تقدم لنا في الدرس السابق تعريف البيع، وذكرنا أن تعريفه: مبادلة مال بمال ولو في الذمة، أو منفعة مباحة بمثل أحدهما على التأبيد غير ربا وقرض.
وتقدم لنا أن الأصل في البيع الحِل والصحة، ودليل ذلك قول الله عز وجل: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، وتقدم جملة من شروط العقد، وأن من شروط العقد التراضي، وكذلك من شرط العقد أن يكون العاقد جائز التصرف، وكذلك أيضاً من الشروط أن يكون المعقود عليه مباح النفع... إلى آخره.
ثم قال رحمه الله تعالى: (والأدهان النجسة، ولا المتنجسة).
الدهن النجس: هو الذي أصله وذاته نجسة كدهن الميتة، وأما الأدهان المتنجسة: فهي التي أصلها طاهر لكن طرأت عليها النجاسة كزيت طاهر وقع فيه شيء من البول، فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: (لا يصح بيع الأدهان النجسة، ولا المتنجسة).
أما النجسة فكما ذكر المؤلف -رحمه الله تعالى- لا يصح بيعها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حرم بيعها فقال: ( إن الله حرم بيع الميتة والخمر والأصنام، فقالوا: يا رسول الله! أرأيت شحوم الميتة فإنه تُطلى بها السفن وتُدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، هو حرام )، خرجاه في الصحيحين.
وأما الأدهان المتنجسة؛ فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: لا يصح بيعها؛ لأنهم يرون أن الأدهان المتنجسة لا يمكن أن تطهر، أي هم يفرقون بين الماء وبين سائر المائعات.
فالماء إذا تنجس يمكن أن يُطهّر، وأما سائر المائعات إذا تنجست فإنه لا يمكن أن تطهر، وإذا كان لا يمكن أن تطهر فإنها تُلحق بالأدهان النجسة، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى.
والصواب في هذه المسألة: أن الأدهان المتنجسة وسائر المائعات المتنجسة يمكن أن تطهر بالإضافة أو بالغلي أو بالمعالجة ونحو ذلك، وإذا كان كذلك فنقول بأنه يصح بيعها؛ لأن الأصل في ذلك الحِل فبيعها كبيع الثوب النجس، وبيع الثوب النجس جائز ولا بأس به.
قال رحمه الله: (ويجوز الاستصباح بها في غير مسجد).
يقول المؤلف رحمه الله: يجوز الاستصباح بالأدهان المتنجسة، وذلك بأن يوضع هذا الدهن المتنجس في السراج لكي يستخدم وقوداً للإضاءة، هذا بالنسبة للأدهان المتنجسة.
وأما بالنسبة للدهن النجس فهو نجس؛ لأنهم لا يرون أن النجاسة العينية تطهر بالاستحالة، وإلا فإن هذا الدهن سيستحيل إلى ضوء، ودخان، ومع ذلك لا يرون أن النجاسة العينية تطهر بالاستحالة.
فيقول المؤلف رحمه الله: يجوز الاستصباح بالأدهان المتنجسة، وأما النجسة فإنه لا يجوز الاستصباح بها، والمتنجسة يجوز الاستصباح بها في غير المسجد، أي في البيت، وأما في المسجد فلا يجوز، قالوا: لأنه يؤدي إلى تنجيسه، وهذا الكلام كله فيه نظر.
والصواب في ذلك: أولاً: أما بالنسبة للأدهان المتنجسة فهذه يصح الانتفاع بها، ويمكن تطهيرها، ويصح بيعها, ولكن بقينا في الأدهان النجسة، فإن: الأدهان النجسة أو عموم النجاسات كما ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه يجوز الانتفاع بالنجاسات على وجه لا يتعدى، فالنجاسات هذه يجوز الانتفاع بها على وجه لا يتعدى، وأما المتنجس فهذا أمره ظاهر أي يمكن تطهيره فيجوز الانتفاع به مطلقاً، ولكن ما كان نجس العين فإنه يجوز الانتفاع به على وجه لا يتعدى.
فمثلاً: الدهن النجس يجوز أن تنتفع به كما ذكر الصحابة رضي الله تعالى عنهم قالوا: ( أرأيت شحوم الميتة يا رسول الله؛ فإنه تُطلى بها السفن، وتُدهن بها الجلود، ويستصبح بها الناس؟! فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا، هو حرام )، فقوله: (هو حرام) أي البيع، وأقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على قولهم: تُدهن بها الجلود، وتُطلى بها السفن، ويستصبح بها الناس.
فإذا كانت هذه النجاسات يمكن أن يُنتفع بها في الصناعات ونحو ذلك، فنقول بأن هذا جائز ولا بأس به.
وقلنا: على وجه لا يتعدى كما لو استصبحها في أثناء الصلاة، فإن هذا لا يجوز، أو أنه تناولها مع فمه فإن هذا غير جائز.
هذا الشرط الرابع: أن يكون العقد من مالك، أو من يقوم مقام المالك، والذي يقوم مقام المالك أربعة: الوكيل والوصي والولي والناظر، فلابد أن يكون العقد صادراً من مالك أو من يقوم مقام المالك، ودليل ذلك قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [النساء:29]، وأيضا حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه في الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ولا تبع ما ليس عندك ).
قال رحمه الله: (فإن باع مُلك غيره، أو اشترى بعين ماله بلا إذنه لم يصح، وإن اشترى له في ذمته بلا إذنه ولم يسمه في العقد صح له بالإجازة).
الصورة الأولى: قال: (فإن باع ملك غيره).
هذه الصورة الأولى: باع ملك غيره، مثال ذلك: إذا باع الرجل سيارة أخيه، وأخوه لم يأذن له في هذا البيع، فهل يصح ذلك أو لا يصح؟ أو باع سيارة صديقه أو أبيه، وأبوه وصديقه لم يأذنا له في البيع؟ يقول المؤلف رحمه الله بأنه لا يصح؛ لأنه فقد شرطاً من شروط صحة البيع، وهو أن يكون من مالك، أو من يقوم مقام المالك.
وحتى لو أجازه المالك فهذا التصرف يسمونه بالتصرف الفضولي فيرون أنه لا ينفذ.
وأضيق الناس في التصرفات الفضولية هم الشافعية والحنابلة، فإنهم لا يرون التصرفات الفضولية، فلو أجازه المالك، وقال: أجزت البيع، قالوا: بأنه لا ينفذ؛ لأنه فقد شرطاً من شروط صحة العقد.
وأوسع الناس في التصرفات الفضولية هم الحنفية، وأما المالكية فهم بين الطرفين، بين الشافعية والحنابلة وبين الحنفية، فهم يفرقون بين ما يتعلق بعقود المعاوضات وعقود التبرعات.
والصواب في هذه المسألة هو صحة تصرف الفضولي، وأنه ينفذ بالإجازة سواء كان ذلك في العبادات، أو كان ذلك في عقود المعاوضات، أو في عقود التبرعات، أو في عقود الأنكحة، أو في الفسوخ، والأمر في ذلك واسع، والصواب التوسع في التصرفات الفضولية؛ لأن العقود مبنية على الرضا، فإذا رضي المالك نفذ التصرف، وإذا أجاز التصرف ورضي فإن التصرف ينفذ، فتنفذ التصرفات الفضولية في العبادات، فلو أنه أخرج الزكاة عن أخيه، أو أبيه، ثم أجازه نفذ ذلك.
وينفذ أيضاً التصرف الفضولي في الكفارات، فلو أخرج كفارة اليمين عن صديقه ثم أجازه نفذ ذلك، وينفذ في عقود المعاوضات، فلو باع ملك غيره فإنه ينفذ، وينفذ أيضاً في عقود التبرعات، فلو أنه وقف ملك غيره فإنه ينفذ الوقف بالإجازة، ولو وهب ملك غيره فإنه ينفذ بالإجازة.
وكذلك أيضاً في الفسوخ، فلو طلق زوجة فلان فإنه ينفذ بالإجازة، وفي الخُلع، وفي النكاح، فلو عقد لابنة زيد فإنه ينفذ بالإجازة.
فالصواب في ذلك: أن التصرف الفضولي خلاف ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله، فالمؤلف يوافق الحنابلة والشافعية في أنهم لا يرون التصرف الفضولي إلا في مسائل كما سيذكرها المؤلف رحمه الله، فيذكر هنا مسألة، ويذكرون في العِدد شيئاً من المسائل، أي على نطاق ضيق جداً.
إذاً: (إذا باع ملك غيره) فإن: هذا لا ينفذ، هذه الصورة الأولى.
الصورة الثانية: قال: (أو اشترى بعين ماله شيئاً بلا إذنه لم يصح) حتى بالإجازة يقول: لا يصح، فلو اشترى بعين ماله، كيف بعين ماله؟ معك مائة ريال لزيد، أو معك خمسون ريالاً، قلت: أعطني بهذه الخمسين هذا الكتاب، أو هذه السلعة, قال: لا يصح لأنه اشترى بعين مال غيره فلا ينفذ، ولو أجازه المالك قالوا: لا ينفذ؛ لأن العقد صدر من غير مالك، وهم يرون أن التصرفات الفضولية لا تنفذ.
الصورة الثالثة: قال: (وإن اشترى له في ذمته بلا إذنه ولم يسمه في العقد صح له بالإجازة) هذه الصورة هي التي يجيزونها فيما يتعلق بالتصرفات الفضولية، ولكن يصح بشرطين:
الشرط الأول: اشتراه في ذمته، فمثلاً قال: أعطني الكتاب ولم يقل بهذه الخمسين التي هي لزيد، وإنما اشترى لزيد هذا الكتاب بخمسين ريالاً فهذا اشتراه في ذمته، فهذه الصورة مقابلة للصورة التي قبلها، أي أنه لم يشترِ بعين ماله وإنما اشترى له في ذمته فيقول المؤلف رحمه الله: لا بأس. هذا الشرط الأول.
والشرط الثاني: ولم يسمه في العقد، ما قال: بعني هذا الكتاب لزيد، وإنما اشترى الكتاب على أنه لزيد، قال المؤلف رحمه الله: يصح بالإجازة. ولكي يصح تصرف الفضولي على المذهب فلابد من هذين الشرطين:
الشرط الأول: أن تشتري في ذمتك لا أن تشتري بعين ماله.
الشرط الثاني: ألا تسميه في العقد.
فإن سميته في العقد فإنه لا يصح، وإذا فعلت ذلك فإن أجازه من اشتريت له نفذ، وإذا لم يجزه ورد التصرف فإن السلعة التي اشتريتها تكون لك.
ثم قال رحمه الله: (ولزم المشتري بعدمها) يعني بعدم الإجازة (مُلكاً).
فتلخص لنا: أنهم لا يجيزون إلا هذه الصورة، والصواب في ذلك ما ذهب إليه الحنفية رحمهم الله تعالى.
ويدل لذلك حديث عروة بن الجعد رضي الله عنه( أن النبي صلى الله عليه وسلم: أعطى
ما فُتح عنوة من أراضي مصر، والشام، والعراق، يقول المؤلف رحمه الله: المساكن هذه لا بأس أن تُباع؛ لأن الصحابة رضي الله تعالى عنهم اقتطعوا الخطط وعمروها وباعوها.
وأما بالنسبة للأراضي فإنهم اختلفوا في ذلك:
الرأي الأول: لا يجوز أن تُباع؛ لأنها وقف، فـعمر رضي الله عنه لما فُتحت هذه البلاد وقفها، والوقف كما في حديث ابن عمر لا يُباع ولا يوهب ولا يورث.
والرأي الثاني: أن مثل هذه الأراضي يجوز بيعها, وهو رأي الحنفية، واختاره شيخ الإسلام، والرأي الأول: رأي أكثر أهل العلم.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن وقف عمر ليس المراد به الوقف الاصطلاحي، وإنما المراد بذلك أن يبقي ريعها للمسلمين، فهذا مراد عمر رضي الله عنه، فلو مات هذا الشخص وعنده هذه الأرض الخراجية فإن ورثته يقومون مقامه بالإجماع؛ لأنها تورث.
والوقف الاصطلاحي هل يورث أو لا يورث؟ الوقف الاصطلاحي لا يورث لكن هنا تورث، ومراد عمر رضي الله عنه هو استمرار الخراج لبيت المال لكي يُصرف في مصالح المسلمين، فهذا مراد عمر رضي الله عنه، وليس المراد هنا الوقف الاصطلاحي.
ونظير هذه المسألة وهي ما يلتبس على بعض أهل العلم من عدم تفريقهم بين الاسم الشرعي والاسم الاصطلاحي الذي اصطلح عليه العلماء رحمهم الله قول النبي صلى الله عليه وسلم لـعمر لما طلق ابن عمر رضي الله عنه زوجته وهي حائض فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال لـعمر :(مره فليراجعها)، فقوله عليه الصلاة والسلام لـعمر :(مره فليراجعها) أخذ العلماء رحمهم الله أن المراد بهذا المراجعة الاصطلاحية, وبنوا على ذلك أن طلاق الحائض يقع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(مره فليراجعها)، والمراجعة فرع عن الطلاق.
ولكن شيخ الإسلام ابن القيم رد هذا، وقال: لا يمكن أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: مره فليراجعها ثم بعد ذلك يطلقها، فهذا بعيد.
فالمقصود بالمراجعة ليست الاصطلاحية وهي إعادة المطلقة غير البائن، وإنما المراد بالمراجعة هنا أن يردها إلى الحالة الأولى من حُسن العشرة ونحو ذلك، ولا يلزم أن تكون هذه المراجعة الاصطلاحية التي ينبني عليها وقوع الطلاق.
قال رحمه الله: (بل تؤجر).
يقول المؤلف رحمه الله تعالى: لا بأس أن تؤجر، ومثل ذلك كلام العلماء رحمهم الله في رِباع مكة -أي منازل مكة- هل يجوز بيعها أو لا يجوز بيعها؟
فالمشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله: أن منازل مكة لا يجوز أن تُباع ولا أن تؤجر، وعند جمهور العلماء يجوز أن تُباع وأن تؤجر، لأن الله سبحانه وتعالى أضاف هذه الأموال للمهاجرين: لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ [الحشر:8]، فالإضافة تقتضي الملك، وإذا كان كذلك فلهم أن يبيعوا وأن يؤجروا.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم:(وهل ترك لنا
يقول المؤلف رحمه الله: لا يصح بيع نقع البئر، والماء ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: المياه العامة كمياه البحار، والأنهار، والأودية ونحو ذلك, فالناس شركاء في هذه المياه، وليست ملكاً لأحد.
القسم الثاني: المياه المحازة التي يحوزها الإنسان في الظروف والأواني ونحو ذلك، فهذه له أن يعاوض عليها وله أن يبيعها، فإذا استخرج الماء من البئر وجعله في السيارة له أن يبيعه.
ويدل لذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لأن يأخذ أحدكم أحزمه فيحتطب ويبيع ويشتري خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه )،مع أن الحطب الناس شركاء فيه، فهذا يدل على أنه إذا حاز هذه المياه، أو حاز هذا الحطب, أو هذا الحشيش والكلأ فإنه يملكه وله أن يعاوض عليه.
القسم الثالث: وهو ما أشار إليه المؤلف رحمه الله هنا قال: (ولا يصح بيع نقع البئر) أي الماء المتجمع في جوف البئر، فإذا حفرت البئر فسيخرج عندك الماء، فهذا الماء المتجمع يقول المؤلف: لا يصح لك أن تبيعه؛ لأنك لا تملكه، وتملك هذا الماء بالحيازة فإذا أخرجته وحزته ملكته، وأما أنه مادام في جوف البئر فإنك لا تملكه؛ لأن الله سبحانه وتعالى هو الذي سلكه ينابيع في الأرض فلا تملكه، ولكن أنت أحق به من غيرك، فلك حق الشرب، وأن تسقي بهائمك، وتسقي زرعك وما فضل من ذلك لا يجوز لك أن تمنع غيرك منه؛ لأن الناس شركاء فيه، ولهذا قال المؤلف: لا يصح بيع نقع البئر.
نقول كما أسلفنا: إن الكلأ والشوك والحطب ونحو ذلك تنقسم أيضاً إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الكلأ والحطب الذي يوجد في الصحاري والبراري ونحو ذلك، فنقول: الناس شركاء فيه.
القسم الثاني: الكلأ المحاز، الذي يحوزه الإنسان فهذا الإنسان يملكه بالحيازة، وإذا ملكه بالحيازة فإنه يملك أن يبيعه وأن يعاوض عليه كما جاء في الحديث.
القسم الثالث: الكلأ الذي يوجد في أرض الإنسان، فلو كان الإنسان عنده أرض كبيرة ونبت فيها عشب، أو نبت فيها حطب، أو نحو ذلك فنقول: هو أحق به من غيره، فيأخذ حاجته منه وما فضل فإنه ليس له أن يبيعه؛ لأن الناس شركاء فيه.
قال: (ويملكه آخذه)؛ لما تقدم من الدليل.
هذا هو الشرط الخامس: أن يكون المعقود عليه مقدوراً على تسليمه، ويدل لذلك قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90]، وإذا كان المعقود عليه غير مقدوراً على تسليمه قالوا بأن هذا ضرب من الميسر؛ لأن الإنسان يدخل في هذا الشيء وهو إما غانم أو غارم.
ونضرب لذلك مثالاً: رجل سُرقت سيارته، فهل يستطيع أن يُسلمها إذا باعها أو لا يستطيع؟ لا يستطيع؛ لأن السيارة الآن مسروقة، ولنفرض أن قيمة السيارة تساوي خمسين ألفاً إذا كانت بيده، فإذا كانت مسروقة هل تساوي خمسين ألفاً؟ لا تساوي خمسين ألفاً ربما تساوي عشرين ألفاً، فالمشتري يريد يدخل وهو مغامر فإن وجدها فسيربح ثلاثين ألفاً، وإن لم يجدها فسيخسر عشرين ألفاً.
ومثله أيضاً البائع المالك، إن وجدت السيارة خسر ثلاثين ألفاً، وإذا ما وجدت السيارة كسب عشرين ألفاً.
وأيضاً ما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر)، وهذا لاشك أن فيه غرراً.
قال: (فلا يصح بيع آبق)، أي الرقيق الآبق، (وشارد) يعني الجمل الشارد، (وطير في هواء) ... إلى آخره.
فكل هذه مرتبة على هذه القاعدة، وقول المؤلف رحمه الله: (لا يصح بيع آبق وشارد) ونحو ذلك، حتى ولو كان المشتري يقدر على تحصيله يقول: (لا يصح).
ما الفرق؟ أي لو كان عندنا أرض غصبها ظالم يجوز أن تبيع هذه الأرض على الغاصب، ويجوز أن تبيعها على شخص أقوى منه يستطيع أن يخلصها منه؛ لأنك إذا بعتها على هذا الغاصب أو من يستطيع أن يخلصها انتفى الغرر، والحكم يدور مع عِلته وجوداً وعدماً، وإذا كان كذلك فما الفرق بين المغصوب، والمسروق، والمنُتهب، والضائع، ونحو ذلك، فالصحيح في ذلك نقول: إن الحكم يدور مع عِلته وجوداً وعدماً، فيصح العقد على هذه الأشياء إذا كان العاقد يستطيع أن يُحصل هذه الأشياء.
فمثلاً السيارة المسروقة يستطيع أن يأتي بها، أو الأرض المغصوب يستطيع أن يُخلصها، أو مثلاً الآبق يستطيع أن يرده فنقول: يصح؛ لأن الحكم يدور مع عِلته وجوداً وعدماً، ونُهي عن ذلك لئلا يدخل الإنسان في المغامرة, ولئلا يدخل في الغرر، ومادام أنه يستطيع أن يُخلص فإنه لا غرر، وإذا ظن قدرته ثم تبين أنه لا يقدر فنقول: يثبت له الخيار.
فمثلاً: ظن أنه يستطيع أن يُخلص هذه السيارة المغصوبة ثم بعد ذلك لم يتمكن من تخليص السيارة المغصوبة نقول بأن له الخيار في هذه المسألة.
وأيضاً قوله: (وطير في هواء)، فإذا كان يستطيع تحصيل هذا الطير من الهواء، وكان هذا الطير يألف الرجوع إلى منازلهم فنقول: يصح بيعه.
قال: (وسمك في ماء)، فإذا كان السمك في الماء في بركة يستطيع أن يسيطر عليه نقول: يصح؛ لأن الحكم يدور مع عِلته وجودا وعدماً، فالضابط في ذلك أنه إذا أمكن العاقد أن يُحصل المعقود عليه صح، وإلا لم يصح.
وكذلك أيضاً يكون في الإجارة والسلم, ويكون في سائر العقود.
هذا الشرط السادس: أن يكون المعقود عليه معلوماً، وذكر المؤلف رحمه الله طريق العلم، وهو الرؤية أو الصفة، فالرؤية للمعقود عليه أو لبعضه الذي يدل عليه أو بالصفة.
والصواب: أن نقول بأن طريق العلم يرجع إلى العُرف، فقد يكون طريق العلم الرؤية، وقد يكون طريق العلم الصفة، وقد يكون طريق العلم شيء آخر غير ذلك، ولهذا بعض الأشياء طريق العلم بها هو اللمس، أو الشم كالطيب ونحو ذلك. والصواب في ذلك أننا نشترط العلم بالمعقود عليه، وطريق العلم لا نحصره، فنعتبر أي طريق انتفت به الجهالة، وسنضرب شيئاً من الأمثلة.
وقوله: (معلوم برؤية أو صفة). أي: برؤية أو صفة واضحة, لكن ما هو الدليل على أنه يُشترط أن يكون المعقود عليه معلوماً برؤية أو صفة؟
الدليل على ذلك قول الله عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ [المائدة:90]، وإذا كان مجهولاً، فإنه يدخل في هذه المعاملة وهو إما غانم أو غارم، فمثلاً: إذا اشترى السيارة، والسيارة لم يرها ولم توصف له، فهو اشتراها ولم يرها ولم توصف له، فيقول المؤلف رحمه الله: وهو الرأي الأول: لا يصح البيع؛ لأنه دخل وهو إما غانم أو غارم، يدل على ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر), وهذا فيه غرر.
الرأي الثاني: أنه يصح أن تشتري شيئاً لم تره ولم يوصف لك ولك خيار الرؤية، وهذا رأي الحنفية. فمثلاً: قال: بعت عليك السيارة، فقلت: قبلت، ثم بعد ذلك إذا جاءت السيارة يثبت لك خيار الرؤية، وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، أنه يصح أن يشتري شيئاً لم يره ولم يوصف له، ويثبت له خيار الرؤية؛ لأن المقصود هو نفي الغرر، ومادام أثبتنا له خيار الرؤية فقد نفينا عنه الغرر.
وقول المؤلف: (فإن اشترى ما لم يره، أو رآه وجهله، أو وصف له بما لا يكفي سلماً لم يصح). أي: إذا وصف له بما لا يكفي سلماً لا يصح، فلابد من الرؤية أو من الصفة، والصفة تكفي سلماً، وهذا سيأتينا في باب السلم، فلابد من ذكر جميع الصفات التي يختلف بها الثمن اختلافاً ظاهراً. وصورة السلم: تقديم الثمن وتأخير المثمن، فمثلاً: أعطيتك الآن عشرة آلاف ريال، فتأتي بعد سنة أو سنتين أو خمسة أشهر بألف قلم، ولابد أن أذكر جميع الصفات التي يختلف بها الثمن اختلافاً ظاهراً، فصفة الأقلام كذا وكذا، وصناعتها كذا، وألوانها كذا... إلى آخره، أو صفة الثياب كذا وكذا، أوصفة التمر كذا وكذا.
وقوله: (أو وصف له بما لا يكفي سلماً) القاعدة في عقد السلم: أن كل ما أمكن ضبطه بالوصف صح السلم فيه، إلا العقارات، فالعقارات يقولون: لا يصح السلم فيها؛ لأنه لا يمكن أن تضبط بالوصف.
وعلى هذا؛ فالمذهب لا يصح أن تبيع العقار بالوصف، أو أن تؤجر العقار بالوصف، أو أن تعقد عقد مساقاة ونحو ذلك للمزرعة بالوصف، فإذا أردت أن تشتري الأرض فاذهب وانظر إليها ولا يكفي أن يبيع المخطط، أو أراد أنه يؤجر فتذهب وتنظر البيت الذي سوف تستأجره. وهذا ما ذهب إليه المؤلف، ولكن هذا ممكن في عقارات مضت، أما الآن العقار يختلف، فالصواب كما ذكرنا أن طريق العلم قد يكون بالرؤية وقد يكون بغيرها، وهم يقولون: العقار لابد فيه من الرؤية فلا يصح فيه السلم، ولا يصح فيه الوصف، والصواب في ذلك أنه إذا أمكن وصفه وصفاً يُخرج عن الغرر نقول بأن هذا جائز ولا بأس به إن شاء الله.
يقول: الحمل في البطن يجوز لك أن تبيعه تباعاً للدابة، والحمل تبعاً للحامل لا بأس، ولكن إذا كان منفرداً، فمثلاً: لو قال: أنا سأشتري ما في بطن هذه الناقة، قال المؤلف رحمه الله: لا يصح؛ لأنه مجهول لا ندري هل هو ذكر أو أنثى، حي أو ميت، متعدد أو منفرد.. إلى آخره فلا يصح أن تبيع الحمل في البطن لأنه مجهول، هذا في الزمن السابق، وأما الآن بعد ترقي العلم فيمكن أن يعرف الحمل هل هو ذكر أو أنثى؟ هل هو متعدد أو واحد؟ هل هو صحيح أو معيب ونحو ذلك؟ فإذا أمكن ذلك عن طريق الكشف أصبح هذا طريقاً من طرق العلم بالمبيع، فإذا أمكن ذلك نقول بأن هذا يصح ولا مانع من ذلك.
وما ورد من النهي في حديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لا يثبت، ولكن لو ثبت الحديث فإنه يُحمل على ما لا يمكن أن يُعلم، أما الآن فيمكن أن يُعلم عن طريق الكشف وترقي الآلات... إلى آخره.
وقوله: (لبن في ضرع منفردين) أي: لا يصح أن تبيع اللبن في الضرع لوحده؛ لأنه مجهول، ولكن إذا بعت اللبن مع الدابة فهذا جائز، ويثبت تبعاً ما لا يثبت استقلالاً.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يصح أن تبيع من هذه الدابة كأن يقول: أشتري منك من هذه الدابة كل مُد من اللبن بريال، يقول: هذا جائز ولا بأس به، وليس فيه غرر.
وكما تقدم أنه: لو أمكن بسبب ترقي العلم معرفة هذا اللبن وقدِّر وجود هذا اللبن، وعدم وجوده... إلى آخره فإنه يصح أن يُباع.
قال رحمه الله: (ولا مسك في فأرته).
المسك نوع من أنواع الطيب، (وفأرته) هي وعاؤه، يقال بأن هناك غزلان اسمها غزلان المسك، فهذه الغزلان تُجرى، فإذا جرت نزل من عند سرتها دم، فإذا نزل هذا الدم رُبط بخيط قوي، ثم بعد فترة يسقط هذا الدم الذي رُبط ويكون بإذن الله عز وجل من أطيب المسك، فهذه هي وعاء المسك، وما بجوفه هو المسك، فقال المؤلف رحمه الله: لا يُباع المسك في فأرته فلابد أن نفتح هذه الفأرة -الوعاء- لكي ننظر إلى هذه المسك ونوع هذا الطيب ونحو ذلك، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، وهو الرأي الأول.
والرأي الثاني: ما ذهب إليه ابن القيم رحمه الله، أن هذا جائز ولا بأس به، ونظيره نظير ما مأكوله في جوفه مثل: الرمان والبطيخ والبرتقال ونحو ذلك، فلو قلنا: بأن هذه الأشياء تُفتح لأدى ذلك إلى فساد مثل هذه الأشياء.
قال رحمه الله: (ولا نوى في تمر).
والعِلة في ذلك الجهالة، وعلى هذا إذا أردت أن تبيع النوى لابد أن تُخرجه من التمر، وأما مادام أنه في التمر فإنه لا يجوز لأنه مجهول.
وهذا كما يقال في المسك مع فأرته فإذا كان أهل الخبرة يعرفون هذا النوى فإن هذا جائز ولا بأس به.
ثم قال رحمه الله: (وصوف على ظهر).
أي: لا يصح أن تبيع الصوف الذي على الظهر، فإذا أردت أن تبيع الصوف فلابد أن تجزه أولاً؛ لأنه متصل بالحيوان فلم يجز إفراده بالعقد كأعضائه، والصواب في ذلك أن مثل هذه الأشياء لم يصح فيه الغرر، ولكن يجب عليك أن تجزه مباشرة؛ لأنك إذا تركت جزه فإنه يلتبس مال البائع بمال المشتري.
الفجل يعني الأشياء التي يكون المقصود منها مستتراً في الأرض، فلابد أن تنبشها أولاً
فمثلاً إذا كان عندك مزرعة خمسة كيلو أو ستة كيلو كلها فجل كما يوجد اليوم، أو كلها بطاطس أو كلها جزر أو بصل، فنقول أخرج هذا الفجل أولاً، أو أخرج هذا البطاطس ثم بعه لكي يكون معلوماً، وهذا لاشك أن فيه مشقة خصوصاً في وقتنا الآن، وذلك بعد توسع مساحات الأراضي وإن كان يؤدي هذا إلى فساده، هذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله تعالى، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الرأي الأول.
والرأي الثاني: رأي الإمام مالك، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، أنه يجوز بيع المغيبات التي في الأرض وإن لم تُقلع، وأهل الخبرة يعرفونها، ويستدلون بما ظهر منها على ما بطن كما أسلفنا، فلو قلنا: هذه المزرعة الكبيرة من البطاطس أو من الجزر أو نحو ذلك فإخراج مثل هذه الأشياء فيه مشقة يؤدي إلى فساد مثل هذه الأشياء، وإنما يشتريها المشتري ويستدل بما ظهر منها على ما بطن.
الملامسة والمنابذة هذان البيعان كانا موجودين في الجاهلية بأن يقول: بعتك ثوبي على أنك متى لمست فهو عليك بكذا، أو أي ثوب تلبسه فهو عليك بكذا.
وكذلك أيضا المنابذة يقول: أي ثوب نبذته إليك طرحته إليك فهو عليك بكذا، ويدل لذلك حديث أبي هريرة في الصحيحين ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الملامسة والمنابذة).
قال رحمه الله: (ولا عبد من عبيده ونحوه).
يقول: إذا باع عبداً من عبيده، أو قال: (ونحوه) كأن باع سيارة من سياراته، يقول المؤلف رحمه الله: بأن هذا لا يصح، والصواب أن هذا فيه تفصيل، فلو قال: بعتك سيارة من سياراتي أو أرضاً من أراضيّ أو ثوباً من ثيابي ونحو ذلك، نقول: هذا فيه تفصيل: إن كانت هذه الأشياء متساوية أو متقاربة في الثمن، فإن هذا جائز ولا بأس به لعدم الغرر.
وإن كانت متفاوتة في الثمن فنقول بأن هذا لا يجوز.
أما المذهب فيقول: لا يجوز حتى ولو تساوت في القيمة، فإذا كانت الثياب قيمتها واحدة يقولون: لا يجوز، بل لابد أن تُعين, وهذا غير صواب، والصواب أنها إذا كانت متساوية أو متقاربة في الثمن نقول بأن هذا جائز.
إذا استثني مثلاً قال: بعتك سياراتي إلا سيارة، أو بعتك ثيابي إلا ثوباً ونحو ذلك يقول المؤلف رحمه الله: لابد أن يعينها كأن يقول: إلا هذه السيارة، أو إلا هذا الثوب، إلا كذا فلابد أن يعين، وهذا ما ذهب إليه المؤلف رحمه الله.
والصواب في ذلك: أن نقول: الاستثناء ينقسم إلى أقسام:
القسم الأول: أن يكون المستثنى جزءاً مشاعاً، فإذا كان المستثنى جزءاً مشاعاً فنقول بأنه صحيح لعدم الغرر؛ لأنه يكون شريكاً في جميع المبيع.
فمثلاً قال: بعتك سياراتي إلا نصفها، إلا ربعها، إلا خمسها نقول بأن هذا صحيح.
القسم الثاني: أن يكون المستثنى معيناً، فهذا ظاهر، فالمؤلف رحمه الله أجازه.
القسم الثالث: أن يكون المستثنى مبهماً، فنقول: إن تساوت أو تقاربت القيم فهو صحيح، وإلا فإنه لا يصح.
قال رحمه الله: (وإن استثنى من حيوان يؤكل رأسه وجلده وأطرافه صح).
يقول: إذا استثني من حيوان يؤكل رأسه، فهذا جائز؛ لأنه مشاهد ومعلوم، وجلده أيضاً معلوم، وأطرافه، ورجله، فهذا معلوم.
قال رحمه الله: (وعكسه الشحم).
يقول المؤلف رحمه الله: لا يصح استثناء الشحم, لأن الشحم ما يمكن تخليصه، ولكن لو استثنى معيناً، فمثلاً قال: استثني اثنين كيلو لحم من السنام مثلاً، صح ذلك لعدم الغرر، أو قال: استثني من اللحم ثلاثة كيلو من الرجل أو من رجل هذا البعير، نقول بأن هذا صحيح لعدم الغرر.
قال رحمه الله: (والحمل).
وأيضاً يقول المؤلف رحمه الله تعالى: إذا استثنى الحمل فإن هذا لا يجوز، فلو قال: بعتك هذه الناقة إلا حملها، وهذا يوجد في بيع الخيل فيستثني حمل الخيل، أو بعتك الفرس أي أبيعك لكن الحمل لي، يقول المؤلف رحمه الله: لا يجوز، وهذا في المذهب، وهو قول جمهور أهل العلم، وهو الرأي الأول.
والرأي الثاني: رواية عن الإمام أحمد وقول عن الشافعية، أن هذا يجوز؛ لأن هذا استبقاء, باعك الحيوان واستبقى حمله، وما باعه عليك فلا يوجد فيه غرر، فهذا استبقاء لشيء من الملك، مثل: لو باعك البيت، قال: بعتك البيت لكن لي المكيفات، أو المطبخ فهل أحد يقول بالمنع؟ لا أحد يقول بالمنع، فهو استثنى الحمل سواء كان الحمل حياً، أو ميتاً فهو استبقى شيئاً من ملكه، فالصحيح أن هذا جائز ولا بأس به؛ لأن هذا استبقاء لشيء من الملك، ولا يوجد فيه غرر، وليس بمجهول.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر