بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيقول شيخ الإسلام رحمه الله رحمة واسعة في سياق نقله لكلام أبي الحسن الأشعري من كتابه الإبانة: [ وجملة قولنا: أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاءوا به من عند الله، وبما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئاً، وأن الله واحد لا إله إلا هو، فرد صمد، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله مستوٍ على عرشه كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5].
وأن له وجهاً كما قال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27]، وأن له يدين بلا كيف كما قال: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، وكما قال: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64]، وأن له عينين بلا كيف كما قال: تجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14].
وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالاً، وذكر نحواً مما ذكر في الفرق. إلى أن قال:
ونقول: إن الإسلام أوسع من الإيمان، وليس كل إسلام إيماناً، وندين بأن الله يقلب القلوب بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، وأنه عز وجل يضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، كما جاءت الرواية الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: وإن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات عدلاً عن عدل، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: ونصدق بجميع الروايات التي أثبتها أهل النقل من النزول إلى سماء الدنيا، وأن الرب عز وجل يقول: (هل من سائل؟ هل من مستغفر؟) وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قال أهل الزيغ والتضليل، ونعول فيما اختلفنا فيه إلى كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله ما لم يأذن لنا به، ولا نقول على الله ما لا نعلم.
ونقول: إن الله يجيء يوم القيامة كما قال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:22]، وإن الله يقرب من عباده كيف شاء كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16]، وكما قال: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:8-9] إلى أن قال: وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي مما لم نذكره باباً باباً]
وذكر في جملة ما ذكر صفة الاستواء، وأن الله مستوٍ على عرشه، وهذا أمر دلت عليه نصوص الكتاب والسنة دلالة واضحة، والاستواء صفة فعلية ضل فيها من ضل من المتكلمين، وذهب فيها مذاهب باطلة، ومذهب أهل السنة والجماعة أن الاستواء صفة فعلية من صفات الله سبحانه وتعالى تليق به، وتفسيرهم لها دائر على أربع كلمات: الصعود، والاستقرار، والارتفاع، والعلو.
وأما المؤولة فقد سلكوا في ذلك مسالك، فأولوا الاستواء بالاستيلاء، وأولوا العرش بتأويلات باطلة، وكل هذه التأويلات أولوها ليصدوا الناس عن اعتقاد استواء الله سبحانه وتعالى على عرشه.
والعرش هو خلق من مخلوقات الله عظيم تقدم الكلام عليه.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فيقول شيخ الإسلام رحمه الله رحمة واسعة في سياق نقله لكلام أبي الحسن الأشعري من كتابه الإبانة: [ وجملة قولنا: أنا نقر بالله وملائكته وكتبه ورسله، وبما جاءوا به من عند الله، وبما رواه الثقات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نرد من ذلك شيئاً، وأن الله واحد لا إله إلا هو، فرد صمد، لم يتخذ صاحبةً ولا ولداً، وأن محمداً عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأن الجنة حق والنار حق، وأن الساعة آتية، وأن الله يبعث من في القبور، وأن الله مستوٍ على عرشه كما قال: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [طه:5].
وأن له وجهاً كما قال: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ [الرحمن:27]، وأن له يدين بلا كيف كما قال: خَلَقْتُ بِيَدَيَّ [ص:75]، وكما قال: بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ [المائدة:64]، وأن له عينين بلا كيف كما قال: تجْرِي بِأَعْيُنِنَا [القمر:14].
وأن من زعم أن أسماء الله غيره كان ضالاً، وذكر نحواً مما ذكر في الفرق. إلى أن قال:
ونقول: إن الإسلام أوسع من الإيمان، وليس كل إسلام إيماناً، وندين بأن الله يقلب القلوب بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، وأنه عز وجل يضع السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، كما جاءت الرواية الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: وإن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص، ونسلم الروايات الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رواها الثقات عدلاً عن عدل، حتى ينتهي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى أن قال: ونصدق بجميع الروايات التي أثبتها أهل النقل من النزول إلى سماء الدنيا، وأن الرب عز وجل يقول: (هل من سائل؟ هل من مستغفر؟) وسائر ما نقلوه وأثبتوه خلافاً لما قال أهل الزيغ والتضليل، ونعول فيما اختلفنا فيه إلى كتاب ربنا وسنة نبينا وإجماع المسلمين، وما كان في معناه، ولا نبتدع في دين الله ما لم يأذن لنا به، ولا نقول على الله ما لا نعلم.
ونقول: إن الله يجيء يوم القيامة كما قال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً [الفجر:22]، وإن الله يقرب من عباده كيف شاء كما قال: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16]، وكما قال: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:8-9] إلى أن قال: وسنحتج لما ذكرناه من قولنا وما بقي مما لم نذكره باباً باباً]
(وأنه عز وجل يضع السماوات على إصبع كما جاءت الرواية الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) إلى أن قال: (وأن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص) وهذا من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين أهل السنة وغيرهم، وهي مسألة الإيمان، وقد اختلفوا فيها في عدة أمور: منها تعريف الإيمان، فاختلف أهل السنة مع غيرهم في تعريف الإيمان، والصواب: أن الإيمان قول وعمل، قول القلب واللسان، وعمل القلب والجوارح، واختلفوا أيضاً في زيادته ونقصه على أقوال، والصحيح: أن الإيمان يزيد وينقص، وأن زيادته بالطاعة، وأن نقصانه بالزلل.
وهذه صفة اختلف فيها أيضاً أهل السنة مع غيرهم، أو خالف فيها أهل السنة غيرهم، فأهل السنة يثبتون النزول صفة فعلية له سبحانه وتعالى إلى السماء الدنيا، وأولها المؤولون من المتكلمة فحرفوها وقالوا: إن النزول المضاف إلى الله هو نزول أمره، أو نزول قضائه وقدره، أو نزول ملائكته، وما أشبه ذلك.
(وأن الرب عز وجل يقول: (هل من سائل؟ هل من مستغفر؟)، وسائر ما نقلوه وأثبتوه أي: نصدق بجميع الروايات التي أثبتها أهل النقل من النزول وسائر ما نقلوه وأثبتوه (خلافاً لما قال أهل الزيغ والتضليل، ونعود فيما اختلفنا فيه إلى كتاب ربنا وسنة نبينا، وإجماع المسلمين وما كان في معناه) يعني: ما كان في معنى الإجماع مما توافر عليه النقل ولم يذكر فيه مخالف.
(كما قال: وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفّاً صَفّاً ، وأن الله يقرب من عباده كيف شاء) وهذا فيه إثبات صفة القرب له سبحانه وتعالى، واستدل لها بقوله تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ، وهذه الآية فيها أن القرب صفة عامة كالمعية، تكون مع كل إنسان، إلا أن في هذا نظراً؛ لأن القرب على الصحيح ليس صفة عامة، وليس من كل أحد، بل هو قرب خاص، فإن الله سبحانه وتعالى قريب من أهل الموقف يوم عرفة، وقريب ممن دعاه، وقريب من العبد حال سجوده، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) فهو قرب خاص وليس قرباً عاماً لكل أحد.
وأما قوله: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ فقد اختلف أهل العلم في تأويلها على قولين: منهم من جعل الضمير عائداً إلى الله جل وعلا، ومنهم من جعل الضمير عائداً إلى الملائكة، وهذا الثاني هو الصحيح، فالضمير في قوله: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ عائد إلى الملائكة لا إلى الله جل وعلا، ويدل على هذا ما بعد هذه الآية من الآيات التي تفسر وتبين القرب المذكور، قال تعالى: وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ [ق:16] * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ [ق:17] فبين معنى القرب المذكور في هذه الآية، وهو قرب الملائكة التي تسجل وتكتب ما يصدر عن العبد من أقوال.
( وكما قال: ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى * فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:8-9]) وهذا لو قلنا بدلالته على قربه سبحانه وتعالى فإنه ليس عاماً بل هو قرب خاص للنبي صلى الله عليه وسلم، على أن هذه الآية في تأويلها نزاع، فمن أهل العلم من يقول: إن القرب والدنو المذكور في هذه الآية هو قرب النبي من الله جل وعلا، ومنهم من يقول: إن الدنو والقرب المذكور في هذه الآية هو قرب جبريل، وهذا هو الصحيح وأن الذي دنا وتدلى هو جبريل.
قوله: (إلى أن قال: وسنحتج لما ذكرنا من قولنا وما بقي مما لم نذكره باباً باباً)
هذا أيضاً في إثبات صفة القرب.
قال المؤلف رحمه الله: [ ثم تكلم على أن الله يُرى، واستدل على ذلك، ثم تكلم على أن القرآن غير مخلوق واستدل على ذلك، ثم تكلم على من وقف في القرآن وقال: لا أقول : إنه مخلوق ولا غير مخلوق، ورد عليه] أي: وأن هذا ابتداع في الدين وعدم سلوك لطريق أهل السنة والجماعة الذين يثبتون أن القرآن كلام الله سبحانه وتعالى منه بدأ وإليه يعود.
وقال تعالى: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ الأَرْضَ [الملك:16]، فالسماوات فوقها العرش، ولما كان العرش فوق السماوات قال: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16]؛ لأنه مستوٍ على العرش الذي هو فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء، فالعرش أعلى السماوات، وليس إذا قال: أَأَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ [الملك:16] يعني: جميع السماوات، وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات، ألا ترى أن الله عز وجل ذكر السماوات فقال تعالى: وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً [نوح:16] ولم يرد أن القمر يملأهن وأنه فيهن جميعاً.
ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء؛ لأن الله على عرشه الذي هو فوق السماوات، فلولا أن الله على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش، كما لا يحطونها إذا دعوا إلى الأرض ].
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر