إسلام ويب

فتاوى نور على الدرب (861)للشيخ : عبد العزيز بن باز

  •  التفريغ النصي الكامل
    1.   

    بيان حد عورة الرجل

    المقدم: بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا وسيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

    مستمعي الكرام! السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأسعد الله أوقاتكم بكل خير.

    هذه حلقة جديدة مع رسائلكم في برنامج نور على الدرب. رسائلكم في هذه الحلقة نعرضها على سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، مع مطلع هذه الحلقة نرحب بسماحة الشيخ ونشكر له تفضله بإجابة السادة المستمعين فأهلاً وسهلاً بالشيخ: عبد العزيز .

    الشيخ: حياكم الله وبارك فيكم.

    المقدم: حياكم الله.

    ====

    السؤال: أولى رسائل هذه الحلقة رسالة من إحدى الأخوات المستمعات بعثت بها وضمنتها عدداً من الأسئلة هي ثلاثة عشر سؤالاً عرضنا جزءاً كبيراً من أسئلتها في حلقات مضت، وفي هذه الحلقة تسأل عما يلي:

    أولاً: لقد سمعت بأن عورة الرجل هي في الصلاة فقط فهل هذا صحيح؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً؛ لأنا نشاهد المصارعة الحرة، والمصارعة كما تعلمون يرتدي أصحابها ملابس قصيرة جداً، وجهونا جزاكم الله خيراً.

    الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.

    أما بعد:

    فإن عورة الرجل ما بين السرة والركبة في الصلاة وخارجها، لكن يزاد على ذلك في الصلاة أن يستر عاتقيه أو أحدهما برداء ونحوه مع القدرة على ذلك، ولا يجوز للمؤمن في الصلاة أن يبدي شيئاً مما بين السرة والركبة، هذا هو الذي عليه جمهور أهل العلم وهو الصواب، وذهب بعض أهل العلم إلى أن الفخذ ليس بعورة ولكنه قول مرجوح، والصواب الذي دلت عليه الأحاديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه عورة، وأن العورة ما بين السرة والركبة، هذا في جميع الأوقات، لكن في الصلاة يشرع له أن يضع على عاتقيه شيء كالرداء، وإن كان الإزار واسعاً التحف بأطرافه على عاتقيه وكفى، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة: (من كان ثوبه واسعاً فالتحف به)، وفي اللفظ الآخر: (فخالف بين طرفيه)، يعني: على عاتقيه، (وإن كان ضيقاً فاتزر به)ولقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)، وفي اللفظ الآخر: (ليس على عاتقيه منه شيء)، وما يفعل في بعض الأحوال من بعض الرجال هذا لا ينبغي أن يعتقد أنه جائز ولو فعله الناس من إبداء الفخذ أو ما تحت السرة، كل هذا وإن فعله بعض الناس في أي حال سواء كان ذلك في لعب الكرة أو في غير ذلك فإنه يعتبر ممنوعاً ويعتبر خطأ ولا يجوز إبداء الفخذين لا في حال مسابقة الكرة ولا في غير ذلك، ولا في المجالس إذا جلس الناس فيما بينهم، بل يجب على الرجل أن يفعل ما شرع الله له وأن يتأدب بالآداب الشرعية فيستر ما بين السرة والركبة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بحفظ العورات، فالواجب على المؤمن أن يحفظ عورته وهكذا المؤمنة عليها أن تحفظ عورتها وهي كلها عورة عند الرجال، والرجل عورة ما بين السرة والركبة مطلقاً، وفي الصلاة عليه أن يستر عاتقيه أو أحدهما بالرداء أو بأطراف الإزار، هكذا جاءت السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والله المستعان.

    1.   

    حكم استعمال الحائض للحناء

    السؤال: هل المرأة إذا حنت شعرها أو كفيها في وقت العادة الشهرية هل هذا يعتبر حراماً؟

    الجواب: ليس في ذلك حرج كونها تستعمل الحناء في حال الحيض أو في حال النفاس في يديها أو في رجليها أو في شعرها، كل ذلك لا بأس به ولو كانت في حال الحيض والنفاس.

    1.   

    حكم استعمال المكياج في حق المرأة

    السؤال: لقد قرأت في أحد الكتب بأن الروج -حمرة الشفايف- هي زينة الجن والشياطين، هل يجب علينا عدم استعمالها للزينة؟ وهل المكياج حرام، مع أننا لا نضعها إلا في المناسبات مثل الأعياد والزواجات ولا يرانا الرجال؟

    الجواب: وضع ما يعتاده النساء في الشفة من الحمرة هذا لا بأس به، والقول بأنه زي الجن أو الشياطين، هذا لا أصل له.

    فالمقصود: أن المرأة لها أن تتزين وتتجمل بما تراه مناسباً في وجهها وكفيها في رجليها في فمها كل هذا لا بأس به عند الزوج، لا للرجال الأجانب أو بين النساء لا بأس، أما عند الرجل الأجنبي هذا لا يجوز، عليها أن تتستر وأن تحتجب عمن حرم الله عليها أن يراها، كما قال الله سبحانه: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب:53]، الآية من سورة الأحزاب، وقال تعالى في سورة النور: وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ [النور:31]، الآية.. فالواجب على المؤمنة أن تتقي الله وأن تحذر إبداء الزينة لغير الزوج والمحارم، والمكياج كذلك إن كان فيه مضرة يمنع، أما إن كان مجرد زينة ولكن لا يضر الوجه فلا حرج فيه كالصابون والسدر وغير ذلك، لكن بلغني من بعض الخبيرات أن بعض المكياج قد يضر الوجه وقد يحصل بسببه نقط سوداء أو أشياء شبه ذلك، فإذا عرف أنه يضر بعض أنواع المكياج فيمنع، أما إذا كان مجرد أنه ينور الوجه ولكن لا يكسب الوجه مضرة فلا حرج في ذلك.

    1.   

    بطلان القول بتحريم السواك على النساء

    السؤال: سمعت بأن السواك حرام بالنسبة للنساء! هل هذا صحيح؟

    الجواب: ليس بصحيح، السواك مشروع للجميع للرجال والنساء، عند الصلاة، وعند الوضوء، عند الدخول في الصلاة، عند الوضوء، عند دخول المنزل، عند تغير الفم، عند القيام من النوم مشروع..، يقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)، وفي اللفظ الآخر: (مع كل وضوء)، ولم يخص الرجال بل عم الأمة، فهو مشروع للرجال والنساء جميعاً، ولكن كثيراً من الناس يقول على الله بغير علم ويكذب ولا يبالي، نسأل الله العافية، والواجب على المؤمن والمؤمنة الحذر مما حرم الله من الكذب، فلا يقول إنسان: هذا حرام وهذا حلال إلا عن دليل وعن بينة، ولا يجوز للمرأة أو الرجل أن يقول على الله بغير علم لا في السواك ولا في غير السواك، يقول سبحانه: قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [الأعراف:33]، فجعل القول عليه بغير علم فوق الشرك، فوق المرتبة التي هي أعظم خطر وهو الشرك بالله عز وجل.

    فالمقصود: أن القول على الله بغير علم له خطر عظيم حتى ذكره الله في هذه الآية فوق مرتبة الشرك؛ لأن الشرك قول على الله بغير علم، وأخبر في سورة البقرة أن الشيطان يأمر بذلك فقال سبحانه في الشيطان: إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة:169]، هكذا أخبر سبحانه وتعالى، قبلها قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلالًا طَيِّبًا وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ [البقرة:168-169]، فهذا هو أمر عدو الله يأمر الناس بأن يقولوا على الله بغير علم لما يترتب على ذلك من الضلال والإضلال والفساد الكبير نسأل الله العافية.

    1.   

    حكم الأغاني وآلات المعازف

    السؤال: لقد قيل: إن الأغاني حرام بسبب الموسيقى، فهل هذا صحيح، وهل الموسيقى لوحدها حرام أم شعر الغزل المغنى فيها حرام؟ ويوجد أيضاً بعض الآلات فهل هي حرام أم لا وهي: الطبل، والربابة، والناي، والمزمار، وآلة البيانو؟

    الجواب: الأغاني محرمة، وقد نص أهل العلم على ذلك، وحكى بعض أهل العلم إجماع أهل العلم على ذلك، ومن أدلة ذلك قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ [لقمان:6]، قال أكثر علماء التفسير: إن المراد بذلك الأغاني، وهكذا أصوات الملاهي، وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف)، والحر: هو الفرج الحرام يعني: الزنا، والحرير معروف محرم على الرجال، والخمر معروف محرم على الجميع وهو المسكر، والمعازف هي الأغاني وما يعزف به من آلات الملاهي.

    فالواجب على كل مؤمن ومؤمنة الحذر من ذلك، ولا يجوز استماع ذلك لا من إذاعة ولا من غيرها، أما الشعر العربي الذي ورد في كلام العرب أو في كلام الصحابة وكلام غيرهم فلا بأس به إذا كان فيه شيء طيب، كالأشعار التي قالها أهل الخير أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم فهذه ليست داخلة في الأغاني، فالشعر بلغة العرب ولحون العرب فيما ينفع الناس كالحث على الاستقامة على الدين، والجود والكرم والعفة والبعد عما حرم الله، هذه أشعار مقبولة كما قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: (إن من الشعر حكمة)، وكان حسان بن ثابت ينشد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم وفي المسجد أيضاً يهجو المشركين، ويدعو إلى الإسلام، وهكذا غير حسان كـكعب بن مالك ، وعبد الله بن رواحة وآخرين، وهكذا من بعد الصحابة من أهل العلم.

    فالمقصود أن الشعر باللغة العربية فيما ينفع الناس هذا ليس فيه بأس وليس من الأغاني، وإنما الأغاني هي ما يكون باللحون المطربة، بلحون الرجال متشبهين بالنساء أو بلحون النساء، هذا هو الذي يضر الناس ويثير الغرائز، ويدعو إلى الفساد ولاسيما إذا كان في مدح النساء أو الخمور أو اللواط.. أو غير هذا مما حرم الله، فيجتمع بذلك الصوت المطرب مع المعنى الفاسد فيكون في هذا شر كثير، وفساد كبير، ولهذا ذكر أهل العلم تحريم ذلك ونص عليه العلماء، وبسط الكلام في ذلك العلامة ابن القيم رحمه الله في كتابه: (إغاثة اللهفان في مكائد الشيطان).

    فيجب على المسلم والمسلمة الحذر من ذلك وعدم استماعه لا من شريط ولا من إذاعة ولا من تلفاز ولا غير ذلك حفظاً للدين، وحفظاً للمروءة، وحذراً من أسباب الفتنة والفساد، وإذا كان مع الأغاني آلات الملاهي من الرباب وغيره من أنواع الملاهي كالطبل وكالموسيقى وكالمزمار .. وأشباه ذلك صار الإثم أعظم.

    وذكر ابن الصلاح وغيره إجماع أهل العلم على تحريم ما يكون فيه اجتماع الغناء مع آلات الملاهي يكون الشر أعظم والفتنة أكبر، وإذا انفرد الغناء وحده ليس معه آلة لهو فالذي عليه جمهور أهل العلم وهو كالإجماع منهم التحريم لما فيه من الفساد، فإذا انضاف إلى ذلك آلات الملاهي من موسيقى أو مزمار أو غير ذلك من آلات الملاهي كالطبل وكالرباب وأشباه ذلك كل ذلك يجعله أشد تحريماً وأشد فساداً نسأل الله للجميع العافية.

    1.   

    حكم قص المرأة شعرها من الأمام

    السؤال: رسالة وصلت إلى البرنامج من إحدى الأخوات المستمعات تقول: مديرة مدرسة البنات الابتدائية في مساح المزاحمية، أختنا لها مجموعة كبيرة من الأسئلة تسأل وتقول: هل قص الشعر من الأمام حرام وهي للزينة فقط، فأنا لي غرة من الأمام وشعري من الخلف طويل وأنا أحبها كثيراً، وهي تزين وتجمل الوجه كثيراً، مع العلم بأنه لا يراها قريب غير محرم، فجميعهم محارمي مثل والدي وأعمامي وأخوالي وإخواني وأخواتي؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، الحمد لله، المهم صيانة ذلك عن الأجنبي، فإذا كان إنما يظهر للزوج وللنساء وللمحارم فلا حرج في ذلك.

    1.   

    استحباب الإتيان بالذكر كاملاً بعد الصلوات

    السؤال: أنا بعد أن أصلي أبدأ في التسبيح، وعندما يكلمني أحد أرد عليه في أثناء التسبيح، هل في ذلك شيء، ولكني أيضاً أنسى كم مرة سبحت، أرجو توجيهي جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: لا حرج في ذلك، كون الإنسان يذكر الله بعد الصلاة ويتكلم عند الحاجة لا بأس، وإذا نسي يعيد حتى يأتي بالمشروع، إذا شك هل سبح ثلاثاً وثلاثين أو أقل يكمل، يعمل بالحيطة ويكمل حتى يحصل له الأجر.

    المقدم: سنعود إلى رسالتك وبقية أسئلتك يا أختنا من المزاحمية في حلقات قادمة إن شاء الله تعالى.

    1.   

    اشتراط (الوضوء) في مس المصحف

    السؤال: أمامي رسالة مطولة سماحة الشيخ وباعثها أحد الإخوة المستمعين يقول صاحب هذه الأسئلة أخوكم في الله: عبد العليم رجب موسى مصري يعمل بالسعودية، أخونا له عدد كبير من الأسئلة فيسأل مثلاً ويقول: أنا أتابع حفظ القرآن الكريم في المصحف الشريف ولكني في أحيان كثيرة أصاب بحاجة إلى الوضوء، هل يلزمني ذلك أم أني أقاس على المتعلمين؟

    الجواب: عليك أن تتوضأ إذا حصل ناقض من نواقض الوضوء عليك أن تتوضأ ولا تمس المصحف إلا بوضوء، أما إذا كان عن ظهر قلب فلا بأس، ولهذا ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (لا يمس القرآن إلا طاهر)، وهكذا أفتى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وهو الذي عليه جمهور أهل العلم من الأئمة الأربعة وغيرهم أنه لا يمس المصحف إلا من هو على وضوء -على طهارة- فلا يمسه الجنب ولا من هو على حدث أصغر، أما إذا كنت تقرأ عن ظهر قلب فلا بأس أن تقرأ عن ظهر قلب إذا كنت لست جنباً، وإنما عليك حدث أصغر فلا بأس أن تقرأ عن ظهر قلب، وأما الجنب فلا يقرأ لا عن ظهر قلب ولا عن مس المصحف حتى يغتسل.

    1.   

    حكم تعمد استعمال ألفاظ القرآن في الكلام مع الناس

    السؤال: يسأل أخونا ويقول: قرأت في كتاب لـابن الجوزي يسمى الأذكياء طرفة تقول:

    إن رجلاً وعد قوماً بدعوتهم إلى وليمة، فكلما مر بهم يقولون: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [يونس:48] فيسكت عنهم، حتى إذا تم له ما أراد أي: اجتمعت له أسباب الوليمة، مر بهم فقالوا له: مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ [يونس:48] فرد عليهم قائلاً: انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ [المرسلات:29] والسؤال يا فضيلة الشيخ هو: هل يجوز استعمال القرآن في مثل هذه المواضع؟ وهل لا يعد هذا استهزاء بالقرآن، وإذا كان كذلك فما حكم قراءة كتاب الأذكياء هذا لـابن الجوزي وغيره من الكتب التي تحتوي مثل هذه المهاترات، كالمستطرف مثلاً وغيره، أفتونا مأجورين جزاكم الله خيراً؟

    الجواب: كثير من أهل العلم يكره هذا ويرى أنه لا ينبغي أن يستعمل القرآن بدل الكلام مثل ما ذكرت أيها السائل، بل يتكلم بالكلام المعتاد ولا يجعل القرآن بدلاً من ذلك، هذا هو الذي ينبغي، وإذا أراد بهذا الاستهزاء والتنقص صار كفراً أكبر نعوذ بالله، أما إذا أراد أخذ فضل القرآن أو التأدب بآداب القرآن أو يرى أن هذا أصلح وأحسن من كلام الآخر فهذا غلط منه يوجه إلى الخير ويقال له: اترك هذا لا ينبغي لك هذا أقل أحواله الكراهة، وأما الكتاب، كتاب الأذكياء وأشباهه فلا نعلم فيه بأس والمستطرف وأشباه ذلك إذا كان الذي يطالعه يفهم ويعقل، أو يسأل عما أشكل عليه من ذلك؛ لأن فيه بعض الفوائد، فيه بعض المسليات وبعض العجائب التي يطلع عليها الإنسان من أمور الناس فلا نعلم في قراءته شيئاً لكن إذا أشكل عليه شيء يسأل أهل العلم، إذا كان ليس من أهل العلم.

    1.   

    بطلان عقد نكاح تارك الصلاة وكيفية تجديده

    السؤال: سمعت فتوى في البرنامج مفادها: أن من تزوج امرأة لا تصلي قبل الزواج أو عند الزواج وكذلك من تزوجت رجلاً لا يصلي فإن عقد النكاح باطل ويجب تصحيحه وتجديده، والسؤال يا فضيلة الشيخ هو: كيف يتم تجديد عقد الزواج وهل يجب فيه الإشهار أم يكتفى بالإشهار الأول؟ وهل لابد أن يكون هناك قاض أم يكتفى بولي المرأة والزوج وشاهدين فقط، علماً بأن الغالبية عندنا من الفتيات لا يصلين قبل الزواج، وما حكم أخ لي شقيق نصحته بأن يجدد عقده؛ لأن امرأته لم تكن تصلي قبل الزواج، فسخر مني وتهكم علي معانداً بأنه مقتنع بهذا العقد وسيستمر عليه، ويعلل ذلك بأن الكافر هو من ترك الصلاة جحوداً فقط، أما من تركها كسلاً وتهاوناً واستهتاراً رغم اعترافه بمشروعيتها ووجوبها فإنه يعد فاسقاً فقط وهو من المسلمين؟ أجيبوني عما طرحت من أسئلة أثابكم الله ووفقنا وإياكم، جزاكم الله خيراً.

    الجواب: هذا الموضوع موضوع اختلاف بين أهل العلم رحمهم الله، فمن قال: إن ترك الصلاة تهاوناً من غير جحود للوجوب يعتبر كفراً أكبر وردة عن الإسلام، قالوا: يجدد العقد، إذا كان أحدهما يصلي والآخر لا يصلي وقت العقد يجدد، إذا كان الزوج لا يصلي وهي تصلي، أو كان هو يصلي وهي لا تصلي فإنه يجدد العقد؛ لأنه يعتبر أحدهما كافراً فيجدد العقد؛ لأنه ليس للمسلم نكاح الكافرة وليس للكافر نكاح المسلمة، أما إذا كانا جميعاً لا يصليان فإنه يصح العقد؛ لأنهما مستويان في هذا كما يتزوج الكافر من الكافرة، واليهودي من اليهودية .. وأشباه ذلك.

    وهذا كله إذا قلنا بأن تاركها تهاوناً يعتبر كافراً كفراً أكبر وهذا هو الأصح عند المحققين من أهل العلم أن تركها تهاوناً وكسلاً كفر أكبر نعوذ بالله من ذلك، لقوله عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر).

    وقوله أيضاً عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، مع أحاديث أخرى في الباب دالة على أن ترك الصلاة وإن كان تهاوناً كفر أكبر، وبهذا يجب تجديد النكاح إذا كان لا يصلي وهي تصلي أو العكس، ولا يشترط تجديده عند الحاكم ولا عند المأذون، لو جدداه في البيت في بيتهما بحضرة الولي والشاهدين كفى ذلك، هذا المطلوب التجديد إذا جدداه بحضرة الشاهدين وبحضرة الولي، قال الولي قل: زوجتك، قال: قبلت، إذا كان كل منهما يريد الآخر ما بينهما اختلاف هو يريدها وهي تريده فإنه يجدد بمهر جديد وعقد جديد بحضرة شاهدين عدلين ويكفي هذا والحمد لله، هذا هو المختار وهذا هو الأرجح، وأما على قول من قال: إنه كفر أصغر وأنه فسق فقط فلا حاجة إلى التجديد كما ذكر السائل عن خصمه، ولكن الأرجح والصواب أن تركها تهاوناً يعتبر كفراً أكبر للأدلة القائمة في ذلك، أما من تركها جحوداً لوجوبها فهذا يكفر عند جميع العلماء، وهكذا من استهزأ بها وسخر منها ولو صلى يعتبر كافراً كفراً أكبر نعوذ بالله من ذلك، نسأل الله للجميع العافية.

    1.   

    حكم الرضاع وأثره إذا لم يعلم العدد الصحيح فيه

    السؤال: إحدى الأخوات المستمعات تقول أم فيصل من جدة بعثت تسأل وتقول: لي أخ يبلغ من العمر عشرين سنة وقد رضع من زوجة خالي وهو يأكل ويشرب ويجلس مع ابنة خالي التي رضع معها، ويذهب بها إلى المدرسة، وينفرد بها مثل أخته، ونحن لا نعلم كم عدد الرضعات التي رضعها من زوجة خالي، والسؤال:

    ما حكم جلوسها معه وانفراده بها ونحن لا ندري كم عدد الرضعات كما أسلفت؟ جزاكم الله خيراً.

    الجواب: لا يتم كونه محرماً لها ولا كونه أخاً لها إلا بإثبات الرضاعة فلابد من إثبات أن الرضاعة خمس رضعات في الحولين، بشهادة امرأة ثقة أو رجل ثقة أو أكثر من ذلك، أما إذا كان لا يعلم عدد الرضعات وليس هناك من يشهد بعدد الرضعات التي هي معتبرة وهي خمس فأكثر فإنها لا تكون أختاً له وليس له الخلوة بها، وليس له الذهاب بها وحده إلى المدرسة ولا غيرها؛ لأنه يعتبر أجنبياً إلا إذا ثبت أنه رضع من أمها خمس رضعات أو أكثر من ذلك باعتراف أمها أو بشهادة الثقة العارف بذلك أو المرأة الثقة العارفة بذلك.

    المقدم: سماحة الشيخ! في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين، وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير.

    الشيخ: آمين نرجو ذلك.

    المقدم: مستمعي الكرام! كان لقاؤنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله بن باز ، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد، شكراً لكم مستمعي الكرام، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755984541