فعليه أن يتوب إلى الله ويرجع إليه، ويسلم قلبه له ليهديه؛ ليكمل ويسعد كما يكمل ويسعد عباد الله الصالحين.

    سبب نزول قوله تعالى: (إن المسلمين والمسلمات ...)

    لهذه الآية سبب بل سببان في نزولها، السبب الأول: لما أثنى الله تعالى على آل البيت كما تقدمت الآية تطلع المسلمون من غير آل البيت إلى أن يكرموا كما أكرم آل البيت، ويسعدوا كما سعدوا، وتاقت نفوسهم، فأنزل الله تعالى هذه الآية ذات الصفات العشرة، وبشرهم بمغفرة ذنوبهم وإدخالهم الجنة دار النعيم المقيم. هذا سبب.

    وسبب آخر أيضاً في نزول هذه الآية، وهو: أن بعض المؤمنات أتين إلى عائشة رضي الله عنها وقلن لها: قولي للرسول لم يذكر الرجال فقط في القرآن ولم يذكر النساء؟ فدائماً يقول: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ))! وهكذا، والنساء ما يذكرن، فهل هذا نقص لهن؟ فأنزل الله هذه الآية، وقرأها الرسول صلى الله عليه وسلم، فذكر المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات بالصفات العشر، فاطمأنت نساء المؤمنات وسكنت. وهيا بنا نتدارس هذه الصفات العشر.

    معنى قوله تعالى: (إن المسلمين والمسلمات)

    الصفة الأولى: قال تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ [الأحزاب:35]. المسلم هو الذي أسلم شيئاً لله، تقول: أسلمت المفتاح لفلان، أسلمته أجرة البيت، والمسلمون هم: الذين أسلموا ووجوههم وقلوبهم لله، فقالوا: نشهد أن لا إله إلا الله ونشهد أن محمداً رسول الله، ثم أقاموا الصلاة، وآتوا الزكاة، وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر، أولئك هم المسلمون. والمسلمات نظير المسلمين، فالمسلمة هي: التي تسلم قلبها ووجهها لله، وقلبها لا يتقلب إلا في طلب رضا الله، وجهها لا تنظر به إلا إلى الله، وترفع أكفها إليه سائلة ضارعة، ولا تلتفت يميناً ولا شمالاً؛ إذ ليس من يجيب ويعطي إلا الله. هذا هو الإسلام. جعلنا الله وإياكم من أهله.

    معنى قوله تعالى: (والمؤمنين والمؤمنات)

    الصفة الثانية: قال تعالى: وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ [الأحزاب:35]. والمؤمن هو: الذي صدق بوجود الله رباً وإلهاً، لا رب غيره، ولا إله سواه، وآمن وصدق بقدرة الله وعظمته، وجلاله وكماله، وصدق بصفات الله في أسمائه وصفاته، وهو الذي آمن بالله والدار الآخرة، وآمن بالله وكتابه ورسوله، والذي قال: آمنت بما أنزل الله. هذا هو المؤمن. ونظيره أيضاً مؤمنة، فهي التي آمنت بالله ولقائه، وبالله وكتابه، وبالله ورسوله، وبالجنة دار النعيم، وبالنار دار العذاب المقيم الأليم، وآمنت كما آمن الرجل، فهي أيضاً مؤمنة.

    معنى قوله تعالى: (والقانتين والقانتات)

    الصفة الثالثة: قال تعالى: وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ [الأحزاب:35]. القانتون جمع قانت، والقانتات جمع قانتة، وقنت رجل يقنت، وقنتت المرأة تقنت إذا عبدت ربها بذل واستصغار نفس واحتقار، والقانت: الذي يعبد الله بذل وخضوع له، ولا يخرج عن طاعته فيما يأمر به، ولا فيما ينهاه عنه. والقانتة هي: المطيعة لله، العابدة له، الخاشعة في عبادتها. تلك هي القانتة. والقانت هو: العابد المتقي، المطيع لله عز وجل، الخاضع له، والذي يذل بين يديه، ويدعوه ويستغيث به.

    معنى قوله تعالى: (والصادقين والصادقات)

    الصفة الرابعة: قال تعالى: وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ [الأحزاب:35]. الصفة الرابعة: الصدق. والصادق هو: الذي ما يكذب أبداً، وهو الصادق في قوله في عمله في حياته كلها، ولا يعرف الانحراف أبداً، ولا الكذاب ولا الخيانة، ولا الخروج عن العدل والحق. والصادقة مثله، فهي تلك التي لا تكذب ولا تعرف الكذب، لا في قول ولا في عمل ولا في اعتقاد.

    والصدق صفة من صفات أولياء الله الفائزين برضا الله. والصدق ضده الكذب والخيانة والغش، والصادق هو: الذي لا يكذب أبداً، لا مع الله ولا مع عباده ولا مع نفسه، والذي لا يعرف إلا الحق، ولا ينطق إلا بالصدق أبداً. والصادقة كالصادق.

    معنى قوله تعالى: (والصابرين والصابرات)

    الصفة الخامسة: قال تعالى: وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ [الأحزاب:35]. الصابرون جمع صابر، والصابرات جمع صابرة.

    ومجالات الصبر ثلاثة: المجال الأول: صبر على طاعة الله بفعل أوامره على مدى الحياة، فلا نترك واجباً أوجبه.

    المجال الثاني: صبر على طاعة الله بترك معاصيه، فما حرمه من اعتقاد أو قول أو عمل لا نأتيه ولا نقوله ولا نفعله، بل نحبس أنفسنا عنه. فهو صبر على الطاعة حتى لا تفارقها، وصبر عن المعصية حتى لا تغشاها ولا تأتيها.

    المجال الثالث: صبر على البلاء بالتسليم لله والرضا، فإذا ابتلاك بفقر .. ابتلاك بمرض .. ابتلاك بخوف .. ابتلاك بعجز فاصبر واستسلم لله، وفوض أمرك إليه، ولا تسخط ولا تقنط ولا تجزع، وأكثر من الدعاء والاستعانة بالله عز وجل. هذا الصبر على البلاء.

    وليس كل أحد يصبر، فإذا ابتلاك الله بفقر فاصبر، فلا تسرق ولا تخدع، ولا تغش ولا تكذب، ولا تترك طاعة الله ولا عبادته. ومن الناس من إذا ابتلاه الله بمرض لا يعرف إلا الله، ولا يستغيث إلا به، ولا يلجأ إلا إليه، ويفوض أمره إليه، وكذلك إذا ابتلاه بخوف في مدة من الزمن يصبر ويحتسب، حتى ينقذه الله وينجيه.

    والصبر هو: حبس النفس وهي كارهة على طاعة الله حتى ما تعصي الله، وحبس النفس بعيدة عن معاصي الله، فلا تعص الله بفعل محرم، أو غشيان ذنب من الذنوب.

    وصبر النفس هو: حبسها على البلاء، فلا تجزع ولا تغضب ولا تسخط على الله عز وجل، بل ترضى بقضاء الله وتسلم له، وحسبها أن تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد.

    معنى قوله تعالى: (والخاشعين والخاشعات)

    الصفة السادسة: قال تعالى: وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ [الأحزاب:35]. الخشوع هو: الذل والصغار، والاستصغار والتذلل بين يدي الله، وبخاصة إذا كنت في الصلاة، فلا تلتفت يميناً ولا شمالاً، ولا يذهب قلبك خارجاً عن مكانك وأنت بين يدي ربك، وإن ارتعدت فرائصك وذرفت دموعك فذلك خير، وهو علامة الخشوع. فالخشوع هو: الذلة لله والصغار بين يديه.

    وهذا الخشوع يكون في العبادات كلها، فليكن الصائم خاشعاً، والمصلي خاشعاً، والمتصدق خاشعاً، ولا يفارقه الخشوع أبداً. والخاشعات كالخاشعين. فالخاشعين هم: الذين يخشعون بقلوبهم لله عز وجل عند أداء عباداته وطاعته.

    معنى قوله تعالى: (والمتصدقين والمتصدقات)

    الصفة السابعة: قال تعالى: وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ [الأحزاب:35]. والمراد من التصدق هنا أولاً الزكاة، أي: والذين يؤدون الزكاة إذا وجبت وحان حينها في وقتها لمصارفها التي بينها الله في كتابه، وينفقون أيضاً زيادة على الزكاة، فإذا احتاج مؤمن أو فقير إلى مساعدة يسدون حاجته ويقضونها.

    فقوله: وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ [الأحزاب:35] هم المزكون والمزكيات، والمنفقون في سبيل الله النفقات الواجبة والمستحبة من النوافل.

    معنى قوله تعالى: (والصائمين والصائمات)

    الصفة الثامنة: قال تعالى: وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ [الأحزاب:35]. الصائمون جمع صائم، وهو الذي يمسك عن الأكل والشرب والنكاح من طلوع الفجر إلى غروب الشمس. ذاكم هو الصائم. والصائمة مثله، فهي التي تمسك إذا طلع الفجر عن الطعام والشراب والنكاح. وهؤلاء أثنى الله عليهم، ووصفهم بهذه الصفة. والصيام أجره عظيم، فـ( من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا ).

    وكان داود عليه السلام مع الحكم والولاية والدولة يصوم يوماً ويفطر يوماً، ورغب النبي صلى الله عليه وسلم في صيام الخميس والاثنين لمن قدر على ذلك، وكذلك صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فضلاً عن رمضان العظيم. والصائمات كالصائمين. والصائم الذي يمسك عن الطعام والشراب لا ينفعه ذلك إن لم يمسك عن الغش والخداع، والكذب والنفاق والقول الباطل. ولذلك عندما يصوم يمسك عن الطعام والشراب والنكاح، ويمسك عن كل قول باطل ونظرة محرمة، وفكرة سيئة وعمل فاسد، حتى يكون صائماً بالفعل.

    معنى قوله تعالى: (والحافظين فروجهم والحافظات)

    الصفة التاسعة: قال تعالى: وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ [الأحزاب:35]. هذه الصفة التاسعة. وهم الحافظون فروجهم من الزنا .. من اللواط .. من كشف العورة وعدم سترها بين الرجال والنساء.

    وقوله: الْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ [الأحزاب:35]، يحفظونها من الوقوع في الزنا أو اللواط، والمرأة تحفظ فرجها من أن تقع أيضاً في زنا. وكذلك وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ [الأحزاب:35] عن كشفها وتعريتها وإبدائها وإظهارها للناس، فكشف العورة حرام، ولا يحل أبداً لمؤمنة أن تكشف عورتها، ولا لرجل أن يكشف عورته، بل لابد من الحفاظ على العورات، وسترها وعدم إظهارها. فقوله: وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ [الأحزاب:35]، أي: يحفظونها من الزنا واللواط، والحافظات النساء من النساء يحفظن فروجهن من الزنا، فلا يحل لها كشفها إلا زوجها، ومن كانت أمة فلمن يملكها.

    معنى قوله تعالى: (والذاكرين الله كثيراً والذاكرات)

    الصفة العاشرة: قال تعالى: وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ [الأحزاب:35]. وقد بينت لكم قول أهل العلم أن الكثرة لا تقل عن ثلاثمائة مرة. فلنذكر الله تعالى على الأقل ألف مرة في اليوم والليلة، وهي ميسرة وسهلة، فمع الصلوات الخمس خمسمائة مرة، إذ بعد السلام عليكم نسبح الله ثلاثاً وثلاثين، ونحمده ثلاثاً وثلاثين، ونكبر ثلاثاً وثلاثين، فهذه تسعة وتسعون، ونختم المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، فهذه مائة، وتكون مائة في الصبح، ومائة في الظهر، ومائة في العصر، ومائة في المغرب، ومائة في العشاء، فهذه خمسمائة. وهناك الوردان اللذان لا يتركهما ذو دين وعقل أبداً، وهما: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كل صباح مائة مرة، فتصبح ستمائة مرة، وكذلك ذكر المساء والصباح سبحان الله وبحمده مائة مرة، فهذه يمحو الله بها الذنب وإن كان مثل زبد البحر. فهذه سبعمائة مرة، وتبقى ثلاثمائة مرة، فتردد استغفر الله إذا جلست في فراشك مائة مرة، وتردد استغفر الله لي ولوالدي وللمؤمنين والمؤمنات مائة مرة في مجلسك الذي تنام فيه فهذه ثمانمائة. وأيضاً لتكن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لا تقل عن ثلاثمائة مرة في اليوم، فتصلي عليه دبر كل صلاة عشرين مرة، ففي الخمس الصلوات تكون مائة، ومائة تأتي بها على فراشك أيضاً مع ذلك الاستغفار. وبذلك تكون قد سبحت الله وذكرته ألف مرة. وهذه هي الكثرة.

    وكذلك المرأة تذكر الله وإن كانت حائضة وإن كانت نفساء، فذكر الله بابه مفتوح للمتوضئ ولغير المتوضئ، وللجالس وللماشي، بل وللمضطجع والنائم، فالكل يذكرون الله، كما قال تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [النساء:103]. وأهل الذكر محفوظون بحفظ الله، ومعصومون بعصمة الله، والتاركون لذكر الله المعرضون عن ذكر الله والناسون له والغافلون عنه هم الذين يتورطون في كل الذنوب والآثام، ولا يخرجون منها.

    وجزاء أصحاب هذه الصفات من المؤمنين والمؤمنات يقول تعالى فيها: أعد الله لهم ، أي: هيأ وأحضر وأعد لهم مغفرة لذنوبهم إن كانت لهم ذنوب، وأجراً عظيماً لا يقدر قدره ولا يعرف مداه، ألا وهو جوار الله في مراتب النبيين والصديقين والشهداء والصالحين في الجنة دار النعيم المقيم. فقولوا: اللهم اجعلنا منهم، واعملوا على أن تكونوا منهم. فهذه عشر صفات فقط، وليست إحدى عشر صفة ولا عشرين، بل هي عشر صفات، فاسمعوها، قال تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا [الأحزاب:35]. فلهم أولاً: محواً لذنوبهم حتى يطهروا ويطيبوا، ثم ينزلهم منازل الأبرار في الجنة دار النعيم المقيم. اللهم اجعلنا منهم.

    1.   

    قراءة في كتاب أيسر التفاسير

    هداية الآيات

    قال: [ هداية الآيات ] الآن مع هداية هذه الآية:

    [ هداية هذه الآية:

    أولاً: بشرى المسلمين والمسلمات بمغفرة ذنوبهم ودخول الجنة إن اتصفوا بتلك الصفات المذكورة في هذه الآية، وهي عشر صفات، أولها الإسلام، وآخرها ذكر الله تعالى ] فمن هداية هذه الآية القيمة المباركة البشرى التي تحملها للمؤمنين والمؤمنات إنهم أسلموا قلوبهم ووجوههم لله وصدقوا الله فيما أخبر به، ثم أتوا بهذه الصفات وأكملوها بذكر الله عز وجل الكثير.

    [ ثانياً: فضل الصفات المذكورة ] من الصيام والصلاة، والقيام وإيتاء الزكاة، وحفظ الفروج [ إذ كانت سبباً في دخول الجنة بعد مغفرة الذنوب ] فيكفيها أنها هيأ الله بها لأهلها الجنة دار النعيم المقيم بعد أن يغفر ذنوبهم، ويمحو سيئاتهم.

    [ ثالثاً ] وأخيراً: [ تقرير مبدأ التساوي بين الرجال والنساء في العمل والجزاء، في العمل الذي كلف الله تعالى به النساء والرجال معاً، وأما ما خص به الرجال أو النساء فهو على خصوصيته، لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ [النساء:32]. والله يقول الحق ويهدي السبيل ].

    والمساواة بين الرجال والنساء في الإسلام في هذه العبادات والطاعات كلها، وهناك ما اختص الله به الرجال كالجهاد دون النساء، واختص النساء بعمارة البيت وتربية الأولاد، مقابل عمل الرجال في المزرعة وفي الجهاد. فما كان من الصفات العامة كهذه فالمساواة عامة فيها بين النساء والرجال، ومن ذلك الجنة دار النعيم المقيم، وما اختص الله به النساء من بعض الأعمال أو الرجال ببعض الأعمال فللرجل ما كسب وللمرأة ما كسبت.

    وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    الأكثر استماعا لهذا الشهر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    756013057