إسلام ويب

كتاب المناسك [4]للشيخ : عبد العزيز بن مرزوق الطريفي

  •  التفريغ النصي الكامل
  • من غلب على ظنه أنه يحبس عن النسك فليقل في إحرامه: ومحلي حيث حبستني، ويستحب تقبيل الحجر الأسود وإلا فيلمسه بأي شيء ثم يقبله وإلا فيكتفي بالإشارة إليه ويقول: الله أكبر، ولم يرد ذكر معين في الطواف إلا قول: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة..) بين الركنين اليمانيين.

    1.   

    باب الإحصار

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم اغفر لنا ولشيخنا، وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين .

    أما بعد:

    فبأسانيدكم إلى أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإحصار

    حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن حجاج الصواف قال: حدثني يحيى بن أبي كثير عن عكرمة قال: سمعت الحجاج بن عمرو الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كسر أو عرج فقد حل، وعليه الحج من قابل ).

    قال عكرمة: فسألت ابن عباس وأبا هريرة عن ذلك فقالا: صدق.

    حدثنا محمد بن المتوكل العسقلاني وسلمة قالا: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن عبد الله بن رافع عن الحجاج بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كسر أو عرج أو مرض )، فذكر معناه، قال سلمة: قال أخبرنا معمر .

    حدثنا النفيلي قال: حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن ميمون قال: سمعت أبا حاضر الحميري يحدث أبا ميمون بن مهران قال: ( خرجت معتمراً عام حاصر أهل الشأم ابن الزبير بمكة، وبعث معي رجال من قومي بهدي فلما انتهينا إلى أهل الشأم منعونا أن ندخل الحرم فنحرت الهدي مكاني ثم أحللت ثم رجعت، فلما كان من العام المقبل خرجت لأقضي عمرتي فأتيت ابن عباس فسألته فقال: أبدل الهدي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام الحديبية في عمرة القضاء )].

    والإحصار إنما هو خاص في الحج، والسنة في ذلك أن يكون لمن غلب على ظنه أن يحبس لا أن يفعله كل حاج أو معتمر فضلاً أن يفعله الإنسان في غير الحج والعمرة كالمعتكف ونحو ذلك فإنه لا أصل له في الاعتكاف، ولم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام بل لم يكد يرد عنه عليه الصلاة والسلام شيء في هذا، فنقول: إنما هو للمحصر لحال المحرم الحاج أو المعتمر إذا غلب على ظنه أنه يحبس، فإنه يقول بما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من الاشتراط فيقول: محلي حيث حبستني.

    أما في مسألة الاعتكاف وغير ذلك فإنه لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    1.   

    باب دخول مكة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب دخول مكة

    حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع أن ابن عمر ( كان إذا قدم مكة بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهاراً، ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله ).

    حدثنا عبد الله بن جعفر البرمكي قال: حدثنا معن عن مالك، ح وحدثنا مسدد وابن حنبل عن يحيى، ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة جميعاً عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من الثنية العليا -قالا: عن يحيى إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدخل مكة من كداء من ثنية البطحاء- ويخرج من الثنية السفلى ).

    زاد البرمكي يعني: ثنيتي مكة، وحديث مسدد أتم.

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج من طريق الشجرة، ويدخل من طريق المعرس ).

    حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: ( دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح من كداء من أعلى مكة، ودخل في العمرة من كدى، وكان عروة يدخل منهما جميعاً، وكان أكثر ما كان يدخل من كدى وكان أقربهما إلى منزله ).

    حدثنا ابن المثنى قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكة دخل من أعلاها وخرج من أسفلها ) ].

    وكدى بالفتح هي موضع الدخول، وكدى بالضم موضع الخروج، ولهذا يختصرها البعض يقولون: ادخل وافتح واخرج واضمم، فالدخول بكدى، والخروج بكُدى، نعم.

    1.   

    باب في رفع اليدين إذا رأى البيت

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في رفع اليدين إذا رأى البيت

    حدثنا يحيى بن معين أن محمد بن جعفر حدثهم قال: حدثنا شعبة قال: سمعت أبا قزعة يحدث عن المهاجر المكي قال: ( سئل جابر بن عبد الله عن الرجل يرى البيت يرفع يديه فقال: ما كنت أرى أحداً يفعل هذا إلا اليهود، وقد حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعله ).

    حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا سلام بن مسكين قال: حدثنا ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي هريرة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام يعنى يوم الفتح ).

    حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا بهز بن أسد وهاشم -يعني: ابن القاسم- قالا: حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة قال: ( أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحجر فاستلمه ثم طاف بالبيت ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت، فرفع يديه فجعل يذكر الله ما شاء أن يذكره ويدعوه قال: والأنصار تحته قال هاشم: فدعا وحمد الله ودعا بما شاء أن يدعو )].

    1.   

    باب في تقبيل الحجر

    1.   

    باب استلام الأركان

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب استلام الأركان

    حدثنا أبو الوليد الطيالسي قال: حدثنا ليث عن ابن شهاب عن سالم عن ابن عمر قال: ( لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين ).

    حدثنا مخلد بن خالد قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر ( أنه أخبر بقول عائشة: إن الحجر بعضه من البيت، فقال ابن عمر: والله إني لأظن عائشة إن كانت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني لأظن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك استلامهما إلا أنهما ليسا على قواعد البيت ولا طاف الناس وراء الحجر إلا لذلك ).

    حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدع أن يستلم الركن اليماني والحجر في كل طوفة قال: وكان عبد الله بن عمر يفعله )].

    1.   

    باب الطواف الواجب

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الطواف الواجب

    حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب عن عبيد الله -يعني: ابن عبد الله بن عتبة- عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ).

    حدثنا مصرف بن عمرو اليامي قال: حدثنا يونس -يعني: ابن بكير- قال: حدثنا ابن إسحاق قال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله بن أبي ثور عن صفية بنت شيبة قالت: ( لما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عام الفتح طاف على بعير يستلم الركن بمحجن في يده، قالت: وأنا أنظر إليه ).

    حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع -المعنى- قالا: حدثنا أبو عاصم عن معروف -يعني: ابن خربوذ المكي- قال: حدثنا أبو الطفيل قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه ثم يقبله، زاد محمد بن رافع: ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف سبعاً على راحلته ) ].

    إذا أمكن للإنسان أن يقبل الحجر فإنه يكفيه ولا يشير إليه، وإذا لم يستطع أن يقبله يمسه بيده ويقبل يده ولا يشير إليه، وإذا استطاع أن يمسه بمحجن أو بعصا ويقبل ذلك العصا فلا يحتاج حينئذ أن يشير إليه، فالإشارة هي عوض عن التقبيل، وإذا استطاع أن يرمي عليه رداءه ثم يجذب رداءه ثم يقبله كان له ذلك، وقد جاء هذا عن عبد الله بن عباس عليه رضوان الله بإسناد صحيح أنه رمى عليه رداءه ثم قبل رداءه، وإذا لم يتيسر له أن يمس شيئاً منه ثم يقبل ذلك فإنه يشير إليه، وهل يستقبله ويتوقف عنده أم لا؟ لا يتوقف عنده وإنما وهو ماض.

    وأما أن يستقبله ببدنه فنقول: لم يثبت هذا عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه استقبل الحجر ببدنه، وإنما كان يقبله، وطبيعة المقبل أنه لا بد أن يستقبل الحجر، وأما إذا لم يستطع أن يقبل فإنه يشير بيده ولا يستقبل، لكن جاء الاستقبال عن بعض الصحابة كأنس بن مالك، وروي أيضاً عن بعض التابعين، فإن فعله الإنسان فلا حرج، وإن تركه باعتبار عدم الدليل فهو أولى.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع -المعنى- قالا: حدثنا أبو عاصم عن معروف -يعني: ابن خربوذ المكي- قال: حدثنا أبو الطفيل قال: ( رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه ثم يقبله، زاد محمد بن رافع ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف سبعاً على راحلته ).

    حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول: ( طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس، وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه ).

    حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد بن عبد الله قال: حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم مكة وهو يشتكي فطاف على راحلته كلما أتى على الركن استلم الركن بمحجن، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين ).

    حدثنا القعنبي عن مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة بن الزبير عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: ( شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال: طوفي من وراء الناس وأنت راكبة، قالت: فطفت ورسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يصلي إلى جنب البيت وهو يقرأ بـ وَالطُّورِ [الطور:1]، وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ [الطور:2] ) ].

    وطاف النبي عليه الصلاة والسلام راكباً، وسعى ماشياً عليه الصلاة والسلام بين الصفا والمروة، ولم يسع النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على راحلته وإنما كان طوافه ماشياً وراكباً، ويجوز للإنسان أن يركب في الطواف إذا كان ذلك لحاجة، والأولى أن يكون ماشياً؛ لأنه ثمة سنن لا تتحصل للإنسان إلا إذا كان ماشياً مثل الرمل، وكذلك أيضاً من تقبيل الحجر في كل مرة وغير ذلك من الأحكام الشرعية، ولكن إذا كان الإنسان له حاجة أو به مرض أو غير ذلك فلا حرج عليه، وإذا فعله الإنسان بلا سبب فطوافه صحيح .

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير قال: أخبرنا سفيان عن ابن جريج عن ابن يعلى عن يعلى قال: ( طاف النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعاً ببرد أخضر ).

    حدثنا أبو سلمة موسى قال: حدثنا حماد عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عواتقهم اليسرى ) ] .

    والاضطباع يكون في طواف القدوم لا يكون في غيره وسواء كان طواف الحج أو كان طواف الوداع، وأما بالنسبة لطواف القدوم فهو الذي يكون فيه الاضطباع، وأما بالنسبة للسعي فلا يكون فيه اضطباع، فإذا انتهى من طواف قدومه فإنه حينئذ ينتهي من الاضطباع ويجعل الرداء على منكبيه جميعاً.

    1.   

    باب في الرمل

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرمل

    حدثنا أبو سلمة موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: حدثنا أبو عاصم الغنوي عن أبي الطفيل قال: قلت لـابن عباس: ( يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رمل بالبيت وأن ذلك سنة، قال: صدقوا وكذبوا، قلت: وما صدقوا، وما كذبوا؟ قال: صدقوا قد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبوا ليس بسنة، إن قريشاً قالت زمن الحديبية: دعوا محمداً وأصحابه حتى يموتوا موت النغف، فلما صالحوه على أن يجيئوا من العام المقبل فيقيموا بمكة ثلاثة أيام، فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم والمشركون من قبل قعيقعان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ارملوا بالبيت ثلاثاً، وليس بسنة قلت: يزعم قومك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف بين الصفا والمروة على بعيره وأن ذلك سنة، فقال: صدقوا وكذبوا، قلت: ما صدقوا، وما كذبوا؟ قال: صدقوا قد طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة على بعيره، وكذبوا ليس بسنة كان الناس لا يدفعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يصرفون عنه، فطاف على بعير ليسمعوا كلامه وليروا مكانه ولا تناله أيديهم ) .

    حدثنا مسدد قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير أنه حدث عن ابن عباس قال: ( قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقد وهنتهم حمى يثرب فقال المشركون: إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم الحمى ولقوا منها شراً، فأطلع الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم على ما قالوه فأمرهم أن يرملوا الأشواط الثلاثة، وأن يمشوا بين الركنين، فلما رأوهم رملوا قالوا: هؤلاء الذين ذكرتم أن الحمى قد وهنتهم هؤلاء أجلد منا ).

    قال ابن عباس: ولم يأمرهم أن يرملوا الأشواط إلا إبقاء عليهم.

    حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الملك بن عمرو قال: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: ( سمعت عمر بن الخطاب يقول فيم الرملان اليوم والكشف عن المناكب وقد أطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله مع ذلك لا ندع شيئاً كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ).

    حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا عبيد الله بن أبي زياد عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله ).

    حدثنا محمد بن سليمان الأنباري قال: حدثنا يحيى بن سليم عن ابن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم اضطبع فاستلم وكبر، ثم رمل ثلاثة أطواف، وكانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا من قريش مشوا ثم يطلعون عليهم يرملون، تقول قريش: كأنهم الغزلان، قال ابن عباس: فكانت سنة ).

    حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت ثلاثاً ومشوا أربعاً ).

    حدثنا أبو كامل قال: حدثنا سليم بن أخضر قال: حدثنا عبيد الله عن نافع أن ابن عمر رمل من الحجر إلى الحجر، وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك].

    1.   

    باب الدعاء في الطواف

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الدعاء في الطواف

    حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا ابن جريج عن يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب قال: ( سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين الركنين: رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201] ) ].

    وهذا أمثل الأدعية التي جاءت في الطواف أن يقوله بين الركنين وما عدا ذلك فيذكر الله عز وجل ويدعوا بما شاء، ولم يثبت ذكر معين، وإنما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك هذا الدعاء بين الركنين، وكذلك ما كان عند الحجر الأسود من ذكر الله سبحانه وتعالى من قول الإنسان: الله أكبر، وما عدا ذلك فيذكر الله عز وجل بما شاء، ولا يثبت في ذلك قراءة القرآن، ولا التلبية، ولا دعاء مخصوص بعينه.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا يعقوب عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف في الحج والعمرة أول ما يقدم فإنه يسعى ثلاثة أطواف ويمشي أربعاً ثم يصلى سجدتين )].

    1.   

    باب الطواف بعد العصر

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الطواف بعد العصر

    حدثنا ابن السرح والفضل بن يعقوب -وهذا لفظه- قالا: حدثنا سفيان عن أبي الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا تمنعوا أحداً يطوف بهذا البيت ويصلي أي ساعة شاء من ليل أو نهار ).

    قال الفضل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( يا بني عبد مناف لا تمنعوا أحداً )].

    1.   

    باب طواف القارن

    1.   

    باب الملتزم

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الملتزم

    حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن بن صفوان قال: ( لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت: لألبسن ثيابي - وكانت داري على الطريق - فلأنظرن كيف يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة هو وأصحابه وقد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم، وقد وضعوا خدودهم على البيت، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم ).

    حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال: ( طفت مع عبد الله فلما جئنا دبر الكعبة قلت: ألا تتعوذ؟ قال: نعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر وأقام بين الركن والباب فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا، وبسطهما بسطاً ثم قال: هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ).

    حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا السائب بن عمر المخزومي قال: حدثني محمد بن عبد الله بن السائب عن أبيه ( أنه كان يقود ابن عباس فيقيمه عند الشقة الثالثة مما يلي الركن الذي يلي الحجر مما يلي الباب، فيقول له ابن عباس: أنبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ها هنا فيقول: نعم، فيقوم فيصلي )].

    لا يثبت حديث مرفوع في الملتزم فضلاً عن أن يكون ثمة دعاء فيه، والأحاديث الواردة فيه كلها معلولة وإنما جاء في ذلك بعض الموقوفات عن عبد الله بن عباس وعن حميد، وعكرمة ومجاهد وغيرهم.

    1.   

    باب أمر الصفا والمروة

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب أمر الصفا والمروة

    حدثنا القعنبي عن مالك عن هشام بن عروة، ح وحدثنا ابن السرح قال: حدثنا ابن وهب عن مالك عن هشام بن عروة عن أبيه أنه قال: ( قلت لـعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأنا يومئذ حديث السن: أرأيت قول الله عز وجل: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] فما أرى على أحد شيئاً ألا يطوف بهما؟ قالت عائشة: كلا لو كان كما تقول كانت فلا جناح عليه ألا يطوف بهما، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار كانوا يهلون لمناة وكانت مناة حذو قديد، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158] ) .

    حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد بن عبد الله قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن عبد الله بن أبي أوفى ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين ومعه من يستره من الناس، فقيل لعبد الله: أدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة؟ قال: لا ).

    حدثنا تميم بن المنتصر قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف قال: أخبرنا شريك عن إسماعيل بن أبي خالد قال: ( سمعت عبد الله بن أبي أوفى بهذا الحديث زاد: ثم أتى الصفا والمروة فسعى بينهما سبعاً ثم حلق رأسه ).

    حدثنا النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا عطاء بن السائب عن كثير بن جمهان ( أن رجلاً قال لـعبد الله بن عمر بين الصفا والمروة: يا أبا عبد الرحمن إني أراك تمشى والناس يسعون قال: إن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي، وإن أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وأنا شيخ كبير ) ].

    1.   

    باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم

    حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وعثمان بن أبي شيبة وهشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان -وربما زاد بعضهم على بعض الكلمة والشيء- قالوا: حدثنا حاتم بن إسماعيل قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: ( دخلنا على جابر بن عبد الله فلما انتهينا إليه سأل عن القوم حتى انتهى إلي فقلت: أنا محمد بن علي بن حسين، فأهوى بيده إلى رأسي فنزع زري الأعلى، ثم نزع زري الأسفل، ثم وضع كفه بين ثديي وأنا يومئذ غلام شاب فقال: مرحباً بك وأهلاً يا ابن أخي، سل عما شئت، فسألته وهو أعمى وجاء وقت الصلاة فقام في نساجة ملتحفاً بها، يعني: ثوباً ملفقاً كلما وضعها على منكبه رجع طرفاها إليه من صغرها، فصلى بنا ورداؤه إلى جنبه على المشجب، فقلت: أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بيده فعقد تسعاً ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويعمل بمثل عمله، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه حتى أتينا ذا الحليفة فولدت أسماء بنت عميس محمد بن أبي بكر فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ فقال: اغتسلي واستذفري بثوب وأحرمي، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصواء ...) ].

    وهذا من أقوى الأدلة على غسل المحرم، وذلك أنه أمرها وهي نفساء أن تغتسل والنفساء لا تستفيد من غسلها شيئاً، فلا تستحل صلاة ولا تستحل صياماً ولا تحل لزوجها كذلك، فإنما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم لمثل هذا الموضع، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( اغتسلي واستذفري بثوب وأحرمي )، فقوله: ( اغتسلي وأحرمي )، إشارة إلى أن الاغتسال إنما يكون للإحرام، واغتسال الإحرام اتفق العلماء على مشروعيته وإنما اختلفوا في مرتبته، فمنهم من يجعله آكد من غسل الجمعة وهذا جاء عن بعض الأئمة، ومنهم من يجعل الفدية على من تركه وهذا قول سفيان الثوري، نعم.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ فقال: ( اغتسلي واستذفري بثوب وأحرمي، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد ثم ركب القصوى حتى إذا استوت به ناقته على البيداء، قال جابر: نظرت إلى مد بصري من بين يديه من راكب وماش، وعن يمينه مثل ذلك، وعن يساره مثل ذلك، ومن خلفه مثل ذلك، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعلم تأويله، فما عمل به من شيء عملنا به، فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتوحيد لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك، وأهل الناس بهذا الذي يهلون به فلم يرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً منه ...) ].

    كلمة التوحيد في قوله: (فأهل بالتوحيد) لم ترد في كلام النبي عليه الصلاة والسلام لفظة التوحيد وإنما هو اصطلاح جاء بعد ذلك، وإنما جاء أصل اشتقاقها: أحد ووحد كما في حديث عبد الله بن عباس إلى أن يوحدوا الله، وجاء بعدها مصطلح العقيدة.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( فلم يرد عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً منه ولزم رسول الله صلى الله عليه وسلم تلبيته قال جابر: لسنا ننوي إلا الحج لسنا نعرف العمرة، حتى إذا أتينا البيت معه استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، فجعل المقام بينه وبين البيت ) قال: فكان أبي يقول: قال ابن نفيل وعثمان ولا أعلمه ذكره إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم.

    قال سليمان: ولا أعلمه إلا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ].

    وهذا لا يظهر أن قوله: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، أن هذا من السنة أن يتلوا، وإنما أراد النبي عليه الصلاة والسلام به .... .

    وكذلك في قوله: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]، فإذا أراد أن يصعد إلى الصفا فليس من السنة أن يقولها، وإنما أراد النبي عليه الصلاة والسلام بها أن يستدل أنه يترجم القرآن ويفهم معانيه فيقوم بهذا الفعل، ولو كان كذلك لكان أيضاً أن يقول عند ذهابه إلى المقام: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، فالنبي عليه الصلاة والسلام إنما يستدل ولا يجعل ذلك ذكراً، ولا أعلم أحداً من الصحابة عليهم رضوان الله فعل ذلك وأخذه على أنه سنة.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ يقرأ في الركعتين بـ (( قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ )) وبـ (( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ))، ... ].

    وهما سورتا الإخلاص، وهما مدرجتان في الخبر وليستا مرفوعتين عن النبي عليه الصلاة والسلام، ويظهر أن هذا الإدراج من حاتم بن إسماعيل الذي يروي هذا الخبر عن جعفر بن محمد، وقد بين إدراجها جماعة من الحفاظ كالخطيب البغدادي وأبي حاتم ولا تثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام فيقرأ الإنسان ما شاء من السور.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن، ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ: إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ [البقرة:158]، نبدأ بما بدأ الله به، فبدأ بالصفا فرق عليه حتى رأى البيت فكبر الله ووحده وقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده، ثم دعا بين ذلك وقال مثل هذا ثلاث مرات، ثم نزل إلى المروة حتى إذا انصبت قدماه رمل في بطن الوادي حتى إذا صعد مشى، حتى أتى المروة فصنع على المروة مثل ما صنع على الصفا، حتى إذا كان آخر الطواف على المروة قال: إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن كان منكم ليس معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة، فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، فقام سراقة بن جعشم فقال: يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبك رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في الأخرى ثم قال: دخلت العمرة في الحج، هكذا مرتين، لا، بل لأبد أبد، لا بل لأبد أبد، قال: وقدم علي رضي الله عنه من اليمن ببدن النبي صلى الله عليه وسلم فوجد فاطمة رضي الله عنها ممن حل ولبست ثياباً صبيغاً واكتحلت، فأنكر علي ذلك عليها وقال: من أمرك بهذا؟ فقالت: أبي، فكان علي يقول بالعراق: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم محرشاً على فاطمة في الأمر الذي صنعته مستفتياً لرسول الله صلى الله عليه وسلم في الذي ذكرت عنه، فأخبرته أني أنكرت ذلك عليها فقالت: إن أبي أمرني بهذا، فقال: صدقت، صدقت ماذا قلت حين فرضت الحج؟ قال: قلت اللهم إني أهل بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فإن معي الهدي فلا تحلل، قال: وكان جماعة الهدي الذي قدم به علي من اليمن، والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة مائة، فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدي، قال: فلما كان يوم التروية ووجهوا إلى منى أهلوا بالحج، فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة له من شعر فضربت بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فركب حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس، فقال: إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ألا إن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة وأول دم أضعه دماؤنا -قال عثمان: دم ابن ربيعة، وقال سليمان: دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، وقال بعض هؤلاء كان مسترضعاً في بني سعد فقتلته هذيل: وربا الجاهلية موضوع، وأول رباً أضعه ربانا ربا عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله) ].

    والنبي صلى الله عليه وسلم بدأ بأقرب الناس وأعلاهم إليه وأشرفهم، وذلك أن العقوبات إذا لم يبدأ بها بأعلى الناس وأشرافهم وأسيادهم فإن الناس لا يتطوعون إذا كانوا دونهم، فإذا بدأ بالدون فإن العلية لا يرون أن هذا يشملهم، وإذا بدأ بالعلية فإن من دونهم يخافون، ولهذا بدأ النبي عليه الصلاة والسلام بأقرب الناس إليه وهو عمه العباس وكذلك أيضاً بدم ابن ربيعة بن الحارث وهو ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، ولهذا العدل يتم به على الناس، والشر يتمه أيضاً بأعلاه، فإن الأدنى يقلدون، ولهذا تضل الأمم بضلال أسيادها وتهتدي بهدايتهم وتنعم بعدلهم.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [ ( اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، وإن لكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحداً تكرهونه، فإن فعلن فاضربوهن ضرباً غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم مسئولون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا: نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، ثم قال بأصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكبها إلى الناس: اللهم اشهد، اللهم اشهد، اللهم اشهد. ثم أذن بلال، ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئاً، ثم ركب القصواء حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه فاستقبل القبلة فلم يزل واقفاً حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلاً حين غاب القرص، وأردف أسامة خلفه، فدفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده اليمنى: السكينة أيها الناس، السكينة أيها الناس، كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلاً حتى تصعد، حتى أتى المزدلفة فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين -قال عثمان: ولم يسبح بينهما شيئاً ثم اتفقوا- ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح - قال سليمان: بنداء وإقامة ثم اتفقوا - ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فرقى عليه قال عثمان وسليمان: فاستقبل القبلة فحمد الله وكبره وهلله، زاد عثمان: ووحده، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، ثم دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس وكان رجلاً حسن الشعر أبيض وسيماً فلما دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم مر الظعن يجرين، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وجه الفضل، وصرف الفضل وجهه إلى الشق الآخر، وحول رسول الله صلى الله عليه وسلم يده إلى الشق الآخر، وصرف الفضل وجهه إلى الشق الآخر ينظر حتى أتى محسراً فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى الذي يخرجك إلى الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التي عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها بمثل حصى الخذف، فرمى من بطن الوادي، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المنحر فنحر بيده ثلاثاً وستين، وأمر علياً فنحر ما غبر - يقول: ما بقي - وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ...)].

    الذي نحر النبي عليه الصلاة والسلام ثلاثاً وستين إشارة إلى عمر النبي عليه الصلاة والسلام فنحر عن كل عام بدنة.

    قال المصنف رحمه الله تعالى: [( ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، قال سليمان: ثم ركب ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيت فصلى بمكة الظهر، ثم أتى بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال: انزعوا بني عبد المطلب فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم، فناولوه دلواً فشرب منه ).

    حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا سليمان يعني: ابن بلال، ح وحدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الوهاب الثقفي - المعنى واحد - عن جعفر بن محمد عن أبيه ( أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر بأذان واحد بعرفة ولم يسبح بينهما وإقامتين، وصلى المغرب والعشاء بجمع بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما ).

    قال أبو داود: هذا الحديث أسنده حاتم بن إسماعيل في الحديث الطويل، ووافق حاتم بن إسماعيل على إسناده محمد بن علي الجعفي عن جعفر عن أبيه عن جابر إلا أنه قال: فصلى المغرب والعتمة بأذان وإقامة.

    حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا جعفر قال :حدثنا أبي عن جابر قال: ( ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: قد نحرت ها هنا ومنى كلها منحر، ووقف بعرفة فقال: قد وقفت ها هنا وعرفة كلها موقف، ووقف في المزدلفة فقال: قد وقفت ها هنا ومزدلفة كلها موقف ).

    حدثنا مسدد قال: حدثنا حفص بن غياث عن جعفر بإسناده زاد: ( فانحروا في رحالكم ).

    حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان عن جعفر قال: حدثني أبي عن جابر، فذكر هذا الحديث، وأدرج في الحديث عند قوله: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125]، قال: فقرأ فيها بالتوحيد و(( قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ ))، وقال فيه قال علي رضي الله عنه بالكوفة، قال أبي: هذا الحرف لم يذكره جابر، فذهبت محرشاً، وذكر قصة فاطمة رضوان الله عليها].

    وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.

    مكتبتك الصوتية

    أو الدخول بحساب

    البث المباشر

    المزيد

    من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر

    عدد مرات الاستماع

    3086718663

    عدد مرات الحفظ

    755955984