والخوف أيضاً مما يستدعي الرخصة؛ لأن الإنسان في حال الخوف لا يكون على حال تمكن واستقرار، ولا يستطيع أن يوقع الصلاة بهيئتها وحالها، ولهذا رخص الله تعالى للخائف، وجاءت هذه الرخصة في كتابه عز وتعالى، فلهذا وضع العلماء باباً لصلاة الخوف وذكروا فيه ما ورد بشأنها، وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم الأحزاب أنه أخر الظهر والعصر فلم يصلهما إلا بعد غروب الشمس، وفي رواية: بعدما غاب الشفق، وقال: ( شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله بيوتهم وقبورهم ناراً )، وكذلك أصحابه رضي الله عنهم، وصح أن ذلك قبل أن تشرع صلاة الخوف، ثم شرع الله تعالى صلاة الخوف تخفيفاً للأمة، فصلاها النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه على أحوال مختلفة في الحضر وفي السفر.
وقد جاءت صفة صلاة الخوف من وجوه عدة، قال الإمام أحمد : صح ذلك من ستة أوجه أو سبعة أوجه، وفي رواية قال: صح ذلك من خمسة أوجه أو ستة أوجه، بل قال بعض أهل العلم -كما ذكر ذلك غير واحد-: إنه جمعت أوصاف صلاة الخوف فبلغت سبعة عشر وجهاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
ولعل بعض هذه الأحوال يمكن أن ترجع إلى بعض، وبعضها أيضاً لا يصح به الإسناد، فينظر ما صح من صلاة الخوف وأوصافها فيجوز إيقاعها على تلك الصفة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
صفة هذه الصلاة:
أن يقسم الإمام أصحابه إلى طائفتين، طائفة تقاتل العدو أو ترابط عليه، وطائفة تصلي مع الإمام، فيصلي بهم ركعة واحدة؛ لأنهم قد قصروا الصلاة، يصلي بهم ركعة، ثم يقوم الإمام إلى الركعة الثانية فينوي المأمومون مفارقة الإمام ويتمون لأنفسهم ويسلمون ويذهبون إلى الحراسة، فإذا أخذوا مصافهم في الحراسة جاءت الطائفة الثانية وصلت وراء الإمام وكبرت معه، فصلى بهم الركعة الباقية بالنسبة له، ثم جلس للتشهد بالنسبة له، أما هم فلا يجلسون بل يقومون فيأتون بالركعة المتبقية عليهم ثم يجلسون مع الإمام ويتشهدون ثم يسلم بهم، فتكون كل طائفة أدركت ركعة، والأولون أدركوا تكبيرة الإحرام والآخرون أدركوا السلام مع الإمام، هذه صفة.
وهناك صفة أخرى: منها قوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239]، أن يصلي كل إنسان بمفرده راجلاً أو راكباً على أي حال مستقبل القبلة أو غير مستقبلها.
ومن الصفات: ما ذكره الله تعالى أيضاً، قال تعالى: فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ [النساء:102]، فهذه صفة أيضاً، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومعنى ذلك: أن يكون العدو في جهة القبلة، فطائفة تسجد، كلهم يصلون ويقفون ويركعون، فإذا جاء السجود سجدت الطائفة الأولى وثبتت الثانية، ثم إذا جاءت الركعة الثانية عكسوا الأمر، فسجدت الطائفة الثانية وثبتت الطائفة الأولى.
ومن ذلك أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم ركعتين ركعتين، فصلى بالطائفة الأولى ركعتين، ثم سلم، ثم جاءت الثانية فصلى بهم ركعتين ثم سلم أيضاً.
ومن الصفات أيضاً: أنه صلى بكل طائفة ركعة ثم سلموا ولم يتموا، وقد جاء هذا أيضاً في حديث عن ابن عباس رضي الله عنه: ( صلاة الحضر أربع، وصلاة السفر ركعتان، وصلاة الخوف ركعة ) في حديث حذيفة رضي الله عنه وهو في مسلم : ( صلاة الحضر أربع، وصلاة السفر ركعتان، وصلاة الخوف ركعة )، وجاء هذا أيضاً عن جماعة من الصحابة كـأبي موسى وأبي هريرة وغيرهما رضي الله تعالى عنهم، أنهم يرون أنه إذا اشتد الخوف جاز له أن يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعة واحدة في الخوف أخذاً بهذا الحديث، وحمله بعضهم على أنه ركعة ثم يتم ما بعدها، وظاهر الحديث يدل على أنه ركعة ليس معها شيء.
لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ [البقرة:239]، يعني: خوفاً أكثر من ذلك فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239]، وجاء في صحيح البخاري عن ابن عمر قال: (فإن كان خوف أكثر من ذلك صلوا قياماً وركباناً مستقبلي القبلة وغير مستقبليها)، وله أن يفعل في صلاة الخوف كل ما يحتاج إليه.
قال: [ يومئون بالركوع والسجود ]، (يومئ) يعني: يومئ برأسه، بقدر طاقته، ويجعل السجود أخفض من الركوع كما هو معلوم في نظائر ذلك.
كل خائف على نفسه من عدو أو غيره يصلي على حسب حاله؛ لقوله تعالى: فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا [البقرة:239]، فدل ذلك على أن كل خوف يبيح للإنسان أن يترخص بهذه الرخص سواء كان مقيماً أو مسافراً، وسواء كان الخوف من عدو أو من سلطان أو من غيره، ويفعل كل ما يحتاج إلى فعله من هرب أو التفات أو انصراف عن القبلة أو تحرك أو قعود أو غير ذلك؛ لقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وليس عليه في جميع ذلك قضاء ولا إعادة؛ لأنه صلى بحسب وسعه وبقدر ما أمر، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم ).
وينبغي أن يعلم أنه في حال القعود للمرض أو للخوف أيضاً.. إذا كان عليه مطلق القعود، فإن السنة في حقه أن يقعد متربعاً لما رواه النسائي وأحمد وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: ( صلى متربعاً )، وقعود المتربع كما تقعدون الآن، هو كقعودكم الآن، هذا يسمى تربعاً، ويومئ بالركوع والسجود، أما الجلوس بين السجدتين فينبغي أن يكون كهيئته مفترشاً؛ لأن هذا هو الأصل.
الجواب: يجوز في هذه الحال أن تنوي القصر وتصلي معه ركعتين.
الجواب: ليس عليه في هذا الحال إعادة، ليس عليه إعادة.
الجواب: هذا يمين، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ [التحريم:1] ثم قال: قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ [التحريم:2]، فالتحريم يمين، يتحلل منها بكفارة يمين: إطعام عشرة مساكين.
الجواب: الإشارة بالأصبع ليس لها أصل، بل يتحرك ببدنه في الركوع والسجود، فإن لم يستطع أومأ برأسه، فإن لم يستطع فإنه يفعل بقدر ما يملك حتى لو نوى ذلك بقلبه، أما الإشارة بالإصبع فلا أعلم لها أصلاً.
الجواب: ذكر بعض أهل العلم أنه إذا كانت المرضع يشق عليها مشقة شديدة أن تغسل ثوبها في كل وقت وهو يصيبه نجاسة؛ فإنه يجوز لها أن تجمع بين الصلاتين لهذه الحاجة بقدر حاجتها، وعلى العموم فإن القاعدة في الجمع: أنه يجوز للحاجة في الحضر والسفر، فإذا لم يكن حاجة فالأصل أداء كل صلاة في وقتها حتى للمسافر، وهذا أفضل في حقه إذا لم يشق عليه.
الجواب: هذا أحد الأقوال الخمسة التي ذكرت، واستدلوا له بأدلة منها: فعله صلى الله عليه وسلم، ومنها قوله: ( صدقة تصدق الله بها عليكم ) ومنها حديث عائشة، فإنه دل على أن أصل صلاة المسافر أنها ركعتان، وكذلك أثر عمر (تمام غير قصر) إلى غير ذلك.
و ابن عمر أيضاً: سئل عن صلاة السفر؟ فقال: (ركعتان من خالف السنة كفر).
هذا أحد الأقوال.
الجواب: إذا فاتته الصلاة من غير تفريط فصلى مع أهله فإنه يدرك بذلك -إن شاء الله- أجر الجماعة.
الجواب: يحافظ على السنن إلا الرواتب.
الجواب: هم معذورون كما ذكرت؛ لأنهم من مرض، ولكنهم كانوا يستطيعون القيام بمشقة، فكما ذكرنا: من كان يستطيع القيام بمشقة وقعد جاز قعوده وقيامه أفضل.
الجواب: لا، يجب عليك أن تصلي المغرب حينئذٍ؛ لأن العذر قد زال.
الجواب: نعم، كما ذكرنا في صفة صلاة الخوف.
الجواب: تنوي صلاة المغرب، تدخل معه بنية المغرب وتقعد بعد الثالثة، فإما أن تنتظره حتى يسلم وتسلم معه أو تنوي الانفصال وتسلم، وربما تدرك معه الرابعة بنية العشاء.
الجواب: ليس ذلك بحرام، لكن ينبغي أن يفرق بين الأولاد في المضاجع كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم، وكذلك ينبغي للأبوين أن يحتاطا؛ لئلا يطلع الأولاد منهما على بعض أحوال المعاشرة الخاصة التي تدرب الأولاد على مثل هذه الأمور.
الجواب: لا، إذا أراد السفر بعد الزوال فإنه لا يصلي العصر إلا إذا سافر؛ لأنه لا يتمتع برخص السفر إلا إذا شرع فيه، أما مجرد النية فلا يبيح له جمعاً ولا قصراً ولا غير ذلك.
الجواب: لا يلزمه، فقد صلاها كما أمر فليس عليه إعادة.
الجواب: صلاة المغرب أيضاً لها أوصاف خاصة، ومن أراد التوسع في ذلك فليراجع المطولات، ومنها: كتاب طرح التثريب في شرح التقريب للعراقي .
الجواب: يجوز له الجمع مطلقاً للحاجة، وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم جمعاً في السفر وهو كان مقيماً إقامة مؤقتة، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم ثم صلى الظهر والعصر ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء.
الجواب: أي السنن الرواتب، إلا راتبة الفجر .
الجواب: نعم، كما ذكرنا.
الجواب: الأفضل له أن لا يؤدي الرواتب، لكن يتنفل نوافل مطلقة كسنن الضحى، ومثل راتبة الفجر يصليها والوتر وقيام الليل، والصلوات المطلقة يصلي ما شاء الله له.
الجواب: هذا من كلام الإمام أحمد رحمه الله.
الجواب: يجوز جمع المغرب مع العشاء تأخيراً للحاجة ويؤخرها إلى ثلث الليل وهو أفضل، وإلى نصف الليل جائز.
الجواب: هو في السفر والحضر.
الجواب: بل عمل به بعض السلف، وعمل به ابن عباس نفسه رضي الله عنه كما ذكرت.
الجواب: البنوك الربوية لا يجوز الاقتراض منها؛ لأنها تقرض بفوائد.
الجواب: ذكرنا أن الجمع رخصة للحاجة.
الجواب: يعني: غير صحيح.
الجواب: لعل المقصود في هذه الأوقات القصيرة وهي أوقات يسيرة جداً، وقد ذهب بعض السلف إلى أنه لا يقبر فيها، فينتظر حتى تزول وهي أوقات لا تتعدى عشر دقائق.
الجواب: الأرجح أنه كفارة يمين، ولم يقل أحد: إنه ظهار؛ لأن الكلام الذي قلته الآن ليس تحريم الزوجة، وإنما تحريم أمر من الأمور، مثل أن يحرم طعاماً أو شراباً، فهذا قال لصديقه: إن سافرت فحرام عليّ أن أدخل بيتك مثلاً، فهذا لم يقل أحد من أهل العلم: إنه ظهار، هو تحريم، هو كفارة يمين.
الجواب: لابد من ترتيب الأوقات، يصلي المغرب ثم العشاء.
الجواب: لا يجزئ هذا، لابد من السفر الفعلي، أما مجرد النية فلا يكون مسافراً ولا يترخص برخص السفر حتى يسافر فعلاً ويفارق بلده.
الجواب: يجوز له ذلك، فقد قصر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي الحليفة وهو مسافر من المدينة .
الجواب: بل السنة أن يصلي معهم ويتم.
الجواب: إذا اشترى الأرض التي عليها القرض، اشترى الأرض والقرض فذلك جائز إن شاء الله تعالى، أما شراء الاسم والقرض فلا أعلم أن ذلك جائز؛ لأنه يشبه بيع الدين بالدين كما يسمونه بيع الكالئ بالكالئ، وقد جاء فيه حديث فيه ضعف، ولكن ذكر بعض أهل العلم الإجماع على منع ذلك.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر