الجواب: من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى يقول: وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:185] فهذا الرجل السائل كان مسافراً وأفطر يوماً فعليه أن يقضيه امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى, ويجب عليه أن يقضيه في سنته, فلا يؤخره إلى ما بعد رمضان الثاني؛ لقول عائشة رضي الله عنها: كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم منها.
فقولها: (ما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان) دليلٌ على أنه لا بد من القضاء قبل دخول رمضان الثاني, ولكن إذا أخره إلى ما بعد رمضان الثاني فإن عليه أن يستغفر الله, وأن يتوب إليه, وأن يندم على ما فعل, وأن يقضي هذا اليوم؛ لأن القضاء لا يفوت بالتأخير, فيقضي هذا اليوم ويجزئه, وتبرأ به ذمته.
الجواب: يجوز لك أن تقصر ما دمت لم تعد إلى بلدك, ويجوز لك كذلك أن تجمع؛ لأن الجمع من رخص السفر, والقصر من عزائمه وسننه المؤكدة جداً، حتى قال بعض أهل العلم: إنه من فرائض السفر, وأن المسافر يجب أن يقصر, ولكن إذا كنت في بلد فإنه يجب عليك حضور الجماعة إذا سمعت النداء؛ لعموم الأدلة الموجبة لمن سمع النداء أن يحضر, وإذا حضرت وصليت مع الإمام المقيم وجب عليك إتمام الصلاة.
أما بالنسبة للجمع فيجوز لك أن تجمع مادمت في سفرك؛ كما أشرنا إليه, لكن الأفضل في الجمع أن لا يجمع المسافر إلا إذا احتاج إلى الجمع, مثل: أن يكون قد جدَّ به السير فيحب أن يواصل مسيره، فيجمع في وقت الأولى أو يؤخر إلى وقت الثانية حسبما أرفق به وأيسر لمسيره.
وعلى هذا فإذا أردت أن تنتقل من البلدة التي سافرت إليها من الرياض إلى بلدةٍ أخرى قريبةً منها, وأردت أن تواصل سفرك ما بين البلدتين فلا حرج عليك أن تجمع جمع تقديم في البلدة قبل أن تسير إلى البلدة الثانية, ويجوز لك أن تؤخر فتجمع جمع تأخير حتى تصل إلى البلدة الثانية, إن وصلت إليها قبل خروج وقت صلاة الثانية وإلا جمعت في أثناء سيرك.
المهم أن المسافر يجوز له الجمع وتركه أفضل إلا أن يكون أرفق به، فإنه حينئذٍ يكون مشروعاً ومستحباً، والأفضل أن تجمع جمع تقديم أو تأخير حسب ما يتيسر لك، فالأفضل في حقك هو الأيسر في مسيرك.
الجواب: الجمع كما أسلفنا من رخص السفر, ولكن تركه أفضل إلا عند الحاجة إليه, فإذا احتاج الإنسان إليه لكون سفره جاداً أو سيره جاداً فإنه أفضل من عدمه, فالمقيم مثلاً نقول له: إن الأفضل أن لا تجمع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجمع وهو مقيمٌ في منى, وكذلك لم يرد عنه الجمع حين أقام بمكة عام الفتح, وإنما كان يقصر عليه الصلاة والسلام, ولكن مع ذلك يجوز لك أن تجمع ولو أنك مقيم غير جادٍ بك السير؛ لأن حديث أبي جحيفة في الصحيحين: ( حينما أتى النبي صلى الله عليه وسلم في الأبطح فخرج النبي صلى الله عليه وسلم من قبةٍ له, وركزت له العنزة, فصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين) فإن ظاهر هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر مع أنه مقيم غير جادٍ به السير, وكذلك أيضاً جمع في تبوك وهو مقيمٌ غير جادٍ به السير, فدل هذا على أن الجمع من رخص السفر، سواءٌ جد به السير أم لا, ولكن الأفضل تركه إلا إذا كان أرفق به واحتاج إليه، فالأفضل فعله.
الجواب: نعم هو داخلٌ في هذا الحديث, لكن الخلق خلقان: خلقٌ جسميٌ وصفي وهذا في الصور المجسمة, وخلقٌ وصفيٌ لا جسمي، وهذا في الصور المرسومة, وكلاهما يدخل في هذا الحديث، فإن خلق الصفة كخلق الجسم, وإن كان الجسم أكثر لأنه جمع بين الأمرين: الخلق الجسمي والخلق الوصفي.
ويدل على ذلك: العموم وأن التصوير محرم باليد، سواءٌ كان تجسيماً أو كان تلويناً، فإن عموم لعن النبي صلى الله عليه وسلم للمصورين, يدل على أنه لا فرق بين الصور المجسمة والملونة التي لا يحصل التصوير فيها إلا بالتلوين فقط, ثم إن هذا هو الأحوط والأولى للمؤمن أن يكون بعيداً عن الشبه.
ولكن قد يقول قائل: أليس الأحوط في اتباع ما دل عليه النص لا في اتباع الأشد, نقول: صحيحٌ أن الأحوط في اتباع ما دل عليه النص لا اتباع الأشد, لكن إذا وجد لفظٌ عام يمكن أن يتناول هذا وهذا, فالأحوط الأخذ بعمومه, وهذا ينطبق تماماً على أحاديث التصوير, فلا يجوز للإنسان أن يرسم صورة ما فيه روح لا إنساناً ولا حيواناً آخر؛ لأنه داخلٌ في عموم لعن المصورين.
الجواب: ليس هذا بحرام؛ لأن ريق الكافر وعرقه طاهرٌ وليس بنجس, ولذلك أباح الله لنا طعامهم مع أن أيديهم تلمسه, وأباح لنا نساءهم -أي: نساء أهل الكتاب- وطعام أهل الكتاب مع أنهم كفار, وهذا يدل على عدم نجاسة بدن الكافر, وهو الصحيح من أقوال أهل العلم, لكن إذا كان شربك بعده يشير إلى استذلالك أمام الكافر فإنه لا يجوز لك هذا؛ لأن الواجب على المسلم أن يكون عزيزاً بإسلامه, وأن لا يري الكفار الذل, وكيف يريهم الذل وقد قال الله عز وجل: وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ [المنافقون:8].
فلا يري الرجل الذل أمام الكفار إلا وهو ناقص الإيمان؛ لأن من كان مؤمناً كامل الإيمان فإنه يرى أنه أعز خلق الله سبحانه وتعالى: وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الإسراء:70]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ [البينة:7] فكما أن المؤمن أكرم الخلق عند الله وأعزهم فالكافر أذلهم عند الله وأحطهم, قال الله سبحانه وتعالى: إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [الأنفال:55]، وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ [البينة:6] . فلا يجوز للمسلم أن يستذل أمام الكافر, فإذا كان شربك الفنجال بعده يشير إلى ذُلِّك أمامه فهو حرامٌ عليه, وإلا فلا بأس به.
الجواب: نذر الذبح ينقسم إلى قسمين: أحدهما: أن يكون قربةً لله، يريد الإنسان به أن يتقرب إلى الله عز وجل, فهذا لا يأكل منه, وإنما يصرفه صدقةً للفقراء.
القسم الثاني: أن يكون نذر الذبح عادةً لا عبادة, أي: أن يقصد به الفرح والسرور وجمع الناس عليه وما أشبه ذلك من الأمور المباحة, فهذا لا يكون له حكم العبادة وإنما هو نذر مباح, إن شاء الإنسان فعله, وإن شاء كفر عنه كفارة يمين ولم يفعله, وهذا القسم إذا فعله ونفذ ما نذر به فله أن يأكل منه هو وأهله ولا حرج عليه في ذلك.
أما القسم الأول الذي قصد منه التقرب إلى الله سبحانه وتعالى فقد قلنا: إنه يصرف صدقةً للفقراء, وإذا كان قد أكل منه فليضمن مقدار ما أكل, ويتصدق به على الفقراء.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر