يشير الشيخ إلى مذهب الرافضة الذين يجيزون المتعة وهو الزواج المؤقت المشروط، وهي أن يكون الزواج بين الطرفين مقصوداً به المتعة المؤقتة بوقت، وهذا تحايل على الزنا نسأل الله العافية.
ولا يدخل فيه الزواج بنية الطلاق، وإن كان قد يشبهه من بعض الوجوه، لكن الزواج بنية الطلاق ليس فيه شرط بين الطرفين ولا من أحد الطرفين، وإذا وجد شرط الطلاق فإنه يلحق بالمتعة، فعلى هذا فإن زواج المتعة هو الزواج الذي يكون فيه توقيت بين الطرفين على أن ينتهي بساعة أو ساعتين أو يوم أو يومين أو شهر، فهذا حيلة على الزنا، أما الزواج بنية الطلاق فهذا أمر راجع إلى نية الزوج، وليس فيه شرط ظاهر، ولذا فإنه من المعلوم أن من يتزوج بنية الطلاق قد يرغب ولا يطلق وليس ملزماً بالطلاق أيضاً، وإن كان في الأمر شيء من حيث كونه قد يضر بالطرف الآخر وهو المرأة، فهذا الإضرار إذا كان متعمداً من الزوج فهو إثم بحد ذاته، لكن لا دخل له بأصل العقد.
هذا أيضا ما يتعلق بحقوق العباد فيما بينهم، وهي تتدرج، فمنها ما هو عام ومنها ما هو خاص ومنها ما هو أخص، فكما نعرف أن لكل مسلم على أخيه المسلم حقاً، وأن للعلماء حقاً وللولاة حقاً على عموم المسلمين، فكذلك هناك حقوق أخص لفئات من المسلمين نوه الله بحقوقهم وأوصى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأول حق للعباد يجب على الجميع هو حق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك ورد في الحديث الصحيح أنه لا يصح إيمان المسلم حتى يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه من نفسه ومن ولده والناس أجمعين.
ثم قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً لهم حق خاص، وهم بنو هاشم.
ثم أيضاً قريش كلها، فقد ورد في أحاديث صحيحة أن قريشاً أفضل العرب، وأفضل قريش بني هاشم، وأفضل بني هاشم محمد صلى الله عليه وسلم، وهذه الحقوق لا بد أن يكون لها اعتبارها.
وقال: (وجميع الأفخاذ)، يعني أفخاذ قريش، والعرب أيضاً وأفخاذ العرب؛ لأن العرب لهم مزيد فضل عن بقية الأمم، وهذا الفضل يؤخذ من عموم النصوص، لكن ذلك لا يعني العصبية، إنما يعني فضل الاصطفاء الذي ذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم أن الله اصطفى من الأمم خيرها وهم العرب، ومن العرب خيرها وهم قريش، ومن قريش خيرها وهم بنو هاشم، ومن بني هاشم خيرها وهو النبي صلى الله عليه وسلم، فالعرب هم أفضل الأمم من مقتضى عموم كثير من النصوص، فلا بد أن يُعرف لهم قدرهم لكن ذلك كما قلت مشروط بتمسكهم بدين الله عز وجل.
قوله: (فاعرف قدرهم وحقوقهم في الإسلام)، أي: أما إذا خرجوا من الإسلام فلا حق لهم.
قوله: (ومولى القوم منهم).
المولى يُطلق على صنفين: الصنف الأول هم الرقيق، سواء كانوا في الرق أو تحرروا من الرق فإنهم يعتبرون موالي، ولولايتهم لسادتهم تبعات وعلى سادتهم تبعات، فالمولى يلحق سادته في جملة الحقوق وليس في جميعها.. فإنه لا يلحق بهم بالنسب مثلاً.
الصنف الثاني من الموالي الأحلاف بين قبائل العرب، وهذا يحدث كثيراً حيث تحالف قبيلة القبيلة الأخرى فتصيران تحت اسم واحد أحياناً، ولذلك نجد كثيراً من قبائل العرب تتشكل من مجموعات من العرب فتتسمى باسم جديد أو تحت شعار جديد، وهذا لا حرج فيه.
قال: (وتعرف لسائر الناس حقهم في الإسلام)، هذا الحق العام كما ذكرت.
ثم قال: (واعرف فضل الأنصار)، وهذا على سبيل التمثيل وإلا فالمهاجرون أفضل من غيرهم في الجملة، لكن الأنصار هم الذين آووا الرسول صلى الله عليه وسلم وآووا المهاجرين.
(واعرف فضل الأنصار ووصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، وآل الرسول صلى الله عليه وسلم فلا تنساهم، واعرف فضلهم وكراماتهم)، المقصود هنا بالكرامات معنيان: المعنى الأول ما أكرمهم الله به من الفضل، وهذا هو الظاهر، وقد يعني بذلك النوع الثاني وهو الكرامات التي يكرم الله بها بعض عباده، قد تكون في آل البيت عند بعض الناس أكثر أو أظهر، والله أعلم.
ثم ذكر: (وجيرانهم من أهل المدينة فاعرف فضلهم)؛ لأنهم يشملهم فضل أهل المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم نوه بفضلهم ودعا لهم في أكثر من مرة، وقربهم من الرسول صلى الله عليه وسلم وصحبتهم له جعلتهم أقرب من غيرهم.
قوله: (واعلم أن أهل العلم لم يزالوا يردون قول الجهمية)، يشير بذلك إلى منهج وأصل وغاية من غايات الدين، عمل به السلف حتى صار من سماتهم ومن أصولهم ومناهجهم الكبرى، وهو الرد على المخالف، ونظراً لأن أشد المخالفين وأكثرهم فتنة وأعمهم بلوى هم الجهمية فذكرهم هنا بالاسم، ولأن السلف اجتمعت قواهم واحتشدت على الجهمية.
كثير من السلف قد لا يكون له كثير كلام في الأهواء والبدع والفرق، وكثير من السلف لم يتعرض للرد لكنهم فيما يتعلق بالجهمية أسهموا بذلك، حتى من لم يعرف عنه الاهتمام بهذه المواقف، لأن أصول الجهمية أصول لعامة أهل الأهواء الذين جاءوا بعدهم، والعجيب أن جميع الفرق التي فارقت أهل السنة والجماعة أخذت بأصل أو أكثر من أصول الجهمية، مما يدل على عموم البلوى بالجهمية، وأن السلف حينما احتشدت جهودهم ضد هذه الفرقة فذلك لأنهم عرفوا أصولها الفاسدة وتمويهاتها على الأمة، وعرفوا أيضاً مخاطر أصول الجهمية على الأمة، فالجهمية هم أشد الفرق على الأمة وأكثرها تمويهاً وتلبيساً على الناس.
ثم قال: (حتى كان في خلافة بني فلان تكلم الرويبضة في أمر العامة)، يظهر لي أن هذا لم يحدث إلا في عهد بني العباس وليس في أوله، إنما في القرن الثالث في عهد المأمون وما بعده، أما قبل ذلك فرغم ما حصل من ظهور أوائل الفرق الكلامية إلا أنه لم يحدث أن تكلم الرويبضة -وهو الإنسان التافه الحقير- باسم الدين وباسم الأمة، أي: رغم وجود الفرق في عهد بني أمية وأول دولة بني العباس إلا أن السلطة كانت قوية حازمة ضد الأهواء، وكانت أيدي السلاطين بأيدي العلماء ضد جميع الفرق، فلما كان في عهد المأمون توجه المأمون لتأثره بالجهمية والمعتزلة إلى التنفيس للفرق، وإتاحة الفرصة لها لتخرج أعناقها وترفع رايتها، بل إنه أيدها وعمل أعمالاً هي في سبيل الافتراق، فأذن بسب بعض الصحابة كـمعاوية رضي الله عنه علناً، بل أمر به، وأمر بإحداث بعض البدع في المساجد كبدعة الذكر الجماعي، ونصر الجهمية في القول بخلق القرآن، وأرغم الأمة عليها، ومن هنا تكلمت الرويبضة، وهو الرجل التافه الحقير، والذي يتمثل بكثير ممن انطووا تحت لواء الجهمية والمعتزلة من عشاق الشهرة وأهل الأهواء.
ثم قال: (وطعنوا على آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا مما يدل على أنه قصد الجهمية والمعتزلة، فإن الفرق التي سبقت كان لها منهج منحرف وضال في نظرتها لآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكنها لم تجرؤ على الطعن في النصوص، ولم يجرؤ على رد الأحاديث إلا المعتزلة والجهمية.
(وأخذوا بالقياس والرأي) يعني في أمور العقيدة وأصول الدين، لأنا نعرف أن القياس والرأي إذا كان في الاجتهاديات فهو جائز بالضوابط الشرعية، بل الأصل في العالم والمجتهد أنه يقيس مسألة على مسألة ترجع إلى دليل، وكذلك يبدي رأيه في الاستدلال والترجيح، فهذا ليس هو المقصود هنا، إنما المقصود بالقياس والرأي المذموم ما كان في أصول الدين والعقيدة، لأنها توقيفية غيبية لا يعلمها إلا الله عز وجل.
إذاً: فالتكفير من سماة أهل الأهواء، حتى المرجئة الذين يظن بعض الناس أن أصل شبهتهم التساهل في الأحكام، وأنهم لا يكفّرون غيرهم إلا أن المتأخرين منهم أكثر وقوعاً في التكفير من غيرهم.
قوله: (فدخل في قولهم الجاهل والمغفل)؛ لأنهم يلبّسون على الناس، (والذي لا علم له)، يعني لأنهم جرئوا الجهال على القول في الدين، وهذا منهج لأهل الأهواء في كل زمان، ومع الأسف أن هذا المنهج ظهر في زماننا بشكل سافر وخطير ومزعج، فإن كثيراً من أصحاب الاتجاهات وأصحاب الأهواء الشخصية والجماعية، يطرحون قضايا الدين وقضايا الشرع ومصالح الأمة العظمى في المجالس العامة، ويثرثرون بها كما يتناولون قضايا الحياة العامة، ويجعل الدين كسائر التخصصات وكسائر الأمور، بل ربما يحترمون التخصصات العلمية الأخرى ولا يحترمون قضايا الشرع والدين، فيقولون على الله بغير علم، ويجرئون الناس على ذلك، فصار الناس بالتبع لهذه الفئة الذين يدّعون التحرر والثقافة والفكر يتناولون الدين بغي علم، ويتكلمون بما لا علم لهم به، وهذا منهج خطير ينبغي التنبه له.
قال: (حتى كفروا من حيث لا يعلمون)، طبعاً كثير من الناس يقع في الكفر وهو لا يعلم لجهله..
(فهلكت الأمة من وجوه)، الهلكة هنا هي الوقوع في الفتنة؛ لأن أعظم ما يوقع الناس في الهلكة في دينهم ودنياهم الفتن، وأول الفتن الفتن في الدين، فإنها هي التي ينبثق عنها الفتن في الدنيا.. فالفتن في الدين والأخلاق هي الهادمة التي تهدم كيان الناس وأمنهم وتهدم مصالحهم من وجوه، ذكر هذه الوجوه.
وقوله: (وكفرت من وجوه)؛ يقصد بذلك لما كثرت البدع والأهواء وقع الناس في الكفر من حيث أرادوا الإسلام، ووقعوا في البدعة من حيث يزعمون أنهم يريدون السنة، فكفرت كثير من الفرق وكفّروا كثيراً من الناس، لوقوعهم في أقوالهم الكفرية.
(وتزندقت من وجوه)، يقصد بهذا الإشارة إلى وجود غلاة المرجئة والجهمية وغيرهم الذين أعرضوا عن الدين وتساهلوا فيه، حتى كان الدين عندهم مجرد معرفة القلب، فلما وجدت هذه النزعة بسبب الجهمية وجدت الزندقة وكثرت في الأمة؛ لأنهم أشاعوا في الناس أنه يكفي للمسلم أن يعرف ربه، وأنه إذا عرف ربه لم تنفعه طاعة بعد ذلك ولا تضره معصية، فمن هنا انفتح باب الزندقة، ولذلك نجد كثيراً من رءوس الجهمية زنادقة، فهم أهل تحلل في الدين وإعراض عن شرع الله عز وجل، وأهل تفسّخ ووقوع في شنائع الذنوب وكبائرها؛ لأنهم اعتقدوا أن الدين هو المعرفة فقط، ولذلك دخلت هذه العقيدة الخبيثة في كثير من الفرق التي تقمصت أصول الجهمية فيما بعد مثل طرق الصوفية التي تكثر فيها الزندقة باسم الدين، ويحصل فيها الفجور باسم الدين، والتفسّخ والتحلل من الأخلاق والأديان والعقائد باسم الدين.
ثم قال: (وضلت من وجوه)، يعني ضلال الأهواء كما هو معروف.
(وابتدعت من وجوه)، لعله يقصد بهذا البدع الظاهرة؛ لأنه ذكر البدع قبل ذلك، لكن ربما يقصد البدع الظاهرة التي بدأت تنتشر في وقته بشكل ذريع أكثر من ذي قبل، حيث انتشرت بدع الأقوال وبدع الأعمال وبدع العبادات القبورية، والمشاهد والآثار، والتوسل البدعي.. وهذا في جميع الفرق لا تتميز به فرقة عن أخرى، وإن كانت الطرق أكثر من غيرها في تسويق البدع الظاهرة.
قال: (إلا من ثبت على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره وأمر أصحابه، ولم يخطئ أحداً منهم) وهم أهل السنة والجماعة، فإن أهل السنة والجماعة ثبتوا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى منهج الصحابة، ولم يخطئوا أحداً من الصحابة، والمقصود هنا بالتخطئة تخطئة التبديع، هذا معلوم، وإلا فكون الصحابة يخطئون في الاجتهاد أمر عادي، لكن الخطأ في الاجتهاد لا يُعد ذنباً ولا عيباً، ولا بدعة، بل هو سنة الله في خلقه، وهو من سمات هذا الدين الذي وسّع للناس في أمر الاجتهاد.
فلا يقصد هنا التخطئة في الاجتهاديات، لكن تخطئة التبديع أو تحميلهم المسئولية أو اتهام النيات والقلوب، وهذا كله وقع فيه أهل الأهواء كلهم، ومن لم يقدح بأعيان الصحابة قدح في منهجهم في رواية الحديث، أو منهجهم في تطبيق قواعد الإسلام، أو منهجهم في تعامل بعضهم مع البعض.
أقول وأنا موقن: إنه لا يوجد فرقة من الفرق إلا وقعت في أعراض الصحابة واتهمتهم بأي نوع من أنواع الاتهام، هذا لا أجد فيه استثناء.
قال: (ولم يجاوز أمرهم) أي: أمر الصحابة، (ووسعه ما وسعهم، ولم يرغب عن طريقتهم ومذهبهم، وعلم أنهم كانوا على الإسلام الصحيح، والإيمان الصحيح، فقلدهم دينه واستراح) يعني تبعهم، فليس المقصود به التقليد الأعمى والتسليم بغير بصيرة، إنما المقصود بالتقليد الاتباع والاقتداء، وهذا هو المنهج، ولذلك توعد الله من خرج عن سبيل المؤمنين وتبع غير سبيلهم.
إذاً فالاتباع قد يصفه بعض السلف أو يعبّر عنه بالتقليد على المعنى الصحيح، لا على المعنى الاصطلاحي المعهود في التقليد الأعمى.
قال: (وعلم أن الدين إنما هو بالتقليد، والتقليد لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم) لأنهم هم القدوة بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الذين أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ عنهم والاستمساك بسنتهم، والله أعلم.
الجواب: كأنه يشير أن ذلك استحلال للفروج، أي أنه كما قلت: تحايل على الزنا.
الجواب: الفرقة الناجية والطائفة المنصورة هي وصف لأهل السنة والجماعة، وهم الطائفة الظاهرة المذكورة في حديث: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين).
فالظهور معناه ظهور بالحق من خلال قدوات هذا معنى، وكونها منصورة لأن الله عز وجل وعدهم بالنصر متى قاتلوا أو جاهدوا أو جادلوا بالحق.
وكذلك هم الفرقة الناجية لأن الله عز وجل جعل طريقهم هو سبيل النجاة، فهذه الأوصاف كل وصف له معنى، لكن كلها تنطبق على موصوف واحد، فلا مشاحة في ما يدور من خلاف في هذه الاصطلاحات؛ لأن كل ممن قال بهذه المعاني قصد معنى صحيحاً، فالذي فرّق بين الطائفة المنصورة والفرقة الناجية لا يقصد أنهما فرقتان، لكن يقصد أن النصر له معنى، والنجاة لها معنى، وهذا صحيح، فهذه المسألة سهلة.
الجواب: الداعي إلى الله عز وجل ينبغي أن يدعو بما يستطيع وبحسب علمه، وكل له من القدرة والاستعداد ما ليس عند الآخر، لكن الدعوة كمنهج والداعية العالم الذي أعطاه الله عز وجل كفاءة في العلم والقدرات لا ينبغي له أن يقدم على العقيدة شيئاً؛ لأن هذا هو منهج النبيين، لا بد في كل دعوة أن تبدأ بتصحيح العقيدة ونفي ما يضادها، ولا تغفل عن الجوانب الأخرى، فإنا نجد الأنبياء كلهم دعوا إلى توحيد الله عز وجل واجتناب الطاغوت ونفي الشرك، وأكثرهم ممن ورد قصصهم في القرآن والسنة اهتموا بجوانب أخرى، فأحدهم مثلاً نهى عن بعض الجرائم الخلقية الموجودة في وقته مثل لوط، وبعضهم نهى عن التطفيف في الميزان، وبعضهم نهى عن البطر في العيش وكفر نعمة الله عز وجل؛ لأنها ظواهر في المجتمعات، لكن بدءوا بالتوحيد وما أغفلوا الجوانب الأخرى.
فلذلك لا ينبغي لطلاب العلم أن يخلوا بهذا المنهج، فيقصروا الناس على شيء دون النظرة الشمولية.. أقول: إن الدعوات الكبار والدعاة الذين أعطاهم الله شمولية في التصور والمنهج يجب عليهم ألا يُغفلوا جانب التوحيد، وإذا أغفلوا جانب التوحيد والنهي عن الشرك والبدع اختلت دعوتهم، أما أفراد الناس فبعض الناس لا يستطيع أن يدعو إلى التوحيد، لكن يستطيع أن يعمل بعض أعمال البر، فهذا نعتبره داعياً إلى الله عز وجل ولو لم يدع إلى التوحيد.
الجواب: الشرعة والمنهاج من الكلمات المترادفة التي لكل لفظة منها خصوصية، فالشرعة هي الشريعة وأحكام الحلال والحرام، والمنهاج قواعد الدين التي تحكم الاجتهاديات، فنحن نعرف أن الشريعة منها مفردات ومنها قواعد، فمن قواعد الدين مثلاً (إنما الأعمال بالنيات) هذه داخلة في المنهاج، (الدين النصيحة) داخلة في المنهاج، (لا ضرر ولا ضرار) داخلة في المنهاج، (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) فهذا من المنهاج، (كل محدثة بدعة) هذا من المنهاج، لكن تحريم النبي صلى الله عليه وسلم لأشياء بعينها مثل تحريم الربا في نص هذا يعتبر داخلاً في الشرائع.
فالتحريم والتحليل المباشر لأفعال معينة وأقوال معينة يعتبر شرعة، والقواعد التي تحكم الجزئيات تعتبر مناهج.
الجواب: الأشراف إذا ثبتت نسبهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فالصالحون منهم لهم حق خاص، فينبغي أن يكون لهم اعتبار تطبّق فيه الأحكام في حقهم.
الجواب: هذا الأمر في نظري مما يتسامح فيه؛ لأنه لا يقصد بالدليل الاسم أو الصفة، إنما يقصد الخبر عن الله عز وجل، فالدعاء بهذه الصورة لا أظن فيه حرجاً ما دام يقصد معنى الهادي، مثلما يقال: يا دليل الحائرين، يعني الذي يدل الحائرين، ولو لم يكن الدليل من أسماء الله أو من صفاته، فهذا مما يسع فيه الأمر؛ لأنه من باب الأخبار عن الله عز وجل.
الجواب: وكأنه يقصد ما مر في الكتاب كالجهمية والمعتزلة، فالمسلم الذي يقع في بدعة غير مغلظة يترحم عليه، والمسلم الذي يقع في بدعة كفرية مغلظة أو من كبائر البدع التي قد تؤدي إلى الكفر، أو كان من ضمن الفرق التي اتفق السلف على أنها خارجة عن السنة في أصول كفرية، وإن لم يكفّروها كالمعتزلة.. فهؤلاء الأولى ألا يترحم عليهم ولا يدعى عليهم، فتبقى المسألة تحت مشيئة الله عز وجل، لأن الترحم عليهم وهم أهل بدع ظاهرين نوع من تأييد البدعة والترويج لها، فيكون ترك الترحم نوع من أنواع الهجر للبدعة وأهلها وإن كانوا أمواتاً، وإلا فهم باقون على أصل حقوقهم في الإسلام؛ لأن الفرق التي لم تخرج عن الملة وهي من الثنتين والسبعين كالمعتزلة والمرجئة والقدرية لهم حقوقهم في الإسلام، مثل أن يدفنوا في مقابر المسلمين ويصلى عليهم كحقوق سائر المسلمين، لكن الداعية منهم، أو المبتدع الذي يمارس بدعة ظاهرة فالأولى عدم الترحم عليه لئلا يكون ذلك وسيلة إلى ترويج بدعته للناس، فهو من باب الهجر، والله أعلم.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر