أيها الإخوة: إن الله تبارك وتعالى الذي خلق الإنسان هو أعلم بمن خلق كما قال سبحانه: أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِير [الملك:14] خلق هذا الإنسان ميالاً إلى الأنس والمجالسة والمعاشرة، تاركاً للعزلة والانفراد مستوحشاً منها، وأنـزل هذا الدين ملبياً للخصائص الفطرية المركوزة لدى الإنسان.
ولذلك كان الإسلام دين الجماعة، فأنت حين تقرأ القرآن الكريم تجد أن الله عز وجل يخاطب أمة وجماعة فيقول: (يا أيها الذين آمنوا) فالخطاب في القرآن هو للجماعة قبل الفرد، وحين تتأمل الأحكام الشرعية والشعائر العبادية، تجد أن الله تبارك وتعالى فرض كثيراً منها على الجماعة وأوجب الجماعة، فيها إما على الأعيان وإما على الكفاية، فالصلاة مثلاً تجب على كل فرد، ويجب عليه أن يصليها مع الجماعة، وقل مثل ذلك صلاة العيد، أو الاستسقاء، أو الكسوف، أو غيرها، منها ما يجب أداؤه جماعة على كل فرد، ومنها ما تجب فيه الجماعة على الكفاية.
ففي الحديث الذي رواه مالك في الموطأ وغيره عن أبي إدريس الخولاني رحمه الله قال: {دخلت مسجداً في دمشق فإذا فيه فتى براق الثنايا، وإذا الناس حوله فإذا اختلفوا في شيء أسندوه إليه، وصدروا عن رأيه فيه، قال: فوقع في قلبي حبَّه، فلما كان من الغد هجَّرت فوجدته قد سبقني في التهجير، ووجدته يصلي، فانتظرته حتى إذا قضى صلاته أقبلت عليه فقلت له: إني أحبك في الله، فقال: آلله؟ -أي تحلف بالله، يستحلفه بالله على صدق هذه المقالة- قال: قلت: آلله؟ قال: آلله؟ قلت: آلله، قال: آلله، قلت: آلله، قال: فأخذ بحبوتي فجذبني إليه، وقال لي: أبشر فإني سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى وجبت محبتي للمتحابين فيَّ، ووجبت محبتي للمتجالسين فيَّ، ووجبت محبتي للمتزاورين فيَّ، ووجبت محبتي للمتباذلين فيَّ} وهذا الحديث صحيح، صححه الإمام ابن عبد البر والحاكم، والمنذري، والنووي، وغيرهم من الأئمة، ومن العجيب أن عُمْر أبي إدريس الخولاني حين حصلت له هذه القصة كان يقل عن عشر سنوات، ومع ذلك يرى هذا الشاب الذي هو معاذ بن جبل رضي الله عنه فيقع حبه في قلبه، فيأتي من الغد مبكراً لينفردبه، ويشعره بهذا الشعور الأخوي الفياض، ثم يقول له: إني احبك في الله، بل ويحفظ عنه هذا الحديث الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ورواه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى.
فالأخوة شريعة ماضية، والصحبة سنة قائمة، وينبغي لكل مسلم أن يحرص عليها ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
وهي ثالثاً: وسيلة إلى معرفة الإنسان مدى تحليه بالخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة التي حث عليها الشرع، فإن الله عز وجل أمرنا بالتحلي بالأخلاق الفاضلة، والتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، حيث قال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيم [القلم:4] وقال: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْر [آل عمران:159] وأمرنا الله عز وجل بالصبر وغير ذلك من الأخلاق.
ولا سبيل للإنسان ليعرف مدى تحليه بهذه الخصال إلا بالمخالطة، وتحقيق الأخوة الإسلامية تحقيقاً عملياً، فإنك إذا اختلطت بالناس ورأيت من الأعمال والتصرفات التي تثير غضبك فكظمت هذا الغيظ، عرفت مدى تحققك بالصبر، فإن لم تستطع عرفت عدم قدرتك على تحقيق هذا الخلق العظيم، ولذلك جاء في الحديث الصحيح عن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من كظم غيظاً وهو قادر على إنفاذه دعاه الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين ما شاء} وفي الحديث الصحيح المتفق عليه: {ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب}.
وهكذا الحلم، لا تستطيع أن تعرف هل أنت حليم أم لست بحليم حتى تخالط الناس، وتواجه أعمالاً وأقوالاً تستفزك، فإن ربطت أعصابك، وقابلت الموقف بهدوء وسعة بال، عرفت أنك قد اتصفت بهذه الصفة، وإن فقدت صوابك وانفعلت واستجبت لهذه المثيرات عرفت أنك بحاجة إلى أن تربي نفسك على الحلم الذي هو خصلة من الخصال المحمودة المطلوبة منك شرعاً.
ولهذا كله، فإن الخلطة أصل مطلوب من الإنسان، بل هي الأصل، ولذلك قرر النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأصل بأحاديث كثيرة أكتفي منها بحديث واحد، وهو ما رواه الترمذي, وأحمد وغيرهما، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على آذاهم، خير من المؤمن الذي لا يخالطهم ولا يصبر على آذاهم} والحديث صحيح.
وفي هذا الحديث نص واضح على أن الخلطة أفضل من العزلة، وأن المؤمن الذي يصبر على معاشرة الناس، ومداخلتهم، والقيام بحقوقهم، خير وأفضل عند الله عز وجل من المؤمن الذي لا يخالطهم، فلا يلقى منهم الأذى الذي يحتاج إلى الصبر.
وهذه القضية قضية ظاهرة، ولكن قد يشكل عليها أحاديث صحت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ففي الحديث المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: {يا رسول الله: أي الناس أفضل؟ فقال: مؤمن مجاهد في سبيل الله عز وجل قيل له: ثم أي؟ قال: رجل في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره} فالإنسان حين يسمع هذا الحديث، يجد أن المؤمن المعتزل المتعبد في شعب من الشعاب، يأتي في المرتبة الثانية -بادي الرأي- بعد المؤمن المجاهد بنفسه وماله، ومثل هذا الحديث بل وأوضح منه في الدلالة ما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {من خير معاش الناس لهم رجل راكب على متن فرسه في سبيل الله، كلما سمع هيعة طار إليها، يبتغي الموت أو القتل مظانة، ورجل في شعب أو شظية جبل يعبد الله عز وجل ليس من الناس إلا في خير} وهذا الحديث أقوى في الدلالة على العزلة من الحديث الأول، لأن الحديث الأول اعتبر المجاهد في الدرجة الأولى، واعتبر المعتزل بعده في الدرجة، أما في هذا الحديث فقد قرن بينهما في الواقع، فقال رجل على متن فرسه ورجل في شعب أو شظية جبل، فكأن ظاهر الحديث يقتضي اشتراكهما في الفضيلة.
ولهذين الحديثين شواهد كثيرة جداً عن النبي صلى الله عليه وسلم، فيا ترى ما هو الوجه الصحيح في فهم هذه الأحاديث؟ وهل الرسول صلى الله عليه وسلم يحثنا على الاعتزال ويرغبنا فيه؟ وكيف يكون ذلك مع ما سبق في الحديث الصحيح من أنه صلى الله عليه وسلم فضل المخالطة على الاعتزال وترك معاشرة الناس.
الحالة: الأولى: أن يكون هذا الشخص كثير الشر، قليل الخير، فإذا اختلط بالناس لم يستطع أن يوصل الخير إليهم، ولا أن يحجب الشر عنهم، فمخالطته للناس هي شر لا يكاد يكون فيه من الخير إلا القليل، فمثل هذا يشرع في حقه العزلة، لذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم في المعتزل: يعبد ربه ويدع الناس من شره، وقال في اللفظ الآخر: ليس من الناس إلا في خير، فهذا الإنسان بطبيعته، إذا اختلط بالناس أساء إليهم، وظلمهم، وهضمهم، فمثل هذا تشرع في حقه العزلة متى كانت مخالطته للناس يغلب شرها على خيرها، أو تكون شراً لا خير فيه.
الحالة الثانية: أن يكثر الشر والانحراف بين الناس، ويصبح هذا الإنسان لا يستطيع الصبر على رؤية الفساد والانحراف، فما إن يخـتلط بالناس ويرى المفاسد والمنكرات حتى ينفعل ويسارع في تغيير هذه المنكرات بطريقة غير مشروعة تضاعف من المنكر، وتزيد منه، بل ربما أدت إلى إغلاق باب الإنكار بالكلية، وجرَّت شراً على المنكرين، فمثل هذا إذا لم يستطع أن يضبط نفسه، ولم يستطع أن يبتعد عن مواطن المنكر نظراً لأن المنكر قد فشى في كل مكان، فإن العزلة في حقه أولى.
الحالة الثالثة: أن يكون هذا الإنسان شخصاً ضعيف الإيمان، ميالاً إلى الشهوات، ويعرف من نفسه الرغبة في مقارفة هذه الفواحش، فإذا ما رآها أنست نفسه بها ومالت إليها، وربما واقعها، أو كاد، فمثل هذا أيضاً إذا لم يستطع أن يعتزل المنكر لفشو المنكر وانتشاره في كل مكان، فإن العزلة في حقه أولى.
وهناك أيضاً أشخاص إذا رأوا المنكرات تثاقم لديهم الشعور وشده الحساسية منه والانفعال فأصابهم من ذلك هَمٌّ لا يفارقهم مع عدم قدرتهم على التغيير لضعفهم وعجزهم، فمثل هؤلاء تشرع في حقهم العزلة.
والعزلة لا تعني أيضا أن يفارق الإنسان الناس بالكلية فيعتزل على رأس شظية -جبل- أو في شعب من الشعاب، بل يعتزل المنكر وموقعه، وما يؤدي إلى حصول السلبيات التي سبقت الإشارة إليها، مع قيامة بما يجب من الصلاة في الجماعة، ومن صلة الرحم، ومن القيام بحقوق الجيران، والأقارب، وما لا بد له منه، وإنما يترك فضول الصحبة، ويعتزل المنكر، ويعتزل ما لابد من اعتزاله، حتى يسلم من هذه المفاسد الموجودة، هذا فيما يتعلق بالفرد.
وقريب منه ما ورد في صحيح البخاري من قول النبي صلى الله عليه وسلم: { تبقى حثالة من الناس } وقد بوب البخاري على هذا الحديث بباب(نـزع الأمانة) وذكر حديث حذيفة الذي فيه نـزع الأمانة من قلوب الرجال.
ففي هذا الحديث ذكر النبي صلى الله عليه وسلم مجموعه من الصفات متى وجدت في أي مجتمع شرع فيه الإقبال على الخاصة والإعراض عن العامة، فتعالوا بنا نتأمل هذه الصفات.
أولاً: قال: (حثالة) وسماهم حثالة، والحثالة هي ما يتبقى من الإناء بعد شربه، وهو إشارة إلى أن هؤلاء القوم هم بقية من الناس، ذهب صفوة الناس وبقى كدرهم، وذهب خيرهم وبقي شرهم، وذهب ما ينتفع به وبقيت الحثالة في قاع الماء، وسماهم في الحديث الآخر الذي أشرت إليه في البخاري: {حثالة كحثالة الشعير لا يـباليهم الله تعالى بال} لأنهم حثالة.
ثانياً: قد مرجت عهودهم وأماناتهم، فقد فقدت الأمانة من قلوب الرجال حتى ليقال: إن في بني فلان رجلاً أميناً، وهذا دليل على شيوع النفاق، لأن فقدان الأمانة والوعد الصادق، والحديث الصادق البعيد عن الكذب؛ كل ذلك من علامات النفاق والمنافقين.
ثالثاً: واختلفوا فصاروا هكذا، إذاً: نحن أمام مجتمعات قد تشتت أهواؤها وفقدت الاعتصام بالكتاب والسنة، فصارت تتبع الهوى، ولذلك اختلفوا فصاروا هكذا، أي: متداخلين متفرقين لا يجمعهم جامع، ولا يؤلف بينهم رابط.
وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم صفات أخرى في أحاديث أخرى غير هذا الحديث لا يتسع لها المقام، ومجموع الصفات يوحي بأن هذه الأحاديث يمكن أن توجد في حالتين:
الحالة الأولى: أن توجد في البلاد كلها من أقصاها إلى أقصاها، وهذا لا يكون إلا قبيل قيام الساعة -والله أعلم-، لأن هناك أحاديث وردت أنهم مع هذه الصفات {يتسافدون تسافد الحُمُر وعليهم تقوم الساعة}.
فدل على أن هذه الأحاديث تصف وضعاً يكون في الناس قبيل قيام الساعة، وفي مثل هذه الحالة يشرع للإنسان الاعتزال المطلق، هذه هي الصورة أو الحالة الأولى التي توجد فيها هذه الصفات.
الحالة الثانية: أن توجد هذه الصفات في مجتمع من المجتمعات، أو بيئة من البيئات، وليست عامة في البلاد كلها، وهذا يمكن أن يوجد في أي مكان، وحينئذ فعلى الإنسان أن يجاهد في إصلاح هذه المجتمع، والعودة به إلى الصورة الصحيحة المشروعة، لأن الإصلاح غير متعذر حينئذٍ، بخلاف الحالة التي تكون قبيل الساعة، فإن الإصلاح فيها متعذر، إذا: فسد الزمان شرع للإنسان حينئذ أن يقبل على خاصته، ويدع أمر العامة.
والإقبال على الخاصة يقصد منه عدة أمور منها: أن تقبل على نفسك فتصلحها، وتصقلها بالعلم النافع والعمل الصالح، والاعتصام بالكتاب والسنة.
ومنها: أن تقبل على أهلك ومن يلزمك القيام بشئونهم من أولادك وأقاربك فتصلح ما تستطيع من أمر دينهم وأمر دنياهم.
ومنها: أن تقبل على خاصتك من أصحابك وأصدقائك وذويك، الذين تصافيهم المودة، وهم يسمون خاصة في لغة العرب، فتقول خاصة فلان أي: أصدقائه الذين يخصونه، كما قال الشاعر:
إن امرءاً خصني عمداً مودته على التنائي لعندي غير مخفور |
فالإنسان الذي يصافيك المودة يسمى خاصتك أو من خاصتك، ولذلك ورد في الحديث وإن كان ضعيفاً وإنما المقصود الدلالة اللغوية وقد رواه الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: {لكل نبي خاصة، وخاصتي
إذاً فهناك ثلاث حالات عامة تشرع فيها العزلة:
الحالة الأولى: عند فساد الزمان.
والحالة الثانية: عند وقوع الفتنة، والاقتتال بين المسلمين.
والحالة الثالثة: اعتزال السلطان عند فساده، أما فيما عدا هذه الحالات فإن المشروع في حق الإنسان هو الخلطة كما سبق، وهذا هو رأي جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة المتبوعين وغيرهم.
شر السباع الضواري دونه وزرُ والناس شرهم ما دونه وزرُ |
كم معشر سلموا لم يؤذهم سبع وما أرى أحداً لم يؤذه بشر |
أي:أن هناك حواجز تمتنع بها من أذى السباع، لكن لا يوجد حواجز تمتنع بها من أذى الناس، وهناك من الناس من سلم من أذى السباع، لكن لا يوجد من سلم من أذى الناس.
وذكر الأصمعي أن رجلاً قيل له: هل تؤذي جيرانك؟ قال: إذا لم أؤذ جيراني فمن أؤذي إذن! أؤذي من لا أعرف، المقصود أن الأذى لا بد أن يصدر من الإنسان، فأنت أيها الإنسان مؤذٍ ومؤذىَ في نفس الوقت، والرسول صلى الله عليه وسلم يرشدك إلى الصبر على جميع أنواع الأذى الذي تلقاه من الناس، ومن أنواع الأذى التي يجب الانتباه لها ما يلي:
أولاً: هناك الأذى المقصود الذي يقصد من أحدثه أن يسيء إليك سواءً بالقول أو بالفعل، كمن يعيرك أو يسبك، أو يغتابك، أو يعترض سبيلك بما يستطيع، وهذا نوع من الأذى لابد أن تلقاه فلا بد من الصبر عليه، وقد يكون هذا النوع من الأذى في غاية الظهور، بل من الناس من لا يفهم من كلمة الأذى إلا هذا النوع.
النوع الثاني: من أنواع الأذى الذي يصدر من الناس هو: الأذى الذي تلقاه نتيجة أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ودعوتهم إلى الله، فكم من إنسان علَّم الناس أمراً من أمور الدين، أو بيَّن لهم ما يجهلون، فلقي منهم الأذى، وقدوته في ذلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، من الأنبياء من قُتل، ومن الأنبياء من أُخرج من بلده، ومن الأنبياء من ضُرب، وفي الحديث المتفق عليه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: {كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه وهو يقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون}.
إذن فالنوع الثاني من الأذى هو الذي تلقاه منهم بسبب أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، ودعوتهم إلى الله عز وجل فينبغي ألا يخرجك هذا الأذى عن طورك، ولا يدعوك إلى ترك ما أنت عليه، بل اصبر، واحتسب، وقابل ذلك بالهدوء والتعقل.
النوع الثالث: من الأذى هو: الأذى غير المقصود وقد تتساءل: ما هو الأذى غير المقصود؟ فأقول: الأذى غير المقصود هو الذي يصدر عن بعض الأفراد بحكم الطبيعة، من غير قصد الإضرار أو الإساءة إلى الآخرين، وذلك أن الاجتماع يحوي عدداً كبيراً من البشر، عقولهم مختلفة، شخصياتهم مختلفة، طباعهم متفاوتة، فهذا شخص هادئ، وهذا شخص متعجل، وهذا شخص حاد، وهذا شخص متوتر عصبي، وهكذا، فمن جرَّاء اختلاط هذه النوعيات المختلفة المتفاوتة تفاوتاً كبيراً؛ يقع بينهم أنواع من الأذى غير مقصودة، فيتصرف هذا الإنسان تصرفاً عفوياً بسيطاً؛ فيخدش الآخر ويؤثر فيه دون أن يشعر المتصرف بهذا، ولذلك قلت قبل قليل: إن الإنسان يكون مؤذياً ويكون مؤذى في نفس الوقت، فقد يصدر منك تصرف عادي غير مقصود يسيء إلى بعض من حولك، والعكس قد يصدر من بعض من حولك تصرف عادي غير مقصود فيسيء إليك، ولابد أيضاً من الصبر على ذلك، وتعويد النفس على الصبر، وبغير ذلك لا يمكن أن يتم الاجتماع، وحين يكون الاجتماع واجباً يكون الصبر على هذه الأشياء واجباً، وحين يكون الاجتماع مشروعاً أو مستحباً يكون الصبر عليها مستحباً، أو مشروعاً.
إذاً عليك أن تسعى خلال اختلاطك بالناس إلى أن توصل البر والمعروف، والإحسان إليهم ما استطعت، دون أن تنتظر منهم رد هذا الجميل، فإن لم تفعل ولم تستطع فأقل ذلك أن تكف أذاك عن الناس فإن هذا صدقة منك لا على الناس بل على نفسك.
أيها الإخوة: إن المسلم مطالب في هذا الزمان بأن يُقبل على نفسه فيصلحها، وعلى من حوله فيقوم بحقوقهم، وعلى خاصته من الأصحاب والأصدقاء والطلاب فيوجههم ويدعوهم، ويعلَّمهم مما علمه الله، ويقبل على سائر إخوانه المسلمين ممن لديهم الاستعداد لقبول الحق والامتثال والانصياع له فيوجههم، ويعلمهم، فمهما يكن بين المسلمين اليوم من المعاصي والمنكرات والانحرافات، فلا زال الخير بينهم موجوداً، ولا زال الاستعداد لكثير منهم لقبول النصح والتوجيه قاتماً، فعلينا أن لا نخادع أنفسنا بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتوجيه والتعليم والتربية، بأن نقول: إن الناس لا يقبلون، بل علينا أن نقوم بذلك بالأسلوب الجيد والطريقة المناسبة، وسنجد أن الناس يملكون استعداداً كبيراً للتقبل، ولا أدل على ذلك من أن كثيراً منهم قد اتجهوا إلى الصراط المستقيم، وأقبلوا على الخير وعلى العلم، وعلى الطاعة وعلى العبادة بفضل الله، ثم بفضل ما يسمعون أو يقرءون من العلم والذكر والقرآن والسنة.
فعلى المسلم أن يكون أمَّاراً بالمعروف، نهاءاً عن المنكر، داعياً إلى الله، مختلطاً بالناس، صابراً على أذاهم.
أسأل الله أن يوفقني وإياكم بأن نكون من الذين اختلطوا بالناس وصبروا على أذاهم، ودعوهم إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، فوفقوا لذلك وصبروا عليه، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الجواب: لعلي أشرت برأيي بإيجاز في آخر هذه الكلمة، وأضيف: أن الإنسان أدرى بنفسه وأبصر بها، فالإنسان يتصرف على حسب ما يشعر بأنه يستفيد أو لا يستفيد، فالأصل أن مخالطة أهل الخير، وهم -بحمد الله- موجودون بل وكثير، أن مخالطتهم ومشاركتهم في أعمالهم ونشاطاتهم، وسائر أمورهم أنه أمر مشروع، ولا قوام للإنسان بنفسه، لابد للإنسان من المخالطة، وهذا كما قلت هو غريزة فطرية مركوزة عند الإنسان جاء الشرع بتقريرها، وبيان الوسائل والسبل الصحيحة لها، أما المجالس والمجتمعات التي يتضرر بها فعليه أن يقدر الأمر حق قدره، فإن كان يستطيع أن يؤثر، ويأمر وينهى، ويحقق من المصلحة أكثر مما ناله من الضرر، فعليه أن يتحمل هذا الضرر البسيط، من أجل تحصيل المصلحة الأعظم، وهذه قاعدة شرعية متفق عليها عند علماء الإسلام، أن المصلحة الأكبر تحصل ولو ارتكبت في ذلك مفسدة صغيرة، والعكس بالعكس، فالمصلحة القليلة تترك إذا كان يترتب على ذلك مفسدة أكبر منها.
الجواب: أما لفظ الفتنة الذي يتداوله العلماء في هذا الباب والذي وردت به كثير من الأحاديث، فهو غالباً يطلق على القتال بين المسلمين، كما هو ظاهر من حديث ابن مسعود الذي ذكرته، ومن أحاديث كثيرة في هذا الباب، وهكذا فسره العلماء كالحافظ ابن حجر، وغيره، أما غير ذلك من الفتن والتي وردت، وورد تسميتها بالفتن في بعض الأحاديث فإن هذا خاضع للقاعدة العامة، فمثلاً فتنة النساء فتنة قديمة، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر من فتنة النساء في زمنه، وقالت عائشة كما في صحيح البخاري: {لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء بعده لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل} فالأمر ليس جديداً؛ لكن عليك أن تعتزل المواطن التي توجد فيها هذه الفتنة، كالأسواق وغيرها، إلا أن تكون آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر، فإذا كنت آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر، وتجد من نفسك نوعاً من القوة والتحمل، فعليك أن تقوم بهذا، أما إذا كنت تعرف من نفسك أيضاً ضعف، وتشعر بنفسك بميل نحو المعاصي والفواحش ميلاً يكاد يوصلك إلى الوقوع فيها، والانهماك، أو مقارفة بعض المعاصي، فعلى الإنسان حينئذ أن يبتعد إيثاراً لسلامته الشخصية.
الجواب: هذا مثال ودليل على أهمية المخالطة للصالحين، وكثرة الاحتكاك بهم، وغشيان مجالسهم، ومنتدياتهم، وحلقاتهم، ونحوها، فإنها تزيد الإيمان وتقويه، وتزيد علم الإنسان وحماسه، ورغبته في الخير، فعلى الإنسان أن يكثر من حضور مثل هذه المجالس، أما كونه إذا فقد هذه المجالس أو ابتعد عنها واختلط بقوم من الأقارب وسواهم ممن لا يزيدونه في العلم ولا في العمل، شعر بقسوة في قلبه، فإن هذا أمر ليس بالغريب بل هو أمر طبيعي، وعلى الإنسان أن يحرص على تكوين نفسه وبناء شخصيته بناءً قوياً بحيث يكون مؤثراً لا متأثراً، ويحرص على أن يكون في المجالس التي يوجد فيها شخصاً محترماً معتبراً ينظر إليه، ويستطيع أن يوجه هذه المجالس الوجهة الصالحة، ويدير الحديث فيها حول أمور مفيدة، أو على الأقل حول أمور مباحة لا إثم فيها، فإن كان هذا الإنسان صغيراً وغير مؤهل لمثل هذا الدور، فعليه ألا يكثر من غشيان هذه المجالس، إلا في حالات يشعر أن المصلحة ظاهرة في حضورها، ثم لا ينبغي أن يطلق العنان لنفسه بالوقوع -كما قال- في الشهوات، أو في المحرمات أو سواها.
الجواب: أما قضية فساد الناس وأن الزمان لا يزداد إلا شدة، فهذا أمر لا شك فيه، والحديث في الصحيح عن أنس رضي الله عنه:{لا يأتيكم زمان إلا والذي بعده شر منه، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم} لكن المسلم القوي خير وأحب إلى الله من المسلم الضعيف، وكذلك المؤمن، فطالب العلم ينبغي له أن يحرص على التسلح بسلاح المعرفة، والعلم، والإيمان، ويتكئ على قوم طيبين وصالحين يستفيد منهم ويتزود ويرتقي صعداً في مدارج الإيمان والكمال، ثم ينطلق جندياً مجاهداً في سبيل الله داعياً إلى الله حتى يعرف بين الناس بذلك، ويسهل عليه حينئذ أن يأمر وينهى ويوجه، ولا يدع الفرصة للفسقه، والعلمانيين، والقوميين، وأصحاب المذاهب الأرضية، وأصحاب المطامع الشخصية، ليتولوا قيادة المجتمعات وريادتها، فإن هذا لا يجدر بالمسلم القوي.
الجواب: الإنسان الذي يجد في طبيعته الميل إلى العزلة، عليه أولاً أن يستفيد من أوقات فراغه التي يخلو بها بنفسه، يستفيد منها بصورة صحيحة، بالعلم، والعبادة، وغير ذلك من الأعمال المشروعة، ثم عليه أن يجاهد نفسه في مجالسة أهل الخير، ومعاشرتهم، فإنه بترك مخالطتهم يخسر شيئاً كثيراً، وليسأل نفسه مثلاً السؤال الذي ورد أثناء المحاضرة، كيف يعرف إن كان حليماً وصبوراً أم كان على الضد من ذلك؟ والحلم والصبر أخلاق إسلامية مطلوب من الإنسان أن يتحلى بها، فلا بد من المخالطة، ومواجهة أشياء تستفزه، فيتربى على هذه الأشياء، ويفلت منه زمام نفسه مرة فيتلقن منه درساً للمرة الثانية وهكذا، إنما بكل حال لا يمكن أن نطلب من الناس أن يكونوا كلهم قوالب مصبوبة بالسنتيمتر لا تزيد ولا تنقص، الناس يتفاوتون ومواهبهم تتفاوت، وملكاتهم تختلف، فمن الناس من يـأنس بمجالسة الآخرين ودعوتهم والاحتكاك بهم، ويجد في هذا أنس وسعادة إضافة إلى ما يجده من اللذة في التعبد بهذا العمل، وهو الدعوة إلى الله وإصلاح الناس والإحسان إليهم، وهذا لا شك مرتبة فاضلة ينبغي للإنسان أن يسارع إليها، لكن قد يوجد شخص آخر لا يجد في نفسه الرغبة، فلا نطالبه بأن يكون بنفس الصورة، لكن عليه أن يلتزم بقدر معقول من المجالسة يضمن له تحصيل مصالح الخلطة التي سبقت الإشارة إلى بعضها.
الجواب: الخوف من سوء الخاتمة أمر يجب أن يكون قائماً في ذهن الجميع، لأن النفس أمارة بالسوء، والشيطان مسلط على ابن آدم، والوسائل والمثيرات كثيرة، ولذلك فالإنسان ما لم يمت على الإسلام فهو على خطر، وأما الوسيلة التي تجعل الإنسان يطمئن إلى الله عز وجل وإلى أن الله سيكلؤه بإذنه في حياته، وفي حال موته، وبعد مماته، فإنها تتلخص في الوصية النبوية التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس -رضي الله عنه وأرضاه- حين قال له: {تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة} والشاب أيها الإخوة تثور في نفسه كثير من الغرائز والشهوات، أعني الغريزة الجنسية، ويجد حوله من المؤثرات الكثيرة من مشاهدة النساء المتبرجات، إلى مشاهدة الصور في المجلات، والمسلسلات التلفزيونية، والأفلام وغيرها، وليس أمامه إلا أن يعتصم بالله عز وجل ويلقي بنفسه في وسط قوم طيبين، ويحرص على الاقتباس منهم، ويرتقي شيئاً فشيئاً ويجاهد نفسه في هذا، ليس أمام الإنسان إلا سبيل المجاهدة، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم وسائل القضاء على هذا الشعور المتوتر عند الإنسان، أرشده أولاً: إلى إفراغ هذه الغريزة بصورة صحيحة: {يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج} وعلى الإنسان أن يفكر تفكيراً جدياً في الزواج، ولو وجد أمامه عقبات، عليه أن يفكر جدياً في تذليل العقبات التي تعترض هذا السبيل، فإذا كان لا يستطيع -فعلاً- فعليه أن ينتقل إلى الخيار الثاني وهو الصيام، يكثر من الصيام، فبالصيام تضيق مجاري الشيطان في الجسد، والصيام قربة وعبادة تقرب الإنسان من الله تعالى وتبعد عنه كيد الشياطين، وعلى الإنسان أن يصرف طاقته الجسمية في الرياضة، في السفر مع الأصحاب الصالحين، في القراءة المفيدة، والأعمال المختلفة والنشاطات المتنوعة، وعلى الإنسان أن يبتعد عن المواطن التي تثير غريزته، فهذا أمر مهم جداً، أما أن يضع الإنسان نفسه في المواضع التي تثير الغريزة ثم يشتكي فحينئذ يحق عليه المثل القائل:
ألقاه في اليم مكتوفاً وقال له إياك إياك أن تبتل بالماء |
على الإنسان أن يحجب ويحجز نفسه عن مواطن الإثارة، التي تسبب له هيجان في غريزته الجنسية.
الجواب: مثل هذه الحالة أصبحت كثيرة ومألوفة في هذا الزمان، بسبب إقبال الشباب على الإسلام، وعلى تعلم السنة، والعمل بها، فتجد جيل الآباء يكثر فيهم الأشخاص العاديون، بل ويوجد بينهم عدد غير قليل ممن تأثروا ببعض الموجات، والحركات، والدعوات، التي كانت تثار في مقتبل أعمارهم، فليس بغريب أن تجد الأب لا يصلي مثلاً، أو يتبنى بعض الأفكار المنحرفة، أو ينادي بخروج المرأة، وتجد الابن ملتزماً، متمسكاً، مقصراً لثوبه، تاركاً لشعر لحيته، حريصاً على الالتزام بالسنة في أقواله وأعماله وتصرفاته، وليس أمام الشاب إلا أمرين:
أولاً: أن يدرك أن هذا طريق الإسلام مصاعبه موجودة، وطريق الجنة محفوف بالمكاره، لكن ليس عنه بديل، كما تسمعون ففي الأناشيد يقول:
فمن المصائب والمصائب جمة لكنما هو ليس عنه بديل |
ثانياً: يجب على الشاب أن يتحلى بالحكمة، فبعض الشباب تثيرهم مثل هذه التصرفات، فيقابلونها بالمثل، فتجد الشاب يدير معركة داخل البيت، ومن الصعب جداً أن يقف شاب عمره خمسة عشر سنة في طرف، ويقف الأبوان والإخوة والأخوات والأقارب في الطرف الآخر، فعلى الشاب أن يكون حكيماً، وأن يفكر في الوسائل الصحيحة التي يؤثر بها في البيت، ونحن نعرف جميعاً أن هناك بيوت غير قليلة بدأت الهداية فيها على يد شاب صغير، وما زال هذا الشاب يجاهد ويجتهد في التأثير على أبويه، وعلى إخوته، وعلى أخواته، فما مرت سنوات إلا وقد تغير البيت بكامله، وتحول إلى بيت محافظ ملتزم، وعلى الشاب أن يبحث عن بعض أساتذته وإخوانه والأشخاص الذين يعتبرهم في مقام القدوة، فيشرح لهم تفاصيل ما يعاني، ويطلب منهم التوجيه المناسب، باعتبار هذه القضية لا يمكن أن تحل بين يوم وليلة، بل ربما أن هذا الشاب في كل يوم أو في كل أسبوع يواجه مشكلة جديدة.
السؤال يقول: أنا وبعض أصحابي الطيبين نصاحب الشباب غير الطيب، من أجل جذبهم إلى مصاحبتنا، فهل هذا الشيء طيب، أم مخالف للشباب الطيب؟ أرجو الإجابة على هذا السؤال للأهمية؟
الجواب: إذا كانت مصاحبة هؤلاء الشباب غير الطيبين هي بغرض دعوتهم إلى الله عز وجل فهي لا شك أمر طيب، والدعوة إلى الله لا تحتاج إلى فتيا، فنحن جميعاً نعرف أن الدعوة مشروعة ومطلوبة، وأما إذا كانت المصاحبة نتيجة صلة سابقة، ومودة قديمة، وصداقة سالفة، ويصعب على الإنسان أن يتخلى عنها، فحينئذ ينبغي للإنسان أن يفكر جدياً في ترك هؤلاء الأصدقاء، أما بغرض الدعوة والتوجيه والتأثير فهذا ممكن؛ لكن بشرط أن يجد الشاب في نفسه الكفاية والقدرة على ذلك، أما أن يلقي بنفسه في وسط هؤلاء القوم وهو غير محصن وقد يتعرض هو نفسه لضرر، أو انجراف معهم، فهذا مما ينبغي الحذر منه.
السؤال: أنا لي أخ معتزل في البيت فما هو واجبي نحوه؟
الجواب: واجبك أن تحسن إليه، ولا ندري بالضبط ما سبب اعتزاله حتى يمكن التوجيه بشأنه.
الجواب: صفات الصديق الصالح أعتقد أنني سبق أن تحدثت عنها في هذا المركز في العام الماضي في محاضرة كانت بعنوان (
والحمد لله رب العالمين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر