أما بعد:
فهذا هو اللقاء التاسع والستون من اللقاءات الأسبوعية التي لُقِّبت بـ(لقاء الباب المفتوح)، والتي تتم في كل يوم خميس، وهذا هو الخميس العاشر من شهر ربيع الأول عام: (1451هـ).
نبتدئ هذا اللقاء بتفسير سورة البلد؛ لأننا قد بدأنا تفسير جزء عم من سورة النبأ.
يقول الله عزَّ وجلَّ: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ [الفاتحة:1]: البسملة آية مستقلة، وهي من كلام الله؛ لكنها ليست من السورة التي قبلها، ولا من السورة التي بعدها، بل هي آية مستقلة تُفْتَتَح بها السور إلا سورة براءة، فإن افتتاح سورة براءة بالبسملة من البدعِ، والخروجِ عن منهج الصحابة رضي الله عنهم، بل ونحن نعلم أن البسملة لم تنزل بين سورة الأنفال وسورة التوبة؛ لأنها لو نزلت لحُفِظت، لقول الله تبارك وتعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ[الحجر:9]؛ لكنها لم تنزل؛ إلا أن الصحابة عند جمع القرآن وكتابته الكتابة الأخيرة أشكلت عليهم سورة براءة، هل هي من سورة الأنفال، أم أنها مستقلة، فوضعوا فاصلاً دون البسملة.
ولي تعريجةٌ يسيرةٌ على ما سبق في الدرس الماضي في قوله تعالى: فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذَّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثَقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:25-26] فإني قرأتهما هكذا بفتحِ كلٍّ مِن (يُعَذَّبُ) و(يُوْثَقُ)، وفسَّرتُهما على هذه القراءة؛ لأن في الآيتين المذكورتين قراءتين:
القراءة الأولى: بالكسر، وهي التي في المصحف، فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ * وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ [الفجر:25-26]، أي: لا يعذِّب عذابَ الله أحدٌ، بل عذابُ الله أشد، ولا يوثِق وثاقَ الله أحدٌ، بل وَثاقُ الله أشد.
القراءة الثانية: بالفتح، وهي: فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذَّبُ عَذَابَهُ أَحَـدٌ * وَلا يُوثَقُ وَثَاقَهُ أَحَـدٌ [الفجر:25-26]، أي: لا يعذَّب عذابَ هذا الرجل أحدٌ، ولا يوثَق وثاقَ هذا الرجل أحدٌ، وهذا هو الذي قرأنا الآيتين عليه، وفسرناهما به.
فلأجل هذا جَرَى التنبيه.
(لا) هذه: لاستفتاح الكلام وتوكيده، وليست نافية؛ لأن المراد إثبات القسم، يعني: أنا أقسم بهذا البلد؛ و(لا) هذه أتت هنا للتنبيه والتأكيد.
و أُقْسِمُ القَسَم: تأكيد الشيء بذكر مُعَظَّم على وجه مخصوص.
إذاً: كلُّ شيء مَحْلُوفٍ به فإنه لابد أن يكون معظماً لدى الحالف، وقد لا يكون معظماً في حد ذاته، مثل الذين يحلفون باللات والعزى، فهي مُعَظَّمة عندهم؛ لكنها في الواقع ليست عظيمة ولا مُعَظَّمة.
إذاً: فالحلف أو القَسَم أو اليمين -والمعنى واحد- هي: تأكيد الشيء بذكر مُعَظَّم عند الحالف، على صفة مخصوصة.
وحروف القسم هي: الباء، والواو، والتاء.
والذي في الآية الكريمة هنا: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ هو حرف الباء.
بِهَذَا الْبَلَدِ البلد هنا: مكة ، وأقسَمَ الله بها لشرفها وعِظَمها، فهي أعظم بقاع الأرض حرمة، وأحب بقاع الأرض إلى الله عزَّ وجلَّ، ولهذا بُعِث منها رسول الله صلىالله عليه وعلى آله وسلم الذي هو سيد البشر صلوات الله وسلامه عليه.
فجدير بهذا البلد الأمين أن يُقْسَم به؛ ولكن نحن لا نقسم به؛ لأنه مخلوق، وليس لنا الحق أن نقسم بالمخلوق، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك)، أما الله عزَّ وجلَّ فإنه يُقْسم بما يشاء؛ ولهذا أقسم هنا بـمكة في قوله: لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ [البلد:1].
وقيل: المعنى: وأنت تستحل هذا البلد.
فيكون إقسام الله تعالى بـمكة حال كونها حِلاًّ للرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك عام الفتح؛ لأن مكة عام الفتح أُحِلَّت للرسول عليه الصلاة والسلام، ولم تُحَلَّ لأحد قبله، ولا تَحِلُّ بعد ذلك لأحد، كما قـال عليه الصلاة والسلام، (وقد عادت حرمتُها اليوم كحرمتِها بالأمس).
فيكون إقسام الله تعالى بهذا البلد مقيَّداً بما إذا كانت حِلاًّ للرسول، وذلك عام الفتح؛ لأنها في ذلك اليوم ازدادت شرفاً إلى شرفها، حيث طُهِّرت من الأصنام، وهُزِم المشركون، وفُتِحَت عليهم بلادهم عنوة، وصارت هذه البلد بعد أن كانت بلاد كفر؛ صارت بلاد إيمان، وبعد أن كانت بلاد شرك؛ صارت بلاد توحيد، وبعد أن كانت بلاد عناد صارت بلاد إسلام، فأشرف حالٍ لـمكة كان عند الفتح.
إذاً: في قوله: وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ [البلد:2] معنيان، أرجو أن يكونا على بالكم.
قيل: المراد بالوالد: آدم.
وبالولد: بنو آدم.
وعلى هذا تكون (ما) بمعنى (مَن) أي: ووالد ومَن وَلَد؛ لأن (مَن) للعقلاء، و(ما) لغير العقلاء.
وقيل: المراد بالوالد وما ولد: كلُّ والد وما ولد؛ الإنسان، والبهائم، وكل شيء؛ لأن الوالد والمولود كلاهما من آيات الله عزَّ وجلَّ، كيف يخرج -مثلاً- هذا المولود حياً سوياً، سميعاً بصيراً، من نطفة ومن ماء؟! وهذا دليل على كمال قدرة الله عزَّ وجلَّ، حيث أن هذا الولد السوي يخرج من نطفة، أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ [يس:77]، كذلك الْحشرات، وغيرها؛ تَخرج ضعيفة هزيلة، ثُمَّ تكبر إلى ما شاء الله تعالى مِن حَدٍّ.
إذاً: الصحيح أن هذه عامة، تشمل كل والد وكل مولود.
الْإِنْسَانَ اسم جنس يشمل كل فرد من بني آدم.
فِي كَبَدٍ فيها معنيان:
المعنى الأول: في استقامة، يعني: أنه خُلِق على أكمل وجه في الخِلْقة؛ مستقيماً، يمشي على قدميه، ويرفع رأسَه، وبدنُه معتدلٌ.
والبهائم بالعكس منه؛ الرأس على حذاء الدبر. أليس كذلك؟!
أما بنو آدم فلا، الرأس مرتفع أعلى البدن، فهو كقوله تعالى: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ [التين:4].
المعنى الثاني: قيل: المراد بالكبد: مكابدة الأشياء، ومعاناتها، وأن الإنسان يعاني المشقة في أمور الدنيا، في طلب الرزق، وفي إصلاح الحرث، وفي غير ذلك، ويعاني -أيضاً- معاناة أشد مع نفسه، ومجاهدتها على طاعة الله، واجتناب معاصي الله، وهذا هو الجهاد الذي يُعتبر أشد من معاناة طلب الرزق، ولاسيما إذا ابتُلي الإنسان ببيئة منحرفة، وصار بينهم غريباً، فإنه سيجد المشقة في معاناة نفسه، وفي معاناة الناس أيضاً.
فإن قال قائل: أفلا يمكن أن تكون الآية شاملةً للمعنيين؟
الجواب: بلى.
وهكذا ينبغي إذا وجدتَ في الكتاب العزيز آية تحتمل معنيين، وليس بينهما مناقضة، فاحملها على المعنيين؛ لأن القرآن أشمل وأوسع.
فإن كان بينهما مناقضة فانـظر الراجـح، فمثـلاً قوله تعالى: وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ [البقرة:228] فـ(قُرُوء): جمع قَرْء، بفتح القاف، فما هو القَرْء؟
قيل: هو الحيض.
وقيل: هو الطهر.
فهنا لا يمكن أن تحمل الآية على المعنيين جميعاً، لماذا؟! للتناقض.
لكن اطلب المرجِّح لأحد القولَين، وخُذْ به.
فهنا نقول: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ [البلد:4] يصح أن تكون الآية شاملةً للمعنيين: أي: في حسن قامة واستقامة، وفي كبد بمعاناة لمشاق الأمور.
ولنقتصر على هذا القدر من آيات الله البينات، لنتفرغ للأسئلة.
ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا جميعاً ممن يتلون كتابه حق تلاوته، وأن يهب لنا منه رحمة إنه هو الوهاب.
الجواب: توجيهنا لإخواننا وأبنائنا:
أولاً: ألا يكون همهم القيل والقال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (كان ينهى عن قيل وقال).
ثانياً: ألا يكون همهم كثرة السؤال؛ ماذا حدث لفلان؟ وماذا صار على فلان؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن كثرة السؤال).
ثالثاً: وألا يكون همُّهم إضاعة الأوقات، وإفناء الأعمار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن إضاعة المال) وإضاعةُ الأعمار أعظم مصيبة من إضاعة الأموال، ولهذا قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100]، لم يقل: لعلي أبني البناء، أو أبني القصور، أو أركب المراكب الفخمة، أو أتزوج النساء الجميلات، أو ما أشبه ذلك، لم يقل هذا، بل قال: لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحاً فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:100]، فدل ذلك على أن العمر أثمن من كل ما في الدنيا، وإضاعة أوقات الشباب في مثل هذه الأمور خسارة.
فالذي أرى إذا كان الناس يثقون في هيئة كبار العلماء ، وعلى رأسهم الشيخ عبد العزيز بن باز فليجعلوا الأمر في ذمتهم وتحت مسئوليتهم.
وإذا كانوا لا يثقون؛ فهذا بلاء عظيم! ألا يثق الناس بولاة أمورهم من علماء وأمراء؛ لأن ولاة الأمور هم العلماء والأمراء، كما نص على ذلك أهل العلم.
فأقول: ينبغي لنا أن نبحث عن دور ينفع الناس، ويبنون به ما كان منهدماً، وألا يرجعوا إلى الوراء في الكلام الذي لا يستفيدون منه ولا يفيدون، وربما يحمل بعضَهم على الكذب والغيبة والطعن في الآخرين، فتحصل الفرقة بعد الاجتماع، والعداوة بعد الائتلاف، ويحصل الشر.
علينا أن نبحث الآن عن كيف نعمل؟! وكيف ندعو إلى الله؟! وهل الدعوة إلى الله مقيدة بشروط يحترز الإنسان منها، ويأخذ بالشيء على ما هو عليه، دون أن يُحدِث أمراً يؤدي إلى إيقافه؟!
نحن نأمر بأن يُدعَى إلى الله على بصيرة؛ لكن نأمر أيضاً بأن يكون في الدعوة حكمة يُقْصَد بها البناء، ويُقْصَد بها إصلاح الخلق في دينهم ودنياهم.
أما تناقل ما ذكره السائل من كتاب الشيخ عبد العزيز بن باز وفقه الله الموجه إلى وزير الداخلية ، فلا أرى ذلك؛ لا أرى أن يتناقله الناس، ما الفائدة من ذلك؟! هذا مما يثير الناس على إحدى طريقين:
طريقِ أناسٍ يتعصبون لـهيئة كبار العلماء فيقولون: هؤلاء عندهم أخطاء يجب حماية المجتمع منها.
طريقِ أناسٍ يتعصبون لهؤلاء فيقولون: أخطأ العلماء وضلوا.
فيحصل تحزب إما إلى هؤلاء وإما إلى هؤلاء، والواجب إخماد الفتنة، وإزالة ما بها من فُرْقة، فلا أرى أن يتناقل الناس هذا الكتاب، وأرى أن مَن عنده شيء منه إن كان هناك مصلحة في حفظه فليحتفظ به، وإلا فليمزقه.
كما أرى -أيضاً- أن أشد من ذلك وأخطر ما يتناقله الناس مِمَّا يُرْسَل إلى هذه البلاد من الخارج في نشر ما يُدَّعَى أنه تقصير من الحكومة، أو إخلال بواجب عليها، أو انتهاك لِمُحَرَّم، فإن هذا أدنى ما يقال فيه: إنه غيبة؛ لأنه ينطبق عليه تماماً حد الرسول عليه الصلاة والسلام للغيبة، ماذا قال لَمَّا سئل عن الغيبة؟! قال: (ذِكرُك أخاك بما يكره)، ولا شك أن الدولة تكره أن تُنْشَر هذه الأشياء التي تنسب إليها، تكرهها قطعاً، إذاً: فهو غيبة، والغيبة من كبائر الذنوب التي لا تكفرها الصلاة، ولا الصيام، ولا العمرة، ولا الحج، والتي يكون الإنسان فيها على خطر، أن يعاقَب، هذا إذا كان ما يُنْشَر صحيحاً ثابتاً، أما إذا كان غير صحيح بمشاهدة العيان، وسماع الآذان فإنه ينضاف إلى كونه غيبة أن يكون بهتاناً؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقيل له: (أرأيتَ إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته).
وحسبما نسمع عن بعض هذه المنشورات أن في بعضها كذباً لا حقيقة له، وإنما المقصود التشويه.
فنحن نحذر من تناقل هذه المنشورات، ونرى أن في تناقلها إثماً؛ لأنه لا يزيد الطين إلا بلة، ولا يكسب الإنسان إلا إثماً؛ لأن مقام العلماء ومقام الأمراء والسلاطين مقام حساس، غيبة العالم ليست كغيبة رجل الشارع، وغيبة ولي الأمر ليست كغيبة الكناس ونحوه، غيبة العالم قَدْحٌ فيه بعينه، ثم تقليل للثقة فيما ينشره من شريعة الله، وهذه هي النقطة الخطيرة؛ إذا قلّت ثقة الناس بما يقوله العالم؛ فقد ضاع كل علمه أو أكثره، وعلمُه هو مِن الشريعة، وإذا قلَّت هيبة ولاة الأمور من الأمراء والسلاطين قَلَّ انقياد الناس لهم، واتباع أوامرهم التي لا تخرج عن شريعة الله، وإذا قلَّ ذلك حصلت الفوضى، وصار كل إنسان يعبث على ما يريد، فالمسألة يا إخواني خطيرة!
الآن لو أن أحداً من الناس كتب منشوراً فالذي عن يمينه أو عن يساره من عامة الناس -وإن شاء الله فيهم خير- يريد أن ينشره في الناس، أفلا يعتبر هذا عدواناً عليهم؟!
هذا عدوان لا شك، وغيبة. هذا مع أنهم لو قلَّت ثقة الناس بهم، أو انحط قدرهم عند الناس، لم يؤثر شيئاً لا في الأمن، ولا في الشريعة، فكيف إذا كانت الغيبة تخل الأمن، أو تخل بالشريعة؟!
وأنا بسطتُ هذا لأني رأيتُ أناساً يحبون الخير، فيظنون أن في نشر هذه المنشورات فائدة، وإني أشهد الله، ثم أشهدكم أن اعتقادي في نشر هذه المنشورات التي ليس فيها إلا الغيبة والسب من كبائر الذنوب، وأن الإنسان لا يزداد بها إلا إثماً، وأن أي فساد يحصل في المجتمع من جراء هذه المنشورات فإن الإنسان سيبوء بإثمه.
كيف نهدم هذا الأمن بأيدينا؟! أمن، ورخاء، وطمأنينة، كيف نهدمها بأيدينا؟!
ألم تعلموا أن من الناس من قاموا بالدعوة المسلحة ضد الحكومات التي ليست كحكومتنا، والتي تصرِّح بأنها تحكم بغير ما أنزل الله، وتضع القوانين الفرنسية، أو الإنجليزية، أو الأمريكية، أو الروسية؛ لتحكم بين عباد الله المسلمين بهذه القوانين؟!
فما الذي يحصل؟! وماذا تكون النتيجة؟!
تكون النتيجة: الأذى، وازدياد هذه الحكومات عنفاً، وسلطة، ولا استقرار ولا أمن!
ثم إننا نرى أن الحكومات إذا ذهبت مَن يخلفها؟!
هل يخلفها رجل كـعمر بن الخطاب ؟! أجيبوا!
يخلفها شر منها، وهذا شيء مُجَرَّب.
فيجب على الإنسان أن ينظر إلى العواقب والنتائج، ثم ينظر إلى ما يلاقي به ربه يوم القيامة يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ [الانشقاق:6]، ماذا يقول لله عزَّ وجلَّ؟! لماذا ينشر معائب العلماء، وتنشر معائب الأمراء؟! ما هي الفائدة؟!
فنسأل الله تعالى أن يهدي إخواننا للبصيرة في دين الله، والحكمة في معاملة عباد الله.
الجواب: انظر بارك الله فيك! تبيين الخطأ واجب؛ لكن إذا قلتَ: مَن قال: إن الله استوى على العرش يعني: استولى عليه فقوله خطأ، وقوله منكر، ويلزم عليه لوازم باطلة، وأتيتَ بما عندك من الحجج فإنك ما عيَّنت أحداً.
فالتعميم خيرٌ من التعيين لسببين:
السبب الأول: ألا يظن الظان أنك متعصب ضد هذا الشخص، ولاسيما إذا كان هذا الشخص مرموقاً بين الناس ومحترَماً، وله حسنات كثيرة.
السبب الثاني: أن يكون هذا الحكم عليه وعلى غيره ممن شاركه في هذه البدعة.
ولهذا انظر إلى مؤمن آل فرعون ماذا قال! وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [غافر:28] ولم يقل: أتقتلون موسى؛ لماذا؟ لأنه لو عيَّنه لقيل: بينه وبين موسى ارتباط شخصي يريد أن ينتصر له، فقال: أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً [غافر:28] كأنه رجل نكرة، لا يعرفه، أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ [غافر:28].
كما فعل أبو بكر رضي الله عنه مع قريش في معاملتهم النبي صلىالله عليه وعلى آله وسلم فقال: [أتقتلون رجلاً أن يقول: ربي الله؟!].
فالتعميم خير مِن التعيين مِن هذين الوجهين.
أما السكوت على الخطأ فهو خطأ، لاسيما إذا صدر الخطأ من شخص مرموق يؤخذ بقوله، ويُقْتَدى به؛ لكن قبل أن أبين خطأه أتصل به، وأناقشه، وأجعل مستواي في مستواه ما دام القصد الوصول إلى الحق، فإن تبين له الحق ورجع إليه؛ فهذا هو المطلوب، وإن لم يتبين وأنا أرى أنه خالف في أمرٍ لا يسوغ فيه الاجتهاد؛ فإنه في الحال هذه يجب علي بيان الحق.
الجواب: جزاك الله خيراً للدفاع عن اللغة العربية التي نزل بها القرآن، والتي هي أشرف لغات العالم، حتى أنه رُوِي عن النبي عليه الصلاة والسلام أن قال: (أنها لغة أهل الجنة الأولين والآخرين).
والحقيقة كما تفضلتَ أنه ينبغي أن يُجعل بدل هذه الكلمات الأعجمية كلمات عربية، مثلاً: (البيجر) يُسمى بالعربية: (النداء الآلي)، أو (المنادي الآلي)، و(الليموزين) تسمى بالعربية: (سيارات الأجرة)، وهي مكتوب عليها الآن (أجرة)، فهذه إذا اعتادها الناس زال الاسم الأعجمي.
على أن هذه المسألة ليست ذات تغيير، وليست مهمة جداً؛ لأن هذه كلمات هي لأشياء معينة، وليست لمعانٍ تدور بين الناس وتنتقل المعاني العربية إلى معانٍ غير عربية، وقد ذُكِر في القرآن الكريم أشياء معربة وهي أعجمية مثل: (سندس)، و(إستبرق)، وما أشبههما.
فهذه الأعلام وإن جاءت باللغة الأعجمية إلا أنها عندي أمرها سهل؛ لكن لا شك أن الخير أن نوجد لها أسماءًَ عربية، وبشرط ألا تكون طويلة؛ لأن الاسم المطوَّل زاد الأمر بلاءً، فعندما تقول للعامي في السوق: أعطِ لي ساندويتشاً، فإنه يعطيك مباشرة.
الجواب: الذي يظهر لي أن هذه صفة من صفات الأفعال، يعني: أن الله هو الذي يُغَلِّي الأشياء ويرخِّصها، فليس من الأسماء، هذا الذي يظهر لي، والله أعلم؛ لكنا نقول كما قال الرسول.
الجواب: نعم. إذا أراد الأب أن يهب أولادَه مالاً، فهل يسوي بين الذكر والأنثى؟ أو يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؟
نقول: الصحيح أن يجعل للذكر مثل حظ الأنثيين؛ لأننا نعلم أنه لا قسمة أعدل من قسمة الله عزَّ وجلَّ.
الجواب: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكره النوم قبل العشاء، والحديثَ بعدها؛ لكنه ليس للتحريم، اللهم إلا أن يؤدي ذلك إلى ترك صلاة الفجر، فيكون حينئذ للتحريم، وتحريمُه من باب سد الذرائع.
وأما لعب الكرة بعد العشاء يوماً واحداً في الأسبوع أو كل يوم فإننا نسأل أولاً: كيف يلعب هؤلاء الكرة؟
أحياناً يلعبونها على وجه غير مَرْضِيٍّ، فتجد أفخاذهم عارية، أو بعض الفخذ أو أكثر الفخذ، وهم شباب، وظهور فخذ الشاب فتنة لا شك، ثم إنه قد يؤدي بهم الأمر إلى أن يَمْضِي بهم أكثر الليل في اللعب، ثم تفوتهم صلاة الجماعة، أو تفوتهم صلاة الفجر.
فلعب الكرة لا أرى فيه بأساً من حيث الأصل، ما لم يشغل عن واجب، أو يوقِع في محرم، فيكون حراماً لِهذا السبب.
الجواب: أكثر العلماء على ذلك، أي: على أنها تقع، فالطلقة المرادفة للطلقة تقع.
واختار شيخ الإسلام رحمه الله أنها لا تقع، وأن الطلاق الثاني لا يقع إلا بعد نكاح أو رجعة، وقوله هو الصواب.
الجواب: والله أنا ما راجعتُ الكتاب؛ لكن هناك أحد طلبة الشيخ عبد الرحمن رحمه الله كتب تعقيباً على هذا التعقيب في كراسة أو كراستين، وهو أخونا محمد السليمان العبد العزيز البسام .
السائل: لكن هذه التعقيبات فيها ملاحظات.
الشيخ: هو عقَّب على التعقيب.
الجواب: الاتكاء على اليدين من الخلف لا بأس به إذا كانت اليدان كلتاهما.
أما إذا كانت اليمنى فلا بأس أيضاً.
أما الاتكاء على اليسرى على بطنها، فقد ورد أن هذه جلسة المغضوب عليهم.
الشيخ: ما الذي وجدتم؟
السائل: أحدهم تكلم معي فقال: يزعم بعض الناس أن مشركي قريش اعترفوا بتوحيد الربوبية، وهذا خطأ.
الشيخ: هذه فقط؟
السائل: هناك بعض الأشياء؛ فمنهم من يقول، بل نفس هذا الشخص يقول بجواز الصلاة في مسجد فيه قبر، واستدل بالمسجد النبوي.
الجواب: جماعة التبليغ رأيي فيهم أنهم جماعة لهم تأثير عظيم، ونَفَع الله بهم، فكم اهتدى على أيديهم من كافر أو فاسق! وهذه حسنة لا يجوز إنكارها أبداً، ثم هم هادئون لا يتكلمون في أحد، بل إنهم من شدة ورعهم -الذي قد نَحْمَدهم عليه وقد لا نَحْمَدهم- أنهم لا يتكلمون في مسائل العلم والفقه خوفاً من الزلل، وإذا استفتاهم أحد قالوا: اسأل العلماء.
لكن فيهم جهل عظيم، وفيهم جهل كثير؛ لأن عامتهم عوام، فلو أن طلبة العلم خرجوا معهم ونظروا إلى ما عندهم من البدع أو ما يُظَنُّ أنه بدعة وأرشدوهم؛ لكان في هذا خير كثير!
وكم من أناس فسقةٌ فسقةٌ فسقة اتصل بهم هؤلاء التبليغيون، فصاروا من أفضل عباد الله.
لكن الذي أنصح به ألا يذهبوا إلى خارج البلاد السعودية ؛ لأن المَجْمَع الذي يجتمع فيه التبليغيون خارج البلاد يقال لي: إن رؤساءه أهل بدع كبيرة.
وأما قولُ مَن وافقتَ منهم: إن المشركين لا يقرون بتوحيد الربوبية، فيكفي في هذا نداءً على جهله، وأنه يقرأ القرآن ولا يعرف معناه، فإن قريشاً يقرون بالربوبية، يقول الله عزَّ وجلَّ: قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [المؤمنون:84-85].
قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [المؤمنون:86-87].
قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * سَيَقُولُونَ لِلَّهِ [المؤمنون:88-89]، فهم مُقِرُّون.
ويقول الله عزَّ وجلَّ: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ [يونس:31]. وهذا واضح صريح.
وأما استدلاله بجواز الصلاة في مسجدٍ بُنِي على قبر بالمسجد النبوي؛ لأن فيه قبر النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أيضاً من جهله؛ لأن قبر النبي صلىالله عليه وعلى آله وسلم لم يُحْدَث في مسجد، ولم يُبْنَ عليه مسجد! وإنما دفن في بيت عائشة رضي الله عنها، لكن لَمَّا احتاج الناس إلى توسعته ورأوا أن أنسب مكان يُوَسَّع منه هي الجهة الشرقية وَسَّعُوهُ، وبقي القبر في مقصورته في مكانه في بيت مستقل، فليس هو في المسجد، ولم يُبْنَ المسجد عليه. وهذا واضح.
الجواب: والله -بارك الله فيك- إن كان هذا الرجل موجوداً والناس يأخذون منه وهو داعية؛ فلا بد من ذكر اسمه، وإلا فلا حاجة إلى ذلك، وإنما اذكر القول الذي ضل فيه وبين أنه ضلال، وكما قلتُ قبل قليل: إن التعميم أحسن من التعيين، أما إذا كان موجوداً -كما أسلفتَ- وترى الناس يرتادونه، ويأخذون من بدعه، فهنا قد نقول: إن تعيينه متعين.
الجواب: هو مسافر لا شك؛ لأنه لم يتخذ بلد الدراسة وطناً، ولم ينوِ فيه الإقامة المطلقة، بل إقامته لغرض؛ لكنه إذا كان في بلد تقام فيه الجماعة فيجب عليه أن يحضر الجماعة، وأما ما اشتهر عند بعض العوام أن المسافر لا جماعة عليه ولا جمعة فهذا لا أصل له، بل إن الجماعة واجبة على المسافر ولو كان في القتال: وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ [النساء:102]، والجمعة واجبة على كل مَن سمع النداء: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسَعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ[الجمعة:9]؛ لكن إذا فاتتك الصلاة وأنت هناك، أو كنت في مكان بعيد عن المساجد؛ فإنك تصلي الرباعية ركعتين.
الجواب: إذا وقف اثنان خلف الصف الذي لم يتم، سواء خافوا فوات الركعة أم لم يخافوا، فصلاتهم صحيحة؛ لكنهم تركوا الأفضل، وهو إكمال الأول فالأول.
السائل: هذا على قول من قال بصحة صلاة المنفرد.
الشيخ: نعم. على قوله؛ لأنه ليس منفرداً، فالرسول عليه الصلاة والسلام رأى رجلاً يصلي وحده خلف الصف.
على أن القول الراجح أنك إذا وجدتَ الصف تاماً فلا حرج عليك أن تقف منفرداً.
الجواب: هذا مثل هُدَىً [البقرة:2] فالألف هنا ليست ألف تأنيث، فالذي يمتنع من التنوين إذا كانت الألف فيه ألف تأنيث، أما هذه فهي من الاسم .. من بُنية الكلمة، مثل: (هدىً)، ورِضَاً، وما أشبههما.
الجواب: إذا كان بينهما صداق فالأمر سهل، بشرط أن يكون صداق المثل، فيكون النكاح صحيحاً؛ لأن الفقهـاء رحمهم الله مختلفون في هذه المسألة: إذا سُمِّي صداقٌ صداقَ مثل، وبدون إكراه من الزوجة هل يصح أو لا! والراجح أنه يصح.
لكن ليس قولي: إنَّ الراجح أنَّه يصح أنِّي أفتح الباب للناس، لا؛ لكن في مثل هذه المسألة التي وقعت وانتهت ولها خمسٌ وعشرون سنة، وقد أتاهم الأولاد، فإننا لا نفرق بينهم.
السائل: حصل قريباً يا شيخ!
الشيخ: حتى ولو كان قريباً، ما دام المهر كاملاً.
وأنا أرى أن نكاح الشغار صحيح إذا تمت فيه شروط ثلاث:
الأول: أن يكون كلٌ من الزوجين كفؤاً للمرأة.
الثاني: أن يُسمى مهرُ المثل.
الثالث: ألا تُكرَه واحدةٌ منهما على النكاح.
أنا أرى أن هذا صحيح؛ ولكن لا يجوز للإنسان أن يمنع ابنته حتى يأتيه رجل يتفق معه على هذه الشروط، هذا حرام ولا يجوز.
الجواب: الشعر الذي على الخد من اللحية، كما جاء ذلك في القاموس المحيط للفيروز آبادي.
الجواب: الرد سهل، وأنا أسألكم: ما مصدر التشريع؟ عمل الناس، أو الكتاب والسنة؟
- الكتاب والسنة.
فإذا دل كلٌّ من الكتاب والسنة على تحريم شيء فلا عبرة بعمل الناس، وليس ذلك بحجة، ولا يمكن أن يدفع الإنسان حجة الله عليه يوم القيامة بمثل هذا إطلاقاً، لقول الله تعالى: وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ مَاذَا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ [القصص:65] ما قال: ماذا وافقتم فيه المجتمع؟ قال الله تعالى: فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْبَاءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَسَاءَلُونَ [القصص:66]، عَمِيَت عليهم أنباؤهم، فلا يستطيع الواحد منهم أن يجيب ولا يسأل غيرَه أيضاً.
فيقال: نحن أقمنا عليك الحجة، فإن اهتديتَ فلنفسك، وإن لم تهتدِ فقد قال الله تعالى لرسوله: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ * إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ [الغاشية:22-23] يعني: لكن من تولى وكفر، فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ [الغاشية:24].
الجواب: لا بأس؛ لكن نيتُه -في الواقع- متأخرة جداً، وإلاَّ فإن قصد هذه الأشياء قد نبَّه الله عليه، قال نوح لقومه: اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً [نوح:10-12]، هذا الذي ذَكَرَ لهم يقصد به الترغيب لأجل أن يفعلوا هذا لهذا؛ لكن نيتهم قاصرة لا شك.
ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (ما نَقَصَتْ صدقةٌ مِن مال) يرغِّب الناس.
وقال أبْيَنَ من هذا: (من أحب أن يُنْسَأ له في أَثَرِه، ويُبْسَطَ له في رزقه فليَصِلْ رَحِمَه).
فلم يجعل الله عزَّ وجلَّ هذه الفوائد الدنيوية إلا ترغيباً للناس، وإذا كانوا يُرَغَّبون بها فسوف يقصدونها؛ لكن لو قصد الآخرة حصلت له الدنيا، كما قال تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ [الشورى:20] يعني: نعطيه الدنيا والآخرة.
الجواب: لا بأس أن يقوم الإنسان للشخص ليتلقاه بالسلام، أو التهنئة بمولود، أو نحو ذلك، فقد قام طلحة رضي الله عنه حين أقبل كعب بن مالك ودخل المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يحدث أصحابه، فقام طلحة يهنئه بتوبة الله عليه، قال: (فكنتُ لا أنساها لـ
ولهذا يقول العلماء في هذا الباب: هناك ثلاثة أصناف للقيام:
قيام للشخص، وقيام إلى الشخص، وقيام على الشخص.
فالقيام للشخص: جائز؛ لكن الأولى تركه، إلا إذا اعتاد الناس أن عدم القيام إهانة للداخل فلْيُقَمْ له.
والقيام إلى الشخص: جائز، بل يكون مطلوباً إذا كان الشخص أهلاً لذلك.
والقيام على الشخص: هذا منهِيٌّ عنه، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم ذات يوم صلى بأصحابه جالساً وصلوا هم قياماً؛ لأنهم قادرون، فأشار إليهم أن اجلسوا. وبين أن ذلك منهيٌّ عنه؛ لأنه فعلُ الأعاجم بملوكها؛ إلا إذا كان فيه مصلحة للإسلام فقُمْ، أو كان هناك خوف على الذي قمت على رأسه فقُمْ.
مثال المصلحة: تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم الله عليه وعلى آله وسلم لما ذهب إلى مكة معتمراً صده المشركون، وكان بينه وبينهم مراسلات، وكان المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قائماً على رأسه بالسيف، ولم يقل له الرسول: لا تقُمْ! لماذا؟ للمصلحة، وهي إغاظة المشركين.
ولهذا في ذلك اليوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا تكلم سكتوا، وإذا تنخم نخامة استقبلوها بأيديهم، ثم دلكوا بها وجوههم وصدورهم، مع أنه لم يكن هذا من عادتهم؛ ولكن فعلوا ذلك إغاظة للمشركين.
ولهذا لَمَّا رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يتبختر في مشيته بين صفَّي المسلمين والكفار، قال: (إنها لَمِشْيَةٌ يبغضها الله إلا في هذا الموطن)، فمِشْيَةُ الخيلاء والتبختر حرام؛ لكن إذا كان فيها إغاظة للمشركين فلا بأس.
فانتبهوا لهذه الأقسام الثلاثة، وهي:
القيام للشخص، والقيام إلى الشخص، والقيام على الشخص.
الجواب: أرى ألا تقصروا في صلاتكم؛ لأن هذا الذهاب لا يُعَدُّ سفراً، إذ أنكم تفطرون في بيوتكم وتتغدون في بيوتكم، فالذي أرى ألا تقصروا.
ويرى بعض العلماء الذين يقدِّرون السفر بالمسافة أن مسافة القصر نحو [81كم] أو [83كم] فعلى هذا الرأي تكونون من المسافرين، ويجوز لكم الترخُّص؛ لكني لا أرى أن تفعلوا، فأتموا، والمسألة والحمد لله زيادة ركعتين، وهي سهلة لا تضر الإنسان.
الجواب: إذا دخل المأموم والإمام يريد أن يركع، ولم يتمكن المأموم من قراءة الفاتحة، فإن كان لم يبقَ عليه إلا آية أو نحوها بحيث يمكنه أن يكملها ويلحق الإمام في الركوع فَحَسَنٌ، وإلاَّ ركع مع الإمام ولا شيء عليه.
الشيخ: أصابك قبل أن يموت أو بعد أن مات؟
السائل: عندما رميتُه سقط، فأصابني منه وهو يسقط.
الشيخ: سقط ميتاً أو حياً؟
السائل: سقط وهو يموت.
الجواب: نعطيك قاعدة بارك الله فيك وهي: أن كل دم يخرج من حي فهو دم مسفوح، قد يكون طاهراً وقد يكون نجساً، فإن خرج الدم مِمَّا مَيْتَتُه نجسة فهو نجس، وإن خرج مِمَّا مَيْتَتُه طاهرة كالسمك فهو طاهر.
أما ما يخرج من الدم بعد موت المُذَكَّاة، أو موت المَصِيْدَة فإنه طاهر، حتى لو ظهرت حُمْرَته في القدر حال الطبخ فهو طاهر.
وإلى اللقاء القادم إن شاء الله تعالى.
نسأل الله أن يحيينا وإياكم حياة طيبة تقربنا إليه.
والحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر