أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة؛ ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم؛ ذلكم الكتاب الحاوي للشريعة الإسلامية بكاملها؛ عقيدة وآداباً وأخلاقاً، وعبادات وأحكاماً، وها نحن مع أحكام النكاح [الحقوق الزوجية] فللزوجة حقوق على زوجها، وللزوج على زوجته أيضاً حقوق ينبغي الاهتمام بها.
إذاً أول حق: نفقة الزوجة من طعام وشراب وكسوة وسكنى بالمعروف -ليس الزائد عن المعروف- بل بحدود ما يستطيع؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لمن سأله عن حق المرأة على الزوج ما هو؟ قال: ( تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت ) أي: لا يحولها إلى بيت آخر ويهجرها، بل تبقى في بيتها وتهجر.
إذاً: يقيم الزوج عند زوجته سبعاً إن كانت بكراً، وثلاث ليالٍ إن كانت ثيباً، والدليل: قوله صلى الله عليه وسلم: ( للبكر سبعة أيام وللثيب ثلاث، ثم يعود إلى نسائه ) الأخريات.
إذاً: من حقوق الزوج على زوجته: حفظ ماله وصون عرضه، فلا تتعرض لكشف عرضها أبداً لا بزنا ولا بغيره، وألا تخرج من بيته أبداً إلا بإذنه؛ وذلك لقوله تعالى: حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ في الثناء عليهن.
[وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك )] من هي خير النساء؟ خير النساء التي إذا نظرت إليها سرتك وأفرحتك لجمالها، وإذا أمرتها أطاعتك، وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها وفي مالك.
إذاً: على المرأة أن تستأذن زوجها في الصوم إذا كان حاضراً غير مسافر، والدليل قوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه ).
والآن بعدما عرفنا حقوق الزوجة والزوج نتعرف على النشوز.
نكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الجواب: سائل يقول: ما حكم الرجل يتزوج بكراً، ثم ينشغل عنها ولا يبيت معها سبع ليال؟ المراد من السبع الليالي والثلاث الليالي إذا كان معها ضرة أو ضرات، فالبكر يبقى معها سبع ليال فلا يمشي لضراتها أبداً، فإن كانت ثيباً يكفيها ثلاث ليال ويعود للإقراع بين زوجاته، هذه ليلة وهذه ليلة، أما هذا الذي مُنع لسبب خارج عن إرادته كعمل أو غيره فلا شيء عليه، فالسبع ليال بالنسبة إلى الضرات الموجودات معه؛ حتى تستأنس ويزول عنها ألم الفراق من أهلها، أما إن كانت ثيباً فنفسها قوية ولذلك تكفيها الثلاث ليال، والباقي ليلة لهذه وليلة لهذه وهكذا.
مداخلة: يعني قصده يا شيخ أن يبيت عندها في بيتها الثلاث ليال أو السبع فلا يذهب إلى زوجاته؟
الشيخ: أي نعم، يبيت معها في بيتها ثلاث ليال وسبع ليال. نعم.
الجواب: سائل كريم يقول: لي زوجة صالحة ولي مال ولها مال أيضاً، ومن باب إكرامها وحبي لها أردت أن أكتب لها البيت الذي نسكنه باسمها مع أن لنا أولاداً؟
الجواب الصحيح: لا يجوز هذا، فلا تحرم أولادك من هذا البيت، ولا وصية لوارث، ولا تفعل هذا أبداً.
الجواب: سائل يقول: إذا أراد الرجل أن يؤدب امرأته بالهجران، فهل يبيت معها في بيتها أو في بيت آخر؟
يبيت معها في بيتها، ولكن يهجرها في الفراش فقط، يهجرها في الفراش فلا ينام معها على الفراش فقط، أي: لا يجامعها.
الجواب: سائل يقول: زوجته صالحة، وأبوه يكرهها، ولا يريد أن تبقى معه، فما الحكم؟
الجواب: إن كانت حقاً صالحة وثبت صلاحها بإيمانها وتقواها وطاعتها لك ولأبيك، فحينئذ لا تستجب لأبيك وأبقها في بيتك، وإن كان صلاحها صورياً فقط، وأبوك يعرف فسادها ومضرتها فأطع أباك.
الجواب: يقول السائل: ما حكم إذا تنازلت زوجتي عن حقها في المبيت لأبيت مع العروس الجديدة؟
إذا تنازلت وسمحت فلا حرج، الحق حقها، إذا تنازلت وسمحت به فلا حرج.
الجواب: سائل كريم يقول: ما حكم الشرع فيما يعرف عندنا بشهر العسل أو الزيت! وهو أن الزوج يأخذ زوجته العروس ويخرج بها إلى أوروبا أو إلى الهند أو إلى السند فلا يبقى في البلاد، بل يبقى متنقلاً معها من مكان إلى مكان؛ لأنها عروسة؟
هذا العمل لا يعمله الصالحون أبداً، ولا يعرفه المؤمنون الأتقياء أولياء الله، هذا من عمل غير الصالحين والعياذ بالله، عملهم فاسد فاسد فاسد.
الجواب: سائل يقول: هل للزوجة أن تكذب على زوجها؟
أولاً: الكذب حرام، ولا يحل لمؤمن ولا مؤمنة أن يكذب أو أن تكذب أبداً، فالكذب حرام، فلم تكذب على زوجها؟ لا يجوز لا يجوز لا يجوز.
الجواب: سائل يقول: ما حكم الرجل له أولاد لا يعدل بينهم، هل من نصيحة له؟
النصيحة معلومة بالضرورة، فأولادك سو بينهم في الخير والغير، سووا بين أولادكم في العطية، لا يجوز لك أن تعطي إبراهيم خمسة وتعطي عثمان ثلاثة، أو أن تعطي خديجة فلساً وفاطمة عشرة أفلاس، لا يجوز هذا، نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم إذ قال: ( سووا بين أولادكم في العطية ).
الجواب: هذه بهلولة تقول: أنا مع زوجي في حال حسنة ونعيم وخير، ولكن في الصلاة أقول: يا رب لا تزد زوجي مالاً آخر حتى لا يتزوج علي؟
ليس من حقك أن تدعي بهذا الدعاء، لا يجوز لك هذا، لا يجوز لا يجوز، ظلمت زوجك، ادعي له بالبركة وزيادة المال.
الجواب: سائل كريم يقول: لي صديق يطلب مني عوناً على أن يتزوج وهو متزوج، فهل أقرضه مالاً ليتزوج على امرأته؟
إن كنت عليماً حكيماً فانظر لماذا يريد أن يتزوج، فإن كان زواجه ضرورياً؛ كأن تكون المرأة مريضة أو عجزت عن العمل أو ما شابه ذلك، وما طاق الحياة معها فحينئذ له أن يتزوج ولك أن تساعده وتقرضه ولا حرج، بل أعطه بلا إقراض، أما إذا كانت زوجته صالحة ربانية قائمة بواجبها، فقل له: لا تتزوج، لم تتعب نفسك وتتعب أمة الله؟!
الجواب: مؤمن يقول: تزوجت امرأة وعشت معها سنين في خير وعافية، ثم مرضت وعجزت عن بعض حقوقها فتألمت، فهل لها الحق أن تطالب بالطلاق؟
إذا ما قدرت على أن تصبر على أتعابك وأمراضك رحلت وطالبت بالفراق.
مداخلة: والمهر يا شيخ؟
الشيخ: والمهر لها، أي مهر كان، المهر مسمى في العقد، فإذا قال: لا أطلقك، فقالت له: أعطيك مبلغاً من المال وطلقني فلا بأس، أو أتنازل لك عن المهر -مثلاً- فلا حرج، وهذا الخلع جائز؛ لأنها ما طابت حياتها معه.
الجواب: سائل يقول: أدرس في بلاد خارج بلادي لمدة خمس سنوات في الجامعة، فهل لي أن أتزوج ثم أطلق؟
إن أردت أن تتزوج تزوج ولكن لا بنية الطلاق، فإن أنت فرغت من الدراسة وأردت العودة خذ زوجتك معك، فإن قالت: لا، لا أستطيع أن أخرج من بلادي طلقها.
وهنا سؤال: من كان يدرس في الخارج هل له أن يتزوج مدة الدراسة سنتين أو ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً؟
الجواب: يجوز إذا وجد امرأة صالحة أن يتزوجها، لكن هل له أن يطلقها عندما تنتهي الدراسة؟
لا ينبغي؛ لأنه بهذا غشها وخدعها، ونقول فقط: عندما تنتهي دراستك قل لها: أنا أريد أن أذهب إلى بلادي، فإن رضيت بالسفر معك أو المشي مشت معك، ويجب عليك أن تقبلها، وإن قالت: لا أستطيع أن أخرج من بلادي طلقها.
الجواب: سائل كريم يقول: ما معنى الإيلاء في قول الله تعالى: لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ [البقرة:226]؟
الإيلاء هو أن يحلف الرجل أن لا يجامع زوجته أربعة أشهر أو شهرين أو ثلاثة أو خمسة يحلف، فإذا وقع الإيلاء فإما أن يجامع خلال أربعة أشهر وإلا طلقت منه، ولا يحل له أن يبقيها عنده.
الجواب: سائل يقول: تحته امرأتان، إحداهما موظفة والثانية عاطلة في البيت، فهل يجوز أن يعطي لإحداهما أكثر من الأخرى؟
لا يجوز، لا يجوز، لابد من العدل، لابد من التسوية بينهما، فيعطي هذه ألف وهذه ألف، لا أن يعطي هذه ألف وهذه خمسمائة، اعدلوا بين أولادكم ونسائكم.
الجواب: سائل كريم يقول: هل المؤمنة إذا دخلت الجنة لها أن تختار زوجاً من بين أزواجها؟
هذا أمره إلى الله، فالله هو الذي يزوجها، فمن ماتت عليه يتزوجها، تزوجت ومات زوجها، أو تطلقت وتزوجت بآخر، الذي تموت عنده هو الذي يتزوجها. نعم.
الجواب: سائل يقول: هل الحساب يوم القيامة خاص بالمؤمنين أو حتى بالكافرين؟
الحساب عام هذا ييسر حسابه وهذا يعسر حسابه ويدخل النار، فلابد من الحساب: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ * فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا [الانشقاق:7-8]، فالحساب ضروري ليتم بموجبه الجزاء إما في الجنة وإما في النار.
مداخلة: لكن الكفار ليس عندهم أعمال صالحة ولا حسنات فكيف يحاسبون؟
الشيخ: الكفار والمشركون يدعون إلى نار جهنم دعاً، لكن الحساب مع المؤمنين أو الفاسقين أو الفاجرين.
الجواب: سائل يقول: هل سجود الملائكة لآدم وسجود إخوة يوسف ليوسف هو سجود حقيقي؟
السجود ما كان انحناء، إما أن يقع وجهه على الأرض أو لا يقع، وكله سجود، أو الركوع هو السجود هو الانحناء تعظيماً وتبجيلاً.
مداخلة: يعني تعظيماً ليس عبادة؟
الشيخ: ليس بعبادة هذا، وهل الملائكة تعبد آدم؟! إنما تحية.
ونحن المسلمون لا يحل لنا أن نسجد لغير الله، ومن سجد لغير الله فقد أشرك والعياذ بالله، فلا يحل أبداً أن تخر ساجداً بين يدي أبيك ولا أمك ولا شيخك ولا حاكمك ولا أن تركع ركوعاً..، كل هذا لا يحل لا يحل لا يحل، حرمه الله والرسول صلى الله عليه وسلم.
الجواب: سائل يقول: هل من توجيه لأولئك الرجال الذين يضربون نساءهم ضرباً عنيفاً شديداً مبرحاً؟
وأي توجيه أكثر مما سمعناه من الآية الكريمة: وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ [النساء:34] أولاً: فَعِظُوهُنَّ [النساء:34]، أولاً: عظها، وذكرها، وخوفها بالله، ذكرها بحقك عليها لعلها تتعظ، ثانياً: وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ [النساء:34]، اهجرها في الفراش فقط، أما الكلام فثلاثة أيام فقط، ثم بعد ذلك تضربها ضرباً غير مبرح، فلا يجرح ولا يسيل دماً، ولا يكون في الوجه، هذا هو الضرب الجائز، ثم بعد ذلك يكون الطلاق.
مداخلة: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا [النساء:34].
الشيخ: فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ ما بقي ضرب ولا سب ولا شتم ولا هجران، إنما الهجران والضرب لما تبقى على عنادها وجهلها.
الجواب: سائل كريم يقول: أسوق السيارة ويركب معي بعض الركاب، وينزلون ويتركون بعض أمتعتهم، وأنا لا أعرفهم، وما نسوه أحياناً لا يباع فليس له قيمة، فماذا أصنع به؟
تصدق به على الفقراء والمساكين، ما دمت لست بحاجة إليه تصدق به على الفقراء والمساكين.
الجواب: رجل أخذ ابنته من بيت زوجها وحلف بالطلاق أن لا ترجع لبيت زوجها؛ فإن كان هذا الحالف يريد الطلاق حقيقة -وهو أبوها- يطلق زوجته وتعود ابنته إلى زوجها، إذا حلف بالطلاق أن لا تعود إلى زوجها وهي تريد زوجها وزوجها يريدها، وإن قصد اليمين يكفر كفارة يمين، أما إذا قصد الطلاق فتطلق امرأته ويراجعها.
مداخلة: يعني إذا رجعت ابنته إلى بيتها تعد عليه طلقة؟
الشيخ: إذا هو حلف هكذا، إذا قال: بالطلاق أو هي طالق كذا، وهذه القضية كلها من عمل الجهال، فرق بين: علي الطلاق وبالطلاق وأنت طالق، الطلاق والله ليس هكذا، الطلاق يا معشر المستمعين والمستمعات! عندما تسوء الحال بينك وبين زوجتك وتصبر على ذلك العام والأعوام، أو الشهر والشهور، ثم تعلم أنه لا صلح بينكما حينئذ تنتظرها حتى تحيض وتطهر من حيضها وتصلي فلا تجامعها، وائت باثنين من الرجال أو ثلاثة أو أربعة، وقل: أشهدكم أني طلقت فلانة. ومن ثم تطلقت. هذا هو الطلاق، أما: علي الطلاق وبالطلاق وأنت طالق و.. و.. كل هذا من عمل الجاهلية، نبرأ إلى الله منه ومن أهله.
عرفتم الطلاق كيف يكون؟
عندما تعرف أن الحياة لا تتم بينكما، لا سعادة بينكما، إما أن تتأذى هي أو تتأذى أنت، وأنت ولي الله وهي أمة الله، فكيف ترضون بالإيذاء لبعضكم البعض، فلابد من الطلاق وليس باليمين، ولكن:
أولاً: تنتظرها حتى تحيض وتطهر، ولا تجامعها.
ثانياً: تأتي بالشهود وتشهدهما على طلاقها وتتم عدتها في بيتك وتعود إلى أهلها. هذا هو الطلاق الذي بينه الله ورسوله، وما يفعله الجهال فليس بطلاق شرعي.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر