أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد:
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ندرس كتاب الله عز وجل القرآن العظيم؛ رجاء أن نظفر بذلكم الموعود على لسان سيد كل مولود، إذ قال فداه أبي وأمي وصلى الله عليه ألفاً وسلم: ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده )، فحقق اللهم لنا رجاءنا، إنك ولينا ولا ولي لنا سواك.
وها نحن مع سورة التوبة المدنية المباركة -تاب الله علينا وعلى كل مؤمن ومؤمنة-، فهيا بنا نصغي إلى هذه الآيات الثلاث مجودة مرتلة، ثم نتدارسها بعد ذلك.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ * وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ [التوبة:100-102].
معاشر المستمعين والمستمعات من المؤمنين والمؤمنات! قول ربنا عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ [التوبة:100]، فالحمد لله أنه بَلَغنا كلام الله وأصبحنا نقرؤه ونسمعه ونعمل بما فيه، فأية نعمة أعظم من هذه النعمة؟ فهناك بلايين البشر ما عرفوا الله ولا سمعوا به، ولا سمعوا كلامه ولا وقفوا عليه، إنها والله! لنعمة الإسلام فهي من أجل النعم وأعظمها، الحمد لله.. الحمد لله.
فمن نحن حتى يصبح كلام ربنا بين أيدينا نتكلم به ونتلوه، ونتدبره ونتدارسه؛ لنهتدي إلى ما يسعدنا ويكملنا؟ فهذا فضل من الله ورحمته.
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [التوبة:100]، وهنا نبسط الكلام لا معنى من ذلك ولا مانع منه.
أولاً: أفضلية المهاجرين، قال تعالى: وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ.. [النساء:100]... الآيات.
أولاً: المهاجرون، وسيدهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق رضي الله عنه، فهو الذي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته من مكة إلى المدينة، والمهاجرون يعتبرون من الدرجة الأولى، وهم كل من هاجر قبل الفتح، أي: قبل فتح مكة، وبعد ذلك فباب الهجرة مفتوح إلى يوم القيامة، لكن أفضل المهاجرين هم الذين هاجروا من ديارهم ولحقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليقفوا إلى جنبه وينصرونه ويؤيدونه.
إذاً: المهاجرون هم الأولون السابقون لغيرهم إلى الإيمان والإسلام والهجرة، وهم طبقات أسماها وأعلاها: الخلفاء الراشدون الأربعة، وعلى رأسهم أبو بكر الصديق ، وهم واحداً بعد واحد إلى علي رضي الله عنه: أبو بكر ، عمر ، عثمان ، علي ؛ لما لهم من مواقف لا يقدر قدرها. ثم الستة الباقون من العشرة المبشرين بالجنة.
الطبقة الثالثة: أصحاب أحد.. شهداء أحد، فمعركة أحد من أجل المعارك وأدقها وأعظمها، فيها شج وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته، واستشهد عمه.
الطبقة الرابعة: أهل بيعة الرضوان وهم ألف وأربعمائة، فقد بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديبية على الموت في سبيل الله عندما خرجوا يريدون العمرة بعد أن انهزم المشركون في الخندق وفي الأحزاب، فما إن علم المشركون بمقدمهم حتى شهروا السلاح في وجوههم، وقالوا: لن يدخلها أحد، فما كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن بايع أصحابه على الموت في سبيل الله، وحسبهم أن قال الله فيهم: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ [الفتح:18]، أي: الذين يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت في سبيل الله. وهذه مراتب السابقون الأولون، والآخرون هم التابعون لهم بإحسان إلى يوم الدين، إلا أن التابعي في عرف أهل العلم هو الذي شاهد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والصحابي هو الذي رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مؤمن ومات وهو مؤمن، أي: شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بعينيه وهو مؤمن ومات وهو مؤمن، ومن شاهد رسول صلى الله عليه وسلم وهو كافر، ثم أسلم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فليس بصحابي، فما صحبه ولا مشى معه.
وجاء في سورة الجمعة أيضاً: يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ * وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ [الجمعة:1-3] أي: فهم معهم، وإن شاء الله نكون منهم إن اتبعناهم في عقائدهم وفي آدابهم وفي أخلاقهم وفي عباداتهم، وكنا في ذلك محسنين لا نزيد ولا ننقص ولا نقدم ولا نؤخر على منهجهم؛ إذ هو منهج الحق.
وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [التوبة:100]، قد تقدم أن التابعين طبقة بعد الصحابة رضوان الله عليهم، وبعد ذلك طبقات المسلمين إلى يوم الدين على شرط الاتباع: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [التوبة:100] لا بإساءة، فهذا مبتدأ.
والخبر: هو ما أعد الله لهم، فقال تعالى: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100] اللهم اجعلنا منهم.. اللهم اجعلنا منهم، فليس هناك أعظم من هذه البشرى، (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ) فإذا رضي عنهم أسعدهم وأكملهم وتولاهم ونصرهم، (وَرَضُوا عَنْهُ) بما أعطاهم وأكرمهم به، فهذه درجة، والمفتاح في أيديكم، فمن قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ثم عرف كيف يعبد الله وعبده كان مع هؤلاء.
إذاً جنات: جمع جنة، فكيف نصفها، وكيف نعرفها؟
لها أمثلة كالمثل على الورق في الدنيا، الظلال والأشجار والفواكه والخضار والنعيم.
تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ [التوبة:100] أي: تحت قصورها.
خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [التوبة:100] أي: لا يموتون ولا يهرمون، ولا يعجزون ولا يخرجون من الجنة، خلقت أبداً، ونضرب مثالاً حتى يتقرر المعنى في النفوس: فهذه الشمس هل ستخلد، وكم من آلاف السنين ستدوم؟! لو يشاء الله لأبقاها دائماً وأبداً.
فأهل دار السلام لا يموتون، بل يخلدون أبداً، ما أعدها لهم وأعدهم فيها إلا ليبقوا دائماً فلا فناء فيها، ولكن: خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا [التوبة:100].
ثم قال تعالى: ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100] فهذا هو الفوز العظيم وليس ربح الشاة أو البعير، أو المرأة الصالحة والوظيفة العالية، بل الظفر بالمرغوب المحبوب بعد النجاة من المرهوب المخوف.
فهذا حكم الله ينفذ كما هو: كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185] فلا تبك ولا تشتكي، وتقول: عبدت سبعين سنة وأنا فقير! فليست هذه الدار دار جزاء، فلا تقل: فلان ظالم وقاهر، ومنصور وغني، فليست دار جزاء هذه أبداً، وإنما هذه دار العمل.
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ [آل عمران:185] أيتها الشغيلة، أيها العملة يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185] فما منا إلا وهو شغيل وعامل وعميل؛ عميل للشيطان، وكلنا يعمل فلا يخرج من هذا الكلام العام إلا مجنون أو صبي، وإلا كل عاقل بالغ هو عامل بالكفر أو بالإيمان، بالصالحات أو بالسيئات، والجزاء ليس الآن في الدنيا، فليست الدنيا دار جزاء بل دار عمل، قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56] فقط.
وإن قيل: كيف أذن لنا في الزراعة والفلاحة والصناعة؟
والجواب: من أجل أن نحفظ حياتنا لنعبد الله بذكره وشكره، ونعمل للقوت من أجل أن نذكر الله ونشكره، والغافلون أقبلوا على الدنيا وأعرضوا عن أصل خلقتهم ومبدأ وجودهم، اعمل ليلاً نهاراً ولكن مع ذكر الله وشكره، واعلم أن هذا الذي تسعى له من أجل أن تحتفظ بحياتك؛ لتعبد الله لا لتكفر به وتعصيه، وتعبد الشيطان وترجوه.
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185] وبعد؟ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185] أي: يوم تقومون من قبوركم حفاة عراة أولكم وآخركم، وتساقون إلى ساحة فصل القضاء، ذاك يوم القيامة، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ [آل عمران:185]، فأي بيان أعظم من هذا البيان؟ ومن يقوى على هذه الفصاحة وهذه البلاغة؟!
كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185] أي: حكم لا ينقض، ولا يستطيع أحد أن ينقضه.
وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [آل عمران:185] ليس اليوم، قد تعبد الله سبعين سنة وأنت جائع أو مريض؛ لأن عبادتك ليس لطعامك وشرابك، فقد ترى الكافر والفاسق والماجن يسخط ويكفر ويعمل وتراه في خير، فليس هذا هو الجزاء، وليست الدنيا دار جزاء، بل دار عمل والجزاء يوم القيامة، وسيجزى ذلك الكافر الطاغي الفاسق الفاجر بعمله، كما سيجزى البار التقي بعمله في الدار الآخرة.
هكذا يقول تعالى: تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100] هل هناك فوز أعظم من هذا؟ أن تنجو من النار وتدخل الجنة؟!
وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ [التوبة:101]، لكن لا يقال: نعمم هذا حتى اليوم، وتقول: المدينة فيها منافقون، فالنفاق انتهى مع وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يبق منافق، وآخر من مات بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم أعمى ضرير ملاصق للفراش؛ لأن النفاق هو الكفر مع إظهار الإيمان، والكافر يبطن الكفر ولا يؤمن بالله ولا برسوله ولا بلقائه ولا بيوم القيامة، ويقول بلسانه: مسلم، مؤمن.. ويصلي مع الناس ويجاهد معهم إذا جاهدوا، فبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ما بقي منافق، وطابت المدينة وطهرت.
مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ [التوبة:101] يا رسولنا نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة:101]، ولو شاء الله لأنزل آية: يا رسولنا عليك بفلان وفلان وفلان، إن المنافقين هم فلان وفلان وفلان، والله يعلمهم ويأبى الله أن يفضحهم؛ رجاء أن يسلموا، لو أعلم عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم لقتلهم مرتدين كفاراً، والله يريد أن يسلموا.
والعذاب في قبورهم، فحياة البرزخ كلها عذاب، وعذاب عظيم هو عذاب يوم القيامة.. ثلاث مرات، وأخبر بهذا الله القوي القدير، ولهذا ارتعدت قلوبهم وتابوا وأسلموا.
سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ [التوبة:101] ألا وهو عذاب النار دار البوار عالم الشقاء.
وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ [التوبة:102] والذنب أنهم ما خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما أعلن التعبئة العامة والنفير العام، واعتذروا بأعذار باطلة وبقوا في المدينة، وكادوا يموتون من الكرب والهم والحزن، والله عز وجل أرحم بهم من أنفسهم، فهنيئاً لهم يا ليتنا كنا منهم!
قال تعالى: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [التوبة:102] و(عسى الله) تفيد التحقيق، فتاب عليهم إنه غفور رحيم، اللهم تب علينا كما تبت عليهم يا رب العالمين!
قال: [أولاً: فضل السبق للخير والفوز بالأولية فيه]، تأملوا هذا.. تأملوا فضل السبق.. والسبق هو سبق الآخرين.
فضل السبق للخير.. أعلن معلن عن طلب معونة لمؤمن، فيكون السباق، والذي يبدأ أول هو السابق.
نادى منادٍ أن حي على الصلاة: والذي يسبق يكون هو السابق.
ففضل السبق للخير والفوز بالأولية فيه؛ لقوله تعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ [التوبة:100] وهذا ثناء الله للسابقون، مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ [التوبة:100]، إذاً: فكل من يسبق إلى الخير عندما يدعو داعيه يفوز بالسبق.
[ ثانياً: فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيرهم ممن جاء بعدهم ]، فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من جاء بعدهم إلى يوم القيامة، وبينا هذا؛ لقوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100].
[ ثالثاً: فضل التابعين لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحسنوا المتابعة ]، فإن تابعتموهم ومشيتم وراءهم أحسنوا المشية، وأحسنوا القول والعمل؛ إذ قال تعالى: وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ [التوبة:100]، والكل: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ [التوبة:100] وأدخلهم الجنة.
[ رابعاً: علْم ما في القلوب إلى الله تعالى، فلا يعلم أحد من الغيب إلا ما علَّمه الله عز وجل ]؛ لقوله تعالى: لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ [التوبة:101]، فعلم ما في القلوب إلى الله وحده، ولا يستطيع أحداً أن يقول: أنا أعلم ما في قلبك، وإن قال فهو دجال وكذاب، فعلم ما في القلوب مرده الله عز وجل، فلا يعلم أحد من الغيب إلا ما علمه الله عز وجل.
[خامساً: الرجاء -العظيم- لأهل التوحيد الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً بأن يغفر الله لهم ويرحمهم]، فلماذا قلنا: أهل التوحيد؟
أما أهل الشرك والكفر عملوا ما عملوا من الخير لا قيمة له، لكن موحدين أهل لا إله إلا الله بحق قد يرتكبون بعض الذنوب ويفعلون بعض الصالحات، وتختلط ومع هذا وعدهم الله بالمغفرة لهم، فقال تعالى: عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [التوبة:102]، وكل مؤمن موحد صادق الإيمان إذا زلت قدمه كما هؤلاء اعتذروا بأنهم مشغولون أو مرضى أو كذا وهم في ذلك غير صادقين، خلطوا عملاً سيئاً وعندهم أعمال صالحة، فغفر الله لهم ورحمهم.
اللهم اغفر لنا ولهم وارحمنا وإياهم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر