وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.
وما زلنا مع آيات سورة العنكبوت المكية المدنية، فهيا بنا نصغي مستمعين إلى تلاوة هذه الآيات، ثم نتدارسها، والله تعالى نسأل أن ينفعنا بما ندرس ونسمع.
قال تعالى: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ * وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ [العنكبوت:46-49].
قول ربنا جل ذكره: وَلا تُجَادِلُوا [العنكبوت:46]، ينهانا ربنا عز وجل في هذه الآية الكريمة عن ماذا؟ عن جدال أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت:46].
ومن غريب الآية: أنها مكية وأخبرت بما سيكون في المستقبل، فليس في مكة أهل كتاب ولا من يجادل، لكن سوف تهاجرون وتتصلون باليهود في المدينة والنصارى في الشام.
وهذا من إخبار الغيب الذي وقع كما أخبرت الآية، والسورة مكية وليس في مكة جدال لأهل الكتاب ولا وجود لهم، لكن في المستقبل بعد عشر سنوات تم هذا.
وقيل فيهم أهل كتاب؛ لأن اليهود بأيديهم التوراة وهم أهلها، والنصارى بأيديهم الإنجيل وهم أهله، فلهذا هم أهل الكتاب، أي: أصحاب الكتاب.
والمراد من الكتاب: التوراة والإنجيل.
أما الغلظة والشدة فلا، دعوتنا إلى الله تكون بالتي هي أحسن، سواء مع اليهود والنصارى أو مع غيرهم.
هذا تأديب الله للمؤمنين وتربية لهم وتعليم، وقد تعلم وتربى ودخل في الإسلام ملايين الناس، فالذين أسلموا وهم أكثر الناس لم يسلموا بالعصا والحديد أبداً، بل بالكلمة الطيبة والدليل القاطع والبرهان الساطع.
فهمتم هذا الاستثناء؟ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، وهم الذين ما دخلوا في ذمتنا ولا دخلوا تحت رايتنا ولا أدوا الجزية لنا، هؤلاء ليسوا أهلاً لأن نتكلم معهم ونربيهم؛ لأنهم لا يزالون على الكفر والعداء والحرب فكيف نجادلهم؟ كيف نتحدث معهم؟
هذا معنى قوله تعالى: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا [العنكبوت:46]، فلا تجادلوهم.
هذه الجملة يجب أن يحفظها كل مسلم وأن يقولها عندما يجادل أهل الكتاب؛ لأن الأمر هنا للوجوب.
وَقُولُوا [العنكبوت:46] أي: لما تجادلون بالتي هي أحسن، ويقول لكم اليهود والنصارى كذا وكذا لا تقولوا كلامكم باطل أو كذب فقد تكذبوا الحق، أو تقولوا هذا حق وقد يكون باطل، فتكذبوا الحق وتصدقوا بالباطل، وهذا لا ينبغي.
إذاً: كيف تخرجون من هذا؟ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ [العنكبوت:46]، أليس كذلك؟ بلى.
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46]، أسلموا أنتم.
هذه الجملة يجب أن يحفظها كل من يتكلم مع اليهود والنصارى من أهل الذمة لا من أهل الحرب، لما يعرضون عليه دليل أو حجة أو كذا من التوراة والإنجيل ماذا يقول؟ قد يصدق بباطل، وقد يكذب بحق، فلا يجوز تصديق الباطل، ولا التكذيب بالحق، وإنما الخروج من ذلك: وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46]، أليس كذلك؟ هذا هو.
آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا [العنكبوت:46]، وهو القرآن، وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ [العنكبوت:46]، وهو التوراة والإنجيل، وإلهنا وإلهكم واحد، الله واحد لا إله غيره.
وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46]، وأنتم شأنكم إذا ما أسلمتم، أما نحن فمسلمون لله بقلوبنا ووجوهنا وأعمالنا.
تأديب رباني.. تعليم إلهي.. علم أصحاب رسول الله القادمون من مكة -لما دخلوا المدينة- هذه الحقائق وعاينوها.
إذاً: قوله تعالى: وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46]، هذا الاستثناء معناه: لا تجادلوهم.
من هم؟ الذين ما دخلوا في ذمتنا وما زالوا محاربين لنا.
والذين تجادلونهم لما تجادلوهم لا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإن صدقتموهم في شيء ربما صدقتم الباطل، وإن كذبتموهم في شيء ربما كذبتم بالحق.
إذاً: لا نكذب ولا نصدق ما يقولون، فنقول فقط: آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46]، ننجو ونسلم.
نحن أما آمنا بالتوراة؟ أما آمنا بالإنجيل؟ أما آمنا بالزبور؟ آمنا بها. آمنا بالقرآن أم لا؟ وهم ما آمنوا فشأنهم.
وإلهنا وإلههم واحد أم لا؟ لا إله إلا الله، ونحن بصورة خاصة له مسلمون، وأنتم ما زلتم بلا إسلام أيها اليهود أو النصارى.
قال الكتاب بأل للتفخيم والتعظيم، وما قال: أنزلنا إليك كتاباً.
وكذلك كالإنزال الذي أنزلناه إليهم أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [العنكبوت:47]، وقد آمن بالقرآن عدد لا حد له من اليهود والنصارى، لكن من علماء اليهود وعلماء النصارى لم يسلم إلا قليل كـعبد الله بن سلام فإنه عند قدوم الرسول للمدينة دخل في الإسلام، وهذا إخبار أيضاً بالمستقبل.
قال تعالى: فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ [العنكبوت:47]، أي: التوراة والإنجيل والزبور، وعرفوها وعملوا بما فيها يؤمنون به -أي: بالقرآن- وبنبي القرآن، ومن هؤلاء المشركين في مكة من يؤمن، وقد آمنوا.
هذا إخبار بالغيب وكله وقع كما أخبر تعالى.
وَمِنْ هَؤُلاءِ [العنكبوت:47]، في مكة، مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ [العنكبوت:47]، من المشركين.
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ [العنكبوت:47]، لا يجحد بآيات الله المنزلة على رسله في كتبه إلا من؟ الْكَافِرُونَ [العنكبوت:47].
كل من جحد آية في التوراة أو في الإنجيل أو في الزبور أو في القرآن فهو كافر ظالم.
لماذا يجحد هذه الآية؟ لأنها تتنافى مع أطماعه وما هو عليه فيقول: لا نؤمن بهذه.
ما يريد أن يدخل في الإسلام فيقول: ما أؤمن بأن محمداً رسول الله مثلاً.
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا [العنكبوت:47]، القرآنية التنزيلية في التوراة والإنجيل إِلَّا الْكَافِرُونَ [العنكبوت:47]، قاعدة عامة، من جحد آية من ستة آلاف ومائتين وأربعين آية فهو كافر.
من جحد آية واحدة من التوراة فهو كافر، ومن جحد آية من الإنجيل فهو كافر.
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا [العنكبوت:47]من؟ الْكَافِرُونَ [العنكبوت:47]. الجاحدون لشرع الله وقوانينه، وما أنزل من كتبه ورسله.
وهذه حجة قوية تدل دلالة قطعية على أن محمداً رسول الله، بدليل أميته، فهو لا يقرأ ولا يكتب.
والله ما قرأ ولا كتب ولا خط بيده خطاً، فكيف يقول هذا الكلام ويقول هذا الشرع ويخبر بهذه الغيوب لو لم يكن رسولاً يوحى إليه؟!
وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ [العنكبوت:48] أي: القرآن مِنْ كِتَابٍ [العنكبوت:48] تقرأه وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ [العنكبوت:48]، خطاً.
إذاً لو كنت هكذا لارتاب المبطلون وشك الموسوسون والمرضى في قلوبهم وأصحاب الخواطر فيجدون منفذاً ويقولون: هذا كتبه وقرأه، لكن قطع الله هذا الطريق أبداً، فما كتب الرسول صلى الله عليه وسلم ولا كلمة.
وأمّا موضوع كتابة الوثيقة فإنما أملاه على علي ونعت له فقط ولم يكتب رسول الله بيده شيئاً.
مرة ثانية: وَمَا كُنْتَ [العنكبوت:48]، يا رسولنا صلى الله عليك وسلم، تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ [العنكبوت:48]، أي: من قبل القرآن، مِنْ كِتَابٍ [العنكبوت:48]، كبير أو صغير، وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ [العنكبوت:48]، وتكتبه، إذاً لو كان هذا كما قالوا، لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48]، فأبطل الله دعواهم في أن محمداً يكتب الكلام ويقول وحي أنزل إلي.
هذه الآية لها وجهان جميلان:
الأول: بَلْ هُوَ [العنكبوت:49]، أي: محمد صلى الله عليه وسلم، آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ [العنكبوت:49] في التوراة والإنجيل هي فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49] يقرءونها ويعرفون صفاته كما هي، موصوف في التوراة والإنجيل كما هو، ومن ذلك أنه أمي لا يقرأ ولا يكتب.
هذا الوجه الأول رجحه ابن جرير ، بَلْ هُوَ [العنكبوت:49]، أي: محمد صلى الله عليه وسلم آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ [العنكبوت:49] حجج ظاهرة في ماذا؟ أين؟ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49]، من أهل التوراة والإنجيل، يعرفونه كما يعرفون أبناءهم في صفاته.
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ [العنكبوت:49]، فالذين أوتوا العلم -أي: علم التوراة والإنجيل- يعرفونها معرفة حقيقية وهم الذين دخلوا في الإسلام، يعرفون الرسول قبل ما بعث، وينتظرونه متى يبعث، عارفين صفاته كاملة في ذاته.
بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49]بل هو آيات وبينات في صدورهم وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا [العنكبوت:49] ويكذب بها إِلَّا الظَّالِمُونَ [العنكبوت:49]، الهلكى -والعياذ بالله تعالى- الذين يريدون الحياة الدنيا وباطلها.
الوجه الثاني: بَلْ هُوَ [العنكبوت:49]، أي: القرآن الكريم، آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ [العنكبوت:49]، أبي بكر وعمر والسامعين أولي العلم وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ [العنكبوت:49].
والوجهان مشرقان جميلان صحيحان، والقرآن حمال الوجوه، والآية تحمل وجهين وكل وجه أحقه الله وأثبته.
وَقُولُوا [العنكبوت:46] ماذا نقول عند الجدال؟ آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46]، حتى ما نكذب شيئاً هو حقٌ، ونصدق بشيء وهو باطل يقولونه لنا.
وحفاظاً على موقفنا نقول: آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ [العنكبوت:46-47]، كما أنزلنا على موسى وعيسى أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [العنكبوت:47]، وقد آمنوا، وَمِنْ هَؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ [العنكبوت:47]، وقد آمنوا، وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ [العنكبوت:47]، والآيات مكية نزلت بمكة.
وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا [العنكبوت:48] لو كان هذا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48]، وقالوا: هذا يدعي القرآن وهو يكتبه ويتلقاه من فلان وفلان.
بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ [العنكبوت:49]، أي: القرآن، ومحمد صلى الله عليه وسلم آيات بينات في صدور أهل العلم من أهل التوراة والإنجيل.
وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا [العنكبوت:49] إلى اليوم إِلَّا الظَّالِمُونَ [العنكبوت:49]، الذين يريدون أن يعيشوا على غير منهج الله، يفسقون ويفجرون ويظلمون، ما يؤمنون بالقرآن ولا بالشريعة؛ ليعيشوا على الكفر والفسق والفجور كالعلمانيين والبلاشفة الحمر الشيوعيين وما إلى ذلك.
أولاً: مشروعية مجادلة أهل الكتاب من أهل الذِّمّة بالتي هي أحسن].
مشروعية جدال أهل الكتاب الذين هم تحت ذمتنا وفي بلادنا خاضعين لسلطاننا ويدفعون الجزية لنا.
هؤلاء لا بأس أن نجادلهم، ولكن ليس بالغلظة والخشونة والعنف بل باللين والرقة والعفو.
[ ثانياً: حرمة سؤال أهل الكتاب لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا، إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل ) ] .
هذه ما ننساها. ما هي؟ حرمة سؤال أهل الكتاب، لا تسأل يهودياً ولا نصرانياً عن الجنة ولا عن النار، ولا عن نبوة ولا رسالة أبداً.
ممنوع سؤالهم. لماذا؟ ( فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ).
تسألوهم لتهتدوا يعني؟! كيف يهدوكم وهم ضالون؟!
وبعد ذلك: ( إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل )، وهذا لا يرضاه لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: [ روى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود قال: ( لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء ). ] لا عن حلال ولا عن حرام، لا هذا يكون؟ ولا متى يكون؟
أمور الدين لا يسألون عنها أبداً، أمّا أمور الدنيا فلا بأس كالسؤال عن الزراعة والفلاحة والصناعة؛ لأن أمور الدين إذا سألناهم وقالوا شيئاً فما صدقناهم وهو حق نكون قد كذبنا الحق، أو قالوا لنا باطلاً وصدقناهم نكون صدقنا بغير الحق فهلكنا، فهذا توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم لنا ( لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا ).
قال: [ ( إما أن تكذبوا بحق أو تصدقوا بباطل؛ فإنه ليس أحد من أهل الكتاب إلا وفي قلبه تالية تدعوه إلى دينه كتالية المال ) ]. ما من أهل الكتاب إلا وفي نفسه نزغة تدعوه إلى دينه كنزغة المال. نعم.
[ ثالثاً: منع تصديق أهل الكتاب أو تكذيبهم إذا أخبروا بشيء ووجوب قول: آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46] ].
منع تصديق أهل الكتاب، ممنوع علينا أن نصدقهم في شيء.
لماذا؟ لأننا قد نصدقهم في شيء هو باطل، فنكون صدقنا بالباطل، وقد نكذبهم في شيء هو حق فنكون كذبنا بالحق.
إذاً ما هو الطريق؟ لا نسألهم.
ونقول آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [العنكبوت:46]، ونردهم بهذا، ولا نسألهم، نعم.
[ رابعاً: إخبار القرآن بالغيب قبل وقوعه فيقع كما أخبر، فيكون ذلك آية على أنه من وحي الله تعالى].
إخبار القرآن بالغيب قبل ما يقع يدل على أنه كلام الله ووحيه، إذ هذه الآيات نزلت في مكة قبل الاتصال باليهود والنصارى.
[ خامساً: تقرير صفة الأمية في النبي صلى الله عليه وسلم كما هي في الكتب السابقة ]. لو تقرأ التوراة والإنجيل تجد من صفات النبي الخاتم الأمية وأنه لا يقرأ ولا يكتب بقلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر