أخبرنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن محمد بن المنكدرعن سعيد بن جبير عن رجل عنده رضي أخبره أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ما من امرئٍ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه)].
يقول النسائي رحمه الله: باب من كان له صلاة بالليل فغلبه عليها النوم، مراد النسائي بهذه الترجمة: أن من كان له صلاة يصليها من الليل، فحصل في بعض الأحيان أنه غلبه عليها نوم، فلم يؤدها، وطلع الفجر دون أن يصليها، فإن الله تعالى يكتب له الأجر على تلك الصلاة التي كان قد اعتادها، وإن كان قد نام عنها، ويكون نومه هذا عليه صدقة، أنه حصل له الأجر، فإذا كان قد اعتاد ذلك الشيء، وكان ينوي ويريد أن يصليها، ولكن غلبه النوم، فإن الله تعالى يأجره مثل لو أنه فعله، ويكون هذا النوم الذي حصل له صدقة من الله عز وجل عليه، وهذا يدلنا على عظيم كرمه سبحانه وتعالى وفضله وإحسانه، وأنه يثيب الإنسان على حسب نيته، وعلى حسب قصده، وقد جاء في الحديث في غزوة تبوك قال: (إن في المدينة رجالاً ما سرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر)، أي: أنهم بقلوبهم، وبنياتهم حصلوا الأجر والثواب.
ومما يذكر هنا: أن هناك حديث مشهور عند الناس وهو: (نية المؤمن خير من عمله). وهو غير صحيح، هذا حديث ضعيف، فلم يثبت ذلك عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
[(ما من امرئٍ تكون له صلاةٌ بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه)].
حديث عائشة رضي الله عنها واضح في الترجمة، وهي: أنه ما من امرئ تكون له صلاة من الليل، فيغلبه عليها نوم، إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقةً من الله عليه، فهو مأجور على نيته، ويحصل الأجر مثل ما لو كان عمل؛ لأن هذا الذي تركه إنما تركه مغلوب عليه بسبب النوم، أما إذا كان تركه متثاقلاً، وكسلاً وخمولاً، فهذا الحديث لا يتعرض له وليس له علاقة بما جاء في الحديث، وإنما الذي كان عنده نية، ثم غلب عليه النوم وهو لا يريد النوم، بل غلبه من دون قصده فإن الله تعالى يأجره على نيته، ويثيبه على ذلك وذلك النوم الذي حصل صدقة من الله عز وجل عليه.
هو ابن جميل بن طريف البغلاني، ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن مالك].
هو مالك بن أنس، إمام دار الهجرة، المحدث الفقيه، الإمام المشهور، أحد أصحاب المذاهب الأربعة المشهورة من مذاهب أهل السنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن محمد بن المنكدر].
هو محمد بن المنكدر المدني، وهو ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سعيد بن جبير].
ثقة، فقيه، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن رجل عنده رضي]
أي أنه مرضي عنده، معناه: أن هذا الرجل الذي لم يسم في الرواية مرضي عند سعيد بن جبير رحمة الله عليه، وهو مبهم، وقد جاء بيانه في الإسناد الذي بعد هذا، وأنه الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الذي سيأتي في الإسناد الذي بعد هذا، وهو ثقة، مخضرم، مكثر، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وأرضاها، وهي الصديقة بنت الصديق، من أوعية سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن أشخاص سبعة عرفوا بكثرة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي الله عنهم وأرضاهم، ستة رجال وامرأة واحدة، والمرأة هي: أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وأرضاها.
أخبرنا أبو داود حدثنا محمد بن سليمان حدثنا أبو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير، عن الأسود بن يزيد عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كانت له صلاة صلاها من الليل فنام عنها، كان ذلك صدقةً تصدق الله عز وجل عليه، وكتب له أجر صلاته)].
ثم أورد النسائي حديث عائشة من طريق أخرى، وفيها تسمية الرجل الرضي عند سعيد بن جبير، وهو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي، والحديث متصل، وتحت الباب الذي قبله، وأما هذه الترجمة وهي: اسم الرجل الرضي، فهذه الذي يظهر أنها من بعض النساخ، وليست من النسائي؛ لأن الترجمة هي تتعلق بمن كان له صلاةً من الليل فنام عنها، فأورد النسائي حديثاً لـعائشة من طريق فيه رجل مبهم، عن سعيد بن جبير ثم أتى بالطريقة الثانية التي فيها تسمية ذلك الرجل، والباب هو واحد، ولعل النسائي كعادته عندما يريد أن يذكر شيئاً يتعلق بإسناد بعد، يذكر بعد الحديث كلمة، ثم يذكر الإسناد الذي بعده، فلعل النسائي قال بعدما فرغ من الحديث: اسم الرجل الرضي وهو متصل به، يريد أن الإسناد الآتي يبين اسم ذلك الرجل الرضي، ثم ساق الإسناد الذي فيه اسم ذلك الرجل الرضي، فعمد أو جاء بعض النساخ فجعله عنوان ترجمة وباب، وهو في الحقيقة ليس باباً؛ لأن الباب هو من كان له صلاة ونام عنها، والحديث الأول، والثاني كلاهما يتعلق بهذا الموضوع.
هو سليمان بن سيف الحراني، وهو ثقة، حافظ، أخرج له النسائي وحده.
[عن محمد بن سليمان].
هو محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني، وهو صدوق، أخرج له النسائي وحده.
[عن أبي جعفر الرازي].
هو عيسى بن أبي عيسى، وهو صدوق سيئ الحفظ، أخرج حديثه البخاري في الأدب المفرد، وأصحاب السنن الأربعة، وقال: عنه النسائي: ليس بالقوي كما سيأتي.
[عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير].
وقد مر ذكرهما.
[عن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي].
هو الرجل الرضي عند سعيد بن جبير، وهو ثقة، فقيه، مخضرم، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى مسنداً إلى عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
فذكر نحوه، أي: نحو المتن المتقدم، وكلمة (نحوه) معناها أنه يوافقه في المعنى، وإذا قيل: (مثله) يوافقه في اللفظ والمعنى، وهنا قال: فذكر نحوه يعني: نحو المتن المتقدم، أي: ما يشابهه، ويقاربه، ويتفق معه في المعنى، فهذا هو الفرق بين مثله ونحوه، إذا قيل: مثله، يعني: اللفظ مثل اللفظ. وإذا قيل: نحوه، أي: مشابهاً له ومقارباً.
قوله: [أخبرنا أحمد بن نصر].
هو النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[حدثنا يحيى بن أبي بكير].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[حدثنا أبو جعفر الرازي].
قد مر ذكره.
[عن محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير عن عائشة].
وقد مر ذكرهم.
لكن هذا الإسناد فيه إرسال؛ لأن سعيد بن جبير لم يسمع من عائشة، وروايته عنها مرسلة كما ذكر ذلك الحافظ في التقريب، عند ذكر سعيد بن جبير قال: وروايته عن أبي موسى، وعائشة ونحوهما مرسلة، يعني: فهو من قبيل المرسل، لكنه معلوم الواسطة في الإسناد الذي قبل هذا، فالحديث يعتبر ثابتاً؛ لأنها عرفت الواسطة المحذوفة التي بين سعيد بن جبير وبين عائشة رضي الله تعالى عنها وأرضاها.
أخبرنا هارون بن عبد الله حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن سليمان عن حبيب بن أبي ثابت عن عبدة بن أبي لبابة عن سويد بن غفلة عن أبي الدرداء يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل، فغلبته عيناه حتى أصــبح كتـب له مـا نوى، وكـان نومـه صـدقةً عليه من ربه عـز وجل)، خـالفـه سفيان].
أورد النسائي هذه الترجمة وهي: باب من أتى فراشه وهو ينوي القيام فنام، وهذه الترجمة قريبة من التي قبلها.
فالحديث الوارد فيها أعم مما دل عليه الحديث السابق؛ لأن هناك، من كان له صلاة فنام عنها، وأما هنا من أتى فراشه وهو يريد، فهذا يشمل ما إذا كان له عادة، أو كان ليس له عادة، ولكنه أراد في تلك الليلة أن يصلي صلاةً، فإن الله تعالى يكتب له ما نواه، ويكون نومه صدقةً عليه، فيحصل الأجر بنيته وقصده، ويكون هذا النوم الذي نامه صدقةً من الله عليه.
هو هارون بن عبد الله البغدادي الحمال، لقبه الحمال، وهو ثقة، أخرج حديثه مسلم، وأصحاب السنن الأربعة.
[عن حسين بن علي].
هو حسين بن علي الجعفي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن زائدة].
هو زائدة بن قدامة الثقفي الكوفي، وهو ثقة، ثبت، أخرج له أصحاب الكتب الستة.
[عن سليمان].
هو سليمان بن مهران الكاهلي الأعمش، ذكر هنا باسمه، ويذكر أحياناً بلقبه، ومعرفة ألقاب المحدثين من أنواع علوم الحديث؛ لأن من لا يعرف ذلك، قد يظن الشخص الواحد شخصين، فإذا ذكر باسمه أحياناً وبلقبه أحياناً، يظن أن هذا شخص وهذا شخص، وسليمان هنا غير منسوب، وهو: سليمان بن مهران الأعمش الكاهلي الكوفي.
[عن حبيب بن أبي ثابت].
هو حبيب بن أبي ثابت الكوفي، وهو ثقة، يدلس، ويرسل، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبدة بن أبي لبابة].
ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا أبا داود فإنه لم يخرج له في السنن بل في المسائل.
[عن سويد بن غفلة].
ثقة، من كبار التابعين، وقيل: إنه قدم المدينة في اليوم الذي دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مسلماً في حياته، ولكنه ما ظفر بصحبته، ولا برؤيته عليه الصلاة والسلام، وهذا الذي يصلح أن يقال فيه: كاد أن يكون صحابياً، وقد قالوا في ترجمة الصنابحي: كاد أن يكون صحابياً، وكان قدم من اليمن، ولما صار في الجحفة، جاء ركب من المدينة وأخبروه وأصحابه بأن رسول صلى الله عليه وسلم قدمات، فبلغهم الخبر وهم في الطريق إلى المدينة، وأما هذا فإنه قدم المدينة في اليوم الذي دفن فيه رسول الله عليه الصلاة والسلام، وهو من كبار التابعين، ومن المعمرين، قيل: إن عمره مائةً وثلاثين سنة، وذكر أبو نعيم في الحلية في ترجمته: أنه كان يصلي بالناس التراويح في رمضان وعمره مائة وخمس وعشرون سنة، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن أبي الدرداء].
هو عويمر بن قيس الأنصاري، صحابي جليل، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي هذا الحديث من طريق أخرى إلى أبي ذر، وإلى أبي الدرداء، وهي موقوفة عليهما، والمتن هو نفس المتن، ولكن مثل هذا لا يقال بالرأي، فله حكم الرفع، والحديث الذي راح عن الصحابي أبي الدرداء، فهذا عن أبي الدرداء وعن أبي ذر، فهو موقوف عليهما، وجاء في الأول رفعه إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام، أي: عن طريق أبي الدرداء المتقدمة، ومثل هذا له حكم الرفع؛ لأن مثل ذلك لا يقال من قبل الرأي، كون أن الله تعالى يتفضل عليه بأن يكتب له أجر الصلاة التي نواها، ونومه صدقةً عليه، فلو لم يأت مرفوعاً إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام في الطريق السابقة، أو في الطرق المتقدمة، فإنه له حكم الرفع؛ لأن الشيء الذي فيه تحديث ثواب، وبيان أجور، أو إخبار عن أمور مغيبة، أو ما إلى ذلك، لا تقال من قبل الرأي، فلها حكم الرفع إذا كانت موقوفةً على الصحابة.
قوله: [أخبرنا سويد بن نصر].
هو سويد بن نصر المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه الترمذي، والنسائي.
[عن عبد الله].
هو ابن المبارك المروزي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سفيان الثوري].
هو سفيان بن سعيد بن مسروق الثوري الكوفي، ثقة، ثبت، حجة، وصف بأنه أمير المؤمنين في الحديث، وهي من أعلى صيغ التعديل وأرفعها، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبدة].
هو ابن أبي لبابة الذي تقدم في الإسناد الذي قبل هذا.
[عن سويد بن غفلة عن أبي ذر].
سويد بن غفلة، وأبي الدرداء وقد مر ذكرهما، وأما أبو ذر فهو: جندب بن جنادة، صحابي، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة رضي الله تعالى عنها: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يصل من الليل منعه من ذلك نوم أو وجع صلى من النهار ثنتي عشرة ركعة)].
ثم أورد النسائي هذه الترجمة: كم يصلي من نام عن صلاة أو منعه وجع؟ يعني: إذا لم يتمكن من الصلاة، كم يصلي من النهار قضاءً إذا أراد أن يقضي؟ الأحاديث المتقدمة تدل على حصول الثواب، وإن لم يحصل قضاء، لكنه إذا حصل القضاء، فإن الإنسان يؤجر على كونه عمل ذلك العمل الذي هو القضاء، ثم أيضاً القضاء فيه المحافظة على الأعمال الصالحة، وكون الإنسان يعود نفسه أنه لا تفوته، وأنه إذا فاتته يقضيها، أي: النوافل، فإن هذا هو الفرق بين كونه يقضي وبين كونه لا يقضي، أول الذي كان ينوي، فإنه يؤجر وإن لم يقض، ولكنه لو قضى فإنه يؤجر على قضائه وعلى نيته، ثم أورد النسائي حديث عائشة رضي الله عنها (إذا لم يصل من الليل -يعني صلاته من الليل- منعه من ذلك نومٌ أو وجع، صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة)، أي: أنه كان يصلي في الليل إحدى عشرة ركعة، فصلاته ووتره إحدى عشرة ركعة، فكان إذا قضاها يقضيها من النهار، ولكن يقضيها ثنتي عشرة ركعة؛ لأنه لا يصليها كما هي وتراً؛ لأن الوتر لا يكون في النهار، ولكن المقدار التي يؤتى به في الليل، يؤتى به في النهار وزيادة ركعة مشفوعة، فيكون إحدى عشر صلاها وزيادة ركعة، وهكذا الإنسان الذي له صلاة اعتادها، بأن يصلي خمساً فنام عنها يصلي ستاً، وإذا كان يصلي ثلاثاً يصلي أربعاً، وإذا كان يصلي سبعاً يصلي ثمان، وإذا كان يصلي تسعاً يصلي عشراً، أي: يضيف إليها ركعة، فيقضيها مشفوعة، ولا يؤديها كما هي في الليل؛ لأنه لا يؤتى بالوتر في النهار، ولكن يؤتى بصلاة الليل، وركعة الوتر مشفوعةً يعني: في النهار.
قد مر ذكره قريباً.
[حدثنا أبو عوانة].
هو الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، وهو ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة، وهو مشهور بكنيته أبو عوانة.
[عن قتادة].
هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن زرارة].
هو زرارة بن أوفى، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن هشام].
هو سعد بن هشام بن عامر، وهو ثقة أيضاً، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
[عن عائشة].
وقد مر ذكرها.
أخبرنا قتيبة بن سعيد حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان عن يونس عن ابن شهاب: أن السائب بن يزيد رضي الله تعالى عنه، وعبيد الله أخبراه أن عبد الرحمن بن عبد القاري قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من نام عن حزبه أو عن شيءٍ منه، فقرأه فيما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر، كتب له كأنما قرأه من الليل)].
أورد النسائي باب متى يقضي من نام عن حزبه، المراد بالحزب هنا: الشيء الذي اعتاده من قراءة القرآن، بحيث يخصص له مقداراً من القرآن يقرأه بالليل، سواءً في الصلاة أو في غير الصلاة، فإنه إذا قضاه من طلوع الفجر إلى الظهر، فكأنما قرأه من الليل، وإذا أراد أن يقضي، هذا الحزب الذي يأتي به، في الصلاة، فإنه يفعل ذلك في الضحى في النهار، مثلما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل، إذا غلبه وجع عن صلاته صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة، ولا يصلي ذلك في وقت النهي، يعني: بعد صلاة الفجر؛ لأن بعد طلوع الفجر، ليس هناك إلا ركعتي الفجر وليس للإنسان أن يتنفل، وإنما يصلي في الضحى، مثل ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، أما إذا كان قراءة قرآن، فإنه يقرأه في أي وقت من طلوع الفجر إلى الظهر، وهذا هو الذي يبدو ويظهر، والمقصود من الحزب هو: مقدار من القرآن يقرأه أو يخصصه الإنسان لنفسه، وليس المقصود بالحزب ما هو مشهور على المصحف أنه ثمنين أو ربع جزء، فإن المقصود مقدار من القرآن اعتاد أن يقرأه، فإنه إذا قرأه من طلوع الفجر إلى الظهر، فكأنما قرأه من الليل، معناه: أنه لو كان قد فاته من الليل، فإن فعله في ذلك الوقت فهو كفعله في الليل.
والصحابة رضي الله عنهم كانوا يحزبون القرآن سبعة أحزاب، كما جاء عن أوس بن أوس: سئل أصحاب محمد كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاثاً. وقد مر بنا هذا فيما مضى: ثلاثاً، وخمساً، وسبعاً، وتسعاً، وإحدى عشرة، وثلاثة عشرة، وحزب المفصل واحد وأوله (ق)، أي: أنهم يجعلون سبعة أقسام، يعني: ثلاث سور هي حزب، البقرة والنساء وآل عمران، ثم بعدها خمس سور حزب، التي هي: المائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، والتوبة، ثم سبع حزب، التي هي: يونس، وهود، ويوسف، والرعد، وإبراهيم، والحجر، والنحل، ثم بعد ذلك تسع تبدأ من الإسراء، والكهف، ومريم، وطه، والأنبياء، والحج، والمؤمنون، والنور، والفرقان، ثم بعد ذلك إحدى عشرة، الشعراء، ثم النمل، ثم القصص، ثم العنكبوت، ثم الروم، ثم لقمان، ثم السجدة، ثم الأحزاب، ثم سبأ، ثم فاطر، ثم يس، إحدى عشر، ثم من الصافات ثلاث عشرة الصافات، وص، والزمر، وغافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف، ومحمد، والفتح، والحجرات، ثم الحزب السابع، أوله ق، الحزب المفصل أوله ق.
فحزبه يعني: المقدار الذي كان يخصصه لنفسه، سواءً يكون سبع القرآن أو أقل أو أكثر، فالمقصود أنه إذا كان قراءةً بدون صلاة، فمن طلوع الفجر إلى الزوال، كله مكان للقراءة، أما إذا كان بالصلاة فإنه يكون في الضحى، ووقت النهي لا يقضى فيه الفوائت، وإنما تقضى فيه الفرائض، لكن ما تقضى فيها الفوائت من النوافل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما فاتته سنة الظهر، فصلاها بعد العصر، ثم داوم على ذلك، فسألته أم سلمة قالت: (أفنقضيهما كذلك إذا فاتتنا؟ قال: لا).
قد مر ذكره.
[حدثنا أبو صفوان عبد الله بن سعيد].
هو أبو صفوان عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[عن يونس].
هو يونس بن يزيد الأيلي، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن ابن شهاب].
هو الزهري محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث ابن زهرة بن كلاب، ثقة، فقيه، مكثر من رواية حديث رسول الله عليه الصلاة والسلام، ومن صغار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أن السائب بن يزيد وعبيد الله].
السائب بن يزيد، صحابي صغير، هو الذي قال: حج بي أبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمري سبع سنوات، وحديثه أخرجه أصحاب الكتب الستة.
وعبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وهو من فقهاء المدينة السبعة المشهورين في عصر التابعين، وعبيد الله هذا هو أحدهم، وهم ستة متفق على عدهم في الفقهاء السبعة، والسابع فيه ثلاثة أقوال، الستة هم: عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير، وسليمان بن يسار، وسعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، والسابع فيه ثلاثة أقوال: قيل: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وقيل: أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وقيل: أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وحديث عبيد الله هذا عند أصحاب الكتب الستة.
[أن عبد الرحمن].
هو عبد الرحمن بن عبد القاري بتشديد الياء نسبة إلى القارة، وهم قبيلة من القبائل يقال لهم: القارة ينسب إليها فيقال: القاري مشدد، وليس نسبة إلى القراءة يقال: القارئ نسبة إلى القراءة، وإنما هي: نسبة للقارة، وهو ابن عبد يعني: غير منسوب وغير مضاف، مقطوع عن الإضافة، قيل: له رؤية، وقيل: إنه ثقة من كبار التابعين، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عمر بن الخطاب].
رضي الله تعالى عنه، أبو حفص، فاروق هذه الأمة، ثاني الخلفاء الراشدين، وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وذو المناقب الجمة والفضائل، رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
أورد النسائي الحديث من طريق أخرى، وهو مثل الذي قبله، عن عمر بن الخطاب.
قوله: [أخبرنا محمد بن رافع].
هو القشيري النيسابوري، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة إلا ابن ماجه.
[حدثنا عبد الرزاق].
هو عبد الرزاق بن همام الصنعاني، وهو ثقة، حافظ، مصنف، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[أخبرنا معمر].
هو معمر بن راشد الأزدي البصري، نزيل اليمن، وهو ثقة، حديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن الزهري].
وقد مر ذكره.
[عن عبد الرحمن عن عمر].
وقد مر ذكرهما.
ثم أورد النسائي الحديث موقوفاً على عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه وأرضاه، وفيه: أن من فاته حزبه من الليل فقرأه من الزوال إلى صلاة الظهر، فكأنما قرأه من الليل. يعني: هذا فيه تقليل المدة، وأما الذي قبله فهو أوسع؛ لأنه من الفجر إلى صلاة الظهر، ومن المعلوم أن هذا جزء من تلك المدة، التي هي من الفجر إلى صلاة الظهر، فهذا جزء من ذلك، وهو موقوف، وله حكم الرفع؛ لأن مثل ذلك لا يقال من قبل الرأي.
قوله: [أخبرنا قتيبة بن سعيد].
وقد مر ذكره.
[عن مالك].
وقد مر ذكره.
[عن داود بن الحصين].
ثقة، أخرج له أصحاب الكتب الستة، وهو ثقة إلا في عكرمة.
[عن الأعرج].
هو عبد الرحمن بن هرمز المدني، ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة. والأعرج لقب اشتهر به عبد الرحمن بن هرمز، وحديثه عند أصحاب الكتب الستة.
[عن عبد الرحمن بن عبد القاري: أن عمر بن الخطاب].
وهو موقوف على عمر رضي الله تعالى عنه، وهو لا يقال من قبل الرأي.
أورد النسائي هذا الأثر، وهنا موقوف على حميد بن عبد الرحمن، وهو تابعي، والمشهور أن الموقوف على التابعين ومن دونهم يقال له: مقطوع، والموقوف يطلقونه على الموقوف على الصحابة، وأما من دون الصحابة يقال له: مقطوع، أي: أن المتن الذي ينتهي سنده إلى التابعي أو من دونه يقال له: مقطوع، وعلى كل حال ففي تحفة الأشراف أن كلاً من حميد بن عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن عبد القاري، يروون عن عمر، فعلى هذا يكون موقوفاً على عمر، فيكون قول النسائي: موقوفاً، يعني: أنه مثل الذي قبله أيضاً موقوف على عمر رضي الله تعالى عنه، لكن على ما هو موجود، في المتن هنا بدون ذكر عمر، يعتبر من قبيل المقطوع؛ وإذا كان ينتهي إلى الصحابي يقال له: موقوف، وإذا كان ينتهي إلى الرسول عليه الصلاة والسلام يقال له: مرفوع، لكن الموقوف على الصحابة إذا كان من الأمور التي لا مجال للرأي فيها، فهو من قبيل المرفوع حكماً، ولا يقال بالنسبة للتابعين، إذا كان المتن ينتهي إليهم، وهو من قبيل الأمور التي ليس للرأي فيها مجال، أن يكون من قبيل المرفوع حكماً، ليس كذلك؛ لأن الواسطة بين ذلك التابعي وبين الرسول صلى الله عليه وسلم غير معروفة؛ لأنه قد يكون أخذه عن تابعي، وهكذا، فلا يقال: أنه مرفوع.
وقد مر ذكرهما.
[عن شعبة].
هو شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري، ثقة، ثبت، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن سعد بن إبراهيم].
هو سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف المدني، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
[عن حميد بن عبد الرحمن].
هو حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وهو ثقة، أخرج حديثه أصحاب الكتب الستة.
من الفعاليات والمحاضرات الأرشيفية من خدمة البث المباشر