حدثنا قتيبة بن سعيد وأحمد بن جواس الحنفي قالا: حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء قال: قال الحسن بن علي رضي الله عنهما: (علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر، قال
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: باب القنوت في الوتر. والمراد به الدعاء في الوتر، فهذا هو المراد بالقنوت، والقنوت يكون في الوتر، يعني: في صلاة الليل في آخرها الذي هو آخر ركعة من الركعات التي تختم بها صلاة الليل، ويكون في الصلوات ولكن في النوازل، وسيأتي عند أبي داود رحمه الله تعالى ما يتعلق بالقنوت في الصلوات، والكلام هنا إنما هو في القنوت الذي هو الدعاء في الوتر.
والقنوت يطلق على عدة معانٍ ومنها: الدعاء، كما أنه يطلق على القيام، وعلى السكوت، وعلى معانٍ كثيرة.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما الذي يقول فيه: إن النبي صلى الله عليه وسلم علمه كلمات يقولهن في الوتر، وفي بعض الروايات: (قنوت الوتر)، وهي رواية أحد شيخي أبي داود وهو ابن جواس فقال: في قنوت الوتر.
أي: في دعاء الوتر، وهذه الكلمات هي: (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت..) إلى آخر الدعاء، الذي علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي ليدعو به في وتره.
فهذا يدلنا على مشروعية الدعاء في الوتر، وأن هذا الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم هو أولى ما يقال، وخير ما يقال؛ لأنه تعليم الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم.
وهو دعاء عظيم مشتمل على دعاء لله عز وجل، وسؤال منه أموراً عظيمة، ومطالب كبيرة، ومشتمل على ثناء على الله عز وجل في آخره.
قوله: [ (اللهم اهدني فيمن هديت) ] (اللهم) معناه: يا ألله، فحذفت ياء النداء وعوض عنها الميم المشددة في الآخر بعد لفظ الجلالة، ولهذا يقولون: لا يجمع بين العوض والمعوض، فلا يقال: يا اللهم؛ لأن الميم المشددة عوضاً عن ياء، فلا يجمع بينها إلا في ضرورة الشعر، كما يقول ابن مالك رحمه الله تعالى في الألفية:
والأكثر اللهم بالتعويض
وشذ يا اللهم في قريض
يعني: في الشعر، والأكثر (اللهم) بالتعويض دون الياء؛ لأنه حصل التعويض عن ياء النداء بالميم المشددة بعد الله.
(اللهم اهدني فيمن هديت) سؤال الهداية هو أعظم المطالب، ولهذا جاء في سورة الفاتحة اشتمالها على طلب الهداية إلى الصراط المستقيم في كل ركعة من ركعات الصلاة، يسأل الإنسان ربه الهداية إلى الصراط المستقيم، وهو أعظم وخير مطلوب.
وطلب الهداية من الله عز وجل يشتمل على أمرين: على التثبيت على ما هو حاصل من الهداية، وعلى طلب المزيد من الهداية، قال تعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17].
(اللهم اهدني فيمن هديت) أي: اهدني واجعلني من المهديين في جملة من هديتهم، كما ذكر الله عن نبيه سليمان عليه الصلاة والسلام حيث قال: وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ [النمل:19] يعني: في جملة عبادك الصالحين.
قوله: [ (وعافني فيمن عافيت) ].
طلب المعافاة، وهي الوقاية من كل سوء ومن كل شر، في جملة من عافيته، وحصل له منك المعافاة.
قوله: [ (وتولني فيمن توليت) ].
يعني: فيمن كنت وليه وموفقه ومسدده.
قوله: [ (وبارك لي فيما أعطيت) ].
يعني: أنزل البركة واجعلها فيما أعطيتني إياه من كل خير، ومن كل شيء سار، ومن كل ما هو نافع، سواء كان صحة وعافية، أو مالاً، أو علماً، أو ولداً، أو هدىً، كل ما أعطاه الله إياه يسأله أن يبارك له فيه، وأن يجعل فيه البركة.
قوله: [(وقني برحمتك شر ما قضيت)].
يعني: يسأله أن يقيه من الشرور والأخطار، ومن الأضرار التي تنزل، وكل ذلك نراه بقضاء الله وقدره، السبب والمسبب كله بقضاء الله وقدره، ولهذا جاء في الحديث: (ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر)، ومعنى قوله: (لا يرد القدر إلا الدعاء) ليس معنى ذلك أن الذي كتب في اللوح المحفوظ يغير ويبدل؛ لأن كل ما كتب في اللوح المحفوظ فإنه لابد من وقوعه، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، قال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا [الحديد:22]، قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا [التوبة:51]، إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49] فكل شيء مقدر لابد من وقوعه، ولكن الله عز وجل قدر الأسباب والمسببات، فجعل أن الإنسان يحصل له شر، ولكنه قدر سبباً يمنعه من ذلك الشر، فقدر السبب وقدر المسبب، فليس معنى ذلك أن الإنسان كتب عليه مصائب ثم ترفع، ولكن الله قدر أن تكون مصائب ولكنها ترفع بالدعاء، فالسبب مقدر، والمسبب مقدر.
وكذلك صلة الرحم تزيد في العمر، وليس معنى ذلك: أن الإنسان له عمر محدد، وأنه يغير الأجل الذي كتبه الله فيكون الإنسان غيّر الأجل بسبب أنه وصل رحمه، بل الله عز وجل قدر أنه يطول عمره، وقدر أن يكون ذلك بسبب فعل يحصل وهو البر وصلة الرحم، يعني: قدر السبب والمسبب، فالسبب مقدر، والمسبب مقدر، المقصود من الحديث (ولا يرد القدر إلا الدعاء) يعني: أن الله تعالى قدر السبب والمسبب، وجعل المسبب يسلم منه ويتخلص منه بحصول السبب الذي قدره الله وقضاه، والذي شاءه الله وأراده، أي: أن كلاً من السبب والمسبب قد شاءه الله وأراده، ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن.
قوله: [ (فإنك تقضي ولا يقضى عليك) ].
الله تعالى يقضي كوناً وقدراً، ويقضي شرعاً وديناً، ولا راد لقضائه وقدره، ولا راد لحكمه وتشريعه سبحانه وتعالى.
قوله: [ (وإنه لا يذل من واليت) ].
يعني: من والاه الله عز وجل فإن له العزة، وليست له الذلة.
قوله: [ (ولا يعز من عاديت) ].
يعني: من كان عدواً لله فإنه لا يعز، وليس له العزة الحقيقية، وإن وجد شيء من حصول حظوظ دنيوية أو حصول شيء من الغلبة، إلا أن هذا ليس أمراً حقيقياً، بل العز الحقيقي هو عز الطاعة، والعز من الله عز وجل بالطاعة، وما يترتب على الطاعة.
قوله: [ (تباركت ربنا وتعاليت) ].
هذه لا تقال إلا لله سبحانه وتعالى، فهو الذي تبارك، وهو الذي تعالى، وكل بركة فهي منه سبحانه وتعالى، والله سبحانه وتعالى هو المِبارك وعبده المُبَارك، والبركة من الله عز وجل، وهو الذي تبارك، وهو الذي تعالى فلا يقال لغيره: تبارك، ولا يقال لغيره: تعالى.
(اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني برحمتك شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، فإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت) تسع جمل جاءت في هذا الحديث الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم سبطه الحسن بن علي ، وأوله دعاء، وآخره ثناء؛ لأن (اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني برحمتك شر ما قضيت) هذه الخمس كلها دعاء، (فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت) هذا ثناء، خمس جمل دعاء، وأربع جمل في الآخر هي ثناء على الله سبحانه وتعالى.
وهو: قتيبة بن سعيد بن جميل بن طريف البغلاني ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وأحمد بن جواس الحنفي ].
أحمد بن جواس الحنفي ، ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود .
[ قالا: حدثنا أبو الأحوص ].
وهو: سلام بن سليم الحنفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي إسحاق ].
وهو: عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بريد بن أبي مريم ].
وهو ثقة، أخرج له البخاري في الأدب المفرد وأصحاب السنن.
[ عن أبي الحوراء ].
وهو: ربيعة بن شيبان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن الحسن بن علي ].
الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنهما، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحديثه أخرجه البخاري تعليقاً، وأصحاب السنن الأربع.
وكون الإنسان يدعو بأدعية من أدعية الرسول صلى الله عليه وسلم التي هي جوامع هو الأولى، وهو الذي ينبغي.
وأما رفع اليدين في قنوت الوتر فقد جاء عن بعض الصحابة مثل أبي هريرة ، وأما في قنوت النوازل فقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يرفع يديه، فترفع الأيدي في قنوت النوازل وفي الوتر؛ لأنه جاء عن بعض الصحابة مثل أبي هريرة رضي الله عنه.
أورد الحديث من طريق أخرى، وليس فيه: (أقولهن) ولكن فيه (هذا يقول) يعني: في القنوت في الوتر، وهو مثل الذي قبله بمعناه وبلفظه، إلا في هذا اللفظ.
قوله: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي ].
عبد الله بن محمد النفيلي ، ثقة، أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ حدثنا زهير ].
زهير بن معاوية ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا أبو إسحاق بإسناده ومعناه ].
مر ذكر أبي إسحاق ومن فوقه.
[ قال أبو داود : أبو الحوراء ربيعة بن شيبان ].
وهذا فيه من أبي داود تسمية لصاحب هذه الكنية التي جاءت في الإسناد، وهو الذي يروي عن الحسن بن علي بن أبي طالب في الإسنادين.
أورد أبو داود حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره: (اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وبك منك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) فهو دليل على أنه يؤتى بهذا الدعاء في الوتر، ويكون في آخره.
وجاء في حديث أنه يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في ختام الوتر، ولكن الحديث ضعيف، ولكن جاء عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم أنه يؤتى بآخر الوتر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا جاء بها ابتداء بناء على ما جاء عن الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم فإن ذلك حسن، وإلا فإن الحديث في ذلك غير ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث الذي ذكره المصنف سبق أن جاء في دعاء السجود، وذكرت أن ابن القيم رحمه الله عقد له باباً من أبواب كتاب: (شفاء العليل فيما جاء في القضاء والقدر والحكمة والتعليل) وهو من خير الكتب التي ألفت في القضاء والقدر، واشتمل على ثلاثين باباً، ومن جملة الأبواب الثلاثين باب في ذكر هذا الحديث، وشرحه شرحاً نفيساً جميلاً في ذلك الباب.
قوله: [ (في آخر وتره) ] يعني: في آخر القنوت.
موسى بن إسماعيل التبوذكي البصري ، ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا حماد ].
حماد بن سلمة ؛ لأنه إذا جاء موسى بن إسماعيل يروي عن حماد غير منسوب فالمراد به ابن سلمة ، وقد يأتي ذكر حماد غير منسوب ويراد به حماد بن زيد ، ويعرف ذلك بالتلاميذ، فإذا روى موسى بن إسماعيل عن حماد غير منسوب، فالمراد به حماد بن سلمة ، وهو ثقة، أخرج له البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ عن هشام بن عمرو الفزاري ].
هشام بن عمرو الفزاري ، مقبول، أخرج له أصحاب السنن.
[ عن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ].
عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، يقول الحافظ : له رؤية، وكان من كبار ثقاة التابعين، وحديثه أخرجه البخاري وأصحاب السنن.
[ عن علي بن أبي طالب ].
علي بن أبي طالب رضي الله عنه أمير المؤمنين، ورابع الخلفاء الراشدين الهادين المهديين، صاحب المناقب الجمة، والفضائل الكثيرة، والحديث فيه هذا الرجل المقبول الذي قيل: إنه لم يرو عنه إلا حماد بن سلمة ، والحديث صححه الألباني في صحيح السنن.
يعني: عن هشام بن عمرو الفزاري .
[ قال أبو داود : روى عيسى بن يونس عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه عن أبي بن كعب رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت -يعني: في الوتر- قبل الركوع) ].
أورد أبو داود رحمه الله هذا الحديث الذي رواه معلقاً ولم يروه مسنداً، وفيه أن أبي بن كعب ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع، ففيه إثبات شيئين: كون النبي صلى الله عليه وسلم قنت، وأنه كان قنوته قبل الركوع، وقنوت النبي صلى الله عليه وسلم من فعله.
وذكر الشيخ الألباني في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يأت عن أحد من الصحابة شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم يتعلق بكونه قنت في الوتر إلا عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنه.
وهنا أيضاً قال: إنه قنت قبل الركوع، وقد جاء في بعض الأحاديث عند البيهقي أنه قنت بعد الركوع، وذكر ذلك صاحب عون المعبود، وقال: إنه -يعني: القنوت بعد الركوع- يتأيد بفعل أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فإنهما كانا يقنتان بعد الركوع.
وعلى كل فالقنوت بعد الركوع وقبل الركوع كله سائغ وكله جائز، وكله ثابت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، وأيضاً جاء عن أبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما القنوت بعد الركوع.
والحديث أورده أبو داود معلقاً وذكر كلاماً كثيراً حوله، وهذا الكلام يشعر بأنه غير صحيح عند أبي داود أو إن فيه ما فيه، ولكن الحديث صححه الألباني وقال: إنه صحيح، وذكر أنه لم يأت الوتر إلا عن أبي بن كعب رضي الله تعالى عنهما، وفي هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم قنت وأن ذلك قبل الركوع.
عيسى بن يونس لم يدركه أبو داود ، فهو من طبقة شيوخ شيوخه، وقد مر قريباً حديث يروي فيه أبو داود عنه بواسطة، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن أبي عروبة ].
سعيد بن أبي عروبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن قتادة ].
هو قتادة بن دعامة السدوسي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وسعيد بن أبي عروبة مشهور بالرواية عن قتادة .
[ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه ].
سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
وأبوه عبد الرحمن بن أبزى صحابي صغير، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي بن كعب ].
أبي بن كعب رضي الله عنه صحابي جليل، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
أورد أبو داود طريقاً أخرى للحديث وفيها فطر بن خليفة ، وفطر بن خليفة صدوق أخرج له البخاري وأصحاب السنن.
[ عن زبيد ].
هو زبيد بن الحارث اليامي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب ].
هؤلاء قد مر ذكرهم.
قال رحمه الله: [ وروي عن حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه عن أبي بن كعب رضي الله عنه: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر قبل الركوع) ].
أورد أبو داود أيضاً طريقاً أخرى معلقة للحديث، وأتى بها بقوله: (روي).
قوله: [عن حفص بن غياث ].
حفص بن غياث ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن مسعر ].
هو مسعر بن كدام ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زبيد عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي بن كعب ].
هؤلاء قد مر ذكرهم.
[ قال أبو داود : وحديث سعيد عن قتادة رواه يزيد بن زريع عن سعيد عن قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر القنوت ولا ذكر أبياً ].
ذكر أبو داود طريقاً أخرى تنتهي إلى عبد الرحمن بن أبزى وليس فيها ذكر القنوت ولا ذكر أبي بن كعب الصحابي الذي جاء في الطريقين السابقتين.
قوله: [ وحديث سعيد عن قتادة رواه يزيد بن زريع ].
يزيد بن زريع ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
هو عزرة بن عبد الرحمن ، وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي .
[ عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم ].
سعيد وأبوه قد مر ذكرهما.
قال رحمه الله: [ وكذلك رواه عبد الأعلى ومحمد بن بشر العبدي وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس ، ولم يذكروا القنوت ].
يعني: أن هذه الرواية مثل الرواية السابقة الأخيرة ليس فيها ذكر القنوت.
قوله: [ وكذلك رواه عبد الأعلى ].
هو عبد الأعلى بن عبد الأعلى ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ ومحمد بن بشر العبدي ].
محمد بن بشر العبدي ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وسماعه بالكوفة مع عيسى بن يونس ].
يعني: أنه سمع عيسى بن يونس الذي جاء من طريقه ذكر أبي بن كعب وفيه أنه قنت قبل الركوع، وهذا ليس فيه ذكر القنوت.
قال رحمه الله: [ وقد رواه أيضاً هشام الدستوائي وشعبة عن قتادة ولم يذكرا القنوت ].
يعني: أنه رواه هشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وهو ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
و شعبة بن الحجاج الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة ولكنهما لم يذكرا القنوت.
[ قال أبو داود : وحديث زبيد رواه سليمان الأعمش وشعبة وعبد الملك بن أبي سليمان وجرير بن حازم كلهم عن زبيد لم يذكر أحد منهم القنوت إلا ما روي عن حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد فإنه قال في حديثه: (إنه قنت قبل الركوع) ].
قوله: [ وحديث زبيد رواه سليمان الأعمش ].
سليمان الأعمش هو سليمان بن مهران الكوفي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ وشعبة ].
شعبة مر ذكره.
[ وعبد الملك بن أبي سليمان ].
هو عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي ، وهو صدوق له أوهام، أخرج حديثه البخاري تعليقاً ومسلم وأصحاب السنن.
[ وجرير بن حازم ].
جرير بن حازم ثقة أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ كلهم عن زبيد لم يذكر أحد منهم القنوت ].
كلام أبي داود هذا يبدو منه أنه يرى عدم ثبوت القنوت؛ لأنه هو الذي ذكر هذا معلقاً ولم يذكره مسنداً في الأصل، ثم جاء بتلك الروايات التي تخالف هذه الرواية.
قوله: [ لم يذكر أحد منهم القنوت إلا ما روي عن حفص بن غياث عن مسعر عن زبيد فإنه قال في حديثه: إنه قنت قبل الركوع ].
يعني: أنه أثبت القنوت.
[ قال أبو داود : وليس هو بالمشهور من حديث حفص ؛ نخاف أن يكون عن حفص عن غير مسعر .
قال أبو داود : ويروى أن أبياً رضي الله عنه كان يقنت في النصف من شهر رمضان ].
يعني: أنه لم يكن يفعل ذلك دائماً، وهذا كأن فيه شيئاً من جهة الرواية؛ لأنه كان لا يفعله دائماً.
وهذا فيه الذي أشار إليه من أن أبياً كان يقنت في النصف الأخير من رمضان، ولكن الإسناد فيه مبهم.
قوله: [ حدثنا أحمد بن محمد بن حنبل ].
أحمد بن محمد بن حنبل الإمام المشهور أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ حدثنا محمد بن بكر ].
محمد بن بكر هو البرساني ، وهو صدوق قد يخطئ، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن هشام ].
هشام هو ابن حسان ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن محمد ].
هو محمد بن سيرين ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن بعض أصحابه أن أبي بن كعب أمهم ].
أبي بن كعب تقدم ذكره.
قال أبو داود : وهذا يدل على أن الذي ذُكر في القنوت ليس بشيء، وهذان الحديثان يدلان على ضعف حديث أبي رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الوتر) ].
كل الكلام الذي تقدم توهين للحديث الذي تقدم عند أبي داود ، وقد صرح به في الآخر.
وهذا الأثر فيه أن أبياً كان يقنت في النصف الأخير، وأنه ذهب وتركهم في العشر الأواخر، لكن هذا الأثر غير ثابت؛ لأنه منقطع؛ لأن الحسن قال: (إن عمر بن الخطاب ...) والحسن ولد قبل وفاة عمر بسنتين أو بثلاث، فهو منقطع.
شجاع بن مخلد صدوق، أخرج له مسلم وأبو داود وابن ماجة .
[ حدثنا هشيم ].
هو هشيم بن بشير الواسطي ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ أخبرنا يونس بن عبيد ].
يونس بن عبيد ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن الحسن ].
هو الحسن بن أبي الحسن البصري ، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا محمد بن أبي عبيدة حدثنا أبي عن الأعمش عن طلحة اليامي عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في الوتر قال: سبحان الملك القدوس) ].
الدعاء بعد الوتر يكون بعد الفراغ من آخر الوتر بعدما يسلم، وكلمة الدعاء هنا فيها تجوز؛ لأنه ليس فيه دعاء وإنما فيه ثناء وذكر لله عز وجل.
قوله: (سبحان الملك القدوس)] هذا ليس دعاء وإنما هو ثناء على الله عز وجل.
فقوله: [في الدعاء] لو قال: الذكر بعد الوتر لكان أوضح؛ لأنه ليس فيه دعاء إلا أن يقال عن الذكر: دعاء عبادة؛ لأن الإنسان عندما يثني على الله عز وجل فهو عبادة لله سبحانه وتعالى.
وسبق أن مر عند أبي داود أنه بوب للدعاء في السجود وللذكر في السجود، وبهذا يكون هناك ذكر وهناك دعاء، فالدعاء سؤال وطلب، والذكر هو ثناء على الله سبحانه وتعالى.
فهو يقول: بعد فراغه من الوتر وبعدما يسلم من ركعة الوتر: (سبحان الملك القدوس)].
وهذا الذكر ورد تكراره وأنه كان يرفع في الأخيرة يمد بها.
قوله: [(القدوس)].
القدوس من أسماء الله عز وجل، وهو الغاية في التنزيه عن كل ما لا يليق بالله سبحانه وتعالى؛ وهو من الأسماء التي فيها التنزيه لله سبحانه وتعالى.
فمقدس يعني منزه.
عثمان بن أبي شيبة ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة إلا الترمذي .
[ حدثنا محمد بن أبي عبيدة ].
هو محمد بن أبي عبيدة بن معن المسعودي وهو ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[حدثنا أبي ].
أبوه أيضاً ثقة، أخرج له مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن الأعمش ].
هو سليمان بن مهران مر ذكره.
[ عن طلحة اليامي ].
هو طلحة بن مصرف اليامي وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن ذر ].
هو ذر بن عبد الله وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي ].
وقد مر ذكرهم.
قوله: (من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره)] هذا الحديث لا علاقة له بالترجمة في الدعاء بعد الوتر؛ لأن هذا ليس فيه دعاء ولا علاقة له بالدعاء، وقد قال صاحب عون المعبود: لعل له ترجمة خاصة وأنها قد سقطت بين الباب السابق وبين هذا الحديث.
إذاً: قد يكون له ترجمة تخصه؛ لأنه لا علاقة له بالترجمة السابقة وهي الدعاء بعد الوتر.
هذا الحديث يدل على قضاء الوتر إذا ذكره، ولفظه عام يدل على أنه مثل الصلوات الخمس كما جاء في الحديث: (من نسي صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها) لكن جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه كان إذا أصابه مرض أو لم يتمكن من صلاته بالليل صلى من الضحى ثنتي عشرة ركعة)، وذلك لأنه كان يصلي إحدى عشرة ركعة بالليل فإذا لم يتمكن كان يصلي ثنتي عشرة ركعة، والحديث في صحيح مسلم وفي غيره.
ومعنى ذلك أنه يأتي بها مشفوعة حتى لا يكون وتراً بالنهار، فيأتي بالمقدار الذي كان يصليه بالليل مع زيادة ركعة يشفع بها ركعة الوتر.
محمد بن عوف ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي في مسند علي .
[ حدثنا عثمان بن سعيد ].
هو عثمان بن سعيد بن كثير أبو عمرو -الذي يأتي ذكره في الأسانيد عن عمرو بن عثمان عن أبيه- وهو حمصي ثقة، أخرج له أبو داود والنسائي وابن ماجة .
[ عن أبي غسان محمد بن مطرف المدني ].
عن أبو غسان محمد بن مطرف المدني وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن زيد بن أسلم ].
زيد بن أسلم ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن عطاء بن يسار ].
عطاء بن يسار ثقة أيضاً، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[ عن أبي سعيد ].
أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان الخدري مشهور بكنيته أبو سعيد وبنسبته الخدري ، وهو أحد السبعة المعروفين بكثرة الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث عام، لكن كون النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في هذا الوقت، فهذا يدل على أنه هو الذي ينبغي أن يفعل به.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر